ادب الطف

 
 

وقول:

اتـسـكب دمـع الـعين iiبـالعبرات      وبـت تـقاسي شـدة iiالـزفرات(1)
وتـبـكى  لاثــار لال مـحـمد؟!      فـقد  ضـاق منك الصدر بالحسرات
الافـابـكهم  حـقـا وبـل iiعـليهم      عـيونا  لـريب الـدهر iiمـنسكبات
ولاتـنس فـي يوم الطفوف iiمصابهم      وداهـيـة مــن اعـظم iiالـنكبات
سـقى  الله اجداثا على ارض iiكربلاء      مـرابـيع  امـطار مـن iiالـمزنات
وصـلى  عـلى روح الحسين iiحبيبه      قـتـيلا لـدى الـنهرين iiبـالفلوات
قـتـيلا بـلا جـرم فـجعنا iiبـفقده      فـريدا  يـنادي :ايـن اين iiحماتي؟!
انا الظامىء العطشان في ارض غربة      قـتـيلا ومـظـلوما بـغير تـراب
وقـد  رفعوا راس الحسين على iiالقنا      وسـاقـوا نـسـاء ولـها iiخـفرات
فـقل  لابـن سعد : عذب الله iiروحه      سـتـلقى عـذاب الـنار iiبـاللعنات
سـأقنت  طول الدهر ما هبت iiالصبا      واقـنـت  بـالاصـال iiوالـغدوات
عـلى مـعشر ضلوا جميعا iiوضيعوا      مـقـال رســول الله iiبـالـشبهات

وقال :

ان  كـنت محزونا فمالك iiترقد      هـلا بكيت لمن بكاه iiمحمد(2)
هلا بكيت على الحسين واهله؟      ان الـبكاء لـمثلهم قـد iiيحمد
لتضغضغ  الاسلام يوم iiمصابه      فـالجود  يـبكي فقده iiوالسودد
فـلقد بـكته في السماء iiملائك      زهـر  كـرام راكعون iiوسجد

____________

(1)الغدير ج2 ص 381
(2) الغدير ج2 ص382

ادب الطف ـ الجزء الاول 307

انـسيت  اذ صارت اليه iiكتائب      فـيها  ابن سعد والطغاة iiالجحد؟
فسقوه  من جرع الحتوف iiبمشهد      كـثر  الـعداة بـه وقل iiالمسعد
لـم  يـحفظوا حق النبي iiمحمد      اذ  جـرعوه حـرارة مـا iiتبرد
قـتلوا الـحسين فاثكلوه iiبسبطه      فـالثكل مـن بعد الحسين iiمبرد
كيف القرار؟! وفي السبايا زينب      تـدعو بـفرط حرارة : يا احمد
هـذا  حـسين بالسيوف iiمبضع      مـتـلطخ بـدمـائه iiمـستشهد
عار  بلا ثوب صريع في iiالثرى      بـين الـحوافر والسنابك iiيقصد
والـطيبون بـنوك قـتلى حوله      فـوق الـتراب ذبـائح لا iiتلحد
يـا  جد قد منعوا الفرات iiوقتلوا      عـطشا  فليس لهم هنالك iiمورد
يا  جد من ثكلى وطول iiمصيبتي      ولـمـا اعـافيه اقـوم iiواقـعد

وقال :

جـاؤا مـن الشام المشومة iiاهلها      لـلشوم يـقدم جـندهم iiابـليس
لـعنوا وقـد لـعنوا بقتل إمامهم      تـركوه  وهـو مبضع iiمخموس
وسـبوا فـوا حزني بنات iiمحمد      عـبرى  حـواسر مالهن iiلبوس
تـبا  لـكم يـا ويـلكم iiارضيتم      بـالنار  ؟ ذل هـنالك المحبوس
بـعتم بـدنيا غـيركم جهلا iiبكم      عــز  الـحياة وانـه iiلـنفيس
اخـزي بـها مـن بـيعة اموية      لـعنت  وحـظ البايعين iiخسيس
بـؤسا  لـمن بـايعتم iiوكـانني      بـامامكم  وسـط الجحيم iiحبيس
يـا ال احـمد مـا لـقيتم iiبعده؟      من عصبة هم في القياس مجوس
كـم  عبرة فاضت لكم iiوتقطعت      يوم الطفوف على الحسين iiنفوس
صـبرا  مـوالينا فسوف iiنديلكم      يـوما  عـلى ال اللعين iiعبوس
مـا زلـت مـتبعا لكم iiولامركم      وعـليه  نفسي ما حييت iiاسوس

ادب الطف ـ الجزء الاول 308

الشاعر

ولد سنة 148 ومات سنة 246هـ وعاش سبعا وتسعين سنة97، قال ابو الفرج الاصبهاني توفي بقرية من نواحي السوس ودفن بتلك القرية وكان صديقا للبحتري ــ وابو تمام حبيب بن اوس قد مات قبله فرثاهماالبحتري بقوله:

قد زاد في كلفى واوقد لوعتي       مثوى حبيب يوم مات ودعبل

جدث على الاهواز يبعد دونه       مسرى النعي ورمة بالموصـل

كان دعبل شاعرا مفلقا مخلصا في ولاء اهل البيت عليهم السلام ، ومن محاسنه انه لا يرغب في مدح الملوك ولكثرة طعنه في اعداء اهل البيت اصبح مرهوب اللسان تخاف هجاءه الملوك . قال ابراهيم بن المدبر لقيت دعبل بن علي الخزاعي فقلت له انت اجسر الناس عندي واقدمهم حيث تقول :

اني من القوم الذين سيوفهـم       قـتلت ابـاك وشـر فتك بمقعد

رفعوا محلك بعد طول خموله      واستنقذوك من الحضيض الاوهد

ـ يشير الى قصة طاهر الخزاعي وقتله الامين اخا المأمون ـ فقال: يا ابا اسحاق انا احمل خشبي منذ اربعين سنة فلا اجد من يصلبني عليها. وذكر ابو الفرج الاصبهاني في الاغاني ج18 ص44 قال الجاحظ

ادب الطف ـ الجزء الاول 309

سمعت دعبل بن علي يقول : مكثت نحو ستين سنة ليس من يوم ذر شارقه الا وانا اقول فيه شعرا.

حدث محمد بن القاسم بن مهرويه قال كنت مع دعبل بالضميرة وقد جاء نعى المعتصم وقيام الواثق ، فقال لي دعبل: امعك شيء تكتب فيه فقلت نعم واخرجت قرطاسا فاملى علي بديها:

الحمد لله لا صبرو ولا جلب       ولا عزاء اذا اهل البلا رقدو

خليفة مات لم يحزن له احد        واخر قام لم يـفـرج به احد

ولدعبل من هذا النوع كثير ولكنه ضاع ولم يبق الا القليل النادر ، قال عبد الحسيب طه : ولو وصلنا كله لورثنا ادبا قويا جريئا يمثل نفس دعبل وقوتهاوجراتها.

ادب الطف ـ الجزء الاول 310

4ــ الحسين بن الضحاك

ومـما  شجا قلبي واوكف iiعبرتي      مـحارم  مـن ال النبي iiاستحلت
ومـهتوكة بـالطف عنها iiسجوفها      كـعاب كـقرن الشمس لما iiتبدت
اذا حـفزتها روعـة مـن iiمنازع      لها المرط عاذت بالخضوع ورنت
وربـات  خـدرمن ذوابـة هاشم      هـتفن بـدعوى خير حي iiوميت
ارد  يـدا مـني اذا مـا iiذكـرته      عـلى كـبد حـرى وقلب iiمفتت
فـلا  بـات ليل الشامتين iiبغبظة      ولا  بـلغت امـالها مـا iiتـمنت

وقوله من قصيدة كما في الطليعة:

هـتكوا بحرمتك التي هتكت      حرم الرسول ودونها السجف
سـلبت معاجرهن iiواختلست      ذات الـنقاب ونوزع iiالشنف
قـد  كـنت كهفا يستظل iiبه      ومـضى  فلا ظل ولا iiكهف

قال السيد الامين في الاعيان : يمكن ان يستدل على تشيعه بما نسبه اليه جماعة انه قال في رثاء الحسين عليه السلام وقد ذكرناه نحن في الدر النضيد ولا ندري الان من اين نقلناه اقول والظاهر ان السيدنقله عن مثير الاحزان للشيخ ابن نما حيث قال : ويحسن ان نستشهد بشعر الحسين بن الضحاك : ومما شجا قلبي واوكف عبرتي الابيات.

ادب الطف ـ الجزء الاول 311

الشاعر :

هو ابو علي الحسين بن الضحاك بن ياسر الباهلي المعروف بالخليع او الخالع.ولد سنة 162 ومات سنة250 فيكون عمره 88 سنة وقيل بل عمر اكثر من مائة سنة، وكانت ولادته بالبصرة.

ونشأ بها ثم ارتحل الى بغداد واقام بها، وكانت تلك الاقامة في الاعوام الاخيرة في عهد هارون الرشيد المتوفي سنة 193 هـ، فقنع هذا الشاعر بمنادمة صالح بن هارون الرشيد ثم ارتقى الى منادمة اخيه الامين فلما تولى الامين الخلافة كان من ندمائه والمقربين اليه فاجزل عطاياه واسنى جوائزه .

وقال الحموي في معجم الادباء : الحسين بن الضحاك ،ابو علي. اصله من خراسان ، وهو مولى لولد سليمان بن ربيعة الباهلي الصحابي فهو مولى(1)لا باهلي النسب كما زعم ابن الجراح، بصري المولد والمنشأ ، وهو شاعر ماجن ولذلك لقب بالخليع، وعداده في الطبقة الاولى من شعراء الدولة العباسية المجيدين وكان شاعرا مطبوعا حسن التصرف في الشعر ،وكان ابو نؤاس يغير على معانيه في الخمر ، فاذا قال فيها شيئا نسبه الناس الى ابي نؤاس ، وله غزل كثير اجاد فيه ، فمن ذلك قوله:

وصف البدر حسن وجهك حتى      خـلت انـي ومـا اراك اراكا
واذا  ما تنفس النرجس iiالغض      تـوهـمته نـسـيم iiشـذاكـا
خـدع لـلمنى تـعللني iiفـيك      بـاشـراق  ذا وبـهجة ذاكـا

وقال الحسين بن الضحاك، وقد عمر:

اصبحت من اسراءالله من محتسبا        في الارض نحو قضاء الله والقدر

ان الثمانين اذ وفـيـت عـداتها        لم تبق باقـيـتة مـنى ولـم تذر

يقول الحموي : والاصل في قول الحسين بن الضحاك هذا ، الحديث الذي

____________

(1)مولى : مملوك

ادب الطف ـ الجزء الاول 312

رواه ابن قتيبة في غريب الحديث قال . حدثنا ابو سفيان الغنوي حدثنا معقل ابن مالك عن عبد الرحمن بن سليمان عن عبيد الله بن انس عن انس عن النبي(ص) قال : اذا بلغ العبد ثمانين سنة فانه اسير الله في الارض ، تكتب له الحسنات وتمحى عنه السيئات.

اقول وجاء عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : ان الله ليكرم ابناء السبعين ويستحي من ابناء الثمانين فيامر بان تكتب لهم الحسنات وتمحى عنهم السيئات ويقول هم اسرائي في الارض وما اجمل ما قيل:

وهت عزماتك عند المشيب       وما كان من حـقها ان تهي

وانكرت نفسك لـما كبرت       فلا هي انت ، ولا انت هي

ومن شعر ابناء الثمانين قول احدهم :

ضعفت ومن جاز الثمانين يضعف       وينكر منه كلـما كـان يعرف

ويمشي رويدا كـالاسـير مقـيدا       تداني خطاه في الحديد ويرسف

وقال الاخر :

قالت انينك طول الليل يزعجنا       فما الذي تشتكي ، قلت الثمانين

وقال الاخر :

ان  الـثـمـانين iiوبـلـغتها      قد احوجت سمعي الى ترجمان

له ديوان شعر طبع في دار الثقافة ببيروت فمن قوله في قبيح الوجه (سابور) :

ويـحك مـا اخـسك بـل اخصك iiبالعيوب      وجه قبيح في التبسم كيف يحسن في القطوب

ادب الطف ـ الجزء الاول 313

وله في الغزل شعر كثير وفي رثاء الامين وغيره من بني العباس . ترجم له في كتاب وفيات الاعيان لابن خلكان .قال: ومن محاسن شعره

صل بخدى خديك تلقى عجيبا      مـن معان يجاد فيها iiالضمير
فـبخديك  لـلربيع iiريـاض      وبـخـدي لـلدموع iiغـدير

وله ايضا:

ايا  من طرفه سحر      ويا  من ريقه iiخمر
تجاسرت  iiفكاشفتك      لـما  غلب iiالصبر
وما احسن في iiمثلك      ان يـنهتك iiالـسر
فـان  عنفي iiالناس      ففي وجهك لي عذر

وذكر في كتاب الاغاني ان هذه الابيات انشدها ابو العباس ثعلب النحوي للخليع ابن الرضا وقال ما بقي من يحسن ان يقول مثل هذا ، وله ايضا:

اذا خنتموا بالغيب عهدي فما لكم      تـدلون  ادلال المقيم على iiالعهد
صلوا وافعلوا فعل المدل iiبوصله      والافصدوا وافعلوا فعل ذي iiصد

ادب الطف ـ الجزء الاول 314

5ـ عبد الله ابن المعتز (1)

المولود سنة 247هـ

المتوفي سنة 296 هـ ـ 908 م .

شـجاك  الحي اذ iiبانوا      فـدمع الـعين iiتـهتان
وفـيهم الـعس اغيد ii،      ساجي  الطرف iiوسنان
ولـم انس ، وقد iiزمت      لـو  شك البين اضعان
وقــد اسـهبني iiفـاه      وولـى وهـو iiعجلان
فـقل  في مكرع iiعذب      وقـد وافـاه عـطشان
وضــم لـم iiتـحسنه      لـه في الريح iiاغصان
كما ضم غريق سابحا ،      والـمـاء  iiطـوفـان
ومـا خـفنا من iiالناس      وهل  في الناس iiانسان
جـزيـنا iiالامـويـين      ودنـاهم  كـما iiدانـوا
وذاقـو  ا ثـمر iiالبغي      وخـناهم  كـما iiخانوا
ولـلـخير  iiولـلـشر      بـكـف الله مـيـزان
ولـولا نـحن قد ضاع      دم بـالطف مجان
 (i1)
فـيا مـن عـنده القبر      وطـين  الـقبر iiقربان
بـاسـياف لـكم اودى      حـسين  وهـو iiظمان
يـرى في وجهه iiالجهم      لـوجه  الـموت الوان

____________

(1) عن الديوان
(2) العس : في شفتيه سواد ، والاغيد : المائل العنق ، اللين الاعطاف . ساجي : ساكن .
 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث