[170]

الكتاب المذكور يدور حول أسئلة يلقيها ملك من ملوك الهند، ويجب على تلك الأسئلة أحد الفلاسفة، فالكتاب إذن لِتعلُم الاُمراء كيف يحكمون شعبهم وكيف يتعايش الناس بينهم.

الأدب الكبير: وهذا الكتاب يبحث الأخلاق والاجتماع وحسن الإدارة.

الأدب الصغير: ويبحث حول تهذيب النفس وترويضها على معرفة الخالق.

رسالة الصحابة: وهدف هذا الكتاب إصلاح المجتمع سياسياً واقتصادياً وأخلاقياً((1)).

كما وتضمّن هذا الكتاب خططاً وأساليب تخصّ الاُمور الإدارية والحربية.

لم يعش ابن المقفّع طويلاً; فقد نقم عليه المنصور وأمر بقتله، وقتل سنة 142هـ وعمره لم يتجاوز السادسة والثلاثين.

الجاحظ

ولد عمرو بن بحر الجاحظ في البصرة سنة 150هـ، وقيل: سنة 159هـ((2))، وكان جاحظ العينين، أسود اللون، قصيراً، ولم يتزوّج. وفي السنين الأخيرة اُصيب بالفلج ومات وعمره ست وتسعين سنة.

كان الجاحظ عظيم الذكاء، قوي الملاحظة، واسع التفكير، بارعاً في كثير من علوم اللغة والأدب والعلوم الاُخرى.

أشهر كتبه:

كتاب الحيوان: أكبر كتب الجاحظ حجماً وأجمعها لفنون العلم والأدب معاً، وقد ذكر فيه أنواع الحيوانات وأجناسها وأعضائها وطرق حياتها.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1)موسوعة عباقرة الإسلام / محمّد أمين: ص163.

(2)المنهاج في الأدب العربي وتاريخه: ص173.

[171]

كتاب البخلاء: تطرّق الجاحظ في هذا الكتاب عن البخل والبخلاء، ثمّ وصف جانباً من حياة البخل في خضم من الترف وحياة اُولئك الذين كانوا فقراء ثمّ أيسروا فجأة.

كتاب البيان والتبيين: الجاحظ في أواخر عمره ألَّف كتاب البيان والتبيين، ذكر فيه الألفاظ والتراكيب والشعر والشعراء، كما ونقل فيه نماذج من الشعر والنثر تصف أحوال الإنسان، وكذا تطرّق إلى لهجات العرب.

من هذا نتمكّن أن نقول إنّ هذا الكتاب يبحث علوم البلاغة والأدب والتاريخ.

ومن شعره في الشيخوخة والشباب:

أترجو أن تكونَ وأنت شيخٌ ***** كما قد كُنْتَ أيّامَ الشبابِ

لقد كَذَبَتْكَ نفسُك ليس ثوبٌ ***** دريسٌ ((1)) كالجديد من الثيابِ ((2))

عاش الجاحظ أكثر من قرن من الزمان، وشهد عصر المنصور والمهدي والرشيدوالمأمون والمتوكّل، وعاصر التطوّرات السياسية والاجتماعية والعقلية والأدبية.

لقد نوّه بأدب وتراث الجاحظ جميع روّاد الأدب والفكر والبيان على مرِّ العصور.

لقد ألّف الجاحظ أكثر من خمسين وثلاثمائة كتاب في مختلف فروع المعرفة ضاعت أكثرها، وممّا بقي لنا كتاب الحيوان والبخلاء والبيان والتبيين وكتاب المحاسن والأضداد، والذي يُعتبر من روائع تراث الجاحظ، وقد جمع فيه ضروباً من الفكر والأدب مع سموّ الاُسلوب وروعة البيان وسعة المعرفة وغزارة المادة، ومع القدرة على جمع الأخبار والنوادر والقصص ونصوص الأدب، كما وينقلنا من الشيء

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1)الدريس: البالي.

(2)تاريخ الأدب العربي / عمر فرّوخ: ج2، ص314.

[172]

وضدّه في لمحة خاطفة وبراعة فائقة. كما وتضمّن كتاب المحاسن والأضداد نصوصاً أدبية جاهليّة وإسلامية ومحدثة.

توفّي عمرو بن بحر الجاحظ سنة 255هـ.

[173]

الفصـل الحادي عشر

المذاهب وكتب الحديث

نشوء المذاهب والفِرَق

المذهب الحنفي

المذهب المالكي

المذهب الشافعي

المذهب الحنبلي

الشيعة الاثنا عشرية

كُتب الحديث

الصحاح الستّة عند السنّة

الكتب الأربعة عند الشيعة

[174]

[175]

نشوء المذاهب والفِرق ]

كانت المذاهب أكثر من أربعة، فمثلاً كان الطبري السنّي صاحب مذهب، كذلك كان الأوزاعي والسفيان الثوري، والنخعي، كلّ منهم صاحب مذهب، لكن السياسة العبّاسية اقتضت أن تعترف بالمذاهب الأربعة لكي يكونوا أمام مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، ومن أهمّ مؤسّسي هذه المذاهب:

أوّلاً: أبو حنيفة النعمان بن ثابت:

وُلد سنة 80هـ، ونشأ بالكوفة، وكان فارسي الأصل((1))، وهو صاحب المذهب الحنفي، وله كتاب «الفقه الأكبر» و«الفقه الأصغر».

دفن في بغداد، توسّع مذهبه في تحكيم العقل، وكان يفتي بالرأي حتّى سمّي بمذهب أهل الرأي، ويستعمل القياس في استنباط الأحكام، والمذهب الحنفي أكثر المذاهب انتشاراً، وقد تتلمذ سنتين على يد الإمام الصادق(عليه السلام)، وقال: «لولا السنَتَان لهلك النعمان». كذلك قال: «ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد».

توفّي سنة 150هـ.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1)الأنباء في تاريخ الخلافة / محمّد بن علي بن محمّد: ص202. الأئمّة الأربعة / الدكتور: أحمد الشرباصي: ص135.

[176]

ثانياً: مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي:

ولد سنة 93هـ بالمدينة، وأسّس المذهب المالكي والذي يعتمد أصحابه على القرآن والحديث، لذا سمّي مذهبه بمذهب أهل الحديث، وله كتاب الموطّأ الذي استغرق تأليفه أربعين سنة((1))، وهو كتاب في الفقه والحديث، كان مالك مفتي المدينة، وقد توفّي سنة 179هـ ودفن فيها. وانتشر هذا المذهب في الحجاز والمغربوالجزائر وليبيا وموريتانيا ونيجريا والسودان والكويت.

ثالثاً: محمّد بن إدريس الشافعي:

وُلد في غزّة بفلسطين سنة 150هـ، صاحب كتاب «الاُمّ» و«السنن المأثورة» و«رسالة الرسالة» و«كتاب المبسوط» و«المسند في الحديث»، وكتاب «الوصايا الكبيرة»((2)) ومذهب الشافعي مذهباً وسطاً بين الحنفي والمالكي، فهو يقبل بالأدلّة الأربعة: الكتاب والسنّة والإجماع والقياس، ويمتاز الشافعي بنسبه إلى قريش.

فالشافعي إلى جانب حفظه للقرآن الكريم وتدريسه للحديث والفقه كان شاعراً في الحكمة والأخلاق ويكثر في ديوانه من ذكر فضائل أهل البيت(عليهم السلام)، كذلك كان عالماً باللغة والأدب وبالنجوم والأنساب. وقد انتشر المذهب الشافعي بوجه خاصّ في مصر ثمّ اندونيسيا، وله أتباع في فلسطين وسوريا ولبنان.

لقد بلغ من احترامه لأهل البيت(عليهم السلام) حيث يذكر أنّه كان يزور السيّدة نفيسة((3))

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1)الاُصول الفكرية / محمود الخالدي: ص224.

(2)المصدر المتقدّم: ص226.

(3)قبر السيّدة نفيسة في القاهرة، ومزارها أعظم من مزار الشافعي، وفي كلّ سنة يحتفل المصريّون بذكرى ميلادها، وتقام النذورات والاحتفالات بشأنها، والسيّدة نفيسة هي حفيدة الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام). تزوّجها إسحاق المؤتمن ابن الإمام الصادق(عليه السلام).

[177]

«بنت الحسن بن زيد بن الحسن المجتبى» ((1)) على عتبة دارها أدباً «وقد رأى من علمها ومعرفتها ما جعله يثني عليها» ((2)) ويسألها من وراء الستار المسائل.

لقد حدّث الصولي عن المبرّد أنّه قال: «كان الشافعي أشعر الناس» ((3)).

ومن شعره في أهل البيت(عليهم السلام):

يا آلَ بيتِ رَسولِ اللهِ حُبَّكُم ***** ُفَرضٌ مِنَ اللهِ في القرآنِ أنزَلَهُ

يكفيكمُ من عَظِيمِ الشأنِ أنَّكُمُ ***** من لمْ يصلِّ عليكُم لا صلاة لَهُ((4))

كذلك قال:

يا ركباً قِف بالمُحصّب من مِنىً ***** واهتِف بقاعِدِ خَيْفِهَا والنَّاهِض

سَحَراً إذا فاضَ الحجيجُ إلىَ مِنى ***** فيضاً كمُلتَطِمِ الفُراتِ الفائِض

إنْ كان رفضاً حبّ آل محمّدٍّ ***** فَليشهد الثَّقلانِ أنّي رافِضُ((5))

وكذلك قال في الرضا بقضاء الله وقدره:

دع الأيام تفعل ما تشاء ***** وطب نفساً إذا حكم القضاءُ

ولا تجزع لحادثة الليالي ***** فما لحوادث الدنيا بقاءُ

وكُن رجلاً على الأهوال جلْداً ***** وشيمتك السماحة والوفاءُ

ولا حزن يدوم ولا سرور ***** ولا بؤس عليك ولا رخاءُ

وَأرِضُ الله واسعة ولكِنْ ***** إذا نزل القضاء ضاق الفضاءُ((6))

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1)أعلام النساء المؤمنات: ص626.

(2) و (3) معجم الاُدباء / ياقوت الحموي: ج9، ص312.

(4)توالي التأسيس / الحافظ ابن حجر العسقلاني: ص146. ديوان الإمام الشافعي / تحقيق: إسماعيل اليوسف: ص74.

(5)وقد وردت في ديوانه بالياء (رافضي): ص58.

(6)ديوان الشافعي / جمعه: محمّد عفيف الزعبي: ص17.

[178]

وتوفّي الشافعي يوم الجمعة آخر رجب سنة 204هـ، ودفن بالقاهرة.

رابعاً: أحمد بن محمّد بن حنبل مؤسّس المذهب الحنبلي:

ولد في بغداد سنة 164هـ، وقيل: إنّه تنقّل بين اليمن والكوفة والبصرة ومكّةوالمدينة والشام(()). وهو صاحب كتاب «المسند» الذي يضمّ 40 ألف حديث، وكان على عكس أبي حنيفة يعمل بظاهر القرآن والحديث، أشبه بالأخبارية الشيعيّة. وإنّ أحمد بن حنبل له قول أيضاً في حقّ الإمام الصادق(عليه السلام). ويعتبر المذهب الحنبلي أقلّ المذاهب السنّية انتشاراً، وشاع في المملكة العربية السعودية.

توفّي ابن حنبل سنة 241هـ، ودفن في بغداد.

الشيعة الاثنا عشرية:

الشيعة: لغةً هم الأتباع والأنصار((2))، وقد غلب هذا الاسم على من يتولّى عليّاًوأهل بيته(عليهم السلام) حتّى صار لهم اسماً خاصّاً((3)). والذي دعاهم إلى هذا الاعتقاد النصوص العديدة الصادرة من الرسول(صلى الله عليه وآله) على أمانته وسابقته وقرابته القريبة من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1)الاُصول الفكرية: ص227.

(2)الفرق الكلامية الإسلامية / الدكتور علي عبدالفتّاح المغربي: ص141. مقدّمة تاريخ ابن خلدون / عبدالرحمن بن محمّد بن خلدون: ج1، ص246. موسوعة الفِرق الإسلامية / الدكتور محمّد جواد مشكور: ص322. الموسوعة العربية الميسّرة / إشراف محمّد شفيق غربال: ج2، ص1106. لقد شيّعني الحسين / إدريس الحسني: ص30. الفِرق والمذاهب الإسلامية / ع. أمير مهنّا: ص127. تاريخ الجمعيات السرية والحركات الفكرية / محمّد عبدالله عنان: ص26. دائرة المعارف: ج4، ص353. الخوارج والشيعة / ترجمة: عبدالرحمن بدوي: ص146. شرح المصطلحات الكلامية: ص180.

(3)الشيعة الإمامية: ص69. القاموس الفقهي / حسن مرعي: ص121. الشيعة في التاريخ / محمّد حسين الزين: ص16. الغلوّ والفِرق الغالية: ص259. معجم المصطلحات الدينية: ص92.

[179]

النبيّ(صلى الله عليه وآله)، فهو أوّل من آمن به((1))، وأوّل من صلّى خلفه من الرِّجال، وهو مع ذلك زوج ابنته فاطمة(عليهما السلام).

لذلك يرى الشيعة أنّ الإمامة لا تخرج عن أولاده((2))، وهم (أولاد فاطمة)((3)) على وجه الخصوص.

وقد انطوى تحت اسم التشيّع عبر التاريخ فِرق كثيرة من أشهرها الفرقة الاثنا عشرية، والتي تعتبر أحد المذاهب الإسلامية((4))، بل أقدمها((5))، ولهم مدرستهم الكلامية((6)) والفقهيّة((7)) المتميّزة. وقد اشتهروا بالمذهب الجعفري نسبة إلى الإمام

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1)القاموس الإسلامي / وضع: أحمد عطيّة: ج4، ص217. تاريخ الفكر الفلسفي في الإسلام / محمّد علي أبو ريّان: ص125. التشيّع / عبدالله الغريفي: ص20. مقالات الإسلاميّين واختلاف المصلّين / علي بن إسماعيل الأشعري: ج1، ص65.

(2)دائرة معارف القرن العشرين / محمّد فريد وجدي: ج5، ص424. الملل والنِّحل / الشهرستاني: ج1، ص131. دائرة المعارف: ج10، ص661. جهاد الشيعة / الدكتورة سميرة مختار الليثي: ص23.

(3)الفصل في الملل والأهواء والنحل / ابن حزم: ج2، ص113. مقدّمة تاريخ ابن خلدون: ج1، ص247. دائرة معارف القرن العشرين: ج2، ص773.

(4)المعجم الموسوعي / الدكتور سهيل زكار: ج2، ص543. القاموس الإسلامي: ج1، ص176. تاريخ الفِرق الإسلامية: ص110. الاتّجاهات الحزبية في الإسلام / فاطمة جمعة: ص141.

(5)العقيدة والشريعة في الإسلام / جولد تسيهر: ص169. المذاهب الإسلامية / محمّد محمود أبوزهرة: ص51. دروس في فقه الإمامية / الدكتور عبدالهادي الفضلي: ص49.

(6)مذهب الإماميّة / الدكتور عبدالهادي الفضلي: ص7. الفِرق الكلامية / الدكتور علي عبدالفتّاح المغربي: ص7.

(7)أزمة الخلافة والإمامة وآثارها المعاصرة / الدكتور أسعد القاسم: ص299. الشيعة هم أهل السنّة / الدكتور محمّد التيجاني: ص17. مذهب الإماميّة: ص8. دروس في فقه الإمامية: ص41.