الصفحة 86
تحكي الواقع الذي احتار الناس في تفسيره، لماذا وكيف صرنا لما نحن عليه الآن عبيد في ديارنا لا نملك من الظالمين دفعاً ولا نفعاً، هذا يحكي لنا عن الحرية في أوروبا! وذاك يحكي لنا عن طبيعة هذا الشعب أو ذاك الذي يحب العبودية ولم يحاول أحد أن يصل إلى الحقيقة.

إن ما جرى علينا هو استجابة لدعوة دعاها أبو عبد الله على من قتله أو رضي بذلك أو سمع فلم ينكر. فها هو أبو عبد الله الحسين يدعو عليهم وقد أثخنته الجراح: "اللهم امسك عنهم قطر السماء، وامنعهم بركات الأرض، اللهم فإن متعتهم إلى حين ففرقهم فرقاً واجعلهم طرائقَ قِددا ولا تُرْض عنهم الولاة أبداً فإنهم دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا"(1).

ثم هو قبل قتله مباشرة: "سمعته يقول قبل أن يقتل وهو يقاتل على رجليه قتالَ الفارس الشجاع يتقي الرمية ويفترض العورة ويشد على الخيل وهو يقول: أعلى قتلي تحاثون؟، أما والله لا تقتلون بعدي عبداً من عباد الله، الله أسخط عليكم لقتله مني وايم الله إني لأرجو أن يكرمني الله بهوانكم ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون، أما والله أن لو قد قتلتموني لقد ألقى الله بأسكم بينكم وسفك دماءكم ثم لا يرضى لكم حتى يضاعف لكم العذاب الأليم".

وهكذا ضاعت الفرصة تلو الفرصة من هذه الأمة دون أن تستفيد منها وكان أمر الله قدراً مقدوراً.

والفرص لا تمنح للأمم مائة مرة، ولا عشرين مرة، ولا عشر مرات، إن الفرص التاريخية لإصلاح الأحوال والسير على نهج مستقيم لا تأتي إلاّ قليلا. وهكذا ضاعت من هذه الأمة فرصة السير على نهج نبيها ثلاث مرات، فرصة الإمام علي، ثم فرصة الإمام الحسن، ثم كانت فرصة الإمام الحسين هي القاصمة

____________

1- المصدر نفسه: 4 / 344 ـ 345.


الصفحة 87
التي ما بعدها قاصمة، وكان لابد من انتظار طويل. وأسدل ستار الليل في سماء هذه الأمة وهو ليل لن يجلوه إلا ظهور قائم أهل البيت(عليهم السلام)، الإمام الثاني عشر محمد المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف).

وهكذا قُدِّر لنا أن ننتظر ذلك الانتظار الطويل وأن نعيش ذلك الصراع المرير بين قوى الحق والباطل داخل هذه الأمة، وأن نرى كل هذه المصاعب والويلات من سفك دماء وطاقات تهدر في صراعات داخلية ورؤوس تطير وسجون تملأ وغزوات خارجية تترية وصليبية وأخيراً صهيونية وقبلها أوروبية وحكومات من كافة الأنواع والأشكال مملوكية وعباسية وأموية وعثمانية، وهل هناك أسوأ من أن يحكم المماليك العبيدُ أمة وهم لا يملكون حق التصرف في ذواتهم، كل هذه الحكومات أكثرت من الظلم، وقلّلت من العدل وادعى الجميع أنهم يطبقون الإسلام، والكل يقتل بالظنة، والكل يستبيح الخمور، وانتهاك الأعراض وأخيراً جاءت إلينا الحكومات العلمانية والقومية والاشتراكية والملكية والشيوعية، جربوا فينا كل شيء إلا العدل، ذلك الممنوع علينا من يوم أن جاء بنو أمية.

وهكذا قدر لنا أن نعيش الصراع والانتظار.


الصفحة 88

الصفحة 89

(4) إدريس الحسيني
(مالكي / المغرب)




ولد عام 1967م بمدينة "مولاى إدريس" المغربية، وترعرع في مدن المغرب: القصر الكبير، مكناس، الرباط، وذلك نتيجة الظروف التي كانت تحددها وظيفة والده في وزارة الفلاحة.

الأجواء التي ترعرع فيها:

نشأ السيد إدريس في أوساط عائلية وبيئة اجتماعية منحته منذ البداية الثقة بالنفس والعقلية المنفتحة والواعية نتيجة هيمنة قانون حرية الرأي وحرية الفكر فيها، فكان متحرّراً من كل فكر عقائدي في بيئته ولم يواجه أي لون من ألوان الأزمة في الحرية.

فيقول السيد إدريس في هذا المجال: "إنني لم أنشأ في أسرة تضرب أبناءها اطلاقاً، لأنّ المغاربة لا يعرفون كيف يضربون أبناءهم. وهذه الحرية العقائدية في بيتي ساعدتني على أن أدخل في معترك الاختيارات الفكرية دون مسبقات".

كما أنّ دولة المغرب بشكل عام كما يصفها السيد إدريس بلد يتمتع بمجتمع مدني، وفيه أن تختار فكراً لا يعني أن المسألة أصبح لها مدلولا طائفياً، كما هو

الصفحة 90
الوضع في بلدان أخرى، بل الكل حرّ في أن يختار طريقته دون أن يذهب به ذلك إلى الاخلال بالأمن العام.

وفي هكذا أجواء ترعرع السيد إدريس متسماً بالعقلية المتفتحة والناقدة، فنمى لديه طموح البحث في الفكر الانساني عموماً والفكر الاسلامي على وجه الخصوص، وهذا هو الطموح الذي ظل يراوده منذ الصبا والذي دفعه ليجتاز كل العقبات التي اعترته من أجل تحققه.

بداية الرحلة الجادة في البحث:

أدرك السيد إدريس في بداية توجهه للبحث أن ليس ثمة شيء في الدين إلاّ وله علاقة بالتاريخ، وأنّ ما تملكه اليوم الأمة الإسلامية من عقائد وأحكام وثقافات كلّها جاءت عن طريق الرواية، فلهذا ينبغي أن يكون التاريخ هو أحد المصادر العلمية المهمة. فتوجه السيد إدريس إلى الأبحاث التاريخية بصورة موضوعية ومن دون تحيّز أو تعصّب لاتجاه معين.

مرحلة اجتياز العقبات:

أول عقبة واجهها السيد إدريس في مسيرته تحذير بعض العلماء له من البحث في القضايا التاريخية القديمة، محتجين لذلك بأن هذا الأمر باعث على الفتنة وأنه يورث الباحث شبهات توجب تزلزل بنيته العقائدية.

لكن السيد إدريس سرعان ما تمكّن من اجتياز هذه العقبة، فلم يتقبل هذه الفكرة فيقول في هذا المجال: "لقد تحوّل البحث عن الحقيقة، فتنة في قاموس هذا الصنف من الناس، وكأنّهم يرون البقاء على التمزق الباطني، حيث تتشوش الحقيقة وتغيب، أفضل من الافصاح عن الحق الذي من أجله أنزل الوحي، وكأن مهمة الدين هو أن يأتى بالغموض، وكأن الله عزّوجلّ أراد أن يبلبل الحقائق".


الصفحة 91
وكانت العقبة التالية أمامه هي قداسة بعض الشخصيات، لكن بعد عزمه على معرفة الحق أدرك أن الحقيقة أغلى وأنفس من الرجال دون استثناء، وأنّه لابدّ أن يوطن نفسه ويهيئها للطوارىء في معترك التنقيب عن الحقائق الضائعة. فلهذا لم يفسح المجال لأي قداسة مزعومة أن تجمّد فكره في مجال البحث عن الحقيقة.

وبهذه العقلية خاض السيد إدريس غمار البحث، واستغرقت رحلة بحثه فترة طويلة عاشها بين أنقاض التاريخ المدفون.

ويقول السيد إدريس: "لقد قمت بكل ما يمكن أن يفعله باحث عن الحقيقة، ومصرّ على المضي في دربها المضني والوعر".

بداية تعرفه على التشيع:

يقول السيد إدريس: "وقع بيدي كتابان يتحدّثان عن فاجعة كربلاء وسيرة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وكنت لأوّل مرّة أجد كتاباً يحمل لهجة من نوع خاص مناقضه تماماً لتلك الكتب التي عكفت على قراءتها، لم أكن أعرف أنّ صاحب الكتاب رجل شيعي، لأنني ما كنت أتصوّر أنّ الشيعة مسلمون!

فكانت تختلط عندي المسألة الشيعية بالمسألة البوذية أو السيخية!!".

ومن هنا تفتحت ذهنية السيد إدريس فتعرف على بعض أفكار ورؤى التشيع فتبادر إلى ذهنه: لماذا هؤلاء شيعة ونحن سنة.

ويقول السيد إدريس: "تحوّل هذا السؤال في ذهني إلى شبح، يطاردني في كل مكان، فتجاهلت الأمر في البداية وتناسيته حتى اخفف عن نفسي مضاضة البحث، بيد أن ثقل البحث كان أخف عليّ من ثقل السؤال وأقل ضغطاً من الحيرة والشك المريب".

ومن هذا المنطلق قرّر السيد إدريس ولأجل التخلص من هذا الضغط

الصفحة 92
النفسي أن يزوّد فكره بالجديد حتى يحسم مسلماته الموروثة، لأنه أدرك عدم قيمة أفكار تتراكم في ذهنه من دون أن تبلور عنده أساس عقائدي متين.

فلهذا قرّر السيد إدريس أن يتوجه إلى معرفة الفكر الشيعي من أجل الالمام بالفوارق بينه وبين الفكر السني.

ثمار الانغماس في التراث الشيعي:

لم تمض فترة قصيرة من دراسة السيد إدريس للتراث الشيعي إلاّ وأدرك أموراً خطيرة قلبت عنده الموازين، وكان منها وعيه بأن الوضع السني لا يجد حرجاً في أن يملي على اتباعه صورة مشوّهة عن معارضيه وأنّه لا يستحي من الله ولا من التاريخ في تغذيته نزعة التجهيل والتمويه لمنتميه.

ويقول السيد إدريس: "وفجأة وجدت نفسي مخدوعاً".

وانتفض ضميره قائلا: "لماذا هؤلاء لا يكشفون الحقائق للناس، كما هي في الواقع؟ لماذا يتعمّدون ابقاءنا على وعينا السخيف".

فقرّر السيد إدريس أن يبحث عن الحق الضائع في منعطفات التاريخ الإسلامي، وكان من أكبر الأحداث التاريخية التي تركت الأثر العميق في وجدانه هي فاجعة الطف الدامية، ومنها عرف أنّ هذا الظلم الذي يشكو منه اليوم ليس جديداً على الأمة، وأن الظالمين اليوم يسلكون طريقاً أسسه رجالات كانوا يشكّلون حجر عثرة أمام مسيرة الأئمة من آل البيت(عليهم السلام).

عقبة أحقية الأكثرية:

يقول السيد إدريس: "كنت كلما طرحت سؤالا على نفسي، رأيت شيطاناً يعتريني ويقول لي: دع عنك هذا السؤال، فهل أنت أعظم من ملايين المسلمين الذين وجدوا قبلك، وهل أنت أعلم من هؤلاء الموجودين حتى تحسم في هذه

الصفحة 93
المسألة" ويضيف: "كنت أعلم أنّ هؤلاء الملايين لم يطرحوا هذا السؤال على أنفسهم بهذه القوّة والإلحاح".

وعلى كل حال لم تكن هذه الاعتراضات بذلك المستوى الذي تردع السيد إدريس عن اندفاعه إلى كشف الحجاب عن الحقيقة المستورة.

ولقد حزّ في نفسه هذه الكثرة الغالبة، حيث أنها كبرت في عينه وصعب عليه مخالفتها، بيد أن شيئاً واحداً جعله ينتصر عليها وذلك بايمانه بأنّ الأكثرية فقط لا يمكنها أن تمثل الحقيقة، ولا يسع في البحث الموضوعي عدّ الأكثرية ملاكاً لمعرفة الحق، وهذا ما جعله يتمكن من الصمود أمام الأمواج البشرية الهائلة التي ليس لها منطق في عالم الحقائق سوى كثرتها.

ويقول السيد إدريس: "كنت أطرح دائماً على أصدقائي قضية الحسين [(عليه السلام)] المظلوم، وآل البيت(عليهم السلام)... فأنا ضمآن إلى تفسير شاف لهذه المآسي... كيف يستطيع هؤلاء السلف "الصالح" أن يقتلوا آل البيت(عليهم السلام) تقتيلا! لكن أصحابي، ضاقوا مني وعزّ عليهم أن يروا فكري يسير حيث لا تشتهي سفينة الجماعة".

ويضيف السيد إدريس: "من هنا بدأت قصة ـ الحركة نحو الاستبصار ـ وجدت نفسي أمام موجة عارمة من التساؤلات التي جعلتني حتماً أقف على قاعدة اعتقادية صلبة. أنني لست من أولئك الذين يحبون أن يخدعوا أو أن ينوّموا، لا، أبداً، لا أرتاح حتى أجدد منطلقاتي، وأعالج مسلماتي، فلتقف حركتي في المواقف، ما دامت حركتي في الفكر صائبة".

ومن هنا شدّ السيد إدريس عزمه لمواصلة طريق البحث مهما كانت النتائج، كما أنّه أدرك بأن هذا الطريق وعر، تتجلى فيه أقوى معاني التضحية، وفيه يكون الاستقرار والهناء بدعاً. لأنّ أئمة هذا الطريق ما ارتاح لهم بال ولا قرّ لهم جنان،

الصفحة 94
حتى يُتّموا، وذبحوا، وحوربوا عبر الأجيال!

فأدرك السيد إدريس مدى قيمة الحقيقة في حسبان الباحثين عنها، وأدرك مدى الجهد الذي ينبغي بذله لخلع جبة التقليد عن نفسه، واختراق الجدار السميك من الضلالات والاعراف والتقاليد.

فعد لنفسه العدة المطلوبة لهذه الرحلة الفكرية، فكانت نتيجه هذا الجهد الذي بذله في البحث هو انجلاء تلك الصورة التي ورثها عن الشيعة، وحلّ محلها المفهوم الموضوعي الذي يتأسس على العمق العلمي المتوفر في الكتابات التأريخية. كما تبيّن له أن مذهب أهل البيت(عليهم السلام) هو أول مذهب في الاسلام، وهذا لا يعني أن الشيعة انفردوا عن غيرهم بطريقة ابتدعوها، ولكنهم احتفظوا بموقعهم الاصيل الذي عُرفوا به، هذا في الوقت الذي شردت فيه جميع الملل والنحل، وتفرّقت تبتغي الحق عند غير أهله.

اتخاذ الموقف النهائي:

يقول السيد إدريس: "في اللحظات التي ظهرت لي الأحداث على حقيقتها، قامت ـ فوراً ـ حرب بين عقلي ونفسي، فالنفس عزّ عليها اقتلاع "ضرس" العقيدة السابقة، والعقل عزّ عليه أن يتغاضى عن الحقائق الواضحة القطعية، فإما أن أتبع طريقاً موروثاً، وإما أن أسلك سبيل القناعة ونور العقل".

ويضيف: "كان هذا أخطر قرار اتخذته في حياتي، لكي انتقل بعدها إلى رحاب التحديات الفكرية والاجتماعية".

ومن هنا استقر المقام بالسيد إدريس في هدى الأئمة الأطهار، فأعلن تشيعه في المغرب ثم هاجر إلى سوريا من أجل الالتحاق بالحوزة العلمية في دمشق. فتلقى دراسته الحوزوية على يد جملة من المشايخ والعلماء، ولا يزال متابعاً لدراسته إلى جانب مزاولة التدريس بالحوزة العلمية، اضافة إلى عمل

الصفحة 95
الصحافة والكتابة الاخرى.

وقد تبلور عند الاستاذ اتجاهين في رحاب العلم والمعرفة: الأول الاهتمام بالمباحث المعاصرة والجديدة والحديثة التي تطرح بكثافة في ساحة المغرب، الثاني هو الاهتمام بالمباحث الدينية والمذهبية التي بدأ يتلقاها على أيدي اساتذة الحوزة العلمية التي انتسب إليها.

وقد أبدع الاستاذ في نتاجاته في كلا الاتجاهين، فألّف بعض الكتب فيما يخص المباحث الدينية مثل كتاب لقد شيعني الحسين، وكتاب الخلافة المغتصبة، والّف جملة من الكتب تدور حول الافكار والرؤى المعاصرة ككتاب: محنة التراث الآخر.

ولقد ارتأينا فيما يخص وقفه مع كتب المستبصرين أن نقف عند كتابين من كتب الاستاذ إدريس الحسيني، أحدهما يرتبط بالكتب التي دوّنها حول المباحث المذهبية، والثاني يرتبط بالكتب الي دوّنها على غرار الاسلوب المعاصر في البحث(1).

مؤلّفاته:

(1) "لقد شيعني الحسين(عليه السلام)" (الانتقال الصعب في رحاب المعتقد والمذهب):

صدرت الطبعة الأولى عام 1414هـ ـ 1994م عن دار النخيل للطباعة والنشر ـ بيروت، ترجمه مالك محمودي إلى اللغة الفارسية تحت عنوان "راه دشوار از مذهب به مذهب" وصدرت الترجمة عام 1416 عن دار القرآن الكريم ـ قم.

____________

1- مصادر الترجمة: لقد شيعني الحسين للمترجم له، الخلافة المغتصبة للمترجم له، مجلة المنبر العدد 3، السنة الأولى، جمادى الاولى 1421هـ.


الصفحة 96
يتضمّن هذا الكتاب دراسة موضوعية حول بعض الأمور العقائدية التي من خلالها تمكّن المؤلف أن ينتقل من المذهب السني إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام).

ويحتوي الكتاب على مقدمة ذكر فيها المؤلف الأهداف التي توخاها من نشره لهذا الكتاب، ثم أعقبها بموضوع حول الرجوع إلى التاريخ وأسباب الحديث عن الشيعة والسنة. وفي الكتاب ستة فصول متضمنة لمجموعة محاور أهمها:

الفصل الأول: تصوّر المؤلف للتاريخ الإسلامي والخلافة الراشدة.

الفصل الثاني: مرحلة تحول المؤلف وانتقاله الفكري من السنة إلى الشيعة.

الفصل الثالث: اعادة تحليل التاريخ ودرء جملة من الشبهات المثارة ضد الشيعة والتشيع.

الفصل الرابع: حقائق ورؤى جديدة من التاريخ حول سيرة الرسول(صلى الله عليه وآله)ووفاته والملابسات التي اعقبت رحيله، وسيرة الخلفاء الذين جاؤوا بعده، ثم ذكر بيعة الإمام عليّ(عليه السلام) وما جرى في زمن خلافته، ثم التطرّق إلى خلافة الإمام الحسن(عليه السلام)وكيفية تحوّل الخلافة إلى مُلك، ثم الاشارة إلى ملحمة كربلاء التي كانت سبباً في تشيع المؤلف.

الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء من قبيل مفهوم الصحابي، وشخصية عائشة بنت أبي بكر، ومفهوم الإمامة.

الفصل السادس: التركيز على خصائص العقيدة الإمامية في ما يخص: الصفات، التفويض والجبر، الرؤية والبداء.

(2) "الخلافة المغتصبة" (أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخ):

صدرت الطبعة الأولى عن دار الخليج، والطبعة الثانية عام 1416هـ عن دار النخيل العربي للطباعة والنشر ـ بيروت.


الصفحة 97
يحتوي هذا الكتاب على مقدمة ومدخل وثلاثة أبواب وخاتمة:

يتضمن المدخل مجموعة أبحاث منها: حركة النفاق في المجتمع الاسلامي; التدابير النبوية في تركيز الأمّة.

وأما الابواب:

الباب الأول: اصطلاح ومفهوم أهل البيت والخلفاء والواقع التاريخي.

الباب الثاني: أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين، نموذج ابن خلدون ومناقشة ما ذكره حول وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، بدء الخلافة، خبر السقيفة، خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، ثم ذكر شبهات ابن خلدون والرد عليها.

الباب الثالث: أوهام مقدسة، أضواء على خلافة عمر وخلافة عثمان.

الخاتمة: ذكر الزبدة والنتيجة التي توصل إليها المؤلف خلال البحث.

(3) "هكذا عرفت الشيعة" (توضيحات وردود):

صدر عام 1418هـ. عن دار النخيل العربي للطباعة والنشر ـ بيروت.

يحتوي الكتاب على مقدمة وثلاثة أبواب، يتضمّن كل باب مواضيع متعددة، منها:

الباب الأول: تقييم الصاح، عبدالله بن سبأ، القرآن، المتعة.

الباب الثاني: الوهابية وهوس التكفير، اصول الدين عند الشيعة الامامية، القبوريون، القضاء والقدر، البداء، الامام المهدي.

الباب الثالث: الوحدة وامكانية التقريب، الوجه الآخر للتشيع، اعيان الشيعة.

(4) محنة التراث الآخر: النزعات العقلانية في الموروث الامامي" صدر عن دار الغدير ـ بيروت سنة 1419هـ.

وهو بحث ينطلق لصياغة رؤية موضوعية ومتكاملة للتراث الشيعي الذي

الصفحة 98
تعرّض طوال تأريخيه للاقصاء من دائرة التأثير.

ويتناول الاستاذ ادريس في هذا الكتاب أربعة حقول وهي: الكتابة التاريخية وعلم الكلام والحكمة واصول التشريع.

المقالات:

(1) "في نقد الاسطورة السبئية" نشرتها مجلة المنهاج التي تصدر عن مركز الغدير ـ بيروت، العدد الثالث ـ خريف 1417هـ ـ 1996.

تتضمّن هذه المقالة نقاش وردّ لما أورده بعض القائلين: بالأصل السبئي للتشيع تلك الخرافة لاتي لم يزيدها تكرار الألسن لها إلاّ انفضاحاً وتهرءاً. وقد ركّز الكاتب نقاشه مع صاحب الكتاب "أصول مذهب الشيعة الاثني عشرية" ناصر بن عبدالله القفاري.

وقد أورد الكاتب: " وسوف اقتصر في النقاش على كتاب "اصول مذهب الشيعة..." لجمعة تلك الافتراءات ولاشتباهه في الكثير من الامور في هذا المجال!".

ويذكر الكاتب في نهاية المقالة د "ان غاية ما نصبوا إليه، وزبدة بحثنا في الموضوع، هو العمل على دحض الفكرة القائلة بالأصل السبئي للتشيع.

لقد اكتظت رفوف المكتبات والخزانات بما يخرس الألسنة في الأصل النبوي للتشيع".

(2) "الجابري... واللامعقول الشيعي" نشرته مجلة المنهاج ـ العدد الثامن ـ شتاء 1418هـ. ـ 1997م.

والجابري هو الكاتب المغربي صاحب كتاب: "نقد العقل العربي".

جاء في أحد هوامش المقالة بشأن الجابري: "التركيز هنا على الجابري لما يسوِّغه، فهو أول مغامر جازف في قراءة التراث قراءةً لم تسىء إلى المنهج العلمي

الصفحة 99
فحسب، بل تم فيها التركيز على الشيعة، حتى كان أشد عليهم من السلفية وأكثر حقداً. فلم يخل كتاب من كتبه هذه من تشنيع على الشيعة وتعريض بهم".

وجاء في أول المقالة: "الخاصية التي تتبادر الى الذهن ونحن نقرأ أبحاث د. الجابري حول الفكر الشيعي وتاريخيه السياسي، هي تلك المحاولة التي لم تقطع من طرائق الجدل، ونعني بها طرائق الخطاب القائمة على كثرة الاقيسة الناقضة والمصادرات على المطلوب، والمغالطات...، حتى وهي تتستر وراء مناهج ومفايهم، تبدو ـ في مظاهرها ـ علمية وبرهانية، على أنه لا يكفي، في التحليل العلمي، إيراد المفاهيم العلمية هذه التي من اليسير تحويلها إلى أساس لرؤية مفارقة، حينما لا نحسن استخدامها أو توظيفها".

(3) "الانطلوجيا المشائية في افق انفتاحها، ومقاربة لنظرية الوجود عند صدر المتألهين الشيرازي".

نشرته مجلة المنهاج ـ العدد التاسع ـ ربيع 1418هـ ـ 1998م.

جاء في بداية المقالة: "إذا جاز الحديث عن تيار وجودي بامتياز داخل حقل الثقافة الاسلامية، فليس هناك من هو أقدر بهذا الوصف من الفيلسوف صدر الدين الشيرازي، المعروف بـ "الملا صدرا" و"صدر المتألهين"; إذ انه جعل إشكالية "الوجود" مدار فلسفته وانشغالاته المعمَّقة، انطلاقاً من أنّ الوجود هو أشرف الأشياء عنده. وحتى نكون موضوعيين يجب ان نضع فلسفة "ملا صدرا"، بخصوص إشكالية الوجود في إطارها التاريخي، من حيث أنّها مثلت ثمرة عمل لجيل كامل من الفلاسفة. غير أنّ هذه المسيرة من النظر في إشكالية الوجود لم تجد مخرجاً لها إلاّ مع مجيء "ملا صدرا". ونستطيع التحدث عند مذهبية إمامية متجانسة ـ باستثناء السهروردي ـ في مجال البحث الوجودي، تلك التي دشنها الخواجة نصير الدين الطوسي، وبلغت قمة نضجها مع "ملا صدرا" وأصبحت، بعد

الصفحة 100
ذلك تمثّل وجهة النظر الفلسفية الإمامية".

وجاء في الخاتمة: "إذا جاز أن تنسب نظرية "ملا صدرا" في الوجود إلى جهة ما، فانما إلى جوهر التصور الاسلامي، الذي يثبت موضوعية العالم، ويقرّ بحقيقة الموجود، مع التأكيد على عالم المثل، غير الخاضع لقانون الطبيعة، وهو عالم الروح".

(4) "مع ابن تيمية في ردوده على المنطقيين" نشرتها مجلة المنهاج ـ العدد الرابع عشر ـ صيف 1420هـ ـ 1996م.

جاء في بداية المقالة: "ليس ابن تيمية خصماً أشعرياً تقليدياً للفلسفة، على غرار أبي حامد الغزالي أو الشهرستاني أو ابن خلدون، أولئك الذين وان وقفوا منها موقفاً سلبياً، فهم ممّن مارس إحدى كيفياتها بصورة ما. لكننا الآن أمام حالة فارقة في عالم النقض على الحكماء والمناطقة، إنه المدعو ابن تيمية الحراني، ذلك المحدّث السلفي الذي حمل على عاتقه مهمة الدفاع عن الحديث، وعقيدة السلف من وجه النظر الظاهرية، وهو موقف صريح وواضح في انتصاره للسماع، ودحضه للعقل".

وجاء فيها أيضاً: "لقد صنف ابن تيمية كتابه الشهير "نقض المنطق" دفاعاً عن أهل الحديث ودحضاً لمزاعم المتكلمين والفلاسفة وأهل المنطق، طبعاً، وعلى طريقة أهل التجريح من المحدثين، لم يدخر شيخ الاسلام شيئاً من الذم والقدح إلاّ وجاد به في مصنفه، حيث نعت الفلاسفة بالكفر والزندقة والبدعة...

لقد ربط ابن تيمية بين المنطق والالهيات. وربما انه جعل المنطق سبيل الالهيات اليونانية فانه لا مناصة من الحكم بضلال هذه الصنعة المتكلفة وفسادها; فمن "حسن الظن بالمنطق وأهله" ان لم يكن له مادة من دين وعقل يستفيد بها الحق الذي ينتفع به، وإلاّ فسد عقله ودينه".


الصفحة 101
(5) "آفاق النهضة في الفكر العربي المعاصر وجدلية العلاقة مع الغرب من منظار نقدي":

نشرتها مجلة البصائر ـ بيروت ـ العدد (10) ـ ربيع 1413هـ ـ 1993م.

جاء في بداية المقالة: "اثيرت ولا تزال ـ في الآونة الأخيرة ـ زوبعة من الاهتمامات بمستقبل العالم في ظل نظام عالمي جديد. رسم الغرب مبادئه، وحدد آلياته. مستقبل الحداثة وما بعدها في عالم متغير، وفي تاريخ بعيد المسار، تحاول الأيدلوجية الليبرالية ـ عبثاً ـ ايقافه أو الاستئثار به، ذلك المستقبل كما يتحدّد في الرؤية الغربية للعالم المعاصر. وفي هذا الافق المختنق بدخان كثيف، يصدر عن ذلك الغرب المستهتر، والممعن في التفوق والسيطرة، وتلك الشعوب التي خضعت قهراً وتغريراً، لنمط من الارغام والقسر على ثقافة واحدية، جاءت مع البضاعة الغربية... في هذا الافق الضيق المختنق، تعلو احتجاجات، للتأكيد على التميز، ومناهضة الثقافة العالمية الجديدة، التي تسيرها أجهزة الغرب، من أجل خلق نوع من المركزية الحضارية، ونبذ التميز والتنوع. لغايات تسلطية".

وجاء في اواخر المقالة: "من أجل التفاعل الحقيقي مع الحياة، في انتعاشها المتواصل ستكون الأمة، أمام مسؤوليتين:

أولا: كيف تبعث إسلامها الحضاري من تحت قرون من الانحطاط والتمزق وتجعله يقفز من زمن الانحطاط الى مرحلتنا بعد توقف زمن طويل لم يمارس فيه البعد الحضاري من الاسلام، توقف شل جزءاً هائلا من امكانيات الاسلام الحيوية في عملية التفاعل مع الحياة.

ثانياً: كيف تواجه الأمّة باسلامها كيانات حضارية تؤمن بالخصوصية لنفسها، وتلغيها عن الآخرين، بل وتجعل من خصوصيتها محوراً كونياً لباقي الشعوب.

(6) "المقبول واللامقبول في "اصوليات" روجيه غارودي":


الصفحة 102
نشرته مجلة البصائر ـ العدد (10) ربيع 1413هـ ـ 1993م.

قراءة في كتاب: "الأصوليات المعاصرة، أسبابها ومظاهرها" لروجيه غارودي، الكاتب الفرنسي المعروف.

جاء في مقدمة القراءة: "لعل ما يميز الكتابة عند "روجيه غارودي" هو أنها ليست من جنس الكتابات الاستهلاكيه، ذات الطابع الحرفي إنها انتاج يعكس جهد الباحث المخلص للمعرفة، ويتميز بالعمق والتحليل والمتابعة، يضاف إلى ذلك عمق التجربة التي خاضها "غارودي" على طول إحتكاكه بالفكر الغربي، الماركسي والمسيحي، وسعة إطلاعه على الفلسفات القديمة والحديثة. ولا تزال الرحلة "الغارودية" مستمرة إلى أن استقرت راحلتها على واحة العقيدة الإسلامية حيث باتت تلك هي أرضيته في كل إبداع يصدره للوجود".

ذكر غارودي أنّ "الاصولية" التي يتهم الغرب بها الإسلاميين لا تختص بهم، بل هناك "أصولية" علمانية غربية، وأصولية مسيحية فاتيكانية، وأصولية يهودية اسرائيلية، وأصولية ماركسيه ستالينيه.

وجاء في قراءة الكتاب عند تعرض غارودي للاصولية الإسلامية: "الدخول المباشر في مناقشة غارودي في أخطر ثغرة تحليلية وجدت في كتابه وهو حديثه عن الأسباب الموضوعية لنشوء الظاهرة الاصولية في العالم العربي، تتطلب طرح السؤال عن مدى الجديد الذي اتى به غارودي، في تقريبه الأخير، للمسألة الاصولية، فالتحليل كان "أعرجاً" من ناحية التماس الدقة في المعلومات التاريخية".

ولخّص الكاتب قراءته لكتاب غارودي بالقول: "لقد تمكّن غارودي من المواجهة الفكرية والسياسية للغرب، لكنه اخفق في محاولته للعبث بأساسيات الشريعة الاسلامية.. انه الوجه غير المقبول في مقاربة غارودي".


الصفحة 103
(7) "حوار الحضارات":

صدر عن المركز الثقافي العربي ـ الدار البيضاء ـ المغرب ـ الطبعة الأولى، عام 2000.

يقول المؤلف في مقدمة الكتاب: "هذا العمل الذي بين يدي القارىء، محاولة لمزيد من التوضيح (حول حوار الحضارات). فالخطر المترتب على الوهم بوجود حضارات متعاصرة يجعل الانهام بالذات المسلوبة الاقتدار، بداية الكارثة، ما يجعل حواراً بين بين الخواء والعمران، وبين السلب والايجاب، مشروعاً ناجزاً".

ويشتمل هذا الكتاب على الأقسام والفصول التالية:

القسم الأول: مأزم الحداثة وبؤس آليات التثاقف.

الفصل الأول: مشكلة الحداثة في الثقافة العربية ـ الإسلامية.

الفصل الثاني: من المدينة الكالفانية إلى المدينة الإسلامية.

القسم الثاني: تحرير النزاع فيما بين الحضارة والثقافة من اتصال أو انفصال.

القسم الثالث: انشودة المثاقفة وآفاق الحوار الحضاري بين قمع الحداثة وصرخة الهامش.

الفصل الأول: الوجه الآخر لاطروحة هنتنغتون.

الفصل الثاني: مساءلات في الحوار الحضاري.

ملحق: مداخلات في مؤتمر: كيف ندخل حوار الحضارات.

(8) "المفارقة والمعانقة" (سؤال المقابسة في قرن جديد، رؤية نقدية في مسارات العولمة وحوار الحضارات":

صدر عن المركز الثقافي العربي ـ الدار البيضاء ـ المغرب، الطبعة الأولى عام 2001م.


الصفحة 104
يقول المؤلف في مقدمة الكتاب: "لقد سعينا من خلال هذا العمل إلى ابراز الوجه الآخر للعولمة غير وجهها البادي الغارق في المساحيق. نظرنا إليها بوجدان قلق لا بشبق غريزة. فانتهينا إلى ما انتهى إليه غربيون من ذوي الرأي والاختصاص والاحتكاك. وهم في الخندق المتقدم في مواجهة اجهاضات العولمة... هذا في القسم الأول. أما في القسم الثاني فقد تطرقنا إلى موضوع حوار الحضارات وعدنا حينئذ إلى البدايات حتى لا نقف في مأزق النهايات، مؤصلين ومقاربين للمفاهيم والمحدّدات الأولى. وخالفنا في ذلك من رام القول بتعدد الحضارات" ويحتوي هذا الكتاب على عدة مواضيع منها:

العولمة والعالم، أعولمة حقاً أم صناعة الحرب؟، العرب والعولمة: التحدي والاستجابة، العولمة الثقافية كمشروع اختراق، حوار حضارات أم ثقافات، اشكالية حوار الحضارات وراهنية العلاقات الدولية، الموضوعي واللاموضوعي في النموذج الحضاري.


الصفحة 105

وقفة مع كتابه: "لقد شيعني الحسين"

يعتبر هذا الكتاب، تدوين تجربة خاضها الاستاذ إدريس الحسيني في دائرة الفكر والاعتقاد، ليختار لنفسه المعتقد الذي يفرض نفسه بالدليل والبرهان، فكانت النتيجة أنه وجد الحق في غير ما ورثه من اسلافه.

وفي هذا الكتاب يسجل المؤلف تجربته في التحوّل من المذهب السني إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام) فيقول في المقدمة: "في تجربتي هذه، ليس هاماً أن أعرّف الناس بشخصيتي، فقيمة الموضوع الذي يتبنّاه هذا الكتاب، أهم بكثير، هذه تجربتي في خط العقيدة وأنا مسؤول عنها، لذلك أتوخى لها أن تكون حرّة، طليقة بلا قيود!".

الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟

يرى المؤلف أن الأجواء التي عاش فيها، تركت اسمى التأثير في صياغة اطاره الفكري الذي ينظر من خلاله إلى التاريخ، فيقول: "فمنذ البداية كانوا قد زرقوني بهذا التاريخ... ونكف إذا رأينا الدم والفسق والكفر، ليس لنا الحق سوى أن نغمض الأعين، ونكف الألسن ـ حين قراءة التاريخ الاسلامي ـ ثم نقول: تلك أمة قد خلت لها ما كسبت...".

ويصف المؤلف هذه الحالة أنها عملية لجم مبرمجة وقيود توضع على عقل الانسان، قبل أن يدخل إلى محراب التاريخ المقدس: "لقد علمونا، أن نرفض عقولنا، لنكون كائنات "روبوت"، توجهنا كمبيوترات مجهولة، وغلبت السياسية على التاريخ، وحولته إلى بؤس حقيقي".


الصفحة 106
ولكن ما إن سمى وعي الاُستاذ ادريس تحوّل إلى صاحب عقلية ناقدة لا تقبل شيء إلاّ بعد البحث والتنقيب ومن هنا كانت الازمة التي يصفها بقوله: "ما اثقلها من ازمة على طلاب الحقيقة!".

الفصل الثاني: مرحلة التحوّل والانتقال

يذكر المؤلف في هذا الفصل قصة استبصاره، ويرى أنّ من أهم الموانع التي كان يضعها أبناء مجتمعه حين مبادرته إلى البحث العقائدي ودراسة احداث صدر الإسلام أنهم كانوا يقولون له: "تلك فتنه طهرنا الله منها، وليس لنا مصلحة في استحضارها والخوض فيها".

لكن الاستاذ إدريس يذكر أنه كان يقول: "كيف طهرنا الله منها، وهي ما زالت حاضرة فينا، بعيوبها ومسوخاتها".

وكان يطرح الاستاذ إدريس دائماً على اصدقائه قضية مظلومية الإمام الحسين(عليه السلام)يوم عاشوراء، وكان يبحث عن تفسير شاف لهذه المأساة، ومن هنا بدأت قصة استبصاره! لأنه خلال التفكير حول هذه القضية وجد نفسه أمام موجه عارمة من التساؤلات التي جعلته أن يقف حتماً على قاعدة اعتقادية صلبة، فاندفع ليجدد منطلقاته ويعالج مسلماته!

فيقول الاستاذ: "لم تكن عندي يومها المراجع الكافية لاستقصاء المذهب الشيعي... ويعلم الله، أنني رسخت قناعاتي الشيعية، من خلال مستندات أهل السنة والجماعة انفسهم. ومن خلال ما رزحت به من تناقضات".

الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت

يحاول المؤلف في هذا الفصل أن يعيد تحليل التاريخ، فيتناول المسألة "الشيعية" من وجهة نظر تاريخية، وليس من وجهة نظر مذهبية، ثم يبحث حول

الصفحة 107
أصل نشوء الشيعة.

فيقول حول ادعاء انتساب التشيع إلى عبدالله بن سبأ: "ليس هذه أول خرافة، تلقى بهذا الشكل "التهريجي على التشيع" بل أخريات من تلكم الشبهات المحبوكة بالأصابع المأجورة والمسيئة، بالترغيب والترهيب الأموي، لابد من الوقوف على هزالها!".

ثم يذكر تهمة فارسية التشيع ويقول: "لم يكن التشيع من ابداع الفرس إلاّ عند مهرجي التاريخ، والعرب سباقون إلى التشيع، وهم الذين ادخلوه إلى فارس، والدليل على ذلك، أن معظم علماء السنة الكبار في التفسير والحديث والأدب واللغة... هم من فارس، وبقيت ايران ـ لفترة ـ على السنة الأموية في سبّ علي(عليه السلام)ولعنه في المساجد وعلى المنابر".

الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس!

يدعو المؤلف في هذا الفصل إلى الحكم بالوجدان حين قراءة التاريخ، ثم يبيّن سيرة الرسول(صلى الله عليه وآله) مع التركيز على المحطّات الحساسة التي يعتبرها مفتاحاً لفهم الظاهرات التي شهدها التاريخ الإسلامي فيما بعد.

ثم يوضّح أن المؤامرة على الرسول(صلى الله عليه وآله) قد بدأت بعد الفتح، حيث حاول المنافقون الذين كانوا يشكلون جزءً من المجتمع الإسلامي أن يغتالوا الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) في اللحظات التي توفرت لديهم فيها الفرصة.

ويطرح المؤلف مسألة الوصاية والخلافة، فيقول: "إن المشروع الرسالي في عصر النبي(صلى الله عليه وآله) يقتضي الإهتمام، ولفت الأنظار لذلك الامتداد القيادي لرسالة الإسلام، حتى لا يطرأ على التصوّر المناوىء أن المشروع النبوي، مشروع وقتي ينتهي بانتهاء صاحبه.

ولم يكن من منطق الرسالات السابقة أن تغيب هذه المسألة المتصلة بواقع