دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 69

فإن الذي كان.. تاريخنا
وإن الذي كان تاريخه أمل البائسين
يشد المحيطين للنهر
لا تسألوني
فلا الماء كان بلا ذرتين
ولا النهر يسعى بلا ضفتين
أميل استقامت حصاة الطريق
فهل أسكن الآن في جسدي(1)؟
ـ ولها أخرى تقول في أولها وهي بعنوان الحرباء :
في هذا العصر المقلوب اشتبكت فينا الأسماء
أي الألوان ستلبسها الحرباء(2)
تنتفخ الكذبة حتى تغدو جسداً ورقيا
ويكون لها صوت ونداء
ثوريون بسيقان خشبية
في عصر مجنون تسحقه
الأقدام الغابية
السم تقطَّرَ
والنور سرى أشباحاً

(1) معجم البابطين : 1/519 .
(2) الحرباء : بالكسر دويبة على شكل سام أبرص ذات قوائم أربع دقيقة الرأس ، مخططة الظهر ، تستقبل الشمس نهارها وتدور معها كيف دارت وتتلون ألواناً ويضرب بها المثل في التلون ، وفي ذلك قال الشاعر محمد حسين بن علي الصغير (القرن 15هـ) ـ من الكامل ـ :
يا شعب هاك من الرجال نماذجاً يتـلونون تلـون الحـرباء
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 70

مطر في الصوت وفي القلب وفي العينين
يلوون الحدة في نبض الماء
يمدون حرائق كالسور
يحيطون نجوم الثوار المطبوعة في المد
ويشتبكون برفض يتكسر
كشعاع أبدي
يحضنه البرق ويبكي
ألق مخنوق في أحلام الناس المنفية
فمتى الوعد(1)؟
ومن شعرها بعنوان قطار الأحزان :
تجول سفائن الأبحار في يافا
ويقلع عبر عينيك
شراع ناتئ الإيمان
ربتك شريعةُ الغابات واختلجت
ببرد الليل أيديك(2) .
ولها أشعار في الإمام الحسين عليه السلام ذكرناها في موضعها .

(1) معجم البابطين : 1/519 .
(2) شاعرات عراقيات معاصرات : 22 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 71

(2)
آمنة بنت محمد باقر الوحيد
نحو 1160 ـ نحو 1243هـ = نحو 1747 ـ نحو 1827م

هي الشاعرة آمنة بنت محمد باقر (الوحيد البهبهاني)(1) بن محمد أكمل ابن محمد صالح الحائرية ، ولدت في كربلاء في حدود عام 1160هـ ونشأت على والدها العالم الفقيه والأصولي المتتبع ، وبعد أن أخذت مبادئ العربية والإسلامية على فاضلات زمانها تلمذت على أبيها وعلى أخويها الشيخ محمد علي(2) المتوفى عام 1216هـ والشيخ عبد الحسين(3) المتوفى عام 1245هـ وتخرجت على أبيهاعالمة فقيهة كما يصفها الأمين في الأعيان(4) .
تزوجت السيد علي الطباطبائي(5) وأنجبت من الأبناء السيد محمد

(1) الوحيد البهبهاني : من كبار فقهاء الشيعة (1118 ـ 1205هـ) ، توفي في كربلاء ودفن في الرواق الشرقي من الحضرة الحسينية مما يلي قبور الشهداء ، لَهُ الكثير من المصنفات : منها رسالة في الإجماع ، الفوائد الجديدة ، رسالة في الاستصحاب .
(2) محمد علي : هو إبن محمد باقر بن محمد أكمل ، ولد في مدينة كربلاء المقدسة سنة 1144هـ ، قرأ على والده ، له العديد من المؤلفات والمصنفات ، منها مقامع الفضل ، ورسالة إثبات إمامة الأئمة الاثني عشر ، مات في كرمانشاه .
(3) عبد الحسين : هو إبن محمد باقر بن محمد أكمل ، ولد في مدينة بهبهان بإيران ، قرأ على أبيه الوحيد البهبهاني ، وبعد وفاة والده ألح عليه السيد محمد مهدي الشهرستاني والسيد علي صاحب (الرياض) بالصلاة في مقام والده في كربلاء فصلى مدة شهرين ثم ترك الإمامة تورعاً ، لَهُ حاشية على كتاب المعالم .
(4) مستدرك أعيان الشيعة : 5/62 .
(5) الطباطبائي : هو علي بن محمد علي بن أبي المعالي الصغير ، ولد في مدينة الكاظمية المقدسة سنة 1161هـ ، وكان من أجلاء علماء كربلاء المقدسة ، مات سنة 1231هـ ودفن جنب الوحيد البهبهاني ، لَهُ تصانيف كثيرة ، منها رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدلائل ، وقد اشتهر به .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 72

المجاهد (1) والسيد محمد مهدي(2)، فكانت من عائلة كلهم فقهاء الأب والأخ والزوج والأبناء ، بل كانوا من المراجع ، ويصفها الصالحي(3) قائلاً : كانت متفقهة بالدين خطيبة متكلمة ، أديبة شاعرة ، ترتقي المنبر وتملك صوتاً جهورياً ومقدرة عالية على الخطابة ، قضت حياتها بالوعظ والإرشاد والعبادة والصلاح ، وتصدرت في الحائر الشريف للتدريس وكانت النساء يفدن إلى مجلسها للتتلمذ عليها ، وكان زوجها السيد علي الطباطبائي يأمر النساء بالاقتداء بها والرجوع إليها في أحكام الدين ، ولها ديوان شعر صغير يحتوي على مجموعة من الشعر الجيد في مدح ورثاء الأئمة الأطهار عليهم السلام ، وأكثرها في رثاء سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام وواقعة الطف الخالدة ، رأيته عند حفيدها السيد محمد علي الطباطبائي(4) الذي كان يحفظ بعضاً منه ويقرؤه لنا(5) .
وقد أصاب قبرها ما أصاب قبر نجلها السيد محمد المجاهد من هدم وتخريب .

(1) محمد المجاهد : هو محمد بن علي بن محمد علي الطباطبائي ، المشهور بالمجاهد لقيادته جيشاً لمحاربة الروس الغزاة ، ودفعهم عن الحدود الإيرانية ، توفي في قزوين عائداًً من جهاد الروس سنة 1242هـ ، كان قبره مزاراً وكان يتبرك به لكنه أزيل بصورة مهينة سنة 1400هـ من قبل مدير بلدية كربلاء المدعو عباس بن أحمد العامري على عهد الرئيس أحمد حسن البكر المتوفى عام 1402هـ ودفنت عظامه في مقبرة المدينة .
(2) محمد مهدي : ويقال له مهدي ، وهو ابن علي بن محمد علي الطباطبائي ، درس على والده الوحيد البهبهاني ، وكان محضر درسه يشار إليه بالبنان ، ولد في كربلاء المقدسة ، توفي سنة 1260هـ .
(3) الصالحي : هو عبد الحسين بن حسن البرغاني القزويني ، ولد في مدينة كربلاء المقدسة ، كاتب باحث صحفي ، لَهُ عدة مؤلفات منها كربلاء في حاضرها وماضيها .
(4) الطباطبائي : هو محمد علي بن مهدي بن محمد علي بن محمد مهدي بن علي الطباطبائي (صاحب الرياض) كان من رجال ثورة العشرين ـ راجع ترجمته في فصل النهضة العلمية من باب أضواء على مدينة الحسين من هذه الموسوعة ، ولد سنة 1302هـ وتوفي سنة 1381هـ .
(5) ترجمة خاصة أرسلها الصالحي ، هذا وقد ترجمها في دائرة المعارف تشيع : 1/235 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 73

وقد حاولنا جهد الإمكان الحصول على ما أمكن من أشعارها ، حيث اتصلنا بالأستاذ الصالحي الذي يملك معلومات عنها إلا أن بعده الجغرافي عن مكتبة جده البرغاني الموجودة في كربلاء المقدسة ، حال دون الحصول على أشعارها ، وجرت محاولات للحصول عليها مباشرة لكننا لم نفلح نظراً لظروف العراق الحالية ، وفي حال حصولنا عليها سنستدركها في الأجزاء القادمة إن شاء الله .

دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 74

(3)
آمنة بنت محمد علي الحائرية
1202 ـ 1269هـ = 1787 ـ 1852م

هي السيدة آمنة بنت محمد علي بن عبد الكريم(1) بن محمـد يحيى بـن محمد شفيع(2) بن محمد رفيع القزوينية ، ولدت عام 1202هـ في قزوين(3) ونشأت بها على أبيها الشيخ محمد علي الذي كان من العلماء ، وأخذت مبادئ العربية والإسلامية من أخيها الشيخ عبد الوهاب(4) القزويني ، وتتلمذت على أبيها أيضاً ، ولما تزوجت من الشيخ محمد صالح البرغاني الحائري(5)
>
(1) الشيخ عبد الكريم القزويني : له من المؤلفات كتاب نظم الغرر ونضد الدرر ، ترجم إلى الفارسية وفقد الأصل العربي .
(2) محمد شفيع : صاحب كتاب تتميم أبواب الجنان ، وهو متمم لكتاب أبواب الجنان من تأليف والده رفيع الدين محمد بن فتح الله الواعظ القزويني المتوفى سنة 1089هـ .
قال الحر العاملي في أمل الآمل : 2/276 عن محمد شفيع : عالم زاهد صالح واعظ بعد أبيه بجامع قزوين ، له تتمة أبواب الجنان لأبيه ، من المعاصرين .
(3) قزوين : مدينة إيرانية مشهورة اتخذها ملوك إيران عاصمة لهم ، استحدثها سابور ذو الأكتاف ، بينها وبين الري 27 فرسخاً .
(4) عبد الوهاب : هو ابن محمد علي صاحب كتاب (حجية الإجماع) ، وكتاب هداية المسترشدين ، ألفه سنة 1242هـ ، أجاز له المحقق القمي والسيدين صاحبي (رياض المسائل) و(مفتاح الكرامة) .
(5) الحائري : هو ابن محمد بن محمد بن محمد تقي ، ولد في برغان بإيران سنة 1200هـ ، كان من علماء الإمامية وخطبائها ، له مصنفات كثيرة ، وثلاثة تفسيرات : صغيرة ومتوسطة وكبيرة ، مات عند رأس الحسين عليه السلام بكربلاء سنة 1271هـ وعنده دفن .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 75

عام 1219هـ حضرت عليه الفقه والأصول وقد أخذت الحكمة والفلسفة العالية من حوزة الشيخ الحكمي(1) في المدرسة الصالحية كما تتلمذت على الشيخ احمد الإحسائي(2) ، هاجرت إلى كربلاء المقدسة واستوطنتها وتلمذت على أعلامها ولما بلغت درجة الاجتهاد أمر زوجها النساء بالاقتداء بها والرجوع إليها في أحكام الدين ، وشكلت حلقة كبيرة للتدريس كان يحضرها أعلام نساء كربلاء وتأخذن منها الفقه والأصول ، وكذلك في قزوين .
لها شهادات علمية وإجازات مفصلة من زوجها الشيخ محمد صالح البرغاني والشيخ أحمد الاحسائي ، كما أجازها أخوها الشيخ عبد الوهاب القزويني ، ولها مراسلات مع أبي الثناء محمود الألوسي(3) بشأن ابنتها قرة العين(4) .
كانت من بيت علم وصلاح حيث كان أبوها وأخوها وزوجها وجدها الامي السيد حسين القزويني(5) من العلماء ، كما أن ابنتها فاطمة المعروفة بقرة العين كانت أيضاً من العالمات إلا أنها انحرفت عن مسار أمها وأبيها وأجدادها .

(1) الحكمي : هو آغا بن جعفر بن محمد تقي القزويني (1184 ـ 1285هـ) ولد وتوفي في قزوين ، درس في قزوين وكربلاء ، كان من علماء الإمامية وفلاسفتهم .
(2) الأحسائي : هو ابن زين الدين بن إبراهيم المطيرفي ، إليه تنسب فرقة الشيخية ، ولد سنة 1166هـ ، له أكثر من مائة مصنف ، منها (شرح الجامعة الكبيرة) مات سنة 1241هـ .
(3) الألوسي : هو محمود بن عبد الله الحسيني ، كان من علماء العامة ببغداد ، ويلقب بأبي الثناء ، ولد سنة 1217هـ ببغداد وفيها توفي سنة 1270هـ ، له روح المعاني في التفسير ، وله مؤلفات كثيرة وأشعار .
(4) قرة العين : هي فاطمة بنت محمد صالح البرغاني ، وقيل أن اسمها (تاج زرين) وقيل (طاهرة) ، ولدت في قزوين سنة 1233هـ وانتقلت إلى كربلاء المقدسة ، كانت فقيهة وعالمة انحرفت عن جادة الإمامية ودعت إلى الفرقة البابية قتلت خنقاً سنة 1268هـ .
(5) القزويني : هو ابن الأمير إبراهيم بن معصوم القزويني ، صاحب كتاب معارج الأحكام في شرح ومسالك الأفهام وشرايع الإسلام ، وهو من مشايخ السيد محمد مهدي بحر العلوم ، توفي سنة 1208هـ ، وهو جد سادات آل الحاج السيد جوادي في قزوين .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 76

كانت السيدة آمنة بالإضافة إلى علمها وفضلها ، أديبة شاعرة لها ديوان باسم ديوان آمنة الحائرية موجود في مكتبة البرغاني في كربلاء وكانت تنظم بالعربية والفارسية ، ومن آثارها أيضاً ملحمة طويلة تحتوي على 480 بيتاً تطلقها عن لسان السيدة زينب الكبرى في بيان ما جرى على أخيها الحسين عليه السلام وأهل بيته وأنصاره في واقعة كربلاء(1) .
نقول هنا ما قلناه في آمنة البهبهاني بخصوص عدم الحصول على أشعارها لذات الأسباب المتقدمة .

(1) راجع مستدرك أعيان الشيعة : 2/7 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 77

(4)
إبراهيم بن أحمد السامرائي
1341 ـ ...هـ = 1923 ـ ...م

هو الشاعر إبراهيم بن أحمد بن راشد بن حبيب بن مرتضى بن عبد العزيز بن خضر بن عباس(1) .
ولد عام 1341هـ(2) في العمارة(3) ونشأ بها كما تلقى دراسته الابتدائية والإعدادية بها ثم أكمل دراسته الثانوية والجامعية ببغداد(4) ، ثم واصل دراساته العليا في باريس وتخرج من جامعة سوربون حاملاً الشهادة العليا (دكتوراه) منها في اللغات السامية ، وفقه اللغة العربية ، ثم عاد إلى بغداد وعمل مدرساً في كلية الآداب بجامعة بغداد وتدرج حتى وصل إلى درجة الأستاذية حتى عام 1400هـ(5) ، وبعدها هاجر إلى الأردن فعمل بالجامعة الأردنية ثم انتقل إلى اليمن وعمل بجامعة صنعاء وأخيراً عاد إلى الأردن وسكنها ، وهو الآن عضو في المجمع اللغوي بالقاهرة وعمان وفي المجمع الهندي وفي الجمعية اللغوية الفرنسية .
نظم الشعر منذ شبابه حتى كوّن ديواناً سماه ألحاني ، له اهتمامات أدبية ولغوية وأبحاث متفرقة وتحقيقات وترجمات تجاوزت الثمانين ،

(1) تاريخ شعراء سامراء : 46 .
(2) جاء في شعراء بغداد : 1/13 أن ولادته كانت في عام 1339هـ (1920م) .
(3) العمارة : مدينة في جنوب العراق وهي مركز محافظة ميسان ، تشتهر بزراعة الأرز ومحصول التمور .
(4) في شعراء بغداد : أنه التحق بدار المعلمين ثم عين مدرساً على الملاك الثانوي .
(5) الموافق لعام 1980م ، وفي شعراء بغداد أنه ذهب خلال هذه الفترة إلى تونس للتدريس فقضى عاماً ثم رجع إلى بغداد .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 78

ومن مؤلفاته : لغة الشعر بين جيلين ، فقه اللغة المقارن ، التطور اللغوي ، اللغة والحضارة ، معجم أبي العلاء المعري(1) وغيرها ، كما حقق كتاب نزهة الألباء في طبقات الأدباء للأنباري(2) ، أصول اللغة العامية البغدادية(3) .
ومن شعره القصيدة العينية ـ من الخفيف ـ التي عنونها بأرفاق الشتات ! يقول في أولها :
لـم تُفِدْ فـضلَ حاجة طمعا لا ولا عفْـتَ ساحةً جزعـا
أتـرى عنـك نفحـة نفرت غـاب في اثرها شذى سطعا
مَـنْ تكن أنت إن دجا عُمُرُ أتـراه مـن قبـل قـد لمعا
ليس هـذا مـا شمت غاديةً مِلـتَ عنهـا وبرقهـا خدعا
ومضت جـدّة عـثتْ فخبت ضقت فيهـا ولـم تكن سَبُعا
ومنحت الهـوى بهـا بـدعا ولزمت الأسى لهــا شرعا
أرفـيـقٌ وقـد رضيتُ بـه أتصبّى لــه ومــا سمعا
وصـديـق وأيـن معدتـه لاح فـي سوء عصرنا بِدعا
يَـتأبّى عنّـي ولا عـجـب أن رآنـي مستوحشاً فَزِعـا
قَـد صرفنا عن كل واعـدةٍ ولكـم نَبْتلـي بمـا اتّسعـا
وحـملنـا علـى مـكابـدة فلقينا فـي حزمنا الهلعـا(4)
رُبَّ سـاع إلـى مـنازلـة خـاب فيما بدا لـه وسعـى
ثـم أمسى يشقى بغـربتـه ليس فيها ما خـيل أو طلعا(5)

(1) المعري : هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان ، ولد في معرة النعمان عام 363هـ ، وتوفي عام 449هـ ، شاعر فيلسوف ، فقد بصره وهو في الرابعة من عمره ، له عدة مصنفات ، منها (اللزوميات) و(رسالة الغفران) .
(2) الأنباري : هو عبد الرحمان بن محمد بن عبيد الله النحوي (513 ـ 577هـ) سكن بغداد وتوفي بها ، كان فقيهاً نحويا وواعظاً كاتباً ، مصنفاته فاقت المئة والثلاثين .
(3) أعلام العراق الحديث : 1/29 .
(4) الهلع : الحرص .
(5) معجم البابطين : 1/88 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 79

وله قصيدة أخرى من المتقارب ـ بعنوان إلى بغداد نظمها حين كان في باريس للدراسة وذلك بعد وثبة(1) عام 1372هـ (1952م) :
تَحـنّ ويصبيـك تـذكارهـا ربـوع تَهـزُّك أخـبارهـا
تمـر بقلبـك لَفـح الهجيـر حـراراً يـؤجـج سعارهـا
كأن لم تكن كوسيم الريـاض رحابـاً تضـوّع معطارهـا
تـردّد بالسعـد أصـداؤهـا وتعمـر بالطيـر أوكارهـا
تمـر بهـا النسمات العـذاب ويخطـر بالٌُيمـن خطارهـا
وإذ هي تبعث لـون الحيـاة تفايـض بالأمـن آثـارهـا
ولاحت تردى مسوح النعيـم رطابـاً وصفـق تـيارهـا
إذا هـي تخلـع مـا تزدهي بهـن وقـد أوحشت دارهـا
وألـوت فـلا نعـم مفـرح وقـد هجر الحيّ سمّارهـا(2)
بعيـد عـن العيـن أبصارها عزيز على القلـب تذكارهـا
إلى أيـن مذهب هذي الركاب كلالاً(3) ومن أين اصدارهـا
وفيـم تحـوّل هـذا الربيـع وغادرت الروض أطيارهـا
تقـاذفـهـا ظلــم ضلـة ولـم تفن في الليل أفكارهـا
إلى أين ، أيـن هداة الجموع لدى الخطب بل أين أحرارها
عشية تعلـو السبيل الممـل صعـاب تعاظـم أخطارهـا
وراحـت تغَني بهـا زمـرة تـذبـذب بالبغـي أوتارهـا
أتنعـم بالخيـر أغمـارهـا ويـرسف بالقيـد أخيارهـا
وفـي السجن يحتشد الطيبون وينعم في القصر(4) جبارهـا

(1) وثبة : يُطلَق على الحركة الطلابية والعمالية التي انطلقت في بغداد في تشرين الثاني بالضد من الوصي عبد الإله ، وفيها قتل العديد من المواطنين بعد ان تم إنزال الجيش إلى الشوارع .
(2) السمّار : الذي لم ينم ومنه مجالس السمر أي المجالس التي تعقد في الليل .
(3) الكلال : بالفتح التعب والإعياء ، وكل الرجل ذهب وترك أهله بمضيعة ، وصار كلاً أي لا ولد له ولا والد .
(4) إشارة إلى قصر الرحاب في بغداد الذي كانت تتخذه العائلة المالكة في العراق آنذاك مقراً لها .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 80

وكـم يفجـع اللـيل جمـع الرفاق ويطـرب فـي الحان حمارها
تضيق برحـب الحمـى المستباح هـمـوم تـلاطـم زخّارهـا
ويـا لـيلـة ألقـيت فـي الظلام وماست(1) على الكون أستارها
ولـفــت فــلا واهـن بـارق مـن الفجـر تسطـع أنوارها
وجمـع الـورى كجـموع الحجيج إلى البيت تشخص أبصارهـا
إلـى أن تـبدت خيـوط الرجـاء يسطـع وسط الدجى غارهـا
تواثـب يدمـغ جيـش الضـلال حماة لـدى الخطب أقمارهـا
فلـم يـرهبـوا أن دون الطريـق شعـابـاً تفتـح أغـوارهـا
وإن عـلـى هـذه المـوحشـات تـضمّـخ بالـدم أبـارهـا
وإن يــداً تـتحـدى الـرقـاب غـداً يـتحـكـّم بتـارهـا
غـداً تبلـغ المجـد هذي الجموع ويدرك عند الضحى ثارهـا
غـداً لهـو يـوم الحساب الشديد إذا مـا تحاسـب أشرارهـا
غـداً يتـخفـف عـبء السنيـن وتلقى عــن الناس أوزارها
أبغـداد بنـت الكفـاح الرهيـب تجلّـى كـدجلـة هـدّارهـا
رسـوم على الدمن(2) الطاهرات مـع الدهـر تنطق أحجارها
تـوالت عليـك صروف النضال ينـذر بالـشـر اعصارهـا
وزودت مـن حـلـك النائبـات إذا اندلعـت بالأسى نارهـا
أبـغـداد إنـي غـريـب بـأر ض تبـاعـد أقـطـارهـا
ليـوجعنـي ان لفـح السعـيـر وقود اللظى فيـه أزهارهـا
يعـاودنـي ذكـرهـا هـاتفـاً فتنـزع للنفـس أوطارهـا
وتـفـلـت مـنـي أنـشـودة تفيض مـن الجور أشعارها
ومـا ذاك صـوت القنوط المذل إذا النفس أذعـن خـوّارها
ولكـن نفسـاً بـلاهـا الأسـى شجي القصائد مضمارها(3)

وله قصيدة بعنوان الأحلام الموالية ـ من الكامل ـ :

(1) ماس : لمس ، أفضى إليه .
(2) الدمن : آُثار الدار .
(3) شعراء بغداد : 1/13 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 81

أهـوى وهـذا عـابر الزمـن ! ألـوى بـه جيـش مـن المحـن
يـا ناضراً بالأمـس مـرتحـلاً هيـجـت ويحـك راقـد الحـزن
أصـبابـة والـزهـر عـازبـة أو سلـوة والذكـر مـن شجني ؟
كـم كـنت أرجو ريقـاً ونـدىً عرم(1) الشباب يطيل في الرسن(2)
واليـوم ألقـاه عـلـى خـرب فإن يخـاتـل موحـش الـدمـن
كـذبـت عيني وهـي صادقـة ووعيت مـا لـم يسـر في أذني
نـفـثـات أسـرار يغـيـبهـا لـون مـن التـزويـر والعلـن
حتـى إذا صدقـت هاجـستـي ووفـيـت للأوطـار والسـنـن
نـفضت عنـي كـل مـدلسـة ثوبـاً شقـيـت بـه علـى درن
فـلمحـت أحـلامـاً مـوليـة صـوراً تبـادي صفحـة الوهن
يـا لـيلـة خـالستـهـا وأنـا صـب يـودع هـاجـر الوسن
مـئنـاسهـا نغـم وريّـقـهـا نسـم وسـرّ الصمت مـن فتني
ودّعتهـا سجـواء(3) عـازفـة بالـصبـح عجـلاناً إلـى ظعن
ومـضـت ومـا لبثت أهـمّ بها ويجــدّ منهـا مـا يـؤرقـني
يا ذاكـراً يهـوى الزمان رضىً طالـعتـه مـن موحـش خشـن
ضاقـت بـك اللحظات مـدبرة وبـرمـت بالجنبـات و السكـن
كـيـف السبيل وأيـن مـدرجه نـاء وأيـن مـطالـع الـوطـن
عـانيت مـن وجـد ويـوهمني إن رحـت أؤثـر رجعة الزمـن
وسـدرت آونـة ولـي ثقــة ونشـدتـه طــوراً فـأمطلنـي
أفـنافعـي بقـيـاً تـعاودنـي يـاليتهـا فـنيـت ولـم أكـن(4)

وقال يشكو تبعثر الإخوان في البلدان ـ من مجزوء الكامل ـ :
إنْ كنـتَ في بلـدٍ شفيق ورويت من وادي العقيق
فلأنـت أضيع مَنْ تكون وأنتَ فـي البلد الشقيق(5)

(1) العرم : طيش الشباب ، يقال عرم زيد إذا ا شتد وخرج عن الحد .
(2) الرسن : الحبل .
(3) السجواء : الليّنة : ناقة سجواء : هي الناقة التي تسكن حين الحلب .
(4) شعراء بغداد : 1/15 .
(5) من رسالة الشاعر إلى المؤلف .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 82

ومن الجدير ذكره : أنه جرت مراسلات عديدة مع الشاعر ولكننا لم نحض بشعره حيث اعتذر بالغربة والمرض والانشغال حسب آخر رسالة وصلتنا من طرفه وذلك في أوائل عام 1418هـ .
وعلى كل فالسامرائي كما ورد وصفه في شعراء بغداد : من الشخصيات العلمية الرقيقة الهادئة تعشق العلم فنال نصيباً وافراً منه ، وولع بالبحث فوفق في كل ما عمله من تحقيق(1) نشر بعض قصائده في الصحف العربية منها مجلة العلم الجديد .
وأخيراً اطلعت على قصيدة له بعنوان مع الثمانين ، أرسلها إلى صديقه عبد الغني الخليلي وقدمها بهذه الكلمات : «لقد بلغت الثمانين من العمر فهل لي أن أقول : دخلت في أرذل العمر فلو كان لي أن أقول لقلت لا بلغتها» وهي ـ من السريع ـ :
وقيل : قد بُلِّغتَها(2) فـي الدعاءْ دعـاء ذي داءٍ شديـدٍ عَــيـاءْ
لا طِـبْـتَ نفساً ذا زمانٌ عَثـا ومـا لغيـر الـشرِّ فهـي البقاءْ
مـضى بنا السوءُ يقدُ الــوَرى فـهـل زمـانٌ يُرتَجى بالدعـاءْ
إنَّ الثـمـانيـنَ وقـد جئتُـهـا برغـم مـا كابَدْتُه مـن شقـاءْ
طـوَّفْـنَ مـن سِرْبـي فعاجَلْنَه بمـا تَحَمَّلـَتُ بـه مـن عنـاءْ
كأنـَّنـي لـمحتُهـا حُـوَّمـاً(3) غـمَّ بمسراهـا وضيء السمـاءْ
وأنَّـني أحسستُ مـن جَرْيهـا شاهَتْ(4) هِجاناً(5) تتـحدّى الفناءْ

(1) شعراء بغداد : 1/13 .
(2) يشير إلى قول الحماسي في الدعاء ـ من السريع ـ :
إن الثـمـانيـن وبلغتهـا قد أحوجت سمعي إلى ترْجمانْ
ولعله جاراه بها وفي هذا المعنى يقول ابن الرومي ـ من البسيط ـ :
ولي عصا عن طريق الذم أمدحها بهـا أقـدم عـن تأخيرها قدمي
كأنهـا وهي فـي كفي أهش بها على الثمانين عاماً لا على غنمي
(3) الحُوّم : جمع الحائم وحائمة أي عِطاش من حام الرجل إذا عطش .
(4) شاهت : أصابت ، أفزعت .
(5) الهجان : من كل شيء خياره وخالصه . ومن الإبل البيض الكرام .

السابق السابق الفهرس التالي التالي