ادب الطف ـ الجزء الاول 155
شعراء الحسين عليه السلام
في القرن الثاني الهجري
ادب الطف ـ الجزء الاول 156
ادب الطف ـ الجزء الاول 157
1- سكينة بنت الحسين(ع) 2- فاطمة بنت الحسين (ع) 3- سفيان بن مصعب العبيدي 4- الكميت الأسدي 5- جعفر بن عفان الطائي 6- سيف بن عميرة 7- اسماعيل الحميري 8- منصور النمري 9- محمد بن ادريس الشافعي 10- الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن امير المؤمنين 11- النجاشي 12ـ عبدالله بن غالب
13ـ ابو هارون المكفوف 14ـ
زينب الكبرى بنت علي (ع) 15ـ
علي بن الحسين السجاد(ع)
ادب الطف ـ الجزء الاول 158
1 ـ سكينة بنت الحسين(ع)
لاتعذلـيه فهـم قاطـع طرقـه فعـيـنه بدمـوع ذُرّف غدقــه
ان الحسين غداة الطف يرشـقه ريب المنون فما أن يخطىء الحدقه
بكـف شـر عبـاد الله كلـهم نسل البغـايا وجيش المرق الفسقه
يا امة السوء هاتوا ما احتجاجكم غدا و جلـكم بالسـيف قد صـفقه
الويل حل بكـم الا بمـن لحقه صيرتمـوه لأرمـاح الـعدى درقه
ياعين فاحتفلي طول الحياة دما لا تبـك ولدا ولا أهلا و لا رفـقه
لكن على ابن رسول الله فانسكبي قيحا و دمعا و أثريـهـما العلـقه
رواها الزجاج عبد الرحمن بن اسحق في الأمالي طبعة 1324 ص111. قال انشدنا ابو بكر بن
دريد عن ابي حاتم سهل بن محمد السجستاني لسكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب
عليهم السلام.
ادب الطف ـ الجزء الاول 159
كانت السيدة سكينة سيدة نساء عصرها و اوقرهن ذكاء و عقلا و ادبا و عفة، و كانت تزين
مجالس نساء اهل المدينة بعلمها و أدبها و تقواها، و كان منزلها بمثابة ندوة لتعليم
العلم و الفقه و الحديث.
ولدت الرباب: سكينة وعبد الله . فأما عبد الله فقد قتل رضيعا في حجر ابيه يوم
عاشوراء و ذلك لما قتل اهل بيته وصحبه و بقي وحده.
وأما سكينة فقد روى الشيخ عباس القمي في ( نفس المهموم) أن اسمها آمنة وقيل أمينة
وانما امها الرباب لقبتها بسكينة كما ذكر ابن خلكان في ترجمتها ذلك في وفيات
الاعيان و كذا في شذرات الذهب في ج1ص154 ونور الابصار ص157 ويظهر ان امها انما
اعطتها هذا اللقب لسكوت ها و هدوئها. و على ذلك فالمناسب فتح السين المهملة و كسر
الكاف التي بعدها، لا كما يجري على الالسن من ضم السين و فتح الكاف.
والمحكي عن شرح أسماء رجال المشكاة انه مصغر بضم السين و فتح الكاف. و مثله
القاموس. قال البحاثة السيد عبد الرزاق المقرم في كتابه(سكينة بنت الحسين):
ولم يتضح لنا سنة ولادتها و لا مقدار عمرها كماصح لنا ولادتها في المدينة ووفاتها
فيها كمافي تهذيب الاسماء للنووي ج1ص263، ومعارف ابن قتيبة و تذكرة الخواص وابن
خلكان بترجمتها.
قال السيد الامين في (الاعيان) عن ابن خلكان: توفيت السيدة سكينة بالمدينة يوم
الخميس لخمس خلون من شهر ربيعة الاول سنة117هـ سنة سبع عشرة و مائة بعد الهجرة.
وقال: كانت سيدة نساء عصرها و من اجمل النساء ، و عمرها على ما قيل خمس و سبعون
سنة، فعلى هذا كان لها بالطف تسعة عشر سنة.
ادب الطف ـ الجزء الاول 160
وقال سبط ابن الجوزي ماتت فاطمة بنت الحسين واختها سكينة في سنة واحدة وهي سنة مائة
وسبعة عشر بعد الهجرة.
روى الصبان في اسعاف الراغبين ان الحسن المثنى بن الحسن بن اميرالمؤمنين(ع) اتى عمه
الحسين يخطب احدى ابنتيه. فاطمة وسكينة فقال له أبا عبد الله : اختار لك فاطمة فهي
اكثر شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله (ص)، أما في الدين فتقوم الليل كله و تصوم
النهار كله، وفي الجمال تشبه الحور العين.
واما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله فلا تصلح لرجل، أقول هذه شهادة من الامام
أبي عبد الله في تقوى هذه، السيدة المصونة وأنها منقطعة الى الطاعة و العبادة
فكأنها لا تأنس بغيرها و هذا مما زاد في محلها من قلب أبيها الحسين امام عصره حتى
استحقت أن يضعها المعصوم بخيرة النساء و ذلك لما ودع الامام عيالاته يوم عاشوراء
أجلس سكينة وهو يمسح على رأسها ويقول:
لاتحرقي قلبي بدمعك حسرة ما دام مني الروح في
جثماني
فإذا قتلت فأنت أولى بـالذي تأتيـنه يا خـيرة النــسوان
أيليق بهذه المصونة الجليلة والحرة النبيلة أن تجالس الشعراء وينشدونها الأشعار كما
روى ذلك ابو الفرج المرواني في الأغاني و روايته عن آل الزبير وعداوة آل الزبير لآل
النبي مشهورة مذكورة.
سكينة بنت الحسين التي نشأت في حضن الرسالة و درجت في حجر الامامة بنت الحسين سيد
أهل الإباء، وعاشت بجنب عمتها و سيدتها العظيمة الحوراء زينب بنت امير المؤمنين (ع)
و بجوار اخيها السجاد زين العابدين، تحوطها هالة من أنوار الميامين الأبرار ومن
سادات بني هاشم الكرام، ان من يتربى و يترعرع في مدرسة الرسالة ادب الطف ـ الجزء
الاول 161
المحمدية و يتفقه بفقه القرآن و يتأدب بالأدب العلوي العالي و يتهذب بالتربية
الحسينية الرفيعة مثل السيدة سكينة لا يمكن أن ترضى لنفسها أو تسمح لصواحبها
وأترابها من نسوة المدينة من أهل الشرف بالاجتماع مع الرجال الاجانب مهما كانوا وهي
من بيت أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.
أيصح أن تقوم خيرة النساء في عصرها - كما يقول سيد الشهداء - وهي ترى أخاها السجاد
عليه السلام يغمى عليه بين حين وآخر و يعقد المجالس للنياحة على أبيه الشهيد و
الثواكل من نساء بني هاشم يندبن قتلاهن ثم تعقد هي مجلس السمر مع الشعراء.
كتب العلامة السيد عبد الرزاق المقرم و دافع عن كرامة بنت الحسين وأعقبه المحقق
الاستاذ توفيق الفكيكي فأجاد وأفاد واستهل كتابه بهذا البيت - وهو للسيد الشريف
الرضي:
وقد نقلوا عني الذي لم أفه به وما آفه الاخبار الا رواتها
وجاء بقصيدة عمر بن أبي ربيعة التي قالها سعدى بنت عبد الرحمن بن عوف و اولها:
قالت
سكينة والدموع ذوارف تجري على الخدين والجلباب
وذكر عدة مصادر منها ما حققه المحقق العلامة الشنقيطي في شرح أمالي الزجاج كما
أوردها صاحب الاغاني ايضا: قالت سعيدة و الدموع ذوارف، و استدل بمصادر عديدة منها
الحصري في( زهر الآداب) كما انها في ديوان عمر بن أبي ربيعة هكذا: قالت سعيدة و
الدموع ذوارف.
وان لعمر بن أبي ربيغة شعرا كثيرا في (سعدى) يورده صاحب
ادب الطف ـ الجزء الاول 162
الاغاني، ثم روى ايضا عن حماد بن اسحاق الموصلي و معجم الادباء و شارح ديوان عمر بن
أبي ربيعة و كلها تؤيد ما يقول و تصرح بأن هذا الشعر ليس في سكينة، وان هذه الرواية
المدسوسة التي يرويها القالي عن استاذه الزجاج و هذا عن شيخه المبرد رواها عن
القصاصين والمغنين الذين عاشوا على موائد البلاط الأموي.
قال: و هناك أهم من هذا كله - وهو العنصر السياسي فانه كان العامل المهم في هذا
التغيير خاصة اذا ما علمنا ان الشيخ القالي اموي الفكرة و ان جده سلمان كان مولى
الى عبد الملك بن مروان، وقد عاش بقية حياته في كنف الخليفة الاموي عبد الرحمن
الناصر و ابنه الحكم في الاندلس، وكان من مقتضى السياسة الاموية في الشرق والغرب و
من مصلحتها أن تذيع هذه القصيدة و امثالها على لسان المغنين و المغنيات والقصاصين
باسم(سكينة) بنت الحسين، و مما يؤيد ذلك استنكار الرشيد وغضبه على اسحاق الموصلي
عندما غنى بين يديه بما حفظه عن المغنين: قالت سكينة و الدموع ذوارف، و قوله: الا
تحتفظ في غنائك و تدري ما يخرج من رأسك انتهى. (1)
ويأتي سؤال هل تزوجت سكينة بن الحسين؟ وبمن تزوجت؟ نقول أن علماء النسب و التاريخ
يذكرون ان سكينة تزوجت بعبد الله الاكبر بن الامام الحسن السبط وهو أخو القاسم،
وامهما رملة. استشهد يوم الطف قبل القاسم، ومن هؤلاء الأعلام النسابة ابو الحسن
العمري في القرن السادس في كتابه(المجدي) وابو علي الطبرسي صاحب مجمع
(1) كتب القانوني البارع الاستاذ توفيق الفكيكي كتابا عن حياة السيدة سكينة بنت
الحسين(ع) و كان هذا الكتاب الحلقة الخامسة من سلسلة حديث الشهر التي اصدرها
العلامة البارع الشيخ عبد الله السبيتي.
ادب الطف ـ الجزء الاول 163
البيان في اعلام الورى ص127 عند ذكر اولاد الحسن، و الشيخ محمد الصبان في اسعاف
الراغبين على هامش نور الابصار ص202، و روى الشيخ عباس القمي في سفينة البحار عن
اعلام الورى في ذكر اولاد الحسين بن علي(ع): و كان عبد الله بن الحسن قد زوجه
الحسين ابنته سكينة فقتل قبل أن يبنى بها.
بعض ما جاء في فضلها :
1- روى ابن الفرج ان سكينة بنت الحسين(ع) كانت في مأتم فيه بنت لعثمان فقال بنت
عثمان: أنا بنت الشهيد، فسكتت سكينة فقال المؤذن : أشهد ان محمد رسول الله. قال
سكينة هذا أبي او أبوك، فقالت العثمانية: لا أفخر عليكم أبدا.
2- وروى سبط ابن الجوزي عن سفيان الثوري قال: أراد علي بن الحسين الخروج الى الحج
او العمرة فاتخذت له اخته سكينة بنت الحسين سفرة طعام أنفقت عليها الف درهم وأرسلت
بها اليه، فلما كان يظهر الحرّة أمر بها ففرقت في الفقراء والمساكين.
3- وفي تاريخ ابن خلكان: ان سكينة سيدة نساء عصرها.
4- وقال مؤرخ دمشق شمس الدين محمد بن طولون في كتابه (الأئمة الاثنا عشر) قدمت
سكينة دمشق مع اهلها ثم خرجت الى المدينة. و كانت من سادات النساء واهل الجود وا
لفضل رضي الله عنها و عن ابيها.
ادب الطف ـ الجزء الاول 164
2- فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب(ع)
قالت تنعي أباها:
نـعق الـغراب فقلت iiمن تـنعاه و يـحك يا غراب قـال: الإمـام فـقلت iiمن قـال: الـموفق iiللصواب قـلت: الـحسين، فقال iiلي بـمقال مـحزون iiأجـاب ان الـحـسين iiبـكربلاء بـين الأسـنة و iiالحراب أبـكي الـحسين iiبـعبرة تـرضى الإله مع iiالثواب ثـم اسـتقلت بـه iiالجناح قـلم يـطق رد iiالـجواب فـبكيت مـما حـل iiبـي بعد الرضى المستجاب (1)
(1) الدر المنثور في طبقات ربات الخدور. قالت: وقيل أن هذه الابيات لفاطمة الصغرى
وأنها تخلفت بالمدينة.
ادب الطف ـ الجزء الاول 165
فاطمة بنت الحسين - امها ام اسحاق بنت طلحة بن عبيد الله وكانت عند الحسن بن علي(ع)
وقد كانت قد ولدت من الحسن طلحة وقد درح ولا عقب له. كذا قال ابو الفرج. ثم تزوجها
الحسين بوصية من اخيه الحسن فولدت له فاطمة تزوج بها الحسن المثنى بن الحسن بن امير
المؤمنين. روى الصبان في اسعاف الراغبين : ان الحسن المثنى بن الحسن أتى عمه أبا
عبد الله الحسين يخطب احدى ابنتيه: فاطمة و سكينة، فقال له أبو عبد الله (ع) أختار
لك فاطمة، فهي أكثر شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله (ص)، أما في اردين فتقوم الليل
كله و تصوم النهار، وأما في الجمال تشبه الحور العين، و أما سكينة فغالب عليها
الاستغراق مع الله تعالى فلا تصلح لرجل.
جاء في الدر المنثور:
ولما مات الحسن المثنى خرجت زوجته فاطمة بنت الحسين(ع) على قبره فصطاطا، وكانت تقوم
الليل وتصوم النهار، فلما كان رأس السنة قالت لمواليها: اذا أظلم الليل فقوّضوا هذا
الفصطاط، فلما أظلم الليل وقوّضوه سمعت قائلا يقول: هل وجدوا ما فقدوا. فأجابه اخر:
بل يئسوا فانقلبوا.
قالت: و كانت فاطمة كريمة الاخلاق حسنة الاعراق، وكانت فاطمة اكبر سنا من اختها
سكينة و ترى انها مدفونة في مصر خلف الدرب الاحمر في زقاق يعرف بزقاق فاطمة النبوية
في مسجد جليل ومقامها عظيم وعليه المهابة والجلال.
وبأعلى القبر لوح من الرخام منقوش عليه بخط بديع:
ادب الطف ـ الجزء الاول 166
اسكنت من كان في الاحشاء مسكنه بالرغم مني بين الترب والحجـر
ياقبر فاطـمة بنـت ابن فـاطـمة بنت الأئمة بنـت الأنـجم الزهر
ياقبر مافيـك من دين ومـن ورع ومن عفاف و من صون ومن خفر
وتقول المؤلفة ان وفاتها كانت سنة عشر و مائة للهجرة:
قال الشيخ عباس القمي في كتابه(نفس المهموم) : توفيت فاطمة بنت الحسين في السنة
التي توفيت بها اختها سكينة بنت الحسين وهي سنة سبع عشر بعد المائة من الهجرة
بالمدينة.
اولادها :
1- عبد الله المحض وانما سمي بالمحض لانه اجتمعت عليه ولادة الحسن و الحسين وكان
يشبه برسول الله(ص) وهو شيخ بني هاشم في عصره و كان يتولى صدقات امير المؤمنين
علي(ع) . وقيل له: بم صرتم أفضل الناس؟ فقال: لأن الناس كلهم يتمنون أن يكونوا منا
ولا نتمنى ان نكون من احد.
وكان من شعره:
بيض حرائر ما هممن بريبة كضباء مكة صيدهن حرام
يحسبن من لين الكلام زوانيا ويصدهن عن الخنا الاسلام
مات في حبس المنصور الدوانيقي بالهاشمية يوم عيد الاضحى سنة خمس واربعين ومائة وصلى
عليه اخوه الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وله من العمر
خمس و سبعون سنة، وله
ادب الطف ـ الجزء الاول 167
من الاولاد محمد ذو النفس الزكية، وابراهيم باخمرا من أبطال الهاشميين.
1- ابراهيم الغمر.
2- الحسن المثلث.
وكل من هؤلاء له عقب و كلهم ماتوا في حبس المنصور الدوانيقي لماحج المنصور ايام
ولايته سنة 45 من الهجرة ودخل المدينة جمع بني الحسن فكانوا اكثر من عشرين رجلا و
قيدهم بالحديد وقال لعبد الله المحض اين الفاسقان الكذابان_يعني ولديه محمد
وابراهيم_قال: لا علم لي بهما، فاسمعه كلاما بذيئا ثم اوقفه و اخوته و عامة بني
الحسن في الشمس مكشوفة رؤوسهم وركب هو في محمل مغطى فناداه عبد الله المحض: ياامير
أهكذا - فعلنا بكم يوم بدر - يشير الى صنع النبي (ص) بالعباس حين بات يأن، قيل له :
ما لك يا رسول الله لا تنام، قال: كيف انام و أنا أسمع أنين عمي العباس في الوثاق.
قالوا : وكانت طفلة لعبد الله المحض اسمها فاطمة قد وقفت على الطريق لما مر محمل
المنصور وقالت يا أمير المؤمنين، فالتفت اليها المنصور فأنشأت تقول:
ارحم كبيرا
سنـه منـهـدما في السجن بين سلاسل و قيود
ان جدت بالرحم القريبة بيننا ما جدّنا مـن جـدّكـم ببـيعد
فلم يلتفت اليها، و جاء ببني الحسن الى الهاشمية وحبسهم في محبس تحت الارض كانوا لا
يعرفون ليلا و لا نهارا، و من أجل معرفة أوقات الصلاة فانهم جزؤوا القرآن وعند
انتهاء كل جزء يصلون وقتا من
ادب الطف ـ الجزء الاول 168
الاوقات . قال سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ولما حملوا من المدينة نظر اليهم ابن
ابي زناد السعدي فقال:
مـن لنفـس كـثيرة الاشفاق ولعين كثـيرة الاطـراق
لفراق الذين راحوا الى الموت عـيانا والموت مر المذاق
ثم ظـلـوا يسـلمون علـينا بأكف مشدودة في الوثـاق
قال: وحتى ماتوا في الحبس ويقال ان المنصور رد عليهم الحبس فماتوا.
ادب الطف ـ الجزء الاول 169
3 ـ سفيان بن مصعب العبدي
لـقد هد ركـني رزء آل محمد وتلك الرزايا و الخطوب عظام
وابكت جفوني بالفرات مصارع لآل النبي المصـطفى وعـظام
عظام باكـناف الفرات زكـية بـهن عـلينا حرمـة و ذمـام
فـكم حرة مـسبـية و يتـيمة وكم من كريـم قد علاه حـسام
لآل رسـول الله صلّت عليهـم ملائـكة بيـض الوجـوه كرام
فاطم اشجاني بنوك ذوو العـلى فـشبت وانـي صـادق لغـلام
وأضحيت لا ألتذ طيب معيشتي كـأن عـلي الـطـيبات حـرام
ولا البارد العذب الفرات اسيغه ولا ظل يهنـيني الغداة طـعـام
يقولون لي صبرا جميلا و سلوة ومالي الى الصبر الجمـيل مرام
فكيف اصطباري بعد آل محمد وفي القلب منـي لوعة وضـرام
ادب الطف ـ الجزء الاول 170
ابو محمد سفيان بن مصعب العبدي (1)الكوفي من شعراء اهل البيت عليه السلام، وقد اكثر
من شعره في مدح امير المؤمنين علي بن ابي طالب و ذريته وتفجع لمصابهم، ولم نجد في
غيرهم له شعر، توفي حدود سنة 120 بالكوفة. ويرى الشيخ الاميني انه بقي اكثر من ذلك
اي الى حدود سنة 178.
استنشده الامام الصادق في شعره كما في رواية ثقة الاسلام الكليني في روضة الكافي
باسناده عن أبي داود المسترق عنه قال: دخلت على ابي عبد الله عليه السلام فقال:
قولوا لأم فروة تجيء فتسمع ما صنع بجدها، قال فجاءت فقعدت خلف الستر ثم قال
فانشدنا، قال فقلت:
فرو جودي بدمعك المسكوب.
قال فصاحت و صحن النساء فقال ابو عبد الله عليه السلام: الباب. فاجتمع اهل المدينة
على الباب، قال فبعث اليهم ابو عبد الله صبي لنا غشي عليه فصحن النساء.
وفي رجال الشيخ ان الامام الصادق عليه السلام قال: يا معشر الشيعة علموا اولادكم
شعر العبدي فإنه على دين الله. وروى ابو الفرج في الاغاني ج7ص22 عن ابي داود المسترق سليمان بن سفيان ان السيد
الحميري والعبدي اجتمعا فانشد السيد:
إني أدين بما دان الوصي به يوم الخريبة
(2)من
قتل المحلينا
وبالذي دان يوم النهروان به وشاركت كـفه كـفي بصـفينا
(1) العبدي نسبة الى عبد القيس.
(2) الخريبة: موضع بالبصرة كانت به واقعة الجمل
ادب الطف ـ الجزء الاول 171
فقال له العبدي: أخطأت، لو شاركت كفك كفه كنت مثله، ولكن قل: وتابعت كفه كفي، لتكون
تابعا لا شريكا.
فكان السيد الحميري بعد ذلك يقول: انا اشعر الناس إلا العبدي اقول ووجدت قصيدة
لشاعرنا المترجم له في اعيان الشيعة جزء35 وهي من فاخر المدح وجيد النظم وهي كما
يقول السيد: من كنوز هذا الكتاب و قلما توجد في غيره فأجبت ان لا تخلو هذه الموسوعة
منها.
قصيدة سفيان بن مصعب العبدي:
هل في سؤالك رسم المنزل الحزب برء لقلـبك من داء الهوى
الـوصب
أم حره يوم وشـك البيـن ببـرده ما استحدرته النوى من دمعـك السرب
هيهات أن ينفد الوجـه المـثير له نأي الخلـيط الذي ولي فــلم يـؤب
يا رائدالحي حسب الحي ما ضمنت له المدامع من ماء و مـن عـشـب
ماخلت من قبل ان حالت نوى قذف أن الـعيون لهم أهمى من السـحـب
بانوا فكم أطلقـوا دمعا و كم أسروا لـبا وكم قطعوا لـلوصـل من سبب
من غادر لم أكـن يوما أسـر لـه غدرا وما الغدر من شأن الفتى العربي
ادب الطف ـ الجزء الاول 172
وحـافظ الـعهد يهدي صفحتي iiفرح لـلكاشحين و تخفي وجه مكتئب
(1) بـانـوا قـبابا وأحـبابا iiتـصونهم عـن الـنواظر أطراف القنا iiالسلب وخـلفوا عـاشقا مـلقى ربـى iiخلسا بـطرفه حـذر من يهوى فلم iiيصب الـقى الـنحول عـليه بـرده iiفـغدا كـأنه مـا نـسوا في الدار من iiطنب لـهفي لما استودعت تلك القباب iiوما حـجبن مـن قضب فيها و من كئب مـن كـل هيفاء اعطاف هظيم حشى لـعـشاء مـرتشف غـراة iiمـنتقب كـأنـما ثـغـرهاوهينا وريـقـتها ما ضمنت الكأس من راح و من حبب وفـي الـخدور بـدور لو برزن iiلنا بـردن كـل حـشى بـالوجد iiملتهب وفـي حـشاي غـليل بات iiيضرمه شـوق إلـى برد ذاك الظلم iiوالشنب يـا راقد اللوعة اهبب من كراك iiفقد بـان الـخليط ويا مضنى الغرام iiثبِ
(1) يعني انه يبدي الفرح للكاشحين عند فرحه ليغيظهم بذلك و يخفي عنهم الكآبة عند
حزنه لئلا يشمتوا به.
ادب الطف ـ الجزء الاول 173
أمـا وعـصر هوى ذب العزاء iiله ريـب الـمنون و غـالته يد iiالنوب لأشـرقن بـدمعي ان نـأت iiبـهم دار ولم أقص ما في النفس من iiأرب لـيس الـعجيب بأن لم يبق لي iiجلد لـكن بـقائي وقـد بانوا من العجب شـبت ابن عشرين عاماوالفراق iiله سهم متى ما يصب شمل الفتى iiيشب مـاهز عطفي من شوق الى iiوطني ولا اعتراني من وجدي ومن iiطرب مـثل اشـتياقي مـن بـعد ومنتزح مـن الـغري ومـا فيه من iiالحسب أذكـى ثرى ضم أزكى العالمين iiفذا خـير الـرجال وهذه أشرف iiالترب ان كـان عن ناظري بالغيب محتجبا فـانه عـن ضميري غير iiمحتجب مـرت عـليه ضروع المزن iiرائحة مـن الـجنوب فـروته من iiالحلب مـن كـل مـقربة اقـراب iiمرزمة ارزام صـاديـة الأزوار والـقرب يـقذ بـه حـر نـيران البروق وما لـهن تـحت سـجاليها مـن iiاللهب ادب الطف ـ الجزء الاول 174
حـتى تـرى الجلعد الكوماء رائحة مـمغوطة النسع ضمرا iiرخوةاللبب بل جاد ما ضم ذاك الترب من شرف مـزن الـمامع مـن جار و منسكب تـهفو اشـتياقا الـيه كـل iiجارحة مـني ولا مـثل ما تحتاج في رجب ولـو تـكون لـي الأقـدار iiمسعدة لـطاب لـي عنده بعدي و iiمقتربي يـا راكـبا جـسرة تطوى مناسمها مـلاءة الـبيد بـالتقريب iiوالـخبب هـوجاء لا يـطعم الانضاء غاربها مـسرى ولا تـتشكى مـؤلم iiالتعب تـقيد الـمغزل الادمـاء فـي صعد وتـطلح الـكاسر الفتخاء في iiصبب تـثنى الـرياح اذا مـرت iiبـغابتها حـسرى الطلائع بالغيطان والهضب بـلغ سـلامي قـبرا بالغرى iiحوى أوفـى البرية من عجم و من iiعرب واجـعل شـعارك لـله الخشوع iiبه ونـاد خـير وصي صنو خير iiنبي اسـمع أبـا حسن إن الاولى iiعدلوا عـن حـكمك انقلبوا عن iiخيرمنقلب |