ادب الطف

 
 

ادب الطف ـ الجزء الثامن 260

الشيخ مهدي الخاموش

المتوفى 1332

الشيخ مهدي ابن الشيخ عبود الحائري الشهير بـ الخاموش وهي كلمة فارسية تعني خفوت الصوت فيقال : خاموش شد(1) .

ولد بكربلاء حدود سنة 1260 وتوفي بها سنة 1332 وتدرج على مجالس العلم وأندية الأدب فبرع في الخطابة بحسن التعبير وجميل الاسلوب ونظم في كثير من المناسبات من مدح ورثاء وتهان وأعظم حسنة له أن تخرّج على يده السيد جواد الهندي خطيب كربلاء ، وعمّر المترجم له حتى تجاوز السبعين من العمر ومن قصائده المشهورة قيدته في الإمام الحسين عليه السلام ـ وأكثر شعره في أهل البيت :

 أما والهوى والغانيات الكواعب      بغير ذوات الدل لستُ براغب

وفي آخرها يصف ندبة عيال الحسين على مصارع القتلى :

 تناديه مذ ألفته في الطف عارياً     بأهلي مرضوض القرى والجوانب

فمن لليتامى يابـن امّ وللنسـا     إذا طـوّحت فـيها حداة الركائب

(1) يقال أنه عرضت له لحّة في صوته فصار إذا تحدث للناس لا يسمع صوته كاملاً ، فكان بعض الايرانيين يقول عنه : خاموش شد ـ أي خفي صوته ، وسلاح الخطيب نبرات الصوت ، ولذا نجد الناجح من الخطباء هو ذو الصوت الجهوري . يقول ايليا أبو ماضي :
الصوت من نعم الاله ولم تكن     ترضى السما إلا عن الصداح

ادب الطف ـ الجزء الثامن 261

السيد جواد الهندي

المتوفى 1333

رحـلتم  ومـا بـيننا iiموعد      وإثـركـم قـلـبيَ iiالـمكمد
وبـتّ  بداري غريب iiالديار      فـلا  مـونس لي ولا iiمسعد
وفـارق  طرفيَ طيب iiالرقاد      وفـي سـهده يـشهد iiالمرقد
أُعـللّه  نـظرة فـي iiالنجوم      وشـهب الـنجوم لـه iiتشهد
أقـوم  اشـتياقاً لـكم iiتـارة      واخـرى  عـلى بعدكم iiأقعد
بـكفي  اكفكف دمعي iiالغزير      فـيـرسله طـرفي iiالأرمـد
يـطارح بالنوح ورق iiالحمام      بـتـذكاركم قـلبي iiالـمنشد
ومـا كـان يـنشد من iiقبلكم      فـقيداً  فـلا والـذي iiيـعبد
سـوى  من بقلبي له iiمضجع      ومـن بـالطفوف لـه iiمشهد
ومـن  رزؤه مـلأ iiالخافقين      وان نـفـد الـدهر لا يـنفد
فـمن  يسأل الطف عن iiحاله      يـقـصّ عـليه ولا iiيـجحد
بــأن الـحـسين وفـتيانه      ظـمايا بـأكنافه iiاسـتشهدوا
أبـا  حـسن يا قوام iiالوجود      ويـا من به الرسل قد iiسددوا
دريـت وأنـت نزيل iiالغري      وفـوق الـسما قطبها iiالأمجد
بـأن بـنيك بـرغم iiالـعلى      عـلى خطة الخسف قد iiبددوا
مضوا بشبا ماضيات السيوف      ومـا  مُـدّ لـلذلّ مـنهم iiيد

ادب الطف ـ الجزء الثامن 262

السيد جواد بن السيد محمد علي الحسيني الأصفهاني الحائري الشهير بالهندي الخطيب . ولد سنة 1270 . وتوفي بعد مجيئه من الحج في كربلاء سنة 1333 ودفن فيها كان فاضلاً تلمذ على الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري في الفقه وكان من مشاهير الخطباء طلق اللسان أديباً شاعراً . نقرأ شعره فنحسّ منه بموالاة لأهل البيت وتفجّع ينبع من قلب جريح ينبض بالألم لما أصاب أجداده وأسياده ، حدثني الخطيب المرحوم الشيخ محمد علي قسام ـ وهو استاذ الفن(1) ـ قال : كانت له القدرة التامة على جلب القلوب وإثارة العواطف وانتباه السامعين سيما إذا تحدث عن فاجعة كربلاء فلا يكاد يملك السامع دمعته ، ونقل لي شواهد على ذلك وكيف كان يصوّر الفاجعة أمام السامع حتى كأنه يراها رأي العين ، والخطيب قسام كان متأثراً به كل التأثر ويتعجب أن يكون مثل هذا من خطيب لم تزل اللكنة ظاهرة على لسانه .

رأيت له عدة مراثي لأهل البيت فاخترتُ منها ما وقع نظري عليه يقول الأخ السيد سلمان هادي الطعمة في (شعراء من كربلاء) كان مولد المترجم له في كربلاء في النصف الثاني من القرن الثالث عشر ، ونشأ وترعرع في ظل اسرة علوية تنتسب للامام الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، بدأ تحصيله العلمي بدراسة الفقه على العالم الكبير الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري وغيره من علماء عصره ، وحين ما وجد في نفسه الكفاءة والقدرة على الخطابة تخصص بها وأعانه صوته الجهوري مضافاً إلى معلوماته التاريخية وجودة الالقاء فدعته بيوت العلماء للخطابة فيها واعتزّت به وأكرمته ، قال الشيخ السماوي في إرجوزته المسماة (مجالي اللطف بأرض الطف) :

وكـالخطيب الـسيد iiالـجواد      والـصارم  الهندي في iiالنجاد
فـكم  لـه شعر رثى iiالحسينا      أورى الحشى فيه وأبكى العينا
بـكى وأبكى وحوى iiالصفات      فـأرخوه  (أكـمل iiالخيرات)

(1) خطيب شهير خدم المنبر الإسلامي ردحاً من الزمن كما خدم المبدأ وهو من شعراء الحسين عليه السلام .

ادب الطف ـ الجزء الثامن 263

وذكره السيد الأمين في الأعيان ، قال : رايته في كربلاء وحضرت مجالسه ، وجاء إلى دمشق ونحن فيها في طريقه إلى الحجاز لاداء فريضة الحج ومن شعره قوله :

 الا هل ليلة فيها اجتمعنا     وما إن جاءنا فيهـا ثقالُ

ثقال حيثما جلسوا تراهم     جبالا ، بل ودونهم الجبال

ترجم له الخطيب اليعقوبي في حاشية ديوان أبي المحاسن وقال في بعض ما قال : وما رأيتُ ولا سمعت أحداً من الخطباء أملك منه لعنان الفنون المنبرية على كثرة ما رأيت منهم وسمعت ، فقد حاز قصب السبق بطول الباع وسعة الاطلاع في التفسير والحديث والأدب واللغة والأخلاق والتاريخ إلى غير ذلك ، توفي ليلة الأحد عاشر ربيع الأول 1333 وعمره يربو على الستين ، له ديوان شعر حاوياً لجميع أنواع الشعر وخير ما فيه رثاؤه لأهل البيت فاستمع إلى قوله في سيد الشهداء ابي عبد الله من قصيدة مطوّلة :

غريب  بأرض الطف لاقى iiحمامه      فـواصله بـين الـرماح الشوارع
أُفـدّيه  خـواض الـمنايا غمارها      بـكل فـتى نـحو المنون iiمسارع
كماة مشوا حرّى القلوب إلى الردى      فـلم يردوا غير الردى من iiمشارع
فـمن كـل طـلاع الثنايا iiشمردل      طـلوب  المنايا في الثنايا iiالطوالع
ومن كل قرم خائض الموت حاسراً      ومـن كـل لـيث بالحفيظة iiدارع
تـفانوا ولـما يبق منهم أخو iiوغىً      عـلى  حومة الهيجا لحفظ iiالودائع
فـلم أنس لما أُبرزت من iiخدورها      حرائر بيت الوحى حسرى iiالمقانع
سـوافر مـا أبـقوا لـهن سواتراً      تـسترّ  بـالأردان دون iiالـبراقع
وسـيقت إلى الشامات نحو iiطليقها      نـكابد أقـتاب الـنياق iiالـظوالع
وكـافلها  الـسجاد بـين iiعـداته      يـصفّد  فـي أغـلالهم iiوالجوامع
تـلوح  لـه فوق العواسل iiأرؤسٌ      تـعير  ضـياها لـلنجوم iiالطوالع

ادب الطف ـ الجزء الثامن 264

وله جملة من المراثي يجمعها ديوانه المخطوط ، وحين وافاه الأجل رثاه جملة من شعراء عصره منهم الشاعر الكبير محمد حسن أبو المحاسن ومطلع قصيدته :

 ليومك في الأحشاء وجدٌ مبرّح     برحت ولكن الأسى ليس يبرح

سبب اشتهاره بالهندي لسمرة في لونه أو لأنه ينحدر من سلالة كانت تسكن الهند والله أعلم ، وكان يجيد الخطابة باللغتين العربية والفارسية ، وأعقب ولداً وهو السيد كاظم المتوفى 1349 هـ وهو أيضاً من خطباء المنبر الحسيني وقد شاهدته بكربلاء .

وللسيد جواد الهندي في الحسين :

اقـاسي  مـن الدهر الخؤن الدواهيا      ولـم تـرني يـوماً من الدهر شاكيا
لمن أظهر الشكوى ولم أرَ في الورى      صـديقاً  يـواسي أوحـميماً iiمحاميا
وإني لأن أُغضي الجفون على iiالقذى      وأمـسي  وجـيش الهم يغزو iiفؤاديا
لأجدر  من أن أشتكى الدهر iiضارعاً      لـقوم بـهم يـشتد فـي القلب iiدائيا
ويـا لـيت شعري أيّ يوميه اشتكى      أيـوماً  مـضى أم مـا يكون iiأماميا
تـغـالبني  أيـامـه iiبـصـروفها      وســوف أرى أيـامـه iiوالـلياليا
إبـاءً بـه أسـمو عـلى كل iiشاهق      وعـزماً  يـدك الشامخات iiالرواسيا
وإنـي مـن الأمـجاد أبـناء iiغالب      سـلالة  فـهر قـد ورثـت إبـائيا
أبـاة  أبـوا لـلضيم تـلوى رقابهم      وقـد صافحوا بيض الضبا iiوالعواليا
غــداة  حـسين حـاربته iiعـبيده      ورب عـبـيد قـد أعـقت مـواليا
لـقـد سـيرتها آل حـرب كـتائباً      بـقسطلها  تـحكي الـليالي الدياجيا
فـنـاجزها حـلف الـمنايا iiبـفتيةٍ      كــرام يـعـدون الـمنايا iiأمـانيا
فـثاروا  لـهم شـمّ الأنوف iiتخالهم      غـداة  جـثوا لـلموت شماً iiرواسيا
ولـفّـوا  صـفوفاً لـلعدو iiبـمثلها      بـحدّ ظـبى تـثني الخيول العواديا

ادب الطف ـ الجزء الثامن 265

بـحيث غدت بيض الظبا في iiأكفهم      بـقاني  دم الأبـطال حـمراً iiقوانيا
واعـطوا رمـاح الخط ما iiتستحقها      فـتشكر حـتى الشحر منهم iiمساعيا
إلـى  أن ثووا صرعى ملبين iiداعياً      مـن  الله فـي حرّ الهجير iiأضاحيا
وعافوا  ضحى دون الحسين iiنفوسهم      ألا أفـتدي تـلك الـنفوس iiالزواكيا
ومـاتوا كـراماً بـالطفوف iiوخلّفوا      مـكارم تـرويها الـورى iiومـعاليا
وراح أخـو الـهيجا وقطب iiرجائها      بـأبيض  ماضي الحد يلقى iiالأعاديا
وصـال عـليهم ثابت الجأش ظامياً      كـما صـال ليثٌ في البهائم iiضاريا
فـردت  عـلى أعـقابها منه iiخيفة      وقـد بـلغت مـنها النفوس iiالتراقيا
وأورد فـي مـاء الـطلى حدّ iiسيفه      وأحـشاه  مـن حرّ الظماء كما iiهيا
إلـى أن رُمـي سهماً فأصمى iiفؤادَه      ويـا  ليت ذاك السهم أصمى iiفؤاديا
فـخرّ عـلى وجـه الصعيد iiلوجهه      تـريـب  الـمحيا لـلاله iiمـناجيا
وكادت له الأفلاك تهوي على iiالثرى      بـأملاكها  إذ خرّ في الأرض iiهاويا
تـنازع  فـيه الـسمر هندية iiالظبا      ومـن حوله تجري الخيول iiالأعاديا
ومـا  زال يـستسقي ويشكو iiغليله      إلى أن قضى في جانب النهر ضامياً
قـضى وانـثنى جبريل ينعاه معولاً      ألا قـد قـضى من كان للدين iiحاميا
فـلهفي  عـليه دامي النحر قد iiثوى      ثـلاث  لـيال فـي البسيطة iiعاريا
وقـد  عاد منه الرأس في ذروة القنا      مـنيراً  كـبد الـتمّ يـجلو iiالدياجيا

وللسيد جواد الحائري مرثية مطولة اخترنا منها :

أيّ طـرف يـلذّ طيب iiالرقاد      في مصاب أقرّ طرف الأعادي
مـا أرى لـلكرام أذكى iiلهيب      فـي  الحشا من شماتة iiالحساد
ولـذا  مـنهم النفوس iiالزاكي      طـربت  لـلجلاد يوم iiالجلاد
سـيما الـمصطفين فتيان فهر      سـادة الخلق حاظراً بعد iiبادي

ادب الطف ـ الجزء الثامن 266

الـمـلاقون  بـابـتسام iiوبـشر      وابـتـهاج ركـائـب iiالـوفـاد
وأولـوا  العزم والبسالة والحزم ii،      وحـلـم أرسـى مـن iiالأطـواد
إن ريب المنون شتتهم في الأرض      بـيـن  الأغــوار iiوالأنـجـاد
مـن طـريح على المصلى iiشهيد      قـد بـكته أمـلاك سـبع iiشـداد
يـا بـن عمّ النبي يا واحد iiالدهر      وكـهف  الـورى ويا خير iiهادي
أنـت  كـفؤ الـبتول بين iiالبرايا      يــا  عـديم الأشـباه iiوالأنـداد
عـجباً  لـلسماء كـيف iiاستقرت      ولـها قـد أُمـيل أقـوى iiعـماد
والـثرى  كـيف ما تصدّع شجواً      وبــه خــرّ أعـظم الأطـواد
وقـلوب  الأنـام لـم لا iiأُذيـبت      حـين  جـبريل قـام فيهم iiينادي
هـدّ  ركـن الـهدى وأعلام iiدين      الله  قـد نـكست بسيف iiالمرادي
واصـيب الإسلام والعروة iiالوثقى      وروح  الـتـقى وزيـن iiالـعباد
إن أتـقى الأنام أرداه أشقى iiالخلق      ثـانـي  أخـي (ثـمودَ iiوعـاد)
فـلـتبكّيه عـيـن كــل يـتيم      وعـيـون  الأضـياف iiوالـوفاد
يـا لـرزء قـد هدّ ركن iiالمعالي      حـيث  سـرّ العداة في كل iiنادي
عـدّه الـشامتون فـي الشام iiعيداً      أمـويـاً  مـن أعـظم iiالأعـياد
ومـصاب أبـكى الأنـام iiحـقيق      فـيه  شـق الأكـباد لا iiالأبـراد
وقـتيل  بـالسيف مـلقى iiثـلاثاً      عـافر الـجسم في الربى iiوالوهاد
لـسـتُ أنـساه إذ أتـته iiجـنود      قـد  دعـاها لـحربه ابـن iiزياد
فـغدا يـحصد الـرؤوس iiويؤتي      سـيـفه حـقـه بـيوم iiحـصاد
كــاد أن يـهلك الـبرية iiلـولا      أن  دعـاه الالـه فـي خير نادي
بـأبي  ثـاويا طـريحاً iiجـريحاً      فـوق  أشـلائه تـجول iiالعوادي
وبـأهليَ مـن قد غدا رأسه iiللشام      يـهـدى عـلى رؤوس الـصعاد
ونـساء  تـطارح الـورق iiنوحاً      فوق  عجف النياق حسرى iiبوادي

ادب الطف ـ الجزء الثامن 267

السيد باقر القزويني

المتوفى 1333

أفـدي قـتيلاً بالعرى      مُلقى على وجه iiالثرى
يـا  أكـرم الناس iiأباً      وواحـد الـدهر iiإبـا
رزؤك  يـا بن iiالنُجبا      أوهى من الدين iiعُرى
أوهى عُرى الدين iiوقد      هزّ  من العرش iiالعمد
لـم  يجدني فيه iiالجَلد      فـكيف والدمع iiجرى
وأعـظم الـرزء iiكمد      نـساء خير الخلق جد
تُـسبى  لذي كلّ iiأحد      تُهدى  إلى شرّ iiالورى
لا  كـافلٌ ، ولا iiولي      قـد سـلبوهنّ iiالحلي
تندبُ  نوحاً يا ii(علي)      هـذا  حسينٌ iiبالعرى
هـاتيك  يا رب iiالابا      عـترة أصحاب iiالعَبا
أفـناهم  حـزّ iiالضبا      يـا  ليت عينيك ترى
لـهنّ مـا بني iiالعدى      نَـوحٌ يُـنيبُ iiالجلمدا
تـدعو إذا الصبح iiبَدا      يا صبح لا عُدتَ تُرى

وله هذا البند في الإمام الحسين (ع) وقد قرئ في دارهم بالحلة والهندية في العشرة الاولى من المحرم في مجلس عامر بمختلف الطبقات .

ادب الطف ـ الجزء الثامن 268

ألا يا أيها الراكب يفري كبد البيد ، بتصويب وتصعيد ، على متن جواد أتلع الجيد ، نجيب تخجل الريح بل البرق لدى الجري ، إلى الحلبة في السبق ذراعاه مغاراً ، عج على جيرة أرض الطف ، وأسكب مزن الطرف ، سيولاً تبهر السحب لدى الوكف ، وعفر في ثراها المندل الرطب بل العنبر خديك ، ولجها بخضوع وخشوع بادي الحزن قد ابيضت من الأدمع عيناك ، فلو شاهدت من حلّ بها يا سعد منحوراً شهيداً لتلظيت أُوارا ، فهل تعلم أم لا يا بن خير الخلق سبط المصطفى الطهر ، عليه ضاق برّ الأرض والبحر ، أتى كوفان يحدو نحوها النجب ، وقد كانوا اليه كتبوا الكتب ، وقد أمّهم يرجو بمسراه إلى نحوهم الأمن ، فخفّت أهلها بابن زياد وحداها سالف الضغن ، وأمّت خيرة الناس ضحى بالضرب والطعن ، هناك ابتدرت للحرب أمجاد بهاليل ، تخال البيض في أيديهم طيراً ابابيل ، فدارت بهم دائرة الحرب وبانت لهم فيها أفاعيل ، وقد أقبلت الأبطال من آل علي لعناق الطعن والضرب ، ونالت آل حرب بهم الشؤم بل الحرب ، كما قد غبروا في أوجه القوم وغصت منهم بالسمر والبيض رحى الحرب ، كرام نقباء نجباء نبلاء فضلاء حلماء حكماء علماء ، وليوث غالبية ، وحماة هاشمية ، بل شموس فاطمية وبدور طالبية ، فلقد حاموا خدورا ، ولقد أشفوا صدورا ، ولقد طابوا نجاراً أسد مذ دافعوا عن حرم الرحمن أرجاس ، فما تسمع إلا رنة السيف على الطاس ، من الداعين للدين هداة الخلق لا بل سادة الناس ، ولو تبصر شيئاً لرأيت البيض قد غاصت على الرأس ، ففرت فرق الشرك ثباً من شدة البأس ، ولا تعرف ملجى لا ولا تعقل منجى ، لا ولا تدري إلى أين تولي وجهها منهم فرارا ولم يرتفع العثير إلا وهم صرعى مطاعين ، على الرمضاء ثاوين ، بلا دفن وتكفين تدوس الخيل منهم عقرت أفئدة المجد ، ومجّت منهم البوغا دماً عزّ على المختار أحمد ، ففازوا بعناق الحور إذا حازوا علاءً وفخارا ، ولم يبق سوى السبط وحيداً بين

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث