ادب الطف ـ الجزء الثاني 78
محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الاندلسي :
ولد بقرية سكون من قرى مدينة اشبيلية سنة 320 أو 326 هـ وقتل في رجب سنة 362 وعمره
36 سنة ، كان أبوه هانئ من قرية من قرى المهدية بافريقية وكان أيضا شاعرا أديبا
فانتقل إلى الاندلس فولد له محمد المذكور بمدينة اشبيلية ونشأ بها واشتغل وحصل له
حظ وافر من الأدب وعمل الشعر ومهر فيه وكان حافظا لأشعار العرب وأخبارهم وكان اكثر
تأدبه بدار العلم في قرطبة حتى برع بكثير من العلوم لا سيما علم الهيئة ، شعره طافح
بالتشيع كقوله :
لي صارم وهو شيعي كحامله يكاد يسبق كرّاتي الى البطل
اذا المعز معز الـدين سلّـطه لم يرتقب بالمنايا مدة الأجل
وله في القصيدة التي أولها :
تقول بنو العباس هل فتحت مصر فقل لبني العباس قد قضى
الأمر
وقد جاوز الاسكــندرية جوهـر تطالعه البشرى ويـقدمه النصر
ويقول فيها :
فـكـل إمـامـي يـجيء كـأنما على خده الشعرى وفي وجهه البدر
ادب الطف ـ الجزء الثاني 79
ومن روائعه :
ولم أجد الانسان الا ابن سعيه فمن كان أسعى كان بالمجد أجدرا
وبالهمة العلياء يرقى إلى العلى فمن كان أعلى همة كـان أظهرا
ولم يتأخــر مَن اراد تقـدّما ولـم يتـقدم مـن أراد تأخـرا
وقال :
عجبت لقوم أضلوا السبيل وقد بّين الله أين الهـدى
فما عرفوا لاحق لما استنار ولا أبصروا الرشد لمابدا
وما خـفى الرشـد لكـنما أضل الحلوم اتباع الهوى
وقال ابن خلكان :
ليس في المغاربة من هو افصح منه لا متقدميهم ولا متأخريهم بل هو اشعرهم على الاطلاق
وهو عند المغاربة كالمتنبي عند المشارقة اقول وفيه قال القائل :
ان تكن فارسا فكن
كـعلي أو تكن شاعرا فكن كابن هاني
كل من يدعى بما ليس فيه كذّبــته شواهد الامـتـحان
وقال يمدح المعز لدين الله وقيل ان هذه القصيدة أول ما أنشده بالقيروان وانه امر له
بدست قيمته ستة آلاف دينار ، فقال له يا امير المؤمنين مالي موضع يسع الدست اذا بسط
فأمر له ببناء قصر فغرم عليه ستة آلاف دينار وحمل اليه آلة تشاكل القصر والدست
قيمتها ثلاثة آلاف دينار . وفي آخر القصيدة يذكر الامام أمير المؤمنين علي بن ابي
طالب عليه السلام :
هل من أعقّة عالج يبرين أم منهما بقر الحدوج العين
ولمن ليال ما ذممنا عهدنا مذكنّ إلا أنهـن شجــون
ادب الطف ـ الجزء الثاني 80
الـمـشرقات كـأنـهن كـواكب والـنـاعمات كـانهن iiغـصون
بـيض وما ضحك الصباح iiوانها بـالمسك من طرر الحسان iiلجون
أدمـى لـها المرجان صفحة iiخده وبـكى عـليها الـلؤلؤ iiالمكنون
أعـدى الـحمام تأوُّهي من iiبعدها فـكـأنه فـيما سـجعن iiرنـين
بـانوا سـراعا لـلهوادج iiزفـرة مـمـا رأيـن ولـلمطي iiحـنين
فـكأنما صـبغوا الضحى بقبابهم أو عـصفرت فـيه الخدود جفون
مـاذا عـلى حلل الشقيق لو iiانها عـن لابـسيها فـي الخدود iiتبين
لاعـطّشن الـروض بـعدهم ولا يـرويه لـي دمـع عـليه iiهَتون
أأعـير لـحظ العين بهجة منظر وأخـونـهم إنــي اذا iiلـخؤون
لا الـجو جـو مشرق ولو اكتسى زهـرا ولا الـماء الـمعين معين
لا يـبعدنّ اذ الـعبير لـه ثـرى والـبان دوح والـشموس قـطين
ايــام فـيه الـعبقري iiمـفوّف والـسابري مـضاعف iiموضون
والـزاعبية شّـرع iiوالـمشرفيّ ة لـمّـع وال مـقربات صـفون
والـعهد مـن ظـمياء اذ iiلاقومها خـزر ولا الحرب الزبون iiزبون
عـهدي بـذاك الـجو وهو iiأسنّة وكـناس ذاك الخشف وهو iiعرين
هـل يـدنيني مـنه أجرد iiسابح مـرح وجـائلة الـنسوع iiأمـون
ومـهـنّد فـيـه الـفرند كـأنه درٌ لـه خـلف الـغرار iiكـمين
عضب المضارب مقفر من iiاعين لـكـنّه مــن أنـفس مـسكون
قـد كـان رشح حديده أجلا iiوما صـاغت مـضاربه الرقاق iiقيون
وكـأنما يـلقى الـضريبة دونـه بـاس الـمعز أو اسمه المخزون
هــذا مـعدّ والـخلائق iiكـلها هــذا الـمعزّ مـتوجا iiوالـدين
هـذا ضـمير النشأة الأولى iiالتي بــدأ الإلـه وغـيبها الـمكنون
مـن أجـل هذا قدّر المقدور iiفي أم الـكـتاب وكــوّن الـتكوين
وبــذا تـلـقّى آدم مـن iiربـه عـفوا وفـاء لـيونس iiالـيقطين
يـا أرض كيف حملت ثني iiنجاده بـل انـت تلك تموج منك متون
ادب الطف ـ الجزء الثاني 81
حـاشا لـما حـملت تحمل iiمثله أرض ولـكـن الـسماء iiتـعين
لـو يـلتقي الطوفان قبل iiوجوده لـم يُـنج نـوحا فلكه iiالمشحون
لـو أنّ هـذا الدهر يبطش iiبطشه لـم يـعقب الحركات منه iiسكون
الـروض مـا قـد قيل في iiأيامه لا إنـــه وردٌ ولا نـسـريـن
والـمسك مـا لثَم الثرى من ذكره لا إنّ كــل قــرارة iiداريـن
مـلك كـما حـدّثت عـنه iiرأفة فـالخمر مـاء والـشراسة iiلـين
شـيم لـو أن الـيم اعطي iiرفقها لـم يـلتقم ذا الـنون فـيه النون
تالله لا ظــل الـغـمام iiمـعاقل تـأبى عـليه ولا النجوم iiحصون
ووراء حق ابن الرسول iiضراغم اسـد وشـهباء الـسلاح iiمـنون
الـطـالبان الـمـشرفيّة iiوالـقنا والـمدركان الـنصر iiوالـتمكين
وصواهل لا الهضب يوم iiمغارها هـضب ولا البيد الحزون iiحزون
جَـنب الـحمام ومـا لهنّ iiقوادم وعـلا الـربود ومـا لهن iiوكون
فـلهن مـن وَرَق اللجين iiتوجس ولـهن مـن مـقل الظباء iiشفون
فـكأنها تـحت الـنضار iiكواكب وكـأنها تـحت الـحديد iiدجـون
عُـرفت بـساعة سـبقها لا iiانّها عـلقت بـها يـوم الرهان iiعيون
وأجـلّ عـلم الـبرق فـيها iiأنها مـرّت بـجانحتيه وهـي iiظنون
فـي الـغيث شبه من نداك كأنما مـسَحت على الانواء منك iiيمين
أمـا الـغنى فـهو الـذي iiأوليتنا فـكأن جـودك في الخلود iiرهين
تـطأ الـجياد بـنا الـبدور كأنها تـحت الـسنابك مـرمر iiمسنون
فـالفيء لا مـتنقل والحوض iiلا مـتـكدّر والـمـن لا iiمـمنون
انـظر الـى الـدنيا باشفاق iiفقد أرخـصت هـذا العلق وهو ثمين
لـو يستطيع البحر لاستعدى iiعلى جــدوى يـديك وإنـه لـقمين
أمـدده أو فـاصفح لـه عن iiنيله فـلقد تـخوّف أن يـقال iiضنين
وأذن لـه يـغرق أمـيّة iiمـعلنا مـا كـل مـأذون لـه iiمـأذون
وأعـذر أمـيّة ان تـغصّ بريقها فـالمهل مـا سُـقيته iiوالـغسلين
ادب الطف ـ الجزء الثاني 82
ألـقت بـأيدي الذل ملقى iiعمرها بـالثوب إذ فـغرت لـه iiصفّين
قـد قـاد أمـرهم وقـلّد iiثغرهم مـنـهم مـهين لا يـكاد iiيـبين
لـتـحكمنّك أو تـزايل iiمـعصما كـف ويـشخب بـالدماء iiوتـين
أوَ لـم تـشنّ بـها وقائعك iiالتي جـفلت وراء الـهند منها iiالصين
هـل غير أخرى صيلم إن iiالذي وقـاك تـلك بـأختها iiلـضمين
بـل لـو ثنيت إلى الخليج iiبعزمة سـرت الكواكب فيه وهي iiسفين
لـو لـم تكن حزما أناتك لم iiيكن لـلنار فـي حـجر الزناد iiكمين
قـد جـاء أمر الله واقترب iiالمدى مـن كـلّ مـطّلع وحـان الحين
ورمـى إلـى البلد الأمين iiبطرفه مـلك عـلى سـرّ الالـه iiأمـين
لـم يـدر مـا رجم الظنون وإنما دفـع الـقضاء الـيه وهو iiيقين
كـذبت رجال ما أدّعت من iiحقكم ومــن الـمقال كـأهله مـأفون
أبـني لـؤيّ ايـن فضل iiقديمكم بـل ايـن حـلم كالجبال iiرصين
نـازعتم حـق الـوصيّ iiودونه حـرم وحـجر مـانع iiوحـجون
نـاضلتموه عـلى الخلافة iiبالتي ردّت وفـيكم حـدّها iiالـمسنون
حـرّفتموها عن أبي السبطين عن زمـع ولـيس من الهجان هجين
لـو تـتّقون الله لـم يـطمح iiلها طـرف ولـم يـشمخ لها iiعرنين
لـكنّكم كـنتم كـأهل الـعجل iiلم يـحفظ لـموسى فـيهم iiهـارون
لـو تـسألون الـقبر يوم iiفرحتم لأجــاب أنّ مـحمدا مـحزون
مـاذا تـريد من الكتاب نواصب ولـه ظـهور دونـها iiوبـطون
هـي بـغية أظـللتموها iiفارجعوا فـي آل يـاسين ثـوت iiيـاسين
ردّوا عـلـيهم حـكمهم فـعليهم نـزل الـبيان وفـيهم iiالـتبيين
الـبيت بـيت الله وهـو iiمـعظّم والـنور نـور الله وهـو iiمـبين
والستر ستر الغيب وهو محجوب والـسر سـر الله وهـو مصون
الـنور انـت وكـل نـور iiظلمة والـفوق انـت وكـل قدر iiدون
لـو كـان رأيـك شائعا في iiأمّة عـلموا بـما سـيكون قبل iiيكون
ادب الطف ـ الجزء الثاني 83
أو كان بشرك في شعاع الشمس لم يـكسف لـها عند الشروق iiجبين
أو كـان سخطك عدوة في اليم iiلم تـحـمله دون لـهـاته iiالـتنين
لـم تـسكن الـدنيا فـواق iiبكيّة إلا وأنــت لـخـوفها iiتـأمين
الله يـقـبل نـسكنا عـنا iiبـما يُـرضيك مـن هدي وانت iiمعين
فـرضان من صوم وشكر iiخليفة هــذا بـهـذا عـندنا iiمـقرون
فـارزق عبادك منك فضل iiشفاعة واقـرب بـهم زلفى فانت iiمكين
لـك حـمدنا لا إنـه لـك iiمفخر مـا قـدرك الـمنثور والموزون
قـد قـال فيك فيك الله ما أنا قائل فـكـأن كـل قـصيدة iiتـضمين
الله يـعلم أن رأيـك فـي iiالورى مـأمـون حـزم عـنده iiوأمـين
ولانـت أفـضل من تشير iiبجاهه تـحت الـمظلّة بـاللواء يـمين |