ادب الطف - الجزء التاسع 101
ولد في النجف الأشرف سنة (1301) هـ . وتوفي فيه في شهر ذي الحجة الحرام
سنة 1343 هـ . وخلف مؤلفات متنوعة لا زالت مخطوطة . وقد ترجم في كثير
من المعاجم . وله ديوان شعر رائق يقع في جزئين : الأول يتضمن مدح ورثاء
أهل البيت . والثاني في المديح والتهاني والغزل والنسيب .
فمن شعره قصدة طويلة استنهض فيها بني هاشم ورثى بها جده سيد الشهداء
(ع) مطلعها :
الحرب هذي وهذي السمر والخذم
والخيل تلك عليها اللحم والحزم
ويقول فيها :
قـرّت عـلى الـضيم يا ويلي لها iiعدد لـم يـغن يـوماً فـكم مـنها أريق iiدم
ضاقت بها الأرض عن إدراك ما وعدت بــه وكـانـت بـعـين الله تـلتطم
يـا عـصبة مـا أهـاجته، على iiدمها يـومـاً سـهـام كــلام لا ولا iiكـلم
كـم أدعـو بـالويل فيكم يا لفهر iiدمي هــدر ورحــي مـنكم راح iiيـغتنم
فـالويل لـي ولـكم إن لـم نقم iiزمراً نـشـنّ غـاراتـها فـيـهم iiونـنتقم
فـالكل مـنا وإن كـنا نغضّ على iiال بـيض الـجفون غـداة الروع iiمعتصم
فـيها نـلبي نـساءً قـد سـبين iiعلى عـجف الـمطا حيث نادت والدموع iiدم
ويقول فيها أيضاً مخاطباً للامام المنتظر عجل الله فرجه .
بـقية الله إنـي لا أبـثكـهـا
عطفاً علـيك وأن تنتاشـك الغمم
المجد يأبى وغن سيقت له حرم
حسرى على هزل أن تذكر الحرم
وله قصيدة اخرى يقول فيها:
يقولون لي والنفس تكتم ما بها
لقد خف منك الطبع من فوق اسحم
قلبي دماء رحن هدرا ونسوة على هزل اسرى طوت كـل منسم
ترجم له الخاقاني في شعراء الغري فقال : مات أبوه وعمر المترجم له
سنتان فكفله أخوه النسابة السيد رضا المعروف بالصائغ وكان منذ الصغر
يتسم بالذكاء
ادب الطف - الجزء التاسع 102
فقد فرغ من العلوم العقلية والنقلية وهو في الثلاثين من عمره وكانت
دراسته على أعلام منهم السيد محمد بحر العلوم صاحب البلغة والسيد علي
الداماد والسيد محمد كاظم اليزدي وفي الاصول على الشيخ ملا كاظم
الخراساني والشيخ أحمد كاشف الغطاء والشيخ مهدي المازندراني والشيخ حسن
صاحب الجواهر ، وتخرج على يده جماعة من العلماء . ولما توفي ابن عمه
السيد عدنان ـ عالم البصرة ـ جاء وفد مؤلف من وجهاء البصرة وأشرافها
يطلبونه للقيام بمقام السيد عدنان فلبّى الطلب وأقام بالبصرة إلى أن حل
به المرض فانتقل إلى النجف الأشرف وتوفي فيه في يوم 16 ذي الحجة سنة
1343 هـ . ودفن في حُجرةٍ بالصحن الشريف بجنب مرقد السيد عدنان الغريفي
والملاصقة لباب الفرج الغربية وكانت هذه الغرفة تُعرف بـ مقبرة آل شبر
حيث دفن عدد منهم وكانت فاتحة المترجم له تغصّ برجال العلم والأدب
والشعر حيث رثاه فريق من الشعراء بقصائد منهم الشيخ محمد رضا فرج الله
والخطيب الشيخ محمد علي اليعقوبي بقصيدة مطلعها :
أتـدري لادرت نوب الزمان مـضت بسنان هاشم iiواللسان
فـمن يوم الخصام يذود iiعنها ويـدرأ عـنهم يـوم iiالطعان
لقد ذهبت بفرد العصر فضلاً وهل في العصر للمهدي iiثان
مضت بأجل أهل العصر شأنا وشـأن الـعلم أكبر كل iiشأن
ومنها :
بني الهادي وأنتم أهل بيت أتـت بـمديحه الـسبع المثاني
تهـون النائبات إذا علمنا
بأن جميع من في الأرض فاني
وله ديوان مخطوط يقع في جزئين عند ولده السيد عبد المطلب ، يختص الجزء
الأول بأهل البيت مدحاً ورثاء في 240 صفحة بخط الشيخ حسن الشيخ علي
الحمود الحلي فرغ من نسخة عام 1322 هـ . والجزء الثاني بخط الناظم في
250 صفحة يتضمن المديح والرثاء والتهاني والغزل والنسيب والوصف ،
وآثاره العلمية ومؤلفاته المخطوطة كثيرة جداً ومنها ما أذكره هنا :
ادب الطف - الجزء التاسع 103
1 ـ هداية المضل في الامامة .
2 ـ الأشهر الحرم فيما وقع على سادات الحرم .
3 ـ عين الفطرة في الرد على من غالى في العترة .
4 ـ زينة الاذان والاقامة في ذكر علي بالولاية والامامة .
5 ـ أرجوزة في الكبائر من الذنوب .
6 ـ التحفة في المبدأ والمعاد أرجوزة ، فرغ منها سنة 1343 هـ . طبعت
بالنجف .
7 ـ منظومة سمّاها بـ (الدرة النجفية) ، في الرد على القائلين بالتثليث
.
8 ـ كتاب (الانصاف) في علم الحديث .
9 ـ كتاب (الرشحات) في التوحيد والنبوة والامامة ، فرغ منه 1329 هـ .
10 ـ رسالة في أحوال الصحابة .
11 ـ رسالة في التراجم ، ورسالة في الاجازات .
12 ـ كتاب (الولاية الكبرى) .
13 ـ كتاب (انساب الهاشميين) ... مع كتب ورسائل كثيرة متنوعة مطبوعة
وغير مطبوعة .
ادب الطف - الجزء التاسع 104
محمد حسن أبو المحاسن
المتوفى 1344
قال سنة 1325 هـ . :
دع الـمنى فـحديث النفس iiمختلق واعـزم فـإن العلى بالعزم iiتستبقُ
ولا يـؤرقـك إلا هــمّ iiمـكرمة إن الـمكارم فـيها يـجمد iiالأرق
والسيف أَصدق مصحوب وثقت iiبه ان لـم تـجد صاحباً في ودّه iiتثق
وأَمـنعُ الـعزّ مـا أرست قواعده سـمر الأسـنة والـمسنونة الذلق
وإنـما ثـمر الـعلياء فـي iiشجر لـها الرماح غصون والضبا ورق
ولـيس يـجمع شمل الفخر iiجامعه إلا بـحيث تـرى الأرواح تفترق
ولـلردى شـرك بـثّت iiحـبائله عـلى الأنـام وكـل فـيه iiمعتلق
فما يجير الردى من صرف iiحادثه كـهف ولا سـلّم يـنجى ولا نفق
إذا دجـى لـيل خطب أو بنا iiزمن فاستشعر الصبر حتى ينجلي الغسق
فـكل شـدة خـطب بـعدها iiفرج وكـل ظـلمة لـيل بـعدها iiفـلق
فـلا يـغرنك عـيش طاب iiمورده فـرب عذب أتى من دونه iiالشرق
دنـياً رغـائبها فـي أهـلها iiدول ومـا اسـتجدت لهم من نعمة iiخلق
ولـيس فـي عيشها روح ولا iiدعة وان بـدا لـك منها المنظر iiالانق
ادب الطف - الجزء التاسع 105
دنـياً لآل رسـول الله مـا اتـسقت انــى تـؤمـلها تـصفو iiوتـتسق
تـلـك الـرزية جـلت أن يـغالبها صـبر بـه الواجد المحزون iiيعتلق
فـكل جـفن بـماء الـدمع مـنغمر وكـل قـلب بـنار الحزن iiمحترق
بـها اصـابت حـشا الإسلام iiنافذة سـهام قـوم عـن الإسلام قد iiمرقوا
واسـتخلصت لسليل الوحي iiخالصة من الورى طاب منها الأصل والورق
أَصـفـاهم الله اكـرامـاً بـنصرته فـاستيقنوها وفي نهج الهدى iiاستبقوا
مــن يـخـلق الله لـلدنيا فـأنهم لـنصرة الـعترة الـهادين قد iiخلقوا
كـأنهم يـوم طـافوا مـحدقين iiبهم مـحاجر وهـم مـا بـينهم iiحـدق
رجـال صـدق قضوا في الله iiنحبهم دون الـحسين وفيما عاهدوا iiصدقوا
وقــام يـومهم بـالطف إذ iiوقـفوا بـيوم بـدر وان كـانوا بـها سبقوا
وفــي اولـئك فـي بـدر iiنـبيهم وهــؤلاء بـهم آل الـنبي وُقـوا
مـن كـل بدر دجى يجرى به iiمرحاً إلـى الـكفاح كـميت سابق iiأفق(1)
يـنهل فـي الـسلم والهيجاء من يده وسـيفه الـواكفان الـجود iiوالـعلق
تـقلدوا مـرهفات الـعزم iiوادرعوا سـوابغ الـصبر لا يلوي بهم iiفرق
والـصبر اثبت في يوم الوغى iiحلقاً إذا تـطاير مـن وقـع الضبا iiالحلق
رسـوا كـأنهم هـضبٌ iiبـمعترك ضـنك عـواصفه بـالموت تختفق
ولابـسـين ثـياب الـنقع iiضـافية كأن نقع المذاكي الوشي iiوالسرق(2)
مـستنشقين مـن الهيجاء طيب شذا كـأن ارض الـوغى بالمسك iiتنفتق
عـشق الـحسين دعاهم فاغتدى iiلهم مـر الـمنية حـلواً دون من iiعشقوا
جـاءوا الـشهادة فـي ميقات iiربهم حـتى إذا مـا تـجلى نوره صعقوا
ومـا سـقوا جرعة حتى قضوا iiظمأ نـعم بحدّ المواضي المرهفات iiسقوا
(1) الكميت والافق بضمتين صفة للفرس للذكر والانثى .
(2) السرق محركة : شقق الحرير .
ادب الطف - الجزء التاسع 106
عارين قد نسجت مور الرياح iiلهم مـلابساً قـد تـولى صبغها العلق
حـاشا ابـاءهم أن يؤثروا iiجزعاً عـلى الـمنية ورداً صـفوة iiرنق
مـضوا كرام المساعي فائزين iiبها مـكارماً من شذاها المسك iiينتشق
واغبّر من بعدهم وجه الثرى وزها بـبشرهم فـي جنان الخلد iiمرتفق
هـنالك اقتحم الحرب ابن iiبجدتها يطوى الصفوف بماضيه iiويخترق
يـطاعن الخيل شزراً والقنا iiقصدٌ ويـفلق الـهام ضربا والضبا iiفلق
طـمآن تنهل بيض الهند من iiدمه فـيـستهل لـها بـشراً iiويـعتنق
دريـئـة لـسهام الـقوم iiمـهجته كـأنه غـرض يـرمى iiويرتشق
لو ان بالصخر ما قاساه من iiعطش كـادت له الصخرة الصماء تنفلق
نـفسي الـفداء لـشاك حرّ iiغلته والـماء يـلمع مـنه البارد iiالغدق
مـوزع الجسم روح القدس iiيندبه شـجواً ونـاظره بـالدمع iiمندفق
والـشمس طـالعة تـبكي iiوغائبة دمـاً بـه شـهد الاشراق iiوالشفق
تـجري على صدره عدواً iiخيولهم كـأن صـدر الهدى للخيل iiمستبق
تـبدو لـه طـلعة غـراء مشرقة عـلى السنان وشيب بالدما iiشرق
فـما رأى نـاظر من قبل iiطلعته بـدراً لـه مـن أنابيب القنا iiافق
وفـي الـسباء بنات الوحي سائرة بـها الـمطي وأدنى سيرها iiالعنق
يـستشرف الـبلد الداني iiمطالعها ويـحشد الـبلد الـنائي iiفـيلتحق
تـزيد نـار الجوى في قلبها iiحرقاً بـماء دمـع مـن الآمـاق iiيندفق
فـلا تـجف بـحر الوجد iiعبرتها ولا تـبوخ بـفيض الأدمع الحرق
وسـيد الـخلق يشكو ثقل iiجامعة تـنوء دامـية مـن حملها iiالعنق
تهفو قلوب العدى من عظم iiهيبته لـكنهم بـرواسي حـلمه iiوثـقوا
مـا غـض من بأسه سقم ولا جدة ان الـشجاعة في اسد الشرى خُلُق
ادب الطف - الجزء التاسع 107
الشيخ محمد حسن إبن الشيخ حمادي بن محسن بن سلطان آل قاطع الجناجي
الحائري ولد في مدينة كربلاء سنة 1293 هـ . وبها نشأ وترعرع ودرس الأدب
والفقه على جماعة من ادبائها وعلمائها ، ويمتاز بالذكاء المفرط وسرعة
البديهة كما كان بهي الطلعة جميل المحيا نقي المظهر متسماً بالوقار
جميل المعاشرة غير متصنع في بشاشته وهو أحد ابطال الثورة العراقية
الكبرى عام 1919 م .
وبعد تأسيس الحكم الوطني في العراق عيّن المترجم له وزيراً للمعارف في
وزارة جعفر العسكري .
أجاب داعي ربه بالسكتة القلبية صبيحة الخميس 13 من ذي الحجة الحرام في
قضاء الهندية عام 1344 هـ . وحمل نعشه إلى النجف الأشرف بطريق النهر
ودفن في الصحن الحيدري بين ايوان ميزاب الذهب ومقبرة العلامة السيد
محمد سعيد الحبوبي ترجم له السماوي في الطليعة قال : هو اديب شاعر
وكاتب ناثر حسن البديهة سيال القريحة ، جلس معي في الصحن العلوي وجلس
الينا غلام وسيم فسألني : ما النرجس فداعبته وقلت له : جفنك ، فخجل
وقال : وما الاقاح ، فقلت : ثغرك ، فنظم المترجم له ذلك على البديهة
فقال :
وشادن يسال ما النرجس قلت له اجفـانك النعّس
فقال لي والاقحوان الجنى فقلت هذا ثغرك الألعس
ومن شعره قوله :
كـم لعيني ليل النوى من جميل
وافـر ضاق دونه باع شكري
مذ رأتني انفقت كنز اصطباري
ملأت من لئالئي الدمع حجري
وقال يرثي سيد الشهداء الحسين بن علي (ع) وذلك في سنة 1333 هـ .
ادب الطف - الجزء التاسع 108
أيـرجـع عـهد بـالشقيقة سـالف سـقى العهد منهل من الغيث واكف
خـليلي هـذا مـوقف الوحد والأسا وخـير الـخليلين المعين iiالمساعف
فـعـوجا عـليه بـالدموع iiفـانما تـحـيته مـنا الـدموع iiالـذوارف
مـنـازل كـانت لـلنعيم iiمـعرّسا وكـانت بـها لـلعاشقين iiمـواقف
تـرف الأقـاحي وهـي فيها iiمباسم وتـثنى بها الأغصان وهي iiمعاطف
فـلا تـنكرا بـالدار فرط iiصبابتي فـما كـل قـلب بـالصبابة عارف
فـلا ذعـرت يـا دار آرامك iiالتي بـها لـلظباء الآنـسات iiمـعارف
ألِـفنَ الـحسان الـغانيات iiفأكرمت وتـكرم مـن أجلِ الأليف iiالآلائف
لـئن جرعتني الحزن اطلال iiدارهم فـكم ارشفتني الراح فيها iiالمراشف
وان تـعف بـعد الظاعنين iiربوعهم فـقلبي مـنها آهـل الـربع آلـف
وقـفت بـه والـدمع يجري كأنني وان جـل رزء الطف بالطف iiواقف
عـلى مربع روت دماء بني iiالهدى ثـراه ولـم تـروِ القلوب اللواهف
فـكم غـيبت فـيه نجوماً وحجّبت بـدو رُعُـلا فيها المنايا iiالخواسف
إلى الطف من أرض الحجاز تطلعت ثـنايا الـمنايا مـا ثنتها iiالمخاوف
تـرحل أمـن الخائفين عن iiالحمى مـخافة ان لا يـأمن الـبيت iiخائف
وقـد كـان شـمساً والحجاز iiبنوره مـضيء فـأمسى بعده وهو iiكاسف
وصـوّح بـعد الغيث نبتُ iiرياضه وقـلّـص ظـلٌ بـالمكارم iiوارف
قـد اسـتصرخته بالعراق iiعصابة تـحكم فـيها جـائر الحكم iiعاسف
فـانجدهم غـوث اللهيـف iiوشيمة الـكـريم إذا داع دعـاه يـساعف
سـرى والـمنايا تـستحثّ iiركـابه إلـى مـوقف تـنسى لديه iiالمواقف
تـحف بـه الـخيل الكرام iiوفوقها مـن الـهاشمين الـكرام الغطارف
بـنو مـطعمي طير السماء iiسيوفهم لـهن مـقاري في الوغى iiومضائف
إذا اعـتقلوا سـمر الرماح iiتضيّفت يـعاسيبها الـعقبان فـهي iiعواكف
بهم عرف المعروف واليأس والندى وفاضت على المسترفدين iiالعوارف
وقـد نـازلوا الكرب الشديد iiبكربلا وكـل بـحدّ السيف للكرب iiكاشف
فــدارت بـأبناء الـنبي iiمـحمد عـصائب أبـناء الطليق iiالزعانف
|