دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 240

أما النعمان فكان فارساً شجاعاً كأبي وجده وله رياسة ، قتل مع يزيد بن المهلب ابن أبي صفرة عام 102هـ حين خرج على يزيد(1) بن عبد الملك بن مروان أيام حكومته وقد خلعه وحاربه مسلمة(2) بن عبد الملك بن مروان بالعقر على شاطئ الفرات ، وكان قد أتى ابن المهلب ناس من أهل الكوفة كثير فجعل على مذحج ربع أسد ، النعمان بن إبراهيم بن الأشتر ، فلما قتل يزيد بن المهلب(3) انهزم أصحابه واجتمع آل مهلب بالبصرة ثم ركبوا البحر حتى إذا كانوا بحيال كرمان خرجوا من سفنهم وحملوا عيالاتهم وأموالهم على الدواب والمقدم عليهم المفضل بن المهلب(4)، وبكرمان فلول كثيرة فاجتمعوا إليه وبعث مسلمة مدرك بن ضب الكلبي(5) في طلبهم فأدرك المفضل في عقبة ومعه الفلول فعطفوا عليه فقاتلوه واشتد قتالهم فقتل من أصحاب المفضل النعمان بن إبراهيم بن الأشتر النخعي(6)، ويبدو أن النعمان كان أكبر أبنائه حيث كني بأبي النعمان(7) .
وأما خولان فهو جد أبو الحسين ورام بن أبي فراس عيسى بن

(1) يزيد : الاموي (71 ـ 105هـ) تاسع من حكم من الأمويين وذلك عام 101هـ ، ولد في دمشق مات في اربد أو بالجولان وحمل إلى دمشق .
(2) مسلمة : الأموي غزى القسطنطنية أيام ولاية أخيه سليمان عام 96هـ ، وولاه أخاه يزيد إمرة العراقيين ثم أرمينية ، غزا الترك والسند عام 109هـ مات بالشام عام 120هـ .
(3) يزيد : ابن المهلب بن أبي صفرة الأزدي (53 - 102هـ) قائد أموي ولي خراسان بعد وفاة أبيه عام 83هـ ، تولى عدة ولايات سكن البصرة بعد أن هرب من السجن بعد وفاة عمر بن عبد العزيز .
(4) المفضل : ابن المهلب بن أبي صفرة الأزدي ، سكن البصرة ، ولاّه الحجاج خراسان عام 85هـ ، ثم ولاه سليمان بن عبد الملك جند فلسطين ، كان من الشجاع إلا أنه قتل على أبواب قندابيل بالسند عام 102هـ .
(5) مدرك الكلبي : كان قائداً أموياً عندما قاتل يزيد بن عبد الملك الأموي آل مهلب عام 102هـ في العراق .
(6) أعيان الشيعة : 10/224 عن الكامل في التاريخ لابن الأثير .
(7) دائرة المعارف الشيعية العامة : 2/130 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 241

أبي النجم بن ورام بن حمدان بن خولان بن إبراهيم بن مالك الأشتر ، وكان ورام من أعلام الإمامية له كتاب تنبيه الخواطر المعروف بمجموعة ورام توفي عام 650هـ في الحلة .
وأما محمد فكان مع أبيه يقاتل لأخذ الثأر وهو الذي تعاون مع أبيه في بناء مرقد الإمام الحسين عليه السلام(1) وشيد أول قبة للإمام الحسين عليه السلام عام 66هـ ، ويذكر أن محمداً كان من قواد المختار كأبيه(2) .
وأما مالك فكان فارساً مغواراً ، قاتل الأمويين مع آل المهلب عام 102هـ ، ولما قتل المفضل بن المهلب وقتل معه أخوه النعمان بن إبراهيم الأشتر طلب الحسن الحضرمي(3) الأمان من مسلمة بن عبد الملك الأموي لمالك بن إبراهيم الأشتر ، وكان مسلمة بالحيرة ، فلما جاءه الحضرمي بمالك قال له : هذا مالك بن إبراهيم بن الأشتر ، فقال له مسلمة : انطلق ، قال له الحضرمي : أصلحك الله : لِمْ لَمْ تشتمه كما شتمت صاحبه(4) قال : أجللتكم عن ذلك ، قال الحضرمي : فإنه أحب إلينا أن تشتمه فهو والله أشرف أباً وجداً وأسوأ أثراً من الشام ... وكان الحضرمي يقول بعد ذلك : ما تركه إلا حسداً من أن يعرف صاحبنا فأراد أن يرينا أنه قد حقّره(5) .

(1) تاريخچه كربلاء : 65 مدينة الحسين : 1/23 عن تاريخ إيران وعراق للسيد علي خان ، رحلة عراقية : 99 .
(2) راجع باب تاريخ المراقد من هذه الموسوعة .
(3) الحضرمي : هو الحسن بن عبد الرحمان بن شراحيل (رستم) الحضرمي ، كان من المقربين لحكام وأمراء بني أمية وبالأخص في عهد يزيد بن عبد الملك (101 ـ 105هـ) .
(4) صاحبه : هو عبد الرحمان بن محمد والذي طلب له الأمان محمد بن عبد الله بن عبد الملك بن مروان ، ولما جيء به إلى مسلمة شتمه قائماً وقال له : صاحب خلاف وشقاق ونفاق ونفار في كل فتنة مرة مع حائك كندة ، مرة مع صلاح الأزد ، ما كنت بأهل أن تؤمن ، ثم قال له : انطلق .
(5) تاريخ الأمم والملوك : 4/88 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 242

وكان لإبراهيم أخ غير شقيق وهو عبد الرحمان(1) بن عبد الله يقاتل معه في معركة خازر الجيش الأموي عام 67هـ (2) .
وأما إبراهيم فقد ترجمه الأعلمي(3) بقوله : كان شجاعاً ظاهر الشجاعة واري زناد الشهامة ونافذ حد الصرامة مستمراً في محبة أهل البيت عن ساقيه ملتقياً راية النصح لهم بكلتي يديه ، وحاز فضيلة يوم الفتح وكان فارساً شهماً مقداماً رئيساً رفيعاً ، شاعراً فصيحاً ، موالياً لأهل البيت ، عالي الهمة والنفس ولم يكن شاكاً في دينه ولا ضالاّ في اعتقاده كأبيه(4) .
هذا وذكر أخباره الدربندي(5) في أسرار الشهادة(6) وفيه أنه قتل من قتلة الحسين عليه السلام قوماً كثيراً منهم ابن زياد(7) وشبث(8) بن الربعي والخولي(9) بن

(1) عبد الرحمن : والظاهر أن أم إبراهيم تزوجت أولاً بمالك الأشتر الذي استشهد عام 39هـ ، ثم بعبد الله التي أولدت منه عبد الرحمن .
(2) تاريخ الأمم والملوك : 3/480 .
(3) الأعلمي : هو محمد حسين بن سليمان بن ولي الدين الحائري ، ولد سنة 1320هـ في قرية مهرجان بإيران ، تتلمذ على السيد أبي الحسن الأصفهاني والشيخ محمد حسين النائيني والشيخ ضياء الدين العراقي وغيرهم ، وكان أحد أساتذة الحوزة العلمية في كربلاء ، مات سنة1391هـ فـي قم بإيران .
(4) دائرة المعارف الشيعية العامة : 2/130 .
(5) الدربندي : هو آغا بن عابد بن رمضان الشيرواني الحائري ، من فقهاء الإمامية ومؤلفيها في كربلاء ، له خزائن الأحكام ، خزائن الأصول ورسالة عملية مات بطهران عام 1286هـ ودفن في كربلاء .
(6) أسرار الشهادة : 567 .
(7) ابن زياد : هو عبيد الله بن زياد بن أبيه ، ولد بالبصرة سنة 28هـ ، وفي ولايته للبصرة والكوفة ، استشهد الإمام الحسين عليه السلام قتل في معركة الخازر سنة 67هـ ، له ترجمة في باب من قاتل الحسين عليه السلام من هذه الموسوعة .
(8) شبث : هو أبو عبد القدوس بن ربعي التميمي اليربوعي ، ولد في الجاهلية ، ارتد عن الاسلام ثم عاد إليه ، اشترك في قتل الإمام الحسين عليه السلام ، قتل في الكوفة سنة 70هـ ، له ترجمة في باب من قاتل الحسين من هذه الموسوعة .
(9) الخولي : هو ابن يزيد الأصبحي ، قاد كتيبة لحرب الإمام الحسين عليه السلام ، تولى حمل رأس الإمام عليه السلام إلى الكوفة ، قتله المختار الثقفي حرقاً عام 66هـ ، له ترجمة في باب من قاتل الحسين في هذه الموسوعة .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 243

يزيد ، وعمرو(1) بن الحجاج ، وأبحر(2) بن كعب ، وسنان(3) بن أنس .
ولما قتل إبراهيم بن مالك الأشتر في مسكن(4) حرق الأمويون جثته إلا أن جماعة قاموا بجمع ما تبقى منه ورماده فواروه ، وفي عام 171هـ شيدوا عليه قبة من الجص والآجر(5) ، وقصده الناس ، وتوالوا على بنائه(6) ، وكانت قبته قائمة حتى التسعينات (1390هـ) حيث شاهدناها أثناء سفرنا إلى سامراء وتقع على بعد حوالي كيلومتر واحد من طريق بلد ، سامراء الحديث وهي على يمين الذاهب إلى سامراء(7) .
هذا وقد نظم الشيخ محمد علي الأردوبادي(8) في مدح المختار الثقفي وذكر فيها أيضاً إبراهيم الأشتر قائلاً ـ من الكامل ـ :

(1) ابن الحجاج : يرجع في نسبه إلى زبيدة ، كان قائد كتيبة في جيش يزيد بن معاوية الذي قاتل الإمام الحسين عليه السلام ، قتل سنة 66هـ ، له ترجمة في باب من قاتل الحسين من هذه الموسوعة .
(2) أبحر : يرجع في نسبه إلى تميم ، اشترك في سلب الإمام الحسين عليه السلام بعد استشهاده يوم عاشوراء ، أسره إبراهيم الأشتر ، وقتل قبل عام 71هـ ، له ترجمة أيضاً .
(3) سنان : هو النخعي ، شارك في قتل الإمام الحسين مباشرة وطعنه ورماه ، أسره المختار بعد أن هرب ، وقتله حرقاً سنة 66هـ ، له ترجمة أيضاً .
(4) مَسْكِن : بالفتح ثم السكون وكسر الكاف ونون مضمومة ، وهو موضع قريب من أوانا على نهر دُجيل عند دير الجاثليق بالعراق .
ِ(5) تاريخ سامراء للمحلاتي : 198 ، دائرة المعارف الشيعية العامة : 2/134 .
(6) وجاء في تاريخ مدينة سامراء للسامرائي : 3/130 «توجد في جنوب مدينة الدجيل الحالية قبة مربعة الشكل من تحت ، ومدورة من فوق ، مبيضة بالجص تعرف هذه القبة بقبة الشيخ إبراهيم وقد نقش على حجر فوق باب القبة ما يلي (هذا قبر المرحوم السيد إبراهيم بن مالك الأجدر (الأشتر) النخعي علمدار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 1089)هـ . والظاهر أن هذا البناء على عهد العثمانيين .
(7) راجع تاريخ المراقد من هذه الموسوعة .
(8) الأردوبادي : هو أبو القاسم بن محمد تقي بن محمد قاسم التبريزي النجفي ، من فقهاء الإمامية وأدبائها في النجف ، ولد في تبريز عام 1312هـ ، له مصنفات كثيرة منها : حياة سبع الدجيل ، الكلمات التامات ، توفي في كربلاء عام 1380هـ ودفن في النجف .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 244

عظم الجراح فلم يصب أعماقه إلاّك يـا حُـيّـيـت مـن مسـبـار(1)
فـي نجـدة ثقفيـة يسطو بهـا فـي الـردع مـن نخع هزبر(2) ضاري
الندب إبراهيم من رضخـت له الصيـد الأبـاة بملـتـقـى الآصـار(3)
من زانة شرف الهدى في سؤدد وعُـلاً يـفـوح بهـا أريـج(4) نجار(5)

إلى أن يقول في آخر قصيدته الغراء :
هبـت عليـك نسـائـم قدسية حـيَّـتْ ثَراكَ برحمة ويسار
وسقى لإبراهيم مضطجع الهدى ودق الغمام المرزم(6) المكثار
مـا نافح الروض النسيم مشفعاً سجع البـلابل فيه شدو هزار
يتلو كمـا يُتلى بكـل صحيفـة مر العشـيِّ وكرّة الأبكارِ(7)


(1) المسبار : الجُرح .
(2) الهِزبر : بكسر الهاء وفتح الزاي وسكون الباء ، الغليظ الضخم والشديد الصلب ، وبكسر الهاء وسكون الزاي وفتح الباء : الأسَد .
(3) الإصار : وتد الطنب يشد بها الخيمة ، واصرَ الخيمة جعل لها إصاراً ، وآصره : جاوره أي كانت إصار بيت الواحد جنب إصار بيت الآخر ، وهو إشارة إلى التقاء الجيشين .
(4) الأريج : الرائحة الطيبة .
(5) النِجار : بسكر النون وضمها : الأصل والحسب .
(6) المرزم : الغيث الذي لا ينقطع رعده .
(7) الغدير : 2/346 ـ 348 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 245

(26)
إبراهيم بن محمد بري
1336 ـ 1417هـ = 1917 ـ 1997م

هو الشاعر إبراهيم بن محمد بن حسن بري العاملي .
ولد في تبنين (1) ونشأ بها والتحق بالمدارس الرسمية ثم انتقل إلى بيروت والتحق بالكلية العاملية عام 1356هـ ثم بالكلية اليسوعية والتي تخرج منها حاملاً شهادة الآداب العليا ، وبعدها عين مساعداً قضائياً في العدلية ، ونظم الشعر أثناء وظيفته مما سبب له الكثير من المتاعب وعرض على المجلس التأديبي لنظمه قصيدة عروبية في عصر جمال عبد الناصر(3) .
بدأ ينظم الشعر في سن مبكرة إذ كان في الرابعة عشر من عمره ، وكان لأخيه الشيخ عبد الله(4) بري دور في تقوية موهبته الشعرية حيث توسم في أخيه نواة شاعر فمدّه بالكتب والدواوين الشعرية والقصائد وحثه على مطالعتها وحفظها حتى تمكن من نظم الشعر .

(1) تبنين : وهي من نواحي مدينة صور بجنوب لبنان .
(2) الموافق لعام 1917هـ .
(3) جمال عبد الناصر : اشترك في إسقاط الحكم الملكي في مصر سنة 1371هـ ، ولد في أسيوط عام 1327هـ قاد الثورة على النظام الملكي في مصر وأعلنها جمهورية وتولى رئاستها وذلك عام 1378هـ وفي عهده احتلت إسرائيل سيناء ، وهو من دعاة الحركة القومية العربية ، مات في القاهرة سنة 1390هـ .
(4) عبد الله بن محمد بري : أديب وكاتب ، عمل في التجارة هاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية ولا زال يمارس بها الأعمال الحرة .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 246

نشر شعره في عدد من المجلات أبرزها مجلة العرفان(1) .
صدرت له ستة دواوين : مارد النيل(2) ، عيناك ، للنبي وآله(3) ، بدأنا نكتب التاريخ(4) ، من هنا أشرقت الشمس ، ردها يا زمان ، إلى جانب خمسة دواوين لا زالت تنتظر النور وهي : أزهار لوز ، قصائد في البراعم ، هكذا رثيتهم ، أيامي في القضاء ، لمن أكتب .
وبالإضافة إلى النظم فقد مارس الكتابة في جريدة المكشوف البيروتية وراح ينشر فيها كتاباته الوطنية ، وله أيضاً مقالات كثيرة عالج فيها الشؤون اللبنانية بتكليف من الإذاعة اللبنانية .
ومن بدايات شعره بل اول نظمه قوله ـ من الطويل ـ :
سلي القلب كم قاسيت من ألم الهجر فليس سوى قلبي بآلامـه يدري
أسلي بنظم الشعـر قلبي تصبـراً ولولا التسلي ما تفوهت بالشعر
هنا في فؤادي من نواك جلاجـل تحاذيها الذكرى فتقع في الصدر
وله قصة قصيرة واحدة سماها «ولادة في طائرة» .
ومن شعره قصيدة ـ من الخفيف ـ تحت عنوان محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقول في أولها :
سبّـح الله فـالـضـياء تـوقـدْ وعلى الكون نسمة من محمدْ
سبـح الله ، فالسمـوات ضجّـت بالتسابيح للرسول المـؤيـدْ
وعلى الأرض هينمات(5) لدانٌ(6) لم تكن قبل في البرية تُـعهدْ

(1) مجلة العرفان : أصدرها الشيخ أحمد عارف بن علي بن سليمان الزين المولود في قرية شحور بصيدا سنة 1298هـ ، ومات في محراب الإمام علي بن موسى الرضا بأرض طوس سنة 1380هـ ، أصدر العرفان في بيروت سنة 1327هـ ونقلها إلى صيدا سنة 1330هـ ، توقفت مرات لظروف قاهرة وكانت تعنى أساساً بشؤون الإمامية .
(2) طبع عام 1961م (1380هـ) .
(3) كما في كتاب عاشوراء في الأدب العاملي المعاصر : 171 .
(4) طبع عام 1978م (1398هـ) .
(5) الهينمة : الصوت الخفي .
(6) لدان : ليّنة مرضيّة .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 247

هدهدت مهجة الليالي كسالى واستحالت في القفر دراً وعسجدْ
ووراء الـوراء رجع حداءٍ يـوقظ الـمجـد كـلما يـترددْ
ومن الأرض للسماء بريـد ينقل الوحي حين يهوي ويصعد(1)

وله من قصيدة أخرى ـ من الكامل ـ تحت عنوان أفعى اليهود يقول فيها :
أفعى اليهـود إلى الحدود تلفتي فـالأسد رابضةٌ بخط النـار
إنـذارنـا آتٍ فـأما ترحلـي عن أرضنا أو تقتلي فاختاري
فبداية المشوار يسهـل أمرهـا والصعب عند نهاية المشـوار
هي جولة تأتي ونشهد بعدهـا فوق الحضيـض مذابح الكفار
ليعود صوت الحق يهتف داوياً الأرض أرضي والديار دياري
أمران ينـزلنا القضاء عليهـما سحق العدى أو لبس ثوب العار
إنذارنا آتٍ ويا دنيـا اشهـدي انا رصـاصـة ذلك الإنذار(2)

ومن لبنانياته قصيدة ـ من الكامل ـ تحت عنوان «لبنان هيّا» جاء في أولها :
لبنـان هيـّا فالصباح أضاءَ وتفجـرت أرض الجدود اباء
وتنفست صحراؤها عن ثورة للعرب كادت تحرق الصحراء
فإذا الأكف السمر فوق رمالها الصفراء تبني الجنة الخضراء
ناداك شعبك فاستجبت نداءه إن الكريم من استجـاب نداء

إلى أن يقول :
لبنـان أنت معلمـي وملقّنـي لغة الجمـال وملهمي الإيحاء
فلكم سكبت علي من منن السما شعراً يسيل على الوجود غناء
فالمجد يأنف أن يصادق شاعراً ملأ الوجود تفجـعـاً وبكـاء
ولينسنـي الإلهـام إن لم أبتدع منـه نشيـداً للعلـى وحـداء
فـأحرّك الأموات فـي توقيعه وأهـزّ فـي إنشاده الأحيـاء

(1) للنبي وآله : 11 .
(2) مارد النيل : 75 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 248

ولعرس مجدك قد رفعت قصيدتي فتقبلن قصيدتي اهداء(1)

وله عن أرض الجنوب المقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي يقول من قصيدة ـ من الوافر ـ تحت عنوان : أنا بنت الفداء :
على أرض الجنوب زرعت عمري وشيعتُ الحيـاة بلا تـأنِّ
هنـا قصفـوا هنـا قتلـوا شقيقي هنا بالفأس شجوا رأس ابني
هنـا شهـداؤنـا ركبوا خـيـولاً ومرّوا بـالحدود بدون إذن
مشيـت وألـف قـافلـة ورائـي ستمضي للجهاد وألف ظعن
أنـا بـاسم البـلاد خلقت جيـلاً يثير الرعب في إنسٍ وجنّ
وكـم لـيـل سهـرت ، وكم ليال تمرّ ولم يقر بالنوم جفنـي
تنـاديـنـي الـبـلاد وكـل واد أراه يطلب التحرير منّي(2)

وله من قصيدة ـ من الوافر ِـ تحت عنوان مسافر ، وهي أنشودة عن الجنوب اللبناني وقد شاعت في وقتها :
يعاودنـي الحنين إلى الجنوب إلـى وطنـي إلى البلد الحبيب
إلـى الجبل الذي فرضوا عليه الإقامة في الحرائق واللهـيـب
إلـى الأرض التي أطلقت فيها طيور صباي في الأفق الرحيب
إلى السجن الكبير وفيه صحب ذنـوبـهـم السمو عن الذنوب
إلى عـمـري إلى ستين عاماً هوتْ عن دوحـة الزمن الكئيب
فأين مضيت ألمح وجـه قومي بسـاحـات المعارك والحروب
تحـدثـنـي القلوب بما تعاني وما أحـلـى الحديث إلى القلوب
رفـاق العمر إني ذبت شوقـاً إلى وطـنـي إلى الساح الرهيب
ساذهب للوغى لأنال نـصـراً وإلا فـالشـهـادة من نصيبـي
فـأقـمـار الجنوب إذا غشاها المـسـاء فليس تجنح للمغيب(3)

وله قصيدة ـ من الوافر ـ في معرفة الله تحت عنوان : «عرفت الله» يقول في أولها :

(1) مارد النيل : 85 .
(2) بدأنا نكتب التاريخ : 24 .
(3) بدأنا نكتب التاريخ : 116 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 249

عرفت الله في نبض القـلـوب وفي صمت المساء لدى الغروب
وفـي الأنسـام(1) تنفحني حياة إذا انهلت من الأفـق الرحيـب
عرفت الله يحضر في ضميري بسـاعـات الخطيئة والذنـوب
وفي الماء الذي أحسوه(2) طهراً فيطـفـئ ما بصدري من لهيب
عرفت الله في إشراق شـمـس وفي قمر يميل إلـى المغـيـب
عـرفـت الله فـي عينيك لما أحدق في عيـونك يا حبيـبـي
فـألمح في سوادهـمـا حنانـاً وأنسـامـاً تهب من الجنـوب
ولست أرى بشخصك أي عيب لأنك قد سمـوت عن العيـوب
عـرفـت الله إشراقاً بأفـقـي يبدد ظلمـة اليـأس الـرهيـب
أسير عـلـى الدروب فـالتقيته بجنبـي إذ أسير على الـدروب
عرفت الله حين سمعت عيسـى يكلمه علـى خشب الصلـيـب
إلـهـي كيـف تتركني غريبـاً وأنت أبو المـعـذَّب والغـريب
عـرفـت الله من آيـات طـه تهـل عليـه مـن لدن الغيوب
تكلمنـا فننصت في خـشـوع لنبـرة ذلك الصـوت الحبيـب
عـرفـت الله إيـمـاناً وحبـاً وطهراً ذاب مـن مهج القلوب(3)

وله من قصيدة أخرى ـ من البسيط ـ تحت عنوان : «وداع» يقول فيها :
ربيته فـوق مهد العـمـر زنبقة هل يذكر الطـفـل مهداً كان رباه
قد كنت بالأمس أرعاه وأحرسـه واليوم أمست صروف الدهر ترعاه
وكنـت أخشـى أكف البين تأخذه مـنّـي وها قد أتى ما كنت أخشاه
ما غاب عني ولا أخباره انقطعت فـفـي حنـايـاي رجع من حناياه
وذي حـكـاياه ما زالت تغرد في بيتـي الحـزيـن وما أشهى حكاياه
كـم مـرة جاء يشكو لي ظلامته مـن الزمـان وكم عـالجت شكواه
كـانت خطاياه تأتيـنـي فأغفرها حتـى استحلتُ شغـوفاً في خطاياه

(1) الانسام : جمع النسم مصدر النسيم وهي الريح اللينة ، الروح .
(2) الحسو : الشرب شيئاً بعد شيء .
(3) من هنا أشرقت الشمس : 50 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 250

وكـنـت أخلق أعذاراً له وأرى طهر البراءة تهـمـي فيه عيناه
غداٍ ترف علـى الدنيا أزاهـره وينشق الكون عطراً من سجاياه
غداً تضيء شموع المكرمات به ومن قـرى الغيب تأتيني هداياه
وسوف يخصب في أفياء غرته زرعي وتشرق في دنياي دنياه(1)

وله قصيدة ـ من الخفيف ـ أنشأها بمناسبة يوم الغدير يقول في أولها مخاطباً الإمام أمير المؤمنين عليه السلام :
هب لي النطـق يا إمام البـيـانِ فعسى الحرفُ ينجلي عن لساني
هب لي النطق كي يصير قصيدي طيّـب اللفظ مستساغ المعانـي
إن في لفظـك الفصـيـح عقوداً تـزدري بـالعقيـق والمرجان
وحـروف عـلـى شفاهك سالت أيـن منـهـا أزاهر الأقحوان
بعضـهـا يشبه اللجين(2) وبعض يخجل الماس في رقاب الحسان
يا عـلـي البيـان نهجك أمسـى لغة النطق في فم الإنـسـان(3)

ويقول من قصيدة أخرى ـ من الخفيف ـ في الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم :
وانبرت دعوة النبوة تطوي مهجة الأرض فدفداً(4) اثر فدفدْ
معجزات تزفهـا معجزاتٌ إن هـذا الفتـى رسـول مؤكدْ
الجماهير ظلُّـه أين يمضي والهاتفات بـاسمـه حيث يوجد
يلمس الداء في العليل فيبرا والجراحـات في يديـه تضمّد
سفّه اللات واستخف بعزّى وبـديـن الأوثـان لم يتقـيـد
ونراه على التراب يُصلـّي وبـآلاء ربــه يـتـهـجـد
وبقـرآنـه الـبـلاغة تتلو سـوراً تخلـب الجمان المنضد
كل آي بها يفيض بيـانـاً يـالبيـت الأُمـيّ أصبح معهد
تتآخى جحافل العرب فيـه وعلى عهـده الخناصر(5) تعقد

(1) من هنا أشرقت الشمس : 72 .
(2) اللُجَيْن : الفضّة .
(3) للنبي وآله : 94 .
(4) الفدفد : الفلاة ، المكان المرتفع .
(5) الخناصر : واحدها خنصر وهي الأصبع الصغرى ، و«الخناصر تعقد» وهو من باب
=
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 251

لا قوي له امتلاك ضعيف لا ولا الطفلة البريـئـة توأد
وإذا روَع القبـائـل ثـأرٌ بثّه المصطفى برأي مسدد(1)

وعن الله يقول في قصيدته ـ من مجزوء الكامل ـ تحت عنوان : «الله» :
الله يا صوت الرجاء في موكب حلـو الحداء
يا زارع الدنـيـا بأز هار المحبـة والإخـاء
يا نور أجفـان الصبا ح وضوء قنديل المساء
يا ساكب الخيرات من كَـفٍ تذوب مع العطاء
يا مرشد النجم المحيَّـ ـرِ في متاهات الفضاء
يا سـاهراً والناس تر قَدُ بين أحضان الرخاء(2)

وله قصائد في الإمام الحسين أوردناها في محله .
وقد توفي في لبنان في شهر ذي الحجة من عام 1417هـ(3) .

= ضرب الأمثال أي أن العقد معتبر ومصان وموثق ، فيقال : (هذا أمر تُعقد عليه الخناصر) .
(1) مارد النيل : 171 .
(2) للنبي وآله : 7 .
(3) الموافق لشهر نيسان عام 1997م .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 252

(27)
إبراهيم بن محمد التبريزي
1313 ـ 1381هـ = 1895 ـ 1961مِ

هو السيد إبراهيم بن محمد(1) بن عبد الكريم الموسوي الدروازئي التبريزي ولد في النجف عام 1313هـ حيث كان والده هاجر إليها مع أهله قبل عام ، ونشأ على أبيه وترعرع في بيت علم وفضيلة عرف بالزهد والتقى ، وفيها بدأ بتعلم القراءة والكتابة فلما بلغ عمره ثمان سنوات كان والده قد عزم على الرجوع إلى بلاده حيث نال قسطاً وافراً من العلم والمعرفة .
فلما وصل أرض الآباء والأجداد تبريز ، اشتغل بالعلوم العربية والإسلامية على فضلائها ثم على علمائها ، ولمكانة والده العلمية والاجتماعية فقد تولى تدريسه جمع من علماء تبريز إلى جانب والده ، ومن أولئك الشيخ أبو الحسن الأنگجي(2) ، ثم هاجر إلى النجف وحضر على الشيخ محمد حسين الغروي(3) والشيخ ضياء الدين العراقي(4) إلا أنه لم

(1) محمد ولعله جاء مركباً (محمد مهدي) ويلقب أباه بمولانا التبريزي ، وكان من علماء تبريز ولد عام 1293 وتوفي في 18/5/1363هـ من مؤلفاته براهين الحق ، طريق الهداية ، مصباح الوسائل .
(2) أبو الحسن الأنگجي : هو ابن محمد بن محمد علي الحسيني المتوفى عام 1357هـ ، كان من علماء الإمامية ومدرسيها ، له من المصنفات : إزاحة الالتباس ، كتاب الحج ، حاشية على رسال الشيخ الأنصاري .
(3) محمد حسين الغروي : هو ابن محمد حسن معين التجار النجواني الأصفهاني (1296 ـ 1361هـ) من أعلام الإمامية ، كان فقيهاً أصولياً ، أديباً شاعراً ، وفيلسوفاً متكلماً من مؤلفاته : الأنوار القدسية ، كتاب صلاة الجماعة ، نهاية الدراية .
(4) ضياء الدين العراقي : هو ابن محمدالمولد في اراك إيران ، المتوفى في النجف
=

السابق السابق الفهرس التالي التالي