دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 280

(33)
إبراهيم بن محمد شرارة
1341 ـ 1403هـ = 1922 ـ 1983م

هو الشاعر إبراهيم بن محمد بن عبد الله شرارة العاملي .
ولد في بنت جبيل(1) عام 1341هـ وفيها دفن ، نشأ بها والتحق بمدارسها وتتلمذ في العلوم العربية على الشيخ علي شرارة(2) ، وفي مطلع شبابه هاجر من مسقط رأسه إلى أفريقيا الغربية للعمل إلا أن إقامته بها لم تطل فرجع وسكن بيروت وتعاطى التجارة إلى أن توفي بها .
شارك مجتمعه في مناسباتهم الدينية واحتفالاتهم الثقافية والأدبية ، قال عنه الأستاذ عباس بيضون(3) في تأبينه لقد قام إبراهيم وآخرون بنقل الأدب العاملي من سلفية مفرقة إلى نفحة معاصرة كانت تهب من حواضر الأدب يومذاك في مصر ولبنان والمهجر ، ولعل صدى الرومانطيقية(4) في لبنان

(1) بنت جبيل : مركبة من أنثى الابن ومصغر جبل ، وهي اليوم قضاء مستقل ، وهي من أمهات بلاد جبل عامل بلبنان وعلى حدود فلسطين ألحقت سابقاً بمرجعيون وثم بصور .
(2) شرارة : هو علي بن أحمد بن أمين (1302 ـ 1375هـ) تتلمذ على السيد نجيب فضل الله والشيخ موسى مغنية ، ثم تولى مهنة التعليم في المدارس الرسمية نظم الشعر ومارسه .
(3) بيضون : هو الدكتور عباس أديب لبنان معاصر وشاعر صحفي مارس مهنة التعليم في بداية الأمر .
(4) الرومانطيقية : رومنطيقية أو رومانسية ، وهي حركة أدبية وفنية عرفتها أوروبا ، دعت إلى تغليب مبادئ الحرية والذاتية على القواعد الكلاسيكية والعقلانية الفلسفية ، بشّر بها في فرنسا شاتوبريان ، وازدهرت مع لامارتين وهوغو ودي موسّه .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 281

ومصر تسلل إلى أدباء جبل عامل الشبان آنذاك ليؤثر في كلامهم ونتاجهم وتؤثر الرقة الوافدة في اللغة العريقة الموروثة من شيوخ تشربوا الشعر من منابعه الأولى وسلكوه من أعرق مسالكه وأوغلها في الزمن وأشركوا فيه مشاغل أخرى تشمل المكتبة العربية القديمة بشتى فروعها ، والأغلب أن شعر إبراهيم ينضم إلى تراث واسع لم يكتب له أن ينتظم في التراث اللبناني بكليته ، فقد كان هذا الأدب يتداول بين عائلات ثقافية ومنتديات أبرزها المنتدى الحسيني وأماسي سمر ومجالس أدب ، وكان مكتفياً بتداوله هذا متآلفاً معه(1) .
وقد صدرت له مجموعة شعرية صغيرة عام 1386هـ بعنوان «في قرانا» ، أما بقية شعره فقد ظل مخطوطاً .
ومن شعره قصيدة في رثاء السيد محسن الأمين المتوفى عام 1371هـ يقول في مطلعها ـ من الخفيف ـ :
أي رزء دهى وخطب دهاهم حل في موطني فهدّ الدعائم(2)

وأخرى في رثاء السيد عبد المطلب(3) الأمين المتوفى عام 1394هـ يقول في أولها ـ من البسيط ـ :
بحـور شعـرك ما الشطآن والجـزر هل عند شقراء(4) من أخبارها خبر
تـريدني أن أرود الـشمس أحـملهـا علـى خيوط سراج زيتـه عكـر
مَـنْ عاذري وذبالات(5) المنى نضبت وليس يـنبت فـي بستاني الـعذر
أنا المنهنـه(6) ما خمري وما قـدحي أنا المغرد ما غصني وما الشجـر

(1) مستدرك أعيان الشيعة : 1/6 .
(2) أعيان الشيعة : 10/445 .
(3) عبد المطلب : هو ابن محسن بن عبد الكريم بن علي الأمين الحسيني العاملي ولد في دمشق عام 1333هـ ، اشتغل بالسلك الدبلوماسي ، جمع شعره في ديوان صغير باسم شعر عبد المطلب الأمين ، ودفن في مدينة شقراء .
(4) شقراء : من توابع مدينة مرجعيون بجبل عامل .
(5) الذُبالة : الفتيلة التي تُسرج .
(6) النهنهةُ : الكفُّ والمنع والزجر .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 282

عشقت حـتى كـأن العشق أتلفني وذبت فالوجد لا يبقي(1) ولا يذر(2)

ومن روائعه ـ من السريع ـ :
يا دفقة النـور صبـاح الغـد أنت وآمالي علـى موعـد
مقامنا عنـد احتضار النـدى بين الضحى والليل والفرقد
حشـائشُ مـفروشـةٌ ههنـا وههنا ، فحيث شئت اقعدي
والروض حضن دافئٌ والهوى وسادةٌ من مهجتي فارقدي
ما أطـول اللـيل الـذي بيننا أُواه ، من مفرقه الأسـود
لو أنني أملكُ ركـب الضحى ولو تناولتُ الدجى في يدي
قـذفـت باللـيل وساعاتـه حتى يوارى من طريق الغد
كم موعد لي منك في خاطري يضيق كالسقـم به عـوّدي
والموعد الحلـو ، على مُـرِّه يحسدني في مـره حسدي
ألـيس بعـد الملتقـى فرقـة وهل يكون الملتقى مسعدي
كيف أروّي العمر من لحظـة يتيمـةٍ كـالأبعـد الأبعـد
النار فـي قلبي شـبوب اللظى أنت لها بردٌ فـلا تبعـدي
إن نبترد فاثنان فـي بردهـا أو نحترق فاثنان في الموقد
فاقـبلي فالعمـر وقفٌ علـى لقياك يا أحلى من الموعد(3)

ويقول عنه ناصر(4) شرارة لدى تحدثه عن الشعر العاملي : إن إبراهيم شرارة طائر غرد داخل سربه العاملي ، لكن هذا لم يجعله بالضرورة واحداً في جوقة كنيسية تردد نفس الكلام وذات اللحن ، لقد كان طائراً عاملياً بحق ولكن كان لصوته صدى مميز ولرفيف جناحه اختلاجات لا تشبه اختلاجات قلبه ، ولعل مقدرة إبراهيم شرارة على انتزاع تمايزه الفني من دون أن يترتب على ذلك خروجه من المؤسسة العاملية الشعرية القديمة لعل هذا بحد ذاته

(1) استعارة قرآنية من قوله تعالى في سورة المدثر : 26 ، 27 ، 28 «سأصليه سقر * وما أدراك ما سقر * لا تُبقي ولا تَذَرُ» .
(2) أعيان الشيعة : 8/112 .
(3) مستدرك أعيان الشيعة : 1/9 .
(4) ناصر : كاتب وصحفي لبناني معاصر .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 283

هو واحد من أهم خصائص الشاعر ومميزاته(1) .
هذا وقد طرق الشاعر أبواباً أخرى من الشعر إلا أنه لم يتخط دائرة الالتزام بالوزن ، حيث جاء من مجزوء الرمل قصيدته المعروفة بـ «قُرانا»(2) : ـ
في قرانا يورق النـو رُ اشـتهـاءً لـقرانـا
كدَّسته الشمس أكـوا مـاً عـلى صحو ذرانا
كعروسٍ غرقت بالنـ ـورِ في جدول فضـه
وعلى خطواتها تشـ ـهق في الأضلع نبضه
والـفتى نيسان يحتـ ـلُّ على السهل مكانـا
ورجال في سفوح الـ ـمجدِ يـبنون الزمـانا

في قرانا !
في قرانا أزهـر اللَّـ ـوز وفـاح البيلسان(3)
واللهيب الأبيض المـ ـزهو عرسٌ في الجنان
أشعلتـه أنمـل الخا لـقِ زهـراً يـتـلالا
والندى يشربه ، الفـ ـجر ويسقيـه حـلالا

والفتى نيسان !
ضيفنا نيسان بالباب ب ربيع مـن جديـد
فافتحوا الأبواب للـ ـقادم في موكب عيد
إنه يـحـم أزهـا راً وشمسـاً وظـلالا
وقوارير مـن العـ ـطـر ورزقاً وغلالا

والفتى الإنسان !
الإله المنتضي معـ ـوله في كل تلة

(1) مستدرك أعيان الشيعة : 1/6 .
(2) قرانا : يقصد بها قرى جبل عامل .
(3) البيلسان : وهو الخَمان وهو شجر أزهاره صغيرة بيضاء عطرية الرائحة يستعمل في الأدوية .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 284

دمـه الـمعروق ينـ ـساب شذىً من كل أفلة(1)

يقول الشاعر محمد علي شمس الدين(2) عن ديوان المترجم «في قرانا» : «إن الشاعر حين يستنطق الريف يدخل معه في خطاب رومانسي ، وينتقل به من العين إلى الوجدان ، من الوصف إلى العلن»(3) .
وقال محمد فرحات(4) عن هذا الديوان : «تبدو قصائد إبراهيم شرارة ناتجة عن تراث بيئته اللغوي العريق ـ جبل عامل ـ وتراث التحديث العربي في صورته اللبنانية شعر ما بين الحربين(5) العالميتين»(6) .
ومن شعره في الحب يقول من قصيدة ـ من الخفيف ـ :
نحـن والحـب ظامـئٌ وكـؤوسٌ سكر الحب أو صحا المخمور
ولد الحب خفقـة تعصـر الضلـ ـعَ وتهفـو تتلـظى وتـثور
يا هـوىً ناشئـاً عـلى شرفات الـ ـفجر أوطانه الندى والزهور
دافـئاً كـالسماح ريـان كـالأفـ ـياء نُعمى غلالــه وسرور
ضاق عنه المدى الفسيحُ وضج الـ ـعمر فيه فالعمر فيه دهـور
حـلّ أضلاعنـا فأيـنـع شـوقاً ولـهيفاً وباح عـنه الـزفير
وطـمعنـاه مـن لـبان أمـانيـ ـنا أمانيّ رزقهـا مـوفـور
وحـرقـنـا لـه البخـور لينـمو فنما الحب وافـتدانا البخـور
مَهدُهُ في اختلاجـة النبضة الـحرّ ى وسكناه في الزمان الضمير

(1) مستدرك أعيان الشيعة : 1/9 عن ديوان «في قرانا» .
(2) شمس الدين : شاعر لبناني ولد في قرية بيت ياحون سنة 1361هـ ، له ترجمة في الموسوعة في باب تراجم الشعراء .
(3) مستدرك أعيان الشيعة : 1/6 .
(4) فرحات : هو ابن رضا فرحات ولد في النجف سنة 1356هـ ، له ديوان شعر اسمه (جراح جنوبية) ومسرحية شعرية بعنوان (سلام للعصافير) ، راجع الموسوعة باب تراجم الشعراء .
(5) نشبت الحرب العالمية الاولى عام 1332هـ (1914م) وانتهت عام 1337هـ (1918م) . كما نشبت الثانية عام 1358هـ (1939م) وانتهت عام 1364هـ (1945م) .
(6) مستدرك أعيان الشيعة : 1/6 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 285

أي حب هذا الذي زرع الدُنـ ـيا رجاءً فهو الرجاء النضير(1)

وله من قصيدة أخرى ـ من المتقارب ـ :
عطورك وانساب نبعُ الشروقْ ورفَّ رفيفَ الجناح الطليقْ
فللخطـو ترنيـمةٌ كالصـلاة وللدرب ضلـعٌ ينزُ الخفوقْ
صديـقك نيسان ما لاحَ بـعدُ فأين تخلف ركـب الصديقْ
وسابقت فينا ربيـع الكـروم وعانقت قبل الصباح البريقْ

إلى أن يقول :
وأنتِ وعطـرك لاذت بـه حـياتي فـما فيك دربٌ تضيق
تمـنيتُ لـو أننـي قطـرةٌ بـعطركِ أغـفو ولا أسـتفيقْ
فإن هـدهدتني يـدٌ بضـةٌ وأهـرقني مـنك مس رفيـق
وفيتُ النذور حرقت البخور وأشعلت زيت دمي في الحريق
لأولـدَ فـي فـم قـارورةٍ وأفنـى بمنعطفات الطريـق(2)

وأما آخر ما نظمه فهذه الأبيات وقد وضعها تحت وسادته وهو في المستشفى على فراش المرض ـ من السريع ـ :
بيتي علـى الرابيـة الحالمـة اشتاقه في اللحظة الحاسمة
وانتشـي من ذكـر أحجـاره كأنني فـي سكـرة دائمـة
حين رمانـي الـداء فـي كوة مظلمـة كالليلـة القاتمـة
اشـتاق أن أنـشـر أخـباره على ضفاف الموجة العائمة
اشتاق أن توقد شمس الضحى على جناح الشرفة النائمـة
فـقبـلـوا أذيـال أذيالـهـا ما قام في خاطركم قائمة(3)

توفي في بيروت عام 1403هـ على تلك الأشواق التي حملت جثمانه إلى مسقط رأسه ببنت جبيل ليدفن بها ومعه صك الخلاص في قصيدة رائية يتجلى فيها ولاؤه لأمير المؤمنين عليه السلام ومنها قوله ـ من الخفيف ـ :

(1) مستدرك أعيان الشيعة : 1/8 .
(2) مستدرك أعيان الشيعة : 1/8 .
(3) مستدرك أعيان الشيعة : 1/7 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 286

يا عليـاً يا فيصـلاً فـي يمـين الله يـا وثـبـةً تـخـوض الغمـارا
أنت مـن زرع أمتي مـن عطايا وطـني تـنتخـي وتحـمي الذمـارا
هـات وحّـدْ صفوفنـا واجمـع الـعـرب سـبيـلاً وأمـة وديـارا
لا حـدوداً لا ظلـمةً لا سجـوناً لا دخـيـلاً بـهـا ولا استعـمـارا
يـا ابن عـم النبي ، تقفو خطاهُ.. وعلى الـدرب ، حـيث طـه أنـارا
قـدَّر الله مـنـذ أن بـدأ الخلـق فـتـوحـاً ، لـدينـه ، وانتـشـارا
واصطفـى أحمـداً رسولاً أميناً.. صَــدَق الله فـيـه حـيـن اخـتارا
رفّـةٌ من جناح جبريلَ ، لولاهـا تـشـقّ الـسـمـا وتـنـزل غـارا
لـقرأنـا نهجـاً كقـرآن طـه.. وكـآي ابـن مـريـم للــنصـارى
غفر الله لي ، وحُبـّك أوحى لـي غـلـوّي ، وزيـّن الأفــكـــارا
يا إمام الأحرار . نوّرْ لنا الـدربَ فـأنـت اصـطـفـيـتـنا أحـرارا
كلَّ عام لنا ، ببابـك ، طابـت.. وقـفـةٌ عـنـده وَطـِبـت مـزارا
جئت للكون مـرّةً ، هـو يرجـو مـنكَ في الدهـر لـو أتـيتَ مـرارا
مرة والرجـاء أن يوغل في الدّنيا ولـن يـَـبْلـغَ الـرجـاء القــرارا
واحداً في الزمان.. وهـو مجيءٌ.. واحــدٌ ، مـا أَعـيـدَ دهـرٌ ودارا
يا إمــام الثـوار ، تنهَـدُ جباراً وفـي الله تــصـرع الــجـبـارا
كلَّ يـوم لنـا بـدربكَ زحـفٌ.. للمـعالـي تمـضـي لهـا إعصـارا
يا علياً ! وماج فـي حَبَك الصبح قــريـضــي.. ولألأ الأنــوارا
اعطني مـن لدنكَ زهوَ القوافـي.. وعَـجيـبـاً إن لـم تـسـِلْ أنهـرا
اعطني من لدنكَ جمر المروءات.. فـألظـى ، وقـد عـصرتُ النـارا
أجـد الفيءَ مـن جناحيكَ يحويني فـآوي ، وقــد هــداتُ قــرارا
هات منكَ الرحيق.. نسكرُ صاحين علـى سكبـه.. ونـصحـو سكـارى
نشأ الشعـر في رياض معانـيكَ فـأعـطـى.. وِأطـعـم الأثـمـارا
خطرة من سناك تلهم روحـي.. خطرةٌ من ضحاك.. تهدي الحيارى!(1)

(1) مستدرك أعيان الشيعة : 1/7 ـ 8 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 287

(34)
إبراهيم بن محمد صالح الخالصي
النصف الأخير من ق12 ـ 1246هـ = النصف الأخير من ق18 ـ 1830م .

هو الشيخ إبراهيم بن محمد صالح الخالصي(1) الكاظمي .
لسنا متأكدين بأن ولادته ونشأته كانتا في قرية الخالص إذ يحتمل أن تكونا في الكاظمية ، تتلمذ على السيد محسن الكاظمي(2) وغيره من أعلام الكاظمية حتى أصبح من أعلام الأمة وتخرج فقيهاً أصولياً ، له مؤلفات في الفقه والأصول وغيرهما .
ذكر الطهراني بأن آثاره قد ضاعت ، ثم يقول رأيت بعض مراثيه في آخر مقتل كبير في خزانة كتب شيخ الشريعة(3) الأصفهاني(4) .
توفي بمرض الطاعون الذي كان سارياً في تلك الأيام وذلك عام 1246هـ .
وقد حاولنا جهد الإمكان الحصول على ترجمته من المهتمين بأعلام ورجال الكاظمية ، فضلاً عن كتب التراجم ، ولم نجد مرادنا .

(1) الخالصي : ليس له ارتباط بعائلة الخالصي والذي اشتهر منهم الشيخ محمد مهدي الخالصي المتوفى عام 1343هـ والذي كان من زعماء ثورة العشرين .
(2) الكاظمي : هو السيد محسن بن حسن الحسيني الأعرجي (1130 ـ 1227هـ) من علماء الامامية له كتاب المحصول في شرح وافية الأصول ، المهذب الصافي ، المعتصم .
(3) شيخ الشريعة : هو الشيخ فتح الله بن محمد النمازي الشيرازي الملقب شريعة مدار ، ولد في مدينة أصفهان سنة 1266هـ ، من علماء الامامية ومراجعها تتلمذ على السيد حيدر الأصفهاني ، وعلى الشيخ أحمد السبزواري وغيرهما ، توفي سنة 1339هـ في النجف الأشرف ، من مؤلفاته : انارة الحالك ، ابانة المختار ، قاعدة الطهارة .
(4) الكرام البررة : 1/18 ، معجم المؤلفين : 1/97 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 288

(35)
إبراهيم بن محمد العطار
قبل 1160 ـ 1230هـ = 1444 ـ 1514م

هو السيد إبراهيم بن محمد بن علي بن سيف الدين بن رضاء الدين ابن سيف الدين(1) الحسني(2) البغدادي .
ولد في بغداد قبل عام 1160هـ ونشأ على والده نشأة ثقافية حيث كان من أعلام الإمامية إلى أن توفي عام 1171هـ(3) ، وأخذ مبادئ العربية والإسلامية بها على فضلائها ثم التحق بجامعة النجف وحضر حلقة درس السيد مهدي بحر العلوم(4) ، وهناك اتصل بعدد من الشعراء كالشيخ جعفر كاشف الغطاء والشيخ محمد رضا النحوي(5) ، والسيد محمد الزيني(6) ،

(1) سيف الدين : هو ابن رميثة بن رضاء الدين بن محمد علي بن عطيفة بن رضاء الدين ابن علاء الدين بن مرتضى بن محمد بن حميضة بن محمد نجم الدين الشريف من أمراء مكة .
(2) ينتمي من جهة الأب إلى الإمام الحسن عليه السلام ومن جهة الأم إلى الإمام الحسين عليه السلام .
(3) وفي الكواكب المنتشرة : 6/684 أنه مات عام 1170هـ وهو من علماء بغداد .
(4) بحر العلوم : هو ابن مرتضى بن محمد الحسيني الطباطبائي من ذرية الحسن المثنى ، ولد في كربلاء سنة 1155هـ ، من مشاهير الإمامية وأعلامها ، تتلمذ على والده والشيخ يوسف البحراني والوحيد البهبهاني ، ومن مصنفاته المصابيح في الفقه ، توفي في النجف سنة 1212هـ .
(5) النحوي : هو ابن أحمد بن حسن بن علي الخواجه الحلي ، وهو من أدباء النجف وأعلامها ، جُمع شعره إلى جانب شعر والده وأخيه الهادي في ديوان ، مات في النجف سنة 1226هـ .
(6) الزيني : هو ابن أحمد زين الدين ويرجع نسبه إلى الإمام الحسن المجتبى ، ولد في
=
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 289

والسيد صادق الفحام(1) ، والشيخ محمد الجامعي(2) ، واحتل مكانة في صفوفهم(3) .
وصفه السماوي بقوله : «كان فاضلاً فقيهاً مشاركاً وتقياً زاهداً ناسكاً وله شعر ينم عن أدب ومعرفة باللغة»(4) .
والمترجم هو والد السيد حيدر(5) الذي ينتسب إليه السادة الحيدريون في الكاظمية وبغداد وهم معروفون بالفضل والعلم والأدب .
وقال عنه النقدي(6) : «كان من ذوي الفضيلة والكمال أديباً جيد الشعر حي الشعور له مطارحات كثيرة مع أهل عصره ، وشعره الغالب عليه الحسن والرقة»(7) .
وقال عنه شبر(8) : «شاعر مجيد معروف ، تجول في مختلف أغراض

= النجف سنة 1148هـ وهو من أدبائها وأعيانها ، برع في نقل الشعر الفارسي إلى العربية ، له ديوان شعر ، توفي سنة 1216هـ .
(1) الفحّام : هو ابن علي وقيل محمد علي بن الحسين بن هاشم الحسيني الأعرجي ولد في الحلة سنة 1124هـ ، وكان من مشاهير الأدباء في النجف ، مات فيها سنة 1205هـ .
(2) الجامعي : هو محمد بن يوسف بن جعفر بن علي المتوفى عام 1219هـ ، كان عالماً وشاعراً وأديباً ، تولى القضاء ، له مؤلفات منها : النفحة المحمدية في شرح اللمعة الدمشقية .
(3) أدب الطف : 6/189 .
(4) الطليعة من شعراء الشيعة كما في الأعيان : 2/213 ، وشعراء بغداد : 1/99 .
(5) حيدر : هو ابن إبراهيم المترجم له ولد سنة 1205هـ ، له مصنفات عديدة منها (العقائد الحيدرية في الحكمة النبوية) ، وكان شاعراً ، توفي سنة 1265هـ ، ودفن في الكاظمية .
(6) النقدي : هو الشيخ جعفر بن محمد بن عبد الله الربعي النوازي ، ولد في مدينة العمارة العراقية سنة 1303هـ ، وهو من علماء الإمامية وأدبائها ، من مؤلفاته (زينب الكبرى) ، مات في الكاظمية سنة 1370هـ ، ودفن في النجف .
(7) الروض النضير : 346 ، كما في ادب الطف : 6/190 ، وشعراء بغداد : 1/99 .
(8) شبر : هو السيد جواد بن علي بن محمد ، ولد في مدينة النجف سنة 1332هـ ، وكان من خطباء النجف وشعرائها ، من مصنفاته (أدب الطف) في عشرة أجزاء .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 290

الشعر وأصاب منها الحظ الأوفر ، وشعره يوقفك على علاقاته مع العلماء والأسر ، ويطلعك على كثير من الصور التي قد لا تجدها عند غيره»(1) .
وقال عنه الخاقاني : «شاعر مجيد معروف ، تجول في مختلف أغراض الشعر ، وأصاب منها الحظ الأوفر»(2) .
هذا وقد كونت قصائده في المناسبات ومطارحات مع الشعراء ديوان شعر يحتوي على أربعة آلاف بيت تقريباً موجودة في مكتبة السيد هادي(3) الحيدري(4) جمعه نجله السيد حيدر المار الذكر ، وله ابن آخر عرف بالسيد باقر(5) العطار .
والمترجم له كف بصره في أواخر عمره وأثرت على حياته النفسية مما دعاه أن يظهر شكواه ويلتجأ إلى أئمة أهل البيت عليهم السلام ويخاطبهم بهذه القصيدة ـ من الوافر ـ التي يقول في أولها :
أيبـريني السقام وحسن ظني ببرئي فيكم لا بل يقيني
وأخشى أن أضام وفي يقيني وعلمي أن حبكـم يقيني

ويظهر عجز الأطباء عن ذلك وهو لا زال يأمل البرء عبر الأئمة الهداة عليهم السلام :
على م صددتم عنّي وأنتم على الإحسان قد عودتموني
لقد عجزت أطبائي ومالي سـواكـم منقذ فاستنقذوني

إلى أن يقول :
أبيت وللأسى نار قـلبي فهل من قائل يا نار كوني(6)

(1) أدب الطف : 6/191 .
(2) شعراء بغداد : 1/100 .
(3) هادي : ابن مهدي بن أحمد بن حيدر بن إبراهيم بن محمد العطار الحسني .
(4) شعراء بغداد : 1/100 ، مجلة الغري النجفية ، السنة : 9/الصفحة : 541 .
(5) باقر : هو ابن المترجم له ، كان أديباً وشاعراً توفي سنة 1235هـ ودفن في النجف الأشرف .
(6) استعارة قرآنية من قصة إبراهيم عليه السلام مع نار نمرود ، قال تعالى : «قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم» [الأنبياء : 69] .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 291

متى يجلـى قـذى عيني وتحظى عقيب الفـحـص بالفتـح المبين
فـدونكـم بني الزهـراء نـظماً يفـوق قـلائـد الــدر الـثمين
أروم بـه جلاء العـيـن منكـم بـعيـن عنـايـة الله الـمعـين
عليكـم أشرف الصلـوات ما أن شدت ورق علـى ورق الـغصون
ومـا سارت مهـجّنـة إليـكـم وسار بذكركـم حادي الظعـون(1)

وله قصائد حسينية أودعناها في محلها .
وله قصيدتان يرثي بهما السيد مرتضى الطباطبائي الحائري(2) المتوفى عام 1204هـ والد السيد مهدي بحرالعلوم الطباطبائي يذكر فيهما جواره للإمام الحسين عليه السلام فأما الدالية ـ من الكامل ـ والتي مطلعها :
أرأيت هذا اليوم ما صنع الردى بدعائم التقوى وأعلام الهدى

إلى أن يقول :
ما سار عن دار الفناء مسارعاً إلا ليغتنـم النعيــم السرمـدا
ومن اغتدى جار الشهيد بكربلا أضحى بجنات النعيـم مخلـدا
ليقر عيناً حيـث حـل ببقعـة أمسى ثراها للنواظر(3) إثمدا(4)

ويقول في الرائية ـ من المتقارب ـ والتي مطلعها :
مصاب أذال الدموع الغزارا وأجج بين الحشى منه نارا

إلى أن يقول :
وهل يخشى أن يضام امرؤ بحامي الحمى والنزيل استجارا
ومن قد أناخ برحل الحسين يُنوِّءُ في الخـلد مثوى ودارا(5)

(1) أدب الطف : 6/189 ، شعراء بغداد : 1/99 .
(2) الحائري : هو ابن محمد من ذرية الحسن المثنى كان من أعلام الإمامية وفضلائها ، له مجلد في شرح بعض مباحث صلاة الكفاية ، دفن عند مزار الشهداء بكربلاء .
(3) الإثمد : حجر يكتحل به يعرفه علماء الكيمياء باسم «انيموان» .
(4) أعيان الشيعة : 2/215 .
(5) أعيان الشيعة : 2/214 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 292

وله قصيدة قرظ وأرخ بها تخميس(1) الشيخ محمد رضا النحوي لبردة(2) البوصيري(3) ـ من الطويل ـ أولها :
فرائد در ليس تحصـى عجائبـه وقد بهرت منـا العـقول غرائبـه
وآيات نظم يهتدي المهتـدي بهـا كما يهتدي بالنجم في الليل ساربه(4)
ويهتز مـن إنشادها كـل ساطـع سروراً كما يهتـز للخـمر شاربـه
ندى كل قطر من شذا طيب نشرها مـعطـرة أرجـاؤه وجـوانـبـه
عـرائـس أفكـار بـرزن مُرِقَّةً عـلـيهن أثـواب الـبها وجـلاببه

ويقول في تأريخها وهي مسك ختامها :
ولله تـخميس بـه نلـت رتـبة كما نالها بالأصل من قبل صاحبه
تحلّى بـه جـيد الزمان فأرخوا فرائد درّ ليس تحصى عجائـبه(5)

ويظهر من قصيدته هذه أنه كان في عام 1174هـ في النجف أولاً وكان ينظم الشعر ، كما يتبين أنه بمجرد وفاة والده عام 1171هـ هاجر إلى النجف والتقى بمثل الشيخ النحوي ، ولكن المذكور أن النحوي فرغ من نظمها في 24/رجب/1201هـ(6) وهو لا يناسب هذا التاريخ .
ومن شعره في التأريخ هذا البيت من قصيدة ِـ من الكامل ـ سبق ذكرها في وفاة السيد مرتضى الطباطبائي وهو :
إن رمت تاريخ الشريف المرتضى فهلم أرخ قد قضى علم الهدى

وذلك عام 1204هـ(7) .

(1) ماضي النجف وحاضرها : 3/457 .
(2) البردة من أشهر القصائد التي مدح بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسميت بالبردة ، لأنه نظمها في مدة مرض اعتراه تبركاً ، فرأى أنه أتاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغطّاه ببردته فشفي .
(3) البوصيري : هو محمد بن سعيد بن حماد الصهناجي المتوفى عام 696هـ ، وقيل 694هـ .
(4) السارب : الظاهر والجليّ .
(5) أدب الطف : 6/191 ـ 193 ، شعراء بغداد : 1/100 .
(6) ماضي النجف وحاضرها : 3/457 .
(7ِ) أعيان الشيعة : 2/215 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي