ادب الطف

 
 

ادب الطف - الجزء التاسع 140

شوقي امير الشعراء

المتوفى 1351

وأنتَ إذا ما ذكرت الحسين      تصاممتُ لا جهلا iiموضعه
أحـبّ الـحسين ولـكنني      لـساني عـليه وقلبي iiمعه
حـبست  لساني عن مدحه      حـذار أمـية أن iiتـقطعه

أمير الشعراء وشاعر الامراء أحمد شوقي بن علي بن أحمد شوقي ، مولده ووفاته بالقاهرة نشأ في ظل البيت المالك بمصر ودرس في بعض المدارس الحكومية وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق ، وأرسله الخديوي توفيق سنة 1887 م . إلى فرنسا فتابع دراسة الحقوق واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891 م . فعيّن رئيساً للقلم الافرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي . وندب سنة 1896 م . لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجنيف ولما نشبت الحرب العالمية الاولى ، ونُحي عباس حلمي عن (خديوية) مصر أوعز إلى صاحب الترجمة باختيار مقام غير مصر ، فسافر إلى إسبانيا سنة 1915 م . وعاد بعد الحرب فجعل من أعضاء مجلس الشيوخ إلى أن توفي عالج أكثر فنون الشعر : مديحاً وغزلاً ورثاءً ووصفاً ثم عالج الأحداث السياسية والاجتماعية في مصر والشرق والعالم الإسلامي فجرى شعره مجرى المثل . كتب عن شعره وشخصيته كثير من أرباب القلم منهم أمير البيان شكيب أرسلان والعقاد والمازني والنشاشيبي وعمر فروخ وغيرهم كثير وكثير . وهذه

ادب الطف - الجزء التاسع 141

(الشوقيات) تعطينا أوضح الصور عن شاعريته فهو صاحب نهج البردة التي مطلعها :

ريم على القاع بين البان والعلم     أحلّ سفك دمي في الأشهر الحرم

وصاحب الهمزية النبوية التي مطلعها :

سلوا قلبي غداة سلا وتابا     لعل على الجمال له عتابا

وهو الذي يقول في مطلع احدى روائعه :

رمضان ولّى هاتها يا ساقي     مشتاقة تهفو إلى مشتاق

وله :

حفّ كأسها الحبب     فهي فضة ذهـب

وهو القائل في مطلع قصيدة تكريم :

قـم للمعلـم وفّه التبجيلا     كاد المعلم أن يكون رسولا

فنراه محلّقاً بكل ألوان الشعر وضروبه وهو مسلم مقتنع بالإسلام ومتأثر به تأثراً كلياً هتف بأعلى صوته وردد أنغامه وحرك الأحاسيس وأثار الشعور وملك العواطف وهاك قطع ينقد بها المجتمع :

رأيـت قـومي يذم بعض      بـعضاً  إذا غابت iiالوجوه
وان  تـلاقوا ففي iiتصاف      كـأن  هـذا لـذا iiأخـوه
كـريمهم لا يـسدّ iiسـمعاً      ووغـدهم لا يـسدّ iiفـوه
وكـلـهم  عـاقل حـكيم      وغـيره  الـجاهل السفيه
وذا ابن من مات عن كثير      وذا ابـن مَن قد سما iiأبوه
وذا  بـإسـلامه iiمــدلٌ      وذا  بـعـصيانه يـتـيه

ادب الطف - الجزء التاسع 142

وكـلـهم قـائـم iiبـمبدأ      ومـبدأ  الـكل iiضـيّعوه
فـمذ بدا لي أن قد iiتساوى      فـي ذلـك الـغرّ iiوالنبيه
ولـيس  مـن بينهم iiنزبه      ولا أنـا الـواحد الـنزيه
جـعلت هـذا مـرآة iiهذا      أنـظـر فـيه ولا iiأفـوه

وشوقي ـ كما قال مترجموه ـ عاش في نعمة وترف وسعة في الحال والمال لما كان يغدق عليه الامراء فجاء شاعر من شعراء لبنان وهو الشيخ نجيب مروة يقول :

ولو أني جلست مكان شوقي    لفاض الشعر من تحتي وفوقي

وهي أُمنية شاعر والتمني رأس مال المفلس .

وشوقي يجلّ أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وأي مسلم لا يحبهم وهل تقبل الأعمال بغير حبهم ومودتهم التي هي فريضة من الله (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) فتراه في ثنايا أشعاره يتفجع لما أصابهم ويتفجر ألماً لرزاياهم فتراه في منظومته الرائعة (دول العرب وعظماء الإسلام) يقول :

هـذا الـحسين دمـه iiبـكربلا      روّى الثرى لما جرى على ظما
واسـتشهد  الأقـمار أهل iiبيته      يـهوون في الترب فرادى iiوثُنا
ابــن  زيـاد ويـزيدُ iiبـغيا      والله والأيـام حـربُ مَن iiبغى
لـولا  يـزيد بـادئاً ما شربت      مـروانُ  بالكاس التي بها سقى

ويقول في رواية (مجنون ليلى) : كان الحسين بن علي كعبة القلوب والأبصار في جزيرة العرب بعد أن قتل أبوه علي ومات أخوه الحسن . وكذلك ظل الحسين قائماً في نفوس الناس هناك صورة مقدسة لبداوة الإسلام تستمد أنضر ألوانها من صلته القريبة بجده رسول الله وبنوّته لرجل كان أشدّ الناس زهداً واستصغاراً لدنياه ، وكذلك ظهرت بلاد العرب وقلبها يخفق بإسم الحسين .

ادب الطف - الجزء التاسع 143

ويقول أيضاً في مسرحيته (مجنون ليلى) :

حـنانيك  قـيسُ إلى مَ iiالذهول      أفـق  ساعة من غواشي iiالخبَل
صـهيلُ  البغال وصوتُ iiالحداء      ورنــة ركـب وراء iiالـجبل
وحـاد  يـسوق ركاب iiالحسين      يـهزّ  الـجبال إذا مـا iiارتجل
فقم قيسُ واضرع مع الضارعين      وأنـزل بـجنب الحسين iiالأمل

ويطيب له أن يربط الحوادث بيوم الحسين الذي لا يغيب عن خاطره فتراه في رثاء الزعيم مصطفى كامل باشا مؤسس الحزب الوطني والمتوفى سنة 1908 م . يقول :

المشرقان عليك ينتحبان     قاصيهما في مأتم والداني

ومنها :

يُزجون نعشك في السناء وفي السنا      فكأنـما في نعشك القمران

وكـأنـه نعـش الحـسين بكربلا      يختال بين بكىً وبين حنان

ويقول في اخرى عنوانها (الحرية الحمراء) :

في مهرجان الحق أو يوم الدم      مـهج مـن الشهداء لم iiتتكلم
يـبدو  عليها نور نور دماتها      كدم الحسين على هلال محرم
يوم  الجهاد بها كصدر iiنهاره      متمايلُ  الأعطاف مبتسمُ iiالفم

وهناك عبارات لا يطلقها إلا المتشيع لأهل البيت تجري على لسانه وقلمه كقوله : رضيع الحسين عليه السلام ، فان كلمة (عليه السلام) من متداولات شيعة أهل البيت وقوله :

ما الذي نفرّ عني الضبيات العامرية     ألأني أنا شيعيٌ وليلى أموية

اختلاف الرأي لا يفسد للود قضيّه

وعندما يخاطب الرسول الأعظم يطيب له أن يقول :

ابا الزهراء قد جاوزت قدري     بمدحك بيد أن لي انتسابا

وعندما يمرّ بالخلفاء الراشدين ويأتي الدور للامام علي يقول :

العمران يرويان عنه     والحسنان نسختان منه

ادب الطف - الجزء التاسع 144

الشيخ محمد حسين الحُلّي

المتوفى 1352

خـليلي هـل مـن وقفة لكما iiمعي      عـلى  جـدث أسقيه صيّب iiأدمعي
لـيروى  الثرى منه بفيض iiمدامعي      لأن  الـحيا الـوكاف لم يك iiمقنعي
لأن  الـحيا يـهمي ويـقلع iiتـارة      وإني  لعظم الخطب ما جفّ iiمدمعي
خـلـيليّ هـبّـا فـالرقاد iiمـحرم      على  كل ذي قلب من الوجد iiموجع
هـلُما  مـعي نـعقر هـناك قلوبنا      إذا  الـحزن أبـقاها ولـم تـتقطع
هـلـمّا  نـقم بـالغاضرية iiمـأتما      لـخير  كـريم بـالسيوف iiمـوزع
فـتىً  أدركـت فـيه عـلوج iiامية      مـرامـاً  فـألـقته بـبيداء بـلقع
وكـيف يسام الضيم مَن جده iiارتقى      إلى العرش حتى حل أشرف موضع
فـتى حـلّقت فـيه قـوادم iiعـزه      لاعـلى ذرى الـمجد الأثيل iiوأرفع
ولـمـا دعـتـه لـلكفاح iiأجـابها      بـأبيض مـشحوذ وأسـمر iiمشرع
وآسـاد حـرب غـابها أجـم iiالقنا      وكـل كـميٍ رابـط الجأش iiأروع
يـصول  بـماضي الحدّ غير iiمكهّمٍ      وفـي غـير درع الصبر لم iiيتدرع
إذا ألـقح الـهيجاء حـتفاً بـرمحه      فـماضي الشبا منه يقول لها iiضعي
وإن  أبـطأت عـنه النفوس iiإجابة      فـحدّ  سنان الرمح قال لها iiاسرعي
إلــى أن دعـاهم ربـهم iiلـلقائه      فـكانوا  إلـى لقياه أسرعَ من iiدُعي
وخـروا لـوجه الله تـلقا iiوجوههم      فـمن  سـجّد فـوق الصعيد وركع
وكـم ذات خـدر سـجفتها iiحماتها      بـسـمر قـنـا خـطـية وبـلمّع

ادب الطف - الجزء التاسع 145

أمـاطت  يـد الأعداء عنها سجافها      فـاضحت  بـلا سجف لديها iiممنّع
لـقد نـهبت كـفّ المصاب فؤادها      وأيـدي عـداها كـل بـرد وبرقع
فـلم تـستطع عـن ناظريها تستراً      بـغـير  أكـفٍّ قـاصرات وأذرع
وقد فزعت مذ راعها الخطب iiدهشة      وأوهـى القوى منها إلى خير iiمفزع
فـلـما رأتــه بـالعراء iiمـجدلاً      عـفيراً  عـلى البوغاء غير iiمشيّع
دنـت مـنه والأحزان تمضغ iiقلبها      وحـتّت حـنين الـواله iiالـمتفجع
عـليّ  عـزيز أن تموت على ظمأ      وتشرب  في كأس من الحتف iiمترع
تـلاكُ  بـأشداق الـرماح iiوتغتدي      لـواردة  الأسـياف أعـذب iiمكرع

وفي آخرها :

بنـي غـالـب هبـّوا لأخذ تراثكم      فلم يُجدكم قرع لناب بأصبع

امـثل حسين حجـة الله في الورى     ثلاث ليال بالعـرا لـم يشيّع

ومثل بنات الوحي تسرى بها العدى     إلى الشام من دعي إلى دعي

الشيخ محمد حسين ابن الشيخ حمد الحلي وربما يعرف بـ (الجباوي) احدى محلات الحلة ، عالم معروف يشهد عارفوه له بالفضل والتضلّع . ولد في الحلة سنة 1285 هـ ودرس على جملة من أفاضلها منهم الشيخ محمدبن نظر علي وفي سنة 1303 غادر الحلة مهاجراً إلى النجف لاكمال الدراسة وأقام فيها أكثر من ثلاثين سنة فحضر عند الشيخ آية الله الشيخ حسن المامقاني والفاضل الشربياني ثم لازم العالم الشهير الشيخ علي رفيش فكان من أول أنصاره والملازمين له أثناء مرجعيته ثم بعد انكفاف بصره ، وفي خلال ذلك تخرّج على يده جملة من الطلاب الروحيين إلى أن كانت سنة 1337 هـ . عاد إلى مسقط رأسه الحلة بطلب من وجهائها وأقام فيها مرجعاً دينياً محترم الجانب تستفيد الناس من

ادب الطف - الجزء التاسع 146

معارفه وكمالاته وفي آخر أيامه مرض ولازم الفراش حتى الوفاة ، ذكره الشيخ النقدي في (الروض النضير) فقال : عالم مشهور في الفضل والكمال والمعرفة وله اليد الطولى في صناعتي النظم والنثر والنصيب الوافر في علمي الفصاحة والبلاغة . توفي في الحلة عام 1352 هـ . ونقل جثمانه إلى النجف ودفن في الصحن الشريف ورثاه جمع من العشراء منهم الشيخ ناجي خميّس .

كتب وألّف في الفقه والأصول وكتب رحلته إلى الحج ورسالة في التجويد والقراءات وجملة من تقريرات أستاذته العلماء الأعلام ولم ينشر له سوى (الرحلة الحسينية) وهي التي روى فيها رحلته مع جماعة من الفضلاء إلى زيارة الإمام الحسين عليه السلام سنة 1321 هـ . ومنها يظهر ذوقه الأدبي ورقة طبعه وأريحيته ، طبعت هذه الرحلة بمطبعة (الحبل المتين) بالنجف سنة 1329 هـ . وختمها بالقصيدة التي هي في صدر الترجمة .

* * *

ادب الطف - الجزء التاسع 147

الشيخ جواد البلاغي

المتوفى 1352

شـعبان  كـم نعمت عين الهدى iiفيه      لـولا  الـمحرم يـأتي فـي iiدواهيه
وأشـرق  الـدين مـن أنـوار iiثالثه      لــولا تـغـشاه عـاشور iiبـداجيه
وارتاح  بالسبط قلب المصطفى iiفرحاً      لـو  لـم يـرعه بذكر الطف iiناعيه
رآه خـيـر ولـيـد يـستجار iiبـه      وخـير  مـستشهد فـي الدين يحميه
قـرت  به عين خير الرسل ثم iiبكت      فـهـل نـهـنيه فـيـه أو iiنـعزيه
ان  تـبتهج فـاطم فـي يـوم iiمولده      فـليلة الـطف أمـست مـن iiبواكيه
أو  يـنتعش قـلبها مـن نور iiطلعته      فـقد اديـل بـقاني الـدمع iiجـاريه
فـقـلبها لـم تـطل فـيه iiمـسرّته      حـتى تـنازع تـبريح الـجوى iiفيه
بـشرىً  أبـا حـسن فـي يوم iiولده      ويـوم  أرعـب قلب الموت iiماضيه
ويـوم  دارت عـلى حـرب iiدوائره      لـولا الـقضاء ومـا أوحـاه iiداعيه
ويـوم  أضـرم جو الطف نار iiوغىً      لـو لـم يـخر صـريعاً في iiمحانيه
يا شمس أوج العلى ما خلت عن كثب      تـمسى وأنـت عـفيرالجسم ثـاويه
فـيا لـجسم عـلى صدر النبي iiربي      تـوزعته الـمواضي مـن iiأعـاديه
ويــا  لـرأس جـلال الله iiتـوجّه      بــه  يـنوء مـن الـمياد iiعـاليه
وصـدر قـدس حـوى أسرار بارئه      يـكون لـلرجس شـمرمن iiمـراقيه

ادب الطف - الجزء التاسع 148

ومـنـحر  كــان لـلهادي iiمـقبله      أضـحـى  يـقبله شـمر iiبـماضيه
يـا  ثـائراً لـلهدى والدين iiمنتصراً      هــذي أُمـية نـالت ثـارها iiفـيه
أنـى  وشيخك ساقي الحوض iiحيدرة      تـقضي وأنـت لهيف القلب iiضاميه
ويـا إمـاماً لـه الـدين الحنيف لجا      لـوذاً  فـقمت فـدتك الـنفس iiتفديه
أعـظم  بـيومك هـذا فـي iiمسرته      ويـوم  عـاشور فـيما نـالكم فـيه
يـا مـن بـه تفخر السبع العلى iiوله      إمـامة  الـحق مـن إحـدى iiمعاليه
أعظم  بمثواك في وادي الطفوف iiعلاً      يـا حـبذا ذلـك الـمثوى iiوواديـه
لـه  حـنيني ومـنه لـوعتي iiوإلى      مـغناه شـوقي واعـلاق الهوى iiفيه

الشيخ جواد أو الشيخ محمد جواد ابن الشيخ حسن ابن الشيخ طالب البلاغي النجفي ينتهي نسبه إلى ربيعة . مولده ووفاته في النجف ولد سنة 1285 هـ . وتوفي سنة 1352 هـ . ليلة الاثنين الثاني والعشرين من شعبان في النجف الأشرف ودفن فيها في المقبرة المقابلة لباب المراد .

وآل البلاغي بيت علم وفضل وأدب ، كان المترجم له نابغة من نوابغ العصور وجهاده بقلمه ولسانه يذكر فيشكر ، له عشرات المؤلفات وكلها قيّمة ذات فائدة لا زالت تتلاقفها الأيدي ويعتز بها أهل العلم اذكره يحضر مجالس العلم فاذا اشتد الجدال حول مسألة من مسائل العلم كان يقول : عندي بيان أرجو أن تسمحوا لي باستماعه فإني مريض وإذا رفعت صوتي أخاف أن أقذف من صدري دماً .

كانت تأتيه المسائل من بلاد الغرب فيجيب عنها . وبين أيدينا من مؤلفاته : الرحلة المدرسية ، الهدى إلى دين المصطفى جزآن ، تفسير القرآن ، أنوار الهدى ، رسالة التوحيد والتثليث ، البلاغ المبين رسالة في الرد على الوهابية .

تعلم العبرية وأتقنها خطاً وقراءة ونطقاً حتى تمكن من المقارنة بين اصولها وبين المترجم إلى اللغة العربية فأظهر كثيراً من مواقع الاختلاف في الترجمة

ادب الطف - الجزء التاسع 149

التي قصد بها التضليل . كانت ترد عليه الرسائل والأسئلة باللغة الانجليزية فشرع يتعلمها لولا أن يفاجئه الأجل المحتوم . كان تحصيله ودراسته على أعلام عصره أمثال الملا كاظم الخراساني والشيخ اغا رضا الهمداني ومن تراثه الأدبي قصيدته التي عارض بها الرئيس ابن سينا في النفس .

نعُمت بأن جاءت بخلق iiالمبدع      ثم السعادة أن يقول لها iiارجعي
خـلقت  لأنـفع غاية يا iiليتها      تبعت  سبيل الرشد نحو iiالأنفع
الله (سـواها وألـهمها) iiفـهل      تنحو السبيل إلى المحلّ الأرفع

ورائعته التي شارك بها في الحلبة الأدبية عن الحجة المهدي صاحب العصر والزمان التي أثبتها في كتابه الفقهي(1) وأثبتها السيد الأمين في ترجمته في الأعيان . ترجم له صاحب الحصون المنيعة والشيخ اغا بزرك الطهراني في (نقباء البشر) والشيخ السماوي في (الطليعة) وله مراسلات شعرية مع الشيخ توفيق البلاغي رحمه الله ورثاء للسيد محمد سعيد الحبوبي والكثير من شعره يخص أهل البيت ومنه نوحيته الشهيرة التي يرددها الخطباء في شهر المحرم ومطلعها :

يا تريب الخد في رمضا الطفوف     ليتني دونك نهباً للسيوف

وله من الشعر في ميلاد الحجة المهدي المولود ليلة النصف من شعبان سنة 1256 هـ . وأولها :

حي شعبان فهو شهر سعودي     وعد وصلي فيه وليلة عيدي

ترجم له الزركلي في (الاعلام) وعدد بعض مؤلفاته وقال : وله مشاركة في حركة العراق الاستقلالية وثورة عام 1920 م ، انتهى . أقول وآل البلاغي من أقدم بيوت النجف وأعرقها في العلم والفضل والأدب ، أنجبت هذه الأسرة عدة من رجال العلم والدين وسبق أن ترجمنا في هذه الموسوعة للشيخ محمد علي البلاغي المتوفى سنة 1000 هـ . ويقول الشيخ اغا بزرك الطهراني في نقباء البشر أن المترجم له ولد سنة 1282 كما أخبره صاحب الترجمة نفسه بمولده

(1) وهو تعليقة على مباحث البيع من مكاسب الشيخ الانصاري .

ادب الطف - الجزء التاسع 150

وحيث أن الشيخ الطهراني من أخدانه واخوانه وكانت تجمعها وحدة البلد في سامراء أولاً عند استاذهما المغفور له الميرزا محمد تقي الشثيرازي ثم النجف ثانياً فقد ألّم بترجمته إلمامة كافية وافية كما كتب عنه الكثير من الباحثين ونشرت المجلات والصحف عن جهاده ومؤلفاته وأكبروا منتوجه العلمي ودفاعه عن الإسلام ومواقفه الصلبة بوجه المادية ودعاتها والطبيعيين وآرائهم .

وشيخنا البلاغي كان على جانب من عظيم من الخلق الاسلامي الصحيح فهو لا يماري ولا يداهن ولا تلين له قناة في سبيل الحق ، وكان مع علوّ نفسه متواضعاً يكره السمعة ويشنأ الرفعة ، وفي أغلب مؤلفاته يغفل اسمه الصريح فكانت الرسائل تأتيه باسم (كاتب الهدى النجفي) ومن العجيب أنه نشر جملة من الرسائل والمقالات باسم غيره ، ومؤلفاته تزيد على الثلاثين ، ترجم بعضها إلى الفارسية والانجليزية ، وقد ذكر الشيخ اغا بزرك في (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) أكثر هذه الكتب .

ولا زالت أندية النجف تتحدث عن قوة إيمانه وصلابة دينه وشدة ورعه ومنها موقفه في مجلس عقد في النجف ويقتصر على القادة أمثال الشيخ محمد جواد الجواهري والشيخ عبد الكريم الجزائري وفي مقدمتهم الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء قدس سره كما حضر المرحوم السيد محمد علي بحر العلوم والشيخ عبد الرضا آل الشيخ راضي قدس الله أرواحهم وذلك حول الدخول في وظائف الدولة ونظام المدارس الرسمية فكان صوته المجلّي ينبعث عن قلب مكلوم مطالباً باصلاح المدارس والاشراف عليها والتركيز على الأخلاق قبل العلم . انطفأ ذلك المصباح ليلة الاثنين 22 شعبان سنة 1352 هـ . وكان لنعيه أثر عظيم في العالم الإسلامي وعقدت له مجالس التأبين في البلاد الاسلامية وفي النجف خاصة في جامع الهندي وأنشدت القصائد الرنانة وقد دفن في احدى غرف الصحن الحيدري من الجهة الجنوبية وفي مقدمة القصائد قصيدة المرحوم السيد رضا الهندي وأولها :

إن تمس في ظلم اللحود موسدا     فلقد أضأت بهن (أنوار الهدى)

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث