ادب الطف ـ الجزء السابع 144
الحاج جواد بدقت
المتوفى 1281
الحاج جواد بدكت قال في الحسين عليه السلام:
بـواعث انـي لـلغرام iiمؤازر رسـوم بـأعلا الرقمنين iiدوائر
يـعاقب فـيها لـلجديدين iiوارد اذا انـفك عنها للجديدين iiصادر
ذكـرت بها الشوق القديم iiبخاطر بـه كل آن طارق الشوق iiخاطر
وان لـم تـراع لـلوداد iiأوائلا فـما لك في دعوى الوداد iiأواخر
وتـلك الـتي لو لم تهم iiبمهجتي لـما أنـبأت أن اللحاظ iiسواحر
لـحاظ كـألحاظ المهى أن iiأتيتها فـواتـك الا أن تـلك iiفـواتر
وجـيد يريك الظبي عند التفاتها هي الظبي ما بين الكثيبين iiنافر
تحملت حتى ضاق ذرعا iiتحملي ومل اصطباري عظم ما أناصابر
عـدمتك فاقلع عن ملائمة iiالهوى ألـم يـعتبر بـالأولين iiالاواخر
أهل جاء أن ذو صبوة نال iiطائلا وان جـاء فـاعلم ان تلك iiنوادر
فان شئت ان توري بقلبك iiجذوة يـصاعدها ما بين جنبيك iiساجر
فـبادر عـلى رغم المسرة فادحا عـظيما له قلب الوجودين iiذاعر
غـداة أبو السجاد والموت iiباسط مـوارد لا تـلفى لـهن iiمصادر
أطـل عـلى وجه العراق بفتية تـناهت بهم للفرقدين iiالاواصر
فـطاف بهم والجيش تأكله iiالقنا وتـعبث فـيه الماضيات البواتر
على معرك قد زلزل الكون iiهوله وأحجمن عنه الضاريات iiالخوادر
ادب الطف ـ الجزء السابع 145
يـزلـزلن أعـلام الـمنايا iiبـمثلها فـتقضي بـهول الاولـين iiالاواخر
ويـنقض أركـان الـمقادير iiبـالقنا امـام عـلى نـقض الـمقادير قادر
أمـستنزل الاقـدار مـن iiمـلكوتها فـكيف جـرت فـيما لقيت iiالمقادر
وان اضطرابي كيف يصرعك القضا وان الـقضا انـفاذ مـا أنـت iiآمر
أطـل عـلى وجـه الـمعالم موهن وبــادر أرجـاء الـعوالم iiبـادر
بـأن ابن بنت الوحي قد أجهزت iiبه مـعاشر تـنميها الامـاء iiالـعواهر
فـما كان يرسو الدهر في خلدي iiبأن تـدور عـلى قـطب النظام الدوائر
وتـلك الـرفيعات الـحجاب iiعواثر بـأذيالها بـل انـما الـدهر iiعاثر
تـجلى بـها نور الجلال الى الورى عـلـى هـيئة لا أنـهن iiحـواسر
يـطوف عـلى وجه البراقع iiنورها فـيـحسب راء أنـهـن سـوافـر
وهـب انـها مـزوية عن iiحجابها وقـاهرها عـن لـطمة الخدر قاهر
فـماذا يـهيهن الـبدر وهـو بأفقه بـأن الـورى كـل الى البدر iiناظر
ولـكن عـناها حـين وافت iiحميها رأتـه صـريعا فـوقه الـنقع iiثائر
فـطورا تـواريه الـعوادي وتـارة تـشاكل فـيه الـماضيات iiالـبواتر
فـيا محكم الكونين أو هي iiاحتكامها بـأنك مـا بـين الـفريقين iiعـافر
وانـك لـلجرد الـضوامير iiحـلبة الا عـقرت من دون ذاك iiالضوامر
ألـست الـذي أوردتها مورد iiالردى فـيا لـيتها ضاقت عليها iiالمصادر
فيا ليت صدري دون صدرك iiموطأ ويـا لـيت خـدي دون خدك iiعافر
ادب الطف ـ الجزء السابع 146
هو الحاج جواد ابن الحاج محمد حسين الاسدي الحائري ـ الشهير بـ (بذقت)
أو بذكت (1). ولد بكربلاء عام 1210 هـ وتوفي سنة 1281 بكربلاء ودفن
فيها.
كان فاضلا أديبا مشهور المحبة لاهل البيت عليهم السلام من مشاهير شعراء
القرن الثالث عشر وديوانه لا يزال مخطوطا وفيه قصائد عامرة ، وقد ساجل
جملة من شعراء عصره نخص بالذكر منهم الشيخ صالح الكواز فلقد ذكر الشيخ
اليعقوبي في (البابليات) ان الكواز زار شاعرنا المترجم له فرأى عنده
عبدا له اسمه (ياقوت) وهو يضجر من رمد في عينيه فقال الكواز:
ألا ان ياقوتا يصوت معلنا غداة غدت عيناه ياقوته حمرا
فأجابه الحاج جواد مرتجلا:
وقد صير الرحمن عينيه هكذا
لأني اذا أدعوه ينظرني شزرا
نظم الحاج جواد في مختلف أبواب الشعر فأجاد وأبدع فمن روائعه قوله
مخمسا:
قلت لصحبي حين زاد iiالظما واشتد بي الشوق لورد iiاللمى
متى أرى المغنى وتلك iiالدمى قـالوا غدا تأتي ديار iiالحمى
وينزل الركب بمغناهم
هـم سـادة قد أجزلوا iiبذلهم لـمن أتـاهم راجـيا iiفضلهم
فـمن عصاهم لم ينل وصلهم وكـل مـن كـان مطيعا لهم
أصبح مسرورا بلقياهم
(1) وبذقت لقب جدهم الحاج مهدي ، أراد أن يقول عن الشمس بزغت فقال
لتمتمة فيه: بذقت.
ادب الطف ـ الجزء السابع 147
قد لامني صحبي على iiغفلتي اذ نـظرت غـيرهم مـقلتي
فـما أطـالوا اللوم في iiزلتي قـلت فـلي ذنب فما iiحيلتي
بأي وجه أتلقاهم
يـا قـوم اني عبد iiاحسانهم ولـم أزل أدعـى بـسلمانهم
فـاليوم هل أحظى iiبغفرانهم قـالوا أليس العفو من iiشانهم
لا سيما عمن تولاهم
جعلت زادي في السرى ودهم ومـوردي فـي نيتي iiوردهم
وقـلت هم لم يخجلوا iiعبدهم فـحين ألقيت العصا iiعندهم
واكتحل الطرف بمرءآهم
لـم أر فـيهم مـا iiتـحذرته بـل لاح بـشر كنت iiبشرته
كـأنـما فـيـما iiتـفـكرته كـل قـبيح كـنت iiأحرزته
حسنه حسن سجايايهم
ومن شعره قوله مقرضا تخميس الشيخ موسى ابن الشيخ شريف محي الدين
لمقصورة ابن دريد:
أي آي أبديتها فـي القوافي
قد هوت سجدا لهـا الشعراء
ان هوت سجدا فغير غريب أنت موسى وهي اليد البيضاء
وله ايضا في تقريضه:
لقد كفرت بالشعر قوم و قد قضى
علينا الـردى حزنـا عليه وتبئيسا
فأحييتنا فيـمـا نظمـت فـآمنوا فكنت لنا عيسى وكنت لهم موسى
وللشاعر ملحمة كبيرة يمدح بها الامام أمير المؤمنين عليا عليه السلام
نظمها فصولا على عدد حروف الهجاء رأيت أكثرها في مخطوط العلامة المرحوم
الشيخ علي كاشف الغطاء المسمى بـ
ادب الطف ـ الجزء السابع 148
(سمير الحاظر وأنيس المسافر) ج 3 ص 325 قال: وقد نقلتها من نسخة بخطة
وهي مسودة ومبيضة لا ثاني لها . أقول ورأيت هذه الروضة في مجموعة
بمكتبة كاشف الغطاء العامة قسم المخطوطات ـ رقم 872 وهي التي أشار
اليها الشيخ.
وكتب عنه صديقنا السيد سليمان هادي الطعمة فقال: ان الديوان يشتمل على
جوانب انسانية ووطنية وله ملحمة رائعة يمتدح بها أهل البيت عليهم
السلام جارى بها ملحمة الشيخ كاظم الازري المسماة بـ (الازرية) عدد
أبياتها 1265 بيتا . أقول ويحتفظ بنسخة منها آل الرشتي بكربلاء
ومطلعها:
أهي الشمس في سماء علاها أخذت كل وجهة بسناها
طرق أبواب الشعر فأسمع كل حي وفتح له الشعر أبوابه وأحسن به ترحابه فها
هو يصف جلسة اختلسها من الزمان بين أحباب واخوان ولعلها بمناسبة زفاف
السيد أحمد الرشتي عام 1279:
هـي والـراح أسـفرا iiاسفارا فـأعاد لـيل الـندامى iiنـهارا
أشـرقا حين لاصحاب iiفيحمي عن تعاطى اجتلاهما iiالابصارا
هـي عـاطتهم لـماها ولـما أسـكرتهم بـه سـقتهم iiعقارا
تـتهاوى فـيهم فتحسبهم iiمنها سـكارى ومـا هـم iiبسكارى
كـلما رنحت لهم عطفها iiهاجوا ارتـياحا وأزعـجوا الاوتـارا
بينهم من بني النصارى طروب ضل فيها احكام دين iiالنصارى
سلبت رشده وقد كسر iiالناقوس هـجـرا وقـطـع iiالـزنارا
ادب الطف ـ الجزء السابع 149
ومن شعره في رثاء الامام الحسين عليه السلام:
شـجتك الـضعائن لا iiالاربع وســال فـؤادك لا iiالادمـع
ولـو لـم يذب قلبك iiالاشتياق فـمن أيـن يـسترسل iiالمدمع
تـوسـمتها دمـنـة iiبـلـقعا فـما أنـت والـدمنة iiالـبلقع
تـعاتبها وهـي لا iiتـرعوي وتـسـألها وهـي لا iiتـسمع
فـعدت تـروم سـبيل iiالسلو وسـهمك طـاش بـه iiالمنزع
خــذوه بـألـسنة iiالـعاذلين فـقد عـاد فـي سلوة iiيطمع
تـجاهلت حـين طلب iiالسلو عـلام قـد انـضمت iiالاضلع
هل ارتعت من وقفة الاجرعين فـأمسيت مـن صابها iiتجرع
فـأينك مـن موقف بالطفوف يـحـط لـه الـفلك iiالارفـع
بـملمومة حـار فيها iiالقضاء وطـاش بـها الـبطل iiالانزع
فـما اقلعت دون قتل iiالحسين فـيا لـيتها الـدهر لا تـقلع
اذا مـيز الشمر رأس iiالحسين أيـجـمعها لـلـعلا iiمـجمع
فـيا ابن الذي شرع iiالمكرمات والا فـلـيس لـهـا iiمـشرع
بـكـم أنـزل الله ام الـكتاب وفـي نـشر آلائـكم iiيصدع
أوجـهك يـخضبه iiالـمشرفي وصـدرك فـيه الـقنا iiتشرع
وتعدو على صدرك iiالصافنات وعـلـم الآلـه بـه iiمـودع
ويـنقع مـنك غليل iiالسيوف وان غـلـيـلك لا iiيـنـقـع
ويقضي لعيك الردى iiمصرعا وكـيف القضا بالردى iiيصرع
بـنفسي ويـا لـيتها قـدمت وأحـرزها دونـك iiالـمصرع
ويـا لـيته اسـتبدل iiالخافقين وأيـسر مـا كـان لـو يقنع
لـقد أوقـعوا بـك يابن iiالنبي عـزيز عـلى الدين ما أوقعوا
وخـوص مـتى نسفت iiمربعا تـلـقـفها بـعـده iiمـربـع
لـقد أوقـروها بـنات iiالنبي فـهل بـعدها جـلل iiأسـفع
ادب الطف ـ الجزء السابع 150
خـريم يـغار عـليها الالـه بـمن أرقـلوا وبمن iiجعجعوا
أتــدري حـدات iiمـطياتها وأمـلاكـه عـندها iiتـخضع
يـلاحظها فـي الـسبا iiأغلف ويـحدو بها في السرى iiأكوع
يـطارحن بالنوح ورق iiالحمام فـهذي تـنوح وذي iiتـسجع
لـسـهم الـزفـير iiبـأكبادها الــى أن تـكاد بـه iiتـنزع
تـسير وتـخفي لـفرط iiالحيا جـواهـا ويـعربه iiالـمدمع
وللحاج جواد بذكت:
فـوق الـحمولة لؤلؤ iiمكنون زعـم الـعواذل انهن iiضعون
لـم لـقبوها بـالظعون iiوانها غرف الجنان بهن حور iiعين
يـا ايـها الـرشأ الذي سميته قـمر الـسماء وانـه iiلـقمين
انـي بمن أهواه مفتون iiوذاك بـأن يـؤنب بـالهوى مفتون
مهما نظرت وانت مرآة الهوى بـك بـان لي ما لا يكاد iiيبين
لـم تـجر ذكرى نير وصفاته الا ذكـرتك والحديث iiشجون
ومنها:
يـا قـلب مـا هذي شعار iiمتيم ولـعل حـال بـني الغرام iiفنون
خفض فخطبك غير طارقة الهوى ان الـهوى عـما لـقيت iiيهون
مـا برحت بك غير ذكرى كربلا فـاذا قـضيت بـها فذاك iiيقين
ورد ابن فاطمة المنون على ظما ان كـنت تـأسف فلتردك iiمنون
ودع الـحنين فـانها العظمى iiفلا تـأتي عـليها حـسرة iiوحـنين
ظـهرت لـها في كل شيء iiآية كـبرى فـكاد بـها الفناء يحين
بـكت الـسماء دما ولم تبرد iiبه كـبد ولـو ان الـنجوم iiعـيون
نـدبت لها الرسول الكرام iiوندبها عـن ذي الـمعارج فيهم iiمسنون
فـبعين نوح سال ما اربى iiعلى مـاسار فـيه فـلكه iiالـمشحون
ادب الطف ـ الجزء السابع 151
وبـقلب ابـراهيم ما بردت iiله مـا سـجر النمرود وهو iiكمين
ولـقد هوى صعقا لذكر iiحديثها مـوسى وهـون ما لقى iiهارون
واخـتار يحيى ان يطاف iiبرأسه ولـه الـتأسي بـالحسين iiيكون
وأشـد مـما نـاب كـل iiمكون مـن قـال قـلب محمد محزون
فـحراك تـيم بـالضلالة iiبعده لـلحشر لا يـأتي عـليه سكون
عـقدت بيثرب بيعة قضيت iiبها لـلشرك مـنه بـعد ذاك iiديون
بـرقي مـنبره رقي في iiكربلا صـدر وضـرج بالدماء iiجبين
لـولا سـقوط جنين فاطمة iiلما أودى لـها فـي كـربلاء iiجنين
وبكسر ذاك الضلع رضت أضلع فـي طـيها سـر الآله iiمصون
وكــذا عـلى قـوده بـنجاده فـلـه عـلي بـالوثاق iiقـرين
وكـما لـفاطم رنـة مـن iiخلفه لـبناتها خـلف الـعليل iiرنـين
وبـزجرها بسياط قنفذ iiوشحت بـالطف مـن زجر لهن iiمتون
وبـقطعهم تـلك الاراكة iiدونها قـطعت يـد فـي كربلا iiووتين
لـكنما حـمل الرؤس على iiالقنا أدهـى وان سـبقت به iiصفين
كـل كـتاب الله لـكن iiصامت هـذا وهـذا نـاطق iiومبين(1)
(1) عن (رياض المدح والوثاء) للشيخ حسين آل سليمان البلادي البحراني
منشورات المكتبة العربية ومطبعتها مطبعة الاداب ـ النجف الاشرف.
|