ادب الطف ـ الجزء الثاني 309
ومحفوظه في الكتب . وانقطع عن أكل اللحم من ذلك الحين واقتصر على النبات كما يفعل
النباتيون اليوم ـ اقتبس ذلك من آراء البراهمة الهنود فذهب مذهبهم فيه رفقاً
بالحيوان وتجافياً عن إيلامه . ولزم الصوم الدائم .
قضى ابو العلاء في هذه العزلة بضعاً وأربعون سنة وأكله العدس وحلاوته التين وهو
يؤلف وينظم والناس يتوافدون اليه ليسمعوا أقواله وأخباره أو يكاتبوه في استفهام
واستفتاء ويأخذوا عنه العلم مجاناً حتى توفاه الله سنة 449 .
وكان معدوداً من أقطاب العلم والأدب والشعر ويمتاز بأنه لم يتكسب بشعره .
مؤلفاته :
خلف مؤلفات في الشعر وفي الادب ـ أما اشعاره فاشهرها :
1 ـ اللزوميات : وهو ديوان كبير طبع في بمباي سنة 1303 هـ . ثم في مصر سنة 1895 في
نحو 900 صفحة . في صدرها مقدمة في الشعر وشروطه وقوافيه على اسلوب انتقادي يدل على
رسوخ قدمه في اللغة والشعر . وذكر ما التزمه في نظم هذا الديوان من الشروط اهمها
التزام حرفين في القافية وقد نظمه في اثناء عزلته وضمنه كثيراً من آرائه في الوجود
والخليقة والنفس والدين . فكان له وقع عند أصحاب الفلسفة فقالوا : «ان أبا العلاء
أتى قبل عصره باجيال» وتمتاز اشعاره في عزلته بصبغه سوداوية تشف عن سوء ظنه في
الحياة ويأسه من أسباب السعادة لعل سببها اختلال عمل الهضم بتوالي الصوم والاقتصار
على نوع او نوعين من الأطعمة . على ان اكثر اشعاره في الفلسفة والزهد والحكم والوصف
ويندر فيها المدح او التشبيب . وقد نقل امين افندي ريحاني بعض رباعياته الى
الانكليزية نشرت في اميركا منذ بضع سنين وترجم بعض اشعاره ايضاً جورج سلمون الى
اللغة الفرنسية ونشرها في باريس سنة 1904 .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 310
2 ـ سقط الزند : وهو ديوان آخر نظمه قبل العزلة . طبع مراراً .
3 ـ ضوء السقط : يقتصر على ما نظمه في الدرع طبع في بيروت سنة 1894 . اما الادب فله
مؤلفات عديدة ربما زادت على خمسين كتاباً أكثرها في اللغة والقوافي والنقد والفلسفة
والمراسلات ضاع معظمها واليك ما بلغ الينا خبره منها : 4 ـ رسائل أبي العلاء : هي
كثيرة لو جمعت كلها لبلغت ثمانمائة كراس وقد توخي فيها التسجيع والعبارة العالية
والكلام الغريب نحو ما يفعلون في إنشاء المقامات فلا تفهم بلا تفسير وهي من قبيل
الشعر المنثور في وصف الخلائق كالنمل والجراد والنسر والفيل والنحل والضفدع والفرس
والضيع والحية ونحوها من الحيوانات . غير وصف الاماكن والمواقف والثياب والمآكل
وغيرها مما يحسن تحديه لولا ما فيه من اللفظ الغريب . ولكن معظمها ضاع وقد جمع أكثر
ما بقي منها في كتاب طبع في بيروت سنة 1894 مضبوطاً بالحركات . وطبع ايضاً في
اكسفورد سنة 1898 بعناية الاستاذ مرجليوت المستشرق الانكليزي مع ترجمة انكليزية
وتعاليق وشروح تاريخية وادبية مفيدة . وقد صدرها بمقدمة في ترجمة المؤلف
بالانكليزية وذيلها بما ذكره الذهبي من ترجمته وختمها بفهرس للاعلام .
5 ـ رسالة الغفران : هي جملة رسائله ولكننا أفردناها بالكلام لانها طبعت على حدة
ولها شأن خاص من حيث موضوعها . وهي فلسفية خيالية كتبها في عزلته وضمنها انتقاد
شعراء الجاهلية والاسلام وادبائهم والرواة والنحاة على اسلوب روائي خيالي لم يسبقه
اليه احد . فتخيّل رجلا صعد الى السماء ووصف ما شاهده هناك كما فعل دانتي شاعر
الايطاليان في «الرواية الالهية» وما فعل ملتن الانكليزي في «ضياع الفردوس» لكن أبا
العلاء سبقهما ببضعة قرون .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 311
لأن دانتي توفي سنة 720 هـ وملتن نحو سنة 1084 هـ وتوفي ابو العلاء سنة 449 هـ فلا
بدع اذا قلنا باقتباس هذا الفكر عنه . واقدمها (دانتي) لم يظهر الا بعد احتكاك
الافرنج بالمسلمين . والايطاليان أسبق الافرنج الى ذلك . ونقسم مواضيع رسالة
الغفران الى قسمين ادبي لغوي ونوادر خيالية عن بعض الزنادقة ومستقلي الافكار
والمتنبئين ونحوهم ممن توالى ظهورهم في اثناء التمدن الاسلامي . ويتخلل ذلك محاورات
مع الشعراء الجاهليين يسألون فيها عما غفر لهم به فيذكر كل منهم شعراً قاله أو عملا
عمله فغفر له به . ومنها تسمية هذه الرسالة برسالة الغفران ـ كأنه يعرض بما يرجوه
من المغفرة لنفسه عما فرط منه أحياناً من الابيات التي يعدها الناس كفرية . وقد
طبعت هذه الرسالة بمصر سنة 1906 ولخصناها في السنة 15 من الهلال من صفحة 279 .
6 ـ ملقى السبيل : هي رسالة فلسفية نشرتها مجلة المقتبس سنة 7 ج 1 عن أصل خطي قديم
وجد في الاسكوريال بعناية ح . ح . عبد الوهاب التونسي . وهي على نسق رسائله الأخرى
لكن أكثرها منظوم . وقد قابل الناشر بين آراء المعري فيها واراء شوبنهور الفيلسوف
الالماني من حيث الحياة ومصيرها وطبعها على حدة سنة 1912 .
7 ـ كتاب الايك والغصون ويعرف باسم الهمزة والردف : يبحث في الادب واخبار العرب
يقارب مئة جزء ضاع منذ بضعة قرون وإنما ذكرناه لعل أحداً يعثر على شيء منه إذ يظهر
أنه عظيم الاهمية فقد قال فيه الذهبي «حكى مَن وقف على المجلد الاول بعد المئة من
كتاب الهمزة والردف فقال : لا أعلم ما كان يعوزه بعد هذا المجلد» وعنى أبو العلاء
بشرح كتب هامة أو اختصارها مرّ ذكر بعضها . منها شرح الحماسة منه نسخة خطية في
المكتبة الخديوية في 442 صفحة وهو شرح لغوي وكان مشاركا في كثير من علوم الاقدمين
كالفلسفة والكيمياء والنجوم والمنطق ويظهر أثر ذلك في أشعاره وأقواله . ولو أردنا
الاتيان بامثلة منها لضاق بنا المقام ودواونيه شائعة فميزناه
ادب الطف ـ الجزء الثاني 312
نجلو ترجمته من الامثلة الشعرية كما ميزنا المتنبي قبله . وقد تقدم ذكر شيء من شعره
في كلامنا عن مزايا الشعر في هذا العصر وغيره . وسنأتي بأمثلة اخرى في أمكنة أخرى .
منزلته :
ويقال بالاجمال ان الشعر العربي دخل بعد المعري في طور جديد من حيث النظر في
الطبيعة والتفكير في الخلق والحكمة الاجتماعية . فانتقل الشعر على يده من الخيال
الى الحقيقة . واختلف الناس في مناقب أبي العلاء واخلاقه واعتقاده . وله فلسفة خاصة
في الدين والطبيعة والخليقة . وهو أقرب من هذا القبيل الى مذهب اللا أدريين ويعتقد
التقمص وخلود المادة وان الفضاء لا نهاية له . وكان يقبح الزواج ويعد تخليف الاولاد
جناية . وكان يرى المرأة لا ينبغي لها أن تتعلم غير الغزل والنسج وخدمة المنزل .
وكان من القائلين بالرفق بالحيوان فقضى النصف الأخير من عمره لم يذق لحماً . وله
أقوال في هذا الموضوع سبق بها أصحاب الرفق بالحيوان اليوم عدة قرون . وعثر له
الاستاذ مرجليوث على رسالة في هذا الموضوع جزيلة الفائدة نشرها في المجلة الاسيوية
الانكليزية ولخصناها في الهلال سنة 15 ج 4 .
وقد اتهمه بعضهم بالكفر وكانوا يتهمون به كل حُر الضمير مستقل الفكر في تلك الايام
. مع أن اعترافه بالخالق ووحدانيته ظاهرة في كثير من أشعاره لكنه لم يكن يرى
الاعتقاد بالتسليم بل التفكير . وكان حقيقة الدين عنده أن يعمل الانسان خيراً لا أن
يكثر من الصلوة والصوم . ولذلك كان شديد الوطأة على الفقهاء الذين يتظاهرون بالدين
للارتزاق . وقد فصلنا ذلك وايدناه بالامثلة من أشعاره واقواله في السنة الخامسة
عشرة من الهلال من صفحة 195 .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 313
فمن شعره في الزهد :
ضحكنا وكان الضحك منا سفاهةً وَحُقّ لسُكّان البسيطة أن يبكوا
يحطّمُنا صرف الزمـان كأنـنا زُجاجٌ ولكن لا يُـعاد لَنا سَبك
ومن شعره في الزهد :
فـلا تشرّف(1) بدنيا عنك معرضةً فـما الـتشرّف بـالدنيا هو iiالشرف
واصرف فؤادك عنها مثلما انصرفت فـكلنا عـن مغانيها(2) iiسينصرف
يـا أم(3) دفـرٍ لـحاكِ الله iiوالـدةً فـيك الخناء وفيكِ البؤس iiوالسرف
لـو أنّك العُرس أوقعتُ الطلاق iiبها لـكنك الأمّ مـالي عـنكِ iiمُنصرف
وكتب الحموي في معجم الادباء ترجمة وافية لابي العلاء وأورد طائفة كبيرة من اشعاره
وذكر جملة من مؤلفاته قال : ومنها كتاب بعض فضائل امير المؤمنين علي بن ابي طالب
كرم الله وجهه ثم أورد جملة من رسائله وفي سوء اعتقاده وقال : فمنها قوله :
(1) اصلها تتشرف فحذف أحد التائين تخفيفا .
(2) جمع مغنى وهو المحل المأهول بأهله .
(3) كنية الدنيا .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 314
تناقضُ ما لنـا إلا السـكوت له وان نعـوذ بمـولانـا من النار
يدٌ بخمس مئين عسجد(1) فُديت ما بالُها قُطعت في ربع دينار(2)
أقول وهناك من رد عليه وابان له الحكمة فقال :
عزُ الأمانة اغلاها وارخصها ذُل الخيانة فافهم حكمة الباري .
وقال آخر : لما كانت امنية ثمينة ولما خانت هانت .
(1) العسجد : الذهب ، مقدار دية اليد على من اتلفها .
(2) استفهام انكاري متضمن معنى التعجب .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 315
زيد بن سهل الموصلي النحوي
زيد بن سهل الموصلي النحوي ـ مرزكة ـ يرثي الحسين عليه السلام :
فلولا بكاء المزن حـزناً لفقده لما جـاءنا بـعد الحسـين غـمامُ
ولو لم يشق الليل جلبابه اسىً لما انجاب من بعد الحسين ظلام(1)
(1) اعيان الشيعة ج 33 ص 40 .
ادب الطف ـ الجزء الثاني 316
زيد بن سهل الموصلي النحوي يعرف بـ مرزكة :
توفي بالموصل حدود 450 كما في الطليعة وفي بغية الوعاة (مرزكة) بفتح الميم وسكون
الراء وفتح الزاي وتشديد الكاف وفي معالم العلماء : زيد بن سهل النحوي المرزكي
الموصلي ، ووصفه ابن شهر اشوب في المناقب في بعض المواضع بالواسطي وهو تحريف
الموصلي .
قال الصفدي كان نحويا شاعراً اديباً رافضياً وقال في ترجمة علي بن دبيس النحوي
الموصلي قال ياقوت اخذ عنه زيد مرزكة الموصلي . وفي معالم العلماء زيد بن سهل
النحوي المرزكي الموصلي له شرح الصدور . وهو من شعراء أهل البيت ذكره ابن النديم في
شعراء الشيعة ومتكلميهم .
أورد له صاحب المناقب من الشعر قوله :
مدينة الـعلم علـيٌ بـابها وكل من حاد عن
الباب جهل
أم هل علمتم قيلة من قائلٍ قال سلوني قبل ادراك الاجل
وله :
حـفر بطيبة والغري iiوكربلا وبـطوس والزورا iiوسامراء
ما جئتهم في كربة إلا iiانجلت وتـبدّل الـسراء iiبـالضراء
قـومٌ بهم غُفرت خطيئة آدمٍ وجرت سفينة نوح فوق الماء
ادب الطف ـ الجزء الثاني 317
وله في الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام :
قصدتك يا موسى بن جعفر راجياً بقصدك
تمحيص الذنوب الكبائر
ذخرتك لي يوم القيامـة شـافعاً وأنت لعمـر الله خير الذخائـر
وله كما في المناقب لابن شهر اشوب :
أيـا لائـمي في حب أولاد فاطم فـهل لـرسول الله غيرهم iiعقبُ
هـم أهـل ميراث النبوة iiوالهدى وقـاعدة الـدين الحنيفي iiوالقطب
أبوهم وصيّ المصطفى وابن عمه ووارث عـلم الله والبطل iiالندب
وله كما في المناقب :
رُدّت له الشمس ضحى بعدما هوت هويّ الكوكب الغاير
وله كما في أعيان الشيعة :
ونـام عـلى الفراش له iiفداء وأنـتم فـي مضاجعكم iiرقود
ويـوم حـنين إذ ولوا iiهزيما وقد نشرت من الشرك iiالبنود
فغادرهم لدى الفلوات صرعى ولـم تـغن المغافر iiوالحديد
فـكم مـن غأادر ألقاه iiشلواً عـفير الترب يلثمه iiالصعيد
هُـم بـخلوا بـانفسهم iiوولّوا وحـيـدرة بـمهجته iiيـجود
وفي الاحزاب جاءتهم iiجيوِشٌ تـكاد الـشامخات لـها iiتميد
فـنادى المصطفى فيهم iiعلياً وقـد كادوا بيثرب أن iiيكيدوا
فـأنت لـهذه ولـكل iiيـوم تـذلّ لـك الجبابر iiوالاسود
فسقى العامريّ كؤوس iiحتف فـهزمت الـجحافل iiوالجنود
ادب الطف ـ الجزء الثاني 318
وأورد له صاحب المناقب قوله في أهل البيت عليهم السلام :
قــومٌ رســول الله iiجـدّهم وعـليّ الأب فـانتهى iiالشرف
غـفـر الالــه لآدم iiبـهـم ونـجا بـنوح فـلكه iiالـقذف
امـناء قد شهدت بفضلهم الت ورات والانـجيل iiوالـصحف
مـنهم رسـول الله اكـرم iiمَن وطئ الحصى وأجلّ من أصف
وعـليّ الـبطل الامـام ومَن وارى غـرائب فضله iiالنجف
وغـداً عـلى الحسنين متّكلي في الحشر يوم تنشّر iiالصحف
وشـفاعة الـسجاد iiتـشملني وبـها مـن الآثـام iiاكـتنف
وبـباقر الـعلم الـذي iiعلقت كـفي بـحبل ولائـه iiالزلف
وبـحب جـعفرٍ اقـتوى iiأملي ولـشقوتي فـي ظـلّه iiكـنف
ووسـيلتي مـوسى iiوعـترته اكـرم بـهم من معشر iiسلَفوا
مـنـهم عـلـيٌ وابـنه iiوع لـي وابـنه ومـحمد iiالخلف
صـلى الالـه عـليهم iiوسقى مـثـواهم الـهطالة iiالـوكف
ادب الطف ـ الجزء الثاني 319
احمد بن عبد الله (بن زيدون)
ابن زيدون المولود 394 والمتوفي 463هـ
الـدهر يـفجع بـعد الـعين iiبالاثر فـما الـبكاء على الاشباح iiوالصور
انـهـاك انـهاك لاالـوك iiمـوعظة عـن نـومة بين ناب الليث iiوالظفر
فـالدهر حـرب وان ابـدى مسالمة والبيض والسود مثل البيض iiوالسمر
ولا هــوادة بـين الـراس iiتـاخذه يـد الـضراب وبـين الصارم iiالذكر
فـلا تـغرنك مـن دنـياك iiنـومتها فـما صـناعة عـينيها سوى السهر
ومــا الـليالي اقـال الله iiعـثرتنا مـن الـليالي وخـانتنا يـد الـغير
فـي كـل حـين لنا في كل iiجارحة مـنا جـراح وان زاغت عن iiالبصر
تـسر بـالشيء لـكن كـي تعز iiبه كـالايم ثـار الى الجاني من iiالزهر
كـم دولـة مـضت والنصر iiيخدمها لـم تـبق منها وسل ذكراك من iiخبر
وروعـت كـل مـامون iiومـؤتمن واسـلمت كـل مـنصور iiومنتصر
ومـزقت جـعفرا بالبيض iiواختلست مـن غـيله حـمزة الـظلام للجزر
واجـزرت سـيف اشـقاها ابا iiحسن وامـكنت مـن حـسين راحتي iiشمر
ولـيتها اذ فـدت عـمروا iiبـخارجة فـدت عـليا بـمن شاءت من iiالبشر
وفي ابن هندوفي ابن المصطفى حسن اتـت بـمعضلة الالـباب iiوالـفكر
واردت ابـن زيـاد بـالحسين iiفـلم يـبوء بـشسع لـه قد طاح او iiظفر
واحـرقت شـلو زيد بعدما iiاحترقت عـليه وجـدا قـلوب الآي iiوالسور
واسـبلت دمـعة الروح الامين iiعلى دم بـفـخ لآل الـمـصطفى هـدر ادب الطف ـ الجزء الثاني 320
ابن زيدون . احمد بن عبد الله بن احمد بن غالب بن زيدون المخزومي الاندلسي القرطبي
الشاعر المشهور كان من خواص المعتضد عباد صاحب اشبيلية وكان معه في صورة وزير. له
اشعار كثيرة ومن بديع قلائده هذه القصيدة:
اضحى التنائي بديلا من تدانينا ونـاب عن طيب لقيانا iiتجافينا
تـكاد حـين تناجيكم ضمائرنا يقضي علينا الاسى لولا iiتاسينا
حـالت لـبعدكم ايـامنا iiفغدت سـودا وكانت بكم بيضا ليالينا
مـن مـبلغ الملبسينا بانتزاحهم ثوبا من الحزن لا يبلى iiويبلينا
ان الزمان الذي قد كان يضحكنا انـسا بـقربكم قـد عاد iiيبكينا
فـانحل ما كان معقودا iiبانفسنا وانـبت ما كان موصولا بايدينا
بـالامس كنا وما يخشى iiتفرقنا والـيوم نحن ولا يرجى iiتلاقينا
لا تـحسبوا نـأيكم عنا يغيرنا اذ طـالما غـير النأي iiالمحبينا
والله مـا طـلبت ارواحنا iiبدلا عنكم ولا انصرفت فيكم iiامانينا
توفي باشبيلية سنة 463 وكان له ولد يقال له ابو بكر تولى وزارة المعتمد بن عباد قتل
يوم اخذ يوسف بن تاشفين قرطبة من ابن عباد وذلك في 2 صفر سنة 484 . قال الشيخ ابن
نما الحلي في كتابه مقتل الحسين المسمى بـ(مثير الاحزان):
وقد ختمت كتابي هذا بهذه الابيات وهي لابن زيدون المغربي تنفذ في كبد المحزون نفوذ
السمهري.
ادب الطف ـ الجزء الثاني 321
بـنتم وبـنّا فـما ابـتلّت iiجوانحنا شـوقاً الـيكم ومـا جـفّت iiمأقينا
تـكاد حـين تـناجيكم iiضـمائرنا يـقضي عـلينا الاسى لولا iiتأسينا
حـالـت لـبعدكم أيـامنا فـغدت سـوداً وانـت بـكم بـيضاً iiليالينا
لـيبق عـهدكم عـهد السرور iiفما كـنـتم لارواحـنـا إلا iiريـاحينا
مَـن مـبلغ الـملبسينا iiبـانتزاحهم ثـوباً مـن الحزن لا يبلى iiويبلينا
إن الـزمان الـذي قد كان iiيضحكنا أنـساً بـقربكم قـد عـاد يـبكينا
غيظ العدى من تساقينا الهوى فدعوا بـان نـغصّ فـقال الـدهر آمينا
فـانحل مـا كـان معقوداً iiبانفسنا وأنـبتّ مـا كـان موصولاً iiبايدينا
بـالامس كـنا ومـا يخضى تفرّقنا والـيوم نـحن ولا يـرجى iiتلاقينا
لا تـحسبوا نـأيكم عـنا iiيـغيرنا إذ طـالما غـيّر الـنأي iiالـمحبينا
والله مـا طـلبت أرواحـنا بـدلاً عـنكم ولا انـصرفت فيكم iiأمانينا
لـم نـعتقد بـعدكم إلا الـوفاء iiلكم رأيــاً ولـم نـتقلّد غـيره iiديـنا
يـا روضة طال ما اجنت لواحظنا ورداً جـلاه الـصبا غضّاً iiونسرينا
ويـا نـسيم الـصبا بـلّغ تـحيّتنا مَـن لو على البعد حياً كان iiيحيينا
لـسنا نـسمّيك إجـلالاً iiوتـكرمة وقـدرك الـمعتلي فـي ذاك iiيكفينا
اذا انـفردت وما شوركت في iiصفة فـحسبنا الـوصف ايضاحا iiوتبيينا
لـم نـجف أفـق كمال أنت iiكوكبه سـالين عـنه ولـم نـهجره iiقالينا
عـليك مـنا سـلام الله مـا iiبقيت صـبـابة بـك تـخفيها فـتخفينا
ادب الطف ـ الجزء الثاني 322
الأمير عبد الله بن محمد بن سنان الخفاجي
يـا أمـةً كفرت وفي iiأفواهها الـقرآن فيه ضلالها iiورشادُها
أعـلى الـمنابر تُعلنون iiبسبّه وبـسيفه نُصبت لكم iiأعوادها
تـلك الـخلائق بينكم iiبدرية قتل الحسين وما خبت أحقادها
ومنها في علي أمير المؤمنين عليه السلام :
مالي أراك على عُلاك تناكرت أحقادها
وتسالمت أضدادها
|