ادب الطف

 
 

ادب الطف ـ الجزء السابع 257

السيد ميرزا جعفر القزويني

المتوفى 1298

سـأمضي  لنيل المعالي iiبدارا      وأطـلب فـوق السماكين iiدارا
يـطالبني  حـسبي iiبالنهوض      وأن لا أقــر بـدار iiقـرارا
تـقول لـي النفس شمر iiوسر      مـسير  همام عن الضيم iiسارا
فـما  أنـت بـاغ بهذا iiالقعود      تـظمى  مرارا وتروى iiمرارا
فـقلت  سـأخلع توب iiالهوان      وأدمـي  الاكـف دماء iiغزارا
وأجـلبها  كـل طـلق iiاليدين      يـؤجج  في دارة الحرب iiنارا
وأنصب  نفسي مرمى الحتوف      اذا  مـا تنادى الرجال iiالفرارا
كـيوم ابـن أحـمد والعاديات      تـثـير بـأرجـلهن الـغبارا
غدات  حسين بأرض iiالطفوف      وبـحر  الـمنايا عليه iiاستدارا
أتت  نحوه مثل مجرى السيول      حـرب بـخيل مـلأن iiالقفارا
تـحاوله الـضيم فـي iiحكمها      ويـأبى  له السيف الا iiالفخارا
فـأقـسم امـا لـقاء iiالـحمام      أولا يـرى لـلأعادي iiديـارا
بـآسـاد  مـلـحمة لا iiتـكاد      تـعرف  يـوم الهياج iiالحذارا
وغـلب اذا ما انتفضوا iiللوغى      أباحوا  رقاب الاعادي iiالشفارا
بـكل  كـمي تـسير iiالنفوس      على صفحتي سيفه حيث iiسارا
وذي  عـزمات يـخال الردى      اذا  سـعر الحرب كاسا iiعقارا
فـدى  لـسراة بـني iiغـالب      حـمام الـعدو اذا الـنقع iiثارا
حـماة  الـنزيل كـرام القبيل      اذا  صـوح العام أرضا iiبوارا

ادب الطف ـ الجزء السابع 258

تـداعوا  صباحا لورد iiالمنون      فـانتثروا فـي الصعيد iiانتثارا
بـنفسي بـحور ندى iiغيضت      وكـان يـمد نـداها iiالـبحارا
بـنفسي بـدور هـدى iiغيبت      ومـنها هـلال السماء iiاستنارا
بـنفسي جـسوما بحر iiالهجير      ثـلاث لـيال غدت لا iiتوارى
بـنفسي  رؤسـا بـسمر iiالقنا      يـطاف بـهن يـمينا iiيـسارا
وطـفـلا يـكابد حـر iiالأوام      وآخـر يلقى المواضي iiحرارا
وحـسـرى تـصعد أنـفاسها      فـتعرب  عـما أسرت iiجهارا
تـرى  قومها جثما في iiالعراء      فـينهمر  الـدمع منها iiانهمارا
فـيا  راكـبا ظـهر iiغـيداقة      طـوت قـطع البيد دارا iiفدارا
بـأخفافها تـترامى iiالـحصى      فـتقدح كـالزند مـنها iiشرارا
أنـخها صـباحا بجنب iiالبقيع      ونـاد  حـماة الـمعالي iiنزارا
بـأن  دمـاء بـني الوحي iiقد      أطلت لدى آل حربا جبارا 
(1)
وان ابـن أحـمد مـنه iiالعدى      تـبل سـنانا وتـروي iiغرارا
ونـسوته فـوق عجف iiالنياق      تـحملهن  الاعـادي أسـارى
يـطـفن بـها فـدفدا iiفـدفدا      ويـقطعن فـيها ديـارا iiديارا
تـقول وقـد خلفت في iiالثرى      جـسوما  لاكـفائها لا iiتوارى
ألا أيـن هـاشم أحمى iiالورى      ذمـارا وأزكـى البرايا iiنجارا
لـتنظر  مـا نـال منا iiالعدى      فـتعدو على آل حرب iiغيارى
وتروي  صدى بيضها من iiدما      عـداها وتـطلب بـالثار ثارا
ألا  يـا بني الطهر يا من iiبهم      يـغاث الانـام اذا الدهر iiجارا
الـيكم بني الوحي من ii(جعفر)      بـديعة فـكر بـكم لا iiتجارى
تـبـاري  الـنجوم بـألفاظها      وان هي قد أصبحت لا iiتبارى
وصـلى عـليكم الـه iiالسماء      مـا  فـلك الـكائنات iiاستدارا

(1) جبار بالضم الهدر والباطل.

ادب الطف ـ الجزء السابع 259

جاء في (البابليات) هو أبو موسى جعفر بن معز الدين المهدي ابن الحسن بن أحمد الحسيني القزويني ، الحلي مولدا ومنشأ ومسكنا . قال عنه معاصره شيخنا الاجل العلامة الشيخ علي آل كاشف الغطاء (ره) في (الحصون): (كان عالما فقيها أصوليا منشئا بليغا رئيسا جليلا مهابا مطاعا لدى أهالي الحلة مسموع الكلمة عند حكامها وأمرائها. ولما هاجر أبوه الى النجف في أواخر حياته استقل هو بأعباء الرئاسة في الحلة وأطرافها ، فكان فيها مرجع الفقراء وموئل الضعفاء تأوي الى داره الالوف من الضيوف من أهل الحضارة والبادية التي مرجعها لواء الحلة لاجل حوائجهم وهو يقضيها لدى الحكام وولاة بغداد غير باخل بجاهه ، وكان ثبت الجنان طلق اللسان يتكلم باللغات الثلاث: العربية والتركية والفارسية ودرس العلوم اللسانية في الحلة وحضر مدة مكثه في النجف على خاله الشيخ مهدي بن الشيخ علي في بحوثه الفقهية وفي الاصول على الشيخ مرتضى الانصاري والملا محمد الايرواني وبعد رجوعه الى الحلة حضر عند والده كما حضر عنده جماعة من فضلاء الحلة. وله من المؤلفات (التلويحات الغروية) في الاصول و (الاشراقات) في المنطق وغيرهما وكان أغلب اشتغاله في حسم الخصومات و قضاء حوائج الناس مما ترك ألسن الخاصة والعامة تلهج بالثناء عليه الى اليوم وكانت الدنيا زاهرة في أيامه وعيون أحبابه قريرة في حياته) اهـ.

وقد ذكره خاتمة المحدثين الشيخ النوري في (دار السلام) بعبارات تدل على علو مقامه. وأنبأنا سيدنا الاستاذ الاعظم شقيقه السيد محمد عن عمر أخيه المترجم له يوم وفاته كان خمسا وأربعين سنة فيكون مولده سنة 1253 وهي السنة التي

ادب الطف ـ الجزء السابع 260

توفي فيها جده لأمه الشيخ علي بن الشيخ جعفر ومن هنا يظهر لك السهو الذي ورد في ترجمته في (أعيان الشيعة) من كونه (تخرج بخاله الشيخ علي) لان الشيخ علي جد المترجم لا خاله. وولادته سنة وفاة جده، فكيف يكون تخرج عليه ، والصحيح انه تخرج بخاله الشيخ مهدي بن الشيخ علي كما ذكرنا آنفا ، ومما يؤكد لدينا أن مولده كان في الحلة قوله في فقرات نثرية من رسالة طويلة بعث بها الى خاله وأستاذه المهدي يخبره بوصوله الى الحلة عائدا اليها من زيارة النجف ويصف استقبال الحليين له: (وطلعت علينا هوادي الخيل وجرت الينا أبناء الفيحاء مثل مجرى السيل فأمطنا بتلك الارض نقاب التعب وشققنا بها قميص النصب ثم دخلنا بابل وحللنا تلك المنازل:

بلاد بها حل الشباب تمائمي     وأول أرض مس جلدي ترابها

أجاب داعي ربه أول المحرم سنة 1298 في الحلة وحمل نعشه على الرؤوس والاعناق الى النجف وما مروا فيه بمكان الا واستقبل مشيعا بالبكاء والعويل ودفن في رأس الساباط مما يلي (التكية) من الصحن الحيدري. وقد حدثنا الوالد رحمه الله عما شاهده في النجف يوم ورود جثمانه اليها مما لم يتفق مثله لعظيم مات قبله وخرج الناس لتغسيله في بحيرة النجف في الموضع المعروف بـ (البركة) ولما رجعوا به للصلاة عليه في الصحن الحيدري تقدم والده المهدي وأم الناس للصلاة فانصدعت الجماهير أيما انصداع وارتفعت الاصوات بالنحيب من كل جانب فعندها تقدم العالم الرباني الشيخ جعفر الشوشتري وأم الجماعة ليسكن هيجان الناس وصلى أبوه عليه مأموما بصلاة الشيخ والى ذلك أشار الشيخ حمادي نوح في مرثيته له:

ادب الطف ـ الجزء السابع 261

لو لا الامام صدوق الـنسك يقـدمنـا     سوى أبيك اماما قط ما اعتبروا

في (جعفر) الصادق الهادي اقتدت أمم     صلت عليك وأملاك السما أمروا

ورغب الشيخ المذكور أن يكون قبره قريبا منه فعمر له قبرا من حجرات الصحن مقابلا له وبينهما الطريق ودفن السيد حيدر الحلي بينهما بعد ست سنوات. وأقيمت له المآتم في كل مكان ورثته شعراء النجف والحلة وغيرهما حتى أن السيد حيدر جمع مراثيه ورتبها وجعل لها مقدمة شجية سماها: (الاحزان في خير انسان) تقع في 95 صحيفة واليك أسماء الشعراء الذين أبدعوا في تأبينه ورثائه (1) أخوه السيد ميرزا صالح (2) أخوه السيد محمد (3) أخوه السيد حسين (4) السيد حيدر الحلي (5) السيد محمد سعيد الحبوبي (6) السيد ابراهيم الطباطبائي (7) الشيح حمادي نوح (8) الشيخ محسن الخضري (9) السيد جعفر الحلي (10) الحاج حسن القيم (11) السيد عبد المطلب الحلي (12) الحسين ابن السيد حيدر (13) الشيخ عباس الاعسم (14) السيد جعفر زوين (15) الشيخ حسين الدجيلي(16) الشيخ علي عوض (17) الشيخ حسون الحلي (18) الشيخ محمد التبريزي (19) الشيخ حسن مصبح (20) الشيخ درويش الحلي (21) الشيخ عباس العذاري (22) الشيخ محمد الملا. وربما رثاه بعضهم بقصيدتين أو ثلاث.

حياته العلمية والادبية:

أما حظه من العلم والعرفان     فهو البحر الذي لا ينزف وقد

ادب الطف ـ الجزء السابع 262

أجيز بالاجتهاد والفتوى من والده ومشاهير علماء عصره وقد اجتمعت في ذاته الكريمة المتناقضات فانه جمع الى عظيم الهيبة والعزة ونظافة البزة وترف العيش ، تواضع جده النبي وزهد والده الوصي وكان مع شغله الدائم بادراة شؤون الاسرة والبلد واهتمامه بكل صغير وكبير من أمور الناس وابتلائه بمخالطة الحكام وأولي الامر وما أودع الله له من المحبة في قلوبهم والهيبة في عيونهم لا يفوته ورد من أوراده ولا ذكر من أذكاره ولا نافلة من صلاته وما ظنك بمن أصبح موضع الثقة عند والده بحيث ينوب عنه في صلاته وفي كل ما يتعلق به من مهماته . وأما طول باعه في النظم والنثر فحدث و لا حرج . ولولا خوف الاطالة وخشية الملل لذكرنا نماذج من رسائل التي كاتب بها جماعة من العلماء والادباء كخاليه الشيخ مهدي والشيخ عباس والسيد جعفر الخرسان والسيد نعمان الالوسي وآل جميل وغيرهم وكلها تدل على تضلعه في الحكمة والفلسفة والادب والتاريخ واللغة. وقد أثبت سيدنا الامين في (الاعيان) كثيرا من رسائله وقليلا من مراثيه الحسينية ومقاطيعه الشعرية ، وكتب في صدر رسالة الى خاله العباس بن علي بن جعفر كاشف الغطاء:

الى الخال الذي في وجنة الدهر غدا خال      ومـن  فـاق عـلى الآل بأقوال iiوأفعال
وبـالسيف وعند الصيف صوام iiوصوال      ويـوم  الـمحل لـلوافد بالعسجد iiهطال
هـو (العباس) والبسام ان جاد وان iiجال      فـلا زال وحيدا بين أهل الفضل لا زال

وكتب اليه أخوه العلامة السيد حسين من النجف الى الحلة وقد

ادب الطف ـ الجزء السابع 263

بلغه عنه أنه كان مريضا:

بـنـفسي وقـل بـها iiأفـتديك      (لـو أن مـولى بـعبد iiفـدي)
ويـفديك مـا مـنك قـد نـلته      جـمـيعا  ومـا مـلكته iiيـدي
وجـودك عـلة هـذا iiالـوجود      وجـودك بـلغة مـن iiيـجتدي
وشـخصك  انسان عين iiالزمان      ولــولاك  ضـل فـلم iiيـهتد
على مضض كم طويت الضلوع      بـلـيلة ذي الـعـائر الارمـد
ومـا بـين جـنبي ذات iiالوقود      يـشب  سـناها الـى iiالـفرقد
فـلو أنـها أضـرمت لـلخليل      ونـودي يـا نـار لـم iiتـبرد

فأجابه سيدنا المترجم:

أبـا  المرتضى قد غبت عني iiبساعة      بها الموت أدنى من جبيني الى نحري
فـكـم لـيـلة قــد بـتها iiمـتيقنا      بـأني  ألاقـي فـي صبيحتها iiقبري
أكـابد  مـن طـول الـليالي iiشدائدا      كـأن  الـليالي قـد خـلقن بلا iiفجر
عـلى  حـالة لم أدر من كان iiعائدي      هـناك  ولـم أشـعر بزيد iiولاعمرو
ومـا  طـلبت نفسي سوى أن iiأراكم      ولـيس سـوى ذكراكم مر في iiفكري

وله:

الطرف بعدك لا ينفك في سهـر     والقلب بعدك لا ينفـك في شغل

يعقوب حزنك أبلاه الضنى فعسى    من رد يوسف لطفا أن يردك لي

وكتب الى أخويه العلامتين محمد والحسين بعد شفائه من مرضه:

ادب الطف ـ الجزء السابع 264

أيـا أخـوي الـذين iiهـما      أعز على النفس من iiناظري
عـذرتكما  حيث لم تحضرا      ولم  يك من غاب iiكالحاضر
لـقد بطشت بي كف iiالسقام      عـلى  غـفلة بطشة iiالقادر
فـغودرت في لهوان iiالمنون      ولـسـت  بـناه ولا iiآمـر
فـكم لـيلة بـتها iiوالـضنا      ضجيعي كليلة ذي العائر
(1)
عـلى أن نـفسي iiتـشتاقكم      كـشوق الربى للحيا iiالماطر
تـداركني  الله مـن لـطفه      فـأصبحت في فضله iiالوافر

وكان ـ ره ـ على سرعة خاطره في النظم غير مكثر منه لانه يعد الشعر دون مقامه وليس له من القصائد المطولة سوى ما قاله في أجداده الطاهرين عليه السلام. وقد حدثنا جماعة من معاصريه أنه كان يستقبل هلال المحرم من كل عام بقصيدة يؤبن فيها جده الحسين عليه السلام وتنشد في المأتم الذي ينعقد في دارهم العامرة طلبا للأجر ومساهمة في تلك الخدمه الكبرى.

أقول وقد جمع الشيخ اليعقوبي رحمه الله هذه القصائد في كراسه ونشرها وأسماها بـ (الجعفريات) طبعت بمطابع النجف الاشرف سنة 1369 هـ واليك واحدة منها:

سل عن أهيل الحي من وادي iiالنقا      أمـغربا  قـد يـمموا أم iiمـشرقا
يـقدح  زنـد الشوق في قلبي iiاذا      ذكـرت  فـي زرود مـا قد iiسبقا
وفـي  لـهيب لـوعتي iiوعبرتي      أكــاد أن أغــرق أو iiأحـترقا
مـا  أومض البرق بأكناف iiالحمى      مـن أرضـهم الا وقـلبي iiخـفقا
ولا  انبرت ريح الصبا من نحوهم      الا شـممت مـن شـذاها iiعـبقا
مـن  نـاشد لـي بالركاب iiمهجة      قـد  تـبعت يـوم الرحيل iiالانيقا
عـهـدتـها أسـيـرة iiبـحـبهم      فـمن  لـها يـوم الـمسير iiأطلقا
يـا  أيـها الـغادون مـني iiلـكم      شـوق  أذاب الـجسم مـني iiأرقا

(1) العائر : الذي في عينه قذى.

ادب الطف ـ الجزء السابع 265

أبـقيتم  مـضنى لـكم لا iiيرتجى      لـه الـشفا ولا تـسليه iiالرقى(1)
لو يحمد الدمع على غير بني أحمد      مـنه الـدمع حـزنا لا iiرقـا
(2)
الـقـاتلين  الـمحل ان iiتـتابعت      شـهب  الـسنين جـمعا iiوفـرقا
والـقائدين الـجيش يـملأ iiالفضا      رعـبا وسـكان الـبسيط iiرهـقا
والـبـاذلين  فـي الالـه أنـفسا      لاجـلها  مـا فـي الـوجود خلقا
انـسان عـيني فـي بحار أدمعي      لـما جـرى يـوم الطفوف iiغرقا
وبـحـر أحـزاني مـديد وافـر      لـو مـد مـنه الـبحر مـا iiتدفقا
اذا ذكـرت كـرب يـوم كـربلا      تـكاد نـفسي حـزنا أن iiتـزهقا
جــل  فـهان كـل رزء iiبـعده      يـأتي وأنـسى كـل رزء iiسـبقا
وعـصبة  مـن شـيبة الحمد iiلها      حـرب رمت حربا يشيب iiالمفرقا
قـادت  لـها الجيش اللهام iiعندما      جــاش  قـديم كـفرها iiواتـفقا
وقـامت  الـحرب تـحييها iiعلى      سـاق لـما منها رأت في iiالملتقى
فـاسـتقبلت فـرسـانها iiبـاسمة      الـثغر بـعزم ثـابت عـند iiاللقا
واسـتنهضت قـواطعا كم iiقطعت      رأس رئـيـس وأبـانت iiمـرفقا
مـا أغـسقت ظـلمة لـيل iiنقعها      الا  جـلا فـجر سناها iiالغسقا
(3)
فـأحرقت  شهب ظباها كل iiشيطا      ن  وغـى لـلسمع مـنها iiاسترقا
كـم مـفرد لا يـنثني حتى iiيرى      صـحيح  جـمع الـقوم قد iiتفرقا
لـله  يـومهم وقـد أبـكى iiالسما      لــه دمـا طـرز فـيه iiالافـقا
مـا سـئموا ورد الردى ولا iiاتقوا      بـأس الـعدا ولا تـولوا iiفرقا
(4)
حـتى  تفانوا والأسى في iiمصرع      فيه التقى الدين الحنيف iiوالتقى
(5)

(1) الرقى: جمع رقية العوذة. (2) رقأ الدمع جف. وسكن. (3) الغسق: ظلمة أول الليل. (4) فرق: الفزع والخوف. (5) الاسى جمع أسوة القدوة وتأسوا آسى بعضهم بعضا.

ادب الطف ـ الجزء السابع 266

غـص بـهم فم الردى من بعد iiما      كـان  بـهم وجـه الزمان مشرقا
فـكم خـليل مـن بني أحمد iiألقاه      بـنار  الـحرب نـمرود iiالـشقا
وكـم ذبـيح مـن بـني فـاطمة      يـرى الـفنا فـي ربه عين iiالبقا
وكـم  كـليم قـد تـجلت iiللورى      أنـواره  مـذخر يـهوى صـعقا
يـا خـائضا أمـواج تـيار iiالفلا      كــأنـه  الـبـرق اذا iiتـألـقا
مـن فـوق مـفتول الذراع iiسابح      قـد عـز شـان شـأوه أن iiيلحقا
يـكـاد أن يـخرج مـن iiاهـابه      اذا  تـولـى مـغربا أو iiمـشرقا
لوكان لا يهوى الانيس في iiالسرى      رأيـتـه  لـظـله قــد iiسـبقا
وطـائر  الـخيال لـو رام iiبـأن      يـجـري عـلى مـنواله iiلـحلقا
عــج  بـالبقيع نـاعيا iiلأهـله      مـهابط  الـوحي وأعـلام iiالتقى
قـل يـا بـني فهر الألى iiسيوفهم      أوهت قوى الضلال حين iiاستوسقا
والـمرغمين  يـوم بـدر بالظبى      مـعاطس الـشرك وآنـاف iiالشقا
والـفـاتحين  يـوم فـتح iiمـكة      بـقـضبهم  لـلدين بـابا iiمـغلقا
حـي  عـلى الـحرب فقد القحها      بـالطف أبـناء الـعتاة iiالطلق
ا(1)
عـادت بـها هـدرا دماؤكم iiلدى      رجـس عـن الـدين القويم iiمرقا
ورأس سـبط أحـمد يـهدى iiلمن      يـوما بـشرع أحـمد مـا iiصدقا
والـطاهرات  مـن بـنات iiفاطم      لـم  تـبق مـنها الـنائبات iiرمقا
لا عـذب الـماء الفرات iiلامرىء      عـلـى  ولا آل الـنـبي iiخـلقا
ولا سـقى الـرحمن صوب iiعفوه      مـن  مـنه أبـناء النبي ما iiسقى
وآعـجبا  يـقضي الحسين iiظاميا      ومــاؤه الـقـراح مـا iiتـرنقا

(1) يشير الى قول النبي صلى الله عليه وآله يوم الفتح لاهل مكة اذهبوا فأنتم الطلقاء وكان منهم أبو سفيان وابنه معاوية.

ادب الطف ـ الجزء السابع 267

ولـلسماء كيف لم تهو على iiالغبر      ا وقـد هـوى الـحسين iiصـعقا
والارض  مـا ساخت بأهليها iiوقد      ثـوى  عـليها عاري الجسم iiلقى
يـا  لـك من رزء به قلب iiالهدى      شـجوا  بـنيران الـهموم احترقا
وفـادح  أبـكى الـسموات iiالعلى      دمـا  بـه جـيد الاثـير iiطـوقا
عـسـى  يـديل الله مـن أمـية      يـومـا لـقاؤه يـشيب iiالـمفرقا
بـحيث لـم تـلف لـها من ملجأ      يـنجي  ولا في الارض تلقى iiنفقا

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث