أفعى اليهـود إلى الحدود تلفتي |
|
فـالأسد رابضةٌ بخط النـار |
إنـذارنـا آتٍ فـأما ترحلـي |
|
عن أرضنا أو تقتلي فاختاري |
فبداية المشوار يسهـل أمرهـا |
|
والصعب عند نهاية المشـوار |
هي جولة تأتي ونشهد بعدهـا |
|
فوق الحضيـض مذابح الكفار |
ليعود صوت الحق يهتف داوياً |
|
الأرض أرضي والديار دياري |
أمران ينـزلنا القضاء عليهـما |
|
سحق العدى أو لبس ثوب العار |
إنذارنا آتٍ ويا دنيـا اشهـدي |
|
انا رصـاصـة ذلك الإنذار(2) |
لبنـان أنت معلمـي وملقّنـي |
|
لغة الجمـال وملهمي الإيحاء |
فلكم سكبت علي من منن السما |
|
شعراً يسيل على الوجود غناء |
فالمجد يأنف أن يصادق شاعراً |
|
ملأ الوجود تفجـعـاً وبكـاء |
ولينسنـي الإلهـام إن لم أبتدع |
|
منـه نشيـداً للعلـى وحـداء |
فـأحرّك الأموات فـي توقيعه |
|
وأهـزّ فـي إنشاده الأحيـاء |
على أرض الجنوب زرعت عمري |
|
وشيعتُ الحيـاة بلا تـأنِّ |
هنـا قصفـوا هنـا قتلـوا شقيقي |
|
هنا بالفأس شجوا رأس ابني |
هنـا شهـداؤنـا ركبوا خـيـولاً |
|
ومرّوا بـالحدود بدون إذن |
مشيـت وألـف قـافلـة ورائـي |
|
ستمضي للجهاد وألف ظعن |
أنـا بـاسم البـلاد خلقت جيـلاً |
|
يثير الرعب في إنسٍ وجنّ |
وكـم لـيـل سهـرت ، وكم ليال |
|
تمرّ ولم يقر بالنوم جفنـي |
تنـاديـنـي الـبـلاد وكـل واد |
|
أراه يطلب التحرير منّي(2) |
يعاودنـي الحنين إلى الجنوب |
|
إلـى وطنـي إلى البلد الحبيب |
إلـى الجبل الذي فرضوا عليه |
|
الإقامة في الحرائق واللهـيـب |
إلـى الأرض التي أطلقت فيها |
|
طيور صباي في الأفق الرحيب |
إلى السجن الكبير وفيه صحب |
|
ذنـوبـهـم السمو عن الذنوب |
إلى عـمـري إلى ستين عاماً |
|
هوتْ عن دوحـة الزمن الكئيب |
فأين مضيت ألمح وجـه قومي |
|
بسـاحـات المعارك والحروب |
تحـدثـنـي القلوب بما تعاني |
|
وما أحـلـى الحديث إلى القلوب |
رفـاق العمر إني ذبت شوقـاً |
|
إلى وطـنـي إلى الساح الرهيب |
ساذهب للوغى لأنال نـصـراً |
|
وإلا فـالشـهـادة من نصيبـي |
فـأقـمـار الجنوب إذا غشاها |
|
المـسـاء فليس تجنح للمغيب(3) |
عرفت الله في نبض القـلـوب |
|
وفي صمت المساء لدى الغروب |
وفـي الأنسـام(1) تنفحني حياة |
|
إذا انهلت من الأفـق الرحيـب |
عرفت الله يحضر في ضميري |
|
بسـاعـات الخطيئة والذنـوب |
وفي الماء الذي أحسوه(2) طهراً |
|
فيطـفـئ ما بصدري من لهيب |
عرفت الله في إشراق شـمـس |
|
وفي قمر يميل إلـى المغـيـب |
عـرفـت الله فـي عينيك لما |
|
أحدق في عيـونك يا حبيـبـي |
فـألمح في سوادهـمـا حنانـاً |
|
وأنسـامـاً تهب من الجنـوب |
ولست أرى بشخصك أي عيب |
|
لأنك قد سمـوت عن العيـوب |
عـرفـت الله إشراقاً بأفـقـي |
|
يبدد ظلمـة اليـأس الـرهيـب |
أسير عـلـى الدروب فـالتقيته |
|
بجنبـي إذ أسير على الـدروب |
عرفت الله حين سمعت عيسـى |
|
يكلمه علـى خشب الصلـيـب |
إلـهـي كيـف تتركني غريبـاً |
|
وأنت أبو المـعـذَّب والغـريب |
عـرفـت الله من آيـات طـه |
|
تهـل عليـه مـن لدن الغيوب |
تكلمنـا فننصت في خـشـوع |
|
لنبـرة ذلك الصـوت الحبيـب |
عـرفـت الله إيـمـاناً وحبـاً |
|
وطهراً ذاب مـن مهج القلوب(3) |
ربيته فـوق مهد العـمـر زنبقة |
|
هل يذكر الطـفـل مهداً كان رباه |
قد كنت بالأمس أرعاه وأحرسـه |
|
واليوم أمست صروف الدهر ترعاه |
وكنـت أخشـى أكف البين تأخذه |
|
مـنّـي وها قد أتى ما كنت أخشاه |
ما غاب عني ولا أخباره انقطعت |
|
فـفـي حنـايـاي رجع من حناياه |
وذي حـكـاياه ما زالت تغرد في |
|
بيتـي الحـزيـن وما أشهى حكاياه |
كـم مـرة جاء يشكو لي ظلامته |
|
مـن الزمـان وكم عـالجت شكواه |
كـانت خطاياه تأتيـنـي فأغفرها |
|
حتـى استحلتُ شغـوفاً في خطاياه |
هب لي النطـق يا إمام البـيـانِ |
|
فعسى الحرفُ ينجلي عن لساني |
هب لي النطق كي يصير قصيدي |
|
طيّـب اللفظ مستساغ المعانـي |
إن في لفظـك الفصـيـح عقوداً |
|
تـزدري بـالعقيـق والمرجان |
وحـروف عـلـى شفاهك سالت |
|
أيـن منـهـا أزاهر الأقحوان |
بعضـهـا يشبه اللجين(2) وبعض |
|
يخجل الماس في رقاب الحسان |
يا عـلـي البيـان نهجك أمسـى |
|
لغة النطق في فم الإنـسـان(3) |
وانبرت دعوة النبوة تطوي |
|
مهجة الأرض فدفداً(4) اثر فدفدْ |
معجزات تزفهـا معجزاتٌ |
|
إن هـذا الفتـى رسـول مؤكدْ |
الجماهير ظلُّـه أين يمضي |
|
والهاتفات بـاسمـه حيث يوجد |
يلمس الداء في العليل فيبرا |
|
والجراحـات في يديـه تضمّد |
سفّه اللات واستخف بعزّى |
|
وبـديـن الأوثـان لم يتقـيـد |
ونراه على التراب يُصلـّي |
|
وبـآلاء ربــه يـتـهـجـد |
وبقـرآنـه الـبـلاغة تتلو |
|
سـوراً تخلـب الجمان المنضد |
كل آي بها يفيض بيـانـاً |
|
يـالبيـت الأُمـيّ أصبح معهد |
تتآخى جحافل العرب فيـه |
|
وعلى عهـده الخناصر(5) تعقد |