ادب الطف

 
 

ادب الطف ـ الجزء الثامن 316

أسطا علي البنّاء

المتوفى 1336

قـف  على تلك المغاني iiوالربا      واسـك  الأدمـع غـيثاً iiصيبا
واسـأل  الـربع الـذي كنا iiبه      نـسحب  الأذيـال فـيه iiطربا
واعـقل  الـوجناء فـي أكفانه      وانـتشق مـن تربة طيب الكبا
لا  عـدا مـرتبعاً فـي رامـة      بـالحيا الـوسميّ أمسى iiمعشبا
مـربع  الـلذات قـد عـنّ لنا      فـي حـماه ذكـر أيـام الصبا
وبـنـفسي  ظـبيات سـنحت      تـخذت بـين ضـلوعي iiملعبا
آه مـن بـرق عـلى ذي رامة      هـبّ فـي جـرعائه ثـم iiخبا
ذهـبوا  والصبر عن ذي iiلوعة      يـا أعـاد الله لـي مـن iiذهبا
أيـها  الـمغرم في ذكر iiالحمى      ومـغـانيه وهـاتـيك iiالـظبا
دع مـناح الورق والغصن وخذ      بـالبكا  في رزء أصحاب iiالعبا
واندب الفرسان من عمرو العلى      وابـلغ الـشكوى لهم عن زينبا
تـلك  أشـياخكم فـي iiكـربلا      أجـروا  الـخيل عـليها iiشزّبا
ونـساكم  بـعد ذيـاك iiالـحما      سـبيت  لـم تـلق خدراً iiوخبا
نـكست  رايـاتكم فـي iiموقف      جـدّلت فـيه الـكرام iiالـنجبا
ثـم  تـدعو قـومها من iiغالب      جـردوا  لـلثار مصقول iiالشبا
حـرّة الأحـشاء لـكن دمـعها      سـاكب  يـحكي الغمام iiالصيّبا
أيـها  الراكب هيما في iiللسري      تـقطع الآكـام حـثّاً iiوالـربى
نـادهم إن جـئتَ من وادي قبا      يـا أُبـاة الـضيم يا أهل iiالإبا
حـلّ فـيكم حـادث في iiكربلا      طـبّق  الـشرق أسى iiوالمغربا

اوسطا على البناء الشاعر الأمي البغدادي . جاء في الدر المنتثر في رجال القرن الثاني عشر والثالث عشر للحاج علي علاء الدين الألوسي إن هذا الشاعر

ادب الطف ـ الجزء الثامن 317

كان اعجوبة بغداد في هذا العصر فإنه ينظم الشعر مع كون أُمياً لا يقرأ ولا يكتب ومشغول بصنعة البناء بعمله وهو من أبناء الشيعة ، ومن شعره قوله في الحسين :

لـمن  الـجنود تقودها امراؤها      لـقتال  مَن يوم اللقا iiخصماؤها
قد  غصت البيدا ببعض iiخيولهم      وببعض أجمعهم يضيق فضاؤها
وبـنو لـويٍّ الـكريهة iiشمّرت      عـن سـاعد قد قرّ فيه iiلواؤها
سـقت المواضي من دماء iiأمية      وكبودها  ظمأى يفيض iiظماؤها
من بعد ما أردوا قساورة iiالوغى      سـقطوا تلفّ جسومهم بوغاؤها
وبقي حمى الإسلام بين الكفر iiإذ      هـمّازها فـي رمـحه iiمشاؤها
وحـمى شريعة جده في iiمرهف      مـنه  تـشيّد فـي شباه iiبناؤها

وأورد له جملة من الشعر وقال : كانت ولادته في سنة 1265 هـ وتوفي اوسطا على الشاعر المذكور يوم الاربعاء الثاني عشر من شهر رجب الفرد سنة 1336 هـ .

ثم قال في الهامش صفحة 166 من الدر المنتثر ما يلي : جاء في هامش صفحة 57 من مخطوطة الأصل ما نصه : إن هذا الشاعر أوسطا علي المذكور كان لا يجيد النظم إنما كان هناك شخص اسمه الشيخ جاسم بن الملا محمد البصير الذي كان ينظم له ، وهو في الحلة ، انتهى . أقول وروى لي الخطيب المعاصر السيد حبيب الأعرجي أنه سمع من خاله الشيخ جاسم الملة بأنه كان ينظم القصائد وينسبها للمترجم له ـ الاوسط على البناء ـ ولكني وجدتُ جملة من القصائد الرائعة في رثاء الحسين عليه السلام تنسب لهذا الرجل وكلها في مخطوط المرحوم السيد عباس الموسوي الخطيب المسمى بـ (الدر المنظوم في الحسين المظلوم) والمنقول لي أيضاً أن المرحوم السيد حسن ـ خطيب بغداد ـ ابن السيد عباس كان يقول : كنا ننظم شعراً في رثاء أهل البيت عليهم السلام وننسبه إلى اوسطا علي البناء ، وكان يبذل المال في سبيل ذلك . وللشاعر المترجم له ديوان شعر يملكه عبد الوهاب ابن الشيخ جاسم الملة خطيب الحلة ـ اليوم .

ادب الطف ـ الجزء الثامن 318

محمود سبتي

المتوفى 1336

قال مخمساً ، والاصل للشيخ محسن أبو الحب :

خيـّب الدهـر فيكـم لي ظنـّا     يـوم ناديتكم وعنكم ظعنـّا

صاح شمر وقد شفى القلب منا     صوّتي باسم من أردتِ فإنّا

قد أبدناهم جميعاً قتال

قد تركنا الجسوم فوق رمال     ورفعنا الرؤس فوق عوالي

فاعـولي بعد منعة وجلال     أنت مسبيـة على كل حال

فاخلعي العز والبسي الإذلال

وقال مخمساً ، والاصل لعبد الباقي العمري :

 يا مـن إذا ذكرت لديه كربلا     لطم الخدود ودمعه قد أسبلا

مهما تمرّ على الفرات فقل ألا     بعداً لشطك يا فرات فمرّ لا

تحلو فإنك لا هنيٌ ولا مري

أيـذاد نسل الطاهـرين أباً وجد     عـن ورد ماء قد ابيح لمن ورد

لو كنتَ يا ماء الفرات من الشهد     أيسوغ لي منك الورود وعنك قد

صدر الإمام سليل ساقي الكوثر

وقال مخمساً :

 بوجد فقد أضحى فؤادي مضرما     لمن أصبحت بعد التخدّر مغنما

فنادت وقـد فاضت مدامعها دما     أقلّب طرفي لا حمىٌ ولا حمى

سوى هفوات السوط من فوق عاتقي

ادب الطف ـ الجزء الثامن 319

لقد سيّرت تطوي الضلوع على لظى     وقد تركت جسم الحسين مرضضا

فنـادت ولكن لا تطيـق تـلفظـا      أأسبـى ولا ذاك الحسام بمنتضى

أمامي ولا ذاك اللواء بخافق

الشاب النابغ محمود ابن الخطيب الشهير الشيخ كاظم سبتي ، ولد بالنجف الأشرف سنة 1311 وقد أرخ أبوه عام ولادته بقوله :

أتاني  غلام وضيئ iiأغر      أضاء لعيني ضياء القمر
حـمدتُ الالـه iiوسميته      بمحمود أشكر فيمن شكر
مـنير به ظلمات الهموم      تجلّت فأرخ (بدر iiظهر)

كان ذكياً فطناً حسن الخلق جميل الصورة بهيّ المنظر ، معتدل القد صبيح الوجه ، حلو الكلام لطيف الشمائل خفيف الروح ، أقبلت عليه القلوب وأحبته النفوس لما جبل عليه من لطف المعاشرة وطيب المفاكهة ، وحسن الشكل ، توسم فيه أبوه حدة الفهم والنبوغ وبرع بنظم الشعر باللغتين الفصحى والدارجة ودرس المبادئ من النحو والصرف وحفظ الشعر الرصين ولمع بين الذاكرين فكانت محافل خطابته تغصّ بالسامعين لجودة إلقائه وعذوبة حديثه فكان محط آمال أبيه ولكن المنية عاجلته وهو في ريعان الشباب وغضارة العمر فقد توفي ليلة الجمعة 26 جمادى الثانية 1336 وكانت النجف محاصرة بن قبل الانكليز ففتحت الأبواب ودفن في الصحن الحيدري بالقرب من إيوان السيد كاظم اليزدي . ترجم له في ديوان والده المطبوع بالنجف .

ادب الطف ـ الجزء الثامن 320

الشيخ حسن الحمود

المتوفى 1337

أقـيما  بـي ولـو حَلّ iiالعقال      عـلى  ربـع بذي سلم iiوضال
قـفا  بي ساعة في صحن iiربعٍ      مـحت  آثـاره نـوبُ iiالليالي
وشـدّا عـقل نـضوكما iiوحلا      وكـاء الـعين بـالدمع iiالمذال
هـو  الـربع الذي لم يبق iiمنه      سـوى  رمـم وأطـلالٍ iiبوال
مـضى زمـن عليه وهو iiحال      بـأهليه  فـأضحى وهو iiخالي
لـو  أنـك قد شهدت به مقامي      إذاً  لـبكيت مـن جزع iiلحالي
وقـفتُ  بـه ودمعي iiكالعزالي      يـصوبُ دماً وقد عزّ العزا iiلي
أُسـرّح فـي مـعاهده iiلحاظي      وقلبي  في لظى الأحزان iiصلي
اسـائـله وأعـلـم لـيس iiإلا      صدى صوتي مجيباً عن سؤالي
ذكرت به بيوت الوحي iiأضحت      بـطيبة من بني الهادي iiخوالي
غـدت  للوحش معتكفاً iiوكانت      قـديماً كـعبة لـبني iiالـسؤالِ
نـأى  عـنها الحسين فهدّ iiمنها      بـناء  البيت ذي العمد iiالطوالِ
سرى  ينحو العراق بأسدِ iiغابٍ      تـعدّ  الـموت عيداً في النزالِ
تـعادى لـلكفاح عـلى iiجـياد      ضـوامـر أنـعلتها iiبـالهلال
عـجبت  لـضمّرٍ تعدو سراعاً      وفـوق  مـتونها شـمّ iiالجبال
نـعم لـولا عـزائم من iiعليها      رماها  العجز في ضنك iiالمجال
تـسابق  ظـلّها فـتثير iiنـقعاً      بـه سـلك القطا سبل iiالضلال

ادب الطف ـ الجزء الثامن 321

عـليها غـلمة مـن آل iiفـهر      شـمـائلها أرقٌ مـن iiالـشمال
تـمدّ إلـى الـطعان طوال iiأيد      إذا  قصرت عن الطعن iiالعوالي
تـسـابق لـلمنية iiكـالعطاشى      قـد  استبقت إلى الورد iiالزلال
وما  برحت تحيي البيض iiحتى      هـوت مثلَ البدور على الرمال
تساقط عن متون الخيل صرعى      كـما  سقطت من السلك iiاللئالي
غـدت أشلاؤهم قطعاً iiوأضحت      صـدورهـم  جـفيراً iiلـلنبال
وأصـبح  مـفرداً فرد iiالمعالي      يُـثني  عـضبه جمع iiالضلال
عـدا  فأطار قلب الجيش iiرعباً      ثـنى  قلب اليمين على iiالشمال
يـكاد الـرمح يـورق في يديه      لـما فـي راحـتيه من iiالنوال
فـما بـأس ابن غيلٍ وهو iiطاوٍ      رأى شـبليه فـي أيدي الرجال
بأشجع  من حسين حين iiأضحى      بـلا  صحب يدير رحى iiالقتال
سـطا  فـاقتضّها بالرمح iiبكراً      والـقحها عـوانا عـن حـيال
ولـما  اشـتاق للاخرى iiووفى      بـحدّ حـسامه حـق iiالـمعالي
هـوى للترب ظامي القلب iiنهباً      لبيض  القضب والأسل iiالطوال
وثـاوٍ فـي هجير الشمس iiعارٍ      تـظـلله  أنـابـيب الـعوالي
أبـى  إلا الإبـا فقضى iiعزيزاً      كـريم  الـعهد مـحمود iiالفعال
قـضى عطر الثياب يفوح iiمنها      أريـج الـعزّ لا أرج الـغوالي
وأرخـص  في فداء الدين iiنفساً      يـفدّيها  الـقضاء بـكل iiغالي
ومـا  سـلبت عـداه مـنه إلا      رِداً  أبـلـته غـاشية iiالـنبال
وسـيفاً فـلّ مـضربه iiقـراع      الـطلى  ومحزّق الدرع iiالمذال
لـهيف الـقلب تُروى من iiدماه      بـرغم  الـدين صادية النصال
تـفـطر قـلبه وعـداه ظـلماً      تـحلئه عـن الـماء iiالـحلال
صـريعاً  والـعتاق الجرد تقفو      الـرعال  بـجسمه إثر iiالرعال

ادب الطف ـ الجزء الثامن 322

وثـاكـلة تـنـاديه iiبـصـوت      يـزلزل  شـجوه شـمّ iiالـجبال
عـزيز يـا بـن امّ عـليّ تبقى      ثـلاثاً  فـي هجير الشمس iiطال
أخـي  انـظر نساءك iiحاسرات      تـسـتّر بـالـيمين iiوبـالشمال
سرت أسرى كما اشتهت الأعادي      حـواسر  فـوق أقـتاب الجمال

الشيخ حسن الحمود أديب موهوب يتحدر نسبه من اسرة عربية تنتمي إلى قبيلة (طفيل) ووالده العالم الجليل والفقيه الكبير الشيخ علي هاجر من الحلة إلى النجف وهو علي بن الحسين بن حمود توجه وهو في سنّ الكهولة وأكبّ على طلب العلم حتى نال درجة الاجتهاد مضافاً الى تقاه وورعه وموضع ثقة المجتمع على اختلاف طبقاته فكان يقيم الصلاة وتأتم به في الصحن العلوي الشريف مختلف الطبقات إلى أن توفي 7 شوال 1344 بعد مرض ألزمه الفراش أعواماً ولقد رزقه الله ولدين فاضلين هما الحسن والحسين أما الثاني وهو الأصغر فكان من المجتهدين العظام وممن يشار اليهم بالبنان وقد توفي قريباً وهو من المعمرين ، وأما الأول وهو المترجم له فقد كان من نوابغ عصره ومولده كان حوالي سنة 1305 في النجف ونشأ بها في كنف والده ، ومن أشهر أساتذته الذين اتصل بهم واستفاد منهم في العربية وآدابها هو الشيخ محمد رضا الخزاعي والشيخ عبد الحسين بن ملا قاسم الحلي والسيد مهدي الغريفي البحراني ثم هو من خلال ذلك شديد الملازمة لحضور نادي العلامة الجليل السيد محمد سعيد الحبوبي وقد كتب بخطه الجميل ديوان الشيخ محمد رضا الخزاعي وهناك مخطوطات أدبية كتبها بخطه ، توفاه الله يوم الثلاثاء 11 ربيع الثاني سنة 1337 الموافق 1 كانون الثاني 1919 ودفن في الصحن الحيدري أمام الإيوان الذهبي وجزع عليه أبوه جزعاً شديداً بان عليه أثره كما أسف عليه عارفوه وأقام له مجلس العزاء الفاضل الأديب السيد علي سليل العلامة الجليل السيد محمد سعيد الحبوبي ورثاه بقصيدة مطلعها :

 أو بعد ظعنك تستطاب الدار     فيقرّ فيها للنزيل قـرار

ادب الطف ـ الجزء الثامن 323

وظهرت شجاعته الأدبية يوم دعي إلى بغداد لأداء الامتحان في عهد الدولة العثمانية بدل من أن يساق لخدمة الدفاع المصطلح عليها بـ (القرعة) وكان رئيس اللجنة السيد شكري الألوسي وعندما استجوب بمسائل دينية وعربية نحوية وصرفية أكبره الرئيس الالوسي فمنحه ساعة ذهبية فارتجل المترجم له قصيدة أولها .

يـافكر دونك فانظمها لنا iiدررا      مـن الـمدائح تتلوها لنا سورا
ويـا  لساني فصّلها عيون iiثنى      تزان فيه عيون الشعر iiوالشعرا
ويا قريحة جودي في مديح فتى      تجاوز  النيرين الشمس والقمرا

خلف آثاراً منها رسالة في علم الصرف وهي اليوم عند ولده الشيخ أحمد وديوان شعره الذي جمعه ولده المشار اليه يقارب 1500 بيتاً وهو مرتب على حروف الهجاء ومن أشهر قصائد رائعته التي نظمها في الصديقة الطاهرة فاطمة بنت النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وملاؤها شجاء وأولها :

 سل أربعا فطمت أكنافها السحب     عن ساكنيها متى عن افقها غربوا

وهي مشهورة محفوظة وقد ترجم له الكاتب المعاصر علي الخاقاني في شعراء الحلة ترجمة ضافية وذكر طائفة من أشعاره ونوادره وغزلياته ومراسلاته أما قصائده الحسينية فاليك مطا لعها :

 1 ـ هنّ المنازل غيّرت آياتها     أيدي البلى وطوت حسان صفاتها

69 بيتاً

 2 ـ لست ممن قضى بحبّ الملاح     لا ولا هائماً بذات الوشاح

54 بيتاً

 3 ـ ما شجاني هوى الحسان الغيد     لا ولا همتُ في غزال زرود

58 بيتاً

 4 ـ من هاشم العلياء جبّ سنامها     خطب أحلّ من الوجود نظامها

42 بيتاً

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث