ادب الطف

 
 

ادب الطف ـ الجزء الثامن 214

السيد علي الأمين

المتوفى 1328

قال مخمساً أبيات السيد حسين ابن السيد مهدي القزويني المتوفى سنة 1325 وأصل الأبيات في مدح أمير المؤمنين علي :

 بنفسي الحسين سقته عداه     كؤوس المنون وساقت نساه

فقل للوصي وحامي حماه     أبا حسن أنت عين الاله

فهل عنك تعزب من خافيه

أما هتفت بك بين الطغاة     نساك وأنت حمى الضائعات

وأنت المرجّى لدى النائبات     وأنت مدير رحى الكائنات

وإن شئت تسفع بالناصيه

أتقعد يا سيد الأوصياء     ووترك بين بني الأدعياء

وتجثو وذا الكرب يقفو البلاء     وأنت الذي امم الأنبياء

لديك إذا حشرت جاثية(1)

* * *

السيد علي السيد محمود الأمين كان عالماً محققاً مدققاً فقيهاً اصولياً قوي الحجة . ترجم له السيد الأمين في الأعيان فقال : كان ورعاً شاعراً أديباً نقاداً للشعر مهيباً مطاعاً نافذ الكلمة محمود النقيبة اتفقت على حبه وتعظيمه

(1) ظرافة الأحلام في النظام المتلو في المنام ، للشيخ محمد السماوي ، مرّ في صفحة 104 قصة هذه الابيات والحلبة الشعرية حولها ومنهم السيد المترجم له .

ادب الطف ـ الجزء الثامن 215

جيمع الناس من جميع المذاهب . ولد في شقرا من قرى جبل عامل ـ لبنان في حدود سنة 1276 وتوفي ليلة السبت 11 شوال 1328 هـ فيكون عمره نحواً من اثنين وخمسين سنة قضاها في خدمة العلم إفادة واستفادة وتأييد الدين وقضاء حوائج المؤمنين . وبعدما حفظ القرآن في مدة يسيرة ولما يبلغ السبع تفرغ لطلب العلم وتوجه للنجف في حدود سنة 1290 وعمره نحو 14 سنة وكان يقول : بلغت الحلم في النجف فقرأ علوم العربية والاصول على الشيخ احمد ابن الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر ـ الذي كان وحيداً في توقد الذهن وطيب الأخلاق ، كما قرأ على الشيخ محمود ذهب ، هذا في السطوح وأما درس الخارج فقرأ في الفقه والاصول على الفقيه الشيخ اغا رضا الهمداني صاحب مصباح الفقيه وغيره من المصنفات وعلى الشيخ محمد حسين الكاظمي صاحب هداية الأنام في شرح شرائع الاسلام ، وفي الاصول على ا لشيخ ملا كاظم الخراساني صاحب الكفاية وغيرها ، وتخرج على يده في العراق ولبنان عدد كثير من العلماء والفضلاء وكان يقول : باحثتُ المطول للتفتا زاني أربع عشرة مرة ، وبقي في النجف الأشرف في خدمة العلم نحواً من إحدى وعشرين سنة ، وهذه ألوان من شعره ، قال مخمساً بيتين لبعض المتقدمين في مشهد الحوراء زينب بنت امير المؤمنين (ع) بقرية راوية من دمشق الشام :

 لبنت خير الورى طراً وبضعته      قبرٌ ملوك الورى تعنو لهيبته

فقلت مذ فزت في تقبيل تربته      مَن سره أن يرى قبرا برؤيته

يفرج الله عمن زاده كربه

فذا إذا الطرف من بُعد تبيّنه     رأى من العالم العلوي أحسنه

ومن يوم إن دهاه الخوف مأمنه     فليأت ذا القبر إن الله أسكنه

سلالة من رسول الله منتجبه

روى السيد الأمين في الأعيان جملة من مراسلاته وما قيل في رثائه من النظم تغمده الله برحماته .

ادب الطف ـ الجزء الثامن 216

الشيخ عبّود الطريحي

المتوفى 1328

الشيخ عبود الحاج سالم الطريحي شاعراً أديباً ظريفاً حاضر النكتة فكه الحديث ، ولد بالنجف عام 1285 وشبّ ونمى بين أديب وعالم ومؤرخ وتدرج على الخطابة مضافاً إلى الكسب ويلازم ديوان أبيه الشاعر الكبير الحاج سالم وهو حافل كل ليلة بالادباء والعلماء فمن حيث يريد ولا يريد نظم الشعر وبرع فيه ، فمن مرتجلاته في شهر رمضان :

أقـبل  شـهر الله قـم iiواستعد      لـصومه مـع التقى iiوالصلاح
شـهر بـه الـرحمة قد iiأنزلت      فأطلب به الرحمة وأرج السماح
دع الـملاهي عـنك وادعو iiبه      دعـا لـنهار ، ودعـا الافتتاح

ومرّ يحمل كمية من (الخيار) وذلك في تموز فجاء به لأهله وارتجل :

 قد ذاب قلبي مـن هوى تموز     من حرّه قد جفّ ماء الكوز

في السوق (رقيٌ) وإني مفلس     بـردته بخيارة العطـروز

نظم في الغزل قصيدة مطلعها :

 رق ماء الحسن في الخدّ الأسيل     من غزال ناعس الطرف كحيل

ترجم له عبد المولى الطريحي في (الاسرة الطريحية) والخاقاني في شعراء الغري وذكر له مقطوعة شعرية في الإمام الحسين (ع) أولها :

 إذا شئت النجاة من العقاب      ومن هول القيامة والحساب

فبادر للحسين وقف وسلّم     عليه بانكسـار وانتحـاب

ادب الطف ـ الجزء الثامن 217

الشيخ حسين الكربلائي

المتوفى 1328

قال من قصيدة في رثاء الامام الحسين عليه السلام مطلعها :

 ألا مَن مجيري من عيون فواتر     لعبن بألباب الكماة القساور

إلى أن يتخلص لفاجعة كربلاء فيقول :

قضى ضامياً في الطف سبط محمد      خميض الحشا تحت القنا iiالمتشاجر
بأهلي  ونفسي صادي القلب iiطاوياً      ومـن  دمـه تروى شفار iiالبواتر
رمـته بـنو حـرب بأسهم iiبغيها      ولـيس لـديه مـن محام iiوناصر
نسوا  جده الهادي النبي iiوضيعشوا      بـقتلهم الـسبط قـربى iiالأواصر
بـعتبة جـاؤا يـطلبون iiبـثأرهم      مـن الله لا مـن حيدر يوم iiعاشر

ترجم له صديقنا الأديب سلمان هادي الطعمة وذكر له جملة من النوادر وشيئاً من الشعر في الغزل ويكفينا أن أشرنا اليها ، كما ترجم له الشاب الاستاذ موسى الكرباسي في مؤلفه : البيوتات الأدبية في كربلاء ، ويؤسفنا أن هذا الكتاب لا تكاد تخلو صفحة من صفحاته من أغلاط مطبعية أما الشعر فيكاد أن يكون ممسوخاً . أملنا العناية بالكتاب في الطبعة الثانية بعون الله .

ادب الطف ـ الجزء الثامن 218

السيد مهدي البغدادي

المتوفى 1329

شاهد هلال المحرم فقال :

 تنهـلّ أدمـع مقلتي     إن قيل لي هلّ المحرم

ما إن ذكرت مصيبة      لكنمـا ذكـراه مـأتم

وشاهد مأتما لعزاء الإمام الحسين قد أقامه أحد العلويين وضرب خيمة على المأتم فقال :

ضرب الرواق يقيم مأتم جده      وهو الحقيق بأن يقيم المأتما

متصدراً فـي دستـه فكأنه      شخص النبي مخاطباً ومكلما

السيد مهدي البغدادي النجفي الشهير بأبي الطابو ينتهي نسبه إلى الإمام موسى الكاظم (ع) . ولد ببغداد عام 1277 هـ وهاجر أبوه إلى النجف فحمله معه ونشأ بها فدرس المقدمات من نحو وصرف ومنطق وبلاغة ، ذكره جمع من الاعلام منهم (صاحب الحصون) ومال إلى قرض الشعر ، وكان رحمه الله رقيق الروح خفيف الطبع ، ولع آخر حياته بالزراعة ، ومن آثاره الأدبية منظومة في المعاني والبيان أسماها (اللؤلؤ والمرجان) ومن ملحه ونوادره أن الخطيب الشيخ كاظم سبتي لما هاجر من النجف إلى بغداد حصلت منافسة بينه وبين خطيب بغداد السيد عباس الموسوي وانقسم البغداديون شطرين بين هذين الخطيبين واحتكموا إلى المترجم له فقال :

ادب الطف ـ الجزء الثامن 219

أتراجم الخير من همج رعاع     قد ابتدلوا بعباس (ابن سبتي)

فكانـوا يسجـدون إذا رأوه     ولا عجـب فهم أبناء سبت

ومن مرتجلاته أن السلطان ناصر الدين شاه لما زار النجف أهدى (عصى) إلى بعض العلماء فقال السيد مهدي :

 عصاً كعصى موسى ولكن تقلها     يـدٌ طالما أحيت مكارمها الخضرا

وقـد قال قوم إنها سحر ساحر     فقلت اخسؤا هذي التي تلقف السحرا

ترجم له البحاثة المعاصر علي الخاقاني في شعراء الغري فذكر جملة من بنوده ورسائله ومحاسن تواريخه التي نظمها في مناسبات تاريخية وحوادث ذات شأن وألواناً من شعره في الغزل والفخر والحماسة فهو يتحمس في قصيدة جاء في أولها :

 بماضي رهيف العزم أقتحم الصعبا     وبالهمة القعساء أقتلع الهضبا

عليّ أثام العرب إن ضلّ صارمي     ولم يحتلب غلب الرقاب له شربا

وله الكثير من أدب المراسلات وأكثرها مع المرحوم السيد حسين القزويني ، فقد قال في مراسلة عام 1320 هذا أولها :

صنت سمعي عن عاذل فيك لاحي      ظـن  بـالعذل يـستلين iiجماحي
تـربـت  كـفه فـقد رام iiأمـراً      دونـه وقـع دامـيات iiالـصفاح
أيـن حـال الـخليّ من ذي صبا      بـات بـرت جسمه كبري iiالقداح
قـد رمـته يـد الـغرام iiسـهاماً      بـات مـنها عـلى أمضّ iiجراح
لا تـلـمني فـلست أول iiصـبٍّ      دنـف القلب وهو في جسم iiصاح
إن صـبا فهو لا إلى المقل iiالنجل      وإن  هــام لا بـذات iiالـوشاح
عـمرك  الله هـل تـعود iiلـيال      هـي  أصفى من الزلازل iiالقراح
وأمـا والـهوى وخـمر iiثـناياك      ولالاء جــيـدك iiالــوضـاح

ادب الطف ـ الجزء الثامن 220

مـا  بـأرض الغري بعدك iiيحلو      فـي عـبوقي ولا يلذّ iiاصطباحي
أرقــب الـثاقبات والـليل iiداج      لـم أخـله يـنشق عـن iiإصباح
وإذا نـاحت الـحمامات في iiفرع      أراك شـاطـرتـها بـالـنـياح
أتـرى  أجـلب الـليالي iiصفاءاً      ومـن  الـهم أتـرعت أقـداحي
ذهـبت  بـهجة الـزمان iiوولّت      جـدّة  الـعمر وانطفى iiمصباحي
أيـها الممتطي جسوراً من iiالنيب      تـلفّ  الـحزون لـفّ iiالـبطاح
لا يـشق الـنسيم مـنها iiغـباراً      بــغـدوٍّ إن أدلـجـت iiورواح
خض بها غامض السرى واقتعدها      وأقـمـها  بـالـمندل iiالـنـفاح
بـربـوع  شـقـيقهن iiخــدود      بـغوان يـبسمن لا عـن iiأُقـاح
جـدّ قـلب الـمشوق فيها iiولوعاً      بـنـفور  لا بـالحسان iiالـملاح
عـلم  الـصبر أنـني فـيه iiحرٌ      لـم أدع مـا عليه ضمت iiجناحي
ولـو  أنـي جـزعت ما غلبتني      بـبـكاء  حـمـامة أو iiنـيـاح
إن قـلبي مـن الـزمان جـريح      وجـريح  الزمان صعب iiالجراح
سـل  ربوع الغري هل لاح iiفيها      بـعد فـقد الحبيب ضوء الصباح
أيـن شـملي أم أين مجمع iiأُنسي      فـكأني  قـد كنت في iiضحضاح

تعليق :

أقول والضحضاح هو القليل من الماء الذي لا يغمر القدم ، فلا تطلق العرب كلمة : ضحضاح إلا على الماء القليل ، ولكن المغيرة بن شعبة وهو المعروف ببغضه لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، اختلق حديثاً كاذباً فزعم أن النبي (ع) قال : إن عمي أبا طالب في ضحضاح من نار . أبو طالب هو المحامي الأول عن بيضة الاسلام وهو الكافل للنبي والمدافع عنه بالنفس والمال والأهل والعشيرة وهو القائل كما رواه الالوسي في شرح القصيدة المطولة :

 كذبتم وبيت الله نخلي محمداً      ولما نطاعن دونه ونناضل

ادب الطف ـ الجزء الثامن 221

لـعمري لقد كلّفتُ وجداً iiبأحمد      وأحببته حب الحبيب المواصل
وأبيض يستسقى الغمام iiبوجهه      ثـمال اليتامى عصمة للأرامل
تطوف به الهلاك من آل iiهاشم      فـهم  عنده في نعمة iiوفواضل

ويقول :

إصدع بأمرك ما عليك غضاضة      وافـرح وقـرّ بذاك منك iiعيونا
والله لـن يـصلوا اليك iiبجمعهم      حـتى  أُوسـدّ في التراب iiدفينا
ولـقد عـلمت بـأن دين iiمحمد      مـن  خـير أديـان البرية دينا
ودعوتني  ، وعلمت أنك iiصادق      فـيما  تـقول ، وكنتَ ثمّ iiأمينا

ويقول ـ كما رواه البخاري في تاريخه الصغير :

 لقـد أكـرم الله النبي محمداً     فاكرم خلق الله في الناس احمد

وشـقّ له مـن اسمه ليجلّه     فذو العرش محمود وهذا محمد

ثم يخاطب أخاه الحمزة بن عبد المطلب ويقول :

 صبوراً أبا يعلى على دين احمد     وكن مظهراً للدين وفّقتَ صابرا

فقد سرني إذ قيل أنك مؤمن     فكن لرسول الله في الله ناصرا

ثم يخاطب ولديه ، علي وجعفر :

إن عـليا وجـعفراً iiثـقتي      عـند ملمّ الخطوب iiوالنوب
والله  لا أخـذل الـنبي ولا      يـخذله  من بنيّ ذو iiحسبِ
لا تخذلا وانصرا ابن عمكما      أخـي لامي من بينهم iiوأبي

تتمة ترجمة الشاعر :

الظاهر من شعره ـ والشعر مرآة قاله ـ انه كان قوي الشخصية صارم الارادة يقول الخاقاني في شعراء الغري : وله قصص تعرب عن ذلك ، ومن العجيب صلته بالعلامة السيد حسين ابن السيد مهدي القزويني فان أكثر بنوده

ادب الطف ـ الجزء الثامن 222

ورسائله وشعره ومراسلاته هي في السيد حسين ولكن يخفف العجب أن هذه الاسرة الكريمة أعني آل القزويني تتحلى بالظرف والأدب وسماحة النفس وطيب السريرة وحسن السيرة . مضافاً إلى أن المترجم له كان تلميذاً للسيد العلامة السيد حسين فهو يحفظ له هذا الحق وهو حق التلمذة . ذكر الخاقاني للمترجم له ثمانية بنود وجملة من الرسائل وعشرات من التواريخ والمراسلات ولنستمع اليه يؤرخ حبيبه وأليفه العلامة السيد حسين القزويني بقوله :

مـررت  عـلى قبر الحسين وإنني      لـفي  عـجب كيف التراب يواريه
ومَـن  وسـع الـدنيا علوما iiونائلا      فكيف استطاعت هذه الأرض تحويه
تضمن  هذا القبر بحرين : من iiندى      وعـلم  وكـل مـنهما مـدّه iiفـيه
فـمـا إن تـغشاه الـتراب وإنـما      بـأنـواره  بـاريه أرخ ii(يـغشيه)

وأورد نماذج من رجزه ومنظومته في (الشطرنج) ومدح ورثاء وغزل يتكون منها ديوان قائم بنفسه ، ومن ثنائياته قوله في مقام الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بمسجد الكوفة ، وهو المكان الذي استشهد فيه عليه السلام :

وعجبت من قوم قد ادعت الولا      لـلمرتضى  صنو النبي iiمحمد
أن لا تسيل نفوسهم في iiموضع      سـالت  عـليه دماء أكرم سيد
أو لـم تـكن تدري بأن iiإمامها      لاقى  الحمام هنا بسيف iiالملحد

ادب الطف ـ الجزء الثامن 223

السيد باقر الهندي

المتوفى 1329

قال يرثي مسلم بن عقيل بن أبي طالب :

بـكتك دماً يابن عمّ iiالحسين      مـدامع شـيعتك iiالـسفاحه
ولا برحت هاطلات iiالعيون      تـحييك غـشادية iiرائـحه
لأنـك  لـم ترو من iiشربة      ثـناياك فـيها غدت iiطائحة
رموك من القصر إذ أوثقوك      فهل  سلمت فيك من جارحه
وسـحبا  تـجرّ iiبـأسواقهم      ألـستَ أمـيرهم iiالـبارحه
قُـتلتَ ولـم تبكك iiالباكيات      أمالك  في المصر من iiنائحه
قُتلتَ  ولم تدرِ كم في iiزرود      عـليك  العشية من iiصائحه

وصدرها الخطيب الأديب الشيخ قاسم ابن الشيخ محمد الملا بـ 14 بيتاً ، وذيّلها بـ 4 أبيات ، وأتمها الشاعر الشيخ محمد رضا الخزاعي بـ 9 أبيات على الوزن وهذا تصدير الشيخ قاسم :

لـحيّكم مـهجتي iiجـانحه      ونـحوكم  مـقلتي iiطامحه
واستنشق الريح إن iiنسّمت      فبالأنف  من نشركم iiفائحه
وكـم  لي على حيكم iiوقفة      وعـينيَ  في دمعها سابحه
تعايشن  أشباح تلك الوجوه      فـلا برحت نحوكم iiشابحه
وكم ضبيات بها قد iiراعت      بقيصوم قلبي غدت سارحه

ادب الطف ـ الجزء الثامن 224

وكـم لـيلة بسمار iiالحبيب      شـؤون  الغرام لها iiشارحه
تقضّت ومن لي بها لو تعود      فـكيف وقـد ذهبت iiرائحه
وعـدت  غريباً بتلك الديار      أرى  صفقتي لم تكن رابحه
كـما  عـاد مسلم بين العدا      غـريباً وكـابدها iiجـائحه
رسول حسين ونعم iiالرسول      الـيهم  من العترة iiالصالحه
لـقد  بـايعوا رغـبة منهم      فـيا بـؤس للبيعة iiالكاشحه
وقـد خـذلوه وقـد iiأسلموه      وغـدرتهم لم تزل iiواضحه
فـيا بن عقيل فدتك النفوس      لـعظم  رزيـتك iiالـفادحه
لـنبك  لـها بمذاب iiالقلوب      فـما قـدر أدمـعنا iiالمالحه

والتذييل :

وكـم طفلة لك قد iiأعولت      وجمرتها في الحشى قادحه
يعززها  السبط في iiحجره      لـتغدو  فـي قربه فارحه
فـأوجعها  قـلبها iiلـوعة      وحـست  بنكبتها iiالقارحه
تقول  مضى عمّ مني iiأبي      فـمن  لـيتيمته iiالـنائحه

السيد باقر ابن السيد محمد ابن السيد هاشم الهندي الموسوي النقوي الرضوي النجفي ، عالم فاضل وأديب شاعر ظريف لطيف حسن الأخلاق حلو المعاشرة ذكي لامع نظم فأبدع وسابق فحلّق وله مراثي كثيرة في أهل البيت لا زالت تقرأ وتعاد في مجالس العزاء ويحفظها الجمّ الكثير من رواد المجالس حتى العوام ، سمعت من علماء النجف أنه كان إذا حدّث لا يملّ حديثه وينظم الشعر باللغتين الفصحى والدارجة ، فمن شعره قوله :

 بزغت فلاح البشر من طلعاتها     والسعد مكتوب على جبهاتها

بيض كواعب في شتيت ثغورها     قد كان للعشاق جمع شتاتها

ادب الطف ـ الجزء الثامن 225

وافـت كـأمثال الـظباء iiوبينها      ذات الـدلال دلالـها مـن iiذاتها
نـجـدية  بـدويـة iiأجـفـانها      سـرقت مـن ألارام لحظ iiمهاتها
نـشرت عـلى أكـتافها iiوفراتها      شمسِ  سمات الحس دون iiسماتها
كالبيض في سطواتها والسحر في      وخـزاتها  والـريم فـي iiلفتاتها
سـلّت  صـحيفة مـقلة iiوسنانة      حـتى رأينا الحتف في iiصفحاتها

وترجم له الخاقاني شعراء الغري فقال : هو أبو صادق ينتهي نسبه إلى الإمام علي الهادي عليه السلام ، شاعر شهير وأديب كبير وعالم مرموق . ولد في النجف الأشرف 1284 ونشأ بها على أبيه وفي عام 1298 سافر بصحبة والده إلى سامراء لتلقى العلم من الإمام الشيرازي ثم رجع مع أبيه سنة 1311 وعندما حلّ في سامراء أخذ الفقه والاصول من بعض الأساتذة .

ذكره فريق من الباحثين منهم صاحب الحصون المنيعة ونعته بالعالم الفاضل الأديب الكامل ، المنشئ الشاعر وذكر جملة من أساتذته ، أقول وأعطاني المرحوم السيد حسين ولد المترجم له ورقة فيها ترجمة شاعرنا وقال لي : إني كتبتها بخطي وحسب ما أعرف عن المترجم له وفيها : العلامة الفقيه الحكيم المتكلم السيد باقر نجل آية الله السيد محمد الهندي . ولد في غرة شعبان 1284 ونشأ منشأ طيباً في زمن صالح وتعلّم القرآن والكتابة في مدة يسيرة وكان مولعاً بالامور الاصلاحية وله في ذلك مواقف مشهودة وله مؤلفات لم تزل مخطوطة نحتفظ بها ، منها رسالة في (حوادث المشروطة) فيها ما يهم رجال الاصلاح والدعاة المصلحين كما كتب في الأخلاق . وكان شديد الولاء لأهل البيت عليهم السلام عظيم التعلّق بمودتهم ، وفي الليلة الثالثة من جمادى الثانية في سني إقامتنا بسر من رأي ، رأى في المنام كأنه جالس بحضرة وليّ الأمر وصاحب العصر وهو في قصر مشيد فجعل يخاطبه قائلاً : سيدي هل يغيب عنك ما حلّ باسرتك الطاهرة ولو لم يكن إلا ما جرى على امك الزهراء ، فحنّ الإمام عليه السلام والتفت اليه قائلاً :

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث