كأنَّهـا جَـرَتْ تـَحـُثُّ الخُطـى |
|
وَيْـلـيَ مـمـا شَمَّـرَت فـي مضاءْ |
قـد عاجَلَتْنـي ، والنـَّوى محـنةٌ |
|
قـاسَـيتـُهـا وللـيالـي قــضـاء |
وَيْـحَ الـثمـانين جـَلَبْـنَ البِلـى |
|
وهـو سلـيل الشـرِّ تِـرْبُ الـبـلاء |
دَعْـهـا وجـاوزْها لخيـرٍ مَضى |
|
لـم يُبْـتـَذَلْ بــزُخـرفٍ أو طـلاء |
غـنَّيـتُ فـي أمسي عـلى فقره |
|
ونالـنـي مـنـه وفـيـرُ الـسخـاء |
غـنَّيتُ ما قـد جاءني مـن غناءْ |
|
بـعـض قـوافٍ غَــنِـيـَتْ بالأداء |
ما كنـتُ أسعـى لجميـل الـثناء |
|
بل رحٌت في وَجـْديَ أبـغي النـقـاء |
فلـم أكـن بالفـقر فـي وحشـةٍ |
|
بـل كنت أُلغـي فيـه بعـضَ الثـراء |
وكان لـي مـا كان مـن سمْحـهِ |
|
مـمّـا تبـيَّنـتُ بـه مـن عـطـاء |
يـا رحمـةَ الله عـلـى فـائـتٍ |
|
مـن زُهــرِ أيـّامٍ مــِلاء ظِـماء |
سالَمـتُهـا ومـِلْتُ عن بعضهـا |
|
وقـد يـشين الـصفو بـعضُ الـغُثاء |
مـا ضَـرَّني مـن زَبَـدٍ أو جُفاء |
|
إن كنـتُ في حـصانـةِ مـن فـتاء |
وكان لـي صفـوة صخبٍ بهـم |
|
أنـيَ عـن وَعْث(1) القَذى(2) في وِقاء |
قـد كنتُ أُغـضي عن هِناتٍ بما |
|
يـضـيـع منـها فـي ثـنايا الصفاء |
ويـحَ الثـمانين وقـد جـئتُهـا |
|
مُحـاصَـراً وليـسَ لـي مـن نجـاءْ |
قـد وَهَـنَ العظمُ(3) وبي كَبْـرَةٌ |
|
أقسـو علـيهـا بـكـريـم الإبــاء |
وافَــتـْنـيَ الأيــام لا أدَّري |
|
سِهـامُهـا وهـي تـجـيد الـرِّمـاء |
وكـم يُـطيق المُـرَّ ذو غُربـةٍ |
|
يلقـى بمـا يَصـلاه بـعضَ العـزاء |
طـوبـى لمقهـورٍ خبــا نورُه |
|
فـعـاثَ فـي جــُرحٍ بـه أيّ داء |
فأيـن ممـا فـيه بعض الـدواء |
|
فـهــل لــه أن يَتَحـرَّى الشفـاء |
طـوبى لمـن جُرِّد عـن أمـسِه |
|
وذيـدَ عـنـه كــلُّ رَحـْبٍ فضاءْ |
ويـا أسى المنزوعِ عـن غرسه |
|
قـد ديـسَ غـرسٌ وعداكَ انتمـاء |
ويـا أخـا العُمـر وُقيتَ النوى |
|
صَنَعتَ خيراً ، هـل أصبْتَ الجزاء ؟ |
أمسُـكَ ضاحٍ(1) بشميم الضحى |
|
رَفَّ(2) الشذى(3) في صبحه والمساء |
أنِلْنـي النجـوى تعـيـد الهوى |
|
وكيـف داري ورحـيـب الفِنـاء ؟ |
يـا صاحبي البعيد هل من حمىً |
|
أصبْـتَـه مغـتـرِبـاً فـي جَفـاء |
تَـغَـيَّـرت بعـدكَ أيـّامـنـا |
|
فحـالُنـا مـن كـل همسٍ خواء(4) |
يا صاحبي الغريب هل من رجاءْ |
|
طـالَ بنـا الليـلِ فأين الرجـاء ؟ |
إنـا نَسيـنـا خادعـاتِ المُنـى |
|
بمـا نسينـا مـن نعيـم الرخـاء |
أفـي الثمـانيـن يعانـي الأسى |
|
مـن باتَ لا يعـرف إلا العَفـاء ؟ |
كـأنّ في الـدار التـي جئتُهـا |
|
مـا يعتـريني مـن نجـيّ الخلاء |
أُجيل(5) طرْفي فـي بعيـدٍ دَجا |
|
كأنَّـنـي أرمـي بـه فـي العَراء |
فـلا الرياضُ الحاليات الـذُّرَى |
|
تـأخذنـي ولا المنـيـف البنـاء |
إنّ الثمـانـيـنَ أمـا أخلَفـَتْ |
|
لا بوركَتْ ، فكيف نُجري الدعاء ؟ |
إنّـي لأعنيهـا ببعـض الرثاء |
|
إنْ لـم يكـنْ منـّي نشيجُ البكـاء |
دجـا أمامـي كـلُّ مـا يغتلي |
|
من ريبـة لم تبـدُ لـي مـن وراء |
يـا صاحبي البعيـد هـل نبأةٌ |
|
نبيلـةٌ أستـَفُّ(6) منها الرُّواء(7)؟ |
فمـا أرانـا بعـد طول الشقاء |
|
إلاّ الأُلـى قـد آمنـوا بالـوفـاء |
إنّـا لَنَـنْـمـى لكـرامٍ أبـَوا |
|
مـن العـراق السَّمـْح إلاّ الـوَلاء |
يا صاحبـي البعيد لـي حاجة |
|
أطـمـح فيهـا أن تجيـبَ النتداء |
إنـي لأرجو منك بعضَ الوفاء |
|
وقـد دعانـي منـك طـيفُ اللقاء |
أتُسمِـعُ الموجِعَ مـن صـيحـتي |
|
فيمـا اعتـراني مـن وجيع الغِناء |
حـبَوتُهـا نفسي وصُنتُ الحيـاءْ |
|
وكـان فيـهـا لـي بعضُ الغَنـاء |
أخي البعـيد الدار ، لو صِرتَ لي |
|
ممـن يـمُـدّ اليـوم حبـلَ الإخاء |
لكـنـتَ أوفـى بالذي جـَنّ بـي |
|
فـي أضلـعٍ بالـوجد منـّي رِواء |
لكنّـنـي أمسَيـْتُ فـي عـالـمٍ |
|
سُـوِّدَ فـيـه كـلُّ نخْـبٍ هـواء |
يـا بـؤس مَن يحمل زَيْف اللواءْ |
|
يسعـى إلـى الذروة يبغي العـلاء |
ساءَلْتُ نفسي كـيف كيفَ الهدى |
|
وقد تحـدَّى العصـرَ أهـل الغباء |
ولـم يكـن للعلـم فـينـا هَوىً |
|
وقـد طَـوى البساط أهـل الذكـاء |
قـد كـانَ مـا كـان فإنا إلـى |
|
غـدٍ ويبـدو فيـه دَرْبُ الفـَنـاء |
قـد كان من ذا بعـضُ ما قالَ لي |
|
أخٌ قَضـى مع رفقـةٍ فـي الخفاء |
تَخَـلَّ عـن ذا واستفـدْ حـكمةً |
|
يوشـك ان يقضـي عليهـا الهُراء |
ويـحَ الثـمانيـن جلَبـْنَ الـذي |
|
ضقتُ به ، لو كان بعضُ «البَداءْ»(1) |