دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 306

يا حـامـل السيف الصقيل وطرفه في جفنه يفري السوابغ(1) والجنن(2)
الله فـي نفـس امرء بـك مغـرم حلف الأسى يا صاحب الوجه الحسن
جاد الحيا زمنـاً بـوصلك جاد لي يا حبـذا لو عـاد ذيـّاك(3) الزمن
أيام كـنـت عن الوشـاة بمعـزل نجلو عتيق الراح فـي كأس ودن(4)
وأقـول للسـاقـي فديتك هاتهـا وإذا سكـرت من الشـراب إلى غن
والعـود بـيـن محـرّك ومحرّق في روضـة غنّا بهـا شاد أغن(5)
أيـام نلـت بهـا المسـرَّة مثلمـا نـلـت السعادة في ولاء أبي الحسن
صمصامة(6) الدين الحنيف ودرعه رب العلى قطب النهى محي السنـن
ربَّ السمـاحـة والرجـاحة والـ ـفصـاحة والـوصـي المؤتمـن
صنو النبـي المصطفـى ووزيـره وشهـابه في الحـادثـات إذا دجن
أسـداً إذا اقتحـم الجـلاد مشمـراً عن ساعديه ترى الأسود تروغ عن
هو قـالع الباب القموص(7) بساعد لو رام إمسـاك النجـوم له هـون
هو فلك نوح(8) والـذي لـولاه لا صبـح أضـاء ولا دجى ليل دجن
هو عيبة العلم الذي من بعضه الـ ـعلم المحيط بما استبـان وما بطن
يا واحد الدنـيـا وبيت قصيدها(9) ومفيـد أربـاب الـذكـاءة والفطن

(1) السوابغ : مفردها سابغة : الدرع الواسعة الكبيرة .
(2) الجنن : مفردها جُنّة : الدرع والترس .
(3) ذيّاك : تصغير ذاك .
(4) الدن : إناء الخمر ، وهو راقود عظيم لا يقعد إلا أن يحفر له .
(5) الأغن : ذو الغنة ، وهي إخراج الصوت من الخياشيم .
(6) الصمصامة : السيف لا ينثني .
(7) القموص : من القمص وهو الدرع ، والشاعر يشير إلى باب قلعة خيبر الذي اقتلعه الإمام علي عليه السلام بساعده ، وكان عظيماً لا يفتحه إلا عدد كبير من الرجال .
(8) أخذ أبو ذر الغفاري يوماً بباب الكعبة وقال : أيها الناس من عرفني فأنا من عرفتم ومن أنكرني فأنا أبو ذر ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق) فضائل الخمسة من الصحاح الستة للفيروز آبادي عن مستدرك الصحيحين : 2/343 ، كنز العمال : 6/216 ، مجمع الزوائد : 9/168 وغيرها .
(9) بيت القصيد : أحسن بيت في القصيدة .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 307

أصبحـت في العلـيـاء غير مزاحم علـماً تقـاد لك المعالي بـالرسن(1)
لو كان معبودي سوى رب السـمـا لعبـدت ذاتك حـال سـرّي والعلن
أنت الـذي من فـوق منكـب أحمد بـالرجل دست غداةَ نكّـسـت الوثن
شيّـدت ديـن الحـق منـك بصارم خـرَّت له شم الأنـوف على الذقـن
وبضعت عرق الشرك منك بمبضع(2) أجرى النجيع(3) ونبضه المؤذي سكن
ونسفت طود(4) الغـي بعـد شبـابه حتـى عفـى وكسـرت ألوية الفتـن
من مثل حيـدرة الكمـي إذا سطـا كـل لسلطـوة بـأسـه يتـسـتـرن
قـل للـذي جحد الـوصـي ولاءه كن كيف شئت فشـأن صفقتـك الغبن
أجهلـت رتبـة حيـدر من أحمـد قل لي وحقـك هل أتى(5) نزلت بمن
قسمـاً بمعبـود له فـرض الـولا عـن حـبـه يـوم المعـاد لتسألن(6)
هذا الذي شمل الـورى من فضلـه جـود ومعـروف وألـطـاف ومـن
ومـواهـب علقـت بأعناق الورى منـا فـلا كعـب(7) يقال ولا معن(8)

(1) الرسن : الحبل يشدّ به الدابة .
(2) بضعت : قطعت .
(3) النجيع : الدم .
(4) الطود : الجبل .
(5) أراد سورة هل أتى ، ففي فضائل الخمسة من الصحاح الستة 1/303 عن نور الأبصار للشبلنجي : 102 في خبر طويل أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لمّا علم بجوع أهل البيت عليهم السلام ذهب إلى فاطمة عليها السلام وضمها إليه وقال : واغوثاه ، فهبط جبرئيل عليه السلام وقال : يا محمد خذ ضيافة أهل بيتك ، قال : وما آخذ يا جبريل ؟ قال : «ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً ـ إلى قوله ـ وكان سعيكم مشكوراً» .
(6) في حلية الاولياء : 1/63 للاصبهاني في خبر طويل ان رسول الله صلى اله عليه واله وسلم بعث على الانصار فاتوه فقال لهم : يا معشر الانصار الا ادلكم على ما ان تمسكتم به لن تضلو بعده ابدا ؟ قالو : بلى يا رسول الله قال : « هذا علي فاحبوه بحبي ، واكرموه بكرامتي ، فان جبريل امرني بالذي قلت لكم عن الله عز وجلّ» .
(7) كعب : هو ابن مامة بن ثعلبة الايادي ، كريم من اجواد الجاهليهة يضرب به المثل في الكرم واليثار .
(8) معن : هوابن زائدة الشيباني ، من اشهر اجواد العرب الشجعان الفصحاء ادرك العصرين الاموي والعباسي ، تولى ولاية سجستان وقتل بها عام 258 هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 308

قل للـذي نظم المـديـح لغيـره متمثـلاً بـالصيـف ضيعت اللبن(1)
يا والد السبطيـن دعوة مـوجـع صـبٍّ عليـه تـراكمـت ظلم المحن
لي من ودادي فيك يا كهف الورى شغـف ينـازعنـي أكـاد لـه اجـن
ورسيس(2) شوق لو تقسّم بعضه مـلأ البسيطة مـن دمشـق إلى عدن
جـاورت قـدسـك لائذاً متنصلا والحـرُّ يحمـي جـاره أن يمتـحـن
مـالـي غداة الحشر غيرك شافع إن لم تكن أنت الشفيع فـمـن ومن(3)
ورجاي منك الفوز في يوم الجزا مـع والـديَّ ولـيـس ما أرجوه ظن
وإليـك إبـراهيم(4) زفَّ خريدة عـذبـت كـأن مذاقها في الذوق من
وعليك صلى(5) الله يا علم الهدى ما غرَّدت ورق الحمام على(6) فنن(7)

ولا يخفى أن القصيدة الميمية التي في الإمام الحسين عليه السلام نسبها محبوبة(8) إلى الشيخ إبراهيم قفطان(9) وقال : وفي رياض المدح والرثاء

(1) قوله : «في الصيف ضيعت اللبن» مثل يضرب لمن يطلب شيئاً قد فوّته على نفسه ، ويقال إن دختنوس بنت لقيط كانت امرأة لعمرو بن عُدس وكان شيخاً فأبغضته فطلقها وتزوجها فتىً جميل الوجه وأجدبت السنة فبعثت إلى عمرو تطلب منه حلوبة فقال : «في الصيف ضيعت اللبن» فجرى مجرى المثل .
(2) الرسيس : الثابت .
(3) في تاريخ بغداد : 12/358 ، عن أم سلمة : قالت : كانت ليلتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأتته فاطمة ومعها علي ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «أنت وأصحابك في الجنة ، أنت وشيعتك في الجنة...» .
(4) إبراهيم : يريد الشاعر نفسه .
(5) في فضائل الخمسة : 1/268 عن الصواعق المحرقة : 87 قال : ويروى لا تصلوا عليَّ الصلاة البتراء ، فقالوا : وما الصلاة البتراء قال : تقولون : اللهم صل على محمد وتمسكون بل قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد .
(6) الفنن : الغصن .
(7) شعراء الغري : 1/126 ، رياض المدح والرثاء : 332 .
(8) محبوبة : هو جعفر بن باقر بن جواد ، ولد في حدود سنة 1314هـ قرأ على يد الشيخ راضي العبودي الجهلاوي والسيد أبو القاسم الخوئي والشيخ ضياء الدين العراقي والشيخ النائيني توفي سنة 1377هـ ودفن في النجف .
(9) إبراهيم : هو ابن حسن بن علي نجم الدين السعدي المتوفى عام 1279هـ مضت ترجمته .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 309

نسبها إلى الشيخ إبراهيم آل نشرة البحراني المجاور بالغري وهو اشتباه(1) .
هذا وقد طلبنا من بعض الأخوان(2) المزيد من قصائده فوافانا بأربعة قصائد في مدح الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وعزي مصدرها إلى مجموع قديم في الإحساء يوجد عند بعض أبنائها وله جزيل الشكر والامتنان ، أولى القصائد ـ من الكامل ـ : جاء أولها :
طيـف ألمّ لحلـوةٍ عنـد السحرْ فقضى به المشتاق وهنا من وطرْ
وأتـى بأثواب الظـلام مسربلاً يمشي مـن الرقبا هناك على حذرْ
وجلى لنا كأساً واسـفـر وجهه فـرأيت شمساً تجتلي عند السَّحرْ
طيف لبـاهرة الكمـال غريرةٍ ذلّ المحـب لها وبـاح بما سترْ
هيفـاء ناعمة الثـيـاب قوامها غـصـن ولكن ما يفيق من السكر
جـاد الأقـاح لها بثغـرٍ أشنب والـروض جاد لوجنتيهـا بالزهر
ليل على شمس على غصن على دعص(3) يباكره الرذاذ من المطرْ
فـرع كمسـودِّ الظـلام وتحته وجه كمبيـض الصبـاح إذا ظهرْ
غرّاء واضحة الجبيـن خريـدةٌ كـالماء جسمـاً ضمَّ قلباً كالحجرْ
نـادمتُهـا واللـيـل رطبٌ ذيلُه والدهر صافي الحال خالٍ من كدرْ
فجبينـهـا مصبـاحنا ورضابها صهبـاؤنـا وغنـاؤها نعمَ الوترْ
في روضة حاكت بها أيدي الحيا أبـراد أزهـار هنـالك تنتـشـرْ
مـن ابيض يققٍ(4) واصفر فاقعٍ أو احمر قـانٍ واخضـر في الأثرْ
مـا زال يبسـم ثغره متضاحكاً لما رأى دمـع الغمـام قد انهمـرْ
والمـاء فـي جنبـاتهـا أسيافه تستـل لامـعـة هنـاك وتشتهـر
والطـلُّ راسـل قطـره فتقلدت بعقـودهـا أجيـاد أغصان الشجر
وعلـى فـروع البان كلُّ مطوّقٍ طـربـاً يغرد ساجعاً عنـد السحرْ

(1) ماضي النجف وحاضرها : 3/99 .
(2) لقد طلبنا من بعض الأصدقاء فأرسل إلينا ترجمته فكان فيها هذه القصائد الأربع والتي كانت جديدة علينا ، وجاء عليها أن التنقيب هو من عمل حبيب آل جميع .
(3) الدعص : الأرض السهلة ، الرمح ، كثيب الرمح المجتمع .
(4) اليقق : بكسر القاف الأولى شديد البياض ناصعه .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 310

وإذا النسـيـم سرى عليلاً خِلته عند العتـاب لنا بـداخلـه غِيَرْ
عتبٌ أرق مـن الشمول شمائلاً فيكـاد يذهب بالخواطر إن خطرْ
لم أدر من خمر الهوى أم عتبها أم ريقها المعسول خامرني السُّكرْ
لله حكـم غرامهـا كم عـاشقٍ أراده مقتـولاً وكـم صـبٍّ أسرْ

إلى أن يقول :
لك يـا عليّ مراتب لا ترتقى هضباتها ومنـاقب لا تنحصر
يا بدر أفق الحق نورك ساطع يجلى بـه ليل الظلام إذا اعتكر
يا سيف دين الله حدك قاطـع ساط على الأعداء ماضٍ كالقَدَر

ويقول في قصيدة أخرى أيضاً ـ من الكامل ـ :
وقل السلام عليك خير مـن احتفى وأجـل من لبـس الـزمـان نعالا
وأعز من لبّى وطـاف وخير مَن يومـاً مشـى ومن امتطى الأجمالا
فهو الأمـانة والأمـيـن ومن غدا خيـر البـريـة في الزمان خصالا
وهـو الـذي اتخذ النبـيّ لنفسـه وبفضلـه نطـق الكـتـاب وقـالا
فاسأل به الأحزاب(1) والأحقاف(2) والفرقان(3) والأعراف(4) والأنفالا(5)
وهو المـؤمّـَرُ يوم خم في الورى وبـذا لأطـراف العـلـى قد نـالا

(1) إشارة إلى الآيات التي نزلت في الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في سورة الأحزاب ، وقد عدّها السيد صادق الشيرازي في (علي في القرآن) : 2/141 ـ 176 ، خمس عشرة آية وهي (6 ـ 9 ـ 23 ـ 25 ـ 33 ـ 40 ـ 43 ـ 49 ـ 53 ـ 56 ـ 57 ـ 58 ـ 59 ـ 70 ـ 72) .
(2) إشارة إلى سورة الأحقاف وعدّها الشيرازي : 2/265 ـ 269 ، اثنين (12 ـ 29) .
(3) إشارة إلى سورة الفرقان وعدّها الشيرازي : 2/74 ـ 82 ، سبع آيات (25 ـ 27 ـ 28 ـ 29 ـ 50 ـ 54 ـ 74) .
(4) إشارة إلى سورة الأعراف ، وعدّها الشيرازي : 1/206 ـ 221 ، اثنى عشرة آية (16 ـ 42 ـ 43 ـ 44 ـ 46 ـ 48 ـ 54 ـ 160 ـ 161 ـ 172 ـ 178 ـ 181) .
(5) إشارة إلى سورة الأنفال ، وعدها الشيرازي : 1/222 ـ 225 ، سبعة عشر آية (8 ـ 15 ـ 17 ـ 20 ـ 24 ـ 25 ـ 27 ـ 29 ـ 30 ـ 32 ـ 33 ـ 34 ـ 41 ـ 45 ـ 62 ـ 64 ـ 75) .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 311

إلى أن يقول :
وإليـك بكراً لو تجلت للدجى لجـلاه صبح جبينهـا وأجالا
راقت ورقت كالنسيم شمائلا شملت معاني حسنها إكـمـالا
يرجو بها إبراهيم عندك زلفة ذاك الذي بك لا يخـاف نكالا
فـاشفـع له ولوالديه غداً إذا حشـر الأنـام وزلزلوا زلزالا
فلقد وقفت على هداك قرائحا ورفضت في مدحي لك الغزّالا

ويقول في قصيدة أخرى ـ من الكامل ـ مطلعها :
سفر الصباح نقابه فتبلّجا وانجاب عنه رواق متورم الدجى

إلى أن يقول :
عج بالغري(1) مصلياً ومسلماً ومنـاديـاً ومنـاجيـاً ومعرّجـا
والثم ثـرى أكناف تربة حيدرٍ لتنـال ما أمّلـت فيـه مع الرجا
أكناف مشكور الوقـائع أروعِ حامي الحقائق مصقعاً أوفى الحجا
أكناف أطـهـر لا يزال ترابه عطـر الشذا متضـوعـاً متأرّجا
أكنـاف أنـزع لا يضام نزيله يـوماً ولم يفزع لخطب إن فجا(2)

إلى أن يختمها بقوله :
وإليـك بكراً لـو تجلت للـدجـى لجـلاه صبـح جبينها متبلجا
جـاءت تخطر في فضـول ردائها حسناً وناعمة الشباب خدلجا(3)
كم يا أمير المؤمنين لعبدك المشغوف إبـراهيـم عنـدك مـن رجا
فـاشفـع لـه وأبيه عبدك ناصر(4) إذ فيك محض وداده لن يمزجا

(1) الغري : من أسماء مدينة النجف والعراق وفيها مرقد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام .
(2) فجا : فجيت الناقة فجاً عظم بطنها ، والفجا : المتسع بين الشيئين .
(3) الخدلَّجة : المرأة الريّاء ، الممتلئة الذراعين والساقين .
(4) ناصر : يفهم من كلامه أن أباه كان يسمى بناصر والله العالم ، أو ان القصيدة لإبراهيم بن ناصر فهو إذاً غيره ، أو أن ناصر إشارة إلى نصرة أبيه لأهل البيت عليهم السلام .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 312

وفي الرابعة يقول ـ من مجزوء الكامل ـ :
ورق الأراكة غرّدتْ حين الغصون تأوّدتْ
والطـلُّ قلـّد قطره أجيـادهـا فتقلـدتْ
والدوح جعدت الصَّبا أوراقـه فتجـعـدتْ
والروض يبسم ثغره فتفضضت وتعسجدتْ

إلى أن يقول :
هيفـاء تـهـزأ بالقنا أعطـافها إن أوّدتْ
بيضاء قد صبغ الحيا وجنـاتهـا فتوردتْ
حسناء بالحسن البديـ ـع وبالجمال تفرّدتْ
قاسمتها شرخ(1) الشبا ب به عهـوداً أكّدتْ
لم أنسهـا يوم الكثيـ ـب وقبلة قد أسعدتْ
ان أحرقتْ قلبي أسىً فبـريقهـا قد برّدتْ
لعـذولتـي في حبِّها لم أصغ مهما فَنّدَتْ(2)

(1) الشرخ : أول الشباب وريعانه .
(2) مجموعة قديمة في الإحساء .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 313

(38)
إبراهيم بن محمد الوائلي
1332 ـ 1408هـ = 1914 ـ 1988م

هو الشاعر إبراهيم بن محمد بن حرج الوائلي وعرف بآل حرج(1) أو حرج الوائلي .
ولدعام 1332هـ في البصرة ونشأ عند أخواله من بني حطيط(2) ، وتعلم مبادئ العربية والإسلامية بها ثم صاحب والده(3) إلى النجف ودرس عنده الكثير من العلوم العربية ، وارعاه والده ونمّى فيه قدراته حتى نظم الشعر وهو ابن عشرين عاماً ، ونشر بعض شعره في الصحف فاشتهر في الأوساط الأدبية ، واشتغل بالتعليم في المدارس الأهلية ببغداد عام 1359هـ ، وفي عام 1364هـ التحق بكلية دار العلوم بجامعة فؤاد الأول في القاهرة وتخرج منها عام 1368هـ ، ثم تخرج من قسم الدراسات العليا في الآداب ، ولم ينقطع عن قرض الشعر أيام دراسته بالقاهرة بل نظم هناك ما يزيد على الألف بيت(4) ، وبعدما رجع إلى

(1) آل حرج : ينتسبون إلى قبائل غزة من بكر بن وائل يقطن الكثير منهم في الغرّاف جنوب العراق وقد نزح جدهم الأعلى خرج من الغرّاف إلى النجف في النصف الأول من القرن 12هـ .
(2) بني حطيط : عشيرة عراقية تعد من حجام ، إحدى عشائر بني مالك بالعراق وأكثرهم يسكنون في منطقة الحمّار التابعة لناحية الجبايش وأراضيها معروفة باسمها (أراضي بني حطيط) وفي العمارة والبصرة في ناحية المهارشة والعشار وغيرها .
(3) والده : هو الشيخ محمد بن حرج يصل نسبه إلى قبائل غزة من بكر بن وائل ، وكان من فضلاء النجف وهو معروف بالنخوة والشجاعة .
(4) شعراء الغري : 1/152 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 314

بغداد عمل كأستاذ مساعد في كلية الآداب ببغداد ، وكان يقوم بتدريس النحو(1) توفي في 25 رمضان(2) عام 1408هـ شارك بنظمه في المناسبات الاجتماعية والدينية(3) .
ومن شعره قصيدة نظمها في القاهرة عام 1368هـ وهو يحن بها إلى وطنه وهي بعنوان «بغداد» يقول في أولها ـ من الكامل ـ :
بغداد إن طال الفراق وشفّني ظـمـأ فحسـب تعلتي ذكراك
أنا إن بعدت فلي خيال هائم عبر الفضاء يطوف في مغناك
وجوانح لم تحو في أعماقها ما يستجيـب لـه الهـوى إلاّك
روح تهيم على شواطئ دجلة وتحوم فوق جمـالها الضحـاك
وتعود يحملها الجوى خفاقة لتصيـخ منـي للنشيـد الباكي

إلى أن يقول :
بغـداد يا طيف المهـوّم إن دجـا ليل ويا ألف الشعور الذاكي
كم في صباحك قد بعثت خواطري شعراً ورحت أبثه لمسـاك
وكم احتـوتني والليـالـي سمحة لحظات صفو لم ترق لولاك

ثم يقول في أواخرها :
بغداد والألم الـدفـيـن يهزني فإذا شكوت فلست أول شاكي
لـي مثل ما للشـاعرين تعتب لو تستجيب لعـاتب أذنـاك
أتبيـت دنيـاك الضحوك مدلةٌ وعلـى مـآسيها تبيت قراك
فتذكري الريف الحزين ومن به والقـاطنيـن صوامع النساك
الحاصدين مـن السهول رمالها والنائمين على الطوى الفتاك
والـلابسين مـن الشتاء عراءه في حين طاب لسامر مشتاك
والزارعين ودون ما جهدوا وذا رصـد يبث لهم من الأشراك
ريـف لو ادركـت حياتك أنها ضيـف عليه لساءها مجراك

(1) هامش فلسطين في الشعر النجفي المعاصر : 147 .
(2) الموافق (15/نيسان/1988م) .
(3) هكذا عرفتهم : 1/15 و2/71 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 315

يشقى ليحرس منك ليلاً باسماً ويعيش في غـلس(1) لكي يرعاك
بغداد هذا اللحن نجوى شاعر ما هتاجه في الـذكريات سـواك
أنات قلـب إن أثارك شجوها أو لـم يثـرك فإنـها ذكـراك(2)

وله في المنتدى الأدبي الذي كان يقام أيام الأربعاء في النجف وهي من قصيدة في رثاء السيد مير علي أبو الطبيخ(3) ـ من الخفيف ـ :
منتدى العلم فـي الغـريين أخفى الموت رمز الفخار من أعضائه
شاعر مرهف الأحاسيس ليس الـ ـبعض من نده ومـن أكفائـه
حدث الناس عـن سواه فصـولاً وحديث الزمان عن أربعائـه(4)

ومن نظمه وهو في القاهرة عام 1369هـ موشحة عن فلسطين واحتلال اليهود لها وممارستها اللاإنسانية وهي بعنوان : «نهاية الملحمة» حيث يذكّر الشعوب بنهاية مصير أرض فلسطين وقد ألقاها في احتفال أقيم لذكرى شهداء فلسطين في نادي المحامين بالقاهرة وقال في أولها ـ من الرمل ـ :
يا شعوباً نسيت أمجادها واحتواها عالم الوهم الذميم
اسألي القبة من ذا شادها فأضاءت حلك الليل البهيم
إلى أن يقول :
علمتني الحقد والحقـد مشين أمم تسعى لتهويد العـرب
فتنفست عن الحقـد الـدفين ثورة تزكو بأنفاس اللهب
وسأبقى ثائراً في كـل حين كلما أبصرت عباد الذهب
والعصابات بوادي أورشليم(5) تتغـنى بأناشيـد الظفـر

(1) الغَلس : ظلمة آخر الليل .
(2) شعراء الغري : 1/167 ـ 169 .
(3) أبو الطبيخ : هو ابن عباس بن راضي الموسوي ، ولد في النجف عام 1308هـ ، درس على أخواله من آل الشيخ راضي ، وهو من شعراء النجف وأدبائها ، له ديوان شعر باسم (الأنواء) مات ودفن في النجف سنة 1361هـ .
(4) هكذا عرفتهم : 1/15 .
(5) أورشليم : الاسم العبري لمدينة القدس المحتلة .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 316

وحواليها من الغرب الأثيم بشَر ينكـر تأريخ البشر

* * *

ثم يقول :
يا شعـوباً سجلـت خذلانهـا وتناست ثورة الأمس القـريب
قد أطاعـت في الدجى ربّانها وهـو بين الموج يطفو ويغيب
أيّ صبـح فتحـت أجفانهـا بنت إسرائـيل في تل أبيب(1)
وأفقـنــا فـإذا بالحائـرين في صحاري البيد في دنيا القفار
إيه يا من سيروا هـذا السفين أنتـم أولـى بأمـواج الـبحار

* * *

روعـت حيفا(2) بأشتات الطغام(3) فانحنى يبكي عليها الكرمل(4)
وانطوت يافا(5) على الداء الجسام فشكا القدس وناح المجدل(6)
وعـلى الرمـلة(7) واللد(8) السلام يا شعـوباً خاب فيها الأمـل
لا وربـي ما لـها تـيك الشعوب أي ذنـب لا ولا ثـم عتاب
أنـمـا يعـرف أسـرار الذنـوب مازج العلقم بالشهد المـذاب

* * *


(1) تل أبيب : مدينة حديثة ومرفأ قرب يافا في فلسطين المحتلة ، اتخذها اليهود عاصمة لكيانهم .
(2) حيفا : من مدن فلسطين تقع على ساحل بحر الشام أو البحر الأبيض .
(3) الطغام : والواحدة طغامة ، أوغاد الناس للواحد والجمع ، والعامة تقول أوباش ، والطغامة : الأحمق .
(4) الكرمل : بكسر الكاف وسكون الراء وكسر الميم ، قرية في آخر حدود الخليل من ناحية فلسطين .
(5) يافا : مدينة على ساحل البحر الأبيض بين قيسارية وعكّا من اعمال فلسطين .
(6) المجدل : مجدل جاد أو مجدل عسقلان ، بلدة جنوبي القدس هجرها أهلها بعد الاحتلال الإسرائيلي .
(7) الرملة : من مدن فلسطين ، قام سليمان بن عبد الملك بتمصيرها .
(8) اللّد : قرية قرب بيت المقدس من نواحي فلسطين ، يقال أن ببابها يُدرك عيسى ابن مريم الدجّال فيقتله .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 317

ألف وعد لم يف الخصم به ولبلفور(1) بـوعد قـد وفى
فـتغاضينـا ولـم ننتبـه لشباك نصبت طـي الخفـا
يا بلاداً لم نـجد من مشبه لك في ظل ركاب الحلفا !!!
أنت آمنت بمن لـم يؤمنوا بسوى الدّس وفـرق تسـد(2)
فـإذا دنيـاك لـيل أدكـن ليس للـفجر بـه من موعـد

* * *

نبعة قـد غرست في لـندن وتلقت من نـيويورك الـظلال
وسقـتهـا بـصبيب نتـن يد جنبول(3) وعاشت في الرمال
ثم ألقـت ظلها في الأردن وترامـى شوكهـا حـول القنال
وأراها في غد أو بعد غـد سـوف تـمـتد بشرّ مستطـير
وبنو قومي في صمت الأبد لا يبالون وإن سـاء الـمصير(4)

* * *

وله موشحة تحت عنوان الأندلس الثانية عن فلسطين والتي نظمها في القاهرة عقب النكبة عام 1367هـ (1948م) وهو يخاطب الجيوش العربية ويقول ـ من السريع ـ :
مواكـب النصر ودنيا الـظفر كـيف تلاشى الأملُ المنتظرْ
أيستنيـم الـشرق مستخذيـاً وفـي زواياه يـدبّ الخطرْ
بالأمس كنا نتـحدى الـورى لما زحفنا زحفـة واحـدهْ
فاصطبغتْ بالدم تلك الـذرى تشهـد أنـا أمـةٌ خالـدهْ

(1) بلفور : هو أرثر بن جيمس ، ولد سنة 1264هـ ، وهو وزير خارجية بريطانية : أعطى عام 1335هـ وعداً لليهود بإنشاء وطن قومي لهم ، مات عام 1349هـ .
(2) فرق تسد وهي سياسة اتبعتها بريطانيا في بلاد المسلمين ، وهي سياسة معاوية بن أبي سفيان .
(3) جنبول : أوجون بول ، جاء في المنجد في الأعلام : لقب سخري يُطلق على كل إنكليزي دلالة على بلادته .
(4) شعراء الغري : 1/164 ـ 166 ، فلسطين في الشعر النجفي المعاصر : 149 ، مجلة الرسالة القاهرية عام 1950م .

السابق السابق الفهرس التالي التالي