[70]

فأجاب(عليه السلام): هو الكلأ والمرعى((1)). وذكر في صحيح مسلم 1/232 أنّ شريح بن هاني قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفّين فقالت: عليك بابن أبي طالب فسأله»((2)).

كما نُقل عن أنس أنّ عمر بن الخطّاب أيام خلافته سُئِل عن تفسير الآية الكريمة: (فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً)((3))، قال عمر: كلّ هذا عرفناه فما الأب؟ حيث جاء لأمير المؤمنين(عليه السلام)فأجابه بأنّ الآية التي بعدها تفسِّرها (لَّكُمْ وَلاَْنْعَامِكُمْ)((4)) وهو عطف للأنعام((5)).

وفي مواقف كثيرة مشابهة عندما يعجز عمر عن حلّ بعض المسائل المستعصية كان الإمام علي(عليه السلام) يجيب عليها، وكان يقول: «لولا عليّ لهلك عمر»، كذلك يقول: «لا عشت لمعضلة لا يكون لها أبو الحسن»((6))، حيث نجد كثير من المصادر والمراجع المعتبرة تنقل عن أبي هريرة قول عمر: عليٌّ أقضانا((7))، وربّما يتبادر إلى الذهن هل كان الإمام عليّ(عليه السلام) مؤهّلاً للخلافة أم لا؟ فإذا كان مؤهّلاً أكثر من غيره فلماذا تمّ الأمر لغيره نتيجة لِما حدث في مؤامرة السقيفة. نلاحظه(عليه السلام) عالج مشاكل الاُمّة بأعصاب هادئة وترك الاُمور تأخذ مجراها حرصاً على وحدة المسلمين من التصدّع.

إذن، نحن لمّا نذكر أدب الخلفاء الراشدين فإنّا نعني عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)فقط،

ــــــــــــــــــــ

(1)الإرشاد / الشيخ المفيد: ص107.

(2)البيان الجليّ / عيدروس بن أحمد الأندونيسي: ص167.

(3)تفسير الميزان / السيّد محمّد حسين الطباطبائي: ج10، ص211.

(4)عبس: 32.

(5)الدرّ المنثور / السيوطي: ج8، ص418.

(6)الإرشاد: ص109. عليّ إمام المتّقين / عبدالرحمن الشرقاوي: ج1، ص94.

(7)تاريخ الخلفاء / السيوطي: ص170.

[71]

وقد قيل في وصفه(عليه السلام): استغناؤه عن الكلّ واحتياج الكلّ إليه دليل علىأنّه إمام الكلّ.

كما قال ابن أبي الحديد في شرحه: وأمّا الفصاحة فهو(عليه السلام) إمام الفصحاء وسيّد البلغاء. وكذلك قال حول كلامه وفصاحته(عليه السلام) بعد كلام وفصاحة الرسول(صلى الله عليه وآله): كلامه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ((1)).

نموذج من خطبة الإمام عليّ(عليه السلام) الخالية من الألف:

وقد ذكر أنّه اجتمعت الصحابة فتذاكروا الحروف وأجمعوا أنّ الألف أكثر دخولاً في الكلام، فارتجل(عليه السلام) تلك الخطبة الطويلة والخالية من حرف الألف وبدأ(عليه السلام)قائلاً:

«حَمِدْتُ مَنْ عَظُمَتْ مِنَّتُهُ، وَسَبَغَتْ نِعْمَتُهُ، وَسَبَقَتْ غَضَبَهُ رَحْمَتُهُ، وَتَمَّتْ كَلِمَتُهُ، وَنَفَذَتْ مَشِيَّتُهُ، وَبَلَغَتْ قَضِيَّتُهُ.

حَمِدْتُهُ حَمْدَ مُقِرٍّ بِرُبُوبيَّتِهِ، مُتَخَضِّع لِعُبُودِيَّتِهِ، مُتَنَصِّل مِنْ خَطِيئتِهِ، مُتَفَرِّد بِتَوْحِيدِهِ، مُؤَمِّل مِنْهُ مَغْفِرَةً تُنْجِيهِ يَوْمَ يَشْغَلُ عَنْ فَصِيلَتِهِ وَبَنِيهِ.

وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَرْشِدُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنُؤْمِنُ بِهِ وَنَتَوكَّلُ عَلَيْهِ... وَشَهِدْتُ بِبَعْثِ مُحَمَّدرَسُولِهِ وَعْبِدِهِ وَصَفِيّهِ وَنَبِيّهِ وَنَجِيّهِ وَحَبِيبِهِ وَخَلِيلِهِ، بَعَثَهُ فِي خَيْرِ عَصْر... فَلْيَتَضرَّعُ مُتَضَرِّعُكُمْ، وَلْيَبْتَهِلْ مُبْتَهِلُكُمْ، وَيَسْتَغْفِرَ كُلُّ مَرْبُوب مِنْكُمْ لِي وَلَكُمْ، وَحَسْبِيَ رَبِّي وَحْدَهُ...»((2)) إلى آخر الخطبة الشريفة.

نموذج من خطبة الإمام عليّ(عليه السلام) الخالية من النقط:

وبعد ذلك رأوا أنّه لا بدّ من وجود النقطة في الكلام، فارتجل(عليه السلام) خطبة طويلة

ــــــــــــــــــــ

(1)أعلام نهج البلاغة / المحقّق علي بن ناصر السرخسي: ص7.

(2)قضاء أمير المؤمنين(عليه السلام) / الشيخ محمّد تقي التستري: ص76 ـ 79. عليّ من المهد إلى اللحد / محمّد كاظم القزويني: ص210 ـ 214. الإمام عليّ منتهى الكمال البشري / عباس علي الموسوي: ص112. الإمام عليّ رسالة وعدالة / الشيخ خليل ياسين: ص176.

[72]

خالية من النقط، نذكر منها بعض المقاطع:

«الْحَمْدُ للهِِ أَهل الْحَمْدِ وَمَأْواهُ، وَلَهُ أَوْكَدُ الْحَمْدِ وَأَحْلاَهُ، وَأَسْرعُ الْحَمْدِ وَأَسراهُ، وَأَطْهرُ الْحَمْدِ وَأَسْماهُ، وَأَكْرمُ الْحَمْدِ وَأَوْلاَهُ... الْحَمْدُ للهِِ الْمَلِكِ الْمَحْمُودِ، الْمَالِكِ الْوَدُودِ، مُصَوِّرِ كُلِّ مَوْلُود، وَمَوْئِلِ كُلِّ مَطْرُود، وَسَاطِحِ الْمِهَادِ، وَمُوَطِّدِ الاَْطْوادِ، وَمُرْسِلِ الاَْمْطَارِ، وَمُسَهِّلِ الاَْوْطَارِ، عَالِمِ الاَْسْرارِ وَمُدْرِكِهَا، وَمُدَمِّرِ الاَْمْلاَكِ وَمُهْلِكِهَا، وَمُكَوِّرِ الدُّهُورِ وَمُكَرِّرِهَا، وَمُورِّدِ الاُْمُورِ وَمُصَدِّرِهَا، عَمَّ سَماءَهُ، وَكَمَّلَ رُكَامَهَ وَهَمَلَ، وَطَاوَعَ السَّؤالَ وَالاَْمَلَ، وَأَوْسَعَ الرَّمْلَ وَأَرْمَلَ... أَرْسَلَ مُحَمَّداً عَلَماً لِلاِْسْلاَمِ، وَإِماماً لِلْحُكّامِ، مُسَدِّداً لِلرُّعاعِ... إِعْملُوا رَحمكُمْ اللهُ أَصْلَحَ الاَْعْمَالِ، وَاسْلُكُوا مَصالِحَ الْحَلاَلِ، وَاطْرَحُوا الْحَرامَ وَدَعُوهُ، وَاسْمَعُوا أَمْرَ اللهِ وَعُوهُ، وَصِلُوا الاَْرْحَامَ وَرَاعُوها، وَعَاصُوا الاَْهْواءَ وَارْدَعُوها...

وَلَهُ الْحَمْدُ السَّرْمَدُ، وَالْمَدْحُ لِرَسُولِهِ أَحْمَدَ...»((1)) إلى آخر الخطبة.

لقد بلغ الإمام عليّ(عليه السلام) القمّة في المواقف العبادية والبطولية واستعداده للتضحيّة لتطبيق أحكام الله، كما كان آيةً قاهرةً لله في عباده وعمدٌ في الحرب وسيف لا يرجع إلاّ بعد أن يأخذ قسطه من أداء الحقّ في سبيل الله، فهو السيف الصادق واللسان المعبّر، ولكن بعد إعلان مؤامرة السقيفة نجده(عليه السلام) لزم عقر داره، فما امتنع عن إعطاء الرأي عندما كان الخلفاء يطلبون رأيه، وبنفس الوقت نجده يقول: «لَوْلاَ الدين والتُّقى لكنت أدهى العرب»((2)). لقد ساهم بالقتال وساهم بالمشورة وساهم بدعم الإسلام لأنّ الأمر أكبر من كرسيّ يترجرج ويذهب بعد غد.

كان في قمّة خلافته يسكن في كوخ سقفه من البواري والحصير، وقد شاء الله

ــــــــــــــــــــ

(1)قضاء أمير المؤمنين(عليه السلام): ص80. عليّ من المهد إلى اللحد: ص115.

(2)تاريخ التشريع الإسلامي / الدكتور عبدالهادي الفضلي: ص55. الكافي / محمّد بن يعقوب الكليني: ج8، ص24.

[73]

لهذا الكوخ أن يتحوّل إلى قُبّة شامخة من الذهب، فقد عجز الإنسان عن الوصول إلى مقامه العظيم ولكن تلك الشخصيّة الفذّة حيّرت ذلك الإنسان إذ يقول الصاحب بن عبّاد:

وقالوا: عليّ علا قلتُ: لا ***** فإنّ العُلى بعليّ عَلا

ولكن أقولُ كقول النبيّ ***** وقد جمع الخلق كلّ الملا

ألا أنّ من كنت مولىً له ***** يوالي عليّاً وإلاّ فلا ((1))

لقد سجّل تأريخ المسلمين بصورة عامّة ولادة عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) في الكعبة، ولم تقتصر روايته على الشيعة فقط بل رواه جمهور المسلمين بقولهم لم يولد من قبله ولا من بعده مولود قطّ في الكعبة، وفي هذا المعنى يقول عبد الباقي العمري:

أنتَ العليُّ الذي فوق العُلى رُفعَ ***** ببطن مَكَّةً وسطَ البيتِ إذْ وضعا

وأنتَ حيدرةُ الغابِ الذي أَسدُ ***** البُرجِ السماوِي عنه خاسئاً رجعا

وأنت أنتَ الذي حُطَّتْ له قدمٌ ***** في موضع يده الرحمن قد وَضَعا

سمَّتكَ اُمُّكَ بنتَ الليث حيدرةً ***** أكرِم بلبوةِ ليث أنجبت سبعا((2))

وفي مناقب ابن شهرآشوب ذكر السيّد الحميري المتوفّى سنة 179هـ:

ولدته في حرم الإله وأمنه ***** والبيت حيث فناؤه والمسجد

بيضاء طاهرة الثياب كريمة ***** طابت وطاب وليدها والمولد

في ليلة غابت نحوس نجومها ***** وبدا مع القمر المنير الأسعد

ما لُفّ في خرق القوابل مثله ***** إلاّ ابن آمنة النبيّ محمّد((3))

ــــــــــــــــــــ

(1)ديوان الصاحب بن عبّاد / تحقيق الشيخ محمّد حسن آل ياسين: ص260.

(2)أعيان الشيعة: ج1، ص561. ديوان عبد الباقي العمري / صحّحه: عثمان المولوي: ص96. الترياق الفاروقي / تقديم: عبدالهادي الفضلي: ص97.

(3)أعيان الشيعة: ج3، ص421.

[74]

نموذج من خطبة الزهراء(عليها السلام) في مسجد المدينة:

ورد عن عائشة وهي تقول: «ما رأيت أحداً من خلق الله أشبه حديثاً وكلاماً برسول اللهصلّى الله عليه (وآله) وسلّم من فاطمة»((1)).

تعتبر شخصيّة فاطمة(عليها السلام) مثال المرأة التي يريدها الله سبحانه وتعالى، فهي القدوة والمثال الحليّ في كلّ زمان ومكان، فقد ورد في كتب الحديث والسِيَر أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) كان يقول: «فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها»((2)). وفاطمة سيّدة نساء العالمين، أبوها رسول الله، واُمّها خديجة بنت خويلد أسبق النساء إلى الإسلام والإيمان، أمّا زوجها فهو قطب من أقطاب الفكر عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وقد أنجبت ريحانتين هما الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة، لفّتهما بِبُردة جدّهما(صلى الله عليه وآله).

أي وسام فريد تحمله هذه السيّدة، فهل هناك امرأة من النساء تضاهيها. كان تُكنّى(عليها السلام) بـ«اُمّ أبيها»((3))، والتي كانت سلوة أبيها في تحمّل أعباء المسؤولية ومواجهة المحن والشدائد خاصّة بعد وفاة اُمّها وأبي طالب رضوان الله عليهما، حامي الرسول(صلى الله عليه وآله).

لقد كانت(عليها السلام) ربيبة العلم والزهد والحلم والصبر. ويروي حذيفة أنّ النبي (صلى الله عليه وآله ) قال: «أتاني ملك فبشّرني أنّ فاطمة سيّدة نساء الجنّة ونساء اُمّتي»((4)).

مرّت الأيام تطوي الليل وقد عاشت حياة الظلم والقهر حيث خيّمت على حياتها سُحب من الهموم والحزن بالأخصّ بعد وفاة أبيها(صلى الله عليه وآله).

وبعد الزوال بقليل بلغ صوتها القوم، حيث ألقتْ تلك الخطبة الطويلة، والتي

ــــــــــــــــــــ

(1)العقد الفريد / ابن عبد ربّه: ج3، ص194.

(2)الإصابة في تمييز الصحابة / ابن حجر: ج4، ص378. مجمع الزوائد: ج9، ص203.

(3)المصدر المتقدّم: ص377.

(4)مناقب آل أبي طالب / محمّد بن عليّ بن شهرآشوب: ج3، ص370.

[75]

كانت في غاية من الفصاحة والبلاغة والشجاعة وقوّة الحجّة في المسجد بحشد من المهاجرين والأنصار والتي ذكرتها كتب الحديث والسِيَر والتي تواترت عن العلماء بأسانيدهم، وبمختلف مذاهبهم. وقد جاء فيها:

«الْحَمْدُ للهِِ عَلى ما أَنْعَمَ، وَلَهُ الشُّكْرُ عَلى ما أَلْهَمَ، وَالثَّناءُ بِمَا قَدَّمَ...

وَأَشْهَدُ أَن لاَ إِلـهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، كَلِمَةٌ جَعَلَ الاْخْلاَصَ تَأْوِيلَها، وَضَمَّنَ الْقُلُوبَ مَوْصُولَها...

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إِخْتارَهُ وَانْتَجَبَهُ قَبْلَ أَنْ أَرْسَلَهُ... فَجَعَلَ اللهُ الاْيمانَ تَطْهِيراً لَكُمْ مِنَ الشِّرْكِ، وَالصَّلاَةَ تَنْزِيهاً لَكُمْ عَنِ الْكِبْرِ، وَالزَّكاةَ تَزْكِيَةً لِلنَّفْسِ وَنِماءً فِي الرِّزْقِ، وَالصِّيامَ تَثْبِيتاً لِلاْخْلاَصِ، وَالْحَجَّ تَشْييداً لِلدِّينِ، وَالْعَدْلَ تَنْسِيقاً لِلْقُلُوبِ، وَطَاعَتَنا نِظاماً لِلْمِلَّةِ، وَإِمامَتَنا أَماناً لِلْفُرْقَةِ، وَالْجِهادَ عِزّاً لِلاْسْلاَمِ وذلاًّ لاَِهْلِ الْكُفْرِ وَالنِّفاقِ، وَالصَّبْرَ مَعُونَةً عَلى اسْتِيجابِ الاَْجْرِ، وَالاَْمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ مَصْلِحَةً لِلْعَامَّةِ، وَبِرَّ الْوالِدَيْنِ وِقايَةً مِنَ السَّخَطِ، وَصِلَةَ الاَْرْحَامِ مَنْسأةً فِي الْعُمْرِ، وَالْقِصاصَ حِقْناً((1)) لِلدِّماءِ...».

ثمّ قالت(عليها السلام): أَيُّهَا النَّاسُ، إِعْلَمُوا أَنِّي فَاطِمَةُ، وَأَبِي مُحَمَّدٌ(صلى الله عليه وآله)، أَقُولُ عَوْداً وَبَدْءاً((2))، وَلاَ أَقُولُ مَا أَقُولُ غَلَطاً، وَلاَ أَفْعَلُ مَا أَفْعَلُ شَطَطاً((3)) (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ((4)) حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)((5))...

ثمّ التفتت إلى أهل المجلس وقالت: يا مَعْشَرَ الْفِتيةِ وَأَعْضَادَ الْمِلَّةِ، وَحَصَنَةَ

ــــــــــــــــــــ

(1)حقناً: حفظاً.

(2)عوداً وبدءاً: آخراً وأوّلاً.

(3)شططاً: تباعداً عن الحقّ.

(4)عنتّم ـمن العناءـ: المشقّة.

(5)التوبة: 128.

[76]

الاْسْلاَمِ، ما هذِهِ الْغُميزةُ((1)) فِي حَقِّي والسِّنَةُ((2)) عَنْ ظُلاَمَتِي؟ أَما كَانَ رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله)أَبِي يَقُولُ: «الْمَرْءُ يُحْفَظُ فِي وُلْدِهِ» سُرْعانَ ما أَحْدثْتُمْ... (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَب يَنقَلِبُونَ)((3)) وَأَنا إِبْنَةُ نَذِير لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٌ شَدِيدٌ، فَاعْمَلُوا إِنّا عَامِلُونَ، وَانْتَظِرُوا إِنّا مُنْتَظِرُونَ»((4)).

وقد رثاها من الشعراء عبد الحسين الاُزري، فقال في قصيدته الطويلة:

تركوا عَهْدَ أحمد في أخيه ***** وأذاقوا البتول ما أشجاها

فدعتْ واشتكتْ إلى الله شكوى ***** والرواسي تهتزّ من شكواها

ولأيّ الاُمور تُدفنُ سِرّاً ***** بضعة المصطفى ويُعفى ثراها

فمضتْ وهم أعظم الناس وجداً ***** في فم الدهر غُصّة من جداها

وثوتْ لا يرى لها الناس مثوى ***** أيّ قدس يضمّه مثواها((5))

ــــــــــــــــــــ

(1)الغُميزة: ضعف العمل أو العقل.

(2)السّنَة: الغفلة.

(3)الشعراء: 227.

(4)بلاغات النساء / ابن طيفور: ص16. المجالس السنيّة / السيّد محسن الأمين: ج5، ص107.

(5)المجالس السنيّة: ص136. وفاة الصدّيقة الزهراء / عبدالرزاق المُقرّم: ص112.

[77]

الفصـل السادس

أشهر الشعراء

أنواع الأدب في هذا العصر

الغزل

1 ـ الغزل الماجن

2 ـ الغزل العفيف

أشهر شعراء الغزل العفيف

ـ قيس بن المُلوَّح

ـ جميل بثينة

ـ كُثيِّر عَزَّة

[78]

[79]

الحياة

والحضارية الاُموية

40 ـ 132هـ

لقد اتّسمت حياة العرب في الجاهلية على العصبية القبلية، فلمّا بزغ نور الإسلام ذابت بعض هذه العصبيات وحلّ محلّها الانتماء إلى الجماعة الإسلامية من ناحية، ومن ناحية اُخرى شغلت الفتوحات الإسلامية قسماً من الشعراء اللامعين، حيث اُرسيت اُسس الدولة الإسلامية الجديدة حاملة مبادئ الدين الجديد.

وفي الوقت نفسه نلاحظ القسم الآخر من الشعراء الُمخضرمين ظلّوا طيلة بداية عهد الإسلام حتّى زمن معاوية ومروان بن الحكم، متمسّكين بعصبياتهم الجاهلية وإصرارهم على خذلان الدين الجديد، بالرغم من إسلامهم العلني وعدم إيمانهم به اضطراراً أو تكسّباً.

لذلك ظهرت هذه العصبية الجاهلية المكبوتة على يد جماعة من الشعراء، عاشت في ظلّ الحكم القبلي العشائري، وبالأخصّ زمن دولة آل مروان من بني اُميّة كـ: (الحطيئة، وجرير، والأخطل، ونصيب، والأحوص، والطرمّاح). فقسّمت الاُمّة إلى سنّة وشيعة وخوارج ومُرجِئَة، وهذه الفرقة الأخيرة كانت من الاُمويّين «وقالوا إنّنا نطيع الخليفة ولو كان فاسقاً ونرجئ أمره إلى الله، فالله هو