ادب الطف ـ الجزء الثاني 107
ونظم المتنبي هذا وقال :
كأن الهـام في الهيجاعيون
وقد طبعت سيوفك من رقاد
وقد صغت الاسنة من هموم
فما يخطرن إلا فـي فؤادي
وقال النجاشي والشيخ في الفهرست ، له كتاب في علم الكلام . وعده ابن النديم في
المتكلمين من الشيعة وقال : كان متكلما بارعا .
قال الحموي : وكان الناشي يعتقد الامامة ويناظر عليها باجود عبارة فاستنفد عمره في
مديح أهل البيت حتى عرف بهم ، واشعاره فيهم لا تحصى كثرة ، ومدح مع ذلك الراضي
بالله وله معه اخبار ، وقصد كافور الأخشيدي بمصر فامتدحه وامتدح ابن حِنزابَةَ وكان
ينادمه .
وفي الاعيان : وقيل وفد الناشي على عضد الدولة بن بويه وامتدحه فأمر له بجائزة
سنيّة وأحاله على الخازن فقال ما في الخزانة شيء فاعتذر اليه عضد الدولة وقال :
ربما تأخر حمل المال الينا وسنضاعف لك الجائزة متى خطر فخرج من عنده فوجد على الباب
كلابا لعضد الدولة عليها قلائد الذهب وجلال الخز قد ذبح لها السخال والقيت بين
يديها فعاد الى عضد الدولة وأنشأ يقول :
رأيـت بـباب داركـم كـلابا
تغذيـها
وتـطعمها السخالا
فهل في الأرض أدبر من أديب
يكون الكلب أحسن منه حالا
ثم حمل الى عضد الدولة مال على بغال وضاع منها بغل ووقف على باب الناشي فأخذ ما
عليه ثم دخل على عضد الدولة وأنشده قصيدته التي يقول فيها :
ومن ظن أن الرزق يـأتي
بمطلب فقد كذبته نفسه وهـو آثم
يفوت الغنى من لا ينام عن السرى
وآخر يأتي رزقه وهو نائم
` فقال له هل وصل المال الذي على البغل فقال نعم قال هو لك بارك الله لك فيه
ادب الطف ـ الجزء الثاني 108
فعجب الحاضرون من فطنته .
وفي الأعيان : قال ياقوت حدث الخالع قال حدثني ابو الحسن الناشي قال كنت بالكوفة
سنة 325 وأنا أملى شعري في المسجد الجامع بها والناس يكتبون عني .
قال السيد الأمين في الاعيان : الظاهر أن ذلك الشعر كان في مدح أهل البيت عليهم
السلام والا فغيره من الشعر لا يقرأ في المسجد الجامع بالكوفة ، وكان الناس الذين
يكتبون عنه هم الشيعة ، لان جل اهل الكوفة كانوا شيعة في ذلك الوقت . انتهى وللناشي يمدح امير المؤمنين عليه السلام :
ألا يـا خـليفة خـير iiالورى لـقد كـفر الـقوم اذ iiخالفوكا خـلافـهم بـعـد iiدعـواهم ونـكـثهم بـعدما iiبـايعوكا طـغوا بـالخريبة iiواستنجدوا بـصفين والنهر إذ iiصالتوكا أنـاس هـم حاصروا iiنعثلا ونـالوه بـالقتل ما iiاستأذنوكا فـيا عـجبا مـنهم إذ iiجنوا دمــا وبـثاراته iiطـالبوكا ولـو أيـقنوا بـنبي الـهدى وبالله ذي الـطول ما iiكايدوكا ولــو أيـقنوا بـمعاد iiلـها أزالوا النصوص ولا iiمانعوكا ولـو أنـهم آمـنوا iiبـالهدى لـما مـانعوك ولا زايـلوكا ولـكنهم كـتموا الـشك iiفي اخـيك الـنبي وأبـدوه فيكا فـلم لـم يـثوروا ببدر iiوقد قـتلت من القوم من iiبارزوكا ولـم عـردوا إذ ثنيت iiالعدى بـمهراس أُحـد ولِم iiنازلوكا ولـم أحـجموا يوم سلعٍ وقد ثـبّت لـعمرو ولِـم iiأسلموكا ولِـم يـوم خـيبر لم iiيثبتوا بـراية أحـمد iiواسـتدركوكا فـلاقيت مرحب iiوالعنكبوت واسـداً يـحامون إذ iiوجهوكا ادب الطف ـ الجزء الثاني 109
فـدكدكت حـصنهم iiقـاهرا ولـوّحت بالباب اذا حاجزوكا ولـم يـحضروا بحنين iiوقد صككت بنفسك جيشا iiصكوكا فـأنت الـمقدم فـي كل iiذاك فـيا لـيت شعري لم iiاخرّوكا فـيا نـاصر المصطفى iiأحمد تـعلمت نـصرته مـن iiأبيكا ونـاصبت نـصابه iiعـنوة فـلعنة ربـي على iiناصبيكا فـانت الـخليفة دون iiالأنـام فـما بالهم في الورى iiخلّفوكا ولا سـيـما حـين iiوافـيته وقد سار بالجيش ببغي iiتبوكا فـقال أنـاس قـلاه iiالـنبي فصرت الى الطهرإذ خفضوكا فـقال الـنبي جـوابا iiلـما يؤدي الى مسمع الطهر iiفوكا ألـم تـرض أنّا على iiرغمهم كـموسى وهارون إذ iiوافقوكا ولـو كـان بـعدي نبيّ كما جـعلت الخليفة كنت iiالشريكا ولـكنني خـاتم iiالـمرسلين وأنـت الخليفة إن iiطاوعوكا وأنـت الـخليفة يوم انتجاك عـلى الكور حينا iiوقدعاينوكا يـراك نـجيا لـه iiالمسلمون وكـان الإلـه الـذي iiينتجيكا عـلى فـم أحمد يوحى iiاليك وأهـل الضغائن مستشرفوكا وأنـت الـخليفة فـي iiدعوة الـعشيرة إذ كـان فيهم iiأبوكا ويـوم الـغدير ومـا iiيـومه لـيترك عـذرا الى iiغادريكا فـهم خـلف نـصروا iiقولهم لـيبغوا عليك ولم iiينصروكا اذا شـاهدوا لـنص قالوا iiلنا توانى عن الحق iiواستضعفوكا فـقلنا لـهم نص خير iiالورى يزيل الظنون وينفي iiالشكوكا ولـو آمـنوا بـنبيّ iiالـهدى وبالله ذي الـطول ما iiخالفوكا ادب الطف ـ الجزء الثاني 110
(الابيات) توفي ببغداد سنة 366 أو 360 والناشي كما عن أنساب السمعاني يقال لمن نشأ
في فن من فنون الشعر واشتهر به والمشهور بهذه النسبة علي بن عبدالله ، وقيل انه
توفي يوم الأربعاء لخمس خلون من صفر ومولده في سنة إحدى وسبعين ومائتين . ومن شعره كما روى ابن خلكان :
إنـي ليهجرني الصديق iiتجنُّباً فـأريـه أن لـهجره iiاسـبابا
وأخـاف إن عـاتبته iiأغـريته فـأرى لـه ترك العتاب iiعتابا
واذا بـليت بـجاهل iiمـتغافل يدعو المحال من الامور iiصوابا
أولـيته مـني السكوت iiوربما كان السكوت عن الجواب جوابا
ادب الطف ـ الجزء الثاني 111
وللناشي في مدح أمير المؤنين عليه السلام :
بـآل مـحمد عُـرف iiالصواب وفـي أبـياتهم نـزل iiالـكتاب
هـم الـكلمات لـلأسماء لاحت لآدم حـين عـزّ لـه iiالـمتاب
وهـم حـجج الآله على iiالبرايا بـهـم وبـحكمهم لا يـستراب
بـقيّة ذي الـعلى وفروع iiأصل لـحسن بـيانهم وضح iiالخطاب
وأنـوار يـرى في كل iiعصر لا رشـاد الـورى منهم iiشهاب
ذرارى أحـمـد وبـنو iiعـليّ خـلـيفته فـهـم لـبّ iiلـباب
تـناهوا فـي نـهاية كـل مجد فـطهّر خـلقهم وزكوا iiوطابوا
إذا مـا أعـوز الـطلاب iiعلم ولـم يـوجد فـعندهم iiيـصاب
مـحـبتهم صــراط iiمـستقيم ولـكن فـي مـسالكها iiعـقاب
ولا سـيما أبـو حـسن iiعـلي لـه فـي الـحرب مرتبة تهاب
كــأن سـنان ذابـله ضـمير فـليس لـها سـوى نعم iiجواب
وصـارمـه كـبـيعته iiبـخُمّ مـعاقدها مـن الـقوم iiالرقاب
اذا نـادت صـوارمه iiنـفوسا فـليس لـها سـوى نعم iiجواب
فـبين سـنانه والـدرع iiسـلم وبين البيض والبيض أصطحاب
هـو الـبكاء في المحراب ليلا هو الضحّاك إن وصل iiالضراب
ومَـن فـي خفه طرح iiالأعادي حُـبابا كـي يُلسبه iiالحُباب(1)
(1) الحباب : الأفعى .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 112
فـحين أراد لـبس الخف iiوافى يـمانعه عـن الـخف iiالغراب
وطــار بــه فـاكفأه iiوفـيه حـباب في الصعيد له iiانسياب
ومَـن نـاجاه ثـعبان iiعـظيم بـباب الـطهر ألـقته iiالسحاب
رآه الـناس فـانجفلوا iiبـرعب وأغـلقت الـمسالك iiوالـرحاب
فـلـما أن دنــا مـنه iiعـليّ تـداني الناس واستولى iiالعجاب
فـكـلّمه عـلـي iiمـسـتطيلا واقـبل لا يـخاف ولا iiيـهاب
ورنّ لـحاجز وانـساب iiفـيه وقـال وقـد تـغيبه iiالـتراب
أنـا مـلك مسخت وأنت مولى دعـاؤك إن مـننت بـه iiيجاب
أتـيتك تـائبا فـاشفع الى iiمَن الـيه فـي مـهاجرتي iiالإياب
فـاقـبل داعـيا واتـى اخـوه يـؤمن والـعيون لـها iiانسكاب
فـلـما أن أُجـيبا ظـل يـعلو كـما يـعلو لـدى الجو iiالعقاب
وانـبت ريـش طـاوس عليه جـواهر زانـها الـتبر iiالمذاب
يـقول لـقد نجوت بأهل iiبيت بـهم يـصلى لظى وبهم iiيئاب
هـم الـنبأ العظيم وفضلك iiنوح ونـاب الله وانـقطع iiالـخطاب وللناشي يمدحه سلام الله عليه :
الا إن خـير الـخلق بـعد iiمحمد عـلي الذي بالشمس ازرت iiدلائله
وصـي الـنبي المصطفى iiونجيّه ووارثـه عـلم الـغيوب iiوغاسله
ومَـن لـم يقل بالنص فيه iiمعاندا غـدا عـقله بـالرغم منه iiيجادله
يـعرّفه حـق الـوصي وفـضله عـلى الخلق حتى تضمحل iiبواطله
هو البحر يغنى من غدا في iiجواره ولا سـيما إن أظـهر الدر iiساحله
هـو الـفخر في اللأوا اذا ما ندبته ولا عـجب أن يـندب الفخر ثاكله
حـجاب آلـه الـخلق أحكم iiرتقه وستر على الاسلام ذو الطول سابله
وبـاب غـدا فـينا لـخير iiمدينة وحبل ينال الفوز في البعث iiواصله
وعـيبة عـلم الله والصادق iiالذي يـقول بـحر الـقول إن قال iiقائله ادب الطف ـ الجزء الثاني 113
عـليم بـما لا يـعلم الناس iiمظهر مـن الـعلم من كل البرية iiجاهله
يـجيب بـحكم الله مـن كل iiشبهة فـيبصر طـب الـغي منه iiمسائله
اذا قـال قـولا صدّق الوحي iiقوله وكـذّب دعوى كل رجس iiيناضله
حـميد رفـيع الـقول عند iiمليكه شـفيع وجـيه لا تـرد iiوسـائله
وخـلصان رب العرش نفس iiمحمد وقد كان من خير الورى مَن iiيباهله
امـام عـلا من ختم الرسل iiكاهلا ولـيس عـلي يحمل الطهر iiكاهله
ولـكن رسـول الله عـلاه iiعامدا عـلى كـتفيه كـي تناهى iiفضائله
أيـعجز عـنه من دحا باب iiخيبر وتـحـمله أفـراسـه iiورواحـله
فـشـرّفه خـير الانـام iiبـحمله فـبورك مـحمول وبـورك iiحامله
ولـما دحـا الأصـنام أومى iiبكفه فـكادت تـنال الـنجم منه iiأنامله
وذلـك يـوم الـفتح والـبيت قبله ومـن حوله الاصنام والكفر iiشامله وللناشي يمدحه (ع) :
يـا آل يـاسين إن iiمفخركم صـيّر كل الورى لكم iiخولا
لـو كان بعد النبي يوجد iiفي الـخلق رسـولا لكنتم iiرسلا
لــولا مـوالاتكم iiوحـبكم مـا قـبل الله لـلورى iiعملا
يـا كـلمات لـولا iiتـلقّنها آدم يـوم الـمتاب مـا iiقبلا
انـتم طـريق الى الاله iiبكم أوضـح رب المعارج iiالسبلا
آمنت فيمن مضى بكم وقضى وبـالذي غـاب خائفا iiوجلا
وهـو بـعين الله العلي iiيرى مـا صنع المختفي وما iiفعلا
ويـؤمن الارض من iiتزلزلها إذ كـان طـودا لثبتها iiجبلا
حـتى يشاء الباري iiفيظهره للقسط والعدل خير من iiعدلا
يـا غـائبا حـاظرا iiبانفسنا وبـاطنا ظـاهرا لمن iiعقلا
يـابن الـبدور الذين نورهم يـسطع في الخافقين ما iiأفلا
وابـن الـهمام الذي iiبسطوته قوّض ظعن الاشراك iiمرتحلا ادب الطف ـ الجزء الثاني 114
اقـام ديـن الاله اذ iiكسرت يـداه فـي فـتح مكة iiهبلا
عـلا على كاهل النبي iiولو رام احـتمالا لاحـمد iiحملا
ولـو أراد الـنجوم لامسها بـما له ذو الجلال قد iiكفلا
مَـن يـغتل فليكن علاه كذا أولا فـقد بـآء هابطا iiسفلا
امسكت منكم حبل الولاء فما أراه إلا بالله iiمــتـصـلا ومن شعره قوله يصف فرسا :
مثل دعاء مستجاب إن علا أو كقضاء نازل اذا هبط
وقوله :
لا تعتذر بـالشـغل عنـا إنما
ترجى لانك دائـما مشغـول
واذا فرغت ولا فرغت فغيرك المرجو والمـطلوب والمأمول
وسمي بالناشي الاصغر في مقابلة الناشي الاكبر وهو :
أبو العباس عبد الله بن محمد الانباري البغدادي المعروف بابن شرشير الشاعر حكي انه
كان في طبقة ابن الرومي والبحتري وكان نحويا عروضيا منطقيا متكلما له قصيدة في فنون
من العلم تبلغ أربعة آلاف بيت وله عدة تصانيف وأشعار كثيرة في جوارح الصيد والامة
والصيود كأنه كان صاحب صيد وقد أستشهد كشاجم بشعره في كتاب المصايد والمطارد في
مواضع توفي بمصر سنة 293 انتهى ما قاله القمي في الكنى والالقاب . وقال السيد
الامين في الأعيان :
الناشي الاكبر اسمه عبيد الله بن محمد بن شرشر ولا دليل على تشيعه
|