دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 188

حـيـث فيـه الرسـول بلغ وحياً فـي علـي عـن الإله البريـهْ
قـال هــذا إمـامكـم بايعـوه وأطيعوا واعصوا النفوس الشقيه
راقـبـوا الله فيه حـيث ارتضاه فـارتضـوه كمـا ارتضاه وليه
فـأجـابـوا وبايعـوه ولـكـن بنفـاق إذ لازمـو العصبـيـه
حيث قد أوّلـوا النصوص عناداً منهــم بـالسياسـة الـهمجمه
أوجبـت فيهـم تمـزق شمـل وانحـرافـاً وخـيبـة أبـديـه

وله قصيدة ـ من الكامل ـ في رثاء الإمام الحسن العسكري عليه السلام(1) .
هـد الـهـدى رزءٌ جليل مفجع فـالشهـب مـن فلك الهـدايـة وقّع
وتكورت شمس الضحى مذ ألبس الإسـلام ذلاً دائـمـاً لا يـنـــزع
والبـدر بُـرقـع بالسواد لعظمه والمجـد دكّ شـمـامـه المتـرفـع
والـديـن أصبح ثاكلاً من هوله ينعـى وليـس لـه مجيـب يسمـع
ينعـى لآل محمـد بـدراً خبـا بـالـسـم أعـداه حـشـاه قطــع
ويـلٌ لهـم مـن جده ماذا جنوا فـي نجلـه والعهـد فيـه ضيـعـوا
وبغـو لـه كـل الغوائل إذ غدا عـن جـده بـالحـق جهـراً يصدع
كـم مشكـل لـولاه ماسطاع له حـلاً ولكـن خبـط عـشـوا أزمـع
مـن ذاك مـذ قـد أبصروا أن السما من كف ضليل النصارى تهمع(2)
ظلت عقولهم وحادوا عـن هدى مـن ربهـم إذ قـولـه لـم يسمعـوا
بـاعـوا الهدى إذ أنهم لا يعلموا أن الأعـادي كيـدهـا لا يـصـدع
إلا بمـن ولاه طـه أمـرهـم ومـن المهيمـن علـمـه يسـتـودع
فهناك جاؤوا يصرخون لمن غدا فـي السجـن بغيـاً منهـم يستـودع
قـالـوا له قم يابن طه مسرعاً فـانهـار ديـن الله ليـل أسـفـع(3)
حتـى إذا مـا جئتم زال العمى وبـدا لهـم نـور الهدايـة يـلـمـع

(1) العسكري : هو الإمام حسن بن علي بن محمد ، الإمام الحادي عشر من أئمة الإمامية الاثني عشر ، ولد في المدينة المنورة سنة 232هـ ، وهو والد الإمام الحجة المنتظر ، استشهد في سامراء سنة 260هـ .
(2) همع : الماء والمطر سالَ .
(3) السفع : السواد والشحوب ، وقيل السواد المُشَربُ حُمرة .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 189

وسربت منه النصارى عارها إذ لم يفد ما دبّروه وشنعوا
كم كربة عن دين أحمد ردَّها لكن أعاديـه ببغي أسرعوا

إلى أن يقول في آخرها :
يابـن الهـدى طال الصدى فاشحذ شبا(1) عضب(2) له الأرواح طوعاً تخضع

(1) شبا الشيء : علا .
(2) العضب : السيف القاطع .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 190

(20)
إبراهيم بن علوان النصيراوي
1376 ـ ....هـ = 1956 ـ ....م

هو الشيخ إبراهيم بن علوان النصيراوي .
ولد في العمارة(1) عام 1376هـ ونشأ بها والتحق بالمدارس الحديثة الابتدائية والمتوسطة والثانوية ثم هاجر إلى النجف عام 1411هـ ليلتحق بجامعتها العلمية فأخذ من فضلائها وأعلامها كالسيد أبو القاسم الخوئي(2) والشيخ علي الغروي(3)، ثم هاجرها بسبب الظروف الأمنية القاسية إلى إيران ، والتحق بجامعة قم العامرة .
عندما كان في مسقط رأسه كان يرتاد الأندية الحسينية ومجالس العلماء والأدباء ويشترك في المناسبات الدينية والاجتماعية بقراءة القرآن وبعض الكلمات مما خلقت له أرضية ليتوجه نحو العلم والأدب وباختياره التخصص بالخطابة الحسينية والممارسة للشعر والأدب حفظاً وإلقاءً

(1) العمارة : مدينة عراقية تقع في الجنوب ، أُطلق عليها اسم ميسان وذلك في عهد حكومة الرئيس أحمدحسن البكر الذي حكم من عام 1388هـ إلى عام 1400هـ .
(2) الخوئي : هو ابن علي أكبر بن هاشم الموسوي ، ولد في مدينة خوي الإيرانية سنة 1317هـ وهو من علماء الإمامية وفقهائها ، له مصنفات عديدة اشتهر منها (معجم رجال الحديث) توفي سنة 1413هـ ودفن في النجف تولى المرجعية شبه العامة بعد وفاة السيد محمود الشاهرودي عام 1394هـ .
(3) الغروي : من أبرز تلامذة السيد أبو القاسم الخوئي ، له تقريرات درسه في اثني عشر جزءاً باسم التنقيح ، من علماء الإمامية ، اغتيل في الرابع والعشرين من شهر صفر عام 1419هـ . لدى عودته من زيارة الإمام الحسين عليه السلام إلى مقر إقامته في النجف .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 191

ومطالعة ، نمت يوماً بعد يوم تلك الأرضية التي كانت قد ظهرت أيام دراسته في المدارس الثانوية في العمارة حيث اشترك في مسابقة طلابية للشعر على مستوى المدارس الثانوية في العراق فكان الفائز الثاني وذلك عام 1398هـ مما يظهر أن قدرته على النظم كانت قد صقلت في تلك الفترة الزمنية ، وقد اعتبر الشاعر نفسه هذه المشاركة هي أو شعره الذي يعتمد عليه حيث يقول : «نظمت الشعر أيضاً في هذه المرحلة من عمري ـ العقد الثاني ـ إلا أنه شعر ركيك يحتاج إلى الإصلاح شأنه شأن كل بداية ثم ترقى الأمر حتى كانت لي مشاركات في المدرسة» ، وقد اخترنا من تلك القصيدة أولها ـ من الوافر ـ حيث يقول :
لسان الفكر دعني بانطلاق وذرنـي أشتكـي ممـا ألاقي
واعلنهـا على الأيام حرباً تحطـم كـل عـرش للنفـاق
لتنخرط الخيانة من حفوف أبـت إلا التقـدم بـالشـقـاق
واسقيهـا لـكـم كأساً ملياً لتعـرف نكهة الطـعـم المذاق
أريق الكأس من بعد امتلاء فوا أسفي على الكأس المراقي(1)

وللشاعر ديوان شعر حسيني سماه «حديث كربلاء» يحتوي على أرجوزة تتضمن 1172 بيتاً يبدو أنه انتهى منها بتاريخ 8/محرم/1411هـ كما يظهر من تاريخ المدخل على الديوان ويذكر في المقدمة عن سبب اختياره الرجز قائلاً : راودتني فكرة الكتابة عن الإمام الحسين بن علي عليه السلام وكان الأمل يحدو بي لتحقيق ذلك ، ثم تجسد الأمل حقيقة باقتصار الحديث عن واقعة الطف والحديث عنه ذو أبعاد متعددة : سياسية واجتماعية ودينية واقتصادية وكلها عوامل رافقت ثورة الحسين عليه السلام فأخذت جانب السرد التاريخي لوقائع الأحداث ، وحاولت أن أنظم ذلك شعراً وحددت بحر الرجز لذلك ميداناً لأن الأرجوزة لا تلتزم قافية بعينها بل تنتقل بين القوافي حروفاً وحركات»(2) .

(1) رسالة الشاعر إلى المؤلف .
(2) حديث كربلاء : 12 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 192

ونشر للشاعر بعض القصائد في الرثاء عبر مجلة النور(1) اللندنية ، وله بعض المؤلفات الاخرى في النحو وفي التراجم(2) .
وله قصيدة أنشأها عام 1414هـ حين توسط جمعاً من أصدقائه وهو على شط العرب في مدينة المحمرة(3)، الإيرانية يتذكر الجانب الآخر الذي أبعدته الأهواء السياسية والطائفية الحاقدة من مسقط رأسه وهي ـ من البسيط ـ :
وجئتهـا ليلـة أحبـو أنـاغيـهـا فكلمتنـي فلم أفهم معـانيهـا
مـاذا دهـاك وفـي عينيك أغنيتي وطـالمـا عشت أياماً أغنيها
حفظتهـا زمنـاً أشـدو بمطلعهـا وأنشي سَكَراً من عذب جاريها
ضيعتُ عمري وما ضاعت قصائدنا ولا يزال فؤادي عنك يرويهـا
ردّي فـإن نسيـم الليـل هـدهدنا وقد تذكرتُ شيئاً من لياليـهـا
كـانـت وكنـا وأحبابي تغازلنـي كما يغازل جاري الماء واديها
بـالله ردي فمـا أحلـى مسامرتي وقد جلست علـى أبواب ناديها
اشتـدُ والعـذب آتٍ مـنـك أسأله عن دارنا عن قُرانا عن أهاليها
بقيـت بعدك يـا محبوبتـي جسداً أمـا فـؤادي فقـد خلفته فيها
ردي علـيّ وحسـبـي فيك والهة دعي الهموم إلى الأيام تطويها
إنـي أتيتـكِ فـي قومٍ لك انتسبوا شوقـاً إليك لعل الشوق يدنيها

وله قصيدة ـ من الخفيف ـ أنشأها عام 1416هـ وهي من غزلياته :
شّب في الهوى فطفت العذارى متعبآ في خطاي اخشى العثارا
راودتني مــن الغواني فتـاةٌ فاستحـال الظلام عندي نهارا
هـي تخشى الـدنوَّ منّي وإني أختشيهـا مهـابـةً ووقـارا

(1) النور : مجلة شهرية إسلامية عامة صدرت عن مؤسسة الإمام الخوئي في لندن وتناوب على رئاسة تحريرها عدد من الكتاب ، وفي عهد رئيس تحريرها السيد عبد الحسن الأمين ، استقلت عن مؤسسة الإمام الخوئي عام 1416هـ .
(2) سيأتي الحديث عنها في معجم من ألف في الحسين من هذه الموسوعة .
(3) المحمّرة : هي مدينة خرمشهر الإيرانية الواقعة على شط العرب مقابل مدينة البصرة العراقية .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 193

غير أني وجدتهـا لـو تغنت بطيور السماء تهوي سكارى
أو أشـارت لهامدٍ حركـتـه وإلـى أفقهـا المشعشع طارا
وقفـت تنظـر السماء بوجه هـابه البدر فاستحى فتوارى
مقلتـاهـا تشاطر النجم نوراً وعلى عينهـا الشعاع استدارا
والخـدود التـي تفتحن ورداً لو تـراهـا لخلتها جلّنارا(1)
وعلتها ابتسـامـة همت فيها دونهـا الحور تنثني إكبـارا
غمزتنـي بطرفها قلت مهلاً أنا لا أستطيع فيك اصطبارا
أنا ذاك الفـتـى المعذبُ حبّاً ذاب فيَّ الجوى وأضرم نارا
أنا أهـواكِ غادةَ الحسن لكن كلمـا جئـت تسدلين الستارا
لا تكوني مع الزمان سناناً(2) فـالمحبّون في هواك أسارى
أنتِ من نسمة الصباح نسيم ومـن النبع أنت ماء تجارى
وعلى نحرك المزين تبراً(3) قـبـلات الملاك تلقى نثارا
قسـمـاً بالذي أدقكِ خصراً وبمن أبدع الجمـال اقتدارا
لو تغيب الشموس يوماً ولكن أنت بالأفق كنت فيه المدارا

هذا وقد أرخ صدور الديوان للسيد مصطفى جمال الدين(4) عام 1415هـ وهي ـ من الوافر ـ :
نشيـدك فـي فـم الدنيا معطّرْ وصوتك فوق جرح الحق كبّرْ
وحلّـق كـي يعانـق كل نجمٍ فغـطـى البدرَ نورٌ منه أزهرْ
ولامَسَ ماء دجلة وهو يجـري فصـار لشـاربيه الماء كوثر
ومس الأرض فانتشرت حصاها وروداً واستحال الرمل سكـر
وفـاح بـأفقـنـا فـاهتز نخلٌ من الفيحـاء حيث زها وأثمر

(1) جلّنار : فارسية بمعنى زهر الرمّان .
(2) سنان : نصل الرمح .
(3) التبر : الذهب .
(4) جمال الدين : مصطفى بن جعفر بن عناية الله ، ولد بقرية المؤمنين بسوق الشيوخ التابعة لمحافظة الناصرية عام 1346هـ ، وهو من شعراء العراق وأدبائه ، مات سنة 1417هـ ، وله ديوان شعر باسم الديوان ومؤلفات منها (الإيقاع في الشعر العربي من البيت إلى التفعيلة) و(البحث النحوي عند الأصوليين) .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 194

على بُعد يُشم الطيبُ أرخْ لمسكُ الشعرِ بالديوانِ ينشرْ

كما رثاه بعد نحو سنة في قصيدة ـ من الخفيف ـ أولها :
لا تقل مات بل تخطى الدروبا ليرى والنجوم وهجاً سكوبا
ليـرى والنجـوم تخبـو نهاراً شامخاً زاده المغيب لهيبـا
مـاثـلا يمـلأ العيون وجوداً خالداً والرحيل كان كذوبـا
مسه الموت فاستحى منه جسماً ضم في قلبه المعنـى قلوبا
خرست ألسنُ الفصاحة حزنـاً وذوى غصنها وكان رطيبا

وله قصيدة ـ من الرمل ـ يخاطب بها صديقاً له في سجون العراق أنشأها عام 1417هـ :
أيها الصامد في قعر السجون لك وجه لم يزل ملء جفوني
لـم تـزل بسمتك الحلوة في خاطري تلعن بالدهر الخؤون
صوتـك العذب يحاكي أذني وبـه أسلو إذا اشتدت شجوني
أنت في قلـبـي جرح نازف وإذا أقسمـت بالجـرح يميني
أنت يا خلّـي طيف قد سرى من أمامي اصطاده ألف كمين
وشهـاب رحـت أدنو نحوه فاختفى عن طالب فيه ضنين
أي نفـس حملتهـا فتـيـة أي نور شع من خير جبيـن
وصمـود لـم يجـد سجّانه فيـه حرفاً لشكـاه أو لليـن
هكـذا أنـت أمـامـي ماثل توأم المجد وليثـاً في عرين
جبـل تـزَّلـزل الدنيا وما حاد في تحريكه بعد سكـون
كبّلـوا منـك يـداً طـاهرة فتحررت من الـذل المهيـن
وعجيـب لأصيـل قيـدت يـده الحـرة كفـاً لهجيـن

هذا وقد حاولنا الحصول على المزيد من شعر المترجم له المتنوع الأغراض منه مباشرة فلم نحظ بذلك ، ولعل السبب في ذلك يعود إلى أنه مقل حيث لا ينظم إلا في المناسبات التي تستحوذ اهتمامه .

دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 195

(21)
إبراهيم بن علي البلادي
أواخر القرن 11 ـ بعد 1150هـ = أواخر القرن 17 ـ بعد 1737م

هو الشيخ إبراهيم بن علي بن حسن بن يوسف بن حسن بن علي البلادي البحراني ، ولد في البحرين في أواخر القرن الحادي عشر ونشأ في حجر أبيه على التقى والفضيلة وتتلمذ على علماء عصره .
وهو شيخ جليل وعالم فقيه وأديب شاعر ومؤلف قدير عرف من مؤلفاته اثنان :
1 ـ جامع الرياض في مدح النبي وآله الحفّاظ ، الذي وصفه الطهراني بقوله : كبير فيه أربع عشرة روضة بعدد المعصومين عليهم السلام ، وقد سمى الناظم بعض تلك اروضات بأسماء خاصة منها الروضة التي في مدح صاحب الزمان عليه السلام فإنه سماها ببستان الأخوان في مدح صاحب الزمان ، ورأيته بخط تلميذه الشيخ عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد البحراني الأصبعي الشويكي(1) تاريخه 1149هـ وذكر أنه نقله من جامع الرياض ، وقال إن الناظم له هو أبو الرياض(2) مولانا وشيخنا الصفي الوفي المؤتمن الشيخ إبراهيم ابن المقدس العالم العامل العلامة الفردوسي الشيخ علي بن الشيخ حسن البلادي البحراني ، ومنها الروضة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام رأيت نسخة منه قابلها الناظم مع أصله ، وكتب شهادة

(1) الشويكي : ويلقب بالخطي ، وفي الأعيان : 8/70 أنه الشوبكي بالباء ، كان حياً في سنة 1150هـ ، كان عالماً وأديباً شاعراً له ديوان جواهر النظام في مدح السادة الكرام عليهم السلام ، تتلمذ على الشيخ محمد بن عبد الرحيم الشريف النجفي .
(2) الظاهر أن هذه ليست بكنيته ولعلها نسبة إلى كتابه جامع الرياض أو لأن له روضات في المعصومين عليهم السلام .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 196

المقابلة بخطه في يوم الجمعة 17 جمادى الأولى عام 1150هـ(1) .
ومن الجدير ذكره أن الروضة في مصطلح الأدباء والشعراء هو الديوان المشتمل على ثمان وعشرين قصيدة على قوافي الحروف الهجائية ، كما يظهر من عنوان الديوان أنه في الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الطاهرين عليهم السلام وقد جعلها أربعة عشر(2) بأسماء المعصومين عليهم السلام والذي منهم الإمام الحسين عليه السلام ولذلك استظهر الطهراني أن له في كل معصوم روضة في جامع الرياض(3)، وكنيته بأبي الرياض جاءت من ديوانه هذا المشتمل على رياض في المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام ، ويظهر أيضاً من التسمية أنه وضع لكل معصوم روضة أي ثمان وعشرين قصيدة والله العالم .
ويذكر الأميني(4) : أن فيه أيضاً 132 دوبيتاً في أبواب خمسة : التوحيد ، والنبوة ، والإمامة ، والعدل ، والمعاد ، وميمية من 108 بيتاً في الأصول الخمسة(5) .
2 ـ الاقتباس والتضمين من كتاب الله المبين : وهذا ديوان آخر نظمه في العقائد وقال عنه الطهراني : وهو في إثبات عقائد الدين ، منظومة في أصول الدين من التوحيد إلى المعاد مع الرد على المخالفين في كل مسألة ، في غاية المتانة وهي ـ من المنسرح ـ وأولها :
الحـمـد لله ربـنـا أبـدا والشكر منا لفضله سرمدا
والله في الملك لا شريك له وأنـه لـم يلد ولن يولدا

رتبه على خمس أبواب : 1 ـ في ذكر الواجب تعالى وما يصح عليه وما يمتنع وحدوث القرآن وثبوت الحسن والقبيح .

(1) الذريعة : 5/57 رقم : 214 .
(2) المعصومون : هم الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمه أمير المؤمنين عليه السلام وابنته فاطمة عليها السلام وابناهما الحسن والحسين عليهما السلام والتسعة من أولاد الحسين عليهم السلام آخرهم الإمام المهدي عليه السلام .
(3) الكواكب المنتشرة : 5 .
(4) الأميني : هو عبد الحسين بن أحمد الأميني ولد في تبريز سنة 1320هـ وتوفي في طهران سنة 1390هـ ودفن في النجف الأشرف ، من علماء الإمامية ومحققيها ، اشتهر بكتابه (الغدير) .
(5) الغدير : 11/384 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 197

2 ـ في ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
3 ـ في ذكر أمير المؤمنين عليه السلام .
4 ـ في ذكر سائر الأئمة عليهم السلام .
5 ـ في معاد الأرواح والأجساد وتبكيت(1) الخصام والرد عليهم في الأصول والفروع .
رأيت نسخة منه في خزانة كتب سيدنا الحسن صدر الدين بالكاظمية ، وأخرى في مكتبة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء(2) في النجف وهي بخط تلميذ الناظم الشيخ عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد الشويكي الخطي كتبها سنة 1149هـ(3) .
ويظهر من كلامه هذا ومن التسمية أنه ضمّن جملة من الآيات المرتبطة بأصول الدين الخمسة ، كما أنه ذكر في الفصل الخامس عن الأئمة الأحد عشر والذي منهم الإمام الحسين عليه السلام وبهذا يكون قد ذكر الإمام الحسين عليه السلام في كل من ديوانيه الرياض والاقتباس .
ذكره الأمين ومجّده(4)، ووصفه التاجر(5) : بالعالم العامل والفقيه النبيه والأديب الكامل ، والحليم الذكي(6)، وذكره الخطي(7) في ضمن

(1) بكت الرجل : غلبه بالحجة .
(2) كاشف الغطاء : هو ابن عباس بن علي بن جعفر ، ولد سنة 1290هـ ، وهو من أعلام النجف وأدبائها ، له مؤلفات ومنظومات كثيرة ، منها منظومة في أحوال الزهراء عليها السلام .
(3) الذريعة : 2/366 ، رقم : 1084 ، وجاء التاريخ في أعيان الشيعة : 2/123 (عام 1141هـ) . وجاء تاريخها في الكواكب المنتشرة : 3 «كما نقل عنه بهذا العنوان تلميذه عبد الله بن محمد بن حسين بن محمد الشويكي الخطي في آخر مجموعة من أشعار نفسه في سادس جمادى الأخرى 1149هـ» .
(4) أعيان الشيعة : 3/123 .
(5) التاجر : هو الشيخ محمد علي بن سلمان وقد مضت ترجمته .
(6) موسوعة شعراء البحرين : 1/21 عن منتظم الدرين .
(7) الخطي : هو الشيخ فرج بن حسن الخطي القطيفي ، ولد سنة 1321هـ ، ألف سنة 1345هـ كتاب (تحفة أهل الإيمان) وهو مستدرك لكتاب (أنوار البدرين) للشيخ علي البحراني حيث ترجم علماء آل عمران القطيفي .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 198

كلامه عمن شطر هذين البيتين ـ من الطويل ـ :
إذا ما روى أهل الهوى عن متيم سـواي فآحاد وعني تواتر
رواه نحولي عن سقامي وصبوتي فجاء بحق طابقته الظواهر

فقال : رأيت مجموعة خطية ما هذه صورته : التعجيز والتصدير لمركز دائرة الكمال ومحدب كرة أولي الفضل والأفضال ، الجناب المسدد ، المخدوم المؤيد ، الشيخ محمد ابن الشيخ ناصر بهاء الدين(1) مصدراً ومعجزاً البيتين اللذين فاقا درتين ، وقد أجاد فيما أفاد فأورد تشطير تسعة من الأدباء الأفاضل وكان سابعهم المترجم له هنا فكان تشطيره كالآتي :
إذا ما روى أهل الهوى عن متيم قليلاً روى عني الكثير الجماهر
وإن أورد الراوون أخبـار مغرم سـواي فـآحـاد وعني تواتر
رواه نحولي عن سقامي وصبوتي فصح اعتبار عـن عنه المناظر
حكى الجزء من كل لصدق مقالتي فجـاء بحق طابقته الظواهر(2)

ومن الجدير ذكره أن المترجم له كان من بيت علم وأدب وفضيلة حيث كان والده الشيخ علي(3) من أعلام عصره حيث ذكره البحراني(4) بقوله : كان فاضلاً ولا سيما في العربية والمعقولات ، مدرساً إماماً في الجمعة والجماعة(5)، كما أن جد المترجم له الشيخ حسن كان من

(1) بهاء الدين : لم نعثر على شخصية تحمل المذكور إلا على محمد بن ناصر الجارودي ، والذي كان والده حياً في عام 1128هـ ، كما في الكواكب المنتشرة : 771 .
(2) موسوعة شعراء البحرين : 1/22 عن التحفة العمرانية .
(3) علي : هو ابن حسن بن يوسف البلادي البحراني كان معاصراً للشيخ سليمان بن عبد الله الماخوري المتوفى سنة 1121هـ .
(4) البحراني : هو الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم الدرازي المولود سنة 1107هـ ، من أعلام الإمامية وفقهائها ، له مصنفات عديدة منها الحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة توفي بالحائر سنة 1186هـ ، ودفن عند رجلي الشهداء بالرواق الحسيني .
(5) لؤلؤة البحرين : 74 ، رياض الجنة : الروضة الرابعة .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 199

الفضلاء ، وأما جده الأعلى الشيخ يوسف بن الحسن(1) فقد ذكره الحر العاملي بقوله : فاضل متبحر شاعر أديب من المعاصرين(2)، ومن شعر المترجم له قصيدة ـ من الوافر ـ في العقائد :
بدأت بحمد من خلق الأناما وأشكره عـلـى النّعما دواما
هو الموجود خالقنا وجوباً ولـم أثبت لموجدنـا انعداما
لقد خلق الورى إظهار كنزٍ تستَّـر فاستفضَّ له الختاما(3)
أصـولٌ خمسةٌ للدين منها له العمل الذي في الحكم داما
وثاني الخمسة التوحيد فيـه ونفـي شريكـه أبداً دوامـا
وثالثهـا النبوّة وهي لطفٌ عظيـمٌ دائـمٌ عـمَّ الأنامـا
ورابعها الإمامة وهي لطفٌ مـن الباري به الدين استقاما
وخامسها المعاد لكلِّ جسـم وروح والـدليـل عليه قاما
وإن إلهنا في الحكم عـدلٌ يخاصم كلَّ مـن ظلم الأناما
وإنَّ النّـار والجنـّات حقٌّ على رغم الذي جحد القياما
وإنَّ المـؤمنيـن لهم جنانٌ ونار الكافرين علت ضراما
وإنَّ الرّسـل أوَّلهـم أبوهم وذلك آدم خصّوا السَّلامـا
وأفضلهم أولوا العزم الأجلاّ ومن عرفوا لربِّهم المقامـا
وهـم نوحٌ وإبراهيم موسى وعيسى والأمين أتى ختاما

(1) قال الأميني في الغدير : 11/384 نقلاً عن لؤلؤة البحرين : 121 ، أنه لما توفي الشيخ يوسف ودفن في مقبرة المشهد ـ مسجد في البحرين ـ اتفق انهدام إحدى بناءيه وسقوطها على قبره فمر الشيخ عيسى آل عصفور بامرأة جالسة عند المنارة تتعجب من سقوطها فقال الشيخ عيسى في ذلك ـ من المتقارب ـ :
مـررت بـامرأة قاعدة تحولـق في هيئة عابدة
وتسترجع الله في ذا المنار فما بالها في الثرى راقدة
فقلت لهـا يابنة الأكرمين رأيت أموراً بـلا فائدة
ثوى تحتها يوسفي الكمال فخـرت لهيبته سـاجدة
(2) أمل الآمل : 2/349 .
(3) في إشارة إلى الحديث القدسي الدائر على الألسن : كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 200

محمّدهم وأحمدهم تعـالا وأعـلاهـم وقـاراً واحتشاما
فأشهد مخلصاً أن لا إلـه سـواى الله الـذي خلق الأناما
وأنَّ محمّداً للنّـاس منـه نبـيٌّ مرسلٌ بـالأمر قـامـا
وأشهـد أنـّه ولـّى عليّاً ولـيَّ الله للـدِّيـن اهتمـامـا
وصيَّره الخليفة يوم «خم» بـأمـر الله عهداً والتـزامـا
ونصَّ على الأئمَّة من بنيه هنـاك علـى المنابر حين قاما
فواخاه النبيّ وفـي البرايا بحـكـم الله صيـَّره إمـامـا
وعظَّمـه ولقَّبـه بوحـي أميـر المـؤمنيـن فلـن يراما
وزوَّجه البتـول لها سلامٌ مـن الله الوصول ولا انصراما
فكان لها الفتى كفواً كريماً فـأولـدهـا أئمّـتـنـا الكراما

هذا كل ما أمكننا الحصول عليه من نظمه رغم محاولتنا الجادة في اتجاهات ثلاث البحرين ، العراق ، إيران ، ولكننا نأمل أن يكشف المستقبل لنا المزيد من شعره وترجمته .

(1) الغدير : 11/382 عن ديوان الشيخ البلادي (مخطوط) .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 201

(22)
إبراهيم بن علي القرشي
90 ـ 176هـ = 709 ـ 792مـ

هو أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة بن هذيل ابن ربيع بن عامر بن صبح بن عدي بن قيس بن الحارث بن فهر القرشي الفهري المدني الحجازي ، ويطلق عليه ابن هرمة .
ولد الشاعر عام 90 للهجرة(1) بالسيالة(2) من قرى المدينة المنورة ونشأ في مسقط رأسه(3) وفي المدينة المنورة واتصل بشعراء عصره وأدبائه .
ففي أخباره أنه لقي جريراً(4) والفرزدق فأثنيا على شاعريته ونوّها

(1) وقيل أنه ولد عام 70 للهجرة كالبغدادي في خزانة الأدب : 1/384 ، ولكن الأرجح أنه ولد عام 90 للهجرة لقوله في قصيدة ـ من البسيط ـ يمدح بها المنصور عام 140هـ :
إن الغوانيّ قد أعرضن مقليهْ لما رمى هدف الخمسين ميلادي
كما نقله أبو الفرج الأصبهاني عن البلاذري في الأغاني : 4/367 ، وأعيان الشيعة : 2/189 .
(2) السيالة : بتخفيف الياء ، وهي أول مرحلة لأهل المدينة إذا أرادوا مكة .
(3) وقال ثعلب (أحمد بن يحيى) أنه تربى في ديار تميم ، وأنه تعلم طريقتهم في قلب الهمزة عيناً كقوله ـ من البسيط ـ :
أعَنْ تغنَّتْ على ساق مطوقةٌ ورقاءُ تدعو هديلا فوق أعواد
عن مجالس ثعلب : 1/81 .
(4) جرير : هو ابن عطية بن حذيفة الخطفي ، ولد في اليمامَة سنة 28هـ ومات فيها سنة 110هـ وهو شاعر معروف ، له ديوان شعر .

السابق السابق الفهرس التالي التالي