ادب الطف

 
 

أدب الطف ـ الجزء الثالث 224

ولا سـفروا لـثاماً عـن حـياء      ولا كــرم ولا أنــف iiحـمي
وسـاقوا ذود أهـل الـحق ظلماً      وعـدواناً إلـى الـورد iiالـوبي
تـذودهم الـرماح كـما تذاد iiالر      كـاب  عـن الـموارد iiبالعصي
وسـاروا بـالكرائم مـن iiقريش      سـبايا  فـوق أكـوار iiالـمطي
فـيـا  لـله يـوم نـعوه iiمـاذا      وعـى سـمع الرسول ان iiالنعي
ولـو رام الـحياة سـعى iiالـيها      بـعزمته نـجاء المضرحي 
(1)
ولـكنم  الـمنية تـحت ظل iiالر      قـاق  الـبيض أجـدر iiبـالأبي
فـيا عصب الضلالة كيف iiجرتم      عـناداً عـن صـراطكم iiالسوي
وكـيف عـدلتم مولود حجر iiالن      بــوة  بـالغوي ابـن iiالـغوي
فـألـقيتم وعـهـدكم iiقـريـب      وراء ظـهـوركم عـهد iiالـنبي
وأخـفـيتم  نـفـاقكم إلـى iiأن      وثـبتم وثـبة الـليث iiالـضري
وأبـديـتم  حـقـودكم iiوعـدتم      الـى  الـدين الـقديم iiالـجاهلي
ولولا الضغن ما ملتم على ذي ال      قـرابـة  لـلـبعيد iiالأجـنـبي
كـفى حـرباً ضـمانكم لقتل iiال      حـسين  جـوائز الـرفد iiالسني
وبـيـعكم  لاخـراكـم iiسـفاها      بـمـنزور  مـن الـدنيا iiبـلي
وحـسبكم غـداً بـأبيه iiخـصماً      اذا عـرف الـسقيم مـن iiالبري
صـلـيتم  حـربه بـغياً فـانتم      لـنـار  الله أولــى iiبـالصلي
وحـرمتم  عـليه الـماء iiلـؤما      وإقـبالا  عـلى الـخلق iiالـدني
وأوردتــم  جـيـادكم iiواظـمأ      تـمـوه شـربتم غـير iiالـهني
وفــي صـفين عـاندتم iiأبـاه      وأعـرضتم عـن الـحق iiالجلي
وخـادعـتم  إمـامـكم iiخـداعاً      أتـيـتم  فـيه بـالأمر iiالـفري
إمـاما كـان ينصف في iiالقضايا      ويـأخذ  لـلضعيف مـن iiالقوي
فـأنكرتم  حـديث الشمس iiردت      لــه وطـويتم خـبر iiالـطوي

(1) الضرحي، النسر الطويل الجناح.

أدب الطف ـ الجزء الثالث 225

فـجـوزيتم لـبغضكم iiعـلياً      عذاب الخلد في الدرك iiالقصي
سـأهدي  لـلأئمة من iiسلامي      وغـر مـدئحي أزكـى iiهدي
سـلاماً  اتـبع الـوسمي iiمنه      عـلى تـلك الـمشاهد iiبالولي
واكـسو  عـاتق الأيـام iiمنها      حـبائر  كـالرداء iiالـعبقري
حـسـانا لا اريـد بـهن iiإلا      مـساءة كـل بـاغ خـارجي
يـضوع  لها اذا نشرت iiأريج      كـنشر  لـطائم المسك iiالذكي
كـأنفاس  الـنسيم سرى iiبليلا      بـهن ذوائـب الـورد iiالجني
لـطـيبة والـبقيع وكـربلاء      وسـامـراء تـغدو والـغري
وزوراء العراق وأرض طوس      سـقاها الـغيث من بلد iiقصي
فـحيا الله مـن وارته تلك iiال      قـباب الـبيض من حبر iiنقي
وأسـبل  صوب رحمته iiدراكا      عـلـيها  بـالغدو iiوبـالعشي
فـذخري  لـلمعاد ولاء iiقـوم      بـهم عرف السعيد من iiالشقي
كـفاني عـلمهم أنـي iiمـعاد      عـدوهـم  مــوال iiلـلولي

أدب الطف ـ الجزء الثالث 226

ابن التعاويذي (1).

ابو الفتح محمد بن عبيد الله بن عبدالله الكاتب الشاعر المشهور.

قال الشيخ القمي في الكنى: أورده بعض علمائنا في رجال الشيعة، ونقل عن نسمة السحر قال: انه من كبار الشيعة وذكر قصيدته في رثاء الحسين وأبياته المرسلة الى ابن المختار نقيب مشهد الكوفة التي فيها التصريح بتشيعه، كان كاتباً بديوان المقاطعات ببغداد. توفي بغداد سنة 584. انتهى

وكذا ذكر الشيخ الأميني في (الغدير) وفي أعيان الشيعة قال: هو المعروف بسبط ابن التعاويذي. ولد عشر رجب 519 وتوفي ثاني شوال عام 553 ببغداد ودفن بباب ابرز وكان قد جمع ديوانه بنفسه قبل أن يعمى بصره ومن شعره الذي رواه صاحب نسمة السحر قصيدته التي أولها: ارقت للمع برق حاجري. وفي تذكرة شرف الدين موسى: سبط ابن التعاويذي كان شاعر وقته لم يكن فيه مثله، جمع شعره جزالة الالفاظ وعذوبتها ودقة المعاني ورقتها، وقال جرجي زيدان في آداب اللغة ج3 ص 24.

ابن التعاويذي هو أبو الفتح محمد بن عبدالله ويعرف ايضاً بسبط التعاويذي لأنه سبط تعاويذي آخر من أجداده اسمه المبارك نسب اليه لأنه كفله صغيراً فنشأ في حجره. وكان شاعر وقته ويعتقد ابن خلكان انه لم يكن قبله بمئتي سنة من يضاهيه. عمي في آخر عمره وله في عماه أشعار يرثي.

(1) التعاويذي نسبة الى كتبة التعاويذ وهي الحروز، ولعل أباه كان يرقي ويكتب التعاويذ.

أدب الطف ـ الجزء الثالث 227

بها عليه ويندب شبابه. جمع ديوانه بنفسه قبل العمى وصدره بخطبة ورتبة على أربعة فصول وكل ما جد بعد ذلك سماه الزيادات. طبع هذا الديوان بمصر سنة 1904 مضبوطاً بالشكل الكامل بعناية الاستاذ مرجليوث وقد ذيله بفهرس أبجدي مفيد وصدره باسماء الكتب التي جاء فيها شيء من شعر ابن التعاويذي. وهو كثير الكوى في أشعاره.

ولما عمي كان باسمه راتب في الديوان، فالتمس أن ينقل باسم أولاده فلما نقل كتب الى الامام الناصر لدين الله هذه الابيات يسأله أن يحدد له راتباً مدة حياته وهي:

خليفة الله انت بالدين والدنيا وأمـر الاسـلام مضـطلع

انــت لما سنة الأئـمة أعلام الهـدى مقتـف ومتـبع

قد عدم العدم في زمانك والجور معاً والخلاف والـبدع

فالناس في الشرع والسياسة والاحسان والعدل كلهم شرع

يـا ملكا يردع الحـوادث والايام عـن ظلمها فترتـدع

ومــن  لـه أنـعم iiمـكررة      لـنا  مـصيف مـنها iiومرتبع
أرضـي قد أجدبت وليس iiلمن      أجـدب يـوماً سـواك iiمنتجع
ولــي عـيال لا در iiدرهـم      قـد أكـلوا دهرهم وما iiشبعوا
لـو وسـموني وسم العبيد iiوبا      عوني بسوق الاعراب ما قنعوا
اذا  رأونـي ذا ثـروة iiجلسوا      حـولي ومـالوا الي iiواجتمعوا
وطالما  قطعوا حبالي iiإعراضاً      اذا لــم تـكن مـعي iiقـطع
يـمشون حـولي شـتى iiكأنهم      عـقارب كـلما سـعوا iiلسعوا
فـمنهم  الطفل والمراهق iiوال      رضـيع  يحبو والكهل iiواليفع
لا قــارح مـنهم أؤمـل iiأن      يـنـالني  خـيره ولا iiجـذع
لـهم  حـلوق تفضي الى iiمعد      تـحمل في الاكل فوق ما iiتسع

أدب الطف ـ الجزء الثالث 228

مـن  كـل رحب المعاء iiأجوفه      خـاوي  الـحشا لا يمسه الشبع
لا  يحسن المضع فهو يترك iiفي      فـيـه  بــلا كـلفة iiويـبتلع
ولـي حـديث يلهو ويعجب من      يـوسع  لـي خـلقه iiفـيستمع
نـقلت رسـمي جـهلاً الى iiولد      لـست بـهم مـا حـييت أنتفع
نـظرت فـي نـفعهم ومـا iiأنا      فـي اجتلاب نفع الاولاد iiمبتدع
وقـلت هـذا بـعدي يكون iiلكم      فـما أطـاعوا أمري ولا سمعوا
واخـتلسوه  مـني فـما iiتركوا      عـيني عـليه ولا يـدي iiتـقع
فبئس والله ما صنعت iiفاضررت      بـنفسي وبـئس مـا iiصـنعوا
فان أردتم أمراً يزول به الخصام      مـــن بـيـنـنا iiويـرتـفع
فـاستانفوا  لي رسماً أعود iiعلى      ضـنك  مـعاشي بـه iiفـيتسع
وإن  زعـمتم أنـي أتـيت iiبها      خـديـعة  فـالـكريم iiيـنخدع
حـاشا لـرسم الكريم ينسخ iiمن      نـسـخ دواويـنـكم iiفـينقطع
فـوقعوا لـي بـما سـألت iiفقد      أطـمعت نفسي واستحكم iiالطمع
ولا  تـطيلوا مـعي فلست iiولو      دفـعـتموني  بـالراح iiأنـدفع
وحـلفوني  ان لا تـعود iiيـدي      تـرفع  فـي نـقله ولا تـضع

فما ألطف ما توصل به الى بلوغ مقصوده بهذه الابيات التي لو مرت بالجماد لاستمالته وعطفته فانعم عليه أميرالمؤمنين بالراتب.

وسمع منشداً ينشد قول الصابي:

والعمر مثل الكأس ير     سب في أواخره القذا

فقال:

فمن شبه العمر كأساً يقر     قـذاه ويرسـب في أسفلـه

فإني رأيت الـقذا طائفاً      على صفحة الكأس في أوله

أدب الطف ـ الجزء الثالث 229

وقال من قصيدة يندب فيها بصره وأولها:

أترى تعود لنا كما     سلفت ليالي الابرقين

ومنها:

حـالان مـستني iiالـحوا      دث مـنـهما iiبـفجيعتين
إظـلام عـين فـي iiضيا      ء  مشيب رأس سر iiمدين
صـبـح وإمـساء iiمـعاً      لا  خـلفة فـاعجب iiلذين
قـد رحـت فـي iiالـدنيا      من السراء صفر الراحتين
أســوان لا حــي iiولا      مـيت كـهمزة بـين بين

ويقول فيها:

فـأناخ  في آل iiالرسول      مـجـاهراً  iiبـرزيتين
بـدأ  بـرزء فـي iiأبي      حسن وعوداً في الحسين
الـطـيبين iiالـطاهرين      الـخـيرين iiالـفاضلين
الـمدليين إلـى iiالـنبي      مـحـمد  iiبـقـرابتين

وقال يهجو حمامياً:

وجه يحيى بن بختيار إذا     فكرت فيه من سائر الأنحاء

مثل حمامه المشوم سواء     مظلم بـارد قليـل المــاء

وقال:

لميمون وجه يسوء العيون      مـنظره الأسـود iiالحالك
وحـمامه  مـظلم iiبـارد      يـضل بـأرجائه iiالسالك
وهـب  أن حـمامه iiجنة      ألـيس  عـلى بابه iiمالك

أدب الطف ـ الجزء الثالث 230

وقال ابن التعاويذي من قصيدة يعاتب فخر الدين محمد بن المختار نقيب مشهد الكوفة:

يـا  سـمي الـنبي يابن iiعلي      قـامع الشرك والبتول iiالطهور
أنـت تـسمو على البرية طرا      بـمحل عـال وبـيت iiكـبير
وعـنكم  يـؤخذ الوفاء iiومنكم      يـجتدي الناس كل خير iiوخير
كـيف أخلفتني؟ وما الخلف لل      ميعاد من عادة الموالي الصدور
أنت يا بن المختار أكرم أن iiتن      ظـر فـي أمـر مستفاد iiحقير
أنـت  أولـيتنيه مـنك iiابتداء      غـير مـا مـكره ولا iiمجبور
وأخو الفضل من يساعد في iiال      شـدة  لا في الرخاء iiوالميسور
أي عـذر يـنوب عنك؟ iiوماتا      رك  وجـه الصواب iiبالمعذور
ومـتى  ما استمر خلفك iiللوعد      ولـم  تـعتذر عـن iiالـتأخير
صرت  من جملة النواصب iiلا      آكـل  غير الجري iiوالجرجير
وتـغسلت  واكـتحلت iiثـلاثاً      وطـبخت الحبوب في iiعاشور
وطـويت الأحـزان فـيه iiولم      أبد  سروراً في يوم عيد iiالغدير
وتـبدلت مـن مبيتي في iiمش      د  موسى 
(1) بجامع iiالمنصور
وتـطهرت  مـن إنـاء يـهو      دي  وفـضلته عـلى iiالخنزير
ورآنـي  أهـل التشيع في iiال      كـرخ بـتاسومة وذيل iiقصير

(1) يقصد به مشهد الامام موسى بن جعفر عليه السلام بالكاظمية وهو مزار فخم تقصده الشيعة.
 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث