أدب الطف ـ الجزء الثالث 17
وقال الابيوردي مفتخراً بنفسه:
تـقول ابـنة الـسعدي وهـي تلومني أمـا لـك عن دار الهوان رحيل (1)
فـإن عـساء المستنيم (2) الى iiالأذى بـحـيث يـذل الاكـرمون iiطـويل
فـثب وثـبة فـيها الـمنايا أو iiالمنى فـكـل مـحـب لـلـحياة iiذلـيـل
وإن لـم تـطقها فـاعتصم بابن iiحرة لـهـمته فــوق الـسـماك iiمـقيل
يـعين عـلى الـجلى ويستمطر iiالندى عـلـى سـاعة فـيها الـنوال قـليل
فـالموت خـير لـلفتى مـن iiضراعة تــرد إلـيه الـطرف وهـو iiكـليل
ومــا عـلمت أن الـعفاف سـجيتي وصـبري عـلى ريب الزمان iiجميل
أبى لي أن أغشى المطامع منصبي (3) وربــي بــأرزاق الـعباد iiكـفيل
وقال أيضاً مفتخراً:
وإنـي اذا أنـكرتني iiالبلاد وشيب رضى أهلها بالغضب
لكا لضيغم الورد كاد iiالهوان يـدب إلـى غابه iiفاغترب
فـشيدت مـجداً رسا أصله أمــت إلـيـه بـأم iiوأب
ولـم أنـظم الشعر عجباً iiبه ولـم أمـتدح أحداً من iiأرب
ولا هـزني طـمع للقريض ولـكنه ترجمان الأدب (4)
ورأيت في مجموعة خطية للمرحوم الشيخ علي كاشف الغطاء في مكتبة كاشف
الغطاء العامة برقم 872 أبيات الابيوردي الاموي والتخميس للشيخ محمد
رضا النحوي من شعراء القرن الثالث عشر الهجري.
(1) عن جواهر الادب جمع سليم صادر ج4 ص 190.
(2) استنام الى الاذى سكن إليه واطمأن.
(3) أصلى.
(4) عن جواهر الادب سليم صادر. ج4 ص 190.
أدب الطف ـ الجزء الثالث 18
سلا عنكم من ضل عنكم وما اهتدى عـشية آنـسنا عـلى ناركم iiهدى
ومـذ عـادنا الشوق القديم كما iiبدا نـزلـنا بـنعمان الأراك iiولـلندى
سقيط به ابتلت علينا المطارف
عـكفنا بـه والـركب للاين جثم كـأنهم طـير عـلى الـماء iiحوم
قـضوا للكرى حقاً ونومي iiمحرم فـبت أقـاسي الوجد والركب iiنوم
وقد أخذت منا السرى والتنائف
كل ذي شوق من الشوق iiوارعوى وبـت أعاني ما أعاني من iiالجوى
أعـلل نفسي بارعواء عن iiالهوى واذكر خوداً، ان دعاني على النوى
هواها أجابته الدموع الذوارف
تـنكر ربـع بـعد مـيثاء iiممحل عـفى رسمه العافي جنوب وشمأل
تـعرض عنه العين والقلب iiمقبل لـها في محاني ذلك الشعب iiمنزل
اذا أنكرته العين فالقلب عارف
وعـهدي بـه والعيش برد iiمنمنم بـه وهـو لـلذات واللهو iiموسم
ومـذ هـاجني شـوق لـه iiمتقدم وقـفت بـه والـدمع أكـثره iiدم
كأني من عيني بنعمان راعف
أقول ومن المناسب أن أذكر ما يخطر ببالي ممن مدح أهل البيت من
الأمويين، فمنهم مروان بن محمد السروجي. قال المرزباني في معجم الشعراء
ص 321 هو من بني أمية من أهل سروج بديار مضر، كان شيعياً، وهو القائل:
يا بني هاشم بن عبد مناف إنـني مـعكم بـكل مكان
أنـتم صـفوة الإله iiومنكم جعفر ذو الجناح والطيران
وعـلي وحـمزة أسد الله وبـنت الـنبي iiوالحسنان
فـلئن كنت من أمية iiإني لـبريء منها إلى iiالرحمن
أدب الطف ـ الجزء الثالث 19
وفي أعيان الشيعة ج1 القسم الثاني ص 193
مروان بن محمد السروجي المرواني وفاته سنة 460
وفي مطالع البدور ومجمع البحور (1)
للقاضي صفي الدين احمد بن صالح اليماني قال: قال بعض الموالين للعترة
الطاهرة وهو من بني أمية (الابيات) وقال أبو الفرج الأصفهاني: ابو عدي
الأموي شاعر بني أمية وهو عبدالله ابن عمرو بن عدي بن ربيعة بن
عبدالعزى بن عبد شمس كان يكره ما يجري عليه بنو أمية من ذكر علي بن ابي
طالب صلوات الله عليه وسبه على المنابر ويظهر الانكار لذلك فشهد عليه
قوم من بني أمية ذلك وانكروا عليه ونهوه عنه فلم ينتهي فنفوه من مكة
الى المدينة فقال في ذلك.
شردوا بي عند امتداحي iiعلياً ورأوا ذاك فــي داء دويـاً
فور بي لا أبرح الدهر حتى تـمتلي مـهجتي بحبي iiعليا
وبـنيه لـحب احـمد إنـي كـنت أحـببتهم لحبي iiالنبيا
حـب دين لا حب دنيا iiوشر الـحب حـباً يكون iiدنياوياً
صاغني الله في الذوابة منهم لا زنـيماً ولا سـنيداً iiدعياً
عدوياً خالي صريحاً iiوجدي عـبد شـمس وهـاشم أبويا
فـسواء عـلي لـست iiأبالي عبشمياً دعيت أم هاشميا (2)
وجاء في كتاب «أدب الشيعة» تأليف عبدالحسيب طه قال: فمن المفاضلة
والمدح قول أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي، وكان شديد التشيع لعلي عليه
السلام:
(1) الكتاب في مكتبة كاشف الغطاء العامة.
(2) عن مجموعة المرحوم الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، مكتبة كاشف الغطاء
العامة وهي بخطه
أدب الطف ـ الجزء الثالث 20
نـهاركم مـكابدة iiوصـوم ولـيلكم صـلاة iiواقـتراء
بـليتم بـالقرآن iiوبالتزكي فـأسرع فـيكم ذاك iiالبلاء
بـكى نـجد غـداة عليكم ومكة والمدينة والجواء (1)
وحـق لكل ارض iiفارقوها عـليهم لا أبـالكم iiالـبكاء
أأجـمعكم وأقـواماً iiسواء وبـينكم وبـينهم الـهواء
وهـم أرض لأرجلكم وانتم لأرؤسـهم وأعينهم iiسماء!!
وأمر هشام بن عبد الملك عامله على المدينة أن يأخذ الناس بسب
اميرالمؤمنين ـ علي بن ابي طالب ـ والحسين، فيقول كثير بن كثير بن
عبدالمطلب من كعب بن لؤي بن غالب:
لـعن الله مـن يسب iiعلياً وحـسيناً مـن سوقة iiوإمام
أتـسب الـمطيبين iiجدوداً والـكرام الأخوال iiوالأعمام
طبت نفساً وطاب بيتك iiبيتاً أهـل بيت النبي iiوالإسلام
ركـمة الله والسلام iiعليكم كـلما قـام قـائم iiبـسلام
يـأمن الطير والظبا ولا iiيأ من رهط النبي عند المقام!!
(1) الجواء، الواسع،
أدب الطف ـ الجزء الثالث 21
ابن الهبارية
أحـسين والمبعوث جدك بالهدى قـسماً يكون الحق عنه iiمسائلي
لـو كنت شاهد كربلا لبذلت iiفي تـنفيس كربك جهد بذل iiالباذل
وسـقيت حد السيف من أعدائكم عـللا وحـد السمهري iiالبازل
لـكنني أخـزت عنك iiلشقوتي فـبلابلي بـين الـغري iiوبابل
هبني حرمت النصر من أعدائكم فـاقل مـن حـزن ودمع iiسائل
أدب الطف ـ الجزء الثالث 22
الشريف ابو يعلى محمد بن محمد بن صالح الهاشمي العباسي البغدادي الشاعر
المشهور الملقب نظام الدين، كان شاعراً مجيداً وله اتصال بنظام الملك،
له ديوان شعر كبير في اربع مجلدات ومن غرائب نظمه كتاب (الصادح والباغم)
وهو على أسلوب (كليلة ودمنة) نظمه للامير سيف الدولة صدقة بن دبيس صاحب
الحلة. نقل سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص ان ابن الهبارية
(1) الشاعر
اجتاز بكربلا فجعل يبكي على الحسين وأهله وقال يديهأ: ـ أحسين والمبعوث
جدك بالهدى الابيات.
ثم نام في مكانه فرأى رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام فقال له
يا فلان جزاك الله عني خيراً، ابشر فان الله تعالى قد كتبك ممن جاهد
بين يدي الحسين عليه السلام.
توفى بكرمان سنة 504 وعن انساب السمعاني انه توفي سنة 504 والصحيح 509
وقال: له في رثاء الحسين ومدح آل الرسول اشعار كثيرة.
وذكره السيد في الاعيان فقال: ابو يعلى نظام الدين محمد بن محمد بن
صالح ابن حمزة بن عيسى المعروف بابن الهبارية الهاشمي العباسي البغدادي
قال: وقد طبع كتابه (الصادح والباغم) في الهند ومصر وبيروت
(2) وقال
غيره: هو أحد شعراء بغداد المفلقين، لازم خدمة نظام الملك صاحب المدرسة
النظامية وأحد وزراء الدولة السلجوقية واتصل بغيره من الرؤساء وشعره في
غاية الرقة ولكنه يغلب عليه الهزل والهجاء إلا أنه اذا نظم في الجد
والحكمة التي بالعجب كما في كتابه (الصادح والباغم) وله كتاب (الفطنة
في نظم كليلة ودمنة).
(1) الهبارية بفتح الهاء وتشديد الباء الموحدة نسبة الى هبار جده لأمه.
(2)وهو في نحو 2000 بيتاً نظمها في عشر سنين، وطبع في باريس سنة 1886 م
وفي مصر سنة 1292 وفي بيروت سنة 1886 م .
أدب الطف ـ الجزء الثالث 23
وترجم له العماد الاصفهاني في (خريدة القصر) فقال:
الشريف ابو يعلى محمد بن محمد بن صالح ابن الهبارية العباسي الشاعر
وديوان شعره اربعة اجزاء.
وترجم له صاحب دائرة المعارف الاسلامية فقال: ولد في بغداد حوالي منتصف
القرن الخامس الهجري (العاشر الميلادي) وتعلم في المدارس التي انشئت في
ذلك العهد وخاصة في النظامية التي اسسها نظام الملك عام 459 هـ (1067)
م ولم يكن يهتم بما كان يجري فيها من المناظرات الكلامية.
قال في خريدة القصر قسم العراق، وأنشدت له بأصفهان من قصيدة:
أثار جار دارك وهي في شرع العلى ربــع حــرام آمـن iiجـيرانه
لا يـزهدنك مـنظري في iiمخبري فـالـبحر مـلح مـياهه iiعـقيانه
لـيس الـقدود، ولا البرود، iiفضيلة مــا الـمـرء إلا قـلبه iiولـسانه
وأنشدت له في الباقلاء الأخضر:
فصوص زمرد في كيس در حكت أقمـاعها تقليم ظفـر
وقد خـاط الربيع لها ثيـاباً لها لونان من بيض وخضر
وأنشدت له في نظام الملك:
نظام العلى، ما بال قلبك قد غدا على عبدك المسكين دون الورى فظا؟
أنا أكثر الـوراد حقاً وحـرمة عـليـك، فـي بالي أقلهم حظــاً؟
وأنشدت له ايضاً:
وإذا سخطت على القوافي صغتها في غيره، لأذلها وأهينها
وإذا رضيـت نظـمتها لجـلاله كيما أشرفها به وأزينهـا
وقوله من قصيدة:
أدب الطف ـ الجزء الثالث 24
إنـما المال منتهى أمل iiألخا مـل، والود مطلب iiالأشراف
لا أحـب الفج الثقيل ولو iiجا د بـبـذل الـمئين iiوالآلاف
وأحب الفتى يهش الى iiالضي ف بـأخلاقه العذاب iiاللطاف
أريـحياً طـلق المحيا iiحيياً ماء أخلاقه من الكبير صاف
ولو اني لو أحظ منه بغير ال شـم شيئاً، لكان فوق الكافي
ومن قوله:
ومـدلل دقـت iiمـحاسن وجـهه عـن أن iiتـكيف
تــرك الـتصنع iiلـلجما ل، فـكان أظرف iiللتظرف
لـو أن وجـه الـبدر يش بـه وجهه ما كان iiيكسف
الـصـدغ مـسك iiوالـثنا يا لؤلؤ، والريق قرقف (1)
والــورد مـن iiوجـناته بـأنامل الألـحاظ iiيقطف
وله في نوح الحمامة
بـي مثل ما بك يا حمام iiالبان أنـا بـالقدود وأنـت بالإصان
أعـد الترنم كيف شئت، iiفإننا فـيما نـجن من الهوى iiسيان
لي ما رويت من النسيب، وإنما لـك فـيه حق الشدو iiوالألحان
قال: وحكي لي: ان ابا الغنائم ابن دارست حمل ابن الهبارية على هجو نظام
الملك فأبى، وقال: هو منعم في حقي فكيف أهجوه؟ فحمله على أن سأل (نظام
الملك) شيئاً، صعبت عليه أجابته الى ذلك، فقال ابن الهبارية:
لا غرو إن ملك (إبن إس حـاق، وسـاعده iiالقدر
وصفت له الدنيا، iiوخص (أبـو الـغنائم) iiبـالكدر
فـالدهر كـالدولاب iiلي س يــدور إلا iiبـالبقر
فلما سمع (نظام الملك) هذه الأبيات، قال: هذه إشارة الى أنني من
(1) القرقف: الخمر
أدب الطف ـ الجزء الثالث 25
(طوس) فإنه يقال لأهل (طوس) «البقر» واستدعاه، وخلع عليه وأعطاه
خمسمائة دينار فقال ابن الهبارية لـ (تاج الملك) : ألم أقل لك؟ كيف
أهجموه، وإنعامه بلغ هذا الحد الذي رأيته؟
وقال:
يـا أيـها الصاحب الأجل إن لـم يكن وابل فطل (1)
الـمال فـان، والذكر iiباق والوفر فرع،والعرض أصل
فـاجعله دون العيال iiستراً فالصون في أن يكون iiبذل
لا تـحقرن شـاعراً تـراه فـعـقدة الـشعر لا تـحل
ومن معانيه الغريبة قوله في الرد على من يقول: ان السفر به يبلغ الوطر:
قـالوا أقـمت وما رزقت iiوإنما بـالسير يـكتسب اللبيب ويرزق
فـاجبتهم مـا كـل سـير iiنافعاً الـحظ يـنفع لا الرحيل iiالمقلق
كـم سـفرة نفعت وأخرى iiمثلها ضرت ويكتسب الحريص ويخفق
كـالبدر يـكتسب الكمال iiبسيره وبـه اذا حـرم الـسعادة يمحق
وله:
ما صغت فيك المدح لكنني من غر أوصافك أستملي
تملي سجاياك على خاطري فهـا أنـا أكتب ما تملي
وله في ابن جهير لما استوزر ثانية بسبب مصاهرة نظام الملك:
قل للـوزير ، ولا تفـزعك هيبته وإن تـعاظـم واستولـى لمـنصبه:
لولا ابنة الشيخ ما استوزرت ثانية فاشكر حراً، صرت مولانا الوزير به
وقوله:
ما منح الانسان من دهره موهبة أسنى من العقل
(1) الوابل، المطر الشديد الضخم القطر، والطل، المطر الخفيف يكون له
اثر قليل، وفي التنزيل قوله تعالى « فان لم يصبها وابل فطل»
أدب الطف ـ الجزء الثالث 26
يؤنسـه إن مله صاحب فهو على الوحدة في أهل
ما ضره عندي ولا عابه إن غلبتــه دولة الجهل
أقول وذكر له العماد في الخريدة كثيراً من الشعر في الهزل والخمر
والمجون ورتبة على الحروف وقد اكتفينا بهذه الباقة من الوان شعره، قال
ابن خلكان: ومحاسن شعره كثيرة وله كتاب نتائج الفطنة في نظم كليلة
ودمنة، وديوان شعره كبير يدخل في اربع مجلدات، ومن غرائب نظمه كتاب
الصادح والباغم نظمه على أسلوب كليلة ودمنة، وهو أراجيز وعدد بيوته
الفا بيت، نظمها في عشر سنين، ولقد أجاد فيه كل الاجادة، وسير الكتاب
على يد ولده الى الامير ابي الحسن صدقة بن منصور بن دبيس الاسدي صاحب
الحلة وختمه بهذه الابيات.
هـذا كتاب iiحسن تـحار فيه iiالفطن
أنـفقت فـيه iiمده عـشر سنين iiعده
منذ سمعت iiباسمكا وضـعته iiبرسمكا
بـيـوته iiألـفـان جـمـيعها iiمـعان
لـو ظل كل iiشاعر ونـاظـم iiونـاثر
كـعمر نوح iiالتالد في نظم بيت واحد
مـن مثله لما iiقدر ما كل من قال شعر
أنـفذته مـع ولدي بل مهجتي iiوكبدي
وأنـت عند iiظني أهـل لـكل iiمـن
وقـد طـوى iiاليكا تـوكـلاً iiعـليكا
مـشـقة iiشـديدة وشـقـة iiبـعـيدة
ولـو تركت جيت سـعياً ومـا iiونيت
إن الـفخار والعلا إرثك من دون الملا |