مكتبة العقائد الإمامية

فهرس الكتاب

 

 

سماحة الشيخ العلامة أحمد أمين الأنطاكي الحلبي(1) (رحمه الله)

مؤلف كتاب ( في طريقي الى التشيع)

اسمه وكنيته ولقبه:

اسمه أحمد بن أمين بن أحمد بن يوسف بن علي بن قنبر. وكنيته أبو حسين، ولقبه الهزة، ولكن غلب عليه الأنطاكي. وكان سببه لما انتسب في ( الأزهر) في ( القاهرة) لقب بالأنطاكي، لأنه من منطقة ( إنطاكية)، ولادته في قرية ( عينصو) وهي تابعة لإنطاكية، وهذه القرية واقعة في جبل ( قصير إنطاكية)، والقيصر عبارة عن خمسة وثمانين قرية وينقسم إلى ثلاث أقسام: قصير الفوقاني، والوسطاني، والتحتاني. هكذا مقسم. وهذه القرية وهي ( عينصو) كلمة مركبة من كلمتين عربية وتركية.

أما كلمة عين: فهي عين الماء، وأما صوفان: ترجمته ماء. ولكثرة مياهها سميت بعينصو. و( قصير إنطاكية) كثير الخيرات، فيه الأشجار من كل من التين، والزيتون، والرمان، والتفاح، والسفرجل، والجوز، واللوز، والمشمش، أنواع منوعة. وهذه القرية التي هي مسقط رأس المؤلف، محفوفة بالأشجار من كل نوع. وأما ( إنطاكية): فهي واقعة غربي جبل ( النكونجلي) يمر بها نهر العاصي، ومن جهة الغرب جبال شامخات، ويقال للجبل الذي هو غربيها ( جبل سندان)، متصل ( بجبل بيلان). ومن جهة الشمال سهل واسع جداً، ويسمى بالعمق، أراضيه زراعية، كثيرة الحبوب. ومن جهة الجنوب بساتين وفيهامن أنواع الثمار من الليمون، والسفرجل، والتفاح، واليكدنيا، ومن كل الثمرات بشتى أنواعها. ومن جهة الشرق ( القصير) وكل قراه تابعة لأنطاكية.

والمؤلف تعهد تربيته أبواه، واهتم والده بتعليمه حتى ترعرع وبلغ رشده. اشتغل بتحصيل العلم، فأول شيخ أخذ عنه مبادئ العلوم في النحو، والصرف، وغير ذلك، يدعى الشيخ رجب، وهو من قرية ( كشكيت) قريبة من قرية ( عينصو). ثم راق له أن يذهب إلى ( إنطاكية) فسافر إليها، وبدأ بالتحصيل على الشيخ أحمد الطويل. وبعد مضي سنين جاء الشيخ سعيد العرفي وهو من ( دير الزور) مبعداً فإن (فرنسة ) كانت مسيطرة فبعدته من الدير إلى ( إنطاكية). وقد أخذ بعض العلوم عنه مدة ثلاث سنوات.

ثم راق له أن يرتحل إلى القاهرة في الديار المصرية، وينتسب إلى الأزهر الشريف. فارتحل إلى الأزهر، وانتسب إليه، وبدأ يحصل العلوم المقررة ومشايخه الذين قرأ عليهم: أولهم الشيخ محمد أبو طه، فقرأ عليه النحو، والصرف، والفقه، وأصول الفقه، وغيرها. والشيخ محمد بخيت مفتي الديار المصرية سابقاً، والشيخ محمد السملوط، والشيخ حسنين حتى حصل العلوم المقررة في الأزهر، وكان آنذاك شيخ الجامع الشيخ محمد أبو الفضل معاصراً لسعد زغلول، وكلاهما ماتا في سنة واحدة. ثم بعده نصب الشيخ مصطفى المراغي، ثم عزل، ثم رجع إلى منصبه، ثم مات، ثم الشيخ محمود شلتوت، ثم توفي، ثم الشيخ حسن مأمون.

ولد الإنطاكي سنة ( 1893م)، وبعد أن حصل العلوم عاد إلى وطنه ( إنطاكية) وكانت ( فرنسا) مسيطرة على بلاده، فلم يرق له أن يقيم في تلك البلاد. وكان قد عزم أن يهاجر إلى الحجاز عندما سمع بأن عبد العزيز السعودي استولى على الحجاز، ويحكم بكتاب الله، وسنة نبيه (ص)، فأخرج جواز السفر، وكذا أخوه الشيخ محمد مرعي أمين، فسافر إلى ( بيروت) أراد أن يدخل ( فلسطين) لأنه أراد أن يتجول في بلادها كـ( حيفا)، و ( يافا)، ويزور القدس. ومن بيروت سافر إلى (صيدا ) ،ونزل ضيفاً عند الشيخ عمر الحلاق ،لأنه كان رفيقه يوم تحصيل العلم في (الأزهر ) ،ومن ثم دخل هو واخوه (صور ) ، ولم يبت بها ،بل خرج إلى (شمع ) و هي قرية في رأس الجبل ،وقد حذره صديقه الشيخ عمر الحلاق بأن هذه القرية كلها متاولة، يعني شيعة.

فذهب إلى تلك القرية، وكان فيها السيد أبو عبد الله، ونزل هو وأخوه عند السيد أبو عبد الله، وباتا عنده، فأكرمهما غاية الإكرام. وثاني يوم ارتحل إلى فلسطين، ونزل بعكا عند صديقه محمد اللبابيدي، ضيفاً، وتلقاه بكل حفاوة وتجلة وإكرام، ثم سافر إلى (حيفا)، ثم إلى (يافا)، وكان له صديق يدعى الشيخ أسعد، ثم إلى القدس، ثم إلى شرقي الأردن، ثم إلى ( عمان)، وبقي فيها ثلاثة أيام، ومنها إلى ( معان)، وهناك نزل بها عند محمد أبو رمان. ثم إلى ( العقبة ). ومنها إلى حدود الحجاز. وكان سيره على رواحل الإبل، لأنه لم يكن في هذا التاريخ سيارات إلا قليل، حتى دخل الحجاز وأخوه فضيلة الشيخ محمد مرعي أمين يرافقه، ونزل في بلدة يسمونها ( ضبا) وهي أول بلد في الحجاز. وكان فيها أمير يدعى مسعود المبروك. ثم رجع أخوه الشيخ محمد مرعي إلى ( سورية) وبقي هو فيها، والتفوا حوله، وأنزلوه منزلاً عالياً، وطلبوا منه أن يفتح لهم مدرسة ليتلقوا منه العلوم، كالنحو والصرف، والمعاني والبيان والبديع، والمنطق، لأنه كان خريج الأزهر. وهنالك طفق الناس يزدحمون عليه ليتعلموا منه، فألقى عليهم الدروس من النحو وتوابعه، ومن الفقه وأصوله، حتى طار ذكره في أنحاء الحجاز، فبلغ ذلك الملك عبد العزيز، فأرسل له برقية يطلبه ليحضر إلى ( مكة المكرمة)، ويواجه الملك. فكان ذلك حيث طلب منه أن يكون قاضياً شرعياً، فأبى لأنه درس أخلاقهم وعرف أنهم يكفرون كل فرقة من فرق الإسلام، وكل مذهب إلا مذهبهم، لذلك لم يرق له البقاء عندهم فهجرهم وغادر بلادهم، وقفل راجعاً إلى بلاده.

وكان مفتياً على مذهب الشافعي مدة طويلة ثم ارتحل من بلاده ( إنطاكية) إلى ( حلب) لأن أتاتورك استولى على ( اسكندرون)، وإنطاكية هي في هذا اللواء، وطلب من المحافظ بحلب بواسطة مفتي حلب الشيخ عبد الحميد الكيالي، بأن يكون مفتياً على مذهب الشافعي، فأجابه، وحولوا أوراقه على دمشق، وجاءت بعد أيام مصدقة من المفتي العام، وكان آنذاك الشيخ سعيد العرفي، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، فتوسط له في دمشق الشام.

كان متشيعاً وانتشرت أخباره بالتشيع، فقام مشائخ حلب وجاؤوا إلى مدير الأوقاف بضجة وضجيج، يصرخون بأعلى أصواتهم: لا نرضى أن يكون مفتياً، فإنه شيعي، ونخشى أن يتفشى مذهبه لأن الناس قد تبعوه في حلب، ونواحيها، وضواحيها، وهذا أمر مخوف يقلب لنا الأمور، والله المستعان، ومنه نستمد التوفيق.

المؤلف والكتاب:

●الكتاب مختصر تاريخ تشيع عالم من علماء الشافعية بقلم نفسه.

●يبحث المؤلف- في هذا الكتاب- عن الأسباب التي دعت إلى اعتناقه مذهب آل بيت الرسول - عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام- كما يعرض بعض النكبات التي واجهها في سبيل التشيع.

●يقول المؤلف: إن أحد الأسباب لتشيعي هو قول النبي (ص)- المتفق عليه لدى المذاهب الإسلامية كلها-:

( مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق) فإنني لو اتبعت أهل البيت، وأخذت الإسلام عنهم، فلا شك أبلغ النجاة، ولو تركتهم، لأستمد الأحكام من غيرهم، فلا ريب أكون من الضالين التائهين.

●مؤلفه العالم الفاضل الحبر الحجة الحاج الشيخ أحمد أمين الإنطاكي.

●ولد بإنطاكية سنة ( 1311ه).

●قضى العقدين الأولين من عمره تحت تربية والديه، ثم ابتلي بمصائب جمة في العقد الثالث من عمره، لسيطرة الاستعمار الفرنسي على بلادهم.

●سافر إلى الحجاز في السنة ( 1349ه) فأدى فريضة الحج، ثم طولب بأن يقطن الحجاز ليكون قاضياً، فأبى ذلك لأن ( الوهابيين) يكفرون الموحدين، وقال: (... وكانت إقامتي في الحجاز سنة، وأنا أبحث عن عقائدهم، فرأيتهم منحرفين عن كل فرقة، وهم يكفرون الإسلام أجمع: سواء أكان سنياً أو شيعياً، أم غير ذلك، ولا يرون الحق إلا في مذهبهم، ويرون غيره باطلاً، وأي مسلم يوحد الله إذا قال: ( يا رسول الله) يسمونه مشركاً، وليس عندهم تأويل البتة، وإذا زار أحد ضريحاً من الأضرحة المقدسة للأئمة المعصومين الطاهرين، ومد يده إلى القبر، ومسحها به فقد أشرك، وإذا نذر- ولو إلى الله- وقال بمحبة أحد أولياء الله أشرك، وهكذا دواليك. ولذلك هجرتهم، ورجعت إلى وطني...).

● تشيع، واختار مذهب أهل البيت عليه السلام في أوائل العقد الخامس من عمره، على أثر مطالعة كتاب ( المراجعات) للإمام المجاهد المرحوم السيد عبد الحسين شرف الدين ( قدس سره).

● هدى جماعة من العلماء، ومن سائر الناس إلى التشيع، واعتناق المذهب الجعفري.

● قطعت الحكومة السورية في ذلك الوقت راتبه الشهري بمجرد عملها بتشيعه، فكنب الإمام ( شرف الدين) إلى الإمام البروجردي القصة، فعين الإمام البروجردي له، ولأخيه راتباً شهرياً.

● سجن على أثر تشيعه مرات عديدة، وقصد المتعصبون بالتعصب الأعمى، اغتياله مرتين، لو لا أن الله تعالى نجاه منهم.

● زار مراقد الأئمة الطاهرين بالعراق مرات، كما زار ( إيران)، ونزل في ( إيران) ضيفاً على الإمام البروجردي، وخرج منها وهوضيفه.

● له مؤلفات مطبوعة، ومخطوطة فمن المطبوعة: ( رفع الشقاق في أحكام الطلاق)، و ( في طريقي إلى التشيع).

والقارئ إذ يكبر في المؤلف الروح الإنسانية المتطلعة إلى الحق دائماً، يأمل من الله تعالى أن يهدي الجميع إلى الحق، وإلى صراط مستقيم.

 

1 ـ أخذنا ترجمة الأنطاكي من كتابه المطبوع ( في طريقي إلى التشيع).