ادب الطف ـ الجزء السابع 222
وبـاكـية حــرى الـفؤاد iiدمـوعها تـصعد عـن قـلب مـن الوجد iiذائب
تـصك يـديها فـي الـترائب iiلـوعة فـتـلهب نـارا مـن وراء الـترائب
شـكت وأرعـوت اذلم تجد من يجيبها ومـا في الحشا ما في الحشا غير iiذاهب
ومـدت الـى نـحو الـغريين iiطرفها ونـادت أبـاها خـير مـاش iiوراكب
أبــا حـسـن ان الـذيـن iiنـمـاهم أبـو طـالب بـالطف ثـار iiلـطالب
تـعاوت عـليهم من بني صخر iiعصبة لـثارات يـوم الـفتح حرى iiالجوانب
فـسـاموهم امــا الـحـياة بـذلـة أو الـموت فـاختاروا أعـز iiالمراتب
فـهاهم عـلى الـغبراء مـالت iiرقابهم ولـما تـمل مـن ذلـة في iiالشواغب
سـجود عـلى وجـه الـصعيد iiكـأنما لـها في محاني الطف بعض iiالمحارب
مـعـارضـها مـخـضوبة iiفـكـأنها مـلاغـم أســد بـالدماء iiخـواضب
تـفجر مـن أجـسامها الـسمر أعـينا وتـشـتق مـنـها أنـهر iiبـالقواضب
ومـما عـليك الـيوم هـون ما iiجرى ثـووا لا كـمثوى خائف الموت iiناكب
أصـيـبوا ولـكـن مـقبلين iiدمـاؤهم تـسيل عـلى الاقـدام دون iiالـعراقب
مـمـزقة الادراع تـلـقا صـدورهـا ومـحفوظة مـا كـان بـين iiالـمناكب
تـأسـى بـهـم آل الـزبير iiفـذللت لمصعب في الهيجا ظهور المصاعب(1)
ولــو لاهـم آل الـمهلب لـم تـمت لـدى واسـط موت الأبي iiالمحارب(2)
(1) يعدد المشاهير من أباة الضيم الذين رسم لهم الحسين( ع ) خطة الاباء
فهو يشير الى مصعب بن الزبير المقتول سنة 71 هـ وكان الساعد القوي
لاخيه عبد الله يوم ثار بالحجاز ، قتل على نهر (الدجيل) بالقرب من مسكن
سنة 71 هـ .
(2) أشار الى يزيد بن المهلب بن ابي صفرة الازدي ، تنقل في عدة ولايات
في العهد الاموي وحبس مرارا نازع بني أمية الخلافة فقاتله مسلمة بن عبد
الملك وقتل بين واسط وبغداد سنة 102 هـ.
ادب الطف ـ الجزء السابع 223
وزيـد وقـد كـان الابـاء سـجية لأبـائه الـغر الـكرام iiالاطائب(1)
كـأن عـليه ألـقي الـشبح iiالـذي تـشكل فـيه شـبه عـيسى لصالب
فـقل لـلذي أخـفى عن العين iiقبره متى خفيت شمس الضحى iiبالغياهب
وهـل يـختفي قبر امرىء iiمكرماته بـزغن نـجوما كـالنجوم iiالثواقب
ولـو لـم تـنم القوم فيه الى iiالعدى لـنمت عـليه واضـحات الـمناقب
كـأن الـسما والارض فـيه iiتنافسا فـنال الـفضا عـفوا سني iiالرغائب
لـئن ضـاق بطن الارض فيه iiفانه لـمن ضـاق فـي آلائه كل راحب
عـجبت وما احدى العجائب iiفاجأت بـمقتل زيـد بـل جـميع iiالعجائب
أتـطرد قـربى أحـمد عـن iiمكانه بنو الوزع المطرود طرد الغرائب(2)
وتـحكم فـي الـدين الحنيف iiوانها لأنـصب لـلاسلام مـن كل iiناصب
ومن مراثيه:
لي حزن يعقوب لا ينفك ذا لهب لصرع نصب عيني لا الدم الكذب
(1) زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، بطل من أبطال أهل البيت
ويسمى بـ (حليف القرآن) نهض بالكوفة سنة 120 هـ بوجه المروانيين فجهز
اليه هشام بن عبد الملك جيشا فقامت الحرب وقاتل زيد حتى استشهد ،
وأخرجه بنو مروان بعد دفنه وصلبوه منكوسا في كناسة الكوفة اربع سنين ،
ثم أحرقوه بعد ذلك بالنار ، وعمره يوم قتل 42 سنة.
(2) الوزع هو الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس طريد رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم ، كان يؤذي النبي ويستهزىء به في مشيته ويسمع
ما يسره الى أصحابه فيفشيه في كفار العرب ، فطرده عن المدينة فخرج هو
وذريته الى الطائف ، ولما توفي النبي صلى الله عليه وآله أبى الخليفة
الاول أن يرجعهم وهكذا الخليفة الثاني.
يتعجب الشاعر كيف يكون طريد رسول الله وهو مروان بن الحكم على منبر
رسول الله.
ادب الطف ـ الجزء السابع 224
لـي حـزن يـعقوب لا ينفك ذا iiلهب لـصرع نـصب عيني لا الدم iiالكذب
وغـلمة مـن بـني عـدنان iiأرسلها لـلجد والـدها فـي الحرب لا iiاللعب
ومـعـشر روادتـهم عـن iiنـفوسهم بيض الضبا غير بيض الخرد iiالعرب
فـأنـعموا بـنفوس لا عـديل iiلـها حتى أسيلت على الخرصان iiوالقضب
فـانظر لاجـسادهم قـد قـدّ من iiقبل اعـضاؤها لا الـى القمصان iiوالأهب
كـل رأى ضـر أيـوب فما iiركضت رجـل له غير حوض الكوثر iiالعذب
قـامت لـهم رحـمة الباري تمرضهم جـرحى فـلم تدعهم للحلف iiوالغضب
وآنـسين مـن الـهيجاء نـار iiوغى في جانب الطف ترمي الشهب بالشهب
فـيمموها وفـي الايـمان بيض iiضبا ومـا لـهم غـير نصر الله من ارب
تـهش فـيها عـلى آسـاد iiمـعركة هـش الـكليم عـلى الاغنام iiللعشب
اذا انـتضوها بـجمع مـن iiعـدوهم فـالهام سـاجدة مـنها عـلى iiالترب
ومـولـجين نـهار الـمشرفية فـي لـيل الـعجاجة يـوم الروع iiوالرهب
ورازقـي الـطير ماشاءت iiقواضبهم مـن كـل شـلو من الاعداء مقتضب
ومـبـتلين بـنـهر مــا iiلـطاعمه مـن الـشهادة غـير البعد iiوالحجب
فـلـن تـبل ولا فـي غـرفة iiأبـدا مـنه غـليل فـؤاد بـالظما iiعـطب
حـتى قـضوا فـغدا كـل iiبمصرعه سـكينة وسـط تـابوت مـن الكثب
فـاليبك طـالوت حـزنا لـلبقية من قـد نـال داود فـيه أعـظم iiالـغلب
أضـحى وكـانت لـه الاملاك iiحاملة مـقـيدا فـوق مـهزول بـلا قـتب
يـرنو الـى الـناشرات الدمع iiطاوية اضـلاعهن عـلى جـمر من iiالنوب
والـعاديات مـن الـفسطاط iiضابحة والـموريات زنـاد الـحزن في iiلهب
والـمرسلات مـن الاجـفان iiعبرتها والـنازعات بـرودا فـي يد iiالسلب
والـذاريات تـرابا فـوق iiأرؤسـها حـزنا لـكل صـريع بالعرى iiترب
ورب مـن ضـعة مـنهن قد iiنظرت رضـيعها فاحص الرجلين في الترب
تـشـوط عـنـه وتـأتـيه iiمـكابدة مـن حـاله وظـماها أعـظم iiالكرب
فـقـل بـهاجر اسـماعيل احـزنها مـتى تشط عنه من بحر الظما iiتؤب
ومــا حـكتها ولا أم الـكليم iiأسـى غـداة فـي الـيم الـقته من iiالطلب
ادب الطف ـ الجزء السابع 225
هـذي الـيها ابـنها قد عاد مرتضعا وهـذه قـد سـقي بـالبارد الـعذب
فـأين هـاتان مـمن قد قضى iiعطشا رضـيعها ونـأى عـنها ولـم iiيؤب
شـاركنها في عموم الجنس iiوانفردت عـنهن فـيما يخص النوع من iiنسب
بــل آب مـذاب مـقتولا ومـنتهلا مـن نـحره بـدم كـالغيث iiمنسكب
كـانت تـرجي عـزاء فـيه بعد أب لـه فـلم تـحظ بـابن لا ولا iiبـأب
فـأصـبحت بـنـهار لا ذكـاء iiلـه وأمـست الـليل فـي جو بلا iiشهب
وصـبية مـن بـني الـزهرا iiمربقة بـالحبل بـين بـني حـمالة iiالحطب
كــأن كــل فـؤاد مـن iiعـدوهم صـخر بن حرب غدا يفريه iiبالحرب
لـيت الألـى أطـعمو المسكين قوتهم وتـالييه وهـم فـي غـاية iiالـسغب
حـتى أتـى هل أتى في مدح iiفضلهم مـن الالـه لـهم فـي أشرف iiالكتب
يـرون بـالطف ايـتاما لـهم iiاسرت يـستصرخون مـن الآبـاء كل iiأبي
وأرؤس سـائرات بـالرماح iiرمـى مـسيرها عـلماء الـنجم iiبـالعطب
تـرى نـجوما لـدى الآفـاق سائرة غـير الـتي عـهدت بالسبعة iiالشهب
لم تدر والسمر مذ ناءت بها اضطربت مـن شدة الخوف أم من شدة iiالطرب
كـواكب فـي سـما الـهيجاء iiثابتة سـارت ولـكن بأطراف القنا iiالسلب
وله:
مـا ضـاق دهرك الا صدرك اتسعا فـهل طـربت لوقع الخطب iiمذوقعا
تــزداد بـشرا اذا زادت نـوائبه كـالبدر ان غـشيته ظـلمة iiسطعا
وكـلما عـثرت رجل الزمان عمى أخـذت فـي يـده رفـقا وقلت iiلعا
وكـم رحـمت الليالي وهي iiظالمة ومـا شـكوت لـها فعلا وان iiفضعا
وكـيف تـعظم فـي الاقدار iiحادثة عـلى فـتى ببني المختار قد iiفجعا
ايـام اصـبح شمل الشرك iiمجتمعا بـعد الشتاب وشمل الدين iiمنصدعا
سـاقت عـدي بـني تـيم iiلظلمهم أمـامها وثـنت حـربا لـهم iiتـبعا
ادب الطف ـ الجزء السابع 226
مـا كان أوعر من يوم الحسين iiلهم لـو لا ... لـنهج الغصب قد iiشرعا
سـلا ضبا الظلم من أغماد iiحقدهما ونـاولاها يـزيدا بـئسما iiصـنعا
وقــام مـمتثلا بـالطف iiأمـرهما بـبيض قـضب هما قدما لها iiطبعا
يـا ثـابتا فـي مـقام لـو iiحوادثه عـصفن فـي يـذبل لانهار iiمقتلعا
لـله أنـت فـكم وتـر طـلبت iiبه لـلـجاهلية فـي أحـشائها زرعـا
قـد كـان غرسا خفيا في iiصدورهم حـتى اذا أمـنوا نـار الوغى فرعا
واطـلعت بعد طول الخوف iiأرؤسها مـثل السلاحف فيما اضمرت iiطمعا
واسـتأصلت ثـأر بدر في بواطنها وأظهرت ثار من في الدار قد صرعا
وتـلكم شـبهة قـامت بـها عصب عـلى قـلوبهم الـشيطان قد iiطبعا
ومـذ أجـالوا بأرض الطف iiخيلهم والـنقع أظـلم والـهندي قـد لمعا
لم يطلب الموت روحا من iiجسومهم الا وصـارمك الـماضي لـه iiشفعا
حـتى اذا ما بهم ضاق الفضا iiجعلت أسـيافكم لـهم فـي الـموت iiمتسعا
وغـص فـيهم فـم الغبرا فكان iiلهم فـم الردى بعد مضغ الحرب مبتلعا
ضـربت بالسيف ضربا لو iiتساعده يـد الـقضا لا زال الشرك iiوانقشعا
بـل لو يشاء القضا أن لا يكون iiكما قـد كـان غير الذي تهواه ما iiصنعا
لـكنكم شـئتم مـا شـاء iiبـارئكم فـحكمه ورضـاكم يـجريان iiمـعا
ومـا قهرتم بشيء غير ما iiرضيت لـه نـفوسكم شـوقا لـما iiفـضعا
لا تـشـمتن رزايـاكـم iiعـدوكم فـما أمـات لـكم وحـيا ولا iiقطعا
تـتبعوكم ورامـوا مـحو iiفـضلكم فـخيب الله مـن فـي ذلـكم iiطمعا
أنـى وفي الصلوات الخمس iiذكركم لـدى الـتشهد لـلتوحيد قـد iiشفعا
فـما أعـابك قـتل كـنت تـرقبه بـه لـك الله جـم الفضل قد iiجمعا
ومـا عـليك هـوان أن يشال iiعلى الـمياد مـنك مـحيا للدجى iiصدعا
كـأن جسمك موسى مذ هوى صعقا وأن رأســك روح الله مـذ iiرفـعا
كـفى بـيومك حـزنا أنـه iiبكيت لـه الـنبيون قـدما قـبل أن iiيقعا
بـكـاك آدم حـزنـا يـوم تـوبته وكـنت نورا بساق العرش قد iiسطعا
ادب الطف ـ الجزء السابع 227
ونـوح أبـكيته شـجوا وقـل بـأن يـبكي بـدمع حـكى طـوفانه دفـعا
ونـار فـقدك فـي قـلب الخليل بها نـيران نـمرود عـنه الله قـد دفـعا
كـلمت قـلب كـليم الله iiفـانبحست عـيناه دمـعا دمـا كـالغيث iiمنهمعا
ولـو رآك بـأرض الـطف iiمـنفردا عـيسى لـما اختار أن ينجو iiويرتفعا
ولا أحــب حـيـاة بـعـد iiفـقدكم ولا أراد بـغـير الـطف iiمـضطجعا
يـا راكـبا شـذ قـميا فـي قـوائمه يـطوي أديـم الـفيافي كـلما iiذرعا
يـجـتاز مـتقد الـرمضاء iiمـستعرا لـو جـازه الـطير في رمضائه iiوقعا
فــردا يـكذب عـينيه اذا iiنـظرت فـي الـقفر شـخصا وأذنيه اذا iiسمعا
عـج بـالمدينة واصرخ في iiشوارعها بـصرخة تـملأ الـدنيا بـها iiجزعا
نـاد الـذين اذا نـادى الـصريخ بهم لـبوه قـبل صـدى من صوته iiرجعا
يـكـاد يـنفد قـبل الـقصد فـعلهم بـنصر مـن لـهم مـستنجدا iiفـزعا
مـن كـل آخـر لـلهيجاء iiأهـبتها تـلـقاه مـعـتقلا بـالرمح مـدرعا
لا خـيـله عـرفت يـوما مـرابطها ولا عـلى الارض يـوما جنبه iiوضعا
يصغي الى كل صوت عل iiمصطرخا لـلأخذ فـي حـقه مـن ظالميه iiدعا
قـل يـا بـني شيبة الحمد الذين iiبهم قـامـت دعـائم ديـن الله iiوارتـفعا
قـوموا فـقد عصفت بالطف iiعاصفة مـالت بـأرجاء طـود العزفا iiنصدعا
ان لـم تـسدو الـفضا نقعا فلم iiتجدوا الـى الـعلا لـكم مـن منهج iiشرعا
لا أنـتـم أنـتـم ان لـم تـقم iiلـكم شـعواء مـرهوبة مـرأى iiومـستمعا
نـهـارها أســود بـالنقع iiمـرتكم ولـيلها أبـيض بـالقضب قد iiنصعا
فـلتلطم الـخيل خـد الارض iiعادية فـخد عـليا نـزار لـلثرى iiضـرعا
ولـتملأ الارض نـعيا من iiصوارمكم فـان نـاعي حـسين في السماء iiنعى
ولـتذهل الـيوم مـنكم كـل مرضعة فـطفله مـن دمـا أوادجـه iiرضـعا
لـئن ثـوى جـسمه في كربلاء iiلقى فـرأسه لـنساه فـي الـسباء iiرعـى
نـسـيـتم أم تـنـاسيتم iiكـرائـمكم بـعد الـكرام عـليها الـذل قد iiوقعا
اتـهـجعون وهـم أسـرى iiوجـدهم لـعمه لـيل بـدر قـط مـا هـجعا
|