ادب الطف

 
 

جواد شبر

ادب الطف

او

شـعراء الحسيـــن ( عليه السلام)

من القرن الاول الهجري حتى القرن الرابع عشر

وما فاتني نصركم باللسان    اذا فاتني نصركم باليـد

 

الجزء الاول

مؤسـسة التـاريخ

بيروت ـ لبنان

ادب الطف ـ الجزء الاول 4

1422 هـ ـ2001 م

الطبعة الاولى

ادب الطف ـ الجزء السابع 5

المقدمة

اجتازت الموسوعة بهذا الجزء ـ السابع ـ أشواطها السبعة وعبرت ثلاثة عشر قرنا بعد ما خبرت هذه القرون وسبرتها وسجلت بغيتها منها ، وكل شاردة وواردة عنها ، وكان ذلك بعد عناء مرير وصعوبات في أثناء المسير ، ولكني ما دمت لا أطلب الا وجه الله وخدمة الحق واعلاء كلمته فكل ما عانيته فهو هين ، وقد قيل : لا يتعب من يعمل بقلب راض ، وكان نصب عيني قول القائل:

ان ختم الله بغفرانه     فكل ما لاقيته سهل

يتضمن هذا الجزء شعراء القسم الثاني من القرن الثالث عشر الهجري وسنلتقي بعون الله ـ في الجزء الآتي ـ مع شعراء القرن الحالي وهو الرابع عشر وسيكون حديثنا عنهم أو عن أكثرهم دراية لا رواية وسنصور انطباعاتنا عنهم ونسجل آراءنا فيهم والله من وراء القصد.

المؤلف

ادب الطف ـ الجزء السابع 6

ادب الطف ـ الجزء السابع 7

قال رزق الله بن عبدالوهاب بن عبد العزيز الحنبلي:

اجتمعت بملحدة المعرة ـ يعني أبا العلاء المعري ـ فقال لي: سمعت في مراثي الحسين بن علي رضي الله عنهما مرثية تكتب ، فقلت: قد قال بعض فلاحي بلادنا أبياتا تعجز عنها شيوخ تنوخ ، فقال: ما هي قلت قوله:

رأس ابـن بنت محمد iiووصيه      لـلمسلمين  عـلى قـناة iiيرفع
والـمسلمون بـمنظر iiوبمسمع      لا جـازع مـنهم ولا iiمـتفجع
أيـقظت أجفانا وكنت لها كرى      وأنـمت عينا لم تكن بك iiتهجع
كحلت بمصرعك العيون iiعماية      وأصـم  نـعيك كل أذن تسمع
مـا  روضـة الا تـمنت iiأنها      لك مضجع ولخط قبرك موضع

فقال المعري: ما سمعت أرق من هذه (1)

(1) تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون ص 208 ورواها ابن الاثير في الكامل وقد تقدمت هذه الابيات في الجزء الاول / 305 وأنها من شعر دعبل الخزاعي كما رواها الحموي في معجم الادباء.

ادب الطف ـ الجزء السابع 8

أورد ابن عساكر في تاريخ دمشق (1) لبعض الشعراء قوله في الحسين عليه السلام:

لـقد  هد جسمي رزء آل محمد      وتـلك الرزايا والخطوب عظام
وأبكت جفوني بالفرات iiمصارع      لآل  الـنبي المصطفى iiوعظام
عـظام  بـأكناف الفرات زكية      لـهن  عـلينا حـرمة iiوذمـام
فـكم  حـرة مـسبية فـاطمية      وكـم مـن كريم قد علاه iiحسام
لآل رسـول الله صـلت عليهم      مـلائكة بـيض الـوجوه كرام
أفـاطم أشجاني قتيل ذوي العلا      فـشبت  وانـي صـادق لغلام
وأصبحت  لا ألتذ طيب iiمعيشة      كـأن  عـلي الـطيبات iiحرام
يقولون  لي صبرا جميلا وسلوة      وما لي الى الصبر الجميل مرام
فكيف  اصطباري بعد آل iiمحمد      وفـي  القلب منهم لوعة iiوسقام

(1) ابن عساكر هو علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي الشافعي المحدث الحافظ المشهور صاحب كتاب تاريخ دمشق ، توفي سنة 571 هـ بدمشق وحضر جنازته بالميدان للصلاة عليه الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن ايوب ودفن بمقبرة باب الصغير.

ادب الطف ـ الجزء السابع 9

عثمان الهيتي

تركت الخيزرانة من يميني وأكره أن أشاهدها أمامي

أأحمل عودة مـن خيزران بها نكتت ثنايا ابن الامام

من نظم عثمان الهيتي كاتب الوالي في بغداد داوود باشا في حوالي سنة 1240 .

جاء في كتاب (شعراء بغداد وكتابها في أيام وزارة داود باشا والي بغداد) ذلك في حدود سنة 1200 الى سنة 1246 للهجرة ، والكتاب تأليف عبدالقادر أفندي الخطيب الشهراباني. ان عثمان بيك كان والدا لوالي الموصل وهو محمد أمين باشا وان عثمان بيك كان عمره ثمانين عاما. وفي بعض الكتب ينسب هذا الشعر للشاعر عمر رمضان والله أعلم.

ادب الطف ـ الجزء السابع 10

علي السيد سلمان

كان حيا 1233

أرى  هـمـما مـكـنونة لا iiيـقلها      فـضا هذه الاولى اتساعا ولا iiالاخرا
تـقـطع  أمـعاء الـزمان iiبـحملها      اذا ذكرت عندي خطوب بني iiالزهرا
بـها  طـالبا وترا من الدهر لا أرى      شـفاء لـه مـا لا أزيـل له iiالدهرا
أدك  بـها شـم الـجبال الى iiالثرى      وأبـني  لـنا فيها على زحل iiقصرا
سـتدري  الـليالي مـن أنا iiولطالما      تـجاهلن  بـي علما وأنكرنني iiخبرا
بـها  لـست أرضى أن قيصر iiخادم      لـدي ولا أرضـى بذلك من iiكسرى
بـسطوة  مـن جـبريل تحت iiلوائه      وقـد  جـل ذا قـدرا وما زاده iiقدرا
وصـاحب مـوسى والمسيح iiوحوله      مـلائكة  الافـلاك تـنتظر iiالامـرا
اذا مـا رنـا نـحو الـسماء iiبطرفه      تـمور بـمن فـيها السماء له iiذعرا
ولـو شـاء نـسفا للجبال iiلاصبحت      ولا  شـيء منها حيث شاء ولا iiقدرا
امــام تـولى كـل آيـة iiمـرسل      مـن  الله مـنا فـهو آيـته iiالكبرى
امــام  يـعـيد الله شـرعة iiجـده      بــه غـضة ايـام دولـته iiالـغرا
كـأن  عـليه الـتاج رصـع iiوشيه      بضوء  سنى المريخ نورا iiوبالشعرى
اذا  ما رأى الرائي به الهدي iiوالهدى      رأى من عظيم الامر ما يدهش الفكرا

ادب الطف ـ الجزء السابع 11

بـه الـدهر مـبيض هدى iiواستنارة      عـلى أهـله والارض مشحونة iiذكرا
مـتى  يطرب الاسماع صوت iiبشيره      وأنـى  لـسمعي قـوله لكم iiالبشرى
مـتى تـقبل الرايات من أرض iiمكة      أمـامهم نـور يـحيل الـدجى iiفجرا
وأهـتف  مـا بـين الـكتائب iiمعلنا      بـيال أبـي آبـاؤكم قـتلوا صـبرا
دمـاؤكـم طـلـت لـديهم iiكـدينكم      وفـيئكم  نـهب ونـسوتكم iiأسـرى
وآلـكـم مـن عـهد احـمد iiبـينهم      قـلوبهم  قـرحى وأعـينهم عـبرى
وهــم تـركونا مـطعما iiلـسيوفهم      وهـم  غـصبونا فـيىء آبائنا iiقهرا
الـى  م الـتمادي يا بن أكرم iiمرسل      وحـتام  فـيها أنـت مـتخذ سـترا
ألــم تـر أن الـظلم أسـدل لـيله      عـلى الافـق والاقطارقد ملئت iiكفرا
فـما  الـصبر والـبلوى تفاقم أمرها      فـمن  مـقلة عـبرا ومـن كبد حرا
أمـا كـان فـعل الـقوم منك بكربلا      بـمرىء أمـا كنت المحيط بها iiخبرا
أفـي كـل يـوم فـجعة بـعد iiفجعة      لـدى كربلا تذكارها يصدع iiالصخرا
الـى  كـم لنا بألطف شنعاء ما رقت      لـها  عـبرة الا ألـمت بـنا iiأخرى
ومـا  فـجعة بـألطف الا iiتـفاقمت      عـلينا  ولـم تـبقي لـسابقة iiذكرى
فـها  كـربلا هـذا ذبـيح كما iiترى      وهـذي وقـاك الله مـسلوبة iiخـدرا
اذا لـم يـغث في سوحكم iiمستجيرها      فـأين سـواها المستجار ومن iiأحرى
يـطل  لـديها مـن دمـاء iiولاتـكم      ألـوف ومـا عـدى وأنت بها iiأدرى
وكـم مـن مصونات عفات iiتروعت      وكـم من دم يجرى وكم حرة iiحسرى
وانـت  خـبير بـالرزايا وما iiجرى      مـن الـقوم مـما لم يدع بعده iiصبرا
أجل ربما في الشرق والغرب من عما      عـواديه  لا تـخشى أثاما ولا iiوزرا
مـصائب  أنـسبتها بـكر iiطـرادها      عـلينا  وأن لا مـستجار لـنا iiشمرا
ألــم تـرنـا كـشاف كـل مـلمة      نـعاني الـرزايا مـن غوائلهم iiغدرا

ادب الطف ـ الجزء السابع 12

أحاطوا بنا من كل فج وأرهبوا     فما أضيق الغبرا وما أبعد الخضرا

يظهر من مجرى هذه الابيات ان القصيدة نظمت على اثر غارة الوهابيين سنة 1216 على كربلاء وانتهاكهم لقدسية حرم سيد الشهداء أبي عبدالله الحسين عليه السلام وسفك دماء الابرياء من رجال ونساء فثارت حمية هذا العلوي الغيور فاندفع مستجيرا بصاحب العصر الامام الغائب حجة آل محمد صلوات الله عليه.

السيد علي آل السيد سلمان النجفي كان حيا سنة 1233. كذا ذكره صاحب الحصون ج 2 ص 453 فقال: كان فاضلا كاملا شاعرا بليغا أديبا معاصرا للشيخ محمد حسين ابن الشيح محمد علي الاعسم ، وكانا خليطين وبينهما مراسلات ومكاتبات ومن شعره يشكو دهره قوله:

وقـائلة خـفظ عـليك فـما iiالهوى      عـقار  ولـكن قـد تـخيل iiشاربه
ومـا الـدهر الا مـنجنونا iiبـأهله      يـرى فـيه أنـواع التقلب iiصاحبه
ومـا من فتى في الدهر الا وقد iiغدا      يـسالمه  طـورا وطـورا iiيحاربه
فكن رجلا ما خانه الصبر في الردى      كـما سيف عمرو لم تخنه iiمضاربه
وان  كـنت منه طالبا صفو iiمشرب      سـفهت فـأي الناس تصفو مشاربه
ديـار بـها لا انـس لي غير iiأنني      يـجاوبني فـيها الـصدى iiوأجاوبه
هـجرت  الحمى لا عن ملال iiوانما      يـجـاذبني عـنه الـعنا وأجـاذبه

عن مجموعة للسيد مهدي الخراسان.

ادب الطف ـ الجزء السابع 13

الشيخ احمد الدورقي

توفي سنة 1247

تلك الدماء أراقتها أمية بعد العلم     فاستوجبوا التخلـيد في النـار

سيعرضون بـيوم لا خلاق لهم     فيه وحاكمه الهادي عن الباري (1)

احمد بن محمد بن محسن بن علي بن محمد بن احمد الربعي المحسني الاحسائي الدورقي الفلاحي . قال الشيخ محمد حرز في (معارف الرجال):

هو علامة زمانه ، محقق ورع ، زاهد عابد، قال في وصفه سبطه الشيخ موسى: العالم العابد جامع شتاب المفاخر والمحامد ، الى آخر ما قال . وقال صاحب أنوار البدرين: وقفت له على رسالة حسنة في الجهر والاخفات بالبسملة والتسبيح في الاخيرتين وثالثة المغرب ورسالة في حجية ظواهر الكتاب الكريم وحواشي على تهذيب الاحكام وبعض الفوائد والنوادر ، ومن جملة تلك

(1) أنوار البدرين.

ادب الطف ـ الجزء السابع 14

الفوائد بخط سبطه الشيخ موسى فائدة تحريم الدم مما علم بالضرورة من الدين ولكن حيث قد شربه الحجام متبركا بدم النبي صلى الله عليه وآله ولم يكن عالما بالتحريم على هذا الوجه لم يخطاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بل جعل ذلك سببا لنجاته من النار ففيه دلالة على ما أشرنا اليه في بعض كتبنا ، ان الجاهل معذور وانما تكون المعصية معصية اذا قصد المخالفة.

توفي قدس سره سنة 1247 هـ سبع وأربعين ومائتين وألف هجرية وكان المترجم له من قبيلة آل محسن وهم بطن من ربيعة ابن بزار كان مسكنهم في المدينة المنورة الى سنة 1210 ولما وقعت حادثة عبدالعزيز وولده سعود وجار فيها على علماء الشيعة ومنهم الشيخ احمد هاجر الى الاحساء وأقام فيها ثلاث سنين تقريبا، ثم توطن الدورق في أواخر عمره سنة 1214 وتوفي فيها سنة 1247، وترجم له السيد الامين في (الاعيان) وفي بعض ما قال: ولما كان شيخنا ومولانا المهذب العالم العامل الخبير بالبراهين والدلائل المتتبع العارف بالادلة والاقوال والرجال الشيخ احمد نجل الشيخ محسن الى آخر ما قال.

مؤلفاته: وقاية المكلف من سوء الموقف في الصلاة والعقائد الخمس . وكتاب منهل الصفا في الفقه استدلالي لم يتم ، وشرح النافع لم يتم ، ورسالة فيما يغفر من الذنوب وما لم يغفر الى غيرها.

وترجم له الشيخ محسن الطهراني في (الذريعة) ج3/13 وج16/90.

ادب الطف ـ الجزء السابع 15

الشيخ صافي الطريحي

توفي حدود 1255

الاكـل رزء فـي الانـام لـه iiحد      ورزء  بني الهادي الى الحشر iiيمتد
فـلا زالـت الارزاء تأتي iiوتنتهي      ورزؤهـم  غـض متى ذكره iiيبدو
وكيف  مصاب السبط يسلوه iiمؤمن      مـوال له في القلب قد أخلص iiالود
أأنـساه  اذ وافـته بـالزور iiكتبها      رسـائل غـدر ليس يحصرها iiعد
ان  اقـدم الـينا فـالجميع iiمساعد      وكـل فـتى مـنا لـنصرك iiمعتد
فـلما أتـاهم ضـيعوا الحق iiبينهم      كـأن لـم يكن منهم له سبق iiالوعد
تـجنب عـنهم اذ بـدا الغدر iiمنهم      يـسير  بـجد حـين لا ينفع iiالجد
الى أن أتى أرض الطفوف فلم يسر      بـه  فـرس ما كان أتعبه iiجهد
(1)

* * *

الشيخ صافي ابن الشيخ كاظم الطريحي من رجال العلم والفضل موسوم بالتقوى والصلاح ، كان معاصرا للشيخ جعفر الكبير ومن علماء ذلك العصر، ذكره السيد في التكملة وقال:

(1) عن مجموع الشيخ صافي بن سيف الدين الطريحي، كان يسكن العتائق.

ادب الطف ـ الجزء السابع 16

رأيت شهادته بوقفية بستان في سنة 1216 ونعته غيره بقوله: كان رحمه الله قوام الاسرة الطريحية ورئيسها وعيلمها ومن الاتقياء الافاضل والفقهاء الاماثل . وقال في (الكرام البررة): والظاهر أنه من تلامذة السيد مهدي ابن السيد ميرسي صاحب الرياض وكتب بخطه رسالة السيد مهدي في اصالة البراءة في الشك في الجزئية والشرطية ثم كتب تلميذه وهو الحاج مولى محمود التفريشي في سنة 1250 نسخة الرسالة عن خط الشيخ صافي مصرحا بأنه بعض مشائخه.

كان من العلماء الشعراء والفضلاء الادباء ، وقفت له على بعض المقاطيع والابيات في المواعظ في مجموع عيسى بن حسين كبة ـ مخطوط في مكتبة كاشف الغطاء رقم 79 قسم الادب . فمن شعره:

يا من يروم لنفسه أعلى الرتب     فاغنم علوما زانها حسن الادب

ودع المطامع كلها فلكم غـدت     تزري بصاحبها وتدنيه العطب

توفي في حدود سنة 1250 هـ وأعقب ولدا واحدا وهو الشيخ حسين . أما هذا الولد فقد أعقب أربعة أولاد وهم: الشيخ جعفر وهو أكبرهم ، والشيخ علي الذي توفي في (الشنافية) ـ ناحية في الفرات الاوسط ، والشيخ صافي ، وكل من هؤلاء الثلاثة له أولاد. والرابع عباس قتل في كربلاء قبل أن يتزوج.

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث