ادب الطف

 
 

ادب الطف ـ الجزء السابع 85

جـفوني بـعد وصلهم iiوبانوا      فسحي  الدمع ويحك يا iiجفوني
لـقد  ظعنوا بقلبي يوم iiراحوا      فـها هـو بين هاتيك الظعون
فـمن  لـمتيم أصـمت حشاه      سـهام  حواجب وعيون iiعين
اذا مـا عـن ذكـركم iiعـليه      يـكاد يـغص بـالماء iiالمعين
رهـين فـي يد الاشواق عان      فــيالله لـلـعاني iiالـرهين
اذا مـا الليل جن بكيت iiشجوا      وطارحت الحمائم في الغصون
ولو  أبقت لي الزفرات iiصوتا      لأسـكت السواجع في iiالحنين
بنفسي  من وفيت لها و iiخانت      وأيـن أخو الوفاء من الخؤون
أضـن على النسيم يهب iiوهنا      بـرياها  ومـا أنـا iiبالضنين
فـان أك دونـها شـرفا iiفاني      لأحـسب  هامة العيوق iiدوني
ومـن  مثلي بيوم وغى وجود      وأي فـتى لـه حسبي iiوديني
ومـن ذا بـالمكارم لي iiيداني      وهل لي في الاكارم من iiقرين
وكـم  لي من مآتر iiكالدراري      وكم  فضل خصصت به iiمبين
فـمن عزم غداة الروع iiماض      كـحد  الـسيف تحمله iiيميني
وحـلم  لا تـوازنه iiالرواسي      اذا مـا خف ذو الحلم iiالرزين
وبـأس  عـند معترك iiالمنايا      تـقاعس دونـه أسـد العرين
وجـود تـخصب الايـام منه      اذا  مـا أمحلت شهب iiالسنين
وعـز شـامخ الهضبات iiسام      لـه  الاعيان شاخصة iiالعيون
ولـي أدب به الركبان iiسارت      تـزمزم بيتن زمزم iiوالحجون
أحـطت مـن العلوم بكل iiفن      بـديع  والـعلوم عـلى فنون
وكـم قـوم تـعاطوها iiفكانوا      عـلى ظـن وكنت على iiيقين
فـها أنا محرز قصب iiالمعالي      ومـا جاوزت شطر iiالاربعين

وقال في الغرام :

حبذا العيش بجرعاء الحمى     فلقد كان بها العيش رغيدا

ادب الطف ـ الجزء السابع 86

لا عــدا الـغـيث ربـاها فـلكم      أنـجز  الـدهر لـنا فـيها iiوعودا
ولـكـم  فـيـها قـضينا iiوطـرا      وسـحـبنا لـلهوى فـيها iiبـرودا
يـا رعـى الله الـدمى كم iiغادرت      مـن  عـميد والـه الـقلب iiعميدا
ولـكـم قــاد هـواهـا سـيـدا      فـغدا يـسعى عـلى الرغم iiمسودا
وبـنـفسي غــادة مـهما iiرنـت      أخـجلت عـين الـمها عينا iiوجيدا
لـيس  بـدعا ان أكـن عـبدا iiلها      فـلها  الاحـرار تـنصاع iiعـبيدا
جـرحت ألـحاظها الاحـشاء iiمـذ      جـرحت  ألـحاظنا مـنها iiالخدودا
رصــدت  كـنز لـئالي iiثـغرها      بــأفـاع أرسـلـتهن iiجـعـودا
وحـمـت ورد لـمـاها iiبـظـبى      مـن  لـحاظ تورد الحتف iiالاسودا
يــا مـهاة بـين سـلع iiوالـنقى      سـلبت رشـدي وقـد كنت iiرشيدا
ولـقـتلي عـقـدت تـيها iiعـلى      قـدها  الـلدن مـن الـشعر iiبنودا
مـا  طـبتني الـبيض لولاها iiوان      كن عينا قاصرات الطرف غيدا 
(1)
يــا رعـاهـا الله مـن iiغـادرة      جـحدت ودي ولـم تـرع iiالعهودا
مـنعت  طـرفي الكرى من بعد iiما      كـان مـن وجـنتها يجني iiالورودا
لـو تـرى يـوم تـناءت iiأدمـعي      لـرأيت  الـدر فـي الـخد نضيدا
مـا  الـذي ضـرك لو عدت iiفتى      عـد أيـام الـلقا يـا مـي iiعـيدا
وتـعـطـفت  عــلـى ذي أرق      لـم  تـذق بـعدك عـيناه iiالهجودا
كـم  حـسود فـيك قـد iiأرغـمته      فـلـماذا  فـي أشـمت iiالـحسودا
نـظـمت  مــا نـثرته iiأدمـعي      مــن  لـئـال كـثناياها iiعـقودا
جـدت  بـالنفس وضـنت iiبـاللقا      فـبفيض الـدمع يـا عـيني iiجودا
يــا  نــزولا بــزرود iiوهـم      بـحمى الـقلب وان حـلوا iiزرودا
قـد مـضت بـيضا لـيالينا iiبـكم      فـغـدت بـعـدكم الايـام iiسـودا

(1) أطباه بالتشديد حرفه ودعاه.

ادب الطف ـ الجزء السابع 87

كـنت  قبل البين أشكو صدكم      ثـم بـنتم فـتمنيت iiالصدودا
هـل  لايام النوى أن iiتنقضي      ولايـام  تـقضت أن iiتـعودا
أوقـد الـبين بـقلبي iiجـذوة      كـلما هبت صبا زادت iiوقودا
عـلـلونا بـلـقاكم iiفـالحشا      أوشـكت بـعد نواكم أن iiتبيدا
واذا  عــن لـقلبي iiذكـركم      خـدد  الـدمع بـخدي iiخدودا
نـاشدوا ريح الصبا عن iiكلفي      انـها  كـانت لاشواقي iiبريدا
شـد  ما كابدت من يوم النوى      انـه  كـان على القلب iiشديدا
أنـا ذاك الصب والعاني iiالذي      بـهواكم لـم يزل صبا iiعميدا
حدت  عن نهج الوفا يا مي ان      أنـا  حاولت عن الحب iiمحيدا
واذا  مـا أخـلق النأي الهوى      فـغرامي لـيس يـنفك iiجديدا
لـم  يـدع بـينكم لـي iiجلدا      ولـقد  كنت على الدهر iiجليدا
من عذيري من هوى طل دمي      وصـدود  جرع القلب iiصديدا
بـي  مـن الاشجان ما لو أنه      بـالجبال  الشم كادت أن تميدا
لو  طلبتم لي مزيدا في iiالهوى      مـا  وجدتم فوق ما في iiمزيدا

ومن غرامياته قوله:

الـى  م تـسر وجدك وهو iiباد      وتـلهج بـالسلو وأنـت iiصب
وتخفي  فرط حبك خوف iiواش      وهـل  يخفى لاهل الحب iiحب
ولـولا  الـحب لم تك مستهاما      عـلى  خـديك للعبرات iiسكب
وان ناحت على الاغصان ورق      يـحن  الى الرصافة منك iiقلب
تـحن لـها وان لحت iiاللواحي      وتـذكرها وان غضبوا iiفتصبو
وتـصبو لـلغوير وشعب iiنجد      وغـير الصب لا يصبيه iiشعب
نـعم  شب الهوى بحشاك iiنارا      وكـم لـلشوق مـن نار iiتشب
تـشب ومـنزل الاحباب iiدادن      فـهل  هي بعد بعد الدار iiتخبو
أجـل بـان الـتجلد يوم iiبانوا      وأظـلم بـعدهم شرق و iiغرب

ادب الطف ـ الجزء السابع 88

كـبا  دون السلو جواد iiعزمي      وعـهدي  فيه لم يك قط iiيكبو
فـلي  من لاعج الزفرات iiزاد      ولي من ساكب العبرات شرب
وبـين الـقلب والاشجان iiسلم      وبـين  النوم والاجفان iiحرب
ولـيس  هوى المها الا iiعذاب      ولـكن الـعذاب بـهن iiعذب
لـحى الله الحوادث كم iiرمتني      بـقاصمة  لـها ظهري iiأجب
كـذاك الـدهر بالاحرار iiمزر      كـأن لـلحر عند الدهر iiذنب
ولو يجدي العتاب لطال iiعتبي      ولـكن  مـا على الايام iiعتب

ادب الطف ـ الجزء السابع 89

محمد بن عبد الله حرز

المتوفى 1277

عـج  بالطفوف وقل يا ليث iiغابتها      واذر  الدموع وناجي الرسم و iiالتزم
وانـح الفرات وسل عن فتية iiنزلوا      يوم الطفوف على الرمضاء والضرم
ونـسوة  بـعد فـقد الصون iiبارزة      بـين الـطفوف بفرط الحزن لم تنم
مـا بـين بـاكية عـبرى ونـادبة      تـدعو أبـاها ربيب البيت iiوالحرم
تـحنو عـلى السبط شوقا كي iiتقبله      فـلـم  تـجد مـلثما فـيه iiلـملتثم

والقصيدة تحتوي على 65 بيتا ومطلعه

قـف بالديار وسل عن جيرة iiالحرم      أهـل أقـاموا برضوى أم بذي iiسلم
أم  يمموا الصعب قودوا نحو iiقارعة      ومـحنة  رسـمت في اللوح iiوالقلم
أم قد غدى في لظى الرمضاء ركبهم      نـحو  الـردى والهدى لله من iiحكم

* * *

جاء في معارف الرجال: الشيخ أبو المكارم محمد بن الشيخ عبدالله بن الشيخ حمد الله بن الشيخ محمود حرز الدين المسلمى النجفي ولد في النجف حدود سنة 1193 هـ ونشأ وقرأ

ادب الطف ـ الجزء السابع 90

مقدمات العلوم فيها . هو عالم علامة محقق له المآثر الجليلة والخصال الحميدة وكان فقيها أصوليا منطقيا أديبا شاعرا ، ومن مهرة العلماء في العربية والعروض ، حدثنا الفقيه الشيخ ابراهيم الغراوي المتوفى سنة 1306 ان المترجم له من أصحاب الفقيه الاجل الشيخ محمد الزريجاوي النجفي والسيد أسد الله الاصفهاني ، سافر الشيخ الى ايران لزيارة الامام الرضا عليه السلام وفي رجوعه صير طريقه على اصفهان لملاقاة صديقه العالم السيد أسد الله الاصفهاني صاحب الكري في النجف المتوفي سنة 1290 وحل ضيفا على السيد فأفضل في اكرامه وتبجيله ونوه باسمه واظهار فضيلته علانية في محافل أصفهان والتمس منه الاقامة في اصفهان على أن يكون مدرسا فلم يؤثر على النجف شيئا وأراه الجامع الذي أحدثه السيد والده بعد قدومه من الحج سنة 1230 هـ .

تتلمذ في الفقه على الشيخ علي صاحب الخيارات المتوفى سنة 1253 والشيخ محمد حسن صاحب الجواهر الفقه و الاصول. والسيد مهدي القزويني المتوفى سنة 1300 وحضر يسيرا درس الشيخ محمد حسين الكاظمي.

مؤلفاته:

كتاب الحج فقه استدلالي مبسوط جدا يوجد في مكتبتنا بخطه ، وكتاب الحاشية في المنطق على شرح الشمسية بخطه ، والمصباح وهو كتاب جامع في أعمال المساجد المعظمة والاوراد والادعية المأثورة وكتاب في الحديث ومقتل يتضمن

ادب الطف ـ الجزء السابع 91

شهادة الامام الحسين عليه السلام وأصحابه في واقعة الطف وفيه بعض مرثياته، ومجموع يشتمل على جملة من مراثيه ومراثي بعض معاصريه كالشيخ عبدالحسين محي الدين والشيخ عبد الحسين الاعسم وفيه عدة قصائد في الغزل والنسيب وكتاب شرح الحديث ـ هو شرح لكتاب أستاذه السيد القزويني شارحا ما نظمه خاله العلامة السيد بحر العلوم من مضمون الحديث ـ قال في المقدمة الحمد لله الذي هدانا الى السبيل بمعرفة البرهان الدليل.. أما بعد فيقول العبد الجاني طالب العفو من الكريم الودود محمد ابن عبدالله بن حمد الله بن محمود حرز الدين المسلمى، قال في نظم الحديث:

ومشي خير الخلق بابن طاب     يفتح منه أكثر الابواب

وذكر الشيخ في شرحه أربعين بابه بخطه ، وتتلمذ عليه جماعة منهم الشيخ ابراهيم السوداني كما حدثنا عنه السوداني.

توفي في النجف سنة 1277 هـ بداره بمحلة المسيل قرب مقبرة الصفا غربي البلد ودفن في وادي السلام بمقبرة آل حرز الدين ولم يخلف سوى بنتين.

وله في رثاء مسلم بن عقيل عليه السلام:

الـلدار أبـكي اذ تحمل iiأهلها      أم السيد السجاد أم أبكي iiمسلما
همام  عليه الكون ألوى iiعنانه      وخـانت  به الاقدار لما iiتقدما
تجمعت الاحزاب تطلب ذحلها      عليه  وفيها العلج عدوا iiتحكما
كأنى  به بين الجماهير iiمفردا      يحطم  في الحامين لدنا ولهذما

وقال في تخميس أبيات الجزيني الكناني في مدح زيد بن علي عليه السلام :

ادب الطف ـ الجزء السابع 92

أبي يرى ان المصاليت والقـنا     لديها المعالي في الكريهة تجتنى

تولت حيارى القوم تطلب مأمنا     ولما تـردى بالحـمائل وانثنى

يصول بأطراف القنا والذوابل

فتى كان لا يهـفو حذارا جنانه     وقوع العوالي في الكريهة شانه

ولما انثنى للشوس يعدو حصانه     تبيـنت الاعـداء ان سـنانـه

يطيل حنين الامهات الثواكل

همام اذا ما القعضبية في اللقا     تحوم تراه في الكتيبة فيلقا

ولما علا ظهر المطهم وارتقى     تبين منه مبسم العز والتقى

وليدا يفدى بين أيدي القوابل

وقال يرثي ولده جعفر وكان شابا بعدة قصائد منها:

عـلي الدهر بالنكبات صالا      وفـاجئني  بـنكبته iiاغتيالا
وأوهى جانبي فصار جسمي      لـما ألـقاه من زمني خلالا
وألـم مـا لقيت من الرزايا      فـراق  أحبة خفوا iiارتحالا
ومن شأن القروح لها اندمال      وقـرحة جعفر تأبى iiاندمالا
أروم سـلوه فـتقول iiنفسي      رويـدك لا تسل مني iiمحالا
أرانـي  كلما أبصرت iiشيئا      تـخيل مـقلتي مـنه iiخيالا

وقد أثبتنا له عدة قصائد في الجزء الثاني من النوادر. انتهى أقول وأورد صاحب (شعراء الغري) ترجمته وذكر مراثيه لولده ، أما تتمة هذه القصيدة

أرى أقـرانه فتجود iiعيني      فـازجرها فـتزداد انهمالا
لو  أن الدهر يقنع في iiفداء      لـكان  فـداؤه نفسا iiومالا
فـلا والله لا أنـساك حتى      أوسد نحو مضجعك الرمالا

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث