ومن مشهور شعره قصيدته التي يمدح بها المعز لدين الله ويذكر فتح مصر على يد القائد
جوهر وقد أنشدها بالقيروان :
تـقول بـنو العباس هل فُتحت iiمصر فـقل لـبني الـعباس قد قُضي iiالأمر
وقــد جـاوز الاسـكندرية iiجـوهر تـطالعه الـبشرى ويـقدمه iiالـنصر
وقـد أوفـدت مـصر الـيه iiوفودها وزيـد الى المعقود من جسرها iiجسر
فـما جـاء هـذا اليوم إلا وقد iiغدت وأيـديكم مـنها ومـن غـيرها iiصفر
فـلا تـكثروا ذكـر الزمان الذي iiخلا فـذلك عـصر قـد تقضى وذا iiعصر
أفـي الـجيش كـنتم تمترون iiرويدكم فـهذا الـقنا العرّاص والجحفل iiالمجر
وقـد أشـرفت خـيل الإلـه iiطوالعا عـلى الـدين والدنيا كما طلع iiالفجر
وذا ابــن بـني الله يـطلب iiوتـره وكـان حـريّ لا يـضيع لـه iiوتـر
ذروا الـورد فـي مـاء الفرات لخيله فـلا الـضحل منه تمنعون ولا iiالغمر
أفـي الـشمس شك انها الشمس iiبعدما تـجلّت عـيانا لـيس من دونها ستر
ومــا هــي إلا آيـة بـعد iiآيـة ونـذر لـكم إن كـان يـغنيكم iiالنذر
فـكونوا حـصيدا خامدين أو ارعووا الـى مـلك فـي كفه الموت iiوالنشر
ادب الطف ـ الجزء الثاني 84
اطـيـعوا امـامـا لـلأيمّة iiفـاضلا كـما كـانت الأعـمال يـفضلها iiالبر
ردوا سـاقـيا لا تـنزفون iiحـياضه جـموما(1) كما لا ينزف الأبحر الدر
فـان تـتبعوه فـهو مـولاكم iiالـذي لــه بـرسـول الله دونـكم الـفخر
وإلا فـبـعـدوا لـلـبـعيد فـبـينه وبـيـنكم مـا لا يـقرّ بـه iiالـدهر
افـي ابن ابي السبطين أم في iiطليقكم تـنـزّلت الآيـات والـسور iiالـغر
بـنـي نـثـلة مـا أورث الله iiنـثلة ومـا ولـدت هل يستوي العبد iiوالحر
وأنـى بـهذا وهـي أعـدت iiبـرقّها أبـاكم فـاياكم ودعـوى هـي iiالكفر
ذروا الـناس ردوهم الى من iiيسوسهم فـما لـكم فـي الامر عرف ولا iiنكر
اسـرتـم قـرومـا بـالعراق اعـزّة فـقد فُـكّ مـن اعـناقهم ذلك iiالأسر
وقـد بـزكم ايـامكم عُـصب iiالهدى وانـصار ديـن الله والبيض iiوالسمر
ومـقـتـبل ايــامـه iiمـتـهـلّل الـيه الـشباب الغض والزمن iiالنضر
أدار كـما شـاء الـورى وتـحيزت عـلى الـسبعة الأفـلاك أنمله iiالعشر
تـعـالوا الــى حـكام كـل قـبيلة فـفي الأرض اقـبال وانـدية iiزهـر
ولا تـعدلوا بـالصيد مـن آل iiهاشم ولا تـتركوا فـهرا ومـا جمعت iiفهر
فـجيئوا بـمن ضمّت لؤي بن iiغالب وجـيئوا بـمن ادت كـنانة iiوالنضر
أتـدرون مـتن أزكى اللبريّة iiمنصبا وأفـضلها ان عُـدّد الـبدو iiوالحضر
ولا تــذروا عـليا مـعتد iiوغـيرها لـيُعرف مـنكم مـن له الحق iiوالأمر
ومـن عـجب ان الـلسان جرى لهم بذكر على حين انقضوا وانقضى iiالذكر
فـبـادوا وعـفى الله آثـار iiمـلكهم فـلا خـبر يـلقاك عـنهم ولا خُـبر
ألا تـلكم الأرض الـعريضة اصبحت ومـا لـبني العباس في عرضها iiفتر
فـقـد دالــت الـدنيا لآل iiمـحمد وقـد جـرّرت أذيـالها الـدولة البكر
ورد حـقوق الـطالبين مَـن ركـت صـنائعه فـي آلـه وزكـا iiالـذخر
مـعز الـهدى والـدين والرحم iiالتي بـه اتـصلت أسـبابها ولـه iiالشكر
(1) الجموم : الماء الكثير .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 85
مـن انـتاشهم في كل شرق iiومغرب فـبدّل أمـنا ذلـك الـخوف iiوالذعر
فـكـل إمـامـي يـجـيء iiكـأنما عـلى يـده الشعرى وفي وجهه iiالبدر
ولـما تـولت دولـة الـنصب iiعنهم تـولى الـعمى والجهل واللؤم iiوالغدر
حـقوق أتـت من دونها أعصر iiخلت فـما ردّهـا دهـر عـليه ولا iiعصر
فـجرد ذو الـتاج الـمقادير iiدونـها كـما جـردت بـيض مضاربها iiحمر
فـانقذها مـن بُـرثن الـدهر بـعدما تـواكلها الـقِرس المنيّب iiوالهِصر(1)
وأجـرى عـلى مـا أنزل الله iiقسمها فـلـم يـتخرّم مـنه قـلّ ولا iiكـثر
فـدونـكموها أهــل بـيت iiمـحمد صـفت بـمعزّ الـدين جمّاتها iiالكدر
فـقد صـارت الـدنيا اليكم مصيرها وصـار لـه الحمد المضاعف iiوالاجر
إمـام رأيـت الـدين مـرتبطا iiبـه فـطـاعته فـوز وعـصيانه iiخـسر
أرى مـدحـه كـالـمدح لـله iiإنـه قـنوت وتـسبيح يُـحَطّ بـه iiالوزر
هـو الـوارث الـدنيا ومن خلقت له مـن الناس حتى يلتقي القُطر iiوالقُطُر
ومـا جـهل المنصور في المهد فضله وقـد لاحـت الاعـلام والسمة البَهر
رأى أن سـيسمى مـالك الأرض iiكلها فـلـما رآه قـال ذا الـصمد iiالـوتر
ومـا ذاك أخـذا بـالفراسة iiوحـدها ولا أنـه فـيها الـى الـظن iiمضطر
ولـكن مـوجودا مـن الأثـر iiالـذي تـلقاه عـن حـبر ضـنين بـه خُبر
وكـنزا مـن الـعلم الـربوبي iiانـه هـو الـعلم حـقا لا الـقيافة iiوالزجر
فـبشّر بـه الـبيت الـمحرم iiعاجلا اذا أوجـف الـتطواف بالناس والنفر
وهــا فـكأن قـد زاره iiوتـجانفت بـه عـن قـصور الملك طيبة والسر
هـل الـبيت بـيت الله إلا iiحـريمه وهـل لـغريب الدار عن اهله iiصبر
مـنـازله الأولـى الـلواتي يـشقنه فـليس لـه عـنهنّ مغدى ولا iiقصر
وحـيث تـلقّى جـدّه القدس iiوانتحت لــه كـلمات الله والـسر iiوالـجهر
فـان يـتمنّ الـبيت تـلك فـقد دنت مـواقيتها والـعسر مـن بعده iiاليسر
(1) القرس : البعوض ، المنيب : ذو الناب . الهصر : الأسد .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 86
وإن حـنّ مـن شـوق الـيك فـانّه لـيوجد مـن ريـاك فـي جوّه iiنشر
ألـست ابـن بـانية فلو جئته iiانجلت غـواشيه وابـيضّت مـناسكه iiالغبر
حـبيب الـى بـطحاء مـكّة iiمـوسم تـحيّي مـعّدا فـيه مـكّة iiوالـحجر
هـناك تـضيء الارض نورا iiوتلتقي دنـوا فـلا يـستبعد الـسفر iiالـسفر
وتـدري فـروض الـحج من iiنافلاته ويـمتاز عـند الامـة الـخير iiوالشر
شـهدت لـقد اعـززت ذا الدين iiعزّة خـشيت لـها أن يـستبد بـه iiالكبر
فـأمضيت عـزما ليس يعصيك iiبعده مـن الـناس إلا جـاهل بـك iiمغتر
أهـنيك بـالفتح الـذي انـا iiنـاظر الـيه بـعين لـيس بـغمضها iiالكفر
فـلم يـبق الا الـبرد تـترى iiومابأى عـليك مـدى أقـصى مواعيده iiشهر
ومـا ضـر مصرا حين ألقت iiقيادها الـيك امـد الـنيل أم غـاله iiجـزر
وقـد حـبّرت فـيها لك الخطب iiالتي بـدائـعها نـظـم والـفـاظها iiنـثر
فـلـم يُـهرَق فـيها لـذي ذمّـة iiدم حـرام ولـم يـحمل على مسلم iiأُصر
غـدا جـوهر فـيها غـمامة رحـمة يـقـي جـانبيها كـل نـائبة تـعرو
كـأني بـه قـد سـار في القوم سيرة تـودّ لـها بـغداد لـو أنـها iiمـصر
سـتـحسدها فـيـه الـمشارق iiانـه سـواء اذا ما حلّ في الأرض iiوالقطر
ومـن ايـن تـعدوه سـياسة iiمـثلها وقد قلصت في الحرب عن ساقه الازر
وثـقّـف تـثـقيف الـرديني iiقـبلها ومـا الـطرف الا أن يـهذّبه iiالضمر
ولـيس الـذي يـأتي بـأوّل ما كفى فـشـدّ بـه مـلك وسـدّ بـه iiثـغر
فـمـا بـمـداه دون مـجد iiتـخلف ولا بـخـطاه دون صـالـحة بـهر
سـننت لـه فـيهم مـن الـعدل iiسنّة هـي الآيـة المجلى ببرهانها iiالسحر
عـلى ما خلا من سنّة الوحي اذ iiخلا فـأذيـالها تـضفو عـليهم iiوتـنجر
وأوصـيـته فـيهم بـرفقك iiمـردفا بـجودك مـعقودا بـه عـهدك الـبر
وصـاة كـما أوصـى بها الله iiرسله ولـيس بـأذن انـت مـسمعها وقـر
وبـينتها بـالكتب مـن كـل مـدرج كـأن جـميع الـخير في طيه iiسطر
يـقول رجـال شـاهدوا يـوم iiحكمه بـنا تـعمر الـدنيا ولـو أنـها iiقفر |