دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 147

ويقول ـ من الطويل ـ :
خذوا حذركم من طرفها فهو ساحر فليـس بنـاجٍ مـن دهتـه المحـاجر
فـإنَّ العيون الـسـُّودَ وهي فواترُ تفـل السيـوف البيـض وهـي بـواتر
ولا تخدعوا من رقة في كلامهـا فـإن الحُـمـيّا(1) للعقـول تخـامـِرُ
مُنعَّمةٌ لـو صـافـح الوردُ خَدّها بَـكَـتْ وجـَرَتْ من مقلتيهـا بـوادر
فلو في الكرى مَرّ النسيم بطيفهـا سـرى أبـداً من طيفهـا وهـو عاطرُ
بعيدةُ ما بين المُخلل(2) والطِلا(3) ترى الطرف عنها ينثني وهو حاسر(4)

ومن أوائل ما نظمه وهو في الغزل قوله ـ من الخفيف ـ :
أيهـا الراكـب المجن غراماً أيـنـقـاً(5) نحو بارق تترامى
وعـوال شوازب(6) كقسي(7) تـركتهـا يد المغـذ سهـامـا
تتحامى إلى السرى وبها مـن قبـس الوجد لاهب يتحـامـى
حي عني الأحياء من آل ودي وأقرأن من عرفت مني السلاما
وبسلع سل عـن فؤاد مضاع لـم يزل فـي رباعها مستهاما
وإذا مـا بـدت لعينـك نجد أو تراءت لـديك دار أمـامـا
وعهود اللوى(8) فثم مغان(9) كـنّ للغيـد مرتعـاً ومقامـا
وبجيرون(10) جائرون أباحوا مـن دم المستهـام شيئاً حراما

(1) الحُميّا : بُلوغ الخمر من شاربها ، وقيل : إسكارها وحدَّتُها وأخذها بالرأس .
(2) المخلل : خلَّل العصير ، حَمضَ وفسد ، وخِلاها : ما حُمض من العصير أو الخمر .
(3) الطلاء : الشراب ، شُبِّه بطلاء الابل وهو الهِناءَ ، والطلاءُ : ما طُبخَ من عصير العِنَب حتى ذهب ثُلثاه وبعض العرب يسمي الخمر الطِّلاء .
(4) التحفة الناصرية : 299 ، وجاء في شعراء الغري : 1/91 معلقاً على هذه الأبيات والذي أتخطره إن هذه الأبيات قديمة اما لابن النبيه أو الشاب الظريف أو غيرهما .
(5) الأيناق : الإعجاب .
(6) الشازب : الضامر ، اليابس ، الخشن ، الشزيب : العود قبل أن يصلح .
(7) القسي : مفردها القوس وهي آلة ترمى بها السهام .
(8) اللوى : ما التوى وانعطف من الرمل أو مسترقه ، ويضرب به المثل .
(9) المغن : الوادي الذي كثر شجره .
(10) جيرون : الباب الشرقي لمدينة دمشق القديمة ، ويقال إن النبي سليمان بن
=
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 148

وأضـاعـوا حـق امرء وزعتـه لفتـات الـمـهـا عراقـاً وشـامـا
فعـلامـا هـذا التجـافـي علاما وإلـى مـا هـذا التنـائـي إلـى ما
ليس من شرعة الهوى أن أرى في حلبـات الهـوان مضنـى مضـامـا
يـا خليلـي للهـوى عـطـفـات تـورث الصـب لـوعـة وسقـامـا
علـلانـي بـذكـر سالـف عهد وأديـرا سـلافــه(1) أو مـدامــا
وانشـرا خـاطـري بنشر حديث طالما ضاع(2) منه نشر(3) الخزامى(4)

وله أيضاً ـ من الطويل ـ :
على الصب قد ضاقت لعمري مذاهبه وبان عزاه حين بانت حبائبه
ومـا هجعـت منـه العيون ولم يكن يسامره فـي الليل إلا كواكبه

إلى أن يقول في آخرها :
وقد عجبت في ربع عنه مسائلاً وصوتي به غير الصدى لا يجاوبه
(وقفت على ربع لميّة(5) ناقتي فمـا زلت أبكي عنده وأخاطبه)(6)
وأسقيـه حـتـى كاد مما أبثه تكلمنـي أحجـاره وملاعـبـه(7)

هذا وقد خمس قصيدة للشيخ عبد الحسين محيي الدين(8) ـ من

= داوود عليه السلام هو الذي تعهد ببنائها ، وقد أدخلت سبايا واقعة الطف من أهل البيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم منها على عهد يزيد بن معاوية ، وهي قائمة إلى يومنا هذا .
(1) السلافة : كل شيء عصرته ، والسلاف : أفضل الخمر .
(2) ضاعَ المسك : انتشرت رائحته .
(3) الخزامى : جنس زهر من فصيلة الزنبقيات ، له بصلة وأزهاره متعددة الألوان .
(4) شعراء الغري : 1/102 .
(5) ميَّة : من أسماء النساء ، ويقال : ميّ أيضاً ، وأراد بها الكناية عن المرأة ويقول النابغة الذبياني ـ من البسيط ـ :
يا دار ميّة بالعلياء فالسند أقوتْ وطال عليها سالف الأبدِ
«ديوان النابغة الذبياني : 19» .
(6) هذا البيت لغيره ضمنه في قصيدته .
(7) التحفة الناصرية : 300 .
(8) عبد الحسين : هو ابن قاسم آل محيي الدين النجفي ، ولد في النجف ، وكان من علمائها وشعرائها ، ومن آثاره منظومة في النحو ، مات سنة 1271هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 149

البسيط ـ منها المقطوعة التالية :
بني علي(1) نرى الأفضال مجملها فيكم وعنكم بكم نروي مفصلها
يا أبحراً يمم العافون منهلها
إن الريـاسـة أنتم أهلها ولـهـا همتم بهـا مثلما هامت بكم ولها(2)

(1) بنو علي : إشارة إلى أولاد الشيخ علي بن جعفر بن خضر الجناجي المالكي آل كاشف الغطاء ، وهم مهدي ، محمد ، جعفر ، حبيب ، وعباس .
(2) شعراء الغري : 1/110 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 150

(14)
إبراهيم بن العباس الصولي
176 ـ 243هـ = 792 ـ 857م

هو أبو إسحاق إبراهيم بن العباس بن محمد(1) بن صول(2) تكين الصولي .
ولد في خراسان أو بغداد عام 176(3)هـ ونشأ ببغداد وتأدب بها وقرّبه المعتصم(4) والواثق(5) والمتوكل العباسي(6)، قال عنه ابن خلكان :

(1) كان محمد من رجال الدولة العباسية ودعاتها «معجم الأدباء : 1/166» .
(2) في معجم الأدباء : 1/165 ان صول كان مولى يزيد بن المهلب وكان تركياً مجوسياً ، وفي الأنساب للسمعاني : 3/567 . إن صول كان من ملوك جرجان ، ثم رأس أولاده من بعده في الكتبة وتقلد الأعمال السلطانية ، و«صول» و«فيروز» أخوان تركيان ملكان بجرجان يدينان المجوسية ، فلما دخل يزيد بن المهلب جُرجان أمَّنهما فأسلم صول على يده ، ولم يزل معه حتى قتل يوم العقر .
(3) جاء في معجم الأدباء : 1/165 «وقيل سنة 167هـ» .
(4) المعتصم : هو المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد وهو ثامن حكام بني العباس ولد عام 179هـ وكان أُميّاً ، وحكم من عام 218هـ حتى عام 227هـ ، بنى مدينة سر من رأى واتخذها عاصمة له .
(5) الواثق : هو هارون بن محمد المعصتم بالله ، وهو تاسع حكام بني العباس ولد في بغداد عام 200هـ ومات في سامراء عام 232هـ بمرض الاستسقاء ، حكم في الفترة ما بين 227 و232هـ .
(6) المتوكل : هو المتوكل على الله جعفر بن محمد المعتصم بالله ، هو عاشر حكام بني العباس ، ولد عام 206هـ وتولى الحكم عام 232هـ ، واغتاله ابنه الأكبر المنتصر عام 247هـ ، حاول نقل عاصمته إلى دمشق لكنه عاد إلى سامراء ، وله جولات في محاربة أهل البيت عليهم السلام ومطاردة شيعتهم ، وحاول محو قبر الإمام الحسين عليه السلام مرات عديدة وللمزيد راجع فصل تاريخ المرقد الحسيني من باب تاريخ المراقد من هذه الموسوعة .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 151

كان أحد الشعراء المجيدين وله ديوان شعر كله نُخَبٌ(1)، وهو صغير وله نثر بديع فمن ذلك(2) «أما بعد فإن لأمير المؤمنين أناة(3)، فإن لم تغن عَقَّب بعدها وعيداً ، فإن لم يغن أغنت عزائمه والسلام» وهذا الكلام ينشأ فيه بيت شعر له أوله ـ من الطويل ـ :
أناةٌ فإن لم تغن عَقَّبَ بعدها وعيداً فإن لم يُغنِ أغنَت عزائمه(4)

وقال الزركلي(5) : كاتب العراق في عصره ، وأصله من خراسان ، وكان جدّه محمد من رجال الدولة العباسية ودعاتها ، تنقل في الأعمال والدواوين إلى أن مات متقلداً ديوان الضياع والنفقات بسامراء .
قال المسعودي : «لا يعلم فيمن تقدم وتأخر من الكتاب أشعر منه»(6) .
وقال القمي(7) : هو ابن أخت العباس بن الأحنف(8) وكان كاتباً بليغاً وشاعراً مجيداً ، وكان يكتسب في حداثته(9) بشعره ، ورحل إلى الملوك

(1) النخب : المختار من كل شيء .
(2) كتب الكتاب إلى بعض الخارجين على الخليفة العباسي يتهددهم ويتوعدهم .
(3) الأناة : الحلم والوقار .
(4) وفيات الأعيان : 1/44 .
(5) الزركلي : هو خير الدين بن محمود بن محمد الدمشقي ، ولد في دمشق عام 1310هـ ، ساهم في إنشاء المملكة الأردنية الهاشمية ، تقلب في المناصب الرسمية والدبلوماسية ، له مصنفات منها عامان في عمان ، وموسوعة الاعلام ، توفي في القاهرة ، عام 1396هـ .
(6) الأعلام : 1/45 .
(7) القمي : هو عباس بن محمد رضا بن أبي القاسم ، من علماء الإمامية ومحدثيها ومؤرخيها ، ولد في قم المقدسة عام 1294هـ ، له مصنفات عديدة منها سفينة بحار الأنوار ، الكنى والألقاب ، ومنتهى الآمال توفي في النجف الأشرف عام 1359هـ ودفن بها .
(8) الأحنف : هو العباس بن الأحنف بن الأسود بن طلحة الحنفي اليمامي شاعر غزل رقيق نشأ في بغداد ومات خارج البصرة عام 192هـ .
(9) الحداثة : أول الأمر وابتداؤه ، مقتبل الحياة ، وأيام الشباب .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 152

والأمراء ومدحهم طلباً لجدواهم(1)، وله مكاتبات قد دونت وفصول حسان من كلامه قد جمعت ، ومن كلامه : «مثل أصحاب السلطان مثل قوم علوا جبلاً ثم وقعوا منه فكان أقربهم إلى التلف أبعدهم في الارتقاء» ، يروي عن الإمام(2) الرضا عليه السلام(3) .
قال الحموي(4) : كان إبراهيم وأخوه عبد الله(5) من وجوه الكتاب وكان عبد الله أسنهما(6) وأشدهما تقدماً وكان إبراهيم آدبهما وأحسنهما شعراً وكان إذا قال شعراً اختاره وأسقط رذله(7) وأثبت نُخبته(8) .
ومن شعره ـ من البسيط ـ :
سقياً ورعياً لايام لنا سلفت بكيـت منهـا فصرت اليـوم أبكيهـا
كذاك أيامنا لا شك نندبها(9) إذا تقضّت(10) ونحن اليوم نشكوها(11)

وقال ابن خلكان(12) ومن رقيق شعره ـ من الطويل ـ :

(1) الجدوى : العطية .
(2) الإمام الرضا : هو علي بن موسى بن جعفر ، الثامن من أئمة أهل البيت عليهم السلام ، ولد سنة 148هـ ومات في خراسان بالسم سنة 203هـ وفيها دفن .
(3) الكنى والألقاب : 2/432 .
(4) الحموي : هو ياقوت بن عبد الله ، وهو رومي الجنس ، ولد في مدينة حماة سنة 574هـ ، له مصنفات عديدة منها إرشاد الألبّاء إلى معرفة الأدباء ، ومعجم الأدباء ، مات في حلب سنة 626هـ .
(5) عبد الله : هو ابن عباس بن محمد بن صول ، ولد قبل سنة 176هـ وكان من الكتاب ، مات في القرن الثالث الهجري ، وهو جد الأديب أبو بكر محمد بن يحيى ابن عبد الله الصولي .
(6) أسنَّ الرجل : شاخ .
(7) الرَذْل : الجمع منه أرذال ورُذال ورذول ورَذلون ، وهو ما قبح من الشيء .
(8) معجم الأدباء : 1/166 .
(9) ندَبَ : عدّد محاسن الميت ، ومنه أيضاً البكاء على الفقيد .
(10) تقضّى الشيء : انصرم وفني وزال .
(11) الكنى والألقاب : 2/432 .
(12) ابن خلكان : هو أحمد بن محمد بن إبراهيم الأربلي الشافعي ، ولد في مدينة إربل (ما بين الزابين قرب الموصل) سنة 608هـ ، تولى مناصب حكومية عديدة ، مات في دمشق سنة 681هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 153

دَنت(1) بأناس عن تناءٍ(2) زيارة وشط(3) بليلـي عـن دُنـوٍّ مـزارُهـا
وإن مقيـمـاتٍ بمنعرج اللّوى(4) لا قربُ من ليلى(5) وهاتيك(6) دارُها(7)

وقال في الأخوة والصداقة ـ من الخفيف ـ :
يا صديقي الذي بذلت له الْو دَّ وأنـزلتـه عـلـى أحشائي
إن عيناً أقذيتها(8) لتراعيـ ـك على ما بها من الأقذاءِ(9)
مـا بهـا حاجةٌ إليك ولكنْ هي معقودةٌ بحبلِ الوفـاءِ(10)

وقال الحموي : وتعجب دعبل الخزاعي من قوله ـ من السريع ـ :
إن امرءاً ضنَّ(11) بمعروفه عَنّـي لمـبـذولٌ لـه عـذري
مـا أنـا بالراغب في خيره إن كان لا يرغبُ في شكري(12)

وقال في رثاء ابنه ـ من مجزوء الكامل ـ :
كنت السواد لناظري(13) فبكـى عليـك الناظر

(1) دنا : قرب .
(2) ناء : بَعد .
(3) شطَّ : بَعُد .
(4) اللّوى : اسم موضع ، وهو واد من أودية بني سليم ، ويُضرب به المثل .
(5) ليلى : إشارة إلى أم مالك ليلى العامرية . صاحبة المجنون قيس بن الملوح .
(6) هات : اسم فعل بمعنى أعطني ، وهنا بمعنى ان الدار في متناول اليد .
(7) وفيات الأعيان : 1/44 .
(8) أقذى العين : جعل فيها القذى وهو التبن ونحوه .
(9) الاقذاء : ما يقع في العين من أذى .
(10) العقد الفريد : 2/230 .
(11) ضنَّ : بخل .
(12) معجم الأدباء : 1/168 .
(13) وفي وفيات الأعيان : 1/47 «كنت السواد لمقلتي» . وقد سبقه إلى هذا أحد الثلاثة ، الإمام علي عليه السلام ، أو السيدة فاطمة عليها السلام أو حسان بن ثابت في رثائهم للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، حيث نسب المجلسي إلى الإمام علي عليه السلام في البحار : 22/548 قوله :
كنت السواد لناظري فبكى عليك الناظر
كما نسب ابن شهر آشوب إلى السيدة فاطمة عليها السلام في المناقب : 1/243 قوله :
=
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 154

من شاء بعدك فليمت فعليك كنتُ أحاذر(1)

وله أيضاً في الصديق ـ من البسيط ـ :
أولى البرية طراً(2) أن تواسيه عند السرور لمن واساك في الحزن
إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا من كان يألفهم في المنزل الخشن(3)

وله في الشكوى من الأخوان(4) ـ من المجتث ـ :
لو قيل لي خذ أمانا من أعظم الحدثانِ(5)
لمـا أخـذتُ أمانا إلا مـن الخُـلاّنِ(6)

وقال في النفاق ـ من مجزوء الكامل ـ :
خَـلِّ النفـاقَ لأهـلـه وعليك فالتمس الطريقا
وارغب بنفسك أن تُرى إلا عَدُوّاً أو صديقـا(7)

وذكر الحموي له أيضاً في الصديق ـ من الوافر ـ :
أميل مع الصديق على ابن أمّي واقضي للصديق على الشقيق(8)
وافـرِق بيـن معروفي وَمَنّي واجمـع بيـن مالـي والحقوق
فإن ألفيتنـي حرّاً مطـاعـاً فـإنـك واجدي عبدَ الصديق(9)

=
كنت السواد لمقلتي يبكي عليك الناظر
وقد جاء البيت في ديوان حسان : 94 ، منسوباً إلى حسان كالتالي :
كنتَ السواد لناظري فعَمي عليكَ الناظرُ
وجاء البيت الثاني في جميع المصادر متحد اللفظ .
(1) تاريخ الأدب العربي : 2/280 .
(2) طرّاً : جميعاً .
(3) الكنى والألقاب : 2/432 ، وفيات الأعيان : 1/46 .
(4) تاريخ الأدب العربي لفروخ : 2/280 .
(5) الحدثان : النوائب والمصائب .
(6) الخلاّن : الاصدقاء .
(7) معجم الأدباء : 3/174 .
(8) الشقيق : الأخ من الأب والأم .
(9) معجم الأدباء : 1/174 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 155

وله أيضاً في الهم والحزن ـ من البسيط ـ :
كم قد تجرعت من حزن ومن غصص إذا تجـدد حـزن هـون الماضي
وكـم غضبـت فمـا بـاليتم غضبي حتى رجعت بقلب ساخط راضي(1)

وكان إذا نزلت به نازلة أنشد البيتين التاليين فيفرج الله عنه وهما ـ من الكامل ـ :
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً وعند الله منهـا المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكان يظنها لا تفرج(2)

ومن أخباره أنه كتب شفاعة لرجل إلى بعض أخوانه : «فلانٌ ممن يزكو(3) شكره ، ويعنيني أمره ، والصنيعةُ عندهُ واجدة موضعها ، وسالكة طريقها» ، فختمها بهذا البيت ـ من الطويل ـ :
وأفضل ما يأتيه ذو الدين والحجى إصابةُ شُكرٍ لم يصنعْ معه أجرُ(4)

وله في النسيب ـ من الطويل ـ :
وَنُبِّئتُ ليلى أرسلتْ بشفاعة إلـيّ فهـلاّ نفـس ليلـى شفيعها
أأكرَمُ من ليلى عليّ فتبتغي به الجاهَ أم كنتُ امرءاً لا أطيعها(5)

وقال في جارية بسامراء(6) يقال لها ساهر وكان يهواها ثم أنها دعيت في وليمة لبعض أهلها فغابت عنه ثلاثة ايام ثم جاءته ومعها جاريتان لمولاها ، وقالت له : قد أهديت صاحبتيَّ إليكَ عوضاً عن مغيبي عنك فقال ـ من البسيط ـ :

(1) الكنى والألقاب : 2/432 .
(2) تاريخ الأدب العربي : 1/280 وفيات الأعيان : 1/46 ، الكنى والألقاب : 2/433 .
(3) زكا : صلح .
(4) معجم الأدباء : 1/178 .
(5) وفيات الأعيان : 1/47 عن الحماسة لأبي تمام ، باب النسيب .
(6) سامراء : من مدن العراق تقع شمال غرب بغداد وفيها مثوى الإمامين علي بن محمد الهادي وابنه الحسن بن علي العسكري ، بناها المعتصم بالله العباسي (218 ـ 227هـ) .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 156

اقبلن يحففن(1) مثل الشمس طالعة قد حسَّنَ الله أُولاها وأُخراها
ما كنـت فيهـن إلا كنْتِ واسطةً وكنّ دونكِ يمناها ويُسراها

وقال فيها عندما تأخرت عنه يوماً ـ من المتقارب ـ :
ألـم تـرنا يومنا إذ نأتْ ولم تأتِ من بين أترابها(2)
وقد غمرتنا دواعي السرو رِ بـأشعـالهـا وبألْهابِها
ونحن فتورٌ إلى أن بَدَتْ وبـدرُ الدُجى تحت أثوابها
ولما نأتْ كيف كنّا بهـا ولما دنتْ كيف صرنا بها

واعتبرت الجارية منه هذا مجاملة في حقها وغضبت منه فقال الصولي ـ من المجتث ـ :
يـا مـن حنينـي إليه ومن فـؤادي لديه
ومن إذا غاب من بيـ ـنهم أسفتُ عليـه
إذا حضرتَ فمن بينـ ـهمْ أصْبُ(3) إليه
من غاب غيرَكَ منهم فـأذنـه فـي يديه

فرضيت منه ، ثم إنه طال العهد بينهما فملّها ، وكانت تهواه أيضاً فكتبت إليه من شعرها تعاتبه ـ من المنسرح ـ :
بـالله يا ناقض العهود بمن بعـدك من أهل وُدّنـا نثقُ
واسوأتا ما استحيتَ لي أبداً أن ذَكَرَ العاشقون من عشقوا
لا غَـرَّنـي كاتبٌ له أدبٌ ولا ظريفٌ مهذبٌ لـبـقُ(4)
كُنتَ بذاك اللسان تختُلُني(5) دهراً ولم أدرِ أنه مـَلَـقُ(6)

(1) حفَّ القوم الرجل به وحوله : أحدقوا واستداروا به .
(2) التِرْب : والجمع أتراب ، وهو من وُلِدَ معك في نفس العام ، وأكثر ما يستعمل في المؤنث .
(3) صبا : مال وحنَّ إليه .
(4) اللبق : اللين الأخلاق واللطيف الظريف والحاذق واللبيب .
(5) الختل : المكر والخديعة .
(6) الملَق : إظهار الود والإكرام باللسان دون القلب .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 157

فاعتذر الصولي إليها وراجعها فلم يفرق بينهما غير الموت(1) .
ومن شعره ـ من الرمل ـ :
أسدٌ ضارٍ(2) إذا هيجـتَـه وأبٌ بـرّ إذا مـا قــدرا
يعرفُ الأبعدَ أن أثرى ولا يعرف الأدنى إذا ما افتقرا

يقال : أنه اجتمع هارون بن محمد الزيات(3) وابن برد الخباز(4) في مجلس عبيد الله بن سليمان(5) فجعل هارون ينشد من شعر أبيه(6) ومحاسنه ويفضله ويقدمه ، فقال له ابن برد الخباز إن كان لأبيك مثل قول إبراهيم الصولي القائل : «أسد ضار إذا هيجته» الأبيات ، أو مثل قوله ـ من الكامل ـ :
تلج السنون بيوتهم وترى لهم عن جار بيتهم ازورار(7) مناكِبِ(8)
وتراهم بسيوفهـم وشفارهم مستشـرفيـن(9) لراغب أو راهب

(1) معجم الأدباء : 1/174 ـ 177 ، تاريخ شعراء سامراء : 10 ـ 11 .
(2) الضاري : الشديد .
(3) الزيات : هو أبو موسى الكاتب هارون بن محمد بن عبد الملك ، من رواة القرن الثالث الهجري ، من كتبه : (أخبار ذي الرمة) .
(4) الخباز : لم نعثر عليه في المعاجم وكتب التأريخ ، ولعله كان من الأدباء غير المشهورين .
(5) ابن سليمان : هو أبو القاسم عبيد الله بن سليمان بن وهب الحارثي استوزره المعتمد العباسي وأقره بعده المعتضد ، ولد عام 226هـ ومات عام 288هـ .
(6) ابوه : أبو جعفر محمد بن عبد الملك بن أبان بن أبي حمزة ، ولد سنة 173هـ قرب بغداد ، وكان من الكتاب والشعراء ، استوزره المعتصم والواثق ، قتله المتوكل سنة 233هـ ، وله ديوان شعر .
(7) ازور : مال ، والازورار الميلان .
(8) المناكب : جمع منكب وهو ملتقى رأس الكتف والعضد ، وأيضاً : ناحية كل شيء وجانبه .
(9) المستشرف : المرتفع والمتطلع ، والمراد ينتظرون الراغبين فيعطونهم والراهبين فيؤمنونهم .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 158

حامين(1) أو قارين(2) حيثُ لقيتهم نهب العفاةِ(3) ونزهةً للراغبِ(4)

وقال الجهشياري(5) : رأيت دفتراً بخط إبراهيم بن العباس الصولي فيه شعره وفيه يصف غليظ ما هو فيه من الحبس وثقل الحديد والقيد ويذكر فيه موسى بن عبد الملك(6) وحبسه في قصيدة طويلة ـ من الرمل ـ منها :
كـم ترى يبقى على ذا بدني قـد بـلـى مـن طول هَمّي وفني
أنا في أسرٍ وأسباب ردىً(7) وحـديـد فـادح يكـلـمـنـي(8)
وأبو عمران موسى حَنِق(9) حـاقـدٌ يطلبـنـي بـالإحـَن(10)
ليس يشفيه سوى سفك دمي أو يراني مُدرجاً(11) فـي كفني(12)

(1) حامين : من حمى ودافع .
(2) قارين : من قرى الضيف وإكرامه .
(3) العفاة : جمع عاف وهو المحتاج ، والمراد أن ما لهم نهب مقسّم لذوي الحاجات .
(4) معجم الأدباء : 1/183 ـ 184 .
(5) الجهشياري : هو أبو عبد الله محمد بن عبدوس بن عبد الله الكوفي المتوفى ، عام 331هـ ولي إمارة الحج العراقي عام 317هـ ومات ببغداد مستتراً ، له كتب منها «كتاب الوزراء والكتاب» و«أخبار المقتدر العباسي» و«أسماء العرب والعجم والروم وغيرهم» .
(6) ابن عبد الملك : هو أبو عمران موسى بن عبد الملك الأصبهاني المتوفى عام 246هـ ، تولى ديوان السواد أيام المتوكل العباسي ، وكان مترسلاً وله «ديوان رسائل» .
(7) الردى : الهلاك .
(8) الكلم : الجُرحَ .
(9) حَنِقَ : اغتاظ وغضب .
(10) الإحَنْ : جمع الأحْنَة ، الحقد وشدة البغض .
(11) دَرَجَ القوم : انقضروا وماتوا ، والشيء : دخله وضمَّهُ .
(12) ونسبها أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني : 22/171 إلى إبراهيم بن المدير وقال : أنه كتبها إلى أبي عبد الله بن حمدون في أيام نكبته يسأله اذكار المتوكل والفتح بأمره .

السابق السابق الفهرس التالي التالي