دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 96

له في الهدى دين ولي غير دينه فريقان إني منجد(1) وهو متهم(2)

وله قصيدة في تعاسة حاله كشاعر وأديب قد أرسلها إلى الشيخ عبد الحسين الجواهري(3) يقول في أولها ـ من المديد ـ :
سلفـا(4) كلفتنـي شغفـا(5) شغفـاً كـلفـتنـي سلفـا
فتحـريــت هـواك ولـو إنـه يـعـقـبنـي التلفـا
ليت طرفاً شـح عـن أرب لك فيه لـم يكـن طرفـا
يـا أبا الفزع الشريف ومن سـاد فـي أقرانه الشرفـا
لـم لا تسـتعـطفـن أبـاً كلمـا استعطفتـه عطفـا
إنما أنـت الصريف(6) فلا تـك في باب الرجا خـزفا
أهـل بيتـي يبتغون لهـم كـل يـوم مـن يدي علفا
كـم أعانـي فـي معاشهم باختلاس القرض والحـرفا
يحسبـون الخبـز مـؤتدماً بحشيش الهندبـا(7) سـرفا
غيـر أن الهــم انحلنـي في عيال عكف ضعفـا(8)

ومن ألوان شعره هذه القصيدة ـ من مجزوء الرجز المذيل ـ :
لما نصبت شركاً يا ظبية الوادي فــي ذلــك الـنـادي
هدّت فؤاداً قيدته نغمـة الشادي فــهــل لــه فــاد

(1) المنجَّد : الذي أتى نجد ، أو نزل فيها ، والمتهم : الذي أتى تهامة أو نزل فيها .
(2) أعيان الشيعة : 2/127 .
(3) الجواهري : هو ابن محمد حسن بن باقر ، من فقهاء الإمامية وأعلامها ، تتلمذ على يد الشيخ مرتضى الأنصاري توفي سنة 1273هـ ودفن في مقبرة العائلة في النجف .
(4) السلف : سلف سلوفاً : مضى وتقدم وسبق ، والسلف : كل عمل صالح قدّمته .
(5) الشغف : الولع الشديد .
(6) الصريف : الفضة الخالصة ، والصرف : الخالص من كل شيء .
(7) الهندباء : بفتح الدال وكسرها ، بقل زراعي من المركبات اللُّسَينية ينبت برياً في أوروبا وآسيا الغربية ، ورقه أزرق ، مرّ الطعم قليلاً ، يدخل في التوابل ويطبخ أيضاً ، والهندباء البرية : نبتة عشبية معمرة من المركّبات ، وأوراقها مسننة تشبه قواضم الأسد .
(8) شعراء الغري : 1/51 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 97

لله روض قطفـت مـن جنتي عاد عــــاد(1) بـــن شـــداد
بي سعـة أطلب أن تطبق أعضادي حــبــالـــة الــشــادي
لم يرني على ضنى جسمي عوادي مـــن لــــي بــعــوّاد
وحيثما كان هـواك فرض تسهادي ألــفــت تـسـهـتـــادي
أقول للظعن وقـد حدا بـه الحادي الـحـــادي بــالحــــادي
فـلا مقيـم أيهـا الحادي ولا هادي بــالـقــمــر الهــــادي
أصِخ بسمعيـك إلـى رقيق انشادي مـــن بـعـد إنــشـــادي
عن مهجة لـي تبعت ركابك العادي بــالـرشـــا(2) العـــادي
جهد الهوى جسم نحيف فوق أقتاد(3) رهــيـــن أقـــيــــاد
بريقك العذب المحلى يرتدي الصادي وقـلـــبـي الـصــــادي
زرني ولو طيف خيال فيـه إسعادي هـيـهـــات إسـعــــادي
عهدي بها بين المطايا ساقها الحادي لا أفـلــــح الـحــــادي
شهدت ميثاق الهـوى فكان إشهادي مـن قـبـــل ميـــلادي(4)

ومن شعره الحر الذي كان يسمى بنداً(5) وفيه يرثي الشيخ موسى بن جعفر كاشف الغطاء(6) :
أخرس الناعي لساني
وشجاني...
فلعمري لست أدري

(1) عاد : هو ابن عوص بن أرم بن سام بن نوح ، هاجر من بابل وسكن الأحقاف بين عُمان وحضرموت ، وإليه ينسب قوم عاد ذوي القوة والبطش الشديد .
(2) الرشا : ولد الظبية الذي قوي ومشى مع أمّه ، أو الذي قد تحرّك ومشى .
(3) أقتاد : مفرده القتد بفتح القاف وكسرها ، خشب الرحل .
(4) شعراء الغري : 1/36 .
(5) راجع باب مقدمة الشعر من الموسوعة في فصل الشعر الحر والبند .
(6) كاشف الغطاء : وجّده خضير ، والشيخ موسى كان من فقهاء الإمامية وأعلامها ، أوقع الصلح بين الدولة العثمانية والدولة الإيرانية سنة 1237هـ ، توفي سنة 1241هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 98

ما مقالي...
قد أراعتني بتخفيق لواها
وعلتني بصقيلات ظماها
فهي لا تصغي
إلى طور عتابي...
وطوتني بالأسى...
طي جوابي
يا لحاها(1) الله كم تجرح قلبي
بمواض(2) مزقت أحناء لبي...
ورمتني كمداً
فتّ بأعضائي
وأروى قبس الوجد بأحشائي
فسحب العين تهمي(3)
فوق خدي
كلما أبرق وجدي
من معيني في حنيني
وسؤالي من ضلالي(4)
وهي طويلة اكتفينا بهذا المقطع منها ، وأما بالنسبة إلى شعره الدارج فلم نعثر عليه رغم أن الخاقاني ذكر بأن له قصائد في اللهجتين وقد برع في

(1) لحى الشجرة : قشرها ، ولحى فلاناً : لامه وسبَّهُ وعابَهُ ، يُقال (لحا الله فلاناً) : أي قبَّحهُ ولعنَهُ .
(2) مواض : واحدها ماضي وهو السيف ، وكذلك الزمان المنصرم .
(3) تهمي : تمطر .
(4) شعراء الغري : 1/30 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 99

شعر المواليا وقد مدح بهما الشيخ جعفر كاشف الغطاء(1) .
وقال عنه حرز الدين(2) : عالم أصولي ماهر وأديب كامل شاعر له شعر مدون في المجاميع المخطوطة جيد يعد نظمه من الطبقة الوسطى حسب ما أراه وقيل هو أمتن من أبيه علماً وأدباً ووجدنا له نوادر ظريفة وشعراً كثيراً وقد رثى الحسين عليه السلام بعدة قصائد(3) .

(1) كاشف الغطاء : هو ابن خضر بن يحيى ، وهو أبو الأسرة الجعفرية ، ولد سنة 1156هـ ، من فقهاء الإمامية المبرزين ، اشتهر بكتابه كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء ، توفي سنة 1228هـ .
(2) حرز الدين : هو محمد بن علي بن عبد الله (1273 ـ 1365هـ) ولد وتوفي في النجف ، من العلماء المؤلفين ، اشتهر بكتابين معارف الرجال ومراقد المعارف .
(3) معارف الرجال : 1/21 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 100

(7)
إبراهيم بن حسن النقشبندي
القرن 9 ـ 915هـ = القرن 15 ـ 1509م

هو الشيخ برهان الدين إبراهيم بن حسن النبيسي(1) الشبستري(2) النقشبندي(3) .
ولد في شبستر إيران في القرن التاسع(4) ونشأ بها وأخذ مبادئ العربية والإسلامية ثم هاجر إلى نبيس من بلاد الشام .
قال عنه الحنبلي(5) : توفي في عام 915هـ(2) الشيخ العلامة النبيسي الشبشري ونبيس قرية في حلب والشبشر من بلاد العجم قاله النجم(7)، وقال : كان من فضلاء عصره وله مصنفات في الصرف وقصيدة تائية في النحو لا نظير لها في السلاسة ، وله تفسير من أول

(1) نبيس : قرية من قرى حلب وجاء في أعيان الشيعة : 2/127 «البنيسي» نقلاً عن الشذرات فهو تصحيف .
(2) شبستر : قرية من قرى تبريز الإيرانية .
(3) النقشبندي : نسبة إلى الطريقة الصوفية المعروفة التي أسسها بهاء الدين محمد بن أحمد الفاروقي المتوفى عام 791هـ ، ويبدو أن شاعرنا كان على النقشبندية .
(4) ولعل ولادته كانت في حدود منتصف القرن .
(5) الحنبلي : هو عبد الحي بن أحمد بن محمد المعروف بابن العماد (1032 ـ 1089هـ) ولد بدمشق وتوفي في مكة في سفرة الحج ، من أعلام الحنابلة بدمشق ، من مصنفاته : متن المنتهى ، التاريخ على السنين ، وشذرات الذهب .
(6) وقيل أنه مات سنة 917هـ وعلى رأي 919هـ ، وعلى رأي رابع 920هـ (ريحانة الأدب 3/111) .
(7) النجم : أراد به الغزي وسيأتي ترجمته .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 101

القرآن إلى سورة يوسف ، ومصنفات في التصوف ، وقتل في أرزنجان ، قتله جماعة من الخوارج(1) .
وقال الطهراني(2) معلقاً على النسبة : الشبشر(3) تصحيف شبستر البلد ، القريبة من تبريز في أذربيجان أو زنجان من بلاد المسلمين التي توجد فيها الخوارج الذين يبغضون علياً عليه السلام ويقتلون محبيه ومحبي أولاده ، وأما أرزنجان من بلاد أرمينية قرب أرزن(4) الروم فأهلها الأرمن(5) كما في معجم البلدان(6) .
وأورد الأمين ترجمته ملقباص بالبنيسي الشيشتري(7) فغير صحيح ، حيث أنه نقل عن الذهبي وابن خليفة والطهراني وكلهم لم يذكروه بهذه النسبة ، مما يظهر أن البنيسي تصحيف النبيسي والشبشتري تصحيف الشبشري أو الشبستري(8) .
قال ابن الخليفة(9) : التائية في النحو للشيخ إبراهيم الشبستري

(1) شذرات الذهب : 8/68 ، عام 915هـ عن الكواكب السائرة في مناقب أعيان المائة العاشرة لنجم الدين محمد بن محمد الغزي : 1/110 ، وفي ريحانة الأدب 3/111 : أنه مات أثناء السفر إلى مكة أو أنه قتل على يد الخوارج .
(2) الطهراني : هو محسن بن علي (1293 ـ 1389هـ) ولد بطهران وتوفي في النجف ، من علماء الإمامية ، باحث ومحقق ، له كتاب النقد الطيف ، مصفى المقال ، بالإضافة إلى الذريعة ، وطبقات أعلام الشيعة .
(3) ولا يخفى أنه لم نحصل على مثل هذه التسمية في فرهنگ آباديها ومكانهاي مذهبي كشور .
(4) كذا في معجم البلدان ، وفي بستان السياحة : 99 «أرزنة الروم» أقول ولعلها أرض روم المعروفة اليوم لأن مؤلف البستان يقول تقع على بعد فرسخ من نهر الفرات .
(5) وجاء في لغت نامه : 4/1813 ، وفيها أقلية مسلمة .
(6) الذريعة : 3/202 ، معجم البلدان : 1/150 .
(7) أعيان الشيعة : 2/127 .
(8) ولو صح لكان تصحيفاً لشوشتر إذ قد تقلب الواو ياءً في الكلمات المستعربة .
(9) ابن الخليفة : هو مصطفى بن عبد الله (1004 ـ 1067هـ) المعروف بالكاتب الچلبي ، وحاجي خليفة ، ولد وتوفي بقسطنطنية ، تولى الكتابة بها في الجيش ، ثم سكن بغداد ، تولى الكتابة بها ، له مصنفات منها تحفة الكبار ، ميزان الحق ، واشتهر بكتابه كشف الظنون .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 102

المتوفى سنة 917هـ نظم فيها الكافية وزاد عليها وسماها نهاية البهجة ثم شرحها شرحاً لطيفاً ممزوجاً وكان فريداً في الصناعة والنظم يقال له سيبويه الثاني ، والتائية في نظم ايساغوجي له أيضاً سماها موزون الميزان ثم شرحها أيضاً وكلتاهما في غاية البلاغة(1) .
وقال ابن خليفة أيضاً : نهاية البهجة تائية في النحو للشيخ الفاضل إبراهيم الشبستري النقشبندي ـ من الطويل ـ أولها :
تـيمنت بسم الله مـبـدي البريـة مفيض الجدى معطي العطايا السنية(2)

ثم شرحها ، وأولها : « الحمد لله حمداً بآلائه وفياً » ، وقد نظمها في غرة محرم سنة 900هـ(3) حيث قال في تاريخها :
فرغت وقد أبدى المحرم غرة لتسعمائة من هجرة النبوية(4)

ويقول ابن خليفة عن نظم ايساغوجي : موزون الميزان تائية في نظم ايساغوجي للشيخ الفاضل إبراهيم الشبستري أولها :
« بحمد لفيّاض الحدا(5) وتحية»

ثم شرحها وأولها : « الحمد لله الذي كرم نوع الإنسان»(6) .
ومن الغريب قول الطهراني نقلا عن ابن خليفة تحت عنوان نهاية البهجة ملقباً بـ« المستبشري» ثم تعليقاً بقوله : « أقول المستبشري هنا تصحيف الشبستري » مع العلم أن ابن خليفة ذكره الشبستري ، وكذا نقل عنه تحت عنوان موزون الميزان إن وفاته سنة 920هـ ، والحال أنه لم يذكر وفاته

(1) كشف الظنون : 1/267 .
(2) الأعيان : 2/138 ، ريحانة الأدب : 3/111 .
(3) كشف الظنون : 2/1987 .
(4) الذريعة : 3/201 .
(5) الحدا : مخففة الحداء : من حدا بالإبل حدواً إذا زجرها وغنّى لها ليحثها على السير ، وهو كناية عن قول الشعر أرجوزةً .
(6) كشف الظنون : 2/1901 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 103

هناك ، ولعل النسخة التي اطلع عليها الطهراني كانت مغلوطة ، نعم جاء في ذيل كلمة ايساغوجي(1)، ومن شرحه : « ونظم الشيخ إبراهيم الشبستري المتوفى عام 920هـ وهي تائية ثم شرحها»(2) ، وعلى كل فالذي يظهر أن الشاعر له منظومتان أحدهما في النحو وهي التي سماها بنهاية البهجة تقع في 23 ورقة(3) وفيها يقول :
وبعد فإن النحو علم مبين بكيفية الترتيب في العربية(4)

والثانية في المنطق والمسماة موزون الميزان .
وله أيضاً شرحهما أي شرح نهاية البهجة وسماه معيار الأدب(5) وشرح موزون الميزان .
وله إضافة إلى ذلك ثلاثة مؤلفات أخرى أحدها في التفسير وثانيها في الصرف وثالثها في التصوف فالمجموع سبعة .
ويظهر من كتابه عن التصوف ومن تلقيبه بالنقشبندي أنه كان من المتصوفة النقشبندية(6) وذهب كل من الأمين والطهراني إلى تشيعه ، هذا وقد اتضح مما قدمناه أنهم اختلفوا في عام وفاته بين ثلاثة أقوال 915 ، 917 ، 920هـ ، ولكنه اشتهر بالأول(7) .

(1) ايساغوجي : يونانية تعني الكليات الخمس : الجنس ، النوع ، الفَصل ، العرض الخاص ، العرض العام ، وهو باب من أبواب التسعة في المنطق ، وقد صنف فيه جماعة من المتقدمين والمتأخرين ، وهذا الأصل الذي نظمه شاعرنا هو تأليف أثير الدين مفضل بن عمر الأبهري المتوفى حدود عام 700هـ وهو مشتمل على ما يجب استحضاره من المنطق ، وجاءت التسمية من باب المجاز وذلك لإطلاق اسم الجزء على الكل أو المظروف على الظرف أو تسمية الكتاب باسم مقدمته ، وقد شرح عدد كبير من علماء المنطق ومنهم شاعرنا .
(2) كشف الظنون : 1/208 .
(3) الأعلام : 1/35 عن مخطوطات الظاهرية تحت رقم 8382 ، قسم النحو : 540 .
(4) الذريعة : 3/201 .
(5) إيضاح المكنون : 2/515 ، وفيه أنه توفي عام 915هـ .
(6) النقشبندية : للتفصيل راجع باب مدينة كربلاء فصل الحركة الفكرية من الموسوعة .
(7) راجع الأعلام للزركلي : 1/35 ، معجم المؤلفين : 1/38 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 104

كما اتضح أنه قتل في أرزنجان ومن الطبيعي أنه دفن بها .
وذكر الغزي(1) أن ممن أخذ عنه الشيخ أبو الفتح السيستري نزيل الشميصاتية بدمشق وكان يحفظ قصيدته التائية(2) وذكر بأن له ابناً باسم عبد الله كان من العلماء الأفاضل ومن شعراء اللغتين العربية والفارسية ، دخل بلاد الروم وله مؤلفات(3) .
هذا كل ما توصلنا إليه .
لقد بذلنا جهداً وسيعاً ، من خلال الاتصال بأصدقاء لنا في المحطات والمدن التي حط فيها المترجم ، والمكتبات العامة والخاصة ، للحصول على نماذج من أشعاره ، ولم نفلح ، على أمل أن نستدرك ذلك حالما تتوفر لدينا نتاجاته الأدبية .
هذا وقد وصلنا أخيراً ـ ونحن على أبواب الانتهاء من طباعة هذا الجزء ـ مصورة عن نسخة الظاهرية من كتابه نهاية البهجة ننقل منها بعضاً من قصيدته النحوية ـ والتي هي من الطويل ـ وذلك لسد النصاب الذي حددنا به أنفسنا ، وقد أنشأها عام 899هـ ، وهذه أولها :
تيمنـتُ بسم الله مـبـدي البـريـة مفيض(4) الجَدى(5) مُعطي العطايا السنيةِ
واحتـمـده حـمـداً يوافـي بنعمةٍ وُجـوداً وَجـوداً(6) منه عمت وخَصَّتِ
له الفتح يوم الخفضِ(7) والرفع بيننا جـزاءً بـعـدلٍ أو عـطـاءً بمـنـّةِ
لأنتَ المُنى في منتجـى كـل عابدٍ وأيـن سـواك المستـعـانِ لحـاجـةِ

(1) الغزي : هو محمد نجم الدين بن محمد بدر الدين القرشي ولد عام 977هـ من أعلام دمشق ومؤلفيها ومن مصنفاته الحلة البهية ، المنحة النجمية ، نظم العيقان ، وله شعر كثير أكثر في النحو والصرف ، توفي عام 1061هـ بدمشق .
(2) الكواكب السائرة : 1/110 .
(3) الكواكب السائرة : 1/217 .
(4) تفيض الجفن : سال بالدمع ، ويقال ماء فيض أي كثير .
(5) الجَدى : العطية .
(6) وجود الأولى ضد العدم والواو من أصل الكلمة ، وجود الثانية الواو فيه للعطف والجود ضد البخل .
(7) يوم الخفض : أراد به يوم القتال والحرب ، وفي البيت تورية لطيفة .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 105

وظلّ النّواصي(1) في يديك مقودةً بنـور اهتـداءٍ أو بنـارِ ضَلالـةِ
فنـدعوك يـا ربّ اهتداء طريقةٍ بـدعـوةِ خيـرِ الأنبيـاء إستنارتِ
صراطاً سويّـاً مستقيمـاً ينيرنا(2) بصحـب وأتـبـاعٍ وآلٍ وعتـرةِ
وهـذا كتابٌ نـاظـمٌ لمسائـلٍ بها حاجةُ الطلابِ في النحو مَسَّتِ
وبالنطق والفَحوى حوى كل نكتةٍ بتحريرهـا كتب النُحاة تَقـَصـَّتِ
كتابٌ جزيلٌ خُصَّ من بَين كُتبهم بـأحْسـن ترتيبِ وأزيـن حليـةِ
سديد المعانـي واثق اللفظ مُبَهج مسمـى لأمـرٍ مـّا نهايـة بهجةِ
شموس معانٍ عن مغاني قرايحٍ(3) تجلّـتْ وبـالنّظم القويـم تَحلـّتِ
نفـائـس آراءٍ نتـايـج فكـرةٍ عـرايـس أنظـارٍ علـيّ تَجلـّتِ
تراكيب عـن قيدِ التنافرِ أُطلقت وعن شوبِ(4) تعقيد المعاني تَصفَّتِ
وعـن كل أطنابٍ يمل تخلصت وعن كـل إيجـازٍ يُخـلُ تخلـتِ
وبـالضعفِ تأليفاتها مـا تعللت وبالحشـو منظوماتهـا مـا تحشتِ
ومـا شابها ما لا يزاد ضرورة ومـا شانهـا تـرك المراد لحاجةِ
وعن كل ايرادٍ على الحد أو على القواعدِ فـي كتبِ النحاةِ تفصتِ(5)
وإنـي أراهـا أعجـزَ اللهُ دونها قرايـح أربابِ الذكـا والرويـةِ(6)
كروم(7) حديدٍ والورى من ورائه فلم يستطيعوا النقب فيـه بحيلـةِ
وليـس لهـم ان يظهروه بـحجةٍ وإن بذلـوا مجهودهم ألف حجـةِ
وهـذا شروعـي فيـه بالله واثقاً لتسديـدِ قولـي واستقامةِ فكرتي
وإني لأرجو الله أن يحتدى(8) بـه ويجعل لي في يوم لا ظل ظُلّتي(9)

(1) إشارة إلى قوله تعالى :«ما من دابة إلا هوآخذ بناصيتها» [هود : 56] .
(2) في الأصل : «يبذر فا» غير مفهموم فأبدلناه بكلمة «ينيرنا» .
(3) القريحة : ملكة يقتدر الكاتب أو الشاعر على الإجادة في الكتابة أو النظم .
(4) الشوب : ما خلط بغيره .
(5) فصّ الشيء من الشيء : انتزعه وافترزه .
(6) الروية : النظر والتفكر في الأمور .
(7) الكُروم : بالضم ، جسم بسيط وهو معدن رمادي فاتح ، لامع ، صلب ، يدخل في الفولاذ اللامتصدي ، ويستعمل في طلي بعض المعادن .
(8) احتدى الليل النهار : تبعه .
(9) الظِلة : بالكسر العز ، المنعة ، الكنف والرفاهية ، والظُلة : ما يستظل به من الحر والبرد .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 106

وبعـد فـإن النحـو علـمٌ مُبَيـِّنٌ لكيفية التركيـب فـي العربيـة
وغايتـه صون اللسـان عـن الذي يخالفُـهُ تركيبُ أهـل السليقـةِ(1)
وموضوعه الألفاظ من حيث ركبت لتأديـة المعنـى بغيـر مزيـّة(2)
وذلك إمـا مُـفـردٌ أو مـركـبٌ بـالإسناد أو بالمزج أو بالإضافة
فمفـرده الموضـوع سُمـي كلمـة كقايمـة والتـاء حـرف الزيادةِ
ومـا فيـه تركيـب يـُراد لذاتـه بـالإسنـاد يُدعـى بالكلام كثبتِ
وأقسـامهـا اسـم وفعل وحرفهـم حروف المعاني لا الهجا والزيادةِ
وأقسامـه اسمـان واسـمٌ وفعلُـه واسـمٌ وفعـل الغيـر بالسببيـةِ
وكـل كـلام جملـةٌ دون عكسـه كشرطيـة والجملـة القسمـيـةِ

ويقول في خاتمتها :
فـرغتُ وقـد أبـدى المحرم غرةً لتسـعٍ مئيـنٍ هـجـرة نبـويـةِ
فَثَـمّ بتلك النظـم عقـدٌ تـوشحتُ(3) جيـاد الأمـانـي منه بعد عطالةِ(4)
وإنـي وإن لم يـُرض تثبيط همتي ببيـداء قُفـرٍ بالمكـاره حُـفـتِ
ونحـوي محوي فـي طرق مودتي وصرفي فيها صرف كأس تصفتِ
ولكننـي دون ارتوائـي بمشربـي بنهـر علـوم الـرسم حلّت بليتي
وما هو إلاّ مثـل نهـر بـه ابتلت فريـق عَـدَتنـا حالهـم فتعـدّتِ
فطوبى لذي حدس(5) وسطوة جدبة(6) يـجـوز بـه ريـان لـم يتلفـت
وتعسـاً لمستشقٍ اكتب عليـه مـا يـزيـد بـه إلا غليل(7) حلويَّـةِ

(1) السليقة : الطبيعة .
(2) المزية : الزيادة ، الفضيلة .
(3) توشح به : تقلد به ولبسه .
(4) العطالة : القصور ، خاصة في الأجسام تشير إلى أن الأجسام قاصرة عن تغيير حركتها أو سكونها من نفسها ومبدأ العطالة أن الجسم إذا كان ساكناً أو في حركة منتظمة مستقيمة ولم تفصل به قوة ما ، فإنه يبقى على ما هو عليه .
(5) الحدس : سرعة الانتقال في الفهم والاستنتاج ، وحدس في الأرض : أسرع ، أو ذهب على غير هداية .
(6) الجدب : ضد الخصب .
(7) الغليل : العطش الشديد .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 107

ومـا إن أرى منه ارتوائـي سائغاً وهـذا الذي منـه اغترفْتُ بغرفـةٍ
وكان لعلـم النحـو بالحفظ حاجـة فـادرجْتُـه فـي سلكِ تلك القَصيدةِ
عليـك بـه يـا طالب النحو إنـه كفيـل بمـا يغنيـك فـي العربـية
ويـا ناظراً فيـه اعتبر غير عابر كخطـفـة بـرق أو كهبـة نسمـة
ولا تنظرن بالسخط وامنن بنظـرة بعيـن رضىً عن كل عيب كليلة(1)
وأحمـد ربـي للفـراغ مصلـيـا علـى أحمـد المختـار خير البريةِ
حـوى القلـم المملي نهاية بهجـة بما ذاق مـن سلسال هذي القصيدةِ
وحلـى قراطيسـاً تخلت بنسخهـا بتعليقها الموجود عـن أصل نسخةِ
قصيد جـرت كالسلسبيل(2) سلاسلا سبـيـل بساتـيـن العلـوم الجليلة
لآلٍ رمـاهـا مـوج بحـر فضائل إلـى ساحـل النظـم القويم بقـوة
سـديـدٌ معـانيهـا بديـع بيانهـا إلى نحوها قد أوجبتْ صرف همتي
نسخـتُ لمخـدوم خدمتُ لدرسـه عـزيـز مخـاديـم سليـم غريزة
وقـرة عيـن السعـد سيد عصره ومـولـى مواليـه بفضـل ورتبة
حبا لطفه ربي أولي الفضل والنهى فمـن ذا ربـوا قدراً بربوة رفعـة
وظل ذلـولا عايـذ المجـد عنـده وضـل ذليـلاً عائـذٌ بتعـنــتِ
مُـر بي مليك الأرض شرقاً ومغربا معلـم سلطـان الملـوك بسطـوة
مراد العُلـى والتاج والسيف والعطا سـرور سرير الملك كامـلشِـدتـة
ادام الهي ملـكـه مـع عمر مـن بتدبـيره اركـان ذا المـلك شيـدت
بـه أسعـد الأيـام أسـعـد جـَده وَجَـدّلـه أثـواب مـجـد وَعـزةِ
وعُمّرَ ذا المخدوم مع إخـوة رمـَوا مـراقـي فضلٍ نائلي كـل نعمـةِ
وبنفعـه ربـي بهـذي وحفظـهـا ويـوتيـه فضلاً منـه كـل فضيلةِ
وأني من العُبدان(3) في باب سعدهم مـلازم دعـواتٍ لـيـوم ولـيلـةِ
ربيـب عطـايـاهم ومنظورُ لطفهم بتسليـم مخدومـين أشرف خدمـةِ
وداعيهُـمُ المدعوّ بالمصطفى أنتمي إلـى الصادق المقرئ أُنـيل لرحمةِ
ويكرمـه فـي مقعد الصدق ربنـا ويغفـر لـي مـَعْ والـديَّ بـرأفةِ

(1) الكليل : الضعيف ، يقال بصر كليل إذا كان ضعيفاً ، وسيف كليل إذا لم يقطع .
(2) السلسبيل : اللين ، الخمر ، الماء العذب السهل المساغ .
(3) العبدان : مفرده العبد .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 108

ولما انتهى نسخي دعوتُ مؤرخا(1) فقلت ألا فابهج نهاية بهجةِ(2)

(1) مجموعة الجملة بعد مؤرخاً يصبح 899 فيما إذا اعتبر نهاية النهاية والبهجة هاءً .
(2) نهاية بهجة : الورقة 1 ـ 2 و 22 ـ 23 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 109

(8)
إبراهيم بن حسون ياس
1333 ـ 1402هـ = 1915 ـ 1982م

هو الشاعر إبراهيم بن حسون الشيخ حمزة آل ياس الهنداوي الزبيدي ولد عام 1333هـ في قضاء الهندية(1) (طويريج) في محلة الشيخ حمزة من عائلة كريمة المحتد ، أخذ مبادئ العربية والإسلامية عن فضلاء بلدته والذي منهم والده(2)، ثم تتلمذ على السيد محيي الدين(3) القزويني وأخيه السيد مهدي(4) القزويني .
منذ صباه برزت عليه علائم الذكاء وما أن شبَّ حتى ولع بالأدب والشعر ، واللغة وأصولها فاتصل بفضلاء مدينته وحضر مجالسهم حتى صقلت مواهبه فأخذ ينظم الشعر بعدما أكثر من ممارسته قراءة وحفظاً ، وبذل جهوداً حثيثة وسعى جاهداً من أجل تحصيل العلوم العصرية بنفسه أو ما يسمى بالتعليم الذاتي فدخل دورات عديدة للاستفادة والاغتراف من معين الثقافة حتى تأهل للعمل في مدارس التعليم الابتدائي .

(1) الهندية : من توابع محافظة الحلة (بابل) سابقاً ، وكربلاء المقدسة لاحقاً ، تقع وسط العراق ، تبعد عن كربلاء حدود 20 كيلومتراً شرقاً .
(2) كان والده من رجال الدين المعروفين على صعيد مدينة الهندية .
(3) محيي الدين : هو ابن هادي بن صالح بن مهدي الحسيني الحلي ، ولد في طويريج الهندية ، وانتقل إلى النجف الأشرف للدراسة ، تتلمذ على العلمين الكاظمين الخراساني واليزدي .
(4) مهدي : هو ابن هادي بن صالح بن مهدي الحسيني الحلي (1307 ـ 1366هـ) ولد في قضاء طويريج (الهندية) درس على أخويه الباقر والجواد في الهندية ، ثم على السيد كاظم اليزدي والشيخ هادي كاشف الغطاء في النجف ، توفي في طويريج ودفن في النجف ، وكان عالماً وأديباً .

السابق السابق الفهرس التالي التالي