ادب الطف ـ الجزء الثامن 114
كـسروا جـفون سيوفهم وتقحموا بـالخيل حـيث تـراكم الجمهور
مـن كـل شـهم ليس يحذر iiقتله إن لـم يـكن بـنجاته iiالمحذور
عـاثـوا بــآل امـية iiفـكأنهم سـرب الـبغاث يعثن فيه صقور
حـتى إذا شـاءالمهيمن iiقـربهم رجـواره وجرى القضا iiالمسطور
ركضوا بأرجلهم إلى شراك الردى وسـعوا وكـل سـعيه iiمـشكور
فـزهت بـهم تلك العراص iiكأنما فـيـها ركـدن أهـلة iiوبـدور
عـارين طـرزت الـدماء iiعليهم حـمر الـبرود كـأنهن iiحـرير
وثـواكل يـشجي iiالـغيورحنينها لـو كـان مـا بين العداة iiغيور
حـرم لأحـمد قد هتكن iiستورها فـهتكن مـن حـرم الاله iiستور
كـم حـرة لـماأحاط بها iiالعدى هـربت تـخف العدووهي iiوقور
والـشمس تـوقدبالهواجر iiنارها والأرض يـغـلي iiرمـلهاويفور
هـتفت غـداة الروع باسم iiكفيلها وكـفيلهابثرى الـطفوف عـفير
كـانت بحيث سجافها يُبنى iiعلى نـهر الـمجرة مـا لـهن iiعبور
يـحمين بـالبيض البواتر iiوالقنا الـسمر الشواجروالحماة iiحضور
مـا لاحـظت عين الهلال iiخيالها والـشهب تـخطف iiدونهاوتغور
حـتى الـنسيم إذاتـخطى نحوها ألـقاه فـي ظـل الرماح iiعثور
فـبدا بـيوم الـغاظرية iiوجـهها كـالشمس يـسترها السنا iiوالنور
فـيعود عـنها الـوهم وهو iiمقيدٌ ويـردّ عنها الطرف وهو iiحسير
فـغدت تـودّ لـو انّها نعيت iiولم يـنظر الـيها شـامت iiوكـفور
أما قصائده الخاصة بسيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (ع) والتي يتعذر
ذكرها كاملة فنكتفي بالاشارة اليها ، وأوائلها :
1 ـ ألا لا سقت كفى عطاشا العواسل
إذا أنا لم أنهض بثار الأوائل
ادب الطف ـ الجزء الثامن 115
2 فـي طـلب الـعز يـهون iiالـفنا ولا يـــروم الــعـزّ إلا iiأنــا
3 يـا قـمر الـتم إلـى م iiالـسرار ذاب مـحـبوك مــن iiالانـتـظار
4 يـغرّ الـفتى بالدهر والدهر iiخائن ويـصبح فـي أمـن ومـا هو iiآمن
5 ذكــر الـمـنازل وإلا iiحـبـه صـــبٌ أذاب الــوجـد قـلـبه
6 الله أي دم فــي كـربـلا iiسـفكا لـم يجر في الأض حتى أوقف الفلكا
7 مـا بـال عـينك لا تـملّ iiهيامها وعـصت بـمبرح وجـدها iiلـوّامها
8 أتغضي فداك الخلق عن أعين عبرا تـودّ بـأن تـحضى بـطلعتك iiالغرّا
ادب الطف ـ الجزء الثامن 116
الشيخ عباس كاشف الغطاء
المتوفى 1315
قال في الحسين مرثية ، مطلعها :
إذا لم أنل وترى با ـــ المناصل
فلا
سار مهري تحت ظل العواسل(1)
هو الشيخ عباس كاشف الغطاء ابن الشيخ علي ابن الشيخ جعفر صاحب كشف
الغطاء النجفي المولد والمنشأ والمسكن والمدفن ، ذكره صاحب الحصون فقال
: كان عالماً فاضلاً مجتهداً فقيهاً ، أصولياً محققاً مدققاً أديباً
لبيباً بليغاً شاعراً ماهراً وجيهاً رئيساً عظيماً جليل القدر عظيم
المنزلة مهيب المنظر حسن المخبر ، طلق اللسان فصيح البيان . إلى آخر ما
قال . له مؤلفات : منها موارد الأنام شرح مبسوط على شرايع الإسلام ،
رسالة في الشروط ، رسائل متفرقة في الاصول ، رسالة عملية في الطهارة
والصلاة . توفي أول الغروب عندما قام لاداء الصلاة في طريقه الى كربلاء
بقصد الزيارة للامام الشهيد الحسين سلام الله عليه وذلك على نهر الفرات
ليلة الاثنين ثاني ربيع الأول عام 1315 ونقلت جنازته الى النجف في زورق
مائي ودفن بمقبرة الاسرة ، ولم يخلف سوى ولده الهادي . رثاه فريق من
الشعراء منهم : السيد رضا الهندي والشيخ عبد الحسين صادق ، والشيخ محمد
حسين كاشف الغطاء ، والسيد جعفر الحلي ، والشيخ جواد الشبيبي بقصيدتين
. وذكره الحجة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في هامشه على (سحر بابل)
فقال : هو أحد الأساطين الأعاظم والععد والدعائم ، من الطائفة الجعفرية
الذين نهضوا باعباء الزعامة والتحفوا بأبراد المجد والكرامة . ويسترسل
شيخنا بالاطراء والثناء بما هو حق وصدق .
(1) عن شعراء الغري .
ادب الطف ـ الجزء الثامن 117
الملا عباس الزيوري
المتوفى 1315
قال في الحسين (ع) :
إلـى كـم مـداراة العدى من iiمذاهبي وحـتى م سـلطان الـهموم مصاحبي
أمــا آن لـلوقت الـذي iiتـوعدوننا بـه أن نـرى فـيه عـلوّ الـمراتب
ويـظـهر أمـر الله مـا بـين iiأهـله وتـخفى أمـور سـنّها كـل iiنـاصب
نرى الشموس في شرق البلاد iiوغربها تـجوب الـفيافي فـي ظهور iiالنجائب
يـحفّ بـهم مـن آل أحـمد أصـيدٌ تـحفّ بـه الأمـلاك مـن كل iiجانب
إذا مـا سـطا خـلت البسيطة iiوالسما طـواهـا وعـبّا شـرقها iiبـالمغارب
يـطالب فـي ثـار الـحسين iiوفـتية قـضت عـطشا بالطف من آل iiغالب
وقـد خـلّفت فـي الـغاضرية iiنسوة خـماص الحشى وآهاً لها من iiسواغب
إذا رفـعت رأسـاً إلـى الله iiأبصرت رؤســاً تـعلّى كـالنجوم iiالـثواقب
وإن طأطأت راساً إلى الأرض أبصرت جـسوماً كـساها البين ثوب iiالمصائب
أو الـتفتت مـن شـجوها عن iiيمينها ويـسرتها أو بـعض تـلك الـجوانب
رأت صـبية لـلمرتضى فـوق هزّل مـن الـعيس تـسبى مع نساء iiنوادب
فـيـا راكـباً كـوراً مـعوّدة iiعـلى اقـتطاع الـفيافي في القفار iiالسباسب
إذا أدلـجت فـي الـسير تحسب iiنبلة قد انتزعت في القوس عن قوس حاجب
إذا لاحـت الأعـلام من سرّ من iiرأى فـنادِ بـأعلى الـصوت يـا آل غالب
ألا أيـن قـوم لـو تـلاقت iiجموعهم لـمـا رجـعت إلا بـجزر iiالـكتائب
ادب الطف ـ الجزء الثامن 118
حـسينكم أمـسى وحـيداً iiوحـوله بـنو هـاشم والـصحب كلٌ iiبجانب
يـنادى ألا هـل من نصير فلا iiيرى لـه ناصراً دون السيوف iiالقواضب
ويـدعوهم حـاموا بـنات iiمـحمد فـليس يـرى غير القنا من iiمجاوب
فـقوموا غضابا وأدفعوا عن iiنسائكم فـقد أصبحت اسرى بأيدي iiالأجانب
مـتى تملأون الأرض قسطا iiبعدلكم كما ملئت من جور ظلم النواصب(1)
الملا عباس الصفار الزيوري ابن القاسم بن ابراهيم بن زكريا بن حسين بن
كريم بن علي بن كريم بن علي ابن الشيخ عُقلَه الزَيوري البغدادي المنشأ
، الحلي المسكن المتوفى سنة 1316 مولده بغداد مات أبوه وهو طفل صغير
وكانت أُمّه حلية الأصل فانتقلت بولدها هذا إلى الحلة ونشأ في حجور
أخواله وتعلّم الشعر عندهم ويزعم بعض أقاربه في بغداد وسوق الشيوخ أن
أصلهم يرجع إلى المقداد بن الأسود الكندي الصحابي المشهور ، وفي أواخر
العقد التاسع من القرن الثالث عشر استوطن كربلاء على عهد السيد أحمد بن
السيد كاظم الرشتي المقتول سنة 1294 وله فيه مدائح وتهاني كثيرة ، وحج
المترجم له مكة المكرمة مع السيد المذكور سنة 1290 وقام بنفقاته ذهاباً
وإياباً ولما عرج السيد بعد حجه نحو الاستانة كان المترجم له في صحبته
ثم جاب البلاد اليمانية للسياحة وفي (عدن) شرع بتخميس علويات ابن أبي
الحديد . قال الشيخ اليعقوبي في البابليات : وسمعت من جماعة ممن عاصره
من البغداديين والحليين أنه كان من الذاكرين الخطباء ولكن شهرته
الأدبية تغلبت على شهرته المنبرية . وإن له تخميساً لقصيدة العلامة
الفقيه الشيخ حسين نجف التي جارى فيها الهائية الأزرية الشهيرة في مدح
أمير المؤمنين عليه السلام . وله تخميس لقصائد الكميت ـ الهاشميات ـ
وسافر في آخر أيام حياته إلى ايران لزيارة المشهد الرضوي ولطبع
منظوماته المذكورة هناك ففاجأه الأجل في طهران ودفن في بلدة (قم)
(1) عن الدر المنظوم في الحسين المظلوم مخطوط الخطيب السيد حسن الموسوي
البغدادي .
ادب الطف ـ الجزء الثامن 119
عند الشاه عبد العظيم ، وقيل في خراسان وذهبت قصائده بذهابه وقد تجاوز
عمره الستين عاماً ، ومن شعره قوله :
سمتك أُمـك (نجما) لأن خـدك ثاقـب
فأكفف سهامك عني وارع الاله وراقب
وذكره الشيخ النوري في (جنة المأوى) وعبّر عنه بالفاضل اللبيب مادح أهل
البيت وأثبت له أبياتاً من قصيدة طويلة يمدح بها الإمام المهدي ويذكر
كرامة له اتفقت في 10 جمادى الاخرة سنة 1299 مع أخرس من أهالي (برمة)
اسمه اغا محمد مهدي اطلق لسانه في (مقام الغيبة) بسامراء واحتفل في
الصحن الشريف بأمر الإمام السيد ميرزا حسن الشيرازي بمناسبة ظهور تلك
الكرامة ، وكان الزيوري مع الأخرس في الباخرة حين توجه من بغداد إلى
سامراء وأشار إلى ذلك من الأبيات :
وفي عامها جئتُ والزائرين إلـى بلدة سرّ مَن قد iiرأها
رأيت من الصين فيها iiفتى وكـان سـميّ إمام iiهداها
وقـد قيّد السقم منه iiالكلام وأطـلق مـن مقلتيه iiدماها
وفي هذه الكرامة نظم السيد حيدر الحلي قصيدته العامرة التي مطلعها
كذا
يظهر المعجز الباهر ويشهده البرّ والفاجـر
وشاعرنا المترجم له ذكره الشيخ النوري في أول كتابه (دار السلام) وأثبت
له أبياتاً يقرّض فيها ويؤرخ كتابه المذكور فيها :
الـجهبذ النوري حسين iiومَن شـرّفه الله بـبيت iiالـحرام
أشـرق نور العلم عن فكره فجاء في تصنيف دار iiالسلام
خـير كـتاب جامع iiكاشف فيه عن الرؤيا حجاب الظلام
يـعبّر الـرؤيا وينبيك iiعن رؤيـا نـبيٍ صادق أو iiإمام
تالله لـو أن ابن سيرين iiقد طـالعه رأى لـه iiالاحترام
ادب الطف ـ الجزء الثامن 120
وكان عـنه آخذاً ما بـه قـد عبّر الرؤيا لكل الأنام
وخاطب النوري تاريخه إرقَ لقد فزتَ بدار السلام
ومن شعره تقريظه لكتاب (العقد المفصل) للسيد حيدر الحلي ، أثبته السيد
حيدر في آخر الكتاب نظماً ونثراً :
كـتابك تـحت كتاب iiالاله وفـوق كـتابة كل iiالورى
أقـول وعيناي ترنو iiاليه لقد جمع الصيد جوف الفرا
وأهتف إن قيس فيه iiسواه أيـن الـثرَيّا وأين الثري
وقال أيضاً تقريض للكتاب المذكور :
وافـى مذ وافاني غده ووفـى لي فيما iiأقصده
رشـاً بسيوف iiلواحظه شـمل الـعشاق iiيبدده
يـشدو فـيرق iiلنغمته اسـحاق اللحن iiومعبده
يـا لـيلاً بتّ اسامره ما أسرع ما وافى iiغده
تـركيٌ ناشٍ في عجم وصـفاء اللون يبغدده
بـتنا بـقميصي iiعفّتنا والـحيّ تـولّت حسّده
ولـهيب فؤاد iiأضرمه بـزلال الـريق iiأبرده
ويميت القلب iiوينشره سـيف عـيناه iiتجرده
زمـن تجب النعماء له جحد الباري من يجحده
عـجباً للخذ iiبنارالورد جـلا الأبـصار iiتوقده
أيـعود زمان الفوز iiبه ويـشاهدني iiوأُشـاهده
كـمشاهدتي لكتابة iiمن هـو فرد الدهر iiوسيده
هـو حيد أهل العلم iiله مـلك بـالنظم iiيسدده
ولـه مـن خالقه iiنظرٌ مـا بـين الخلق يؤيده
ادب الطف ـ الجزء الثامن 121
مـولى لـلنظم iiيـكمّله فـيقيم الـملك ويـقعده
نـفحات الطي iiبعنصره تـبدو ، والطيّب iiمولده
صـلحت لـله سريرته فـالصالح ما كتبت iiيده
يـا ثالث بدري iiعالمنا بـل أنت لفضلك مفرده
مَـن قاسك في أحد iiفأنا في وصف علاك iiافنّده
مولى يحلو لي المدح به فـلهذا رصـت iiأُردده
ترجم له صاحب الذريعة وصاحب الحصون المنيعة وقالت : كانت لي معه صحبة
وصداقة وسافر إلى عدن ونال منها ثروة عظيمة ، وكان عالماً بالايقاع
مشهوراً بصناعة الموسيقي وقد تخرج عليه جماعة ، وكان له ديوان شعر قد
جمعه في حياته وله شعر كثير في مدح الأئمة عليهم السلام وله اليد
الطولى في التشطير والتخميس أقول : ذكر أكثره الخاقاني في (شعراء
الحلة) واليعقوبي في (البابليات) ، وقال يرثي أمير المؤمنين عليه
السلام :
أيـا عين جودي في دم الدمع iiواجمدِ ويـا نـار قـلبي كـيف لـم تتوقد
وهـذا أمـير الـمؤمنين أصابه iiابن مـلـجم فــي مـحـرابه iiبـمهند
فـيا شـمس غيبي يا نجوم تساقطي فـسرّ هـداك مـات في سيف iiملحد
فـمن لـليتامى والأيـامى ومَـن iiبه بـنو مـضر تـعلو بـمجدٍ iiوسؤدد
وصـيّك يـا خـير الـنبيين iiرأسه لقد شجّ في المحراب في سيف معتدي
تـهدم مـن ذاك الحمى اليوم iiسوره فـقم وانـشر الرايات في كل iiمشهد
ونـادي بأعلى الصوت يا آل iiغالب غـدا الدهر في قطع من الليل iiأسود
أيـضرب بـالمحراب رأس iiعميدكم ويـلـتذّ مـنـكم هـاشميٌ iiبـتمرقد
سـيوفكم فـلّت أم الـخيل iiعـطّلت أُم الـسمر أمـست بـينكم في iiتأوّد
فــوالله لا أنـسى عـليا iiوشـيبه يـخضب مـن قـانى الـدم المتورد
وحــفّ بـه أبـناؤه iiوتـصارخت عـليه الـيتامى مـن ذرارى iiمحمد
ادب الطف ـ الجزء الثامن 122
وأعـول جبريل الأمين تهدمت من الدين أركان بها الدين يهتدى
الا إن أشـقى الأشـقياء بسيفه تـعمّد أتـقى الأتقيا صهر أحمد
وكـبّرت الأملاك في أفق iiالسما وكلٌ ينادي مات والله iiسيدي(1)
وقال مخاطباً أبا الفضل العباس ابن أمير المؤمنين عليهما السلام :
أبـا الفضل يا من به iiيُرتجى مـحط الـخطايا من المذنبين
فـحقق رجـائي بـما iiرمـته فـأنت الـمشفع في iiالعالمين
وأنت ابن قطب رحى الكائنات وصـي الـنبي الكتاب iiالمبين
فــلا تـتركني فـي حـيرة فـغيركم لـيس لي من iiمعين
وترجم له الشيخ محمد حرز الدين في (معارف الرجال) وأتى على طائفة من
شعره وقال : توفي في طهران سنة (1320) واقبر هناك بمقبرة الشاه عبد
العظيم الحسني .
(1) عن مخطوط الدر المنظوم في الحسين المظلوم للسيد حسن الموسوي الخطيب
.
|