ادب الطف

 
 

ادب الطف ـ الجزء الثامن 105

فانتدب جماعة للتشطير والتخميس ، فممن شطر الشيخ جواد الشبيبي والسيد عدنان ابن السيد شبر الحسيني الغريفي البحراني البصري المتوفى 1336 ومنهم السيد علي ابن السيد محمود الأمين العاملي الحسيني المتوفى 1328 في جبل عامل وقد نقل المدح إلى رثاء الحسين عليه السلام إذ وافق تخميسه أيام المحرم ، وممن شطر فقط العلامة السيد محسن الأمين كما نظم الشيخ محمد السماوي تشطيراً للابيات أقول والذي حلّق في هذه الحلبة هو الشاعر السيد جعفر السيد حمد الحلي فقال في التشطير ـ وهذا مما لم ينشر في ديوانه :

أبـا حـسن أنت عين iiالاله      على  الخلق والاذن iiالواعيه
تـراهم وتـسمع iiنـجواهم      فهل  عنك تعزب من iiخافية
وأنـت  مديررحى iiالكائنات      وقـطبٌ  iiلأفـلاكهاالجاريه
فإن شئت تشفع يوم الحساب      وإن  شـئت تسفع بالناصيه
وأنـت  الـذي امم iiالأنبياء      تـولتك في الأعصر الخاليه
وكـل  الخلائق يوم iiالنشور      لـديك  إذا حـشرت iiجاثيه
فـمن بـك قـد تـمّ iiإيمانه      فـبشراه  في عيشة iiراضيه
بـحوضك يسقى ومن iiبعدذا      يـساق  إلـى جـنة iiعاليه
وأمـا  الـذين تولّوا iiسواك      فـما  هم من الفرقة iiالناجية
يجيئون للحشر سود iiالوجوه      يـساقون دعّـاً إلى iiالهاويه

ثم خمس الاصل والتشطير فقال : وهذا مما لم ينشر في ديوانه ايضا

 براك المهـيمن إذ لا سـواه     وبيّن باسمك معنى علاه

فكنت ترى الغيب لا بإشتباه     أبا حسن أنت عين الاله

على الخلق والاذن الواعية

ترى الناس طراً وترعاهم     وأقصى الورى منك أدناهم

ومهـما أسروا خـفاياهم     تراهـم وتسـمع نجـواهم

فهل عنك تعزب من خافيه

ادب الطف ـ الجزء الثامن 106

أقلّ مـعاجزك الـخارقات     حضورك للشخص حين الوفاة

فأنت المحيط بستّ الجهات     وأنت مديـر رحـى الكائنات

وقطبٌ لأفلاكها الجاريه

لك الناس تحشر يوم المأب     مطأطأة الروس خوف العذاب

فمنك الثواب ومنك العقاب     فإن شئت تشفع يوم الحساب

وإن شئت تسفع بالناصيه

بك الحشر مهّد للاستواء     وباسمك قامت طباق السماء

فأنت المحكّم يوم الجزاء     وأنـت الـذي امـم الأنبياء

تولتك في الأعصر الخالية

إذا بعث الله مَن في القبور     ومن سفر الموت أضحوا حضور

فأنـت الأمير بكل الامور     وكـل الخلائـق يـوم النـشور

لديك إذا حشرت جاثيه

محبـك تـثقـل ميـزانه     ويعلو بيوم الجزا شأنه

وهب فرضه بان نقصانه     فمن بك قـد تمّ إيمانه

فبشراه في عيشة راضيه

ينال الكرامة غبّ الأذى     وعـن ناظريه يماط القذى

فما بعد يشكو ظماه إذا     بحوضك يسقى ومن بعد ذا

يساق إلى جنة عاليه

أبا حسـن بك أ نـجو هناك     وأرجو رضا خالقي في رضاك

فلم يُنج في الحشر إلا ولاك     وأمـا الـذين تـولـوا سـواك

فما هم من الفرقة الناجيه

سيأتي الشقي ومن تابعوه     بجمع عن الحوض قد حُلّؤه

جفاةٌ لحـقك قد ضـيّعوه     يجيئون للحشر سود الوجوه

يساقون دعّاً إلى الهاويه

ادب الطف ـ الجزء الثامن 107

فإذا ضممت إلى ذلك أن السيد جعفر ما كان يملك كتاباً من الأدب ولا كان يحفظ ولا مقدار مائة بيت ولو متفرقة من شعر العرب أو من بعدهم الى عصره قلتَ هذا أعجب وأغرب ، ولسهولة قول الشعر عليه على ما عرفت من شدة محنه وابتلائه كان مكثراً منه فكان لا يجلس ولا يقوم على الأكثر إلا وقد قال الأبيات أو البيتين فما فوقها حسبما سنح في تلك المحاضرة والمحادثة من ا لدواعي وكان ربما طلب ماءً أو قهوة أو دخاناً أو داعب جليساً أو غير ذلك فيورد غرضه ببيتين من الشعر هما أجلا في أداء مراده من الكلام المألوف والقول المتعارف ، وربما كان يأتي إلى بيت من يريد فلا يجد ربّه فيكتب على الجدار حاجته أو سلامه ويذهب وهذا كثير له فمن ذلك بيتان كتبهما في دار السيد السند ثقة الإسلام وقدوة الاعلام السيد حسن الصدر يشفّعه عند استاده حجة الإسلام الشيرازي طاب ثراه وهما :

 لقد بقـيت بسـامراء منفرداً     مثل انفراد سهيل كوكب اليمن

والدهر لما رماني في فوادحه     آليتُ لا أشتكي إلا إلى الحسن

وحدثني سماحة المغفور له الشيخ هادي نجل الشيخ عباس كاشف الغطاء أن السيد جعفر طلب منه الخروج إلى النزهة خارج النجف في أيام الربيع وهناك تكثر أغادير الماء ، فاعتذر إليه الشيخ فكتب له :

عذيري منك أن تأبى اتباعي     على حـقٍ ومَن لي بالعذير

ومن عجب وانـك جعفري     وترغب عن أحاديث الغدير

فالتورية بـ (جعفري) انه جعفري المذهب وينتسب للشيخ جعفر الكبير جدّ الاسرة ، وفي كلمة الغدير تورية بيوم غدير خم الذي عقدت فيه البيعة للامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، وقال مداعباً أستاذه الشيخ الشربياني .

 أشيخ الكل قد أكثرت بحثاً     بأصل براءة وباحتياط

ادب الطف ـ الجزء الثامن 108

وهذا وقت زوار و(نوطٍ)     فباحثنا بتنقيح المناط

ومن نوادره قوله :

 تسمّى بالقريض اليوم     مَن ليس لـه أهلا

أتـونا بالمـقاطيـع     وكلٌ يدّعى وصلا

وقال يداعب الشربياني :

 للشربيانيّ أصـحاب وتلمذةٌ     تجمّعوا فرقاً مـن هاهـنا وهنا

ما فيهم مَن له بالعلم معرفة     يكفيك أفضل كل الحاضرين أنا

وقال ممازحاً الخطيب الاديب ... لما تزوّج بامرأة ثيبة بعد ان تزوّج بامرأتين قبلها :

بـشراك  في لؤلؤة قد iiثقبت      أنـفع مـن لـؤلؤة لم iiتثقب
ومـهرة وطّأ شخص iiظهرها      أحـسن من جامحة لم iiتركب
ومـنهج قد سلكت فيه iiالخطا      أحـسن من نهجٍ جديد iiمتعب
وقـد وجـدنا في الكتاب آية      قـدّم  فـيها الله iiذكـرالثيّب
اسم  العجوزفي المقال iiطيب      لأنـه  وصـف لبنت العنب
مـرت  عليها أربعون iiحجة      فـهي  إذاً كالصارم المجرب
عـرّفـها  الـدهر iiتـقلباته      فـساتصفها  عـارفة iiالتقلب
ومَـن  يسبّ الثيبات iiسائني      لأنـه قـد سبّ ظلماً iiمذهبي
خـديجة  بـنت خويلد iiعلى      ما نقلوا أعزّ أزواج النبي
(1)
بـك الاثـافي كـملت iiثلاثة      فـفز بها كالمرجل iiالمنصّب

(1) لا شك أ ن خديجة بنت خويلد هي أفضل زوجات النبي وام المؤمنين حقاً . إذ هي أول امرأة آمنت برسول الله وبيتها أول بيت بني في الاسلام وكان النبي (ص) كلما ذكرها بكى فقالت له السيدة عائشة : ما لك يا رسول الله وقد أبدلك الله بخير منها ، قال : والله ما أبدلني بخير منها ، آوتني إذ طردني الناس وصدقتني إذ كذبني الناس ، ورزقني منها الولد إذ حرمني من غيرها . وعلى ما يقول النسابة الشهير ابن أعثم الكوفي أن خديجة لم تتزوج بغير رسول الله ، وهي سيدة نساء قريش ولمكانتها في نفس رسول الله (ص) أنه لم يتزوج بغيرها ما دامت هي في قيد الحياة ، ولما ماتت خديجة وأبو طالب في عام واحد حزن النبي (ص) وسمى ذلك العام بـ عام الحزن .

ادب الطف ـ الجزء الثامن 109

أضف إلى ذلك رقة غزله وخفة روحه فحينما تدرس غزله وتشبيبه تراه يسيل رقة وعاطفة ويبدع ما شاء له الابداع في الخيال والتصوير فاستمع اليه في حائيته الرائعة والتي تناهز التسعين بيتاً ـ وهذا مقطع منها :

هـزوا  مـعاطفهم وهنّ iiرماح      ونـضوا لواحظهم وهنّ iiصفاح
شـاكين ما حملوا السلاح iiوإنما      مـنهم  عـليهم أهـبة iiوسلاح
ونـشرن ألـوية الشعور iiعليهم      سـوداً  وكـل طـرفه iiالسفاح
وتـعمّدوناباللحاظ فـلا iiتـرى      مـن عـاشق مـاأثخنته جراح
آرام وجـرة لا يـدون قـتيلهم      وأسـيرهم لـم يرج فيه iiسراح
فـتح  الجمال لهم وفي وجناتهم      كـتب ابـن مـقلتها هو الفتاح
بشراك  يا من ذاق برد iiثغورهم      أعـرفت ماروح الهوى iiوالراح
ونعمت يامن شمّ طيب iiخدودهم      أرأيـت  كـيف الورد iiوالتفاح
لا تـحسبن لـئالئاً فـي iiخـده      لـكنه  عـرق الـحيا iiالرشاح
قدحت  خدودك في فؤادي iiجذوة      والـورد خـيرصنوفه iiالـقداح
وأضيق ذرعاً من خلاخلك iiالتي      ضاقت  على ساقيك وهي فساح
وحـشاءأخفق من جناحي iiطائر      إن يـخفقا لـك قرطق iiووشاح
مـاذايعيب بك النصوص iiثكلته      حـاشاك  بـل غشتني النصاح
الطرف ساج ، والسوالف صلتة      والـجيد  أتـلع والجفون iiملاح
يـا يوسف الحسن البديع iiجماله      لـي  مـثل يعقوب عليك iiنياح
إن أوعـدت بالصدّ فهي iiجهينة      أو واعدت بالوصل فهي iiسجاح

وقال :

 أخذ الريم منك سحر العيون     وروت عنك مائسات الغصون

واستفاد الهلال منك ضياءاً     حـين قابـلته بشـمس الجبين

ادب الطف ـ الجزء الثامن 110

وسرت من لما كنفحة سكر     أخذت بعضها ابنة الزرجون

ومـن اللؤلؤ الـذي بثناياك     صـفاء بـاللؤلؤ المكـنون

أجل ، وإن شعره رحمه الله يبلغ ـ ولا شك ـ أضعاف ما نشر في ديوانه المطبوع وذلك لأن مثل تلك المقاطيع والنتف التي تتفق عرضاً وتجري سنوحاً مما لا يمكن تقييد شواردها ورهن أوابدها ، واهتم بجمع ديوانه شيخنا المصلح الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء وأخذه بنفسه في سنة 1331 هـ حين سافر إلى لبنان والديار المصرية ووقف على طبعه في صيدا بمطبعة العرفان وصدره بمقدمة نفيسة وعلّق على الديوان حواشي هامة تتضمن بالإيجاز تراجم مَن جاءت أسماؤهم في الديوان مع تهذيب الديوان وتنقيحه .

وبعد أن يكن السيد جعفر أبدع في نواحي كثيرة من شعره فإن روائعه في شهداء الطف تمتاز على باقي أدبه ، فكأن ذكرى أولئك الشهداء الذين كرهوا الذل وأنفوا من الضيم وجادوا بنفوسهم الزكية ودمائهم الطاهرة في سبيل الحق والكرامة توقظ بين جوانحه شعلة الثورة الهاشمية وهل تدري أن إحدى هذه القصائد الحسينية بل أجودها وأشهرها نظمها بساعتين ، وهي رائعته التي مطلعها :

 وجه الصباح عليّ ليل مظلم     وربيع أيامي عليّ محرم

وكان ذلك في شهر المحرم فلا تسمع إلا ناع وناعية ونادب لسيد الشهداء ونادبة ، فمرّ الشاعر في هذا الجوّ وتمشى في الصحن العلوي واسترسل بنظم هذه القصيدة التي تزيد على السبعين بيتاً وكلها من الشعر المنسجم أمثال قوله في أصحاب الحسين :

 متقـلـدين صـوارمـا هنـديـة     من عزمهم طبعت فليس تكهم

إن أبرقت رعدت فرائص كل ذي     بأس وأمطر من جوانبها الدم

ويصف بطولة أبي الفضل العباس حامل راية الحسين والأخ المواسي بأسمى ما تكون من أنواع المواساة ، ففي زيارته : أشهد أنك نعم الأخ المواسي لأخيه :

ادب الطف ـ الجزء الثامن 111

عبست  وجوه القوم خوف الموت و      الـعباس  فـيهم ضـاحك iiيـتبسم
قلب اليمين على الشمال وغاص في      الأوسـاط  يحصد بالرؤس iiويحطم
وثـنى  أبو الفضل الفوارس iiنكّصاً      فـرأوا أشـدّ ثـباتهم أن iiيـهزموا
مـاكـرّ ذو بــأس لـه iiمـتقدماً      إلا  وفـــرّ رأســه الـمـتقدم

ثم يشير إلى فارس العرب ربيعة بن مكدم المعروف بحامي الضعينة فيقول :

حامي الضعينة أين منه iiربيعة      أم  أيـن مـن عليا أبيه مكدّم
قسماً بصارمه الصقيل، iiوإنني      في غير صاعقة السما لا أقسم
لولا القضا لمحا الوجود بسيفه      والله يـقضي ما يشاء iiويحكم

ثم ينحدر إلى شجاء مصرع هذا البطل وفجيعة الحسين بهذا الأخ المحامي فيقول عن لسان الحسين :

أأخـي يـهنيك الـنعيم ولـم أخل      تـرضى  بـأن أُرزى وأنت iiمنعّم
أأخـي  مـن يـحمي بنات iiمحمد      إن صـرن يسترحمن مَن لا iiيرحم
لـسواك  يـلطم بـالأكف iiوهـذه      بـيض  الضبا لك في جبيني iiتلطم
ما بين مصرعك الفظيع ومصرعي      إلا  كـما أ دعـوك قـبل iiفـتنعم
هـذا حـسامك مـن يذلّ به iiالعدا      ولــواك هـذا مـن بـه iiيـتقدم
هـوّنتَ يـابن أبي مصارع iiفتيتي      والـجرح  يـسكنه الـذي هو أألم
يـا  مـالكاً صـدر الشريعة iiإنني      لـقليل عـمري فـي بـكاك iiمتمم

مشيراً إلى مالك بن نويره وحزن أخيه متمم عليه ورثائه له .

وهذي احدى روائعه في سيد الشهداء :

أدرك تـراتك أيـها iiالموتور      فـلكم بـكل يـد دم مـهدور
عـذبت  دماؤكم لشارب iiعلّها      وصـفت  فلا رنق ولا تكدير
ولسانها بك يا ابن أحمد هاتف      أفـهكذا  تغضي وأنت iiغيور

ادب الطف ـ الجزء الثامن 112

مـا  صـارم إلا وفـي iiشـفراته      نـحـر لآل مـحـمد iiمـنـحور
أنـت  الـولي لـمن بـظلم iiقتّلوا      وعـلى الـعدى سلطانك المنصور
ولـو  أنـك اسـتأصلت كل قبيلة      قـتـلا فـلا سـرف ولا iiتـبذير
خـذهم  فـسنة جـدكم مـا iiبينهم      مـنـسية وكـتـابكم iiمـهـجور
ان  تـحتقر قـدر الـعدى iiفلربما      قـد قـارف الـذنب الجليل iiحقير
أو  انـهم صـغروا بـجنبك iiهمة      فـالـقوم جـرمهم عـليك iiكـبير
غـصبوا الخلافة من أبيك iiوأعلنوا      ان  الـنـبوة سـحـرها iiمـأثور
والـبضعة الزهراء امك قد iiقضت      قـرحى  الـفؤاد وضلعها iiمكسور
وأبوا على الحسن الزكي بأن iiيرى      مـثـواه  حـيث مـحمد مـقبور
واسـأل بـيوم الـطف سيفك iiإنه      قـد كـلم الأبـطال فـهو iiخـبير
يـوم  أبـوك الـسبط شمّر iiغيرة      لـلـدين لـمـا أن عـناه دثـور
وقـد  اسـتغاثت فـيه مـلة iiجده      لـمـا تـداعى بـيتها iiالـمعمور
وبـغـير أمـر الله قـام iiمـحكماً      بـالمسلمين  يـزيد وهـو iiأمـير
نـفسي  الـفداء لـثائر فـي iiحقه      كـالليث  ذي الـوثبات حين يثور
أضـحى يـقي الـعدل وهو iiمهدم      ويـجبّر  الاسـلام وهـو كـسير
ويـذكّر الأعـداء بـطشة iiربـهم      لـو  كـان ثـمة يـنفع الـتذكير
وعـلى  قـلوبهم قـد انطبع الشقا      لا  الـوعظ يـبلغها ولا الـتحذير
فـنضى  ابن حيدر صارماً ما سله      إلا  وسـلن مـن الـدماء بـحور
فـكأن  عـزرائيل خـط iiفـرنده      وبـه أحـاديث الـحمام iiسـطور
دارت حـمـاليق الـكـماه iiوفـه      فـيدور شخص الموت حيث iiيدور
واسـتيقن  الـقوم الـبوار iiكـأن      اسـرافيل جـاء وفي يديه iiالصور
فـهوى عـليهم مثل صاعقة iiالسما      فـالروس  تـسقط والنفوس iiتطير
شاكي السلاح لدى ابن حيدر أعزل      والـلابس الـدرع الدلاص iiحسير

ادب الطف ـ الجزء الثامن 113

غـيران  يـنفض لـبدتيه iiكأنه      اسـدُ  بـآجام الـرماح iiهصور
ولصوته زجل الرعود تطير بالأ      لـبـاب دمـدمة لـه iiوهـدير
قد  طار قلب الجيش خيفة iiبأسه      وانـهاض  منه جناحه iiالمكسور
بـأبي أبـي الضيم صال iiوماله      إلا الـمثقف والـحسام iiنـصير
وبـقلبه الـهم الـذي لو iiبعضه      بـثبير لـم يـثبت عـليه iiثبير
حزن على الدين الحنيف iiوعربة      وظـماً وفـقد أحـبة iiوهـجير
حـتى إذا نـفذ الـقضاء iiوقدّرا      لـمحتوم  فـيه وحـتم iiالمقدور
زجـت لـه الأقـدارستهم iiمنية      فـهوى  لقى فا ندك منه iiالطور
وتـعطل  الـفلك الـمدار iiكأنما      هـو قـطبه وعـليه كان iiيدور
وهـوين ألـوية الشريعة iiنكصاً      وتـعـطل الـتهليل iiوالـتكبير
والـشمس  ناشرة الذوائب iiثاكل      والأرض  ترجف والسماء iiتمور
بـأبي  القتيل وغسله علق iiالدما      وعـليه مـن أرج الـثنا iiكافور
ظـمآن  يـعتلج الغليل iiبصدره      وتـبلّ  لـلخطيّ مـنه iiصدور
وتحكمت  بيض السيوف بجسمه      ويـح الـسيوف فحكمهن iiيجور
وغدت تدوس الخيل منه iiأضالعا      سـر  الـنبي بـطيها مـستور
فـي فـتية قـد أرخصوا لفدائه      أرواح  قـدس سـومهن iiخطير
ثـاوين  قد زهت الربى iiبدمائهم      فـكـأنها  نـوارها iiالـممطور
هـم  فتية خطبوا العلا iiبسيوفهم      ولـها  الـنفوس الغاليات iiمهور
فـرحوا  وقد نعيت نفوسهم iiلهم      فـكان  لهم ناعي النفوس iiبشير
فـاستنشقوا  الـنقع المثار iiكأنه      نـدّ  الـمجامر مـنه فاح iiعبير
واسـتيقنوا بالموت نيل iiمرامهم      فـالكل  مـنهم ضاحك iiمسرور
فـكأنما  بـيض الحدود iiبواسماً      بـيض الخدود لها ابتسمن iiثغور
وكـأنما سـمر الـرماح iiموائلا      سـمر الـملاح يـزينهن iiسفور

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث