ادب الطف

 
 

ادب الطف ـ الجزء الاول 199

وهـم  ألـوف وهـو في      سـبعين نـفس iiهـاشميه
فـلقوه  فـي خلف iiلأحمد      مـقـبلين مــن الـثنيه
مـسـتـيقنين  iiبـأنـهم      سـيقوا لأسـباب الـمنية
يـاعين  فـابكي iiماحييت      عـلى ذوي الـذمم iiالوفية
لا  عـذر في ترك iiالبكاء      دمـا و انـت بـه iiحريه

وقوله في الحسين عليه السلام يخاطب اصحابه:

لست أنساه حين أيقن بالموت     دعاه وقـام فيهـم خطـيبا

ثم قال ارجـعوا إلى أهلـكم      ليس سوائي أرى لهم مطلوبا

ادب الطف ـ الجزء الاول 200

الشاعر :

هو اسماعيل بن محمد ، كنيته ابو هاشم، المولود سنة 105 ، و المتوفي سنة 178 او 173 ببغداد ودفن بالجنينة ولد بعمان و نشأ بالبصرة، نظم فأكثر ، ذكر ابن المعتز في طبقات الشعراء أنه رؤي حمال في بغداد مثقل فسئل عن حمله فقال: ميميات السيد، وفي تذكرة ابن المعتز أنه كان للسيد أربع بنات كل واحدة منهن تحفظ أربعمائة قصيدة من قصائده ولم يترك فضيلة ولا منقبة لأمير المؤمنين إلا نظم فيها شعرا على أن فضائله(ع) لا يحيط بها نطاق النظم والنثر، ومما دل على إخلاصه قوله:

أيا رب إني لم أرد بالذي به      مدحت عليا غير وجهك فارحم

ومن شعره:

واذا الرجال توسلوا بوسيلة      فوسيلتي حبّي لآل محمد

وجده يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري هجا زيادا وآل زياد بأقذع الهجاء كما تقدم في ترجمه فهو قد ورث الشعر و الصلابة عن جده.

وللسيد مناظرات و محاججات مع القاضي سزار و غيره. و كان اذا جلس في مجلس لا يدع أحدا يتكلم إلا بفضائل آل بيت النبي(ص) فجلس يوما في مجلس من مجالس البصرة فخاض الناس في ذكر النخل و الزرع فغضب السيد وقام فقيل له: مم القيام يا أبا هاشم فأنشد:

إني لأكره أن أطيل بمجلس     لا ذكر فيه لآل بـيت محـمد

لا ذكر فيه لأحـمد ووصيه     وبنيه ذلك مجلس قصف ردي

إن الذي ينساهم في مجلس      حـتى يفارقه لـغيـر مـسدد

ادب الطف ـ الجزء الاول 201

وذكره ابن شهر آشوب في شعراء أهل البيت المجاهرين، اسنتفد شعره في معنى واحد و هو مدح اهل البيت ولم يترك منقبة لأمير المؤمنين عليه السلام إلا نظم فيها شعراً. ومن شعره:

جعلت آل الرسول لي سبباً     أرجو نجاتي به من الـعطب

على مَ الحى على مودة من      جعلتـهم عـدة لـمنـقلـبي

لو لم أكن قائلا بحبــهم       أشفقت من بعضهم على نسبي

قال الشيخ الاميني أومىء الى الحديث المشهور بحديث الخيمة الذي يرويه الخليفة ابوبكر فيما يوثر عنه قال: رأيت رسول الله في خيمته متكئ على قوس عربية وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين فقال: يامعشر المسلمين إني سلم لمن سالم اهل الخيمة، حرب لمن حاربهم، ولي لمن والاهم ، لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد، ولا يبغضهم إلا شقي الجد رديء الولادة.

وقال الأمير سيف الدولة:

حب علي ابـن ابي طالب     للناس مقياس ومـعيار

يخرج ما في أصلهم مثلما      يخرج غش الذهب النار

وقال عبد الله بن المعتز:

من رام هجو علي     فشعره قد هجـاه

لـو أنه لأبــيه     ما كان يهجو أباهُ

وقال صفي الدين الحلي:

أمـير المؤمنـين أراك لما     ذكرتك عند ذي نسب صفالي

وان كررت ذكرك عند نغل      تكـدّر صـفوه و بغا قتالي

ادب الطف ـ الجزء الاول 202

فصرت اذا شككت بأصل مرءٍ      ذكرتك بالجميل من الـفعال

فليس يطـيق سـمع ثناك إلا       كريم الأصل محمود الخلال

فها أنا قد خـبرت بك البرايا       فأنت محـك أولاد الحـلال

روى ابن الأثـير في النهاية عن ابي سعيد الخدري قال: كنا معاشر الانصار نَبور (1) اولادنا بحبهم عليا رضي الله عنه، فإذا ولد فينا مولود فلم يحبه عرفنا انه ليس منا. ورواه الحافظ الجزري في كتابه (اسنى المطالب) وعن عبادة بن الصامت قال: كنا نبور اولادنا بحب علي ابن ابي طالب فإذا رأينا أحدهم لا يحب عليا بن أبي طالب علمنا أنه ليس منا و انه لغير رشده (2)كذا ذكر ذلك في النهاية ولسان العرب.

قال الحافظ الجزري في أسنى المطالب بعد ذكر هذا الحديث: وهذا مشهور من قديم والى اليوم أنه ما يبغض عليا الا ولد الزنا.

وجاء في فوات الوفيات:

اسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة، كان شاعرا محسنا كثير القول. له مدائح جمة في آل البيت، وكان مقيما بالبصرة، وكان أبواه يبغضان عليا، وسمعهما يسبانه بعد صلاة الفجر فقال:

لعن الله والدي جميعاً      ثم أصلاهما عذاب الجحيم

وكان اسمر اللون، تام القامة، حسن الالفاظ، جميل الخطاب مقدماً عند المنصور والمهدي، ومات اول ايام الرشيد سنة ثلاث و سبعين ومائة، وولد سنة خمس و مائة. وكان

(1) نبور: اي نجربه ونختبره.
(2) يقال. فلان لغير رشده اي لغير ابيه.

ادب الطف ـ الجزء الاول 203

احد الشعراء الثلاثة الذين لم يضبط مالهم من الشعر كم، هو و بشار وأبو العتاهية.

وقال السيد اتى بي أبي الى محمد بن سيرين و انا صغير فقال لي: يابني، اقصص رؤياك فقلت: رأيت كأني في أرض سبخة والى جانبها أرض حسنة، و النبي(ص) واقف فيها، وليس فيها نبت، وفي الأرض السبخة سوك و نخل، فقال لي يا اسماعيل، أتدري لمن هذا النخل قلت: لا قال: هذا لامرىء القيس بن حجر، فانقله الى هذه الأرض الطيبة التي أنا فيها، فجعلت انقله ، الى ان نقلت جميع النخل وحولت شيئا من الشوك فقال ابن سيرين لابي: اما ابنك هذا فسيقول الشعر في مدح طهرة ابرار فما مضت إلا مدة، حتى قلت الشعر.

قال الصولي : قال أبو العيناء للسيد: بلغنى انك تقول بالرجعة قال: هو ما بلغك، قال فأعطني دينارا بمائة دينار الى الرجعة فقال السيد: علي ان توثق لي بمن يضمن انك ترجع انساناً، اخاف ان ترجع قرداً او كلباً فيذهب مالي .

وحكى ان اثنين تلاحيا في أي الخلق أفضل بعد رسول الله(ص) فقال أحدهما: أبو بكر، وقال الآخر: علي، فتراضيا بالحكم الى اول من يطلع عليهما، فطلع عليهما السيد الحميري، فقال القائل بفضل علي: قد تنافرت انا و هذا اليك في افضل الخلق بعد رسول الله(ص) فقلت انا: علي، فقال السيد: وما قال هذا ابن الزانية؟ فقال ذاك لم اقل شيئا.

قيل لما استقام الأمر للسفاح خطب يوما فاحسن الخطبة،فلما

ادب الطف ـ الجزء الاول 204

نزل عن النبر قام اليه السيد الحميري فأنشده:

دونـكـموها يـابـني iiهـاشـم      فـجـددوا مـن آيـها iiالـدارسا
دونـكـموها فـالـبسوا iiتـاجها      لاتـعـدموا مـنكم لـها iiلابـسا
دونكموها لا علت كعب من أمسى      عـلـيـكم مـلـكـها iiنـافـسا
خــلافـة  الله و iiسـلـطـانه      وعـنصرٍا  كـان لـكم iiدارسـا
فـسـاسـها قـبـلكم iiسـاسـة      مـا  تـركوا رطـبا ولا iiيـابسا
لــو  خـير الـمنير iiفـرسانه      مــا اخـتار إلا مـنكم iiفـارسا
فـلست مـن ان تـملوكوها iiالى      هـبـوط عـيسي مـنكم iiآبـسا

روائع من شعر السيد الحميري :

قال في موقف امير المؤمنين ليلة بدر الكبرى لما عطش المسلمون فقال النبي من يأتينا بالماء، قال علي : أنا فأخذ القربة و مضى و جاء بالماء:

اقــسـم بالله و iiآلائــه      والـمرء عـما قال iiمسؤل
أن  عـلي بـن أبي طالب      عـلى  التقى والبِِرِِ iiمجبول
وأنـه الـهادي الامام iiالذي      لـه عـلى الأمـة iiتفضيل
يـقول  بالحق و يقضي به      ولـيس تـلهيه iiالأبـاطيل
يمشي الى الحرب وفي iiكفه      ابيض ماضي الحد مصقول
مـشى العفرنى بين iiاشباله      ابــرزه لـلقنص الـغيل
ذاك  الـذي سـلم في iiليلة      عـليه  مـيكال iiوجـبريل
ميكال في ألف وجبريل iiفي      ألـف  و يـتلوهم iiسرافيل
لـيلة  بـدر رمـدا iiانزلوا      كـأنـهم طـيـر iiأبـابيل
فـسلموا لـما أتـوا iiنحوه      وذاك  إعـظـام وتـبجيل

ادب الطف ـ الجزء الاول 205

عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس: أسألك عن اختلاف الناس في علي(ع) قال يابن جبير : تسألني عن رجل كانت له في ليلة واحدة ثلاثة ألاف منقبة وهي ليلة القربة في قليب بدر، سلم عليه ثلاثة آلاف من الملائكة من عند ربهم، وتسألني عن وصي رسول الله وصاحب حوضه، فكانت الأبيات المتقدمة متضمنة لهذه الرواية.

وقال السيد :

أحـب الـذي مـات من أهل iiوده      تلقاه  بالبشرى لدى الموت iiيضحك
ومـن  مات يهوى غيره من iiعدوه      فـليس  لـه إلا الـى النار iiمسلك
أبـا  حـسن تفديك نفسي واسرتي      ومالي و ما أصبحت بالارض أملك
أبـا حـسن إنـي بفضلك iiعارف      وإنـي بـحبل مـن ولاك iiلممسك
وأنـت وصي المصطفىوابن iiعمه      فـإنا نـعادي مـبغضك iiونـترك
مـواليك نـاج مـؤمن بين iiالهدى      وقـاليك  معروف الضلالة iiمشرك
ولاح لـحاني فـي غـلي iiوحزبه      فـقلت  لـحاك الله إنك اعفك
(1)

(1) الاعفك: الاحمق

ادب الطف ـ الجزء الاول 206

وقال في الامام علي عليه السلام:

مشيرا الى الخبر الذي يرويه ابن شهر آشوب في المناقب عن الحافظ أبي نعيم عن جماعة من الرواة عن الحارث الهمداني عن علي عليه السلام قال: لا يموت عبد يحبني إلا رآني حيث يحب ولا يموت عبد يبغضني إلا رآني حيث يكره وإلا ذلك أشار السيد الحميري ايضا بقوله. ومنهم من ينسب هذا الشعر الى علي عليه السلام وهو من الخطأ: قـول علـي لـحـارث عجـب كم ثم أعجـوبة له حـملا

قـول  عـلي لـحارث iiعـجب      كـم  ثـم أعـجوبة لـه iiحـملا
يا حار 
(1) همدان من يمت يرني      مــن  مـؤمن أومـنافق iiقـبلا
يـعـرفني  طـرفـه iiوأعـرفه      بـنـعته واسـمـه ومـا iiفـعلا
وأنـت عـند الـصراط iiتعرفني      فـلا  تـخف عـثرة ولا iiزلـلا
أسـقيك مـن بـارد عـلى iiظمأ      تـخاله  فـي الـحلاوة iiالـعسلا
أقول للنار حين تعرض iiللعرض،      ذريــه  لاتـقـبلي iiالـرجـلا
سـريـه  لا تـقـبيله إن لــه      حـبلا  بـحبل الـوصي iiمتصلا

وكان آخر له قوله:

كذب الزاعمون أن عليا     لا ينجي محبة من هنات

قدوربي دخلت جنة عدن    وعفاني الإله عن سيئاتي

فأبشر اليوم أولياء علي     وتولوا علي حتى الممات

ثم من بعـده تولوا بنيه     واحدا بعد واحد بالصفات

(1) حار: ترخيم حارث كقولهم: يا اسم والمراد: اسماء.

ادب الطف ـ الجزء الاول 207

وقال أشهد أن لا إله الا الله حقا، و أشهد أن محمدا رسول الله صدقاً صدقاً، وأشهد أن عليا ولي الله رفقا رفقا.

ثم غمض عينيه لنفسه، فكأنما روحه ذُبالة طفت أو حصاة سقطت.

ادب الطف ـ الجزء الاول 208

8- منصور النمري

قال يرثي الحسين عليه السلام:

شـاء مـن الـناس راتع iiهامل      يـعـللون  الـنفوس iiبـالباطل
تـقـتل  ذريـة الـنبي iiويـر      جـون  جـنان الـخلود iiللقاتل
ويـلك  يـا قـاتل الحسين iiلقد      بـؤت  بـحمل يـنوء iiبالحامل
أي  حـباء حـبوت أحـمد iiفي      حـفرته مـن حـرارة الـثاكل
بـأي  وجـه تـلقى النبي iiوقد      دخـلت فـي قـتله مع iiالداخل
هـلم  فـاطلب غـدا شـفاعته      أو لا فـرد حـوضه مع iiالناهل
مـا الـشك عندي في كفر iiقاتله      لـكنني  قـد أشـك في iiالخاذل
نـفسي فـداء الحسين حين غدا      الـى  الـمنايا غـدو لا iiقـافل
ذلــك يـوم أنـحى iiبـشفرته      عـلى  سـنام الإسلام iiوالكاهل
حـتى مـتى أنـت تعجلين iiألا      تـنزل بـالقوم نـقمة الـعاجل
لا يـعجل الله ان عـجلت و iiما      ربـك  عـما تـرين iiبـالغافل
أعـاذلي  إنـني أحـب iiبـني      أحـمد فـالترب فـي فم العاذل
قـد دنـت مـادينكم عـليه فما      رجـعت  مـن دينكم إلى iiطائل
جفوتم  عترة النبي و ما iiالجافي      لآل الـنـبـي iiكـالـواصـل
مـظـلومة  و الـنبي iiوالـدها      تـديـر أرجـاء مـقلة حـافل
ألا  مـصاليت يـغضبون لـها      بـلة  البيض و القنا الذابل
(1)

(1) رواها ابو الفرج في الاغاني وفي مقاتل الطالبيين وتاريخ بغداد.

ادب الطف ـ الجزء الاول 209

وقال ايضا:

مـتى يـشفيك دمعك من iiهمول      ويـبرد  مـا بـقلبك من iiغليل
ألا يــارب ذي حـزن تـعايا      بـصبر  فـاستراح الى iiالعويل
قـتيل مـا قـتيل بـني زيـاد      ألا  بـأبي وامـي مـن iiقـتيل
رويـد ابـن الـدعى وما أدعاه      سـيلقي  مـا تـسلف عن قليل
غـدت بيض الصفائح iiوالعوالي      بـأيدي  كل مؤتشب 
(1) iiدخيل
مـعاشر  أودعـت أيـام بـدر      صـدورهم  وديـعات iiالـعليل
فـلما  أمـكن الاسـلام iiشـدوا      عـليه  شـدةالحنق iiالـصؤول
فـوافوا كـربلاء مـع iiالـمنايا      بـمـرداة مـسـومة iiالـخيول
وأبـناء  الـسعادة قـد تواصوا      عـلى  الحدثان بالصبر iiالجميل

(1) المؤتشب: الاخلاط و الاوباش. 
 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث