دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 227

ولا تعتب على الأيام إني أراهن اتصـالاً وانقطاعـا
فمـا العليا تتـم لغير حر شرى في سوقها قوماً وباعا
وليس المرء كل المرء إلا فتى عنه حديث الحمد شاعا

ويقول عن السيف والقوة ـ من البسيط ـ :
بالمشرفية(1) ترقى أشرف الرتب وتخجل الخصم بالخطّية(2) السلب
لا يكشف الكربة السوداء غير فتى ماضي المضارب للأرواح منتهب
يدب في غربه(3) ماء الـردى و به نيل المنـى وبلوغ القصد والأرب
فـكـل من فـاه بالعليا وليس له ماضي الغرار فمنسوب إلى الكذب

وله أيضاً من أخرى في ذات المعنى ـ من الكامل ـ :
بـالسيف يفتح كل باب موصد وبـه مـن العليا بلوغ المقصد
من لم يكن بين الورى ذا صارم فهو البعيد عن الفخـار السرمد
لا حـق إلا للحسام وكـل من طلب الحـقـوق بغيره لم ينجد
فـإذا بدا لك حاجة فاستقضهـا بغرار مـاضي الشفرتين مهند
وإذا العـلا مَرضت فإن طبيبها سيف له في الهام أبلغ مغمد(4)

وله في وصف قلعة الشقيف(5) اللبنانية ـ من الرمل ـ :
مـا الشقيف الصلد إلا جنة ولـنـا قـصـر بأعلاه استنار
ليس يدنو منه في عظم البنا قصر غمدان(6) ولا عظم الجدار
تنظـر المرآة فيه فـتـرى فـوقـك النهـر ترائى بانحدار

(1) المشرفية : من أجود أنواع السيوف تنسب إلى موضع في اليمن ، وقيل إنها تنسب إلى قرى على مشارف الشام .
(2) الخطية : الرماح المنسوب إلى الخط وهو مرفأ للسفن بالبحرين حيث تُباع الرماح .
(3) الغرب : الدلو العظيمة .
(4) أعيان الشيعة : 2/118 .
(5) قلعة الشقيف : ويقال لها قلعة أرنون ، وهي قلعة فوق جبل عال في شقيف ، ومن شرقها يجري نهر الليطاني في لبنان ، وكانت القلعة مقر أمراء الصعبية ولها خندق عميق .
(6) قصر غمدان : قصر في صنعاء يعود تاريخه إلى ما قبل الإسلام .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 228

ما رأينا قبل هذا جدولا فوق قصر شامخ فـي الجو طار
لا ولا قصـر كهذا إنه فلك يـزهـو ولـكـن لا يـدار
زينة الدنيا على أرجائه تزدهي فـي كـل نحو كالفنار(1)
نقشهـا مؤتلف مختلف في ابيضاض واحمرار واخضرار
شامخ يـاوي إليه أسد ذو افـتـراس واقتنـاص وابتدار

وله أيضاً في وصفها من قصيدة أخرى ـ من الطويل ـ :
لك القلعة الشمّـاء شراق بدرها وإن كـره الحـسـاد في فرق فرقد
جذبت بها حتى بلغت بها السهى وقصّـر عـنـهـا كـل قصر مشيد
وأبـرزتهـا للوافدين فـأقبلت تنادي على شحط المدى كل مجتدي(2)

ومن شعره في الحرب والكرامة ـ من الطويل ـ :
فمـا العز إلا مرهف الحد والقنا إذا اشتد في يـوم الوغى الطعن والضرب
وأقبلت الفرسان فوق شوازب(3) مسـومـة شعـث يضيـق بها الـرحب
ودارت رحى الموت الزؤام(4) وما بها

سوى الهام مطحون وماضي الشبا(5) قطب

و نكسـت الشـوس(6) النبود وأنشبت

بليث الشرى(7) الضـاري مخالبهـا الحرب

و مزقـت الأبطـال كـل ممزق مـثقفة(8) سمـر ومـرهـفـة قــضب
وثار عجاج الصافنات(9) ولم يزل يـمـد إلـى أن أظلـم الشـرق والغـرب
وزاد الظمـا بالـدارعين وما لهـم وإن أجهدوا من غير كأس الردى شرب(10)

(1) الفنار : المشعل ، المنارة .
(2) أعيان الشيعة : 2/118 .
(3) الشوازب : الخيول الضامرة .
(4) زأم : مات موتاً سريعاً .
(5) الشبا : حدُّ كل شيء .
(6) الأشوس : الشديد البأس .
(7) الشرى : الخيار من كل شيء .
(8) ثقَّفَ الرمح : قومَّه وسوّاه .
(9) الصافنات : وصوافن وصفون ، الخيل إذا وقفت على ثلاث قوائم .
(10) أعيان الشيعة : 2/119 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 229

وله في الجود والكرم من قصيدة ـ من الكامل ـ يقول فيها :
والجود يحيي كل ذكر خامل إن البخيـل بمـالـه لم يحمد
لولا نوال بنان راحة حاتم(1) لم يعل قدراً فوق أرفع أمجد(2)

ومن قصيدة لَهُ فيها مدح وغزل ـ من الكامل ـ :
هل زورة فيها الشفاء لعاشق ألـف السهـاد وقلبـه متبول(3)
من لي بوصل مقلد من جفنه ماضي الغرار قتيله المقـتـول
ظبي من الغيد الحسان قوامه ورضا به العسال والمعـسـول
والخد منه جمـرة يجري بها ماء الحيـاة العذب وهو أسيل(4)
والخال في أعلاه زنجي حما كنز اللئالـيء مـا إليه وصول
والفرق ما بين الصباح وبينه فـرق وحـالك شعره مسدول
والعيـن عين العين إلا أنهـا مكحـولـة ما جر فيها ميل(5)

وله من قصيدة في المعنى ذاته ـ من البسيط ـ :
يا من رمت مهجتي عن قوس حاجبها سهما تجسم من غنج ومن كحل
وغــادرتـنـي أسيـراً في محبتها إن الأٍسير أسير الأعين النجـل
مـن لي بمقلـة ظبي مقلتي هـجرت بها لذيذ الكرى شوقاً ولـم تزل
وقامـة كـل عسـال(6) يديـن لهـا شتان بين قناة القد والأسـل(7)

(1) حاتم : هو أبو عدي حاتم بن عبد الله بن سعد الطائي القحطاني المشهور بالجود والكرم ، وكان من شعراء العرب وفرسانها مات سنة 46ق.هـ .
(2) أعيان الشيعة : 2/118 ـ 119 .
(3) المتبول : الذي أسقمه الحب وأمرضه الدهر وذهب بعقله .
(4) خد أسيل : أملس ، ويقال اسل الشيء إذا لان واستوى وطال وصار أملس .
(5) أعيان الشيعة : 2/120 .
(6) العسَّال : الرمح يهتزّ ليناً .
(7) الأسل : الرماح .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 230

ومبسـم من أقاح(1) راق منظره فيه الجمان(2) وصافي الراح(3) والعسل
ونقط خال على خـد تصور من نضير(4) ورد يـراه عـاشقـوه جلـي
وليل فرع على صبح الجبين دجا يـا حسـن مبـتـهـج منهـا ومنسدل
يـهـزهـا فيهيـم العاشقون بها سـكـر الـدلال فتمشي مشية الثمل(5)

ومن شعره أيضاً قوله ـ من البسيط ـ :
ولا تخف أعوجيـات(6) مضمرة مثـل السعـالـى(7) على صهواتها قللُ
تخـوض لجة بحر الموت عابسة وجـوههـا وبهـام الشـوس تنـتـعـل
فاركب مطية عزم دون مضربـه حدالحـسـام فنعـم الحـارس الأجـل(8)
وكن مع الدهر معوجـاً ومعتـدلاً فـإنـمـا الشهـم مـعـوج ومعـتـدل
وصل ولا تقطع المعروف عن أحد فـالحر لا يقطـع المعروف بـل يصـل
واحمـل ولا تشك للأيام حـادثـة إن الكـريـم لأثـقـال الـورى جـمـل
وقـل لمفتخر بـالأصـل محتقراً خفض عليك فأصل النرجس(9) البصل(10)

وقد اعتمدنا في ترجمة الشاعر على أعيان الشيعة لعدم اطلاعنا على

(1) الأقاح : واحدته أقحوانه وقُحوانه وهي نبات أوراق زهره مفلّجة صغيرة يشبهون بها الأسنان ، له ألوان مختلفة ويزهر في أواخر الخريف والشتاء .
(2) الجمان : الواحدة جمانة وهي فارسية الأصل بمعنى اللؤلؤة .
(3) الراح : الخمر .
(4) النضير : الجميل والحسن .
(5) أعيان الشيعة : 2/121 .
(6) الأعوجيات : الضامرة من الإبل التي اعوجّت هزالاً وجوعاً .
(7) السعالى : العجائز ، ومنه أيضاً : الغيلان أو أنثى الغول ، ويعني أن الغولَ لا تقدر أن تغول أحداً وتُضلَّه ، والغول حيوان أسطوري ولعله هو الحيوان المنقرض المسمى بالديناصور .
(8) ورد عن الإمام علي عليه السلام قوله : «كفى بالأجل حارساً» .
(9) النرجس : الواحدة نرجسة ، وهي نبت من الرياحين من فصيلة النرجسيات أصله بصل صغار وورقه شبيه بورق الكراث ، وله زهر مستدير أبيض أو أصفر تشبَّهُ به الأعين ، والكلمة فارسية الأصل .
(10) أعيان الشيعة : 2/117 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 231

ترجمة ضافية له في غيره(1) .
هذا وتوفي المترجم له في يوم السبت السادس عشر من شهر شعبان عام 1185هـ(2) في بلدته(3) وقد أثبتنا شعره الحسيني في بابه .

(1) وجاء في خطط جبل عامل للأمين : 134 ، أن الشيخ إبراهيم الحاريصي من شعراء حكام بلاد بشارة في جنوب لبنان .
(2) وفي (تاريخ جبل عامل) لمحمد جابر آل صفا أن المترجم له توفي عام 1183هـ .
(3) أعيان الشيعة : 2/116 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 232

(25)
إبراهيم بن مالك الأشتر
نحو 21 ـ 71هـ = نحو 641 ـ 690م

هو إبراهيم بن مالك بن الحارث الأشتر النخعي المذحجي المتوفى عام 71هـ .
ليس لدينا عن ولادته ونشأته شيء يمكن الركون إليه إلا ما جاء في كتاب صفين لابن مزاحم من أن غلاماً شاباً من يحصب(1) خرج إلى مالك الأشتر فارتجز بأبيات فنادى مالك الأشتر ابنه إبراهيم يوم صفين عام 37هـ وقال له : خذ اللواء فغلام لغلام ، فتقدم(2)، مما يدل أنه كان آنذاك غلاماً والغلام في اللغة هو الصبي من حين يولد إلى أن يشب(3)، والشاب هو من أدرك سن البلوغ إلى الثلاثين(4)، ومعنى هذا أنه كان آنذاك نحو ستة عشر سنة فتكون على هذا ولادته حدود عام 21هـ ، وبما أن أباه مالك كان آنذاك في المدينة حيث حضر قبلها أي عام 15هـ معركة اليرموك فكانت ولادة ابنه إبراهيم في المدينة ، ونشأ على أبيه وصاحب علياً عليه السلام منذ صباه وأخذ من مناهله ومناهل حوارييه وشب على الشجاعة وعلو النفس والإيمان .
يقول الأمين : كان إبراهيم فارساً شجاعاً شهماً مقداماً رئيساً على النفس بعيد الهمة وفياً شاعراً فصيحاً موالياً لأهل البيت عليهم السلام كما كان

(1) يحصب : بالفتح ثم السكون ، وكسر الصاد ، مخلاف فيه قضى ريدان باليمن يزعمون أنه لم يبن قط مثله ، بينه وبين ذمار ثمانية فراسخ ، وهي الآن قرب صنعاء .
(2) وقعة صفين : 440 .
(3) المعجم الوجيز : 454 .
(4) المعجم الوجيز : 332 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 233

أبوه متميزاً بهذه الصفات(1) .
وقال الزركلي : «قائد شجاع شهد مع مصعب(2) بن الزبير الوقائع ، وولي له الولايات ، وقاد جيوشه في مواطن الشدة ، وآخر ما وجهه فيه حرب عبد الملك بن مروان الأموي بمسكن فقتل عام 71هـ ودفن بقرب سامراء»(3) .
وجاء في المرآة : «إنه كان سيد النخع وفارسها»(4) .
وقد قام مع المختار بن عبيدة الثقفي(5) بأخذ الثأر من قتلة الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأنصاره وقاد معركة خازر(6) ضد الأمويين وقتل عبيد الله بن زياد(7) .
وجاء في المنجد : «قائد شجاع من أصحاب مصعب بن الزبير ، قاد جيش المختار الثقفي في معركة الخازر في شمال العراق فقضى فيها على الحصين بن نمير وعبيد الله بن زياد ، قتل بمسكن قرب سامراء»(8) .
وأما عن شاعريته فقد كان شاعراً فصيحاً وأديباً بارعاً : ولقد وصلنا من شعره شيء قليل منه ما أنشأه في صفين عندما ناداه أبوه للبراز لغلام من

(1) أعيان الشيعة : 2/200 .
(2) مصعب : هو أبو عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي القرشي ولد سنة 26هـ ، تولى ولاية العراق والكوفة ، قتل في معركة الجاثليق سنة 71هـ في عهد عبد الملك بن مروان .
(3) الأعلام : 10/58 .
(4) أعيان الشيعة : 2/200 عن مرآة الجنان .
(5) الثقفي : هو أبو إسحاق بن أبي عبيد بن مسعود ، ولد في الطائف سنة واحد للهجرة . حكم الكوفة ستة عشر شهراً ، وقتل في قصرها سنة 67هـ .
(6) خازر : نهر يقع في شمال العراق بين مدينة أربيل والموصل ، بين نهر الزاب الأعلى والموصل ، وعنده وقعت معركة خازر عام 66هـ .
(7) جاء في العقد الفريد : 5/152 ، أنه لما التفى عبيد الله بن زياد وإبراهيم بن مالك الأشتر بالزاب قال : من هذا الذي يقاتلني ؟ قيل له : «إبراهيم بن الأشتر ، قال : لقد تركته أمس صبياً يلعب بالحمام .
(8) المنجد في الأعلام : 48 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 234

يحصب وقال مالك : غلام لغلام ـ من الرجز المشطور ـ :
يا أيهـا السـائـل عني لا تُرَعْ أقدِمْ فإنّي من عرانين(1) النخع
كيف ترى طعن العراقي الجذَع(2) أطيرُ في يوم الوغـى ولا أقع
ما سـاءكم سَرَّ وما ضَرَّ نفع(3) أعددتُ ذا اليوم لهول المُطَّلعْ(4)

ومن شعره بيتان بعثهما إلى أبي عطاء السندي(5) وسأله أن يضيف إليها بيتين ـ من البسيط ـ :
وبلدة يزدهى(6) الجِنّان(7) طارقها قطعتهـا بكنـاز(8) اللحم معتاطه(9)
وهناوقد حلق النسران(10) أو كربا وكانت الدلو بالجوزاء(11) مُنْتاطه(12)

فقال أبو العطاء :
فأنجاب عنهما قميص الليل فابتكرت تسير كالفحل تحت الكور(13) لطاطه(14)

(1) العرنين : السيد والشريف .
(2) الجذع : الشاب الحدث .
(3) أي ما ساءكم سرّنا وما ضركم نفعنا .
(4) وقعة صفين : 441 ، دائرة المعارف الشيعية العامة : 2/131 .
(5) السندي : هو أفلح بن يسار السندي ، مات عقب موت المنصور العباسي الذي توفي سنة 158هـ وهو شاعر عاصر الدولتين الأموية والعباسية مدح الأمويين وهجا العباسيين وبني هاشم ، وكانت في لسانه عجمة ولثغة فتبنى وصيفاً سماه «عطاء» وروّاه شعره ، وجعل إذا أراد إنشاد شعره أمره فأنشد عنه ، وكان أبوه سندياً عجمياً لا يفصح .
(6) يزدهي : يستخف .
(7) الجِنَّان : بكسر الجيم وتشديد النون : اسم جمع للجِنّ .
(8) كناز اللحم : ناقة كناز أي كثيرة اللحم صلبة .
(9) اعتط الثوب : شقَّهُ من غير بيونه ، والعود تثنى من غير كسر بيّن ، واعتط الرجل إلى الأرض صرعه وغلبه ، والعطاط : الشجاع .
(10) النسران : كوكبان في السماء معروفان على التشبيه بالنسر الطائر ، يقال لكل واحد منهما نسر أو النّسر ، ويصفونهما فيقولون : النسر الواقع والنسر الطائر .
(11) الدلو والجوزاء : من الأبراج الاثني عشر .
(12) المنتاطة : المتباعدة .
(13) الكور : الرحل بأداته وهو ما يذلل به البعير ويُوطَأ .
(14) اللطاطة : الناقة جعلت ذنبها بين فخذيها عند العدو .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 235

في أينق كلما حث الحداة(1) لها بدت مناسمها(2) هوجاء(3) حطاطه(4)

وجاءه عبد الله بن الزبير الأسدي(5) وقيل عبد الله بن عمرو الساعدي(6) فقال : إني قد مدحتك بأبيات فاسمعهن ، قال : إني لست أعطي الشعراء ، قال : اسمعها مني وترى رأيك فقال : هات إذاً ، فأنشده ـ من الكامل ـ :
الله أعطـاك المهـابة والتقى وأحـل بيتك في العديد الأكثـر
وأقر عينـك يوم وقعة خـازر والخيـل تعثـر بالقنـا المتكسر
مـن ظـالميـن كفتهم آثامهم تـركـوا العافية وطير حـسـر
مـا كـان أجرأهم جزاهم ربهم شر الجـزاء على ارتكاب المنكر
إني مدحتك إذ نبا(7) بي منزلي وذممت أخوان الغنى من معشري
وعرفت أنـك لا تخيب مدحتي ومتـى أكن بسبيل خيـر أشكـر
فهلم نحـوي من يمينـك نفحة إن الـزمـان الـح يا ابن الأشتر

فقال له إبراهيم : كم ترجو أن أعطيك ، قال : ألف درهم ، فأعطاه عشرين ألفاً(8) .
وعندما استقرت لإبراهيم موصل وأطرافها(9) بعد أن هزم الجيش

(1) الحادي : والجمع حُداة وهو الذي يسوق الإبل ويتغنى لها .
(2) المنْسِم : والجمع مناسم ، هو كالظفر للإنسان أو هو طرف خُفّ البعير والنعامة ونحوها .
(3) الحطاطة : السريعة في السير .
(4) الأغاني : 27/335 ـ 336 ، أعيان الشيعة : 2/202 .
(5) الأسدي : هو أبو كثير بن الأشم بن الأعشى ، وهو شاعر كوفي المنشأ والمنزل ، توفي نحو 75هـ ، وكان من شعراء بني أمية ، أسره مصعب بن الزبير وأخذه إلى الكوفة وأحسن إليه ، ثم عمي عبد الله ومات في خلافة عبد الملك بن مروان .
(6) الساعدي : لم نعثر على ترجمته في مظان الكتب .
(7) نبا : جفا وأعرض ونفر .
(8) أعيان الشيعة : 2/201 ، الأغاني : 14/253 ـ 254 .
(9) جاء في كتب التاريخ : أن إبراهيم الأشتر عندما قضى على الجيش الأموي في خازر وقتل عبيد الله بن زياد وأصحابه وهزم من بقي منهم أقام بالموصل وأنفذ عماله إلى نصيبين وسنجار ودارا وقرقيسيا وحران والرها وسميساط وكفرتوثا وغيرها
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 236

الأموي مدحه سراقة البارقي(1) بأبيات ـ من الطويل ـ منها :
أتاكم غلام مـن عرانين مذحج جريء على الأعداء غير نكول(2)
جزى الله خيراً شرطة الله أنهم شفوا من عبيد الله حر غليلـي(3)

ويذكره يزيد بن المفرغ الحميري(4) حين يهجو ابن زياد بقوله ـ من البسيط ـ :
إن الذي عاش ختاراً(5) بذمته وعـاش عـبـداً قتيـل الله بـالـزاب(6)
العبد للعبد لا أصل ولا طرف الـوت(7) بــه ذات أظـفـار وأنيـاب
إن المنايا إذا ما زرن طـاغية هتـكـن عـنـه ستـوراً بيـن أبـواب
هـلا جمـوع نزار إذ لقيتهـم كنـت امـرأً مـن نـزار غيـر مرتاب
لا أنت زاحمت عن ملك فتمنعه ولا مـددت إلــى قـوم بـأسـبــاب
ما شق جيب ولا ناحتك نائحة ولا بـكـتـك جـيـاد عـنـد أسـلاب
لا يترك الله أنفاً تعطسون بهـا بيـن العبيـد شهـوداً غـيـر غـيـاب
أقول بعداً وسحقاً عند مصرعه لابن الخبيثة وابن الكودن(8) الكابي(9)(10)

(1) البارقي : هو سراقة بن مرداس بن أسماء بن خالد البارقي الأزدي شاعر عراقي ، يماني الأصل ، أسره المختار عام 66هـ ثم أطلق سراحه ، وكانت بينه وبين جرير مهاجاة ، وكان قد أدرك عصر النبوة وشهد اليرموك ومات في الشام عام 79هـ .
(2) النكول : التراجع والجبن .
(3) أعيان الشيعة : 2/201 .
(4) الحميري : هو ابو عثمان يزيد بن زياد بن ربيعة الملقب بمفرغ الحميري ، شاعر غزل ، ومديح وهجاء ، من أهل الحجاز واستقر بالبصرة ، وهو صاحب البيت الشائع ـ من مجزوء الكامل ـ :
العبد يُقرع بالعصا والحر تكفيه الملامة
مات عام 69هـ .
(5) الختّار : الغادر والخبيث والفاسد والذي يغدر أقبح الغدر .
(6) الزاب : إشارة إلى نهر الزاب الأعلى الذي وقعت عنده معركة خازر .
(7) لاتَ : نقصه حقّه ، وصرفه عن الشيء ، والخبر كتمه أو عمّاه عليه .
(8) الكودن : الفيل ، والدابة للحمل الثقيل ، والبرذون الهجين .
(9) الكابي : المرتفع ، وأيضاً : التراب الذي لا يستقر على وجه الأرض .
(10) أعيان الشيعة : 3/201 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 237

وبقي إبراهيم الأشتر على ولاية الموصل والجزيرة وأطرافها(1) حتى بعد أن استولى مصعب بن الزبير(2) على الكوفة بل أقره عليها .
ولما تولى عبد الملك بن مروان(3) الحكمَ الأموي بدمشق كتب إلى إبراهيم الأشتر يدعوه إلى نفسه ويجعل له ولاية العراق ، ولكنه رفض ذلك وخرج لمواجهة الجيش الأموي بقيادة محمد بن مروان الأموي(4)، فالتقيا بأرض مسكن وقتل فيها إبراهيم الأشتر(5) فافتخر شاعر الشام يزيد بن الرقاع العاملي(6) ـ من الطويل ـ :
ونحن قتلنا ابن الحواري مصعباً(7) أخا أسد والمذحجي(8) اليمانيا

(1) ومن تلك نصبين ، سنجار ، دارا ، قرقيسيا ، حران ، وغيرهما «دائرة المعارف الشيعية العامة : 2/122» .
(2) ابن الزبير : هو مصعب بن الزبير بن العوام ، ولد عام 26هـ وقتل في معركة دير الجاثليق عام 71هـ ، وهو الذي حارب المختار الثقفي وانتصر عليه عام 67هـ ، تولى ولاية العراق من طرف أخيه عبد الله بن الزبير .
(3) ابن مروان : بن الحكم ولد عام 26هـ ، وهو خامس حكام بني أمية تولى الحكم من أبيه عام 65هـ ، وقضى على حركة مصعب بن الزبير وأخيه عبد الله ، مات بدمشق عام 86هـ بعد أن حكم 31 عاماً .
(4) الأموي : هو محمد بن مروان بن الحكم الأموي وهوأخ الحاكم الاموي عبد الملك ابن مروان ، ووالد مروان آخر ملوك بني أمية ، كان والياً على الموصل والجزيرة وأرمينيا وأذربيجان مات عام 101هـ ، ونقل البلاذري في أنساب الأشراف : 11/26 ، أن محمد بن مروان أخذ جارية كردية لإبراهيم الأشتر فواقعها فولدت على فراشه مروان بن محمد الجعدي فلذلك قيل لمروان ابن أمة النخعْ .
(5) وقام عبد الله بن زياد بن ظبيان وداوود بن قحزم القيسي وبسطان بن معقلة بن هبيرة الشيباني وعمر بن ضيعة ، بحمل رأس إبراهيم الأشتر إلى عبد الملك بن مروان الأموي .
(6) العاملي : هو يزيد بن زيد بن مالك بن الرقاع العاملي ، نسبة إلى عاملة بنت وديعة القُضاعية أم معاوية بن الحارث ، وجاء في تاريخ الأمم والملوك : أن البيتين للبعيث اليشكري .
(7) مصعب : هو مصعب بن الزبير بن العوام الخويلدي الأسدي القرشي .
(8) المذحجي : هو إبراهيم بن مالك الأشتر .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 238

ومرت عقاب الموت منا لمسلم(1) فأهوت له طيراً فأصبح ثاويا(2)(3)

ويرثيه ابن الزبير الأسدي(4) بأبيات من الطويل :
سأبكـي وإن لـم تبكِ فتيانُ مذحجِ فتـاهـا إذا ليـلُ التـمـام تـأوّبـا
فتىً لم يكن في حرةٍ الحرب جاهلاً ولا بمطيـع فـي الـوغـا مَنْ تهيبا
أبـانَ أنـوفَ الحـيّ قحطان قَبْلَهُ وأنـفَ نـزار قـد أبـانَ فـأوعبـا
فـمـن يـكُ أمسى خائناً لأميـره فما خان إبراهيم في الموت مصعبا(5)

ويزعم ابن عبد ربه(6) قائلاً : «من الرافضة الحسينية وهم أصحاب إبراهيم بن الأشتر وكانوا يطوفون بالليل أزقة الكوفة وينادون يا لثارات الحسين فقيل لهم الحسينية»(7) وسبحان الله فإن الزاعم لا يمكن إلا أن يفضح نفسه فقد قال في مكان آخر من كتابه : «ثم إن المختار لما قتل ابن مرجانة(8) وعمر بن سعد جعل يتبع قتله الحسين بن علي ومن خذله فقتلهم أجمعين وأمر الحسينية وهم الشيعة أن يطوفوا في أزقة المدينة بالليل ويقولوا يا لثارات الحسين»(9) .

(1) مسلم : هو ابن عمرو الباهلي وكان على ميسرة جيش إبراهيم الأشتر .
(2) الثاوي : المقيم في المكان والميت ، والمدفون .
(3) أعيان الشيعة : 2/203 ، تاريخ الأمم والملوك : 3/522 ، أنساب الأشراف : 11/9 .
(4) ابن الزبير : الظاهر هو عبد الله بن الزبير بن عمر الرسان الكوفي الأسدي المتوفى عام 145هـ وهوأخو فضيل ، وهوغير ابن الزبير عبد الله بن الزبير بن الأشم المتوفى عام 575 أخو مصعب .
(5) أنساب الأشراف : 11/8 .
(6) ابن عبد ربه : هو أحمد بن عبد ربه بن حبيب الأندلسي (246 ـ 328هـ) أديب شاعر من أهل قرطبة ، غلب عليه الاشتغال في أخبار الأدب وجمعها ، اشتهر بكتابه العقد الفريد .
(7) العقد الفريد : 2/249 .
(8) ابن مرجانة ، هو عبيد الله بن زياد بن أبيه وأمه مرجانة ، قتل عام 67هـ في معركة الخازر على يد إبراهيم الأشتر ، كان والياً على العراق عندما قتل يزيد بن معاوية الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء عام 61هـ .
(9)العقد الفريد :5/153.
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 239

فهو يناقض نفسه في كثير من موارد بحثه ولسنا هنا بصدد بيان ذلك ولعلنا نبسط الكلام حوله في مكان آخر من هذه الموسوعة(1) ولكن لا بأس بإيراد نكتة واحدة هنا وهو أن أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام كلهم يستحسنون الاخذ بثأر من قتلة الإمام الحسين عليه السلام ، وهذا لا يعني أنهم كانوا فرقة بهذا الاسم ، وإنما هو من افتراء مرتزقة الأمويين(2) .
هذا ولإبراهيم الأشتر أبيات في قتاله مع الجيش الأموي في خازر ذكرناها في باب الأشعار الحسينية من هذه الموسوعة ولأجل تلك جاءت ترجمته هنا .
ولنا في باب من تخلف عن معركة كربلاء ترجمة موجزة له مع بيان أسباب تخلفه ولا يخفى أن أخاه إسحاق(3) كان مع الحسين عليه السلام في معركة الطف وله رجز ذكرناه في باب الأشعار .
ولإبراهيم الأشتر أربعة ذكور هم : النعمان ومالك(4) ومحمد(5) وخولان(6) كلهم موالون لأهل البيت النبوي عليهم السلام ، وذكر ابن عبد ربه أن محمد بن مروان بن الحكم تزوج أمة كانت لابنة إبراهيم بن مالك الأشتر وقيل أن الأمة كانت لمصعب بن الزبير(7) .

(1) لنا بحث في التسمية بالحسينية في باب المشاريع التي باسم الإمام الحسين عليه السلام من هذه الموسوعة .
(2) وقد افترى ابن عبد ربه على أتباع مدرسة أهل البيت ونقل عن الشعبي في اتحاد الشيعة مع اليهود وكلها افتراء على الشيعة الإمامية بل فضل اليهود والنصارى عليهم ـ راجع العقد الفريد : 2/242 ـ .
(3) اسحاق : هو ابن مالك بن الحارث النخعي الأشتر ، كان شيخاً عندما برز إلى القتال بين يدي الإمام الحسين عليه السلام ـ راجع باب تراجم الأنصار غير الهاشميين من هذه الموسوعة ـ .
(4) أعيان الشيعة : 2/202 .
(5) تاريخچه كربلاء : 56 ، وفيه أنه كان يقود فرقة لأخذ الثأر من قتلة الحسين عليه السلام .
(6) تنبيه الخواطر : المقدمة : د .
(7) العقد الفريد : 5/211 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي