ادب الطف

 
 

ادب الطف ـ الجزء الاول 300

فيا نفس طيبي ثم يانفس أبشري      فـغير  بـعيد كـل ما هو iiاتى
ولا تجزعي من مدة الجور انني      أرى قـوتي قـد اذنـت iiبثبات
فان قرب الرحمن من تلك iiمدتي      وأخر  من عمري ووقت iiوفاتي
شـفيت ولم أترك لنفسي iiغصة      ورويـت  منهم منصلي iiوقناتي
فـاني من الرحمن ارجو iiبحبهم      حـياة لدى الفردوس غير iiثبات
عـسى الله ان يرتاح للخلق iiانه      الـى كـل قـوم دائم iiاللحظات
فـان  قلت عرفا انكروه iiبمنكر      وغطوا  على التحقيق iiبالشبهات
تقاصر  نفسي دائما عن iiجدالهم      كـفاني  مـا القى من iiالعبرات
احاول  نقل الصم عن iiمستقرها      واسـماع  احجار من iiالصلدات
فـحسبي مـنهم ان ابوء بغصة      تـردد في صدري وفي iiلهواتي
فـمن عـارف لم ينتفع iiومعاند      تـميل بـه الاهـواء iiللشهوات
كانك بالاضلاع قد ضاق iiذرعها      لـما حـملت من شدة iiالزفرات

قال ابو الفرج في الاغاني قصيدة دعبل :

مدراس ايات خلت من تلاوة       ومنزل وحي مقفر العرصات

من احسن الشعر وفاخر المدائح المقولة في اهل البيت عليهم السلام قصد بها علي بن موسى الرضا عليه السلام بخراسان ، قال دخلت على علي بن موسى الرضا عليه السلام فقال لي انشدني فأنشدته ( مدراس ايات ) حتى انتهيت الى قولي _:

اذا وتروا مدوا الى واتريهم       اكفا عن الاوتار منقبضات

بكى حتى اغمي عليه ، واوما الي الخادم كان على راسه : ان اسكت فسكت ، فمكث ساعة ثم قال لي أعد . فأعدت حتى انتهيت الى هذا البيت ايضا فاصابه مثل الذي اصابه في المرة الاولى واوما الخادم الي : ان اسكت فسكت وهكذا ثلاث مرات فقال لي احسنت _ ثلاث مرات ثم أمر لي بعشرة

ادب الطف ـ الجزء الاول 301

الاف درهم مما ضرب باسمه ولم تكن دفعت الى احد بعد ، وامر لي من منزله بحلى كثير اخرجه الي الخادم فقدمت العراق فبعت كل درهم منها بعشرة دراهم اشتراها من الشيعة فحصل لي مائة الف درهم فكان اول مال اعتقدته.

وروي ان دعبلا استوهب من الرضا عليه السلام ثوبا قد لبسه ليجعله في اكفانه فخلع جبة كانت عليه فاعطاه اياه وبلغ اهل قم خبرها فسالوه ان يبيعهم اياها بثلاثين الف درهم فلم يفعل فخرجوا عليه في طريقه فأخذوها منه غصبا ، وقالوا له : ان شئت ان تاخذالمال فافعل والا فانت اعلم ، فقال لهم : اني والله لااعطيكم اياها طوعا ولا تنفعكم غصبا واشكوكم الى الرضا ، فصالحوه على ان اعطوه الثلاثين الف درهم و فرد كمًٍ من بطانتها فرضي بذلك فاعطوه فرد كمٍّ فكان في اكفانه .

وكتب قصيدته على ثوب واحرم فيه وامر بان يكون في اكفانه.

قال ابن الفتال في الروضة وابن شهرا شوب في المناقب : وروى ان دعبل انشدها الامام عليه السلام من قوله : مدارس آيات . فقيل له لم بدات بمدراس ايات فقال : استحيت من الامام عليه السلام ان انشده التشبيب فانشدته المناقب.

وقال :

تـأسفت  جارتي لما رات iiزوري      وعـدت الـحلم ذنـبا غير iiمغتفر
تـرجو الصبا بعدما شابت iiذوائبها      وقـد جـرت طلقا في حلبة iiالكبر
اجـارتي ! ان شيب الرأس iiثقلني      ذكـر  المعاد وارضاني عن iiالقدر
لـو كـنت اركـن للدنيا iiوزينتها      اذن بكيت على الماضين من نفري
اخنى  الزمان على اهلي iiفصدعهم      تصدع  القعب لاقى صدمة iiالحجر
بـعض اقـام وبعض قد اهاب iiبه      داعـي  المنية والباقي على iiالاثر

ادب الطف ـ الجزء الاول 302

امـا الـمقيم فـاخشى ان iiيـفارقني      ولـست اوبـة مـن ولـى iiبمنتظر
اصبحت  اخبرعن اهلي وعن iiولدي      كـحاكم قـص رؤيـا بـعد مـدكر
لـولا تـشاغل نفسي بالاولى iiسلفوا      مـن اهـل بـيت رسول الله لم اقر
وفـي مـواليك لـلمحزون iiمـشغلة      مـن ان تـبيت لـمفقود عـلى iiاثر
كـم  مـن ذراع لـهم بالطف iiبائنة      وعـارض  من صعيد الترب iiمنعفر
انـسى الـحسين ومـسراهم iiلمقتله      وهـم يـقولون : هـذا سيد iiالبشر!
يـا  امة السوء ما جازيت احمد iiعن      حـسن الـبلاءعلى التنزيل iiوالسور
خـلفتموه عـلى الابناء حين iiمضى      خـلافة الـذئب فـي ابقار ذي iiبقر
ولـيس حـي مـن الاحـياء iiتعلمه      مـن ذي يمان ومن بكر ومن iiمضر
الا  وهــم شـركاء فـي iiدمـائهم      كـما تـشارك ايسار على iiجزر
(1)
قـتلا واسـرا وتـحريقا iiومـنهبة:      فـعل الـغزاة بارض الروم والخزر
ارى امـيـة مـعذورين ان iiقـتلوا      ولا ارى لـبني الـعباس مـن iiعذر
ابـناء  حـرب ومـروان iiواسرتهم      بـنو مـعيط ولاة الـحقد iiوالـوغر
قـوم  قـتلتم عـلى الاسـلام اولهم      حتى  اذا استمكنوا جازوا على iiالكفر
اربـع بـطوس على قبر الزكي iiبها      ان  كـنت تربع من دين على iiوطر
قـبران في طوس :خير الخلق iiكلهم      وقـبر  شـرهم هـذا مـن iiالـعبر
ما ينفع الرجس من قرب الزكي iiوما      على الزكي بقرب الرجس من ضرر
هـيهات  كل امرئ رهن بما iiكسبت      لـه  يـداه فـخذ مـا شئت او iiفذر

حدث ميمون بن هارون قال : قال ابراهيم بن المهدي للمامون في دعبل يحرضه عليه ، فضحك المامون و قال : انما تحرضني عليه لقوله فيك :

يا معشر الاجناد لا تقطنوا       وارضوا بما كان و لا تسخطو

____________

(1) الياسر : الذي يلي قسمة الجزور ، والجزور الناقة المجزورة.

ادب الطف ـ الجزء الاول 303

فـسوف  تعطون iiحنينية      يـلتذها  الامرد والاشمط
والـمـعبديات iiلـقوادكم      لا تدخل الكيس ولا تربط
وهـكذا يـرزق iiقـواده      خـليفة  مصحفه iiالبربط

حدث ابو ناجية قال : كان المعتصم يبغض دعبلا لطول لسانه ، وبلغ دعبلا انه يريد اغتياله وقتله فهرب الى الجبل وقال يهجوه:

بـكى  لـشتات الدين مكتئب iiصب      وفاض  بفرط الدمع من عينه iiغرب
قــام امـام لـم يـكن ذا iiهـدية      فـليس  لـه ديـن ولـيس له iiلب
ومـا كـانت الانـباء تـاتي iiبمثله      يـملك  يـوما او تـدين له iiالعرب
ولـكن  كـما قـال الـذين iiتتابعوا      من السلف الماضين اذاعظم الخطب
مـلوك بني العباس في الكتب سبعة      ولـم تـاتنا عـن ثـامن لهم iiكتب
كـذلك اهل الكهف في الكهف سبعة      خـيار اذا عـدوا وثـامنهم iiكـلب
وانـي  لأعـلي كـلبهم عنك رفعة      لانـك ذو ذنـب ولـيس لـه ذنب
لقد ضاع ملك الناس اذ ساس iiملكهم      وصـيف واشناس وقد عظم iiالكرب
وفـضل ابـن مـروان يـثلم iiثلمة      يـظل  لـها الاسلام ليس له iiشعب

وحدث ميمون بن هارون قال: لما مات المعتصم قال محمد بن عبد الملك الزيات يرثيه:

قد قلت اذ غيبوه وانصرفوا      في خير قبر لخير مدفون

لن يجـبـر الله امة فقدت      مثلك الا بـمـثل هارون

فقال دعبل يعارضه:

قد قلت إذ غيبوه وانصرفوا        في شر قبر لشر مدفون

ادب الطف ـ الجزء الاول 304

اذ هب الى النار والعذاب فما       خلتك الا من شياطين

ما زلت حتى عقدت بيعة من      اضر بالمسلمين والدين

ودخل عبد الله بن طاهر على المأمون فقال له المأمون : اي شي تحفظ يا عبد الله لدعبل، فقال احفظ ابياتا له في اهل البيت امير المؤمنين، قال :هاتها ويحك ، فانشده عبد الله قول دعبل:

سـقيا ورعـيا لايـام iiالصبابات      ايـام  ارفـل فـي اثواب iiلذاتي
ايـام غـصني رطيب من iiليانته      اصـبو الى خير جارات iiوكنات
دع عـنك ذكر زمان فات iiمطلبه      واقذف برجلك عن متن الجهالات
واقـصد  بـكل مديح انت iiقائله      نـحو  الهداة بني بيت iiالكرامات

فقال المأمون: انه قد وجد والله مقالا ونال ببعيد ذكرهم ما لا يناله في وصف غيرهم ، ثم قال المأمون : لقد احسن في وصف سفر سافره فطال ذلك السفر عليه فقال فيه:

الـم  يان للسفر الذين iiتحملوا      الى  وطن قبل الممات iiرجوع
فـقلت ولم املك سوابق iiعبرة      نطقن  بما ضمت عليه iiضلوع
تـبين  فـكم دار تفرق iiشملها      شـمل  شتيت عاد وهو جميع
كذاك الليالي صرفهن كما ترى      لـكل  انـاس جـدبة iiوربيع

ثم قال: ما سافرت قط الا كانت هذه الابيات نصب عيني في سفري وهجيرتي ومسيلتي حتى اعود. قال ابن قتيبه في «الشعروالشعراء» وهو القائل :

يموت رديء الشعر من قبل اهله       وجيده يحيا وان مات قائله

ادب الطف ـ الجزء الاول 305

وهو القائل :

ان من ظن بالكنيف عن الضيف      بـغير الـكنيف كـيف iiيـجود
مـا  رأيـنا ولا سـمعنا iiبحش      قـبـل هــذا لـبـابه iiإقـليد
ان يـكن في الكنيف شيء iiتخبا      ه  فـعندي ان شـئت فيه iiمزيد

وكان ضيفا لرجل فقام لحاجة فوجد باب الكنيف مغلقا ، فلم يتهيا فتحه حتى اعجله الامر.

وفي معجم الادباء قال :(1)وممايختار من شعر دعبل قصيدته العينية التي رثى بها الحسين عليه السلام قال:

راس ابـن بنت محمد iiووصيه      يـاللرجال  عـلى قـناة iiيرفع
والـمسلمون بـمنظر iiوبمسمع      لا جـازع مـن ذا ولا iiمتخشع
ايـقظت اجفانا وكنت لها كرى      وانـمت عينا لم تكن بك iiتهجع
كـحلت بمنظرك العيون عماية      واصـم  نـعيك كل اذن تسمع
مـا  روضـة الا تـمنت iiانها      لك مضجع ولحظ قبرك موضع

ويمدح الامام امير المؤمنين ويذكر تصدقه بالخاتم في صلاته ونزول قوله تعالى « انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون».

نطق القران بفضل ال iiمحمد      وولايـةلـعليه لـم iiتـجحد
بولاية المختار من خير iiالذي      بـعد  النبي الصادق iiالمتودد
اذ جاءه المسكين حال صلاته      فـامتد  طوعا بالذراع iiوباليد
فـتناول  المسكين منه iiخاتما      هبة الكريم الا جودين الاجود

____________

(1) جزء 11ـ وفي الديوان ص232

ادب الطف ـ الجزء الاول 306

فاختصه  الرحمن في iiتنزيله      مـن حاز مثل فخاره iiفليعدد
ان الالـه ولـيكم ورسـوله      والـمؤمنين فمن يشا فليجحد
يـكن الاله خصيمه فيها غدا      والله ليس بمخلف في الموعد

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث