والحمد لله على ما هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله".
مؤلفاته:
(1) "افادات من ملفات التاريخ": مخطوط.
سيصدر عن مركز الأبحاث العقائدية ضمن سلسلة الرحلة إلى الثقلين.
وهو كتاب يساهم في كشف الغموض والتعتيم الذي لاقته مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) من قبل الحكام والدائرين في فلكهم من علماء وعاظ سلاطين وكتاب مأجورين.
وقد أورد فيه المؤلف كيفية تعرفه على طريق النجاة، ثم سرد الأدلة التي دفعته إلى اعتناق مذهب التشيع، ثم سلط الضوء على التاريخ الاسلامي بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله)، والملابسات التي شاهدتها الساحة الاسلامية عقيب وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله)، وقد اورد في الفصل الأخير لمحات عن أئمة أهل البيت(عليهم السلام)، وتعيين الرسول لاوصيائه وائمة المسلمين من بعده.
وقفة مع كتابه "إفادات من ملفات التاريخ"
كما يظهر من عنوان الكتاب فانه كتاب تاريخي، وهو يتناول حياة الخلفاء الأربعة الذين حكموا الناس بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وقد اختلف المؤرخون في حياتهم بل انقسمت الأمة الإسلامية بين مؤيد لهذا أو لذاك منهم نتيجة أهمية الفترة التاريخية الحساسة التي حكموا فيها وهي ما بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله).
ويقول الكاتب عن هذا التاريخ:
"وما أحوجنا الآن إلى أن يدرس هذا التاريخ الذي اختفى من ورائه النزاع السياسي والصراع الطائفي دراسة واقعية على ضوء التحقيق العلمي المجرد عن التعصب والتحيز ليظهر الحق والحق أحق أن يتبع".
ثم يعرف الكاتب كتابه هذا بالقول:
"سوف أحاول في هذا الكتاب واعتماداً على أبواب عدة أن أميط اللثام عن الكثير من الحوادث التاريخية التي حصلت بعد وفاة رسول الله من أمور الخلافة وما تبعها من حوادث وحروب وفتن ومؤامرات.
وقد وضعت هذه الأبواب عل طريقة إفادات، أي أن نحضر الشخصيات التي لعبت دوراً في هذا التاريخ، وكان لهم الأثر الكبير فيما حدث حتى الآن، ونسألهم عمّا حصل، ونتأمّل أقوالهم وأعمالهم ونكتب الرد على لسانهم واعتماداً على كتب التاريخ والحديث والتفسير عند أهل السنة.
وقد اعتمدت في هذا الكتاب على كتب عدة وقد سجلت أسماءها وأين يوجد كل جواب أو مسألة في الهامش.
اعتماداً على المقولة.
(ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم).
و(من فمك أدينك).
وقد يكون للحادثة التاريخية ألفاظ عدة ورواة عدة ومعاني عدة، ولكني لن أنتقي ما يؤكد ما أرمي إليه في رأيي، وأطرح الباقي كما يفعل الكثيرون من الكتاب من أهل الخلاف.
إذ أنهم يأخذون ما يوافق منهجم ويتركون ما يناقضه، بل اعتمدت في أخذي للأحاديث والروايات ما أجمع عليه الفريقان من صحته، وذلك أكثر أمانة وأنجح للحجة.
وتقمصها ابن أبي قحافة:
يعرف الكاتب بشخصية أبي بكر، ثم يتحدث عن أحداث أيام ملكه ـ من السقيفة الى تسليم الخلافة إلى عمر ـ وما فعل من منكرات مثل منع فاطمة سلام الله عليها فدكاً، ومحاولة حرق بيتها، ثم حرق الأحاديث ومحاربة السنة النبوية، وقد اخترنا هذه المقتطفات المختصرة:
س ـ عرّف نفسك؟
ج ـ اسمي أبو بكر عبدالله بن عثمان، بن عامر، بن عمرو، بن كعب بن سعد، بن تيم بن مرة، بن كعب بن لؤي، بن غالب بن فهر بن مالك...
وأمي أم الخير، بنت صخر بن عامر، بن كعب، بن سعد، بن تيم بن مرة..(1)
____________
1- تاريخ الطبري: 2 / 350.
أسلمت بعد أربعة أو خمسة من الصحابة فأول من أسلم خديجة وعلي وزيد بن الحارثة ثم خالد بن سعيد بن العاص وأبو ذر وأنا..(1)
رافقت رسول الله في كل غزواته، وكنت أجلس معه في العريش، ولم أشارك في القتال ولم أبارز أحداً خلال معارك الرسول(2).
س ـ يقول البعض من أهل السنة بأنك وصلت إلى الخلافة برضا من رسول الله، ويستشهدون على ذلك بأنك صليت بالناس عند مرض الرسول، وبأنك أول من أسلم من الرجال، وأنك صديقه في الغار فما ردك على ذلك؟
ج ـ أولا: لم يكن معي من رسول الله أي نص، ولو كان معي مثل هذا النص، لاحتججت به يوم السقيفة، لأني كنت في أشد الحاجة إلى ما أثبت به أمري يوم ذلك.
ـ ثانياً: أما بشأن ما يدعيه البعض من موضوع الصلاة، فهي لم تكن إلاّ مرة واحدة. وقصتها أن ابنتي عايشة بعثت لي وقالت: إن رسول الله مريض فصلّ بالناس، وما إن بدأت بالصلاة حتى خرج رسول الله يتهادى من شدة مرضه بين الفضل بن العباس وعلي، ودخل المسجد وصلى عن يميني قاعداً وصلى الناس، فلما فرغ من الصلاة أقبل على الناس وكلمهم رافعاً صوته حتى خرج صوته من باب المسجد يقول: (يا أيها الناس سُعرت النار، وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، وإني والله لا تمسكوا علي شيئاً. إنّي لم أحل لكم إلاّ ما أحل لكم القرآن ولم أحرم لكم إلاّ ما حرم عليكم القرآن)...!!!!!(3)
وعليه فإن رسول الله لم يأمرني بالصلاة بالناس، ولو كان فعل لما خرج
____________
1- تاريخ الطبري: 1 / 451.
2- تاريخ الطبري: 2 / 33.
3- تاريخ الطبري: 2 / 231.
وقبل وفاته استأذنته بالذهاب إلى أهلي بالسنح(1) فأذن لي، لذلك عندما توفي رسول الله لم أكن في المدينة. وأيضاً لم احتج بقصة الصلاة في السقيفة لأنها علي لا لي.
ـ وأما بشأن أني كنت صديقه في الغار فهذا مما لا ريب فيه، ولكن قصته أنني أتيت في يوم هجرة رسول الله إلى داره، فوجدت علياً فسألته عن نبي الله فأخبرني أنه لحق بالغار من ثور وقال:
إن كان لك فيه حاجة فالحقه، فخرجت مسرعاً فلحقت نبي الله في الطريق، فسمع رسول الله جرسي في ظلمة الليل فحسبني من المشركين فأسرع رسول الله في المشي، فانقطع قبال نعله ففلق إبهامه حجر فكثر دمها، وأسرع السعي، فخفت أن يشق على رسول الله فرفعت صوتي وتكلمت، فعرفني رسول الله فقام حتى أتيته فانطلقنا ورجل رسول الله تستن دماً حتى انتهينا إلى الغار في الصبح(2).
السقيفة:
س ـ كيف علمت بوفاة رسول الله؟ وما قصة اجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة؟
ج ـ أخبرتك آنفاً أنني كنت في داري عند أهلي في (السنح)، وعند عودتي إلى المدينة لعيادة رسول الله وجدت عمر على باب المسجد واقفاً شاهراً سيفه
____________
1- السنح: أرض قريبة من المدينة.
2- تاريخ الطبري: 1 / 568.
ـ (أيها الناس من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم تلوت هذه الآية): (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَـبِكُمْ..) إلى آخر الآية..(1)
فوالله لكأن الناس لم يعملوا أن هذه الآية نزلت على رسول الله فأتاني عمر، وأخبرني أن أخرج إليه، وعندما خرجت أخبرني أن بعض الأنصار مجتمعون في سقيفة بني ساعدة، لأمر ولابد أن نكون هناك حتى لا يقطع أمر لا نكون فيه، فذهبنا وأخذنا معنا أبا عبيدة بن الجراح في وطريقنا باتجاه السقيفة وجدنا (عويم ابن ساعدة الأنصاري ومعن بن عدي) وهما من صفوة الأنصار وممن شهدوا بدراً.
وقالوا لنا: أرجعوا وأقضوا أمركم بينكم.
فلم نلتفت إليهم وتابعنا مسيرنا إلى السقيفة، وعندما وصلنا وجدنا جماعة من الأنصار ويوجد بينهم رجل مزمّل.
فقلنا لهم: من هذا الرجل.
فقالوا: سعد بن عبادة. وقد كان مريضاً لا يقوى على الوقوف.
وهنا حاول عمر أن يتكلم ولكني منعته وبدأت الكلام فحمدت الله وأثنيت
____________
1- آل عمران: 144.
(كنا معشر المهاجرين أول الناس إسلاماً، والناس تبع لنا ونحن عشيرة رسول الله، ونحن أوسط العرب أنساباً ليست لقبيلة من قبائل العرب إلاّ ولقريش فيها ولادة).
وبعد أن أنهيت كلامي وقف عمر وقد كان زور مقالة قبل أن يأتي إلى السقيفة وكان يريد أن يقولها قبلي ولكن منعته(1).
فقال عمر:
(إنه والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم، ولكن العرب لا ينبغي أن تولي هذا الأمر إلاّ من كانت فيها وألوا الأمر منهم، لنا بذلك على من خالفنا من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين من ينازعنا سلطان محمد وميراثه ونحن أوليائه وعشيرته إلاّ مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة)..
فقال الأنصار: (لا نبايع إلاّ علياً)..
فقلت لهم إني ناصح لكم في أحد هذين الرجلين أبي عبيدة بن الجراح أو عمر ابن الخطاب فبايعوا من شئتم.
فقال عمر: معاذ الله أن يكون ذلك وأنت بين أظهرنا أبسط يدك أبايعك.
فبايعني عمر وأبو عبيدة وتتابع الأنصار على مبايعتي وتخلف سعد وأولاده..
فقال عمر: اقتلوا سعد قتله الله.
وتمت البيعة ثم ذهبنا إلى المسجد فقال عمر للناس:
مالي أراكم حلقاً شتى قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعته وبايعه الأنصار فقام
____________
1- تاريخ الطبري: 2 / 235، شرح النهج لابن أبي الحديد ج1.
اجتماع الانصار:
س ـ هذا يعني أن الأنصار لم يكونوا مجتمعين من أجل أن يبايعوا سعد بن عبادة كما يزعم البعض لأنه كما ذكرت كان مريضاً، ولا يقوى على الوقوف وإن جماعة من الأنصار كانوا يعودونه، وأيضاً في معرض حديثك قلت أنكم صادفتم عند مجيئكم إلى السقيفة (عويم بن ساعدة ومعن بن عدي) وهما باتجاه المسجد أي خارجين من السقيفة وغير هذا كيف يكونوا مجتمعين من أجل البيعة، مع أن عمر قد منع الناس من أن يقولوا أن رسول الله قد مات أي أن الذين كانوا خارج المسجد لا يعلمون حقيقة الموقف..؟
ج ـ هذا صحيح ولكن عند علم عمر، باجتماع الناس في السقيفة، تبادر إلى ذهنه أنهم لابد أن يذكروا أمر الخلافة من بعد الرسول بناءً على مرض الرسول وهذا ما حصل..
عهد أبي بكر باستخلاف عمر:
س ـ ماذا حصل عند مرض موتك ولمن أوصيت بالخلافة؟(2)
ج ـ عندما أحسست بدنوّ أجلي دعوت عثمان بن عفان وقلت له: اكتب عهدي، فكتب عثمان وأمليت عليه:
(بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة آخر عهد في
____________
1- الإمامة والسياسة: 6.
2- من تاريخ الخلفاء: 1 / 32، وشرح النهج عند شرح الخطبة الشقشقية.
س ـ ولكن يقولون أنك عندما بدأت إملاء الكتاب أغمي عليك وأن عثمان هو من كتب اسم عمر فيه.
ج ـ نعم عندما وصلت إلى قولي إني استخلف عليكم فأغمي علي فكتب عثمان ـ عمر بن الخطاب وعندما أفقت قلت له اقرأ: وذكر اسم عمر
فقلت أنى لك هذا؟
قال: ما كنت لتعدوه.
فقلت له أصبت(1).
س ـ عندما دفعت الكتاب وعلم الصحابة بهذا هل وافقوا عليه أم تحفظوا أم عارضوا؟
ج ـ بعدما فرغت من كتابة الكتاب دخل عليّ قوم من الصحابة منهم طلحة فقال: ما أنت قائل لربك غداً وقد ولّيت علينا فظاً غليظاً، تفرق منه النفوس وتنقض عنه القلوب، فقلت: اسندوني وقد كنت مستلقياً، فأسندوني ـ فقلت لطلحة: أبالله تخوفني إذا قال لي ذلك غداً قلت له: وليت عليهم خير أهلك.
س ـ هذا يعني أن الصحابة لم يكونوا راضين عن استخلاف عمر وقد فرضته عليهم فرضاً بدون استشارتهم، والنتيجة هي التي تنبأ بها الإمام علي عندما قال لعمر:
(احلب حلباً لك شطره واشدد له اليوم أمر يردده عليك غداً).
____________
1- المصدر السابق.
قال: لا أدري، ولكن أول من سمع وأطاع.
فقال الرجل: (لكني والله ما أدري ما فيه، أمرته عام أول، وأمرك العام)(1).
فما قولك في ذلك؟
ج ـ لو شاء عمر بن الخطاب لكان الخليفة الأول فقد قلت له يوم السقيفة أبسط يدك أبايعك ولكن هو قدمني وقد حفظت له هذه، ثم هو الذي ركّز البيعة فينا أي المهاجرين في السقيفة وهو صاحب المقالة:
(إنه لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم، ولكن العرب لا ينبغي أن تولي هذا الأمر إلاّ من كانت النبوة فيهم، من ينازعنا سلطان محمد ونحن أهله وعشيرته إلاّ مدل بباطل، أو متجانف لإثم، أو متورط في هلكه)(2)..
وهو الذي أخذ عصابة وذهب إلى بيت علي وأخرج الممتنعين عن البيعة من بني هاشم والزبير وهو الذي أمر بإحراق بيت فاطمة وعلي إن لم يخرجوا للبيعة.
وهو الذي طالب المجتمعين في المسجد لمبايعتي بقوله:
(مالي أراكم حلقاً شتى قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعته وبايعه الأنصار).
وهو الذي أصدر أمراً بقتل سعد بن عبادة في السقيفة.
وهو الذي هدّد علي بن أبي طالب بضرب العنق إن لم يبايع.
وهو الذي ضم أبا سفيان إلينا بأن نصحني بترك ما بيده من الصدقات ثم ولّى ابنيه يزيد ومعاوية على الجيش. باختصار إن عمر كان الرجل الثاني في
____________
1- الإمامة والسياسة ج1، استخلاف أبي بكر.
2- الإمام والسياسة: 25 ـ 26.
وقد كان أكثر من ذلك فقد كان يحل ويبرم في خلافتي، وكأنه الأمير فقد كتبت لعيينه بن حصن والأقرع بن حابس كتاباً، فأخذاه إلى عمر ليشهد، فما أن شاهد عمر الكتاب لم يعجبه، فتفل فيه فوراً ومحاه، فرجعا إلي وقالا لي:
(والله لا ندري أأنت الأمير أم عمر)؟
فقلت لهم: (بل هو لو شاء كان).
فجاء عمر إلي، وقرعني بشدة على هذا الكتاب.
فقلت له: (فلقد قلت لك إنك أقوى مني على هذا الأمر لكنك غلبتني)..(1)
أبو حفص العدوي:
يعرف الكاتب بشخصية عمر، ويذكر طرفاً من تاريخه بعد وفاة الرسول وما فعله من بدع خالف فيها السنة النبوية الشريفة، فيذكر رزية يوم الخميس وطرفاً من أحداث السقيفة ودور عمر فيها، ثم علل علاقته مع أبي بكر أيام خلافته، ويذكر كيف منع رواية الحديث خوفاً من معرفة الناس فضائل آل البيت كما يوضح كيف أسس الأساس الصلب لحكم بني أمية بمنحهم ولاية الشام وعدم مراقبة أعمالهم فيها ثم يذكر الشورى وما جرى فيها، وقد اخترنا مما ذكره هذه المقاطع:
عمر بن الخطاب (الخليفة الثاني)
س ـ عَرّف نفسك؟
ج ـ اسمي عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبدالله بن قرط ابن رازح بن عدي بن كعب بن لؤي وكنيتي (أبو حفص)..
____________
1- شرح النهج: 3 / 789 ـ 790.
أسلمت بعد خمسة وأربعون رجلا وإحدى وعشرين امرأة أي بعد ستة وستين شخصاً!!!(2)
واشتركت في كل غزوات الرسول..
س ـ ولكن يقال أنك لم تثبت في معركة، ولم تبارز أحداً من المشركين، ولم تقتل أو تجرح أحداً، فقد ثبت أنك:
هربت مع عثمان يوم أحد(3).
وانهزمت يوم حنين(4).
وأيضاً يوم خيبر..(5)
ولم تذكر يوم الخندق بشيء.
فأين أنت مما يدعيه البعض من أن الله قد أعز بك الإسلام؟
ج ـ لقد نهاني رسول الله عن القتل، وقد صرحت بذلك عندما اقترحت على أبي جندل أن يقتل سهيل بن عمرو المشرك وشجعته على ذلك فقال لي أبو جندل مالك لا تقتله أنت؟
فقلت له: نهاني رسول الله عن قتله وقتل غيره..(6)
وأيضاً ليس لي من يحميني فقبيلتي بنو عدي ليس لها في العير ولا في النفير
____________
1- تاريخ الطبري: 2 / 562.
2- تاريخ الطبري: 2 / 565.
3- ابن الاثير: 2 / 110، والسيرة الحلبية: 2 / 227، وابن كثير: 3 / 55.
4- صحيح البخاري تفسير آية ويوم حنين.
5- المستدرك: 2 / 37.
6- المغازي للواقدي: 2 / 608 ـ 609.
رزية الخميس:
س ـ كيف علمت بأن رسول الله كان يريد أن يصرّح باسم علي في كتابة الوصية وماذا فعلت؟
ج ـ قلت لك أخرنا بعث جيش أسامة، وفي هذا الوقت كنا لا نغادر المسجد ودار الرسول لذلك عندما طلب رسول الله أن يكتب الكتاب بقوله:
(هلم أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً).
فقد بادر إلى ذهني ما حصل في غدير خم، فعلمت أنه يريد أن يصرّح باسم علي بكتاب فإنه قال في خطبته:
(تركت فيكم ما إن تمسّكتم بهما لن تضلوا أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي)، وقال (فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه).
وهنا يقول "أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً" إذاً الأمر واضح، لذلك ودون أي تمهل قلت إن رسول الله يهجر. أو أن رسول الله غلب عليه الوجع، وقد صرحت بذلك في كلام لي مع عبدالله ابن عباس في زمن خلافتي.
فقد سألت يوماً عبدالله ابن عباس ونحن نتحدث.
فقلت له يا عبدالله، عليك دماء البدن إن كتمتها، هل بقي في نفس علي شيء من أمر الخلافة؟
قال ابن عباس: نعم.
قلت له: أيزعم أن رسول الله نصّ عليه؟
قال: نعم، وأزيدك: إني سألت أبي عما يدعيه فقال صدق.
فقلت له: لقد كان في رسول الله من أمره ذروٌ من قوله (طرف من قول) لا
ورب هذه البنية (يعني الكعبة) لا تجتمع عليه قريش أبداً!
فعلم رسول الله أني علمت ما في نفسه فأمسك(1).
س ـ هل قلت وحدَك أن رسول الله يهجر (معاذ الله)؟
ج ـ عندما قلت أن رسول الله يهجر انقسم الناس فقوم يقولون قربوا لرسول الله يكتب لكم وقوم يقولون ما قلت، وعندما كثر اللغط قال رسول الله: قوموا عني فقد علم رسول الله أنه لم يعد هناك داع من كتابة الكتاب لما سوف يوجب من طعن في مقام النبوة.
وخرجنا من عند رسول الله بعدما قال قوموا عني، وكان هذا آخر عهدي برسول الله.
س ـ هذا يعني أن رسول الله مات وهو غاضب منك وممن كان معك، ووقف موقفك في ذلك اليوم؟
ج ـ هذا صحيح، وليغفر الله لي.
منع إعلان وفاة الرسول:
س ـ ماذا فعلت بعد ذلك وما كانت خطتك؟
ج ـ أولا، كان يجب أن أبقى في المدينة قريباً من المسجد ودار رسول الله، لذلك كما قلت لك أخّرت جيش أسامة بن زيد، وبما أني كنت قريباً من دار الرسول فكنت أول من علم بوفاة الرسول، ولكن لأن أبا بكر لم يكن موجوداً بسبب ذهابه إلى أهله في السنح كان لابد أن انتظره ريثما يحضر لنتابع الخطة معاً،
____________
1- شرح النهج: 12 / 21.
(من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت).
وبينما الناس بين مصدق ومكذّب انتهزت هذا الأمر وقلت لأبي بكر، هيا بنا إلى سقيفة بني ساعدة لأن الأنصار مجتمعون عند رئيسهم سعد بن عبادة، وقد كان مريضاً ولابد أن نصل هناك قبل أن يشيع نبأ وفاة رسول الله، وفعلا ذهبنا وأخذنا معنا أبي عبيدة ابن الجراح وفي طريقنا رأينا (عويم بن ساعدة الأنصاري ومعن ابن عدي) وهما من صفوة الأنصار وقد شهدا بدراً وكانوا ذاهبين إلى المسجد ليستعلموا عن حال رسول الله وعندما أخبرناهم أن رسول الله توفي.
قالوا لنا: عودوا واقضوا أمركم بينكم وافترقنا، هما ذهبا إلى المسجد ونحن ذهبنا إلى السقيفة..(1)
كراهية جمع النبوة والخلافة لبني هاشم:
س ـ تقول إن قريشاً كانت تكره علياً وتكره أن تجمع لبني هاشم النبوة والخلافة، ولكن تشددك في أمر فرض بيعة أبي بكر على علي، ومحاولتك إحراق بيت فاطمة، وكل ما جرى بعد ذلك من منع الإرث، وأمور أخرى تبين وكأن في الأمر شيئاً خاصاً بينك وبين الإمام علي، وكأنك أنت من أصحاب هذه الفكرة؟
ج ـ إنّ كره قريش لبني هاشم شيء مفروغ منه، ولذلك قد استخدمت ذلك
____________
1- تاريخ الطبري: 2 / 235.
وبنو عدي لم يكونوا مع العير ولا مع النفير، ولم يقاتلوا محمداً ولم يقاتلوا قريشاً كما قال أبو سفيان(2).
ولم أقتل أو أجرح مشركاً في المعارك التي خاضها النبي.
لذلك كان لابد لكي أجمع كلمة قريش أن يكون هناك أمر مشترك بيننا، ألا وهو إبعاد علي وبنيه عن الخلافة، وبذلك ترتفع أسهمي ويصبح لهم مصلحة فيّ.
وهذا بالضبط ما حصل فإن إبعادي لعلي عن الخلافة بمنع الرسول من كتابة العهد له رفع أسهمي إلى القمة، وعلى هذا فقد وحّدت كلمة قريش من المهاجرين والطلقاء لهدف محدد وهو الحيلولة بين بني هاشم وبين أن يجمعوا النبوة والخلافة بعد وفاة النبي(3)..
وبذلك سلمت لي قريش عملياً رئاسة التحالف أو الحزب وكانت بيدي خيوط اللعبة السياسية، وأخذت أواجه المعارضين للبيعة، وأنا مستند إلى جدار قوي من القوة والمنعة، كيف ما أفعل فلن أجد منكراً أو مستنكراً.
فلو هددت بقتل علي فالكل يسكت.
ولو هممت بإحراق بيت فاطمة فالكل يسكت.
والسكوت هنا أوضح بيان على موافقتهم على ما أقوم به.
حجر الأساس لبني أمية:
س ـ من المعروف عنك أو بمعنى آخر ما وصلنا عنك أنك كنت كثيراً ما
____________
1- تاج العروس ج4، مادة برطش..
2- المغازي للواقدي: 1 / 45.
3- الكامل في التاريخ: 3 / 63، تاريخ الطبري: 4 / 223، النهج: 12 / 53 ـ 54.