ادب الطف

 
 

أدب الطف 155

وقال مؤرخاً ولادة الشيخ حسن صاحب (انوار الفقاهة) أصغر انجال الشيخ الأكبر كاشف الغطاء من أبيات:

أهلاً بمولود له التاريخ ـ قد      أنبته الله نباتاً (حسناً) ـ

1201هـ

وله يؤرخ ولادة العلامة السيد رضا سليل آية الله بحر العلوم:

بشرى فان الرضا بن المرتضى ولدا      وانـجز  الله لـلاسلام مـا iiوعـدا
حـبا  بـه الله مـهدي الـزمان فيا      لـه هـدى مـتبعاً مـن ربه iiبهدى
قـد طـاب أصـلا وميلاداً iiوتربية      لـذاك أرخت (قد طاب الرضا ولدا)

1189 ه

وقوله في آخر قصيدته التي رثى فيه السيد سليمان الكبير يؤرخ عام وفاته

وتسعة آل الله وافوا وأرخوا     سليمان أمسى في الجنان مخلداً

1211 هـ

ولا يخفى حسن التورية فيه فان مادة التاريخ تنقص في العدد (تسعة) فاكملها بتلك الجملة الظريفة مشيراً إلى عدد أسماء الأئمة من ذرية الحسين عليه السلام الذين ذكرهم ابن العرندس بقوله:

وذرية درية منه تسعة    أئمة حق لا ثمان ولا عشر

وله يهني استاذه الفقيه الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء في قدومه من الحج ويؤرخ ذلك العام 1199

أدب الطف 156

قـد الـحجيج فـمرحباً iiبقدومه      لـقدوم  من شرع الهدى iiبعاومه
هـو جعفر من كان أحيا مذ iiنشا      مـندين جـعفر عافيات iiرسومه
حـث الرواسم للحجاز ولم iiتزل      مـشـتاقة  لـوجيفه iiورسـيمه
كـالغيث كـل تـنوفة iiظـمآنة      لـغزير وابـل ودقـة iiوعـميه
وسعى لحج البيت وهو الحج في      تـحليله الـمعهود أو iiتـحريمه
وبـمـروتيه وركـنه iiومـقامه      وبـججره وحـجونه وحـطيمه
رفـعت قـواعد حجر iiاسماعيله      فـيـه وقـام مـقام iiابـراهيمه
وبـه الصفا لقي الصفا iiفتأرجت      ارجـاء  مـكة من أريج iiنسيمه
وغـدت يـنابع زمـزم iiوكأنما      مزجت لطيب الطعم من iiتسنيمه
اهدى السلام إلى النبي وما iiدرى      ان الـنبي بـداه فـي iiتـسليمه
طـبعت  خلائقه على iiمحمودها      والـطبع  لـيس حميده iiكذميمه
فـيقتنع ذو الـلب فـي iiتبجيله      بـمديح  خـالقه وفـي iiتعظيمه
لـيس  المديح يشيد في iiتشريفه      شـرفاً ولـيس يزيد في iiتكريمه
وان أدعـى أحـد بـلوغ iiثنائه      بـنـثير در صـاغه iiونـظيمه
فـأنا  الـذي سلمت أني iiعاجز      ونـجاة  نفس المرء في iiتسليمه
لـكـن عـام قـدومه iiأرخـته      قـدم الـسخا والمجد عند iiقدومه

وكان مولعاً في التخميس والتشطير مبدعاً في كل النوعين غاية الابداع وقد ذكر تخاميسه شيخنا الجليل في الـ ج 4 من الذريعة كتخميس العرفانية الميمية لعمر بن الفارض في بيان راح العشق وخمر المحبة وهو مطبوع مع تخميس البردة و (بانت سعاد) في ـ الاستانة ـ وقد نقلت تخميس البردة مع مقدمة المخمس قبل نيف وثلاثين سنة عن مجموعة معاصره السيد جواد بن السيد محمد زيني

أدب الطف 157

الحائري وقد فرغ النحوي من نظمه في الـ 24 من رجب سنة 1200 واليك شاهداً منه:

مـالي  أراك حليف الوجد iiوالألم      أودي  بجسمك ما أودي من iiالسقم
ذا  مـدمع كـالدم المنهل iiمنسجم      أمـن  تـذكر جـيران بذي iiسلم

مزجت دمعـاً جرى من مقلـة بدم

أصبحت ذا حسرة في القلب دائمة      ومـهجة  أثـرهم في البيد iiهائمة
شـجاك  في الدوح تغريد iiلحائمة      أم  هـبت الريح من تلقاء iiكاظمة

وأومض البرق في الظلماء من أضم

وقد قرض تخميسه هذا جماعة من العلماء والأدباء منهم استاذه السيد صادق الفحام بقصيدة يقول فيها:

قرنت إلى عذراء بوصير كفوها     فكان كما شاءت قران سعود

و لما أتت تشكو العطول رددتها     بأحسن حلي زان أحسن جيد

وقرضه بأخرى ويقول فيها:

رويـدك هـل أبـقيت قولاً iiلقائل      وحسبك هل غادرت سحراً (لبابل)
وجاريت  في تسميط أفضل iiمدحة      لأفـضل مـمدوح لأفـضل iiقائل
فـوارس راموا أن ينالوا iiفقصروا      (وأيـن  الـثريا من يد iiالمتناول)

وممن قرضه السيد ابراهيم العطار بقصيدة مطلعها:

فرائد در ليس تحصى عجائبه     وقد بهرت عنا العقول غرائبه

أدب الطف 158

وقرضه الشيخ علي بن زين الدين بقصيدة منها:

نسجـت للبـردة الغراء بردة تمسيط    غدا وشيهاً وشـي الطواويس

فكنت آصف ذاك الصرح حيث حكى     منه لنا كل بيت عرش بلقيس

وقرضه الشيخ محمد علي الأعسم مشيراً إلى أن التخميس كان بإيعاز من السيد بحر العلوم بقصيدة منها:

فـرائد  لـلأديب ابـن iiالأديب      نـجوم مـا جنحن إلى الغروب
ووشـى  الـبردة الممدوح iiفيها      رسـول  الله بـالوشي iiالعجيب
بـتسميط  يـزيد الأصل iiحسنا      عـلى  حـسن طيبا فوق طيب
وكـم مـلأ الـمسامع مع معان      لـها  وقـع غريب في iiالقلوب
رعـاك لـمثلها (المهدي) إذ iiلم      يجد في الكون غيرك من مجيب
فـفاض  عليك حين دعاك iiنور      هـديت  بـه إلى مدح iiالحبيب

وقرضه أخوه الهادي النحوي بقصيدة سنذكرها في ترجمته، وخمس أيضاً «الدريدية» ذات الشروح الكثيرة المشتملة على الحكم والآداب وتبلغ 229 بيتاً لأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد الازدي البصري المتوفى سنة 321 خمسها النحوي وجعل لها مقدمة بدأ فيها بترجمة أبي دريد وذكر تخميس المقصورة لموفق الدين عبدالله بن عمر الأنصاري في رثاء الحسين عليه السلام ذكره النحوي واثنى عليه ولكن النحوي حولها في تخميسه إلى مدح استاذه السيد بحر العلوم وفرغ من تخميسها في 12 ربيع الأول سنة 1212 وتوفي استاذه الممدوح في رجب من تلك السنة. قلت وقد طبع الأصل مع التخميس في بغداد سنة 1344 واليك بعض الشواهد منها:

أدب الطف 159

يقضي الفتى نحبا ويأوى لحده      ويـذكر الـناس جميعاً iiعهده
يـنشر  كـل ذمـه أو iiحمده      وانـما الـمرء حـديث iiبعده

فكن حديثاً حسنـاً لمـن وعى

فليصرف  المرء نفيس iiعمره      فـيا بـه يـبقى بـقاء iiذكره
ولا يـجاوز حـده فـي أمره      مـن لم يقف عند انتهاء iiقدره

تقاصرت عنه فسيحات الخطى

عـليك بـالعقل فـكن iiمكملاً      لـه  بـهدي لـلنجاة iiموصلا
سـلاة الـعقل الهدى لو iiعقلا      وآفـة  العقل الهوى فمن iiعلا

على هـواه عقـلـه فقـد نجا

عـليك بـالعقل فـكن iiمكملاً      لـه  بـهدي لـلنجاة iiموصلا
سـلامة العقل الهدى لو iiعقلا      وآفـة  العقل الهوى فمن iiعلا

على هواه عقلـه فقـد نجـا

ومنها في المديح:

أعـاشني  ربـي مذ iiاعاشني      بـهديه الـقامع مـا iiأطاشني
فـلم  أقل وابن النبي iiراشني      ان  ابن ميكال الأمير iiانتاشني

من بعد ما قد كنت كالشيء اللقى

مـن  زين الوجود في وجوده      وشـعت الـسعود في iiسعوده
يـصعد حتى قيل في iiصعوده      لـو  كـان يرقى أحد iiبجوده

ومجده إلـى السمـاء لارتقـى

ووجدت قصيدة ميمية غراء الشيخ أحمد بن محمد أحد تلامذة العالم السيد شبر الموسوي الحويزي يمدح فيها أستاذه المذكور ـ ضمن كتاب ألفه في سيرته ـ وعلى هامشها تقريظ بقلم النحوي المترجم من الوزن والروي ومن خطه نقلت ما نصه ـ قال العبد الحقير محمد رضا ابن الشيخ أحمد النحوي مقرضاً على هذه القصيدة المباركة.

أدب الطف 160

أكـرم بـنظم يـروق الناظرين iiسنا      كــأن عـقد الـثريا فـيه مـنتظم
(أضحى لأحمد) في ذا العصر معجزة      عـلـى  نـبوة شـعر كـله iiحـكم
حـوى مـديح بـني الزهراء فاطمة      ومـن  هـم في جميع المكرمات iiهم
فـما  (كـشبرهم) فـيما تـرى iiأحد      ولا  يـقاس بـمن تـلقى iiشـبيرهم
فـكم  يـنازعهم فـي بـيت مجدهم      مـن لا خـلاف لـه والـبيت بيتهم
ومـا  عسى أن يقول المادحون iiبمن      قـد جـاء فـي محكم القرآن iiمدحهم

وله من قصيدة طويلة غراء يهنىء فيها أستاذه السيد بحر العلوم ويؤرخ عام قدومه من مكة.

أعـيد من الحمد المضاعف ما iiأبدي      وأهدي إلى المهدي من ذاك ما أهدي
ولـو  أنـني أهـديت ما ينبغي iiله      لـسقت  له ما في المثاني من iiالحمد
لـه  حـسب فـي آل أحمد iiمعرق      كـمنظوم عـقد الدر ناهيك من عقد
أسـاريره  تـبدو سـرائر iiقـدسهم      عـليها ولـلآباء سـر عـلى iiالولد
بـه  الـغيبة الكبرى تجلى iiظلامها      وأشـرق فـي آفـاقها قـمر iiالسعد
ولـولا  سـمات عـندنا قد iiتميزت      بـمعرفة  الـمهدي قلنا هو iiالمهدي
عـطاء بـلا مـن خلوص بلا iiرياً      سـحاب  بـلا رعد سخاء بلا iiوعد
تـعالى بـه جـدي وطالت به iiيدي      وقـام  بـه حـظي ودام به iiسعدي
وإنـي  قـد سـيرت فـيه iiشوارداً      تجاوزن  من قبلي وأتعبن من iiبعدي
سـعى  لـيحج الـبيت والحج iiبيته      فـكم عـاكف فـيه معيد الثنا مبدي
وكـر مـن الـركن اليماني iiراجعاً      إلـى جـده أكـرم بـأحمد من iiجد
وقـد  بان في أرض الغري iiظهوره      لـذلك قـد أرخـته (ظهر iiالمهدي)

1195

وكانت وفاته في النجف سنة 1226 هـ قبل وفاة كاشف الغطاء بعامين وقد ناهز الثمانين سنة من العمر.

أدب الطف 161

ومن مساجلاته مـع أستـاذه السيد صادق الفحام وهو في قرية (الحصين) قوله (1):

يـا أديـباً عـلى الـفرزدق iiقد      سـاد بـأحكام نـظمه iiوجـرير
وبـسـر الـحـديث آثـره iiالله      فـأوفى عـلا عـلى ابن iiالأثير
وبـعلم  الـلغات فـاق iiكـثيراً      مـن  ذويها فضلا عن ابن iiكثير
بـك  روض الآداب عاد iiأريضاً      ذا غـدير يـروي الـظما iiنمير
ورقـيق  القريض أضحى iiرقيقا      لـك  لا يـنتهي إلـى iiتـحرير
وإذا  مـا حررت طرزت iiبترداً      ظـل  عنه الطرزي iiوالحريري
حـجج قـصر ابـن حجة iiعنها      ودجـا لـيلها عـلى ابـن منير
لـك نـثر سـما الدراري iiونظم      فـاق  در الـمنظوم iiوالـمنثور
حـلم  قـيس واحنف نجل iiقيس      طـلت فـيه العلى ورأي iiقصير
خـلتق  كـالرياض دبجها iiالطل      بـنـد  فـعبرت عـن iiعـبير
وعـلوم  لـو قـيست iiالأبـحر      السبعة فيها ازرت بفيض البحور
ومـزايا  لو رمت إحصاء ما iiأو      ليت منها لم أحص عشر iiالعشير
فـقليلي  ولـو حـرصت iiسواء      حـين  أسـمو لـعدها iiوكثيري
فـتـجشمت خـطة لـو iiسـما      الـطرف  إلـيها لرد أي iiحسير
عـالماً  أنـني وإن طال iiمدحي      وثـنـائي  عـليك ذو تـقصير
غـير  أنـي أقـول لا iiيـسقط      الـميسور  فـيما يراد بالمعسور
فـخذ العفو وأعف عوفيت iiعنى      لـقـليل أنـهـيته مـن كـثير

(1) شعراء الحلة للخاقاني ج 5 ص 32.

أدب الطف 162

فكتب له الجواب على الروي والقافية:

أيـها  الـناقد الـبصير ولا iiفخر      ومــا كــل نـاقـد iiبـبصير
والـمجلي لدى السباق إذا iiصالت      جـيـاد  الـمـنظوم iiوالـمنثور
والـذي  قـد طـوى بنشر iiبديع      الـنظم  ذكر الطائي دهر iiالدهور
وبـه بـاقلا غـدا مـثل iiسحبان      وأمـثـال جــرول iiوجـريـر
وبـه ابـن الـعميد بـات iiعميداً      ذا غـنـاء كـالعاشق iiالـمهجور
وبـه  أصبح ابن عباد في الآداب      عـبـداً  لــم يـسم iiلـلتحرير
وابن  هاني لم يهنه العيش iiواسود      مـنير  الـرجا مـن ابـن iiمنير
وغـدا  ابـن الـنبيه غـير نبيه      وتـامى  الـبوصيرة iiالبوصيري
والـتـهامي  راح يـتهم iiالـفس      بـدعوى  الـتبرير فـي iiالتحبير
والـسـلامي  لـم يـعد iiبـسلام      بـعـد  تـعريفه مـن iiالـتنكير
والـرضي الشريف لم يرض iiفي      مـلحمة الـنظم غـيره من iiأمير
والـصفي  الـحلي لـم ير iiعيشا      مـذ  نـشا صـافياً مـن التكدير
وابـن  حـجر الـكندي ألقم iiفيه      حـجراً  بـعد سـبقه iiالـمشهور
ومعيد الذماء 
(1) من بارع الآداب      بـعـد  انـطـماسه iiوالـدثـور
وربـيـب الـمـجد الـذي iiدان      فـي الفضل له كل فاضل iiنحرير
ومـجلي  غـياهب الشك iiواللبس      بـنـود  الـبـيان iiوالـتـحرير
وجـواداً لـلسبق جـلى iiأخـيراً      فـشـأى كــل أول iiوأخـيـر
قـد  أتـانا مـنكم فـريد iiنـظام      تـتـحلى  بـه نـحور iiالـحور
كـيف  قـلدتم بـه جـيد من iiلم      يـك فـي العير لا ولا في iiالنفير
ذاك فـضـل مـنكم وإن كـثيراً      مـا بـعثتم إلـى الأقـل iiالحقير

(1) الذماء : بقية الروح .
 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث