ادب الطف

 
 

ادب الطف ـ الجزء السابع 24

يـنحن كـما نـاح الـحمام iiوبـالبكا      لا  غـزر شـجوا مـن نواح iiالحمائم
فـيا  وقـعة كـم كدرت من iiمشارب      لـنا  مـثل مـا قد رنقت من iiمطاعم
بني المصطفى ما عشت أو دمت سالما      فـصبري عـلى مـا نابكم غير iiسالم
لـكي  لا تزول الارض عن iiمستقرها      والا  فـأنـتم فــوق هـام iiالـنعائم
فـلو أن لـي حـظ عـظيم iiتـقدمت      حـيـاتي بـعـصر سـالف مـتقادم
وصـلت  عـلى أعـدائكم بـفوارس      أشـداء فـي الـهيجاء من آل ii(دارم)
وان فـات نصر السيف سوف iiأعينكم      بـنظم كـبا مـن دونـه نـظم iiناظم
ومـا صـالح ان لـم تـعينوه iiصالح      ومـا  عـد الا مـن بـغاة iiالـمظالم
عـليكم سـلام الله مـا هـبت iiالصبا      ومـا  حـرك الاغـصان مر iiالنسائم

وللشيخ صالح التميمي:

مـا بـال جـفني مـغرم بسهاده      وغـزير  دمـعي لـم أفز iiبنفاده
لا في سعاد صبا فؤادي في iiالصبا      فـأقول  قـلبي قـد لـها iiبسعاده
كـلا  و لا أطـلال بـرقة iiمنشد      بـرقت مـدى الايـام في iiانشاده
لـكن مـصارع فـتية في iiكربلا      سلبت  بسيف الحزن طيب iiرقاده
قـتلى  وفـيهم من دؤابة ii(هاشم)      أسـد  سـعى لـلموت في iiآساده
يـا للرجال لطود (أحمد) مذ iiثوى      قـدما وريـع الـدين في iiأطواده
يـا  للرجال لنكبة (الزهراء) iiفي      أبـنـائها  والـطهر فـي iiأولاده
أبـكي الـقتيل أم النساء iiحواسرا      يـندبنه ويـلذن فـي ii(سـجاده)
أم أنـدب (العباس) لما أن iiمضى      والـبر قـد غص الفضا iiبصعاده
يبغي الوصول الى الفرات ودونها      بـيض كـساها فـيلق iiبـسواده
فـأتى  دوين الماء فاعتاق iiالردى      هـمم سـمت لـلمجد فوق مراده
أبـكي  لمقطوع اليدين وقد قضى      ضـمأ ونـار الـوجد ملء iiفؤاده

ادب الطف ـ الجزء السابع 25

ألذاك أبكي أم (سكينة) اذ دعت      يـا  عـمتا كهفي هوى بعماده
هـذا  أبي ملقى وأذيال iiالصبا      عـزمت  له ما سل من iiأبراده
يـا  آل بيت محمد حزني iiلكم      مـتحكم والـهم مـن iiأوتـاده
أنـا  (صـالح) ان أنتم iiأنعمتم      بـقبول  ما قصرت في iiانشاده

وله أيضا:

ألا  مـن مـبلغ الشهداء أني      نهضت  لشكر هم بعد iiالقعود
رجـال  طلقوا الدنيا ومن iiذا      صـبا لـطلاق كاعبة iiالنهود
رأوا خـمر الـفناء الذ iiطعما      غـداة الطف من طعم iiالخلود
دعـاهم نـجل فـاطمة iiبيوم      يـشيب  لـذكره رأس الوليد
دعـاهم دعوة والحرب iiشبت      لـظى من دونها ذات iiالوقود
فـقل  مـن سيد نادى iiعبيدا      عـراة  الذات من شيم iiالعبيد
أسـود بـالهياج اذا iiالـمنايا      رمـت ظـفرا ونابا iiبالاسود
كـأن  رمـاحهم تـتلو iiاليهم      لـصدق الطعن أوفوا iiبالعقود
اذا  مـا هـز عسال تصابوا      كـما يـصبى الى هز القدود
بـنفسي والورى أفدي iiكراما      تـجنب حزمهم نقض iiالعهود
بنفسي  والورى أفدي iiجسوما      مـجزرة عـلى حر iiالصعيد
بنفسي  والورى أفدي iiرؤوسا      تشال على الرماح الى (يزيد)
كـأني يابن (عوسجة) iiينادي      وريـح  الموت يلعب iiبالبنود
هلموا عانقوا بيض iiالمواضي      ولا كـعناقكم بـيض iiالخدود
فـليس يـصافح الحوراء الا      فـتى  يهوى مصافحة الحديد
رأوا فـي كربلا يوما iiمشوما      فـفازوا  مـنه في يوم iiسعيد
وكـدر عيشهم حرب iiفجادت      لـهم عـقباه في عيش iiرغيد

أدب الطف ـ الجزء السابع 26

ألا يـا سـادتي حزني iiعليكم      نفي عن ناظري طيب الهجود
أحـاذر  أن يقال هل امتلأتي      فـكان جـوابها هل من مزيد
أعيذوا  (صالحا) منها iiوكونوا      لـه  شـفعاء في يوم iiالخلود
مـنعتم مـن ورد الماء iiقسرا      وفـزتم بـالهنا وقت iiالورود

* * *

ابو سعيد الشيخ صالح بن درويش بن علي بن محمد حسين ابن زين العابدين الكاظمي النجفي الحلي البغدادي المعروف بالشيخ صالح التميمي الشاعر المشهور.

ولد في الكاظمية سنة 1218 وتوفي ببغداد لاربع عشرة ليلة بقيت من شعبان بعد الظهر سنة 1261 ودفن في الكاظمية ، كان من بيت علم و أدب ربي في حجر جده الشيخ علي الزيني الشهير في مطارحاته مع السيد بحر العـلوم وغيـره فـي النجف ، انتقل مع جده من الكاظمية الى النجف فأقام برهة ثم سكن الحلة وبقي بها مدة حتى استقدمه والي بغداد داود باشا. أقول: هو في عصره كأبي تمام في عصره. وقد تولى رئاسة ديوان الانشاء سنة 1235، وله شعر كثير مدح به الامراءوالاعيان والزعماء وله مؤلفات ذكرت بأسمائها وفي ديوانه المطبوع عدة مراسلات ومساجلات ، ورثاه العالم الشيخ ابراهيم صادق العاملي والشيخ عبد الحسين محي الدين وعبد الباقي العمري وأعقب ولدين: محمد سعيد ومحمد كاظم. وكتب عنه الدكتور محمد مهدي البصير في (نهضة العراق الادبية في القرن التاسع عشر) وجمع له مساجلاته ونوادره.

ادب الطف ـ الجزء السابع 27

وقال عنه: أما صفاته فانها من أجمل وأفضل ما يتحلى به انسان ـ كان رحمه الله خفيف الطبع عذب الروح حلو المعاشرة حاضر النكتة غزير الحفظ واسع الرواية قيل له: كم تحفظ من بدائع الشعر وروائعه فأجاب: لو لا أن شيخي أبا تمام جمع محاسن الجاهليين والاسلاميين في حماسته المشهورة لجمعت أنا لكم من حفظي هذه الحماسة. وكان يجل أبا تمام كثيرا ويعجب به اعجابا شديدا ويـعده اماما له، والغريب انه رثاه على بعد ما بينهما من الزمن بقصيدة بليغة يقول فيها:

يـا  راكـبا وجناء iiعيدية(1)      لـم  يترك الوخد لها من سنام
ان جـئت للحدباء قف لي بها      وأبـلغ أبـا تمام عني iiالسلام
وقـل لـه بشراك يا خير من      سام القوافي الغر من نسل سام
فـضلك أحـياك كأن لم iiتبت      بـالخلد  هاتيك العظام iiالعظام

ومن غرر الشعر قصيدته في الامام أمير المؤمنين علي عليه السلام وهذا المقطع الاول منها:

غـاية  المدح في علاك iiابتداء      ليت شعري ما تصنع iiالشعراء
يا أخا المصطفى وخير ابن عم      وأمـير  ان عـدت iiالامـراء
مـا نرى ما استطال الا تناهى      ومـعاليك مـا لـهن iiانـتهاء
فـلك  دائـر اذا غـاب iiجزء      مـن  نـواحيه أشرقت iiأجزاء
أو  كـبدر مـا يـعتريه iiخفاء      مـن  غـمام الا عراه iiانجلاء
يحذر البحر صولة الجزر iiلكن      غـارة الـمد غـارة iiشـعواء

(1) عيدية نسبة الى فحل شهير من فحول الابل .

ادب الطف ـ الجزء السابع 28

ربـما  عالج من الرمل iiيحصى      لـم يـضق في رماله iiالاحصاء
يـا  صراطا الى الهدى مستقيما      وبــه  جـاءللصدور الـشفاء
بـني الـدين فـاستقام iiولـولا      ضرب  ماضيك ما استقام iiالبناء
أنـت  لـلحق سـلم مـا iiلراق      يـتـأتى بـغـيره الارتـقـاء
مـعدن الناس كلها الارض iiلكن      أنـت مـن جوهر وهم حصباء
شبه الشكل ليس يقضي التساوي      انـما  فـي الـحقائق iiالاستواء
شـرف  الله فـيك صلبا iiفصلبا      أزكـيـاء نـمـتهم iiأزكـيـاء
فـكأن الاصـلاب كانت iiبروجا      ومـن الـشمس عـمهن iiالبهاء
لــم  تـلد هـاشمية هـاشميا      كـعـلـي وكـلـهم iiنـجـباء
وضـعـته بـبطن أول iiبـيت      ذاك بـيـت بـفخره iiالاكـتفاء
أمـر  الـناس بـالمودة iiلـكن      مـنهم  أحـسنوا ومـنهم iiأساؤا
يـا ابـن عم النبي ليس iiودادي      بــوداد يـكون فـيه iiالـرياء
فـالورى  فـيك بين غال iiوقال      ومـوال وذو الـصواب iiالولاء
وولائـي  ان بـحت فيه بشيء      فـبـنفسي  تـخـلفت iiأشـياء
أتـقي  مـلحدا وأخـشى iiعدوا      يـتـمارى  ومـذهبي الاتـقاء
وفــرارا  مـن نـسبة لـغلو      انـما  الـكفر والـغلو iiسـواء

* * *

ذا  مبيت الفراش يوم iiقريش      كـفراش  وانـت فيه iiضياء
فـكأني  أرى الصناديد iiمنهم      وبـايديهم  سـيوف iiظـماء
صـاديات  الـى دم هو iiللما      ء طـهور لـو غيرته الدماء
دم مـن ساد في الانام iiجميعا      ولـديه  احـرارها iiادعـياء
قصرت مذرأوك منهم خطاهم      ولـديهم قـد استبان iiالخطاء
شـكر  الله منك سعيا iiعظيما      قـصرت عن بلوغه iiالاتقياء

ادب الطف ـ الجزء السابع 29

عميت  أعين عن الرشد iiمنهم      وبـذات  الـفقار زال iiالعماء
يـستغيثون في يغوث الى iiان      منك قد حل في يغوث القضاء
لـك  طول على قريش iiبيوم      فـيه  طـول وريـحه iiنكباء
كـم  رجال اطلقتهم بعد iiأسر      أشـنع  الاسـر أنـهم طلقاء
يـردع الخصم شاهدان iiحنين      بـعد  بـدر لوقال هذا iiادعاء
ان  يـوم الـنفير والعير يوم      هـو فـي الدهر راية iiولواء
سـل  وليدا وعتبة ما iiدعاهم      لـفناء  عـدا عـليه iiالـفناء

ادب الطف ـ الجزء السابع 30

السيد صدر الدين العاملي

المتوفي 1263

قال بمناسبة مولد الامام الحسين عليه السلام في الثالث من شهر شعبان:

فـدت شـهر شعبانها الاشهر      فـمن  بـينها يـمنه iiالاشهر
لـثالثه فـي رقـاب iiالانـام      أيــاد لـعـمرك لا iiتـنكر
وبـاب الـنجاة الامـام iiالذي      ذنـوب  الـعباد بـه iiتـغفر
وغـصن الامـامة فـيه سما      جـنـي  هـدايـتها iiيـثمر
وروض الـنبوة مـن نـوره      سـني  ومـن نـوره iiمزهر
لـتـهن  بـمـيلاده iiشـيعة      لـهم طـاب في حبه iiعنصر
غــذاه  الـنـبي iiبـابهامه      فـما  زال عـن ريها iiيصدر
بـه  الله رد عـلى (فطرس)      مـقاما بـه فـي السما iiيذكر
أكان من النصف مثل الحسين      شـفيع الـخلايق اذ iiتـحشر
ومـن  هو ريحان قلب iiالنبي      ثـلاثا  عـلى الترب لا iiيقبر
تـعادى عليه جموع ابن iiهند      بـأسـيافهم  جـهرة iiيـنحر
بـميلاده  بـشر الـمصطفى      وفـي  قـتله حرب iiتستبشر
ومـا زال يـؤلمه ان iiبـكى      وكــان بـتـسكيته iiيـأمر
فـكـيف  اذا مـا رآه iiلـقى      وفـي الترب خديه قد iiعفروا
بـنفسي  الذي يستغيث iiالعداة      ويـدعو الـنصير فلا iiينصر

ادب الطف ـ الجزء السابع 31

السيد محمد ابن السيد صالح بن ابراهيم بن زين العابدين الموسوي ، المعروف بصدر الدين العاملي والمشتهر بهذا اللقب . عالم كبير و شاعر أديب . ولد في قرية جبشيت 21 ذي القعدة الحرام 1193 وجاء مع ابيه للعراق عام 1197 فعنى بتربيته ، والذكاء طافح عليه فقد كتب حاشية القطر وعمره سبع سنوات كذا ذكر البحاثة الطهراني في (الكرام البررة) . وذكره صاحب الحصون ج 9 ص 336 فقال:

كان فاضلا عالما فقيها اصوليا محدثا متكلما ، له اليد الطولى في العلوم العقلية والنقلية حسن التقرير والتعبير ، اديبا شاعرا ، هاجر مع ابيه من جبل عامل في واقعة احمد باشا الجزار الى العراق وسكن النجف وتلمذ وتخرج على يد الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، وصار صهره على ابنته ، ثم هاجر بعد موت استاذه الى أصفهان ومكث فيها برهة من الزمان ثم رجع الى النجف. وتوفي بالنجف ليلة الجمعة رابع عشر شهر المحرم سنة 1263 ودفن في حجرة من حجر الصحن الشريف مما يلي الرأس يمين القبلة وخلف ثلاثة أولاد وعدة بنات وله جملة من المؤلفات منها كتاب كبير في الفقه ، وكتاب القسطاس المستقيم في الاصول ، وكتاب المستطرفات، ومنظومة له في الرضاع ، وكتاب في النحو و رسالة في حجية الظن ورسالة في مسألة ذي الرأسين ، ورسالة في شرح مقبولة عمر بن حنظلة وله شعر كثير في العرفانيات ومدائح اهل البيت صلوات الله عليهم و مراثيهم فمن ذلك قوله في الامام اميرالمؤمنين:

عـلي بـشطر صفات iiالآله      حـبيت  وفـيك يدور iiالفلك
فـلولا الـغلو لـكنت iiاقول      جـميع  صفات المهيمن iiلك
ولـما  أراد الآلـه iiالـمثال      لـنفي الـمثيل لـه iiمـثلك
فـمن عالم الذر قبل iiالوجود      لـقول  بـلى الله قـد أهلك
وقـد كنت علة خلق iiالورى      من الجن والانس حتى الملك
وعلمت  جبريل رد iiالجواب      ولـو لاك في بحر قهر هلك

وذكره النقدي في (الروض النضير) فقال: كان من أعاظم علماء اواسط القرن الثالث عشر ، وكانت له الجامعية في علوم شتى والنصيب الوافر في الادب وله شعر لطيف ، و ذكره الشيخ الطهراني في (الكرام البررة) نقلا عن (التكملة) للسيد الصدر فقال: كان من اعيان الفقهاء والمجتهدين تلميذ الشيخ الاكبر وصهره ، ووالده السيد صالح كان صهر الشيخ علي ابن الشيخ محي الدين بن علي بن محمد بن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني ، رزقه الله من بنت الشيخ علي ، صاحب الترجمة واخيه السيد محمد علي . وذكره الحجة كاشف الغطاء محمد الحسين فقال: كان السيد الصدر جامعا لجميع الكمالات خصوصا كمال الادب الذي هو من اللازمات ، وقد كانت له فيها القدم الراسخة والنخوة الشامخة والسليقة العربية والنكات العجمية ، ويدلك على حسن مشربه و لطيف مسلكه مستهل قصيدته.

يعارضني في الشعر من لا أعارضه     وما انا الا البحر فاضت فوائضه

ترجم له صاحب شعراء الغري وقال: له شعر كثير ولكنه تلف

ادب الطف ـ الجزء السابع 33

واليك قوله من قصيدته يمدح بها الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب:

جـاءت  تجوب البيد iiسيارة      تهوي هوي المرمل الصارخ
الـى عـلي وزعـيم iiالعلى      يـوم  الوغى والعلم iiالشامخ
الى  السراة الانجبين iiالاولى      أحصوا فنون الشرف iiالباذخ
أولـى  المزايا الغر أعباؤها      يـنوء فـيها قـلم iiالـناسخ
قد  أيقنوا منه بجزل iiالخطى      ان عـليا لـيس بـالراضخ

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث