ادب الطف

 
  ادب الطف ـ الجزء الاول 30

ويفجع دعبل بن علي الخزاعي بولده الصغير احمد فيتأسى بمصارع آل محمد، ويقول:

على الكره ما فارقت احمد وانطوى      عـلـيه  بـناء جـندل iiورزيـن
ولـولا  الـتأسي بـالنبي iiوأهـله      لأسـبل مـن عـيني عليه iiشؤون
هـو  الـنفس، الا ان آل iiمـحمد      لـهم دون نـفسي في الفؤاد iiكمين
اضّـر بـهم ارث النبي iiفأصبحوا      يـساهم  فـيهم مـيتة ومنون 
(1)
دعـتهم  ذئـاب من امية iiوانتحت      عـليهم  دراكـاً ازمة وسنون 
(3)

ويقول الحسين بن احمد الكاتب النيلي البغدادي المشهور بابن الحجاج من شعراء القرن الرابع الهجري:

وأبـرصٌ من بني iiالزواني      مـلـمّع  أبـلـق iiالـيدين
قـلت وقـد لـجّ بـي iiأذاه      وزاد  مـا بـينه و iiبـيني
يـامعشر الـشيعة iiالحقوني      قد ظفر الشمر بالحسين 
(3)

ويقول ابن عبدون احد شعراء الاندلس:

أراك تـرنو الي iiشزراً      بـمقلة  تستجيز iiحيني
كـأنني مـن بني iiزياد      وأنت من شيعة الحسين

ويقول الشيخ حمادي الكواز في معرض العتاب على الحبيب:

(1) ساهم: قارع ( من القرعة) واراد بالمنون: الاغتيال.
(2) الدراك: المداركة، اي الملاحقة. والسنة الازمة والقحط.
(3) ذلك ان شمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين عليه السلام ابرصا.

ادب الطف ـ الجزء الاول 31

شاب رأسي والحب فيكم وليد      وبـلى  الجسم والغرام iiجديد
قـتل الصبر كالحسين iiشهيدا      لا  لـذب والهجر منكم iiيزيد

ومر الشاعر جعفر بن محمد الخطي سنة 1019 في سفينة مائية عابرا البحر بين كتكان و ثوبلي و بوبهان - من قرى البحرين - و بينما هو في السفينة وثبت سمكة من البحر وهي من نوع السبيطي فشقت جبهته اليمنى فنظم قصيدة غراء اولها:

 برغم العوالي و المهندة البتر     دماء أراقتها سبيطية البحر

الى ان يقول و القصيدة طويلة:

لـعمر أبي الخطى ان بات iiثأره      لذي غير كفو وهو نادرة العصر
فـثار  علي بات عند ابن iiملجم      وأعـقبه  ثأر الحسين لدى شمر

وحتى عند السكر و الخمريات يكون منه موضع الشاهد فهذا شميم النحوي من شعراء القرن السادس والمتوفى سنة 601 يقول: أمزج بمسبوك اللجين ذهبا حكته دموع عيني

أمـزج  بمسبوك iiاللجين      ذهـبا حكته دموع iiعيني
لـما نـعى ناعي الفراق      بـبين  من أهوى iiوبيني
وأحـالها الـتشبيه iiلـما      شـبهت بـدم iiالـحسين
خـفقت لـنا شمسان من      لألائـها فـي الـخافقين
و بـدت لـنا في iiكأسها      مـن  لـونها في iiحلتين
فـأعجب  هداك الله iiمن      كون اتفاق الضرتين (1)

ويقول سعيد بن هاشم العبدي احد شعراء القرن الرابع الهجري:

(1) ترجمه اليعقوبي في البابليات - الجزء الاول.

ادب الطف ـ الجزء الاول 32

أنا في قبضة الغرام رهين      بين سيفين أرهفا ورديـني

فكأن الهوى فـتى عـلوي     ظن اني وليت قتل الحسين

وكـأني يزيد بـين يديـه     فهو يختار أوجع القتلتـين

وهكذا راح اسم الحسين وقصته يترددان على الافواه ويتخذ الناس منهما شاهداً ومثلاً و تأسيا و استشهادا:

بكاء الكائنات

كان لعظم هذه الفاجعة التي لم يقع في الإسلام أفظع ولا أشنع منها ان تجاوبت الأرض و السماء بالعزاء. روى الآلوسي في شرح القصيدة العينية ان عبد الباقي العمري الموصلي رثى الحسين بقوله:

يـا عاذل الصب في iiبكاه      بالله  سـاعفه فـي iiبكائك
فـانه مـا بـكى وحـيداً      على بني المصطفى اولئك
بـل إنـما قد بكت iiعليهم      الإنـس  والجّن iiوالملائك

ويقول في ملحمته الكبيرة كما في الديوان:

قـضى  الـحسين نـحبه iiوما      سوى الله عليه قد بكى و انتحبا

ويقول ابو الفرج ابن الجوزي في (التبصرة):

لما كان الغضبان يحمر وجهه عند الغضب، فيستدل بذلك على غضبه وانه امارة السخط، والحق سبحانه ليس بجسم فأظهر تأثير غضبه على من قتل الحسين بحمرة الافق وذلك دليل على عظم الجناية.

والى قتل الحسين عليه السلام و حمرة السماء يشير أبو العلاء المعري في قصيدة اولها:

ادب الطف ـ الجزء الاول 33

عللاني فان بيض الامان      فنيت والظلام ليس بفان

الى ان يقول فيها:

وعلى الدهر من دماء الشهـ    ـيدين علي و نجله شاهدان

فهما فـي اواخر الليل فجـ     ـران وفي أولياته شفقـان

ثبتا في قيمصه ليجيء الـ      ـحشر مستعدياً الى الرحمن

ومن لطيف الاستنتاج ما أنشدنيه الشيخ عبد الحسين الحويزي لنفسه:

كل شيء في عالم الكون أرخى      عـينه  بـالدموع يبكي iiحسينا
نُـزًه الله عـن بًـكاء، iiوعلي      قـد  بـكاه - وكـان لله iiعينا

روي ان ام سلمة سمعت هاتفا يقول كما روى الطبري في ج6 ص 269، وابن الاثير في ج4 ص40:

أيـها  القاتلون جهلا iiحسينا      ابـشروا  بالعذاب iiوالتنكيل
قد لعنتم على لسان ابن داود      ومـوسى وصاحب الانجيل

وروى ابن قولويه في الكامل، انهم كانوا يسمعون نوح الجن في الليالي التي قتل فيها الحسين عليه السلام فمن شعرهم:

ابكي ابن فاطمة الذي     من قتله شاب الشعر

ولقـتله زلـزلـتموا     ولقتله انخسف القمر

ومن نوحهم ما رواه هو و غيره:

نـساء الـجن يبكين      مـن الحزن iiشجيات
ويـلـطمن iiخـدوداً      كـالدنانير  iiنـقيات
ويلبسن الثياب iiالسود      بـعـد  الـقصبيات
ويـسـعدن  بـنوح      لـلنساء  iiالهاشميات
ويـنـدبن  iiحـسينا      عظمت تلك الرزيات

ادب الطف ـ الجزء الاول 34

ومن نوحهم ما رواه الشيخ المفيد رحمه الله عن رجل من بني تميم قال كنت جالسا بالرابية و معي صاحب لي فسمعنا هاتفا يقول :

والله  مـا جئتكم حتى بصرت به      بـالطف مـنعفر الخدين iiمنحورا
وحـوله  فـتية تـدمى iiنـحوره      مثل المصابيح يملون الدجى iiنورا
لـقد حثثت قلوصي كي iiأصادفهم      من قبل، كيما ألاقي الخرّد الحورا
فـعـاقني قــدر والله بـالـغة      فـكان امـرا قـضاه الله iiمقدورا
كـان الحسين سراجا يستضاء iiبه      الله يـعلم انـي لـم اقـل iiزورا

فقلت من أنت يرحمك الله، قال وليٌ من جن نصيبين أردت أنا و أبي نصرة الحسين ومواساته فانصرفنا من الحج فرأيناه قتيلا.

وذكر ابن نما رحمه الله عن أبي حباب الكلبي قال: لما قتل الحسين(ع) ناحت عليه الجن فكان الجصاصون يخرجون بالليل الى الجبانة فيسمعون الجن يقولون:

مسح الحـسين جبينه      فله بريق في الخدود

وأبوه من أعلى قريش     وجده خير الجـدود

وناحت عليه الجن فقالت:

لمن الأبيات بالطف على كره بنينا      تلك  ابيات الحسين يتجاوبن iiرنينا

ادب الطف ـ الجزء الاول 35

قال السيد الامين في الاعيان: و الشك في ذلك ينبغي له التشكيك في قوله تعالى:«قل أوحي اليً انه استمع نفر من الجن».

وروى ان القوم لما ساروا برأس الحسين و بسباياه نزلوا في بعض المنازل ووضعوا الرأس المطهر فلم يشعروا الا وقد ظهر قلم حديد من الحائط و كتب بالدم:

 أترجوا امة قتلت حسينا     شفاعة جده يوم الحساب

كذا في مجمع الزوائد لابن حجر ج9ص199، و الخصائص للسيوطي ج2ص127، وتاريخ ابن عساكر ج4 ص342، والصواعق المحرقة ص116 والكواكب الدرية ج1 ص57 ، والاتحاف بحب الاشراف ص 23، وفي تاريخ القرماني ص108 وصلوا الى دير في الطريق فنزلوا فيه ليقيلوا به فوجدوا مكتوبا على بعض جدرانه هذا البيت:

ومن ألوان الرثاء على الحسين ما رواه الشيخ يوسف البحراني عن زهر الربيع قال: ذكر بهاء المللة و الدين أن أباه الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي دخل مسجد الكوفة فوجد حجراً احمرا مكتوبا فيه:

أنا در من الـسماء نـثروني      يوم تزويج والد السبـطين

كنت أصفى من اللجين بياضاً      صبغتني دماء نحرالحسين

كذا في الكشكول للشيخ يوسف البحراني ص17 عن كشكول الشيخ البهائي.

وما رواه السيد ابن طاووس أن الحسين عليه السلام لما نزل الخزيمية (1)أقام بها يوما وليلة فلما اصبح اقبلت اليه اخته زينب فقالت : يا اخي أأخبرك بشيء سمعته البارحة، فقال الحسين (ع) و ما ذاك، فقالت خرجت

(1) الخزيمية بضم اوله وفتح ثانيه. تصغير خزم منسوبة الى خزيمة بن حازم وهو منزل من منازل الحج بعد الثعلبية من الكوفة.

ادب الطف ـ الجزء الاول 36

في بعض الليل لقضاء حاجة فسمع هاتفاً يهتف ويقول (1):

ألا يـاعين فـاحتفلي iiبـجهد      ومن يبكي على الشهداء بعدي
عـلى قـوم تـسوقهم iiالمنايا      بـمقدار  الـى انـجاز iiوعد

فقال لها الحسين (ع) يا اختاه كل الذي قضى فهو كائن (1):

(1) ولدت زينب الكبرى بعد الحسين (ع) في الخامس من شهر جمادي الاولى في السنة الخامسة من الهجرة وهي الملقبة بالصديقة الصغرى للفرق بينها وبين امها الصديقة الكبرى.
والقابها: عقيلة بني هاشم. عقيلة الطالبيين. الموثقة. العارفة. العالمة. والعقيلة في اللغة هي الكريمة في قومها والمخدرة في بيتها. وروت الحديث عن ابيها امير المؤمنين و عن امها فاطمة وروت خطبتها الشهيرة عنها.
ولدتها الزهراء سلام الله عليها بعد شقيقها الحسين بسنتين. وجاء في خيرات الحسان وغيره ان مجاعة اصابت المدينة فرحل عنها بأهله عبد الله بن جعفر الطيار الى ضيعة له في الشام و قد حمت زوجته زينب من وعثاء السفر او ذكريات احزان و اشجان من عهد سبي يزيد لآل رسول الله صلوات الله عليهم، ثم توفيت على اثرها في النصف من رجب سنة 65 ودفنت هناك حيث المزار المشهور المعمور ومنذ سنين لاتقل عن عشر والعمران قائم على قدم وساق والهدايا والنذور و التبرعات جارية.
وقد كتب على جبهة الباب الرئيسي:
ألا زر بقعة بالشام طابت     لزينب بضعة لابي تراب
فقل للمذنبين ان ادخلوها      تكونوا آمنين من العذاب
ولما اهدي القفص الفضي المذهب الذي يزن 12 طنا المحلى بالجواهر الكريمة النادرة نظم المرحوم الشيخ علي البازي مؤرخاً كما رواه لي هو:
هـذا ضريح زينب قف iiعنده      واسـتغفر  الله لـكل iiمـذنب
 ترى  الملا طرا واملاك iiالسما      ارخ ( وقوفاً في ضريح زينب)
ويقول الخطيب الشهير الشيخ قاسم الملا رحمه الله من قصيدة له عدد فيها كرامة الحوراء زينب:
لـمرقدها  بـالشام تروى iiثقاتها      وقـيل بـمصر ان هذا iiلاعجب
لـمرقده بـالشام دلـت iiخوارق      لها ينجلي من ظلمة الشك غيهب

ادب الطف ـ الجزء الاول 37

زيارة الحسين وفضلها

جاءت الروايات بأسانيدها الصحيحة عن النبي واهل البيت عليهم السلام في فضل زيارة الحسين وان الله عوض الحسين عن شهادته و تضحيته بان كان الشفاء في تربته والائمة من ذريته و استجابة الدعاء عند قبته، وان الله ينظر الى زوار قبر الحسين عشية عرفة قبل ان ينظر الى حجاج بيته الحرام. ذلك لان الحسين حفظ حرمة البيت الحرام.

فقد قال لابن عباس عندما خرج من مكة المكرمة قبل ان يتم حجه يابن عباس لو لم اخرج لهتكت حلمة البيت.

وجاء عن الامام الباقر(ع) ان الحسين قتل مظلوما فألى الله ان لايأتي قبر الحسين مظلوم الا تكفل برد مظلمته، وأن الحسين قتل مهموما حزينا كئيبا فألى الله ان لاياتي قبر الحسين مهموم الا فرج عنه. الى أمثال هذا كثير وكثير فقامت الشيعة بكل شوق تقصد قبر الحسين من البلدان النائية و الاقطار البعيدة ولا يصدها عن ذلك تعب ولا نصيب ولا خوف ولا خطر وتضحية بكل غال ورخيص في سبيل زيارة الحسين لتقف في مرقده المطهر و تستوحي من روحانية ابي الشهداء دروس العزة والتضحية ولتراجع بذنب مغفور و طرف مقرور، و من اعظم المواسم التي تقصدها الشيعة - كما ارشد أئمتهم هي ليلة عاشوراء والتي في صبيحتها كان استشهاد الحسين عليه السلام. و الكثير من الشيعة يحيى هذه الليلة بالدعاء واقامة العزاء وتلاوة مقتل الطف والبكاء لان الحسين عليه السلام أحياها بالصلاة والاستغفار وقراءة القرآن هو وأصحابه كما جاء في الرواية: بات الحسين وأصحابه ليلة العاشر من المحرم ولهم دوي كدوي النحل من التهجد و التضرع و الدعاء والاستغفار، فقال فيهم شاعرهم:

سمة العبيد من الخشوع عليهـم       لله ان ضمّتهـم الأسحـار

واذا ترجلت الضحى شهدت لهم          يبض القواضب أنهم احرار

ادب الطف ـ الجزء الاول 38

كربلاء

في

يوم عاشوراء

كلما عاد شهر محرم الحرام عادت معه ذكرى ابي الشهداء وشهيد الاباء ابي عبد الله الحسين عليه السلام. عادت حافلة بالعَبرة والعِبرة وعادت الذكرى للحادثة الدامية فما من بقعة من بقاع الارض وفيها شيعة لأهل البيت، إلا وأقيمت ذكرى الحسين(ع) وانتصب منبر الحسين وعزاء الحسين(ع).

أما كربلاء - بلد الحسين ومحل استشهاده و مصرعه - فانها تلبس الحداد و تتجلبب بالسواد و تحمل شارات الحزن فلا تجد مكانا ولا محلا ولا مخزنا ولا مسجدا الا وعليه شعار الحسين ويجتمع الناس و تغص كربلاء بالوفاد من جميع الاقطار الاسلامية فليس هناك منظر اعظم من ذلك المنظر في اللوعة والتفجع وتتوالى المواكب والاجتماعات فكل موكب يمثل بلدا من البلدان يحمل شعاره ويردد أناشيد الحزن ووالعزاء. فهذا موكب شباب الكاظمية في ليلة عاشوراء يحف بالراية العراقية ويشق

ادب الطف ـ الجزء الاول 39

طريقه الى حرم الامام الحسين (ع) تتقدمه المشاعل الكهربائية والاعلام الحسينية وتتعالى نغمات الأناشيد قائلة:

أيها الذائد عن شرع الهدى      أنت رمز للمعالي iiياحسين
يومك السامي سيبقى iiخالدا      أبـدا  الدهر يهز الخافقين

وذاك موكب قضاء(بلد) قد كتب على الراية بحروف بارزة:

رزء الحسين السبط عم الورى     ما بـلد اولى بـه من(بلـد)

ويتلوه قضاء(القورنة) قد كتب على الراية:

مـن  بلد (القرنة) جاءت iiلكم      شـيعتكم  تـسعى الى iiنينوى
إن  طــاح بـالطف لـواك        فقد جاءت لكم ترفع هذا اللوى

وهذا موكب بغداد يكتب على قطعة قماش:

صرخ النادبون باسم ابن طه      وعليه  لم تحبس الدمع iiعين
لم  يصيبوا الحسين الا iiفقيدا      حـينما أرخوه(أين iiالحسين)

ويمر موكب النجف الاشرف وهو أضخم موكب يكون ليلة عاشوراء مجلل بالوقار اذ يتقدمه الروحانيون بعمائمهم وشعاراتهم الدينية ويتوسطهم علم الحسين قد كتب عليه:

سـيكون الـدم الزكي iiلواء      لـشعوب تـحاول iiاستقلالا
 ينبت المجد في ظلال البنود       الحمر يهوى نسيجها iiسريالا

وهذا الصحن الحسيني على سعته يغص بالناس وفي الجهة الجنوبية الشرقية من الصحن الحسيني خزان ماء مبرد قد أسسته والدة السلطان عبد الحميد العثماني وعليه تاريخ التأسيس سنة 1281 هـ ببيت من الشعر

ادب الطف ـ الجزء الاول 40

سلسبـيل قد أتى تاريخه      اشرب الماء ولاتنس الحسين

وتملكك الروعة عندما تشاهد الصحن وروعته وقد كتب القرآن على جوانبه بخطوط بارزة تقرأجلية بالرغم من ارتفاع جدران الصحن حوالي 15 متر، وأول ما تشاهده في وسط الصحن هو الإيوان الذهبي بجدرانه الذهبية المشعة وابواب الحرم الحسيني ا لذهبية وقد كتب عليها بالذهب الخالص:

فداء لمثواك من مضجع

وهي قصيدة من أروع الشعر لشاعر العرب - اليوم - الأستاذ محمد مهدي الجواهري، وقصيدة الشاعر الكبير المرحوم السيد حيدر الحلي ومنها:

ياتربة الطف المقدسة التي      هالوا على ابن محمد بوغائها

إلى غير ذلك من القطع الشعرية التي تزدان بها جدران الحرم الحسيني المقدس.

ادب الطف ـ الجزء الاول 41

اربعين الحسين(ع)

في كربلاء

يوم أربعين الحسين عليه السلام وهو يوم العشرين من صفر من أضخم المؤتمرات الاسلامية يجتمع الناس فيه كاجتماعهم في مكة المكرمة تلتقي هناك سائر الفئات من مختلف العناصر ويعتنق شمال العراق بجنوبه والوفود من بعض الاقطار الاسلامية فهذا الموكب يردد انشودته باللغة العربية، و ذلك باللغة التركية، وثالث باللغة الفارسية ، و رابع باللغة الاوردية وهكذا.

ولست مبالغا اذا قلت ان هذا الموسم يجمع اكثر من مليون نسمة جاءت لاحياء ذكرى الاربعين او لزيارة (مردّ الرأس) إذ ان الروايات تقول ان راس الحسين عليه السلام اعيد الى الجسد الشريف بعد اربيعن يوما من استشهاده. جاء زين العابدين علي بن الحسين و الفواطم معه ومعهم الرأس الشريف وبقية الرؤوس ومنه زيارة الاربعين.

ان هذه المواكب من سائر الاقطار ومختلف البلدان تؤم كربلاء وقد سجلت ادارة السلطة المحلية اكثر من 300 موكب اكثرها يضرب

ادب الطف ـ الجزء الاول 42

الخيام حوالي كربلاء والبعض يحجز المحلات الكبيرة و تستهلك كربلاء في هذا الموسم من الرز ما لا يقل عن مائة طن و كل موكب له منادون يدعون الناس الى المائدة وتناول الطعام باسم الحسين.

وتتخلل هذا الموسم زيارات التعارف بين المواكب وتبادل العواطف و تقديم التمنيات والتحيات وعظيم الاجر يوم الحشر، ان الآلاف من الناس يقومون بالخدمة لهؤلاء الزوار و يسخون بانفسه من اجل راحة الزائرين فالبعض بسقي الماء المعطر والمذاب فيه السكر، والبعض برش ماء الورد، والبعض بالتهوية بالمراوح اليدويةوهكذا.

الامام الحسين(ع)

ولد الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام بالمدينة لثلاث او لخمس خلون من شعبان سنة اربع من الهجرة. وجاءت به امة فاطمة (ع) الى جده (ص) فاستبشر به وسماه حسينا و عق عنه كبشا. ويكنى ابا عبد الله وهو وأخوه سيدا شباب اهل الجنة بشهادة الرسول (ص) . وبالاسناد الى سلمان الفارسي (رض) قال سمعت الرسول(ص) يقول في الحسن والحسين عليهما السلام:(اللهم اني احبهما واحب من يحبهما) وقال(ص):( ان ابني هذين ريحانتي في الدنيا). وحسبهما كرامة لايشاركان فيها، انها هما المرادان في الابناء في آية المباهلة. وانهما من اهل العباء الذين لا يدرك امد فضهلم، وممن نزل به قوله تعالى« ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما و أسيرا - الى ، وجزاهم جنة وحريرا». وانهما من القربى . وممن نزلت بهم آية التطهير . وما الى ذلك من المناقب . وقد استفاضت أخبارها و ملأت الدفاتر.

وهو الامام بعد اخيه بنص ابيه و تصريح جده (ص) فيه وفي اخيه مما

43

هو نص جلي على امامتهما بقوله(ابناي هذان امامان قاما او قعدا) و بوصية اخيه الحسن صلوات الله عليه فامامته بما ذكر وبكثير من الدلائل ثابته. وطاعته لازمة. وما كف عن المطالبة بها بعد وفاة اخيه الا وفاء بالهدنة المعقودة بين اخيه و بين معاوية. ولما كتب له اهل العراق بعد وفاة اخيه بخلع معاوية والبيعة له امتنع عليهم وذكر ان بينه وبين معاوية عهدا وعقدا لايجوز له نقضه حتى تمضي المدة. ولما انقضت بمهلكه مدة الهدنة اظهر امره بحسب الامكان وأبان عن حقه للجاهلين به حالا بعد حال الى ان اجتمع له في الظاهر الانصار فدعا الى الجهاد و شمًر للقتال وتوجه بولده واهل بيته من حرم الله وحرم رسوله (ص) نحو العراق للاستنصار بمن دعاه من شيعته على الاعداء. وقدم امامه ابن عمه مسلم بن عقيل (رض) للدعوة الى الله والبيعة له على الجهاد فبايعة اهل الكوفة على ذلك وعاهدوه وضمنوا له النصرة والنصيحة. ووثقوا له في ذلك وعاقدوه. ولكن سرعان ان نكثوا بيعته وخذلوه . وأسلموه فقتل بينهم ولم يمنعوه وخرجوا الى حرب الحسين(ع) وقد اجاب دعوته التي تواترت عليه بها كتبهم فحاصروه ومنعوه المسير الى بلاد الله واضطروه الى حيث لا يجد ناصرا و لا مهربا منهم وحالوا بينه و بين ماء الفرات حتى تمكنوا منه فقتلوه فمضى (ع) ظمآن مجاهدا صابرا محتسبا مظلوما قد نكثت بيعته واستحلت حرمته، ولم يوف له بعهد، ولارعيت فيه ذمّة عقد. شهيدا على ما مضى عليه ابوه واخوه وقد قتل معه ولده واهل بيته وسير برأسه ورؤوس رهط من اصحابه وأبنائه سبايا الى الشام وجرى عليه وعلى اهل بيته من بعده من الفظائع ماهو مسطور ومشهور.

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث