ادب الطف

 
 

أدب الطف 252

فـلما  أن راى الأعـداء iiكل      كـليم الـقلب يطلب iiبالذحول
تـصدى  لـلقتال ومر يسطو      على الأبطال كالليث iiالصؤول
فـيا لـله كـم قـد فل iiجمعاً      بحد  حسامه العضب iiالصقيل
إلـى أن جاءه الأجل iiالمسمى      فـخر  مـجدلاً تحت iiالخيول
فـأقبلن  الـكرائم حـاسرات      نـوادب لـلمحامي iiوالـكفيل
وزيـنب بـينهن عليه iiتذرى      عـقيق الدمع في الخد iiالأسيل
وتـدعو  أمها الزهراء iiشجواً      ومـنها الـقلب في داء iiدخيل
ألا  يـا بـضعة المختار iiطه      من الأجداث قومي واندبي iiلي
ونـوحي لـلغريب iiالـمستظ      ام الـبعيد النازح الدار iiالقتيل
يـعز  عـليك يـا أماه ما iiقد      تـطوقنا مـن الخطب الجليل
ألا  يــا أم كـلثوم iiهـلمي      لـقد نـادى المنادي iiبالرحيل
وجاءت فاطم الصغرى iiتنادي      أبـاها وهـي تـعلن بالعويل
أبي  عز الكفيل فهل ترى iiلي      فـديتك  يا بن فاطم من iiكفيل
أبـي أحـرقتني بجفاك فامنن      عـلي  بـنظرة تطفي iiغليلي
أبـي إن ابنك السجاد iiأضحى      عـليلاً لـهف نـفسي iiللعليل
أيـسلمني الزمان وأنت iiكهفي      وتألمني الخطوب وأنت سولي
مـصابك  يابن فاطمة iiكساني      ثـياب  الهم والحزن iiالطويل
وخـبطك هـد أركان المعالي      وثـل قـواعد الـمجد iiالأثيل
واذكـى جـمرة في قلب iiطه      ومـهجة  حيدر وحشا iiالبتول
ألا يـابن الأطائب من iiقريش      وخير  الخلق من بعد iiالرسول
ويـا ابن الأكرمين ومن iiبكته      الـسموات الـعلى بدم iiهمول
إلـيك  خـريدة حسناء iiرقت      وراقـت  بهجة لذوي iiالعقول
تـؤم حـماك قـاصدة iiومنها      دمـوع العين كالغيث iiالهطول
بها  يرجو غدات الحشر iiمنكم      سـليلك  بـاقر خـير القبول
وتـنقذه  مـن الـنيران iiفيها      وتـنقله  إلـى ظـل iiظـليل

أدب الطف 253

وخذ بيديه يوم الحشر وامنن      عـليه بـشربة من iiسلسبيل
فـليس  له سواكم من iiمعين      إذا مـا جاء في حوب iiثقيل
فـلا زالت صلوة الله iiتترى      عـليكم  بالغدات iiوبالأصيل

وقال متوسلاً إلى الله بالنبي والأئمة الطاهرين:

يا  رب بالهادي النبي iiالمصطفى      ووصـيه المولى علي المرتضى
وبـفاطم سـت الـنساء iiونجلها      الحسن الزكي وبالحسين المجتبى
وسـليله زيـن الـعباد iiوبـاقر      وبجعفر  والطهر موسى iiوالرضا
ومـحمد وعـلي نـجل iiمـحمد      والـعسكري وبـالإمام iiالمرتجى
الـطف  بعبدك وابن عبدك iiباقر      وأنـله  فـي يوم الجراير الجزا

أدب الطف 254

الملا حسين جاويش

المتوفى 1237

مـا  لـلديار تـنكرت iiأعـلامها      وعـفت  مـرابعها وأمحل iiعامها
صاح الغراب بشمل ساكنها ضحى      فـلـذا  تـبدد شـملها iiولـمامها
سـرعان  مـا ألقى بكلكله iiالردى      عـمداً عـليها فـانقضت أيـامها
عـصفت  أعاصير الرياح بربعها      فـعفا وصـوح شـيحها وخزامها
ظـعنوا  بـرغم المكرمات iiعشية      والـنفس إثـر الركب زاد iiهيامها
كـم  لي وقد زموا الركائب iiخلفهم      عـبرات  وجـد لا تجف iiسجامها
فـذكرت مـذ بـانوا ركائب iiفتية      ضربت  على شاطى الفرات iiخيام
زحـفت عـليها لـلطغات iiكتائب      أمـوية  مـلأ الـفضا iiإرزامـها
فـتكت  بها أرجاس حرب iiفانثنى      بـيد الـذئاب فـريسة iiضرغامها
قـتلت عـلى ظـمأ وكوثر iiجدها      مـنه  الأنـام غـداً يـبل iiأوامها
لـلـه  أدمـيـة بـشهر مـحرم      لـرضى  ابن هند يستحل iiحرامها
فـرؤوسها من فوق خرصان iiالقنا      وعـلى الـصعيد رمـية أجسامها
مـن  مـبلغن سـراة هـاشم iiإنه      قـد  جـذ غـاربها وجب iiسنامها
وأفـاه  مـنهم سـهم بغي iiصائب      إن  الـمنايا لا تـطيش iiسـهامها
فـهوى الـجواد عن الجواد iiكأنما      مـن قـنة الـعلياء خـر iiدعامها
كـالطود  يـعلوه الرغام ولم iiأخل      يـعلو عـلى الشم الرعان رغامها
يا  ذروة الشرف انهضوا iiفسراتكم      ذبـحت بـسيف الظالمين iiكرامها

أدب الطف 255

خـضب الـدماء جـباها iiولطالما      لـلـه طـال سـجودها وقـيامها
يـايوم عاشوراء كم لك في iiالحشا      قـبسات  وجـد لا يبوخ iiضرامها
كـم  فـيك مـن ابناء احمد iiفتية      شـم  الانـوف كـبابها iiاقـدامها
يـاصاحبي قف بالطفوف iiمخاطبا      ايـن الالـى بـانو وايـن مقامها
الله  اكـبـر اي غـاشـية iiبـها      دار الـنـبوة دكـدكت iiاعـلامها
الله اكـبـر اي جـلـى iiفـتـت      احـشاء  خير الرسل وهو iiختامها
عـجباً لـهذ الـخلق لا يبكي iiدماً      عـوض الـمدامع كـلها وغلامها
لـفـتى بـكاه مـحمد iiووصـيه      الـهادي أمـير الـمؤمنين iiامامها
كـل  الـرزيا دون وقـعة iiكربلا      تنسى  وان عظمت تهون iiعظامها
والله مـا قتل الحسين سوى iiالألى      ضـلت  عن النهج القويم iiطغامها
نكثت  عهود المصطفى حسداً iiلمن      سـجدت مـخافة بـأسه iiأصنامها
قـد أجـجوها فـي (....) iiفـتنة      في  الال يوم الطف شب iiضرامها
كـتبوا  صـحيفتهم والـوا أنـها      حـتى الـقيامة لا يـفض iiختامها
فـتـداولتها  بـعـدهم iiأبـناؤها      فـتضاعفت لـما جـنت iiاثـامها
قـدمت على حرب الحسين iiببغيها      وتـسـابقت لـقـتاله iiأقـدامـها
نـقضت عـهود نـبيها فـي iiاله      فـلبئس  مـا قـد أخـلفته iiلئامها
يـا  سـادة جـلت مناقب iiفضلها      مـن أن تـحيط بوصفها iiأوهامها
أتهاب  نفس حسين أو تخشى iiغداً      ظـيما وأنـتم في المعاد iiعصامها
يـمضي الزمان وحزنها iiبمصابكم      بـاق الـى أن تـنقضي iiأيـامها
والـيـكـموها غــادة حـلـيةُ      قـد طـاب فـيكم بدؤها iiوختامها

256

الملا حسين جاويش

الحسين بن ابراهيم بن داود. من أسرة تعرف قديماً بآل «جاوش» وقد وجدت شهادات موقعة بخطوط جماعة منهم في وثيقة رسمية مصدقة من نائب الحلة «القاضي» سنة 1101 هـ «إحدى ومائةوألف» وهي تخص بعض أوقاف السادة الأقدمين من «آل كمال الدين» ومن الشهود فيها عثمان بن مصطفى جاوش ـ جد المترجم ـ ويوجد حتى اليوم شارع قديم في إحدى محلات الحلة الشمالية يدعى بـ «الجاووشية» بالقرب من مرقد أبي الفضائل بن طاوس نسبة إلى الأسرة المذكورة التي نبغ منها شاعرنا المترجم ويعرف في المجاميع القديمة بالملا حسين جاوش. مولده ونشأته ومسكنه ووفاته في الحلة ولم يتحقق لدينا تاريخ ولادته لنعرف مدة عمره سوى أن وفاته كانت سنة 1237 هـ ولم يكن ممن يجتدي بأشعاره أو يساوم ببنات أفكاره وإنما كان يمتهن بعض الحرف التي يعتاش منها وهو معدود في شعراء أواخر القرن الثاني عشر وأوائل الثالث عشر تبودلت بينه وبين أدباء عصره مراسلات ومساجلات ونظم كثيراً من القصائد في جملة من الحوادث التي وقعت بين أهل الحلة والعشائر والحكومة يومئذ كما جاء في تاريخ الحلة بهذا القرن وشعره جزل الألفاظ عذب الأسلوب مكثر فيه من رثاء آل الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» رأيت له قصيدة في رثاء الحسين عليه السلام في كتاب (المجالس والمراثي) للفاضل الأديب الشيخ أحمد بن الحسن قفطان النجفي سنة 1285 ومن خطه نقلتها من الفصل الثالث من الكتاب المذكور:

وله من قصيدة في الرثاء:

هاج أحزان مهجتي وشجاها     خطب من جل في الآنام عزاها

* * *

أدب الطف 257

هـل  يولي أمر الخلافة iiإلا      من  بنى أصلها وشاد iiعلاها
سيد الأوصياء في كل عصر      تـاجها عـقدها منار iiهداها
من رقى منكب النبي iiوصلى      مـعه  في السماء يوم iiرقاها
ذاك  مـولى بـسيفه iiوهداه      آية  الشرل والضلال iiمحاها

وله في رثاء السيد سليمان الكبير المتقدم ذكره والمتوفى سنة 1211 هـ .

الا  خـلياني يـا خـليلي مـن نـجد      وتـذكار  سـعدى في حمى بانة السعد
فـما  هاج وجدي ذكر حزوى iiوحاجر      ولا رامـة فـيها مـرامي ولا iiقصدي
ولا  تـعذلاني إن قـضيت من iiالأسى      وخـدد  دمـع الـعين في سكبه iiخدي
فـما أنـا من يصغي إلى العذل iiسمعه      وانـي فـي شـغل عن العذل iiبالوجد
سـلا ظاهر الأنفاس عن باطن iiالأسى      فـإن  الذي أخفيه أضعاف ما أبدي
(1)
أفـي  كـل يـوم لـي حبيب iiمفارق      إلـى  الـقبر أضعان المنايا به iiتخدي
لـقد ذهـب الـعيش الـرغيد iiبذاهب      هـوى في الثرى لما رقى ذروة iiالمجد
وعـطل  أحـكام (الـشرايع) فقد iiمن      هـو المقتدى في الحل منها وفي iiالعقد
ومـن سبل (الارشاد) ضاقت ii(مسالك)      الـرشاد وكانت قبل واضحة iiالنجد
(2)
فـلهفي عـليه ثـم لـهفي لـو iiأنـه      يـفيد الـفتى طـول التلهف أو iiيجدي
ولــو رد مـيـت بـالـبكاء لـرده      بـكائي  وأنـى يـسمح الـبين iiبالرد
أصاب  الردى عمداً (سليمان) iiعصرنا      أخا  النسب الوضاح والحسب iiالعد
(3)
عـلى  الـحلة الـفيحاء من بعده العفا      فـقد  غـاب عـن آفـاقها قمر السعد
وكـان  لـها كـفاً تـكف بـه iiالأذى      وقـد جـذه صـرف الحمام من iiالزند
يـحامي  عـن الـدين القويم iiبمرهف      الـلسان  كـما تـحمى العرينة iiبالأسد

(1) البيت مطلع قصيدة للشريف الرضي وأخذه المترجم بتصرف.
(2) النجد: الطريق المرتفع ومنه قوله تعالى (وهديناه النجدين).
(3) العد بالكسر: القديم.

258

فـيا  بـدر تـم غـاله الخسف iiبعدما      هدى في الدجى المسترشدين إلى الرشد
وشـمساً تـغشاها الـكسوف وطـالما      جـلت ظلمات الشك في القرب iiوالبعد
بـكـيتك لـلود الـقديم وكـم iiبـكى      عـليك  مـن الناس امرؤ غير ذي ود
وقـد حـال مـني كـل شيء iiعهدته      فـلم يـبق محفوظاً عليك سوى عهدي
فـهذي جـفوني مـن دموعي في iiحياً      وقـلـبي مـن ر الـكآبة فـي iiوقـد

وهي طويلة. وفي آخرها يؤرخ عام وفاته بقوله:

وصدر جنان الخلد وافى مؤرخاً    سليمان طب نفساً فمأواك بالخلد

وفي قوله وصدر جنان الخلد إشارة إلى «الجيم» لأن عجز البيت وفيه مادة التاريخ ينقص ثلاثة وفي الجيم يتم العدد «1211» وكان سريع البداهة حاضر النكتة. نزل هو والشيخ صالح التميمي الشهير ضيفين على رجل من بني «لام» بين واسط والبصرة فلم يكرم مثواهما وزاحمها من شدة جشعة على الزاد الذي قدمه إليهما في صحن صغير فنظما هذه القطعة المشتركة والصدور منها للتميمي والاعجاز لصاحب الترجمة.

رأيـنا مـن عجيب الدهر iiصحناً      صـغير  الـحجم بـين يدي لئيم
كــأن  حـنو صـاحبه iiعـليه      (حنو المرضعات على الفطيم)
(1)
تـدافـع دونــه كـلـتا يـديه      مـدافعة الـغيور عـن iiالـحريم
يــود  بــأن عـيناً لا iiتـراه      فـيـحجبه  بـكـهف أو iiرقـيم
فـلـو  بـالـخلد قـابله iiاكـيل      لـفر  بـه إلـى أصـل iiالجحيم
ذمـيم الـخلق والأخـلاق iiأمسى      يـزاحمنا  عـلى الـعيش iiالذميم
لـعكس الـحظ عـاشرنا iiأنـاساً      بـطرق  الـلؤم اهـدى من iiتميم

(1) هو لأبي نصر أحمد السليكي المنازي من أبيات مشهورة وقد تضمن شاعرنا عجز البيت.

أدب الطف 259

فغضب التميمي من تعريضه في البيت الأخير وأمسك عن النظم فاعتذر المترجم بأن القافية عرضت له في الطريق.

«ايضاح» أن المترجم له غير ملا حسين ـ بالتصغير والتشديد ـ الحلي الذي كان شعره مقصوراً على اللغة العامية صاحب القصائد الزجلية من «الميمر» وغيره في مدح وادي بن شفلح «رئيس زبيد» المتوفى سنة 1271 وبينه وبين الشيخ عبدالحسين محي الدين صاحب (ذرب بن مغامس) رئيس خزاعة مطارحات في اللغة نفسها وله نوادر وحكايات مضحكة مع العلامة السيد مهدي القزويني المتوفي سنة 1300 ومع الشيخ جعفر الصغير حفيد كاشف الغطاء المتوفى سنة 1290 كما في «العقبات العنبرية» وكل هؤلاء متأخرون عن عصر شاعرنا (ابن جاوش) ولكن سيدنا الأمين ـ في الـ ج 26 من الاعيان ذكر أن وفاة الملا حسين الشاعر العامي سنة 1212 وهذا التاريخ أيضاً متقدم على عصر هؤلاء بكثير والصواب أن وفاته في اخريات القرن الثالث عشر ويحتمل أن ولادته كانت في التاريخ الذي ذكر في الأعيان. انتهى عن (البابليات) . أدب الطف 260

الشيخ محمد رضا الازري

المتوفى 1240

خـذ بـالبكاء فـما دمع بمذخور      مـن بعد نازلة في عشر iiعاشور
يـوم  تـنقبت الـدنيا iiبـغاشية      مـن المصاب لفقد العالم iiالنوري
واردف  الـملأ الأعـلى iiبراجفة      ألـلعوالم  آنـت نـفخة iiالصور
يوم  سرى ابن رسول الله iiيجلبها      قب البطون تهادى في iiالمضامير
ترغو عليها فحول من بني iiمضر      مـعودون عـلى حـز iiالمناحير
مـن  كل مزدلف للروع iiيصحبه      أنـف  حمى وجاش غير مذعور
حيث السلاهب تنزو في iiشكائمها      نـزو  الثعابن في مشبوبة iiالقور
واصيد مطمئن الجأش لو iiجأشت      في الروع وعوعة الأسد المغاوير
ولـلجبال الـرواسي في iiدكادكها      مـور بـدكدكة الجرد المحاضير
فـلو  تـراها وقد شالت iiنعامتها      والـقوم ما بين مطعون iiومنحور
لـما رأيـت سوى معزى iiيبددها      زئـير  ذي لـبدة دامي الأظافير
حـتى  إذ حم أمر الله iiوانتزعت      مـراشة سـددت من كف iiمقدور
وافـاة شـمر فـألفاه على iiرمق      فـكان  ما كان من إنفاذ iiمسطور
وشال رأس رئيس المسلمين على      أصـم مـطرد الـكعبين مطرود

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث