ادب الطف

 
 

ادب الطف ـ الجزء السابع 203

أظبى الردى انصلتي وهاك وريدي    ذهب الزمان بعدتي وعديدي

ومنها:

وأنـا  الـفداء لمن نشأت iiبظله      والـدهر  يـرمقني بعين حسود
ما زلت وهو علي أحنى من أبي      بـألذ  عـيش فـي حماه iiرغيد
مـا لـي وللايام قوض iiصرفها      عـني عـماد رواقـي iiالممدود

وقال في كلمات نثرية صـدر فيهـا تخميسه لقصيـدة عمـه الداليـة فـي (العقد المفصل) ولا غرو ان حذوت مثاله وشابهت أقوالي أقواله فان من حياضه مشربي ومن أدبه كان ادبه فترانا حر يين بقول المؤمل بن أميل الكوفي:

وجئت وراءه تجري حثيثا     وما بك حيث تجري من فتور

وان بلغ الصغير مدى كبير    فقد خـلق الـصغير من الكبير

لـه مصنفـات في الادب والـلغـة والتـاريخ أحسنهـا علـى مـا قيل «مصباح الادب الزاهر» وهـو الـذي يروي عـنه ابن أخيه السيد حيدر في كتاب (العقد المفصل) ـ ولا وجود له اليوم ـ وله مختارات من شعر شعراء العرب في جزئين ضخمين سلك فيهما طريقة أبي تمام في ديوان الحماسة وقد استفدنا منهما كثيرا يوم كنا في الحلة وكتاب في أنواع البديع وكتاب في تراجم الشعراء المتقدمين ونوادرهم وكأنه لخص فيه تراجم جماعة من شعراء اليتيمة ووفيات ابن خلكان وغيرهما ، رأيت قطعة كبيرة منه بخط الخطيب الاديب القاسم بن محمد الملا نقلها عن نسخة الاصل وديوان شعره الذي لم يكن مجموعا في حياته بل كان في أوراق متفرقة أكثرها بقلم ابن أخيه حيدر وقد جمعها حفيد المترجم

ادب الطف ـ الجزء السابع 204

السيد عبد المطلب بن داود بن المهدي وكلف بنسخها الشيخ مهدي اليعقوبي وجعله في جزئين مرتبين على الحروف ، الاول في مديح ورثاء جماعة من علماء عصره في النجف والحلة ، كآل بحر العلوم وآل كاشف الغطاء وآل القزويني وآل كبه في بغداد ، وقد أورد ابن أخيه كثيرا منه في العقد المفصل و«دمية القصر ـ ـخ ـ» والثاني في مدح ورثاء أجداده الطاهرين عليه السلام ويقع في «128» صفحة وقد نظم هذا القسم في أيام كبره وأتلف ما قاله من الشعر في أواسط حياته في بعض الناس وقد رأيت له مقطوعة يتأسف فيها على ما فرط به من مديح ورثاء لغير آل الرسول (ص) ممن لا يضاهيه في السؤدد ولا يساويه في شرف المحتد ، منها قوله:

فوا خجلتي منكم أفي الشيب مذودي      لـغـيركم جـيد الـمدايح iiلافـت
أأمـدح  مـن دوني ومجدي iiمجده      من الارض حيث الفرقدين iiالتفاوت
وفـرعي  مـن أعلى أرومة iiهاشم      عـلى شـرف المجد المؤثل iiنابت

والى ما قاله في أهل البيت عليهم السلام أشار ابن أخيه في العقد المفصل حيث قال عن عمه المذكور ما لفظه: أوصى الي في بعض قصائد كان نظمها في مدح جده وعترته أن أجعلها معه في كفنه ا هـ وألمح الى ذلك في مرثيته لعمه بقوله:

وأرى القريض وان ملكت زمامه    وجـريت في أمـد اليه بـعيد

لم ترض منه غـير ما ألـزمته     من مدح جدك طائرا في الجيد

وفيه تلميح الى قوله تعالى « وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه » وقد أثبت بعض مراثيه الحسينية سيدنا العلامة الامين في

ادب الطف ـ الجزء السابع 205

(الدر النضيد).

وهذه نماذج من شعره:

قال من قصيدة في مدح المرحوم الحاج محمد صالح كبه:

نـسيم  الصبا استنقت منك شذا iiالند      فهل  سرت مجتازا على دمنتي iiهند
فـذكرتني  نـجدا ومـا كنت iiناسيا      لـيال سـرقناها من الدهر في iiجعد
لـيال قـصيرات و يا ليت iiعمرها      يـمد  بـعمري فهو غاية ما iiعندي
بـها  طـلعت شـمس النهار iiفلفها      ظـلامان مـن لـيل ومن فاحم بعد
قـد اخـتلست مـنها عيوني iiنظرة      أرتـني لـهيب النار في جنة iiالخلد
وفـي وجـنتيها حمرة شك iiناظري      أمـن  دم قـلبي لونها أم من iiالورد
وفـي  نـحرها عقد توهمت ثغرها      لآلأه  نـظـمن مـن ذلـك iiالـعقد
ومـا كـنت أدري مـا المدام iiوانما      عرفت  مذاق الراح من ريقها iiالشهد
وقـبل اهـتزاز الـقد ما هزة iiالقنا      وقبل حسام اللحظ ما الصارم الهندي
ومـن قـربها مـالت برأسي iiنشوة      صـحوت بها يا مي من سكرة البعد
وان  زال سكر البعد من سكر iiقربها      فـلا طـب حتى يدفع الضد iiبالضد
تـعشقتها  طـفلا وكـهلا iiوأشـيبا      وهـما  عـرته رعشة الرأس والقد
ولـم  تـدر لـيلى أنـني كلف بها      وقـلبي  مـن نار الصبابة في iiوقد
ومـا علمت من كتم حبي لمن iiبكت      جفوني ولا قلبي لمن ذاب في iiالوجد
فـأذكر سـعدى والـغرام iiبـزينب      وأدفـع  فـي هـند ومية عن iiدعد
وان  قـلت شـوقي باللوى فبحاجر      أو الـمنحنى فاعلم حننت على iiنجد
ومـا  ولعت نفسي بشيء من iiالذي      ذكرت  ولكن تعلما لنفس ما iiقصدي
وليس  الفتى ذوالحزم من راح iiسره      تـنـاقله  الافـواه لـلحر iiوالـعبد

ادب الطف ـ الجزء السابع 206

وله يهنيء الحاج محمد صالح كبة في عرس ولده المصطفى:

أتتك ومنها الشمس في الوجه تشرق      ونـشر  الخزامي في الغلائل iiيعبق
رشـيقة  قـد فـي سـهام iiلحاظها      حشا صبها عن قوس حاجب iiترشق
ولـم تـشبه الاغـصان قامة iiقدها      وأنـى ومـنها قـد مـية iiأرشـق
ولـيس  التي بالماء يورق iiغصنها      كـمن هـو من ماء الشبيبة iiمورق
لـقد  فضحت في عينها جؤذر iiالنقا      وان هـي فـي عينيه تدنو iiوترمق
تـميس وقـرطاها قـليقان iiوالحشا      على  وفق قرطيها من الشوق يخفق

وله:

وكم ذي معال بات يخفض نفسه     فأضحى وعن عليائه النسر يقصر

تصاغـر حتى عـاد يكبر قدره     ويكبر قدر المرء من حيث يصغر

وله

اقـطع هـديت عـلائق النفس     أتعيش في أمل الى الرمس

تمسي وتأمل في الصباح ترى       خيرا فتصبح مثلمـا تمسي

وله:

كم تقي للخلق يظهر نسكا     ولباري النفوس في السر عاص

فهو في نسكه تظن أبا ذر      وعـند التحقيق فابـن العاصى

أجاب المترجم له داعي ربه في الرابع من محرم الحرام أول سنة 1289 هـ في الحلة ونقل الى النجف الاشرف كما أرخ ذلك تلميذه الشيخ محمد الملا في آخر مرثية له بقوله:

وحين مضى جاء تاريخه     مضى عجلا لجنان النعيم

ومن هنا يتحقق ان ما نشرناه في «العرفان» وما نقله عنه

ادب الطف ـ الجزء السابع 207

الزركلي في «الاعلام» من ان وفاته سنة 1287 كان سهوا والى وفاته في المحرم يشير ابن أخيه السيد حيدر في مرثيته له:

فـكأنما أضـلاع هاشم لم iiيكن      أبـدا لـها عـهد بـقلب iiجليد
لـم  تقض ثكل عميدها iiبمحرم      الا  وأردفـهـا بـثكل iiعـميد
يـبكي  عليه الدين بالعين iiالتي      بـكت  الحسين أباه خير iiشهيد
ان يـختلط رزءاهـما iiفكلاهما      قـصما  قرى الايمان iiوالتوحيد
أبه نعى الناعي لها عمرو العلى      أم شـيبة الحمد انطوى iiبصعيد

ورثاه عامة شعراء الحلة الذين شهدوا يومه بعدة قصائد أشهرها قصيدة الشاعر المجيد المتوفى بعده بعام واحد الشيخ صالح الكواز حيث يقول:

تـعاليت  قـدرا أن تكون لك iiالفدا      نـفوس  الورى طرا مسودا iiوسيدا
وكـيف تـفدى في زمان ولم iiيكن      لـدينا  بـه الـذبح العظيم iiفتفتدى
فـقل لـقريش تخلع الصبر iiدهشة      وتـلبس ثـوبا لـلمصيبة iiأسـودا
وتـصفق  جـذا الـراحتين بمثلها      وتـغضي على الاقذاء طرفا مسهدا
لـقد  عمها الرزء الذي جدد الاسى      عـليها  بـما خـص النبي iiمحمدا
فـان  أبـا داود عـاجله iiالـردى      وكـان  الذي ينتاشنا من يد iiالردى
حـذا  حذو آباه الألى أسسوا iiالعلى      فـوطد مـن فـوق الاساس وشيدا
اذا  لـبس الـدنيا الـرجال iiفـانه      لـعمري  مـنها شـذ ما قد iiتجردا
فـوالله  مـا ضـلت عليه iiطريقها      ولو شاء من أي النواحي لها اهتدى
فـما  مـالت الايـام فـيه iiبشهوة      ومـا مـلكت مـنه الـدنية iiمقودا
اذا  مـا تـوسمت الـرجال iiرأيته      أقـلـهم مــالا وأكـثرهم نـدى
فـلـله ذاك الـطود مـاذا iiأزالـه      ولـله ذاك الـنور مـن كان أخمدا

ادب الطف ـ الجزء السابع 208

وجاء في شعراء الحلة للخاقاني السيد مهدي بن السيد داود بن السيد سلمان الكبير الحلي . أشهر مشاهير شعراء عصره ، نشأ على أخيه السيد سلمان الصغير المتوفى 1247.

له آثار قيمة توجد في الحلة عند حفيده السيد هادي بن السيد حمزة ومن بينها ديوانه ويقع في جزئين ، ونسخة أخرى من ديوانه عند الخطيب الشيخ مهدي الشيخ يعقوب جمعة سنة 1329 رأيته بخطه ، وقد جاء في أول الجزء السابع قوله في رثاء كريمة الحاج محمد صالح كبه:

من بكى الخدر والتقى والحياء    هل قضت معدن التقى حواء

وعلى ذي الاعواد آسية تحمل     أم تلـك مـريـم العـذراء

وجاء في أول الثاني قوله في رثاء سيد الشهداء الحسين بن علي (ع):

سـقت من رقاب لوى iiدماءا      أمـية  فـي قضبها iiكربلاءا
وفـي أرضـها نثرت iiمنهم      نـجوما  ففاقت بهن iiالسماءا
وفي الطف في بيضها جدلت      أمـاجد  مـن حزبهم نجباءا

وترجم له السيد الامين في أعيان الشيعة وسماه بـ (السيد داود الحسيني الحلي)، وقال في جزء 30 من الاعيان: هو من الطائفة التي منها السيد حيدر الحلي الشاعر المشهور، ولم يمكننا الان تحقيق ذلك ولا معرفة شيء من أحواله سوى أنه أديب شاعر، وعثرنا من شعره على قصيدة في رثاء الحسين عليه السلام من جملتها:

ما ان أثار لحربه     في كربلا ظلما قتامه

ادب الطف ـ الجزء السابع 209

ثم استدرك في جزء 31 فقال: وعلمنا بعد ذلك انه عم السيد حيدر الحلي ، فاذا هو السيد داود بن سليمان بن داود بن حيدر.

أقول والصحيح كما ذكرنا سابقا فهو السيد مهدي بن السيد داود بن سليمان الكبير. وديوانه يضم مختلف ألوان الشعر وعدة قصائد في الامام الحسين عليه السلام فمنها ما وسعنا تدوينها:

قـف بين أجراع iiالطفوف      وانـحب  أسى بدم iiذروف
فـي عـرصة فيها ابن iiفا      طـمة غـدا هب iiالحتوف
فـي ثـلة مـن آل عدنان      ذوي الـشـرف iiالـمنيف
الـضاربين  على iiالطريق      قـبابهم  لـقرى iiالضيوف
والـمـانعين  iiذمـارهـم      بالقضب في اليوم iiالمخوف
وبـدور  مـجد نـور iiفخ      رهـم على القمرين iiموفي
بيض  الوجوه وفي iiالوغى      حـمر  الأسـنة iiوالسيوف
مـن  دأبـهم يـوم iiالـلقا      جـزر الكتائب iiوالصفوف
بـأبـي كـراما مـن iiذؤا      بـة  هـاشم شـم الانوف
عـكفوا  بـقضبهم iiعـلى      قـوم  على العزى iiعكوف
وحـموا  ببيض ظبا iiالموا      ضي  بيضة الدين iiالحنيف
شـربوا عـلى ظمأ iiدوين      الـسبط كـاسات iiالحتوف
وبـقى حـليف المجد iiغي      ر العضب لم ير من حليف
يـلقى الـصفوف iiكـملتقا      ه بـاسما زمـر iiالضيوف
فـترى  السيوف به iiتطير      مـع  الـسواعد iiوالكفوف
حـتـى اذا حـم iiالـقضا      فـهوى  وغودر بالخسوف
وغـدت  هـنالك iiزيـنب      تـدعوه عـن كـبد iiلهيف

ادب الطف ـ الجزء السابع 210

ومن مراثيه:

بـأبي  مـن بكت عليه iiالسماء      ونـعـته الامـلاك iiوالانـبياء
واستثارت في الكون حين iiهوى      فـي  الترب ريح لاجله iiسوداء
يـا  لحى الله عصبة قد iiأريقت      بـظباها مـن آل طـه iiدمـاء
مـا وفت عهد خاتم الرسل فيهم      كـيف يـرجى من اللئام iiالوفاء
هـي  من يوم حرب بدر iiوأحد      زرعـت  فـي قلوبها iiالشحناء
فـقضى  ظاميا لدى الماء iiحتى      ود مـن أجـله يـغور iiالـماء
حـوله  من بني أبيه ومن iiأص      حـابه  الـغر مـعشر iiنـجباء
بـذلوا  دونـه نفوسا iiعزيزات      بـيوم قـد عـز فـيه iiالـفداء
بـأبي  أنفسا على السمر iiسالت      حــذرا أن يـسـؤهن iiقـماء
ووجـوها  تعفرت بثرى iiالغب      را  وكـانت تـجلى بها iiالغماء
وأكـفا  تـقطعت وهي يوم iiال      مـحل لـلخلق ديـمة iiوطـفاء
وصـدورا عدت عليها iiالعوادي      وهـي لـلعلم عـيبة iiووعـاء
يـا  لـها وقعة لها رجت الغب      را ومالت من عظمها iiالخضراء
ليس تسلى بيدى الزمان كأن في      كــل يـوم يـمر عـاشوراء
يـا  بن بنت النبي أنتم iiرجائي      يـوم  نشر الورى ونعم iiالرجاء
فـاشفعوا  لي اني مسيء iiوأنتم      لـمـواليكم غــدا iiشـفـعاء
وعـليكم  مـن الالـه iiصـلاة      وسـلام مـا حـنت iiالـورقاء

ونكتفي عن ذكر البقية من قصائده الحسينية بذكر مطالعها:

خطب دهى مضرالحمرا وهاشمها     وفل في مرهفات الموت صارمها

2 ـ سلب الردى من رأس فهر تاجها     قسرا وأطفأ في الطفوف سراجها

25 بيتا.

ادب الطف ـ الجزء السابع 211

3 ـ بنو العواتك قاست أعظم النوب     بكربلا من بني حمالة الحطب

47 بيتا.

4 ـ أحادي طلاح النازحين الى متى     يجوب الفيافي خلف ظعنكم القلب

19 بيتا.

5 ـ أفلت لهاشم بالطفوف كواكب     وتحطمت منها قنا وقـواضب

30 بيتا

6 ـ ان كنت لا تبكين حزنا     كـفي الـملام عـن المعنى

53 بيتا

7 ـ أصبو الى آرام رامه     وأؤم مشتاقا أمامه

99 بيتا.

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث