أدب الطف 219
ويحتمل أن يكون من تلاميذ الشيخ حسين العصفوري. رأيت بخطه (هداية
الأبرار) للشيخ حسين بن شهاب الدين الأخباري كتبه لنفسه ودعا لها
بالتوفيق وتاريخ فراغه منه سنة 1207 توفى سنة 1231. انتهى عن (الكرام
البررة).
لقد مضى على وفاة الشاعر الكبير أكثر من مائة وستين عاماً وشعره يعاد
ويكرر في محافل سيدالشهداء ويحفظه المئات من رجال المنبر الحسيني وهو
مقبول مستملح بل نجد الكثير يطلب تلاوته وتكراره وكأن عليه مسحة قبول
وهذا ديوانه الذي يضم بين دفتيه عشرين قصيدة حسينية أو أكثر لقد طبع
وأعيدت طبعاته والطلب يتزايد عليه، فهذه رائعته التي عدد فيها مواقف
الإمام أميرالمؤمنين البطولية تهتز لها القلوب وتدفع بالجبناء ليكونوا
شجعاناً وتنهض بهممهم ليصبحوا فرساناً وهي تزيد على 150 بيتاً ففي
مطلعها يقول:
أرأيت يوم تحملتك القودا من كان منا المثقل المجهودا
إلى أن يصف مفاداة الإمام عليه السلام للرسول صلى الله عليه وآله وسلم
ومبيته على فراشه ليلة الهجرة فيقول:
ومـواقف لك دون أحمد iiجاوزت بـمـقامك الـتعريف iiوالـتحديدا
فـعلى الفراش مبيت ليلك والعدى تـهدي إلـيك بـوارقا iiورعـودا
فـرقدت مـثلوج الـفؤاد iiكـأنما يـهدي الـقراع لسمعك iiالتغريدا
فـكفيت لـيلته وقـمت iiمـفادياً بـالنفس لا فـشلا ولا iiرعـديدا
واسـتصبحوا فرأوا دوين iiمرادهم جـبلاً أشـم وفـارساً iiصـنديداً
رصدوا الصباح لينفقوا كنز الهدى أو مـادروا كنز الهدى iiمرصودا
أدب الطف 220
وقال:
وغـداة بـدر وهـي أم iiوقـائع كـبرت ومـا زالـت لهن ولودا
فـالتح عـتبة ثـاوياً بـيمين من يـمـناه أردت شـيـبة iiوولـيدا
فـشددت كـالليث الهزبر فلم iiتدع ركـناً لـجيش ضـلالة iiمشدوداً
ولـخيبر خـبر يـصم iiحـديثه سـمع الـعدى ويـفجر iiالجملودا
يـوم بـه كـنت الـفتى iiالفتاك والـكرار والـمحبو iiوالـصنديدا
مــن بـعد مـا ولـى الـجبان براية الإيمان تلتحف الهوان برودا
ورأتـك فـابتشرت بقربك iiبهجة فـعل الـودود يـعاين الـمودوا
فـغدوت تـرقل والقلوب خوافق والـنصر يـرمي نحوك iiالأقليدا
وتـبعتها فـحللت عـقدة iiتـاجها بـيد سـمت ورتاجها iiالموصودا
وجـعلته جـسراً فقصر iiفاغتدت طـولى يـمينك جسرها iiالممدودا
وأبـحت حصنهم المشيد ولم iiيكن حـصن لـهم من بعد ذاك iiمشيدا
وفي آخرها يتخلص لبطولة الإمام الحسين يوم كربلاء إلى أن يقول:
لـله مـطروح حـوت منه الثرى نـفس الـعلى والـسؤدد iiالمفقودا
ومـجرح مـا غـيرت منه iiالقنا حـسناً ولا أخـلقن مـنه iiجـديدا
قد كان بدراً فاغتدى شمس الضحى مـذ ألـبسته يـد الـدماء iiلـبودا
يـا بـن الـنبي الـية من iiمدنف بـعـلاك لا كـذبـاً ولا iiتـفنيدا
مـا زال سـهدي مثل حزني iiثابتاً والغمض مثل الصبر عنك iiطريدا
تـأبى الـجمود دموع عينى iiمثلما يـأبى حـريق القلب فيك iiخمودا
أدب الطف 221
ويقول في مرثية ثانية:
يـا سـائق الـحرة الوجناء iiأنحلها طي السرى وطواها الإين iiوالنصب
وجـناء مـا ألـفت يـوماً iiمباركها ولا انـثنت عـند تعريس لها ركب
عج بي إذا جئت غربي الحمى وبدت مـنـه لـمقلتك الإعـلام iiوالـقبب
وحـي عني الأولى أقمارهم iiطلعت مـن طـيبة ولدى كرب البلاغربوا
وأيـن تـلك الـبدور التم لا iiغربوا وأيـن تـلك البحور الفعم لا iiنضبوا
قـوم كـأولهم في الفض ل iiآخرهم والـفضل أن يتساوى البدء iiوالعقب
مـن كـل أبيض وضاح الجبين iiله نـوران في جانبيه الفضل iiوالنسب
يـستنجعون الـردى شـوقاً iiلغايته كـأنما الضرب في أفواهها iiالظرب
حـتى إذا سـئموا دار البلى iiوبدت لـهم عـيانا هـناك الـخرد iiالعرب
فـغودورا بـالعرى مصرعي iiتلفهم مـطارف مـن أنـابيب iiالـقناقشب
وفيها يصف مصرع الحسين عليه السلام بقوله:
إن يـصبح الكون داجي اللون iiبعدك والأيـام سوداً وحسن الدهر iiمستلب
فـأنت كـالشمس مـا للعالمين غنى عـنها ولم تجزهم من دونها iiالشهب
تالله مـا سـيف شـمرنال منك iiولا يـد اسـنان وإن جل الذي iiارتكبوا
لولا الأولى أغضبوا رب العلى وأبوا نص الولاء وحق المرتضى غصبوا
أصـابك النفر الماضى بما iiابتدعوا ومـا الـمسبب لـو لم ينجح السبب
أدب الطف 222
ولا تـزال خـيول الـحقد iiكـامنة حـتى إذا أبـصروها فرصة iiوثبوا
كـف بـها أمك الزهراء قد iiضربوا هـي الـتي أختك الحورا بها iiسلبوا
وإن نـاروغى صـاليت iiجـمرتها كـانت لـها كف ذاك البغي تحتطب
* * *
يفنى الزمان وفيك الحزن متصل
باق إلـى سرمـد الإيـام ينتسـب
كأن حزنك في الأحشاء مـجدك
في الأحياء لم تبله الأعوام والحقب
ويقول من أخرى:
وأقـبل لـيث الغاب يهتف iiمطرقا على الجمع يطفو بالألوف iiويرسب
إلـى أن أتـاه السهم من كف iiكفر ألا خـاب باريها وخاب المصوب
فـخر عـلى وجه التراب iiلوجهه كما حر من رأس الشناخيب أخشب
ولـم أنس مهما أنس إذ داك iiزينبا عـشية جـاءت والـقواطم iiزينب
تـحن فـيجري دمـعها iiفـتجيبها ثـواكل فـي أحشائها النار iiتلهب
نـوائح يـعجمن الشجى غير iiأنها تـبين عـن الشجو الخفي iiوتعرب
نـوائح يـنسين الـحمام iiهـديلها إذا ما حدى الحادي وثاب iiالمثوب
ومـا أم عـشر أهلك البين iiجمعها عـداداً يقفي البعض بعضا iiويعقب
بـأوهى قـوى منهن ساعة فارقت حـسينا ونادى سائق الركب iiركبوا
* * *
إلى الله أشكو لوعة عند iiذكرهم تـسح لها العينان والخد iiيشرب
أمـا فـيكم يا أمة السوء iiشيمة إذا لـم يكن دين ولم يك iiمذهب
بنات رسول الله تسبى iiحواسراً ونسوتكم بالصون تخبى وتحجب
(1) ربما يراد بها القطط والكلاب التي تنتظر فضلة المائدة.
أدب الطف 223
وقال:
أمـا طـلل يـا سـعد هذا iiفتسأل نـزال فـهذي الدار ان كنت iiتنزل
هي الدار لا شوقي إليها وإن iiخلت يـحل ولاعـن سـاكنيها يـحول
قـفوا بـي على أطلالها علنا iiنرى سـميعا فـنشكو أو مـجيباً iiفنسأل
لـي الله كـم تلحوا اللواحي وتعذل وكـم ابـتدى عـذراً وكم iiاتنصل
يـريدون بـي مستبدلا عن iiأحبتي أحـالوا لعمري في الهوى iiوتمحلوا
أبـعد نـوى الهادين من آل iiهاشم يـروقك غـزلان وتـصبيك غزل
بـها لـيل أمـثال البدور iiزواهر ولـيل الوغى مستحلك اللون iiاليل
ولا يـومهم وابـن الـنبي بكربلا ولـلنقع فـي جو السماكين قسطل
يـكـر فـتنحو نـحوه iiهـاشمية فـوارس أمـثال الـضراغم iiترقل
فـوارس مـن عليا قريش iiوهاشم لـهم سالف في المجديروى iiوينقل
فوارس إذ نادى الصريخ ترى iiلهم مـكانا بـمستن الوغى ليس iiيجهل
إلـى أن ثـووا تحت العجاج iiتلفهم ثـياب عـلا مـنها رماح iiوانصل
فظل وحيدا واحد العصر في الوغى نـصيراه فـيها سـمهرى ومنصل
وشـد عـلى قـلب الـكتيبة iiمهره فـراحت ثـباً مـثل المهى iiتتجفل
فديتك كم من مشكل لك في iiالوغى الاكـل مـعنى من معانيك iiمشكل
فـتـلك مـنـايا أم أمـان تـنالها وذاك حـريق أم رحـيق iiمـعسل
إلـى أن أتاه في الحشى سهم iiمارق فـخر فـقل فـي يـذبل قل iiيذبل
وزلزلت الارضون وارتجت iiالسما وكــادت لـه افـلاكها تـتعطل
وأقـبل نـحو المحصنات iiحصائه يـحن ومـن عظم المصيبة iiيعول
فـاقبلن ربـات الـحجال iiوللاسى تـفاصيل لا يـحصي لهن مفصل
فـواحـدة تـحنو عـليه iiتـضمه وأخـرى عـليه بـالرداء تـضلل
أدب الطف 224
وأخـرى بفيض النجر تصبغ شعرها وأخـرى لـما قـد نالها ليس iiتعقل
وأخـرى عـلى خـوف تلوذ iiبجنبه وأخــرى تـفديه وأخـرى iiتـقبل
وجـاءت لـشمر زيـنب ابنة iiفاطم تـعـنفه عــن أمــره iiوتـعذل
أيـا شـمر هذا حجة الله في iiالورى أعـد نـظراً يا شمر إن كنت iiتعقل
أعــد نـظراً ويـل لامـك iiإنـها إذ الـويل لا يـجدي ولا العذر iiيقبل
أيـا شـمر لا تعجل على ابن محمد فـذو تـرة فـي مـثله ليس iiيعجل
ومـر يـحز الـنحر غـير مراقب مــن الله لا يـخشي ولا iiيـتوجل
وراحـت لـه الأيـام سـودا iiكانما تـجلببها قـطع مـن الـليل iiألـيل
واضـحى كـتاب الله من أجل iiفقده يـحـن لــه فـرقانه والـمفصل
ولـم انـس لا والله زينب اذ iiدعت بـواحدها والـدمع كـالمزن iiمسبل
وراحـت تـنادي جدها حين لم iiتجد كـفـيلا فـيحمى أو حـميا iiفـيكفل
أيـا جـدنا هذا الحبيب على iiالثرى طـريحاً يـخلى عـارياً لا يـغسل
يـخلى بـارض الطف شلوا ورأسه إلـى الشام فوق الرمح يهدى iiويحمل
لـتبك الـمعالي يـومها بـعد iiيومه إذا مـا بـغى بـاغ وأعضل معضل
وبيض الظبى والسمر تدمى صدورها وخـيل الـوغى تحفى وبالهام iiتنعل
ومـنـقبة تـقـلى وذكـر iiيـرتل ومـكـرمة تـبـنى ومـجد iiيـؤثل
ولـيـلة مـسـكين تـحمل iiقـوته الـيـه ســراراً والـظلام مـجلل
بـكاء الـعذارى الـفاقدات iiكـفيلها عـشية جد الخطب والخطب iiمهول
مـتى نـبصر النصر الآلهى مشرقاً بـانـواره تـكسى الـربى وتـجلل
يـروم سـلوى فـارغ الـقلب iiمثله وذلـك خـطب دونه الصعب يسهل
حـرام عـلى قـلبي العزا بعد iiفقدكم وفـرط الـجوى فيه المباح iiالمحلل
ولـولا الـذي أرجوه من أخذ iiثاركم فـاعـلق آمـالـي بــه وأعـلل
أدب الطف 225
لـمت على ما كان من فوت iiنصركم أسـى وجوى والموت في ذاك iiامثل
ولـي سـيئات قـد عـرفت iiمكانها فـظهري مـنها أحدب الظهر iiمثقل
ومـالي فـيها مـن يـد غير iiأنني عـلـيكم بـها بـعد الآلـه iiأعـول
فـسمعا بـني الـمختار نـظم بديعة يـذل لـها بـشر ويـخضع iiجرول
تـجاري كـميتا كـالكميت ولم iiيكن بـها أخطل اذ ليس في الشعر iiأخطل
فـان تـمنحوا حـسن القبول iiفانكم ومـا عـنكم أن تـطردوا iiمـتحول
عـليكم سـلام الله مـا لاح iiبـارق ومـا نـاح قـمري وما هب iiشمأل
وقال:
ان تـكن كـربلا فـحيوا iiرباها واطـمئنوا بـنا نـشم iiثـراها
الـثموا جـوها الانيق على iiما كان في القلب من حريق iiجواها
واغـمروها بـاحمر الدمع iiسقيا فـكرام الـورى سـقتها iiدماها
وبـنفسي مـودعون وفي iiالعي ن بـكاها وفـي القلوب iiلظاها
مـن بـحور تـضمنتها iiقـبور وبــدور قـد غـيبتها iiربـاها
ركـبـهم والـقضا iiبـأظعانهم يسري وهادي الورى أمام سراها
وتـبدت شـوارع الخيل iiوالسم ر وفـرسـانها يـرف iiلـواها
فـدعا صـحبه هـلموا فقد iiاس مـع داعي المنون نفسي iiرداها
فـأجاب الجميع عن صدق iiنفس اجـمعت امرها وحازت iiهداها
لا ومـعنى بـه تـقدست iiذاتـا وجـلالا بـه تـعاليت iiجـاها
لا نـخليك أو نـخلي الأعـادي تـتخلى رؤوسـها عـن iiطلاها
واسـتبانت على الوفا iiوتواصت ه واضـحى كما تواصت iiوفاها
تـتهادى إلـى الـطعان iiاشتياقا لـيت شعري هل في فناها iiبقاها
ذاك حـتى ثـوت موزعة الأش لاء صرعى سافي الرمال iiكساها
وامـتطى الندب مهره لا iiيبالي أشـأتـه مـنـونه أم iiشـآهـا |