هـاهم قـد تـفيأوا ظـل من كا ن عـلى الـعالمين لـله iiظـلاّ
ذاك ((مهديُّ)) شرعة الحق iiوال قـائمُ فـيها بالصدق قولا iiوفعلا
مَـن اذا جـاد واهـبا جاد وبلا واذا قـال نـاطقا قـال iiفـصلا
أســدٌ رشَّــح الالـهُ iiبـنيه لـعرين الاسـاد شـبلا iiفـشبلا
عـلمأُ الـهدى دعـائم دين iiاللّ ه حـفّـاظُه ونـاهـيك iiفـضلا
وسقى اللهُ ((صالحا)) غيث iiلطفٍ بـشـآبيب عـفـوه iiمـسـتهّلا
وقال راثيا الحاج محمد عوض وقد سأله أخوه أحمد عوض ذلك:ـ
لـو بـرَّد العذلُ من iiغليلي لـم أحم سمعي عن iiالعذول
لام خـلـيُّ الـحشا iiفـقلبي مـلانُ مـن دائـي الدخيل
أثـكلني الـدهرُ وهـو iiلاهٍ لـم يـدر مـا لوعةُ iiالثكول
لـو صـدعت نكبتي iiحشاه اذا كـسا جـسمه iiنـحولي
يـقول مـالي أراك حـزنا تـحـنُّ كـالواله iiالـعجول
تـعـزَّ إنَّ الـعزاء أولـى بـشـيمة الـكامل iiالـنبيل
فـقلت عـنّي وهل iiلغيري يـا لائـمي رنـةُ iiالعويل؟
قـلبي بـالصبر كـان iiسيفا وامـتـلا الـيوم iiبـالفلول
مـعـلّلي بـالـعزاء iiرفـقا تـحنو عـلى قـلبي iiالعليل
كـذبت لـو قد عناك iiوجدي مـا نمت عن ليلي iiالطويل
أسـأل عن صبري iiالجميل بـعد افـتقادي ((أبا iiخليل))
قـضى بحجر النهى عزيزا والموت ضربٌ من iiالخمول
ولـم تـغمِّضْ لـه iiجـفونا إلاّ يــدا مـجـده iiالاثـيل
وغـسلته الـعُلى iiوقـالت: بـوركت مـن طاهرٍ غسيل
ثـمّ نـعت: أيـها iiالمسجّى والـحمدُ فـي برده iiالجميل
أمـا تـرى ((أحمدا)) ينادي يـا مقلتي في الدموع iiسيلي
ومـنك يـنعي على iiنجيبٍ قــرمٍ لاثـقـاله iiحـمول
يـقول يـا مـنهضي iiبرفقٍ مـن عثرة الدهر من iiمقيلي
أصـول فـيمن على iiزماني يـا دافـني سـيفي iiالصقيل
وهـذه الـمكرماتُ iiتـنعى فـتـخلط الـنعيَ iiبـالعويل
قـد حـملوا واحدي iiبنعشٍ خـف بـعبء النهى iiالثقيل
يـا راحـلا لـلبلى إلى iiمن بـعدك بـين الورى iiرحيلي
مـنك ربـاعُ العُلى iiبرغمي خلت ورغم الحجى iiالاصيل
زهـت زمـانا بـها iiالليالي والـسعدُ فـي ظلها iiالظليل
وغــرُّ أيـامـها حـسانٌ تـمرُّ وضـاحة iiالـحجول
والـناسُ مـن رائـحِ iiوغادٍ يـثني بـمعروفها iiالـجزيل
والـيوم ذاك الـثنأُ iiأضحى نـوحا عـلى رزئه iiالجليل
كـنت ((لشبليَّ)) أمس iiأنعى والـيوم أنـعى أبـا الشبول
تـتـابعوا لـلمنون iiعـنّي تـتـابعَ الـشهب iiلـلافول
جـفاهم الـدهرُ بعد iiوصلٍ والـدهرُ كـالعاشق iiالملول
لـم يـبقَ إلاّ الـقليلُ iiمنهم والـخيرُ فـي ذلـك iiالقليل
فـروعُ مـجدٍ شـذا iiعلاهم يـشهد بـالطيب iiلـلاُصول
مـن ((أحـمدٍ)) قدرُه iiعليُّ ومــن أخٍ لـلنهى iiخـليل
قـبيلة الـمجد مَـن iiسواكم لـم يـعرف المجد من iiقبيل
عـذرا اذا لـم أقـلْ iiعـزأً مـا هـذه قـولة iiالـثكول
وطـاب قـبرٌ بـه iiتوارى ((محمدٌ)) ذو الحجى الاصيل
أغـناه مـا فـيه من iiسماحٍ عن سقى جفن الحيا iiالبخيل
وقال الشاعر لما توفي الحاج محمد صالح كبه: نظمت في رثائه هذه القصيدة، وذهبت إلى
بغداد لتعزية ولديه الحاج مصطفى، والحاج محمد حسن، وانشادها في ناديهما، وكان قد
تأخر نظمها وذهابي إلى هناك شهرا كاملا. فكتبت أمام القصيدة هذه المقدمة الفريدة
وتُليتا معا؛ وكانت المقدمة كالاعتذار عن ذلك:
وقفتُ على ((الزوراء)) وهي يتيمةٌ تحنُّ لمن أبقى المعالي ثواكلا
فتنعاه طورا للفواضل والنهى وطورا له تنعى النهى والفواضلا
قد شقَّت بيد المصاب جيبها ورثاءها. حين أخذت رجفةُ الحزن أحشاءها. وجزَّت بمدية
الجزع ناصيتها ولمّتيها. وبادرت حثو التراب على رأسها بكلتا يديها. وغسل الدمعُ من
عينها سوادَها.
فصبغت فيه أبرادها. وبرزت في محفل النياحة. معولة بأعظم المناحة. موحشة العبوس
والتقطيب. معلنة بالبكاء والنحيب. ما تراءت للعيون ماثلةً. إلاّ وأنشأت قائلةً:
بكائي بعينَي لم يكفني لمن قطع الدهرُ فيه وتيني
فليت توزع دمعي الانامُ لابكي عليه بكلّ العيون
وهي في نعاء قلق الدهر من ضجته، وبكاء غرق الصبِّ في لجته، فحين رأيت خطبها عظيما،
وشاهدت كربها جسيما، مسكت بكفي رواجف صبري، وطفقت أسألها على سبيل تجاهل العارف
كأنني لست أدري:
فـقلتُ على مَن رنةُ النوح iiوالبكا فقالت على من لا ترى الدهرَ مثله
ألـيس أبـي ذلـك الذي تعهدونه طـوت نـوبُ الايـام عنّي iiظَّله
فـقلت وعـندي من فؤادي iiبقيَّة خـذي يـا يد الاحزان قلبي iiكله
فما ينطبع في مرآة فكري، ولا يرتسم في لوح صدري، أن يروعَ قلبي ما بقيت صوتُ ناعيه،
بعد أن ملات مسامعي رنة هذه الواعية، التي ضرب فيها بازلُ الحزن بحرانه صدر باحة
الكرم، وانقصمت من القاء كلكله عليها فقارةُ ظهر الشرف الاقدم، ورباعُ السؤدد أضحت
فيها ثميلة الدموع محلولة الوكاء، بعدما كانت مطولة الربع بمخيلة السخاء، وغادر
رواق المجد محفلا للنوح والرثاء، بعدما كان محلا للمدح والثناء:
عـادت مراثي تهنيات iiالعُلى يـنصدع الـقلب بـإنشادها
قد رحل اليوم سرور iiالورى فـلـتلتمسه يـوم مـيعادها
قـد دفنت تحت الثرى عيدها وأبـقـت الـنحرَ iiلاكـبادها
فلا ازدهاها يوم ((نوروزها)) ولا أتـى ((الفطرُ)) باسعادها
بمن تسرُّ أو تسعدُ ما بقي الدهر، والذي كانت علياه عليه، وعينُ رجائها ممدودة
اليه، قد اُدرج والتقوى في طاهر بردٍ، ووسُّد والصلاح في لحدٍ، ولقد هممت أن أعقل
لسان هذه الثاكلة، واواري شخص هذه النائحة الماثلة، لتأخر زمانها، وعدم مبادرتها
كأمثالها من أترابها وأخدانها، ولقولهم: إن قدمت المرزية، سمجت التعزية، فقلت: لا
وأدمعك الغزار، لا يقرُّ لي قرارٌ دون ما أنوح عليه بما يكون كالمثل السائر، في
نعوت فلك مصابه الدائر، أبتلك المراثي يناح دوني عليه؟ فتكون كفأً لعظيم مصابه وإن
تقدمتني اليه، فإليك عنّي إن الكلم رحيبٌ، وما المصاب كمن يأمل أن يصيب، وربَّ
نائحةٍ وسواها المستعيرة، وليست الثكلى كالمستأجرة، على أن كل يومٍ يمرُّ من بعده،
ولا يُرى فيه فهو يوم فقده، وأما وأخلاقه الزاهرة، وتربة مرقده الطاهرة، التي لا
يزال فيها نسيم الرحمة والرضوان، يهبُّ أطيب مهبِّ فيجلب فيه سحائب الغفران، وإن لم
يكن هناك ذنبٌ ولكن تركت لي عناني، وأطلقت في ميدان القول لساني، لانوحنَّ عليه
نياحةً ترجف منها الارض بأوتادها، وتمزِّق عليها الدنيا أحشاءها بعد أبرادها،
ولادعنَّ ساعة قيامي بها تشبه قيام الساعة، حتى يحطم الدهرُ صدره وأضلاعه، وتقول
للخنساء: أين :أنت منها، ويا بنت الاراك خلفك عنها، فخلعت عنها عذارها، وتركت لها
مضمارها، وأوسعت لها في مجالها، فافتتحت في عتاب الدهر براعة استهلالها:
يـا دهـرُ ما شئتَ فاصنع هان ما iiعظما هــذا الـذي لـلرزايا لـم يـدع ألـما
رزٌ تـلاقت رزايـا الـدهر iiفـاجتمعت فـيـه فـهوّن مـا يـأتي ومـا iiقـدما
مـا بـال امُّ الـليالي فـيه قـد iiحـملت فـلـيـتها وأبـــا أيـامـها iiعـقـما
لـقـد تـحكَّم فـي الـدنيا فـنال iiبـها مـن الـنواظر والاحـشاء مـا احـتكما
عـجَّـت ولا كـعجيج الـموقرات بـه وهـل تـلام وهـذا ظـهرُها iiانـقصما
مـضـى الــذي طـبقتها كـفُّه iiنـعما فـطـبـقتها الـلـيالي بـعـده نـقـما
الان غـــودرت الامــال iiحـائـمةً وأيـن فـي الـدهر مـنها من يبلّ فما؟
وقـبَّةُ الـمجد قـد مـالت ولا iiعـجبٌ فــإنَّ أثـبت أركـان الـعُلى iiانـهدما
فـلينتظم مـأتما عـمرُ الـزمان iiلـمن بـالـصالحات جـميعا عـمرُه iiانـتظما
ولـتـحتلب عـينها الـدنيا لـمن يـدُه كـانـت حـلوبة جـودٍ تـقتل iiالازمـا
وكـيـف تـسـأمُ مـن دمـعٍ iiتـتابعه ومــن مـتـابعة الـنعماء مـا iiسـئما
فـي الـكف ما زرعت حسن الرجاء iiله إلاّ وأمـطـرها مــن كـفّـه iiكـرما
يــا آخـذا كـلَ قـلبٍ فـي iiمـلامته دع الـمـلام وشـاطرني الـدموعَ iiدمـا
واقـرع بـلومك سـمعَ الدهر حيث iiأتى بـرنَّـةٍ تـركـته يـشـتكي iiالـصمما
طـويتَ مـن يـستظلُّ الـمعدمون iiبـه فـليت يـا دهـرُ قـسرا ظـلُّك iiانعدما
هــل يـعلم الـزمنُ الـغدّار لا iiعـلما مــاذا بـه هـجم الـمقدارُ لا iiهـجما؟
فــأيُّ رزٍ بـأيِّ الـناس يـكبر iiفـي صـدر الانـام سـوى هـذا الذي iiدهما؟
أفــي ذوي الـحلم فـالثاوي iiزعـيمُهم أم فـي بـني الـعلم فالثاوي أبو iiالعلما؟
أم فـي الانـام جـميعا فـالذي iiافـتقدوا هـو الـذي جـمعت أبـراده iiالامُـما؟
بــل كـلُّ مـيتٍ لـه ثـلمٌ بـحوزته لـكنَّ فـي مـوته الاسـلام قـد iiثـلما
قـام الـنعيُ عـلى ((دار الـسلام)) iiله فـقلت بـعدك لـيت الـكون مـا iiسلما
مــا زال بـشـرُك بـالعافين iiمـلتمعا حـتى تـحوَّل فـي أحـشائهم iiضـرما
وإن بـكـتك فــلا مـنُّ عـليك لـها بـماء جـودك جـاري جـفنها iiانسجما
هــذه الـدمـوع بـقايا مـاء iiعـيشهم مـن فـضل ما كنت توليهم عليك iiهمى
إن لـم تـفض بـك عـن وجدٍ iiنفوسهم فـسوف بـعدك مـن قـربٍ تفيض ظما
يــا راحـلا ولـسانُ الـحال iiيـنشده ولـلـمقال لـسـانٌ بـالاسى iiانـعجما
واهـا ((أبـا المصطفى)) ماذا يقول iiفمي ومـا الـبلى مـنك أبـقى لـلجواب iiفما
الـموت حـتمٌ وإن كـان الـمنى لك iiأن تـبقى ولـو جـاوزت أيـامُك iiالـهرما
لـكن أتـقضي بـحيث الـشمُّ iiراغـمةٌ مـن أزمـةٍ لـم تـدع في معطس iiشمما
هـلاّ بـقيت لـها فـي هـذه السنة iiال شـهباء تـحفظ مـن أمـجادها الـحرما
أحـين فـيها اقـشعر الـعام وانـبعثت غـبـراء أمـحلت الـغيطان iiوالاكـما
تـمضي وتـتركها فـي عـام iiمـسغبةٍ فـمن لـها والـى مَـن تـشتكي iiالقحما
أوقـتُ مـوتك هـذا والـورى iiحشدت هـذي الـخطوب عـليها والبلا iiارتكما؟
وددت يـومـك لـم يـجرِ الـقضأُ iiبـه لـو كـان لـلوح أنْ يـستوقف iiالـقلما
حـتـى تُـفرِّج غـمّأَ الـجدوب iiكـما فـرَّجـت مـن قـبلها أمـثالها iiغـمما
مـاذا يُـراد بـأهل الارض iiفـابتدرت دهـيـأُ يـوشك أن تـستأصل iiالـنسما؟
أشــار ربُّـك إرسـالَ الـعذاب iiبـها لـمّـا جـنوها ذنـوبا تـهتك iiالـعصما
فـغيِّض الـماء مـن أنـهارها iiوطـوى بـالموت شـخصك عـنها والحيا iiانعدما
مـشت بـنعشك أهـلُ الارض iiتـحمله فـخفَّ حـتى كـأنْ لـم يـحملوا iiعلما
ومــا دروا رفـعـته مــن iiكـرامته أهـلُ الـسماء عـلى أكـتافها iiعـظما
لـم يـرفعوا قـدما إلاّ وقـد iiوضـعتْ مـن قـبلهم غـرُّ أمـلاك الـسما iiقدما
كــأنَّ نـعـشك مـحمولٌ بـه iiمـلكٌ وخـلفه الـعالمُ الاعـلى قـد iiازدحـما
شــاروا بـها وسـمأُ الـدمع iiتـرسلها لــك الـنـواظرُ مـدرارا ولا iiسـأما
وهـبَّ حـين الـتقى مـأُ العيون iiعلى أمرٍ نزا منه قلب الموت(783) واضطرما
فـكنت ((نـوحا)) وكان الفلك نعشك وال طـوفـانُ فـائرَ دمـعٍ أغـرق iiالاُمـما
إنْ يـحملوك عـلى عـلمٍ فـما iiحـملوا إلاّ الـركـانة والاخـطـارَ iiوالـهـمما
أو يـدفـنوك عـلى عـلمٍ فـما iiدفـنوا إلاّ الـمـحاسنَ والاخــلاق iiوالـشيما
أو يـنفضوا الـكفَّ مـن تربٍ به دفنوا مـيـتا فـتـربُك بـالافـواه قـد لُـثما
كـأنَّ قـبرك فـوق الارض نـجمُ iiسما أو أنـه فـي ثـراه حـلَّ نـجمُ iiسـما
يـا نـازلا حـيث لا صـوتي يـلمُّ iiبه عـلـيك امُّ الـمـعالي جـزَّت iiالـلمما
واسـتوقفت بـحشاها الـركب في iiجدثٍ بـجـود كـفك لا بـالغيث قـد iiوسـما
نـادت بـشجوٌ خـذو لـي في iiحقائبكم حـشـاشةً مـلئت مـن وجـدها iiسـقما
قـفوا بـها واعـقروها وانـضحوا iiدمها عـلى ثـرىً أمـس قد واروا به iiالكرما
وقـفت بـعدك و((الـزوراء)) iiأنـشدها أيـن الـذي كـان لـلاّجين iiمـعتصما؟
وأيــن مـن يـزهر الـنادي iiبـطلعته لـلـزائرين ويـجـلو عـنهم iiالـغمما؟
ومـن بـني لـقرى الاضياف دار iiعُلى عـمادُها الـفخر فـيه طـاولت iiإرمـا
ومــن تُـردُّ جـميع الـمشكلات iiلـه اذا الـقـضية أعـيـا فـصلُها iiالـحُكما
وأيــن لـلشتوة الـغبراء مَـن iiكـرما مـا قـطَّب الـعام إلاّ ثـغرُه iiابـتسما؟
وأيــن مَــن كـان لـلعافين iiيـلحفها جـنـاحَ رحـمـته مـا دهـرُه iiأزمـا؟
___________________________________
783 في المطبوع: الدهر.
|