ادب الطف ـ الجزء السابع 17
عبدالمحسن الملهوف
المتوفى 1260
جاء في شعراء القطيف: الاديب الفاضل عبدالمحسن الملهوف من أفراد قبيلة
في القطيف تعرف بهذا اللقب ، أديب شاعر وعبقري فذ ولو لم يكن مما يدل
على ذلك الا هذه القصيدة العصماء لكفى بها فهو أحد الشعراء المجيدين
والادباء الورعين في القرن الثالث عشر المزدهر بالعلم والادب . تغمده
الله برحمته ترجم له صاحب انوار البدرين من شعره هذه الرائعة في الحسين
عليه السلام.
دعـهـا تـجدد عـهدها iiبـالوادي وتــمـزق الـبـيداء iiبـالآسـاد
بـل تـذرع الـفلوات تحسب iiأنها قــد وكـلت بـالذرع iiوالـتعداد
زيـافة تـهوى الـذميل iiوشـأنها قـطع الـمفاوز مـن ربى iiووهاد
لا تـسـتطيب الـظـل الا iiانـها تـهوى شـموس هـجيرها iiالوقاد
لا تهتوي المرعى الخصيب ولا الى الـماء الـبرود تـهش في iiالوراد
مـا وكـلت بـالنجم الا iiواغـتدت تـعطي المفاوز من وراها iiالحادي
مـا أنـكرت قـفرا أتته ولا ادعت عـسرا ولا آلـت مـن iiالـتبعادي
ولـعت بـقطع الـبيد حـتى iiأنها أمـنت بـمسراها عـلى iiالاجـياد
ادب الطف ـ الجزء السابع 18
دعـها الـعراق تـؤم لا تشأم iiبها وتـجـاف لـلاغـوار iiوالانـجاد
فـهناك مـأوى الآمـلين iiبـمربع هــي كـعبة الـعافين iiوالـوفاد
ربـع به جدث الحسين ونفس أحمد والـزكـية والـوصـي iiالـهادي
مـن حـوله فـئة تقاسمت iiالردى مــن كـل قـرم أشـوس iiذواد
مـن كل من رضعت له العليا iiفمن فـياض مـكرمة وغـوث iiمـناد
أو كـل عـالي هـمة لو شاء iiأن يـرقى رقـى من فوق سبع iiشداد
أسـد ضراغمة متى ما iiاستصرخوا لـجـلاء نـازلة عـدوا iiبـعوادي
خطبوا الوغى مهر النفوس وزوجوا الـبـتار يــوم الـروع iiبـالمياد
قـوم متى وجدوا فخارا في iiالردى ركـضوا بـأكباد الـيه iiصـوادي
فـي الـجو كالانوا وكالاطواد iiفي الـبلوى وفـي الاقـدام iiكـالآساد
حـدث ولا حـرج عـليك فـانما تــروى لـنا مـتواتر iiالاسـناد
فـوبـيعة وفــوا لـها iiوبـنعمة فـازوا بـها مـن واهـب iiجـواد
لـو أنـهم شـاءوا الـبقاء بـهذه لـم يـتركوا وغـدا مـن iiالاوغاد
ولـو أنـهم شـاؤا القضا مدوا iiله نـظـرا ورد بـدهـشة iiالارعـاد
لـكن تـجردت الـنفوس iiوعافت الاكـدار وارتـاحت الـى iiالانداد
أفـما عـلمت استشهدوا iiوتغابطوا مـتـقدما وأخـيـرهم iiلـلـبادي
هـذا بـقرب الـعهد لـلمولى iiوذا بـالـسبق لـلـجنات iiوالاخـلاد
كـانوا فرادى في الملا iiفاستشهدوا طــرأ كـأنـهم عـلـى iiمـيعاد
فـبـكتهم الـعـليا بـدمع iiثـاكل أنـى وهـم مـن أنـجب iiالاولاد
وبـقى الصبور على البلا iiوحمول كــل الابـتـلا لاسـنة iiوحـداد
بـالنبل يـرمي والـرماح iiوبالظبا بـأحـر أفـئـدة مــن الـحقاد
وانصاع يخطب في الوغى iiبمحجة بـيضا عـلى هـام مـن iiالاشهاد
ادب الطف ـ الجزء السابع 19
ورداه مـسـرود الـحديد iiبـكفه لــدن ومـنـبره سـنام iiجـواد
مـا زجـه في الجيش الا iiواغتدى كـالسيل صـادفه غـشاء iiالوادي
ومـهند أدنـى مـواهبه iiالـردى فـي حـالة الاصـدار iiوالايـراد
ومـثـقف لـدن ولـيس iiمـقره الا بـسـاحة مـهـجة iiوفــؤاد
يـتـدفع الـجـيش اللهام iiكـأنه يــم خـضـم مـد بـالازبادي
فـكأنه مـوسى ومـخذمه iiالعصى بـل أيـن مـوسى منه يوم جلاد
بـطل تـولع فـي الـنزال iiبنهبه هــام الـكماة وخـلسة iiالاكـباد
يـمحو لـدائرة الـصفوف بسيفه مـحو الـمهندس فـاسد iiالاعـداد
حتى غدوا كالعصف تنسفه iiالصبا فـوق الـتلال وفي خفيض iiوهاد
مـا زال هـذا دأبه حتى iiانقضت مـنـه الـحـياة وآذنـت iiبـنفاد
فـانهار كالطود الاشم على iiالثرى جـلـت مـعانيه عـن iiالاطـواد
عـدم الـنظير فـما يـمثل iiحاله اذ مـال عـن ظهر الجواد iiالعادي
ان قـلت مـوسى حين خر iiسماله أو قـلـت يـحيى فـاقه iiبـجهاد
هـذا اسـتكن بـدوحة حذرا iiوذا لـمـا أفـاق بـليت ظـل iiيـناد
لـكـنه مـتـبتل لـمـا iiقـضى فـرضا هـوى شكرا بغير تمادي
يـوم ثـوى فـيه الـحسين iiويوم عـزرائيل يـقبض طينة iiالاجساد
فـدعوت مورى يا جبال تصدعي وبـحار غـوري وأذنـي iiبـنفاد
يا شمس فانخفضي ويا شهب اقلعي وعـلـيه يـا بـدر ادرع بـحداد
وعـليه يـا سـبع الـشداد iiتهيلي هــد الـعـماد وعـلة iiالايـجاد
لـولا بـقيته وخازن علمه iiالسجاد لا انـبـعثت صـواعـق iiعـاد
واسـمع بـشاوية الضلوع iiمصيبة الـخـفرات بـعد كـفيلهن بـواد
أضـحت كمرتاع القطا من iiبعدما وقـعت بـوسط حـبالة iiالـصياد
ادب الطف ـ الجزء السابع 20
قـد المصشاب قلوبها أو ما iiترى تهمشي الدموع دما كسيل iiغوادي
فـقدت أعـزتهششا وجل iiراتها ومـلاذ هـيبتها وخـير سـناد
لـبست مـن الارزاء أبهى حلة لـكـنها مـن صـفرة iiوسـواد
بـأبي وبـي أم الـرزايشا زينبا مـسـجورة الاحـشاء iiبـالايقاد
تطوي الضلوع على لظى حراتها مـهما دعـت نفثت كسقط iiزناد
تـدعو الحسين وما لها من منعم يـا كـافلي قدح المصاب iiفؤادي
أوهـى قوى جلدي فبان iiتجلدي أيـن الـتجلد والـفقيد iiعـمادي
سفن اصطباري قد غرقن iiبزاخر مـن يـم أحـزاني وريح iiنكاد
وتـعج تـهتف في الذميل iiبعولة عـظمى تـمزق قلب كل iiجماد
أمـؤمل الـجدوى بساحة iiربعهم خف القطين وجف زرع iiالوادي
يـا ضيف بيت الجود أقفر iiربعه فـاشدد رحـالك واحتفظ iiبالزاد
قـد كـان كـعبة أنعم واليوم iiلا مـن عـاكف فيها ولا من بادي
وتـرقرق الدمع الهتون iiتصونه خـجلا وخـوف شماتة iiالحساد
فـكأنها نـظرت وراء iiزجـاجة كـي تبصر القتلى على iiالابشعاد
وتـخط فـي وجـه الفلا iiببنانها صـونا لـرفع الصوت iiبالانشاد
يـا راكبا كوما تهش الى iiالسرى عـزت عـن الاشباه iiوالاضداد
عـرج لـطيبة قـاصدا جدثا iiبه سـرالوجود ومـظهر iiالارشـاد
وقـل الـسلام عليك من iiمزمل مـدثر بـردى الـفخار الـبادي
يـا مظهر الاسلام جئتك iiمخبرا ان الـحسين رمـي بسهم iiعناد
خـلفته غـرضا هناك iiومركزا وضـريبة بـل حـلبة iiلـطراد
والـطيبات اللائي كنت iiتحوطها أمـست غـنيمة غـادر ومعادي
غرثى وعطشى غير أن iiشرابها مـن دمـعها والوجد أطيب iiزاد
ادب الطف ـ الجزء السابع 21
الشيخ صالح التميمي
المتوفي 1261
وقد اقترح عليه نظم هذه القصيدة الوزير علي رضا باشا على أن تتضمن قصة
مقتل الحسين عليه السلام (1) .
أمـا ان تـركى موبقات iiالجرائم وتـنزيه نـفسي عن غوي iiوآثم
وأجـعل لـله الـعظيم iiوسـيلة بها لي خلاص من ذنوب iiعظائم
وأخـتم أيـامي بـتوبة iiتـائب يـذود بـها عـقبى نـدامة iiنادم
ومن لم يلم يوما على السوء iiنفسه فـلم تـغنه يـوما مـلامة iiلائم
عـلى أنني مستمطر غزر iiصيب من العفو يهمي عن غزير المكارم
فـكم بـين مـنقاد الى شر iiظالم مـنيبا ومـنقاد الـى خير راحم
وان كـنت مـمن لا يفيء iiلتوبة ولا لـطريق الـرشد يوما بشائم
سـأمحو بـدمعي في قتيل iiمحرم صـحائف قـد سودتها iiبالمحارم
قـتيل تـعفى كـل رزء iiورزؤه جـديد عـلى الايام سامي iiالمعالم
قـتيل بكاه المصطفى وابن iiعمه (علي) واجرى من دم دمع (فاطم)
وقـل بـقتيل قد بكته السما iiدما عـبيطا فما قدر الدموع iiالسواجم
(1) ديوان التميمي.
ادب الطف ـ الجزء السابع 22
ونـاحت عـليه الـجن حتى بدا لها حـنـين تـحاكيه رعـود iiالـغمائم
اذا مـا سـقى الله الـبلاد فـلا سقى مـعـاهد كـوفان بـنوء iiالـمرازم
أتـت كـتبهم فـي طـيهن iiكـتائب ومــا رقـمـت الا بـسم الاراقـم
لـخير امـام قـام في الامر iiفانبرت لــه نـكبات أقـعدت كـل iiقـائم
اذا ذكــرت لـلطفل حـل بـرأسه بـياض مـشيب قـبل شـد iiالتمائم
أن أقـدم الـينا يا بن أكرم من iiمشى عـلى قـدم نـم عـربها iiوالاعاجم
فـكم لـك أنـصار لـدينا iiوشـيعة رجـالا كـراما فـوق خـيل iiكرائم
فـودع مـأمون الـرسالة iiوامـتطي مـتون الـمراسيل الـهجان iiالرواسم
وجـشـها (نـجد) الـعراق iiتـحفه مـصاليت حـرب من ذوابة ii(هاشم)
قـسـاوة يــوم الـقراع iiرمـاحهم تـكـفلن أرزاق الـنسور الـقشاعم
مـقـلدة عــن عـزمها iiبـصوارم لدى الروع أمضى من حدود الصوارم
أشـد نـزالا مـن لـيوث iiضراغم وأجـرى نـوالا من بحور iiخضارم
وأزهـي وجـوها مـن بدور iiكوامل وأوفـى ذمـاما مـن وفـي iiالذمائم
يـلبون مـن لـلحرب غير iiمحارب كـمـا انـه لـلسلم غـير iiمـسالم
كـمي يـنحيه عـن الضيم iiمعطس عـليه ابـاء الـضيم ضـربة iiلازم
ومـد أخـذت فـي (نـينوى) iiمنهم النوى ولاحت بها للغدر بعض iiالملائم
غــدا ضـاحكا هـذا وذا iiمـتبسما سـرورا ومـا ثـفر الـمنون iiبباسم
ومـا سـمعت أذني من الناس iiذاهبا الـى الـموت تـعلوه مـسرة iiقـادم
كـأنهم يـوم (الـطفوف) iiولـلضبا هـنـالك شـغل شـاغل iiبـالجماجم
أجــادل عـاثت بـالبغاث iiوانـها أشـد انـقضاضا مـن نجوم رواجم
ادب الطف ـ الجزء السابع 23
لـقد صبروا صبر الكرام وقد iiقضوا عـلى رغـبة مـنهم حقوق المكارم
الى أن غدت أشلاؤهم في iiعراصها كـأشلاء قـيس بين تبنا iiوجاسم(1)
فـلهفي لـمولاي الـحسين iiوقدغدا فـريدا وحـيدا في وطيس iiالملاحم
يـرى قـومه صرعى وينظر iiنسوة تـجـلببن جـلباب الـبكا والـمآتم
هناك انتضى عضبا من الحزم قاطعا وتـلك خـطوب لم تدع حزم حازم
أبـوه عـلي أثـبت الناس في iiاللقا وأشـجع مـمن جاء من صلب iiآدم
يـكر عـليهم مـثلما كـر حـيدر عـلى أهـل بـدر والنفير iiالمزاحم
ولـمـا أراد الله انـفـاذ iiأمــره بـأطوع مـنقاد الـى حـكم iiحاكم
أتـيـح لـه سـهم تـبوأ iiنـحره تـبوأ نـحري لـيته iiوغـلاصمي
فهدت عروش الدين وانطمس iiالهدى وأصـبح ركن الحق واهي iiالدعائم
وأعـظم خـطب لا تـقوم iiبـحمله مـتون الـجبال الـراسيات العظائم
عـويل بـنات المصطفى مذأتى iiلها جـواد قـتيل الـطف دامي iiالقوائم
فـوا حـر قـلبي لـلنساء بـحرقة يـحمن عـليه فـي قـلوب حوائم
(1) ذكر الحموي في معجم البلدان: تبنى بالضم ثم السكون وفتح النون ،
بلدة بحوران من أعمال دمشق قال النابغة:
فلا زال قبر بين تبنى وجاسم
عليه من الوسمي جود ووابل
|