ادب الطف ـ الجزء السابع 237
تلك الليلة ، رأيت في منامي الامام الرضا عليه السلام جالسا على كرسي
في روضته الشريفة فسلمت عليه وقبلت يديه فرحب بي وأدناني ، وأعطاني صرة
، وقال افتحها ففيها مسك أذفر ففتحتها فوجدت فيها فتاتا لا رائحة له ،
فقلت لا رائحة له ، فتبسم الرضا عليه السلام وقال: ألست القائل:
ان قبر لا طفت فيه ثراه منع المسك طيبه أن يفوحا
فهذا مسك أذفر منع طيب ثرى قبري رائحته . فانتبهت وأنا فرح بما شاهدت.
ومن قوله في رثاء الامام الحسين عليه السلام:
يـا مـدلجا فـي iiحندس الـظلماء بـكرا iiمـقحما
ان شـمـت لـمعة iiقـبة الـمولى فـعرج iiعـندما
واخـضـع فـثمة iiبـقعة خـضعت لادنـاها iiالسما
واحث التراب على الخدود وقـل أيـا حامي iiالحمى
يـا مـخمدا يـوم iiالوغى لـهب الـوطيس اذا حمى
ومـفـلقا هــام الـعدى ان سـل أبـيض مـخذما
ومـنظما صـيد iiالـورى ان هــز أسـمر iiلـهذما
قـم فـالحسين iiبـكربلاء طـريـدة لـبني iiالامـا
قــد أمـه جـيش iiبـه رحـب الـبسيطة أظـلما
مـقتادة شـعث النواصي كــل أجــرد iiأدهـما
فـتـقاسمتها iiالـسمهرية والـمـواضي iiمـغـنما
وغـدا ابن احمد لا iiيرى الا الـقـنا iiوالـمـخذما
فـهـنـالكم أم iiالـعـدى بـطل الـبسالة معلما(1)
(1) عن مجلة (العدل الاسلامي) السنة 2 العدد 6 .
ادب الطف ـ الجزء السابع 238
وقال في العقيلة زينب الكبرى:
هـاج وجـدي لزينب اذ iiعراها فـادح فـي الطفوف هد iiقواها
يوم أضحت رجالها غرضا iiللنب ل والـسمر فـيه هـاج iiوغاها
ونـعت بـين نـسوة iiثـاكلات تـصدع الهضب في حنين بكاها
آه والـهـفتاه مــاذا iiتـقاسي من خطوب تربو على ما iiسواها
ولـمن تسكب المدامع من iiعين جـفـا جـفنها لـذيذ iiكـراها
ألـنـهب الـخـيام أم iiلـعليل نـاحل الـجسم أم عـلى iiقتلاها
أم لاجـسامهم عـلى كثب iiالغب راء مـخضوبة بـفيض iiدماها
أم لرفع الرؤوس فوق عوالي iiال سمر أم رض صدر حامي حماها
أم لاطـفالها تـقاسى سياق iiال مـوت أم عظم سيرها iiوسراها
أم لـسير الـنساء بين الاعادي ثـاكلات يـندبن يـا آل iiطاها
وهـي مـا بينهن تندب من iiقد نـدبته الامـلاك فـوق iiسماها
ووجدت في بعض المخطوطات الحسينية ملحمة كبيرة للشيخ محمد نصار في
الامام الحسين عليه السلام ، على وزن ملحمة الدمستاني ، وأولها:
شيعة المختار نوحوا واندبوا فخر الفخار بدموع جاريات من أماقيها غزار
ادب الطف ـ الجزء السابع 239
أحمد قفطان
المتوفى 1293
قال من قصيدة في الحسين عليه السلام:
لـم يـشجنى طـلل الديار iiالأبكم كــلا ولا رسـما بـها iiأتـوسم
أنـى يـجاذبني هـوى iiآرامـها وانـا الـجموح لـهن لا أستسلم
لـو لا الـمحرم ما سفكت iiمدامعا لـسوى الـمحرم سـفكهن iiمحرم
يـوم الـحسين بكربلاء وصحبه ضربوا القباب على البلاء وخيموا
فـتقلدوا بيض السيوف iiوأفرغوا حلق الدروع على القلوب iiوأقدموا
مـن كـل خواض المنايا iiعابس أو قـطبت صـيد الوغى iiيتبسم
حـفظوا وصـية احمد في iiسبطه ووقــاه بـالارواح كـل مـنهم
الشيخ احمد بن الشيخ حسن قفطان السعدي الرباحي النجفي ، ولد سنة 1235
وكان من النحاة والملمين باللغة والتاريخ والفقه والاصول ، ونثره خير
من شعره ، صحب شبلي باشا مدة اقامته في الحلة في ولاية نامق باشا وكان
دائما يراسله ويكاتبه وكذا مع سائر ولاة العثمانيين . قال السماوي في
الطليعة بعد ما وصفه بالعلم والكمال: كان غاية في الذكاء
ادب الطف ـ الجزء السابع 240
والحفظ وجودة الخط ، خفيف الروح سريع البديهة ، درس على الشيخ صاحب
الجواهر والشيخ الانصاري ، له القوافي الشبلية والصنايع البابلية وله
المجالس والمراثي ، توفي سنة 1293 ودفن بوادي السلام.
له شعر كثير في مدح الأئمة من أهل البيت ورثائهم ، وله في معاصريه من
الاعلام والاعيان مدح ورثاء كآل بحر العلوم وآل القزويني وآل كاشف
الغطاء والشيخ الانصاري وغيرهم وشعره تغلب على أكثره الجودة ، ذكره
السيد الامين في (الاعيان) فقال: والمترجم قرأ في النجف وعانى صناعة
الادب حتى أصبح من مشاهير أدبائها ، وله شعر ونثر كثير مبثوث في
المجاميع لو جمع لكان ديوانا كبيرا . والشيخ الطهراني يقول في (الكرام
البررة): انه ولد في النجف سنة 1217 وانه كان ماهرا في النحو والعروض
واللغة والتاريخ والفقه والاصول ، خفيف الروح سريع البديهة له نوادر
وحكايات ، وكان أصم يخاطب بالكتابة والاشارة لكنه شديد الذكاء يفهم
المرء لاول وهلة حتى أنه يسبق المنشد الى القافية ، ومن طرائفه انه قيل
له وقد مر به أكبر أولاده: هذا يخلفك وهو لسانك فقال: هذا هو سمعي .
يشير الى ما أصيب من الصمم ، وكما برع في النظم بالفصحى فقد برع بالنظم
باللغة الدارجة وكان حسن الخط شأن أسرته التي امتازت بجودة الكتابة وقد
عدد الشيخ الطهراني جملة من المخطوطات بخط يده ، وترجم له صاحب
(الحصون).
وذكر الشيخ السماوي في (الطليعة) من نوادره قال أخبرني
ادب الطف ـ الجزء السابع 241
السيد ابراهيم الطباطبائي ان الشاعر مدح أبي السيد حسين الطباطبائي
ببيتين وكتبهما في ورقة وأعطاها اياه ، وهما:
يا بن الرضا بن محمد المهدي يا مـن عـم أقطار البرية بالندى
ناداك احمـد صـارخا من دهره فأجب فديتك ياضيا النادي الندا
فلما قرأها السيد كتب فيها لوكيله: اعط الشيخ احمد بكل سطر دينارا،
وسلم الورقة بيد الشيخ فنظرها وأعادها عليه قائلا: يا مولانا أعجم شين
شطر لئلا يشتبه عليه فيقرأها سطر، فضحك السيد لنادرته وأعجمها.
ادب الطف ـ الجزء السابع 242
الشيخ سالم الطريحي
المتوفى 1293 أمـيـة قـد جـاوزت حـدها فـقم فـالضبا سـئمت غمدها
الـى م الـنوى وعلينا iiالعدى تـجور ولـم نـستطع iiردهـا
تـحملنا مـا لـو أن iiالـجبال تـحـمل أيـسـره iiهـدهـا
تـباغت عـلينا وقـد iiأدركت عـلى رغـم آنـافنا iiقـصدها
رمـتـنا بـفادحة لـم iiنـزل نـكابد طـول الـمدى وجدها
فـما أوقـع الـدهر من iiقبلها ولا مـوقـع مـثـلها iiبـعدها
غداة ظوامي الضبا في الطفوف سـقت مـن دمـائكم iiحـدها
وجـدك مـا بـينها iiوالخيول عـلى صـدره جـعلت وردها
وأسـرتـه حـولـه iiبـالعرى يـنسج ريـح الـصبا بـردها
ثـوت كالاضاحي بحر iiالهجير لـها الله مـا ضـمنت iiلحدها
وفـوق الـمهازل تطوي القفار نـسـاؤكم غـورهـا نـجدها
أسـارى تـبث الـجوى iiتارة أبــاهـا وآونــة iiجـدهـا
فـما بـين لا دمـة iiصـدرها تـنـوح ولاطـمـة iiخـدهـا
يـذيب الـجوى قلبها iiوالسياط يـؤلـم قـارعـة iiزنـدهـا
وزيـنب تدعو أسى iiوالخطوب بـاحـشائها قـدحت iiزنـدها
بـني غالب سوموا iiالصافنات وانـتـدبوا لـلوغى iiأسـدها
بـهن مـواجيف طـلق iiالعنان تـقـفوا سـلاهـبها iiجـردها
قـعدتم وأعداؤكم في iiالطفوف شـفت مـن أعـزتكم iiحقدها
فـلا عـذر حتى نرى بيضكم رقــاب أعـاديـكم iiغـمدها
لان ضـاع وتـر بـني iiهاشم اذا عـدمـت هـاشم iiمـجدها
ادب الطف ـ الجزء السابع 243
الحاج سالم بن محمد علي الطريحي النجفي الرماحي توفي في النجف في حدود
سنة 1293 كان فاضلا شاعرا يعاني حرفة التجارة ، قاسم ماله بعض اخوانه
لوجهه تعالى ، وقد ترجم له الكثير من الباحثين منهم العلامة الكبير
الشيخ علي كاشف الغطاء في (الحصون) والشيخ محمد السماوي في (الطليعة)
وآل طريح من أقدم الاسر العربية التي استوطنت النجف الاشرف منذ أكثر من
أربعة قرون ، ومن مشاهيرهم في القرن الحادي عشر الشيخ فخر الدين بن
الشيخ محمد علي وهو الجد الخامس لشاعرنا المترجم له ابي محمد الحاج
سالم بن محمد علي بن سعد الدين ابن جلال الدين بن شمس الدين بن الشيخ
الاجل فخر الدين . ولد في النجف سنة 1224 هـ ونشأ وشب على حب الكسب
وتعاطي التجارة حتى أصبح في أوساط حياته من ذوي الثروة والجاه وسعة
الحال وهو الى جنب ذلك يحمل ثروة أدبية لا تقل عن ثروته المادية . وفي
سنة 1275 هـ وفقه الله لحج بيت الله الحرام فنظم ارجوزة ذكر فيها ما
اتفق له في طريق الحج وما شاهده في الحجاز ونجد ، توجد نسخة منها عند
أحد المشايخ من أبناء عمه ، ووالده شاعرا وقارئا ذاكرا تخرج عليه جماعة
من الخطباءمنهم الخطيب الشيخ كاظم سبتى.
ادب الطف ـ الجزء السابع 244
وهذه روائع من قصائده الحسينية:
عرجا بي على عراص iiالطفوف أبـك فـيها أسـى بدمع iiذروف
يـا عراص الطفوف كم فيك iiبدر غـاله حـادث الـردى iiبخسوف
وهـزبر قـضى طـليق iiمـحيا بـين سمر القنا وبيض iiالسيوف
يوم هاجت عصائب الشرك للهي جاء تقفوا الصفوف اثر iiالصفوف
حاولت أن يضام وهو الأبي الض يـم كـهف الطريد مأوى الخوف
شـد فـيها وكـم لـطير iiالمنايا مـن خـفق على العدى iiورفيف
يحسب البيض في الكريهة iiبيضا ووشـيج الـقنا مـعاطف iiهيف
من لؤي بيض الوجوه أباة iiالض يـم أسـد الـعرين شم iiالانوف
عـانقوا الـمرهفات حتى iiتهاووا صرعا في الثرى بحر iiالصيوف
وبـقى ابـن الـنبي لم iiيرعونا فـي الـوغى غير ذابل iiورهيف
فـانـثنى لـلنزال يـكتال آجـا لا فـوفى بـالسيف كـل iiطفيف
كـم جـيوش يـفلها عن iiجيوش وزحــوف يـلـفها iiبـزحوف
كـلما هـم أن يـصول iiعـليهم هـمت الارض خـيفة بـرجيف
لـم يـزل يورد المواضي iiنجيعا مـن رقـاب العدى بقلب iiلهوف
فـدعاه داعـي الـقضاء iiفألوى عـن هـوان لـدار عز iiوريف
وهـوى ثاويا على الترب ما iiب يـن الاعـادي ضريبة iiللسيوف
فـبكته الـسماء وارتـجت الار ضـون والشمس آذنت iiبكسوف
يـا قـتيلا تـقل سـمر iiالعوالي منه رأسا على سنا الشمس iiموف
وتـسوق الـعدى نـساه iiأسارى فـوق عجف المطى بسير iiعنيف
أعلى النيب تنتحي البيد أين iiالن يـب والـبيد من بنات iiالسجوف
تـلك تـدعو بـمهجة شفها iiالوج د احـتـراقا وذي بـدمع iiذروف
ايـن اسـد الـعرين شم iiالعراني ن حـماة الـورى أمان iiالمخوف
سـوموها يـا آل غـالب iiجردا تـخبط الارض مـنكم iiبـوجيف
ادب الطف ـ الجزء السابع 245
وأبـعثوها صـواهلا عـابسات يـمـلأ الـجو نـقعها بـسدوف
لـتروا نـسوة لـكم iiحـاسرات جـشمتها الاعـداء كـل iiتنوف
ولـكم أوقـفوا بـدار ابـن iiهند من ترى الموت دون ذل iiالوقوف
وقال من قصيدة:
أيـا مـدلجا بـالذميل iiالـعنيف خـفافا شـأت بـالمسير الرياحا
تـجوف الـفلا سـبسبا iiسبسبا وتـقـطعهن بـطـاحا iiبـطاحا
أنـخها مـريحا بـوادي iiالغري مـثـيرا لـديه بـكا iiونـواحا
وقـل يـا مبدد شمل iiالصفوف اذا ازدحـمت يـوم حرب كفاحا
لـعلك لـم تـدر يـوم الطفوف غـداة غـدى دمـكم iiمـستباحا
وأعـظم مـا يـقرح iiالـمقلتين ويـدمي الـفؤاد شجى iiوانقراحا
مـجال الـخيول على ابن iiالنبي تـرض قـراه غـدوا iiرواحـا
وعـتـرته حـولـه iiكـالنجوم يـنبعث الـليل مـنها iiصـباحا
وقـته الـردى فـتية في النزال تـصافح دون الحسين iiالصفاحا
ترى البيض بيضا وسمر الصعاد قـدودا وكـأس الـمنية iiراحـا
وراحـت تخوض غمار iiالردى وتـحسب جـد الـمنايا iiمزاحا
تـلقى الـسهام بـبيض iiالوجوه بيوم به صائح الموت صاحا(1)
وقال:
أبدار وجرة أم على جيرون عقلوا خفاف ركائب وضعون
ومنها:
(1) عن مخطوط الشيخ عبد المولى الطريحي.
ادب الطف ـ الجزء السابع 246
ولــرب قـائلة ومـن iiعـبراتها ثـقلت جوى قطع السحاب iiالجون
الـجيرة تـبدي الـجوى أم iiأربع ورمـت بـأكناف الـلوى iiوحجون
وآهـا عـليك فـما ربـحت iiوانما ذهـبت بـحلمك صـفقة iiالمغبون
فـاليك عـنها معرضا وعليك iiفي يـوم عـلى الاسـلام يوم iiشجون
يـوم ابـن فاطم والرماح iiشوارع والـبيض يـرشح حـدها بـمنون
والـخيل عـابسة الـوجوه iiبمعرك غـص الـفضاء بجيشه iiالمشحون
يـثني مـكردسها بـأروع لم iiترم يـمناه غـير الـسيف iiوالـميمون
ضـنـت بـصارمه يـداه وانـه بـالنفس يـوم الموت غير iiضنين
وأشـم عـبل الـساعدين iiشمردل ضـخم الـدسيعة شـامخ iiالعرنين
فـي مـعشر بيض الوجوه iiسوابغ الايـدي مـناجيب الـقرون قرين
تـغشى الصفوف بملتقى من iiهوله ذكــرت أمـية مـلتقى صـفين
حـتى دعـوا لحضيرة القدس iiالتي فـيها يـرون الـعين رأي يـقين
فـتناثروا مـثل النجوم على الثرى مـا بـين مـنحور الـى iiمطعون
وبـقى ابـن أم الـموت ثمة iiموقدا نـار الـوغى فـردا بـغير iiمعين
يـسطو فـتنثال الـجيوش iiكـأنما شـاء تـنافر مـن لـيوث iiعرين
ظـام يـروي مـن دمـاء iiرقابها فـي الحرب حد الصارم iiالمسنون
حـتـى اذا سـئم الـحياة iiونـابه فـقـدان أكـرم مـعشر iiوبـنين
وافـاه سـهم كـان مـرماه iiالحشا فـأصاب قـبل حـشاه قلب iiالدين
فـهوى فـضجت في ملائكها السما حـزنـا عـلـيه بـرنة iiوحـنين
وثـوى عـلى الرمضاء لا iiبمشيع يـومـا لـحـفرته ولا iiمـدفـون
الله أكـبر كـيف يـبقى في iiالثرى مـلـقى بـلا غـسل ولا iiتـكفين
ويـروح لـلاعداء تـورد iiصدره مـن كـل نـافذة الـمغار صفون
مـا راقـبت غـضب الاله iiلجنبه الـسامي ومـوضع سـره المكنون
رضـت خـزائن وحـيه iiبخيولها بـغيا وعـيبة عـلمه iiالـمخزون
وأمـض داء فـي الحشا لو لامس الـراهون ضعضع جانب iiالراهون
سـبي الـفواطم حـسرا iiووقوفها فـي دار أخـبث عـنصر iiملعون
وقـفت بـمر أى من يزيد iiومسمع ولـهانة تـدعو بـصوت iiحـزين
أحـسين يـا غوث الصريخ iiوملجأ الـعافي وكـنز الـبائس iiالمسكين
أحـسين يـا عـزي يعز عليك iiأن تسود من ضرب السياط متوني (1)
|