وقال يرثي الشيخ حسين الطريحي(784) ويعزِّي أخاه الشيخ محمد والعلامة السيد مهدي
القزويني:
وأبـيـك لا حـيُّ iiيـدومُ فـعلام تـرمضك iiالهمومُ؟
لا تـجـزعنَّ iiلـضـاعنٍ وانـظر هـديت مَن iiالمقيم
إنّـا بـنو الـدنيا تـطيبُ لـنـا ومـربـعُها iiوخـيم
نـرجـو الـشفا iiلـسقيمنا وصـحـيحنا فـيها iiسـقيم
ونــروم أن نـبقى iiبـها والـموتُ غـايةُ مـا iiنروم
هـذا ((الحسينُ)) وكان يس تـسـقي بـطلعته iiالـغيوم
سـائـل بــه iiمـحرابَه إن شـئتَ فـهو بـه عليم
يـخـبرك كـم بـسناه iiأم سـى يـزهر الـليلُ iiالبهيم
مـتـهـجدا لــلـه ودَّت لـثـمَ مـسـجده iiالـنجوم
هـو واحـد الـتقوى iiالذي هـي بـعد مـولده عـقيم
رحـل الـحمام بـه iiفتلك مـعـالم الـتقوى iiرسـوم
رُفـعتْ بـرفع سريره iiال بـركـات وافـتُقدَ iiالـنعيم
حـمـلوه والـتـقوى تـنا شــده ومـدمعُها iiسـجوم
يــا ذاهـبـا لا iiيُـرتجى أبـد الـزمان لـه iiقـدوم
فـاللحدُ هـل يـدري iiأأن تَ أم الـصلاحُ بـه مقيم؟
قـمرُ الـسماء بـه iiتوارى أم مـحـيّـاك iiالـكـريم؟
إن يـوصِ غـيرك مَن بأر ثِ يـتيمه ورعـا iiيـقوم؟
فـالـنسك إرثٌ iiوالـوصيُّ تـقـاك والـزهـدُ الـيتيم
ومـقـيم مـأتـمك الـتقى إن الـتـقى نـعمَ iiالـمقيم
وبـك الـمعزِّي مـن iiأتى فـي مـدحه الـذكر الحكيم
الـقائمُ ((الـمهديُّ)) iiمَـن تُـجـلى بـطلعته iiالـهموم
ورث الـنـبـوَّة عـلـمها فـهو الـخبيرُ بـها iiالعليم
مـولـىً بـنـادي iiعـزِّه تـتضاءل الـصيدُ iiالقروم
نــادٍ مـلائـكةُ iiالـسماء عـلـى سـرادقه iiتـحوم
وبـشـمِّ آنـاف iiالـملوك تــرابُ عـتـبته iiشـميم
في صدره ((المهديُّ)) تص در لـلورى مـنه iiالـعلوم
مــلاتْ نـتائجه الـزمان وغـيـره الـشكل iiالـعقيم
فـله الـزعامة فـي iiالهدى وسـواه فـي الدعوى iiأثيم
يا مَن له النسبُ الصريح ال مـحض والـحسبُ iiالكريم
عـجبا يـروم عُـلاك من لـك فـوقه الـشرفُ القديم
فـوق الرغام وتحت iiنعلك أنــفُ هـمـته رغـيـم
هـبه يـرومُ فـأين iiمِـن يد مَن على الارض iiالنجوم؟
مـثـلان خـلقُك iiوالـنسيمُ ونـداك والـغيثُ iiالـعميم
ولانـت واسـطة iiالـعلاء وولــدُك الـعقدُ iiالـنظيم
قـومٌ بـهم أمِـنَ الـمروعُ وفـيـهم أثــري iiالـعديم
كــلا تـراه ((جـعفرا)) فـي الجود وهو لهم iiزعيم
أرجُ الـسـيـادة iiفـيـهم كـالمسك يـنشره iiالـنسيم
رضـعوا الامـامة iiفالجميعُ بـنـور عـصمتها iiفـطيم
فـولاؤهـم فـرضٌ iiوهـد يُـهم الـصراطُ الـمستقيم
لـبـس الـزمان iiبـهاءهم فـبـهم مـحـيّاه iiوسـيم
وبـهم لـنا الايـامُ iiيـقطر مــن غـضارتها iiالـنعيم
تـهـوى الـسـماء بـأنها لـصـعيد أرضـهم iiأديـم
واذا مـشوا فـوق iiالـثرى حـسدت نـعالهم iiالـنجوم
يـا سـادة الـعلما iiومَـن تـزن الـجبال لـهم حلوم
بـكـم الـعـزأُ وحـسبنا مـن كـل ماضٍ أن تدوموا
((أمـحـمدٌ)) فـي iiظـلهم سـتنال أقـصى مـا iiتروم
فـأبـوك إنْ يـفقدْ iiفـكلّ هــمُ أبٌ بــرُّ iiرحـيم
سـيقرَّ عـينا فـي iiالثرى إذ فـيـك جـودُهم يـقوم
حـيّـا الـمـلائكُ iiقـبره مـن حـيث فيه هو iiالمقيم
وسـقته مـن أنـواء iiعفو الله واكــفـةٌ iiســجـوم
___________________________________
784 هو الشيخ حسين بن الشيخ علي بن الشيخ محمد الطريحي، أحد أعلام اسرته الحافلة
بالعلماء، كان عالما فاضلا اصوليا. توفي عام 1302 هـ وقيل عام 1303 هـ.
وقال راثيا الحاج محمد رضا كبه وقد مرَّ نعشه على مدينة الحلة كان السيد صاحب
الديوان خارجا عنها في احدى الضواحي فعزّى أباه الحاج محمد صالح كبه بهذه المقدمة
والقصيدة. قال:
(( هلم واستمعْ مقالي، وتعجَّب بما تصرفت بي الليال، فما أخالك رأيت مثلي فقيدا
شطَّ به المزار، فلم يعلم بنفسه ساعة خرجت من الدنيا إلى دار القرار، ولا أظنك سمعت
قبلي بأحدٍ مات في زمنه، وقد أبعده الدهر عن قطنه، فلم يحضر تشييع نعشه عندما مرَّ
عاجلا، ولم يشهد حلول رمسه مذ اودع في دار البلى:
كفاني بهذا جوىً ما بقيت يجدّد في القلب جرحا رغيبا
نعم وكلما أردت النياحة في هذه المصيبة، أفحمتني دهشة ما يتجدد في قلبي من استعظام
هذه النازلة الغريبة، فأعود على الحبسة نفسي، وأتمنى لو أنني قبل صدورها علىَّ حبست
برمسي، حتى قالت لي النفس، سبق إلى أوداجك السيف هذا العذل، وما عسى أن أقول: ولمن
أعزِّي وأنا الثكول، وعلى من أنوح وأنا الفقيد، ولمن في اللحد انادي وأنا الملحود:
ما أخطأتك النائبات إذا أصابت من تحب
بلى وتربة وارت بالامس من هو أعزُّ عليَّ مّني، وحفرةٍ غمّضت أجفانها على ضياء
عيني، لا سمحت لك قريحة لبّى، أو تنوح عليَّ بلسان حالي فحسبي نياحة قلبي، فأجبتها
إلى مقالها، وقلت وعيني تجود بانهمالها)):
إطـويـاني مـلامـة وانـشراني بـلـغ الـوجدُ حـيث لا تـبلغاني
قـد عـناني جـوىً يـطول iiوفيه يـقصر الـلومُ عـن مـردِّ iiعناني
كـيف عـيني لم تغدُ بيضاء iiحزنا وهـي قـد أصـبحت بلا iiإنسان؟
إنّ صـوت النعيِّ مذ خاض سمعي خـلته فـي حـشاي غـربَ iiسنان
وعـضضت الـبنانَ غـيظا iiولكن لا يـفيد الـمكلوم عـضُّ iiالـبنان
فـاعـذراني اذا ربـطتُ فـؤادي بـيـدي وانـطويتُ مّـما دهـاني
إنّ قـلبي مـن دهشتي طار iiرعبا فـغـدا وهــو دائــم iiالـخفقان
كـفكفا عـن حـشاي غرب iiملامي مـن جـراح الـجوى بها ما كفاني
أيـن مـنّي صبري لارضي iiفأسلو صـبري الـيوم والـرضا iiمـيّتان
أنــا يــا لائـميّ أدري بـطبِّي فـاعذلاني مـا عشتُ أو iiفاعذراني
سـلـيّاني بــردّ روحــي iiوإلاّ فـبـمـاذا عـنـه إذا iiسـلـواني
فـرّباه فـوق الـثرى الـيوم مّني أو فـمنه تـحت الـثرى iiقـرّباني
واقــبــراه إذا بـقـلـبي وإلاّ فــخـذاه بـقـبره iiواقـبـراني
وإلــى جـنب مـهجتي iiوسّـداه أو إلـى جـنب جـسمه iiوسّـداني
فـحـيـاتـي ومــوتـه iiرزآن لــم اقــدّرْ عـلـيَّ iiيـجتمعان
بـل تـخيلتُ أن يـعيش iiوأفـنى أو ســوأً تـضـمُّنا iiحـفـرتان
لــم افـارقـه أجـنـبيا ولـكنْ هـو روحـي وفـارقت جـثماني
قـد نـشرنا مـا بـيننا الودَّ iiدهرا فـطواه الـردى ولـيت iiطـواني
غـمّضا نـاظري مـا عشتُ iiغيظا فـعلى مَـن بعد ((الرضا)) iiتفتحان
وزفـيري ثـقّف حـنايا iiضلوعي فـعلى ودّ مَـن تبين iiحواني(785)
وخـطوب الـزمان دونك شخصي فـلك الـيوم قـد كـشفتُ iiعـياني
نـزعت عّـني الـحوادث iiدرعي فـبـمن أتَّـقـي شـبا iiالـحدثان
فـلكم قـد لـويت دهـري iiوهـذا دهـري الـيوم كـيف شاء iiلواني
لـك أسـمحتُ يـا خطوب iiالزمان ذهـبـتْ نـخوتي فـهاك iiعـناني
قـد أبـانت حـشاي iiفـاستهدفيها نـكـبة طـوّحت ضـحىً iiبـأبان
راصـدتني مـن حيث لست أراها أعـيـن الـنائبات وهـي تـراني
فـرمـتني مـن حـيث لا iiاتّـقيها بـسـهام الـهـموم iiوالاحــزان
فـأنـا الـيوم يـا نـوائبُ كـلِّي مـقتلٌ بـارزٌ لـمن قـد iiرمـاني
كـنـت قـدما أذودُ نـبلك iiعـنّي بـبـناني فـأيـن مـنّي iiبـناني؟
قـد نـعاه الـناعي إلـىَّ iiأيـدري لا دري أنــه إلــيَّ iiنـعـاني؟
فـحسبت الـفؤاد مّـنَي iiأضـحى بـين نـابي ذي سـورةٍ iiافـعوان
لـهف نـفسي عـلى صريع حمامٍ لـيس لـي عـنه بـالدفاع iiيـدان
ودَّت الـمـكرمات لـو أنَّ iiمـنها غـسـلـته بـدمـعها iiالـعـينان
ومـسـجّىً بـنعشه فـي iiحـبيرِ هــو والـجـودُ فـيه iiمـلتحفان
حـمـلوه وخـلـفه كـلُّ iiعـافٍ بــدمـاه عـيـنـاه iiفـائـرتان
قـائلا: أيـكة الـرجاء اظمأي iiاليو م وعــودي مـصـفرَّة iiالـعيدان
مـصَّ مـنك الـصعيدُ ماء iiسماحٍ كـنـت فـيه ريـانة iiالاغـصان
عـجبا خـفَ نـعشه وهـو قد iiسا ر بـثـقل الـمعروف iiوالاحـسان
بـل أراه مـا خـفَّ إذ سـار iiلكن حـمـلـته مـلائـكُ iiالـرحـمان
شـيَّـعـته الانــامُ iiبـالاحـزان والـتقته بـالبشر حـورُ iiالـجنان
هـل كـذا جـلّ نعشُ ميتٍ iiسواه اخـتـلطا عـند نـعشه iiالـعالمان
وعـليه قـد ودَّت الارضُ iiيـبقى ويـرى (كـلَ مَـن عـليها iiفـان)
فـاحملاني إلـى ثـراه iiاحـملاني وقـفـا بـي عـليه وقـفة iiعـان
ودعـاني خـلف الـصعيد iiانـاديه نـــداء الــمـروّع iiاللهفــان
يــا فـقيدا فـقدتُ مـنه iiغـماما كـلما قـلت قـد ظـمئت iiسـقاني
ودفـيـنا دفـنـتُ مـنه iiحـساما كـنت أعـددته لـحرب iiالـزمان
أغـمدتْه فـي الـترب كفِّي iiفشلَّت فـات نـصري وابـتُ iiبـالخذلان
شـغلت مـنطقي عـليه iiالـمراثي وخـلا مِـن هـوى سـواه iiجناني
يـا تـراني اثـني على مَن iiبمدحٍ وهـوى مـن احـبُّه يـا iiتـراني
مـات مـحي الـثنا ولـولا iiأبـوه قـلت فـي لـحده دفـنت iiلـساني
ذاك مـنه صـفاته الـغرِّ iiجـاءت فـي مـزايا عـلاه طـبق iiالمعاني
صالح الفعل راجحُ الفضل غوط iiال مـستغيثين غـيثُ أهـل iiالامـاني
ورعٌ نــاسـكُ تــفـرّغ لـلـهِ بـقـلبٍ مــن خـوفـه iiمـلان
جـامـعٌ قـسـوة الـحميَّة لـلدين انـتـصـارا ورقَّــة iiالايـمـان
وبـعـزِّ الـملوك يـصبح مـرهو بــا ويـمـسي بـذلَّه iiالـرهبان
صـدق الـمدحُ فـي علاه فقل iiما شـئت فـي مـجده الـعظيم الشان
هـو فـي الـخير من قديم iiالليالي خـيرُ مَـن قـد مـشت به iiقدمان
أثـقـلت كـاهل الـزمان iiأيـاديه فـأمـسـى عـيـالـه الـثـقلان
وعـلى الارض كـلها مـن نـداه أثــرٌ طـيـبٌ بـكـل iiمـكـان
قـد بـنى للقِرى على (الكرخ) iiبيتا والـتـقى اسُّ ذلــك iiالـبـنيان
شـارعَ الـباب تـلتقي طرقُ الار ض جـمـيعا لـديـه iiبـالضيفان
رافـعا تـحت ظـلمة الـليل للسا ريــن فـيـه ذوائـبَ iiالـنيران
كـرما قـد أعـدَّ لـلضيف iiفـيه عــدد الـطارقين غـرَّ الـجفان
مـكرماتٌ تـرى رضـيع iiسـماحٍ عـندها الـدهرَ لا رضـيع iiلـبان
شـكـرُها أعـجز الانـام iiفـأنّى قـابـلـتها الايــامُ بـالـكفران؟
قـلتُ لـلبحر هـل تـساويه iiيوما قـال كـلا: لا يـستوي iiالـبحران
وسـألـتُ الـحيا أتـحكيه iiجـودا قـال: أيـن الـباكي من iiالجذلان؟
لـيس يـحكيه فـي سـماحة iiكفٍ غـيرُ مـن قـد حـكاه عزَّة iiشان
ذاك ((عـبد الكريم)) من قد تسامى شـرفـا حــطَّ دونـه iiالـنّيران
فـهـما فـرقـدا عــلاٍ iiومـجدٍ وهـمـا ديـمـتا نـدىً iiوامـتنان
كـلـما عـنّ مـفخرٌ يـوم سـبقٍ فـيـه تـلقاهما شـريكي iiعـنان
ولـدا فـتيةً هـمُ شـهبُ iiالـفخر وإلاّ جــــداولُ iiالاحــسـان
مـتساوين فـي الـمكارم قـد iiفـا قـوا بـفضل الـنهي على iiالفتيان
يـنشر الحيُّ من طوى الموت iiمنهم ويـعـيد الـبـاقي حـياة iiالـفاني
مـا فـقدت ((الـرضا)) وذلك iiباقٍ ((مصطفى)) الجود يا ركاب الاماني
فـرديـه خـفائفا تـصدري iiمـنه ثـقـال الـخطى عـلى iiالـركبان
هـو صـبحُ الايـام سـعد الليالي بـهجة الـدهر نـور عين iiالزمان
تـتـلقاه مــن شــذا iiحـسبيه عـطـرَ الـجيب طـيّب iiالاردان
ومـن الـبشر فـي مـحيّاه بـدرٌ وبـكـفيه لـلـندى ii((جـعفران))
والاغـرُّ ((الـهادي)) اذا حار iiوفدٌ فـسـنـاه دلالـــة iiالـحـيران
هـو طلقُ العنان في الجود طلق iiال وجـه طـلق الـيدين طلق iiاللسان
ومـزاياه فـي سـما الـمجد iiشهبٌ وهــو فـيها وصـنوه iiالـقمران
___________________________________
785 حواني جمع: حاني. وفي المخطوط: يبين.
|