دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 135

(12)
إبراهيم بن حيدر فران
1338 ـ 1403هـ = 1920 ـ 1983م

هو الشاعر إبراهيم بن حيدر فران النبطي العاملي .
ولد في النبطية عام 1338هـ ونشأ بها على الولاء والصلاح ودرس في بلدته ثم أكمل دراسته في العاصمة بيروت وعين معلماً عام 1359هـ في مدرسة النبطية واستمر في التعليـم بها حتى عام 1372هـ حيث هاجر بـعدها من لبنان إلى أبيدجان(1) لمزاولة الأعمال الحرة والتجارة ، وبما أنه لم يوفق بها هاجـر إلى الـغابون(2) عام 1397هـ وظل يكافح ويعمل إلى أن توفي بها عام 1403هـ .
خلّد ذكراً حسناً حيث استطاع بثقافته وشخصيته أن يجمع شمل المهاجرين اللبنانيين وتوجيههم إلى ما هو الأفضل وتنظيم حياتهم الاجتماعية وكل هذا لم يشغله عن ممارسة المطالعة والقراءة والحفظ ، فقد تمكن منذ أن كان معلماً وحتى أن أصبح تاجراً مزاولة الشعر حفظاً ونظماً حتى كوَّن ديواناً إلا أنه لا زال مخطوطاً ينتظر اليوم الذي يرى النور ، فيه من الشعر الديني والولاء والشعر الاجتماعي والأخواني إلى غيرها من الأغراض .
ومن شعره الولائي قصيدة ـ من الخفيف ـ في الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يقول في أولها :

(1) أبيدجان : عاصمة دولة ساحل العاج الإفريقية .
(2) الغابون : إحدى دول قارة أفريقيا تقع على المحيط الأطلسي ، عاصمتها ليبرفيل ، استقلت عن فرنسا سنة 1380هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 136

سالك البيـد طِـرْ فديتك واحمـل شـوق قلبـي لـمـن وراء البيد
وتحدّث عـن مدنفٍ(1) ليس تخبو في حشاه نار المعنّى(2) العميد(3)
صبحـه حـالك الحواشـي كئيب ودجـاه فـي الهـم والتسهـيـد
لـم يهيّـج كوامن الـوجـد فيـه سحـر طرفٍ ولا التفـاتـة جيد
بل نفوس فـي نصرة الحق طارت وشهـيـدٌ ألـوى وراء شهـيـد
هتـف الحـق بـالجـنـود فكانوا لحمـاه السـامـي أعـزّ جنـود
طلقـوا خسة الحـيـاة وبـاتـوا من ذرى المجـد في قـرانٍ سعيد
شهـداء مـن هـاشـم شرع الله لهـم في السمـاء أسمـى البنـود
رفعـوا مـن دمائهـم فوق هـام الـدهـر تاج الفخـار تاج الخلود
أخـذ النـاس مـن سنـاه مناراً هـاديـاً في دجى الليالـي السود
هـم نجـاة الشقـي مـن شرك الغي وغوث الداعي ورشد الرشيد
كلمـا صنـتُ حبهـم في فؤادي خانني خاطـري فباح قصيدي(4)

إلى أن يقول في مقطوعتها الأخيرة :
لست مني يا قلب إن كنت تسلو عـن عليّ وذكره لست مني
وإذا لم تفض على الكون شعراً عَـلـوياً يروى ويؤثر عني
تتغنّـى بـه الطيـور فيهتـزّ لمعنـاه كـل روضٍ أغـنّ
ويدوّي صداه فـي كـل قصر هاشمي الهوى وفي كل ظعن
كـيـف لا يستبي فؤادي هواه وهو إن تهت يهدني ويصني
حُبـه جَـنـّة مـنـورة غناء تـزهـو بكـل لـون ولحن
حبـه للنفـوس آيـة حسـنٍ تتباهى بـه على كـل حسن
حُبّـه فـي الحياة رمز جهادٍ حُبّـه ثورة علـى كل غبن
وانعتاق من عالم ليس يرضى العيش فيه سوى الذليل القنّ
يـا إمـام الدنيـا أتقبل مني دمعة تقرح الجفون وتضني

(1) دَنِفَ المريض : ثقل مرضه ودنا من الموت .
(2) المعنّى : المكلَّف بما يشق عليه .
(3) العميد : الشديد الحزن ، والذي هدَّه العشق ، وعميد الوجع : مكانُهُ .
(4) مستدرك أعيان الشيعة : 7/6 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 137

بعثتهـا ذكراك خيـر رسول من فؤادي المضنى الكئيب لعيني
هي زلفى إلى رضـاك ليومٍ ليس فيه غير الرضى منك يُغني(1)

ويحدثنا عن جبل عامل وهو يرثي مؤخرها الأستاذ محمد جابر بقصيدة طويلة ـ من الكامل ـ يقول فيها :
يا واضع التاريخ قم حـدّث فكـم أطفأت في عذب الحديث أواما(2)
مـن دَكّ حصن الظلم مـن أساسه وأطـار بـاغيـة القيـود رماما
وأعـاد للجـبـل الأشم بـهـاءه وأعـزّ فـوق هِضابـه الأعلاما
هل عمّه مـن قبل عـاليـة السنا وأنـار منـه القلـب والأحلاما
إذ عانقتكـم مشفقـات سجونهـا رغـم الظـلام كواكبا تتسامـى
لو لـم يقيدهـا الجمود لأسـرعت وحنت أمـام جلالكـم إعظامـا
لا تنثنـي تسلـم على الدنيا وقـد حوت الحفاظ الـمـرّ والاقدامـا
الله للأحـرار كـم جرعـوا على مضض من الألم المبرح جاما(3)
الله لـلأحـرار مـاذا أجـرمـوا حتـى استحقوا الأسر والإعدامـا
ألأنهـم عافـوا الحيـاة ذليـلـة تحنـي أمام الظـالميـن الهامـا
وأبوا عليهـا أن تكون على المدى ذئبـاً يمـزّق نـابـه الأنعامـا
الله للأحـرار لـم يُثلـمْ لـهـم عزم وإن أتت الخطوب جسامـا
عـادت بـه الآمال وهي نضيرة وعليه بنيان العروبـة قـامـا(4)

وقال في الرثاء لشاعر من شعراء الحسين عليه السلام من قصيدة ـ من الكامل ـ يقول فيها :
أربوع عبقر(5) ما دهاك وما جرى حتى طوى ناديك ليل أسحم(6)

(1) مستدرك أعيان الشيعة : 7/7 .
(2) الأوام : العطش .
(3) الجام : إناء من فضّة .
(4) مستدرك أعيان الشيعة : 7/8 .
(5) عبقر : رمز للقرية الفسيحة ذات الحدائق الغنّاء ، وبها يضرب المثل لكل خير ، وقالوا إن عبقر هي جنّة الأرض ، وقيل إنه مهبط الملائكة ، وقيل إنها موضع الجن ، وقيل إن عبقر جبل في الجزيرة ، وأنها موضع من اليمامة ، وأنها مدينة في اليمن .
(6) أسحم : أسود .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 138

عرصـاتك الفيحـاء عاطلة الحلى وريـاضـك الغنـاء لا تـتـرنـم
حسرى يداعبهـا النسـيـم فتنحني وتئـن من فرط الجوى وتجمجـم(1)
فـي كـل ناحيـة بأرضـك مأتم فَـذُّ يـرفّ عليـه روح مـلـهـم
تبكـي بنـات الشعـر فيه عزيزها حينـاً ويغلبهـا الـذهـول فتلطـم
تبكـي أليفـاً مـا تحـوّل قلـبـه عنهـا ولا عـن ذكـرها غفل الفم
مـن للقـوافـي الشاردات بصيدها ويصـوغ منهـا الخـالدات وينظم
غـرّاء تسـبـي النفس منها طلعة أزهـى من الأمـل البـهـي وأنعمُ
مخـتالة الأعطاف ساحـرة الرؤى عن روعـة الوحـي السني تترجم
مـن لفـحـة البيداء سمرتها ومن تـرف الحضـارة جيدها والمعصم
تهتـزّ فـي خفقات عينيـهـا إذا هي أتلعت(2) متع(3) الهوى وتحوّم
تشقـى النفوس فلا يـريم شقاؤها حتـى تطـالعهـا الغـداة فتنعـم
يصغي لهـا الفجـر الندي فينتشي ويهـزّ روح الليـل حـس مبهـم
إن أرعـدت راع الأسود زئيرهـا وإذا استرقـت خلت ظبياً يبغـم(4)
خطرت على ربوات عامل فازدهى وتـرنّـح الصخـر الأصـم الأبكم
وشـدت بهـا الآرام في أكنافهـا طربـاً وصـاح البلبـل المترنم(5)

ورغم محاولات طرفنا في بيروت المتكررة ، عبر الاتصال بأقارب المترجم وأصدقائه ، فلم نحصل على أكثر مما وصلنا إليه ، كما اتصلنا بالسيد حسن الأمين فلم يزد عمّا كتبه في مستدرك أعيان الشيعة .

(1) جمجم الكلام : لم يبينه ، تجمجم عن الأمر : لم يقدم عليه ، وجمجم شيئاً في صدره : أخفاه ولم يُبده .
(2) تلع الإناء : امتلأ ، والتلع من الآنية : الملآن .
(3) مَتَعَ مُتوعاً : النبيذ اشتدت حموته .
(4) بَغَمَ : الظبية صوَّتت بأرخم ما يكون من صوتها فهي باغمة وبغوم .
(5) مستدرك أعيان الشيعة : 7/9 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 139

(13)
إبراهيم بن صادق العاملي
1221 ـ 1284هـ = 1806 ـ 1867م

هو الشاعر إبراهيم بن صادق بن إبراهيم بن يحيى(1) بن محمد بن سليمان بن نجم المخزومي الطيبي ، ولد في قرية الطيبة(2) عام 1221هـ ونشأ بها نشأة طيبة إلا أنه لم يشتغل بالعلوم الإسلامية إلى أن توفي والده عام 1252(3)هـ فانصرف إلى طلب العلم(4) وعلى أثرها هاجر إلى النجف الأشرف فأخذ من فضلائها ثم من أعلامها كالشيخين الحسن(5) والمهدي(6) ابنا جعفر كاشف الغطاء والشيخ مرتضى الأنصاري ، واتصل بأعيان الدولتين العثمانية والإيرانية ، وتخرج من جامعة النجف عالماً فاضلاً وأديباً

(1) ويبدو أن المترجم له هو أول من عرف بآل صادق وقبل ذلك كانوا يعرفون بآل يحيى «الكرام البررة : 1/17» .
(2) الطيبة : قرية تابعة لقضاء مرجعيون في الجنوب اللبناني على حدود فلسطين المحتلة .
(3) جاء في أعيان الشيعة 7/357 أنه توفي سنة 1250هـ بقرية الطيبة ، وهو من علماء جبل عامل وأدبائها تتلمذ على السيد على الأمين ، وله مؤلفات عديدة منها ، التحفة الخليلية في الكليات الطبية .
(4) جاء في ديوان الشعر العاملي المنسي : 2/000 أنه تلقى العلم في بلاده ثم بعد عامين من وفاة والده هاجر إلى النجف الأشرف .
(5) حسن : هو ابن جعفر بن خضر الجناجي المالكي ، ولد سنة 1201هـ ، كان من فقهاء الإمامية وأعلامها ، ومن مصنفاته (أنوار الفقاهة) توفي سنة 1262هـ ، ودفن في النجف الأشرف .
(6) مهدي : هو ابن جعفر بن خضر الجناجي المالكي ، وهو أحد الأخوة الثمانية لم يعرف عنه اشتغاله بغير التدريس .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 140

شاعراً وعاد إلى بلاده عام 1279هـ ، عبر دمشق فسكن الخيام(1) عام 1280هـ وفي عانم 1281هـ انتقل إلى مسقط رأسه إلى أن توفاه الله في كوانين(2)، ودفن عند أبيه وجده الشيخ يحيى(3) .
قال عنه مغنية(4) : كان من العلماء الأفاضل إلا أنه تغلب عليه الشعر(5)، وقال عنه الصدر(6) : عالم فاضل محقق أديب شاعر مفلق ، كانت النجف تزهو بأدبه وشعره ، وله في بيت كاشف الغطاء الشعر الذي تتحير به العقول والألباب(7) .
ونقل الأمين عن ابنه الشيخ عبد الحسين الصادق(8) في شعره : «فبعثر بالعراق وغرب عنا علمه فتعذر علينا جمعه وما عندنا منه سوى نزر قليل منه هذه القوافي المرسلة» .
وعلق الأمين على ذلك قائلاً : ونحن قد رأينا في القديم مجموعة بخطه عند ولده فيها جميع شعره كما رآها غيرنا ، والله أعلم أين ذهبت وخطه في غاية الجودة وهو شاعر مكثر مجيد(9) .

(1) الخيام : قرية تابعة لقضاء مرجعيون في جنوب لبنان .
(2) كوانين : والمعروف عنها كونين وهي قرية قرب بنت جبيل في جنوب لبنان .
(3) أعيان الشيعة : 2/144 ، ويحيى توفي سنة 1202هـ بقرية الطيبة ودفن فيها ، وكان عالماً فاضلاً أديباً شاعراً .
(4) مغنية : هو محمد بن مهدي بن محمد آل مغنية العاملي ، ولد سنة 1253هـ ، وهو من أدباء جبل عامل ، كان حياً عام 1288هـ ، توفي في قرية طير دبا التابعة لمدينة صور .
(5) جواهر الحكم ودرر الكلم ، كما في أعيان الشيعة : 2/144 .
(6) الصدر : هو أبو محمد الحسن صدر الدين بن الشريف الهادي الموسوي ، ولد في مدينة الكاظمية سنة 1272هـ ، تتلمذ على الشيخ محمد الحسين الكاظمي ، مات سنة 1354هـ ، بلغت مؤلفاته 82 مؤلفاً منها تبيين الرشاد ، الدر النظيم ، تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام .
(7) تكملة أمل الآمل : 74 .
(8) الصادق : هو ابن إبراهيم بن صادق العاملي النباطي ، ولد في النجف سنة 1282هـ ، وقيل 1283هـ ، وهو من الشعراء المبرزين ومن الفقهاء ، توفي في النبطية بلبنان سنة 1361هـ .
(9) أعيان الشيعة : 2/145 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 141

وقال الطهراني بعد إطراء بيته : قرض الشعر جرياً على عادة آبائه الذين ملأوا الطوامير بشعرهم ، واتصل بولاة الدولة العثمانية وبعض وزراء الدولة الإيرانية وكانت له صلة بأعلام النجف من عرب وعجم ، وقد مدح هؤلاء بشعره وأبهرهم بنثره ، ومن شعره القصيدة العينية التي كانت مكتوبة على ضريح الإمام أمير المؤمنين عليه السلام(1) .
وقال عنه كاشف الغطاء : كان فقيهاً أصولياً أديباً شاعراً خفيف الروح ، رفيق الحاشية وله في أولاد أحفاد الشيخ جعفر كاشف الغطاء المدايح الأنيقة والمراثي الرشيقة وأكثر شعره فيهم ، وله شعر كثير مجموع أيام إقامته في العراق ومكثه بالجبل إلى أن أدركه الأجل(2) .
وقال الخاقاني عن شعره : شاعر مجيد مطبوع رقيق الأسلوب قوي الديباجة مشرق اللفظ أخّاذ في سبكه ومتانته(3) .
له منظومة في الفقه تجاوز أبياتها ألفا وخمسمائة بيت أولها :
الماء أما مطلق(4) وذاك ما يسبق للفهم حتى ما قيل ما(5)

هذا وقد يفهم من كلام الأمين أنه جمع ديوانه بنفسه وكان عند ابنه .
ويذكر أنه كان المترجم له جالساً ذات يوم عند الأمير علي بيك(6) في بلاده فشكى على بيك البرغوث ليلة أمس فأنشأ على البديهة ـ من الوافر ـ :

(1) الكرام البررة : 1/18 .
(2) الحصون المنيعة : 9/178 ، كما في شعراء الغري : 1/69 ، وجاء في معارف الرجال : 1/24 أنه توفي عام 1288هـ .
(3) شعراء الغري : 1/79 .
(4) الماء المطلق : في مقابل الماء المضاف ، يصح التطهر للعبادة بالماء المطلق ولا يصح بالمضاف ، ويُعرف بتحول المطلق إلى المضاف بتغير لونه وطعمه ورائحته .
(5) أعيان الشيعة : 2/145 .
(6) على بيك : هو ابن أسعد بن محمد بن محمود المعروف بأبي حمد بن نصار ، ولد سنة 1237هـ ، خلف عمه حمد بيك في حكومة جبل عامل منذ عام 1269هـ إلى أن مات في دمشق سنة 1282هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 142

أتخشى لسع برغوث حقير وفي أثوابك الغراء ليث
فلم يدنو لك البرغوث إلا لأنك للورى بر وغوث

فأجازه بمئة ليرة(1) .
وله في برغوث ذي الكفل(2) حيث بات بها ليلة فكان إذا غطى رأسه أكلته البراغيث وإذا كشف وجهه لسعه البعوض فقال ـ من السريع ـ :
وليـلـة بـانـت براغيثهـا ترقص إذ غنى لها البق(3)
قد كدت من حزني وأفراحها انشق لولا الفجر ينشق(4)

وأما عينيته التي مدح بها أمير المؤمنين عليه السلام وسبق أشرنا إليها فهي تزيد على مئة وخمسين بيتاً نذكر منها بعض الأبيات ـ من الكامل ـ :
هـذا ثـرى حط الأثيـر لقـدره ولـعـزه هـام الثريـا يخضَعُ
وضريح(5) قدس دون غاية مجده وجلاله خفض الضراح الأرفعُ
أنى يقـاس به الضراح علا وفي مكنـونـه سر المهيمـن مودع
جـدث عليه مـن الإله سرادق(6) ومن الرضا واللطف نور يسطع
ودّت دراريّ الـكـواكـب أنهـا بـالـدرّ من حصبائه تترصع

إلى أن يقول :
ولك المناقب كالكواكب لم تكن تحصى وهل تحصى النجوم الطلع

(1) التكملة : 74 .
(2) ذو الكفل : أحد الأنبياء ، قيل إنه من العرب ، وقيل إنه من أنبياء بني إسرائيل جاء بعد النبي سليمان بن داود واسمه عويديا ، قضى بين الناس بقضاء داود النبي ، له مزار وقبة في منطقة الكفل أو الچفل كما في اللهجة الدارجة ، تقع ما بين الحلة وبغداد ، وإليه نسبت المدينة .
(3) البق : البعوض .
(4) التكملة : 74 ، أعيان الشيعة : 2/160 .
(5) الضريح : القبر ، وسُمّي ضريحاً لأنه يُشَقُ في الأرض شقّاً ، والمضرحيٌّ من الصقور . ما طال جناحاه وهو كريم ، والمضرحيُّ : الرجل السيد في قومه الكريم .
(6) السرادق ، واحدها سردق وجمع الجمع سرادقات : الفسطاط الذي يمد فوق صحن البيت ، الخيمة ، والكلمة فارسية الأصل .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 143

فالدهر عبد طايع لك لم يزل وكذا القضا لك من يمينك أطوع(1)

وله في مدح الإمام أمير المؤمنين عليه السلام والإمام الحسين عليه السلام ورثائهما قصائد ذكرنا ما يختص بالإمام الحسين عليه السلام في باب الشعر .
وله موشحات رقيقة على الطريقة الأندلسية منها ما أنشأه في تهنئة زواج الشيخين شريف(2) وعبد علي(3) ابنا عبد الحسين الجواهري أيام إقامته في النجف يقول في مطلعها والمقطوعة الأولى ـ من الرمل ـ منها :
أيها العـاذل دعني والصبـا ليـس يصغـي لعذول مسمعـي
تخذ القلب التصابـي مذهبـاً فهـو عن صبـوته لم يـرجـع
مـا لمـن خان عهوداً للهوى أن يـرى مـمـا جنـى معتذرا
كل من زل عن النهج هـوى وجـرى في سقر مـع من جرى
عرف السـرّ يقيناً مـن روى عـن بني عذرة(4) يومـاً خبـرا
ونجـا مـن قـد توقى العطبا وقضـى مـن عشقه في خـدع
ورعى حق الهـوى من شربا جرع الحتف بسفح(5) الأجرع(6)

وله في الحنين إلى العراق حيث عاش بها إحدى وثلاثين سنة جاءت

(1) أدب الطف : 7/178 ـ 179 ، أعيان الشيعة : 2/146 ، ولأن القصيدة طويلة فإن الأمين لم يشر إلى البيتين الأخيرين .
(2) شريف : هو ابن عبد الحسين بن محمد حسن النجفي الجواهري ، من علماء الإمامية ، ومن مؤلفاته (مثير الأحزان) توفي سنة 1314هـ ودفن في مقبرة العائلة في النجف الأشرف .
(3) عبد علي : هو ابن عبد الحسين محمد حسن النجفي الجواهري ، ويقال له علي ، وهو غير عبد علي بن محمد حسن صاحب الجواهر ، وعرف المترجم باسم علي وهو ثاني : أربعة أبناء وهو أصغر من شريف .
(4) بني عذرة : نسبة إلى عُذرة بن سعد بن هُذَيْم بن زيد بن ليث بن سُود بن أسلم بن الحافي بن قضاعة ، وهم من القحطانية من قبائل اليمن ، وعُذرة هؤلاء هم المعروفون بشدة العشق .
(5) الأجرع : رملة مستوية لا تنبت شيئاً ، والناقة : قَلَّ لبنها .
(6) شعراء الغري : 1/76 ، أعيان الشيعة : 2/155 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 144

في رسالة وجهها إلى الأفندي(1) بعد عودته إلى مسقط رأسه ـ وهو من الكامل ـ :
قلبي يحن إلـى العراق ولـم أكن لا من رصافتـه ولا من كرخه(2)
لكـنَّ فـي بغداد لي مـن قربـه أشهـى إلـي من الشباب وشرخه
بأبي الذي شوقي لـه شوق السقيـ ـم إلى الشفاء أو الظليم(3) لفرخه
أو شـوق أعرابـيـة حنت إلـى طلـل بنجد فـارقتـه ومرخه(4)
قلبـي أسيـر عنـده دنف(5) فقل إن لم يحـل أسيره فليـرخـه(6)

واستظهر في هامش الأعيان أنها ليست له ولم يفصح عن ذلك .
وله بتشوق إلى جبع(7) من جبل عام ـ من البسيط ـ :
يـا حبـذا زمـن بـالوصـل مرَّ فمـا قد كـان أحـلاه بل يا حبذا جبع
فـكـم كريمـة أصل فـي الكروم لنـا بالوصل جادت ولكن صدّني ورع
وكم رعى الطرف بين الطرف بدر دجى شوقاً إلى منيتي والناس قد هجعوا
وكـم غـدا لـي نديمـاً والمدامة مـن فيه وفيه عذولـي لـيـس يرتدع
وكـم لثمـت ثنـايـاه وليس على التـ ـقبيـل والـضـم غير الله يطلع
فهـل يجـود زمـانـي بـالتواصل أو تضمنـا بعـض يوم تلكـم البقع
مـع البـدور اللـواتـي فـي بـراقعها عنا تخفت وفي أفق الحشا طلعوا
هيهـات ذلك مـن دهـر جـوانحـنـا فيه بنار الجـوى والبعد يلتـذع

(1) الأفندي : هو الشيخ عبيد الله بن صبغة الله الأشعري ، أحد علماء العامة في بغداد وكان بينه وبين المترجم صداقة أيام تواجده في العراق .
(2) الرصافة والكرخ إليهما تنقسم بغداد بفعل وجود نهر دجلة الذي يشقها .
(3) الظليم : الذكر من النعام .
(4) المرخ : وادٍ بين فدك والوابشية ، خضر نضر كثير الشجر .
(5) الدنف : من لازمه المرض ، والمريض ثقل مرضه ودنا من الموت ، والشمس دنت للغروب واصفرت .
(6) أعيان الشيعة : 2/160 ، عن ديوان الشعر العاملي المنسي .
(7) جبع : بالجيم المضمومة والباء الموحدة المفتوحة والعين المهملة ويقال جباع بالمد وتعرف بجبع الحلاوة تمييزاً لها عن جبع الشوف في جبل لبنان وجبع بنيامين في فلسطين ، وهي من اعمال الشومر في جهات صيدا .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 145

فما استهلت بروق من جهاتهم إلا وعيني دماً أجفانها(1) همعوا(2)

وقد أنشأ الشاعر بطرس كرامة(3) قصيدة خاليّة في مدح والي بغداد داود باشا(4) وأرسلها إلى أدباء بغداد وطلب منهم معارضتها فأبى الشيخ صالح التميمي(5) واستجاب الشاعر عبد الباقي العمري فعارضها بخالية أخرى كما عارضها المترجم إلا أنه جعلها في مدح الشيخ حسن بن جعفر كاشف الغطاء مطلعها ـ من الطويل ـ :
أشاقك من إطلال مية بالخال(6) رباع تعفى رسمها راجف الخال(7)

وهي تسعة وثلاثون بيتاً استخدم في قافيتها أربعون خالاً بأربعين معنى ومن أراد الاطلاع عليها فليراجع الأعيان(8) .
وله في البعد والهجران ـ من الطويل ـ :
أحبة قلبـي لم أجد قـط مخبـراً يطارحني أخبـاركـم وأطارحه
بعيـد النـوى إلا النسيـم وأنـه بكم يستفر القلب لا شـك نافحه
فهل يا ترى من عودة ينطفي بها لهيب اشتياق أحرق الجسم لافحه

(1) همعت العين : أسالت الدمع .
(2) التحفة الناصرية : 302 .
(3) بطرس : هو ابن إبراهيم كرامة ، من شعراء سورية واستامبول ، ولد في حمص سنة 1188هـ ، وأقام في استامبول إلى أن توفي فيها سنة 1267هـ ، له ديوان شعر ومجموعة من الموشحات الأندلسية .
(4) داوود باشا : كرجيّ الأصل ، مستعرب اشتراه الوالي سليمان باشا ، ولد سنة 1188هـ وعظم شأنه في العراق ، وخافه السلطان فعزله ثم أرسله شيخاً إلى الحرم النبوي ومات هناك سنة 1267هـ .
(5) التميمي : هو ابن درويش بن زيني ، شاعر ومؤرخ ولد في الكاظمية سنة 1190هـ ، ولَهُ ديوان شعر ، ومن مصنفاته : شرك العقول وغريب النقول ، مات سنة 1261هـ .
(6) الخال : اسم لعدد من المواضع ولعله أراد بها خال بني غطفان الذي أنشد فيه ـ من الطويل ـ :
أهاجك بالخال الحمول الدوافع فأنت لمهواها من الأرض نازع
(7) الخال : السحاب .
(8) أعيان الشيعة : 2/155 ونقلها عنه شعراء الغري : 1/99 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 146

ويهجـع طـرف لـم يجد لذة الكرى ويجمـد دمع خد في الخد سافحـه
ومـا الـدهـر إلا غـادر بي وقادر علـي ومـا عنـدي جنود تكافحه
فشـن عـلـى المشتاق غارات غدره وصاحت بـه من كل فجٍ صوائحه
هنيئـا لصـبّ لـم تذق حرقة النوى ولا ألم الهجـران يـومـاً جوانحه
ولا بات يوماً شاحط(1) الدار بل غدا يماسيه من يهوى إذا لم يصاحبه(2)

ومن شعره ـ من الطويل ـ :
تجنب رياض الغور من أرض بابل(3) فثم قدود(4) يـانعـات وأحداق(5)
وإيـاك إيـاك الـغـويـر(6) وقربه وقلبك فاحفظ إن طرفك سرّاق(7)

ويقول ـ من الكامل ـ :
يا ملبسي ثوب الهوان بهجـره لولا جمالك ما تجلببت الهوى
أشكو إليك جوانحاً تطوى على نار الصبابة آه من نار الجوى

وقال أيضاً في هذا المعنى :
زعمـت بثينـة(8) والعجائب جمة أنـي وصلـت بغيرها حبل الهوى
سنحت جآذر(9) رامة(10) فرمقتها فتوهمت أني جنحت إلى السوى(11)

(1) الشاحط : البعيد .
(2) التحفة الناصرية : 301 .
(3) بابل : مدينة تاريخية وسط العراق ومركزها الحلّة ، ويجري وسطها نهر متفرع من نهر الفرات .
(4) القدود : مفردها القد وهي القامة أو القوام .
(5) الأحداق : مفردها الحدق وهو جمع حدقة العين ، كناية عن جمال نسائها .
(6) الغوير : تصغير الغار : الجحر الذي يأوي إليه الوحشي ، والظاهر أنه اسم موضع على الفرات قالت الزباء : «عسى الغوير بؤساً» .
(7) التكملة : 74 .
(8) بثينة : إشارة إلى بثينة بنت حبا بن ثعلبة العذرية ، شاعرة من بني عذرة من قضاعة ، اشتهرت بأخبارها مع جميل بن معمر العذري ، ماتت بعد جميل سنة 82هـ .
(9) الجوْذر : ولد البقرة الوحشية .
(10) رامة : موضع ما بين البصرة ومكة ، بينها وبين البصرة 12 مرحلة .
(11) أعيان الشيعة : 2/159 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي