دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 343

(42)
إبراهيم بن يحيى الطيبي
1154 ـ 1214هـ = 1741 ـ 1799م

هو الشيخ إبراهيم بن يحيى(1) بن محمد بن سليمان(2) المخزومي القرشي(3) العاملي الطيبي .
ولد بطيبة(4) عام 1154هـ ونشأ بها وقرأ على علمائها وهاجر إلى شقراء ودرس بمدرستها(5) عند السيد موسى بن حيدر بن أحمد الحسيني إلى أن توفي عام 1194هـ ، ولما استولى الجزار(6) على جبل عامل بعد قتل الأمير ناصيف هرب المترجم له عام 1195هـ مع من هرب من قبضة الجزار إلى بعلبك فظل بها عشرين يوماً ثم تردد بينها وبين دمشق لفترة ، وبعدها سافر إلى العراق وتتلمذ على السيد مهدي بحر العلوم والشيخ جعفر

(1) توفي والده عام 1302هـ وكان من الأعلام الأدباء .
(2) جاء نسبه في الكرام البررة : 1/25 هكذا «إبراهيم بن يحيى بن الشيخ فياض بن عطوة المخزومي القرشي الطيبي العاملي» .
(3) كذا في علماء دمشق وأعيانها : 1/86 .
(4) طيبة : بلدة تقع في جنوب لبنان على الحدود مع فلسطين المحتلة ، تخرج منها الكثير من علماء الإمامية .
(5) كانت بشقراء مدرسة يتولى شؤونها السيد موسى بن حيدر الأمين جد السادة الأمين وكان بها يومذاك أكثر من ثلاثمائة طالب منهم السيد جواد العاملي مؤلف كتاب مفتاح الكرامة .
(6) الجزار : هو أحمد باشا ، ولد نحو منتصف القرن الثاني عشر الهجري في البوسنة ، في أول أمره التحق بمماليك مصر ، ثم تعاون مع العثمانيين ، فأوكلت إليه عدد من الولايات منها عكا وصيدا وبيروت ، لقب بالجزار لأنه كان سفاكاً ، مات في دمشق 1219هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 344

صاحب كشف الغطاء ، ثم توجه إلى مشهد الإمام الرضا عليه السلام(1) إلا أنه عاد بعدها ليهبط دمشق ويستوطنها ، وكان يتردد على بعلبك ، ومات بدمشق ودفن بمقبرة باب الصغير(2) .
يقول الأمين : لقد ضاع شعره الذي نظمه قبل هروبه من جبل عامل ولعل أقدم أشعاره بعد ذلك هو ما جاء في تأريخ قتل الأمير ناصيف على يد عسكر الجزار عام 1195هـ حيث يقول ـ من الكامل ـ :
قـتـل ابن نصار فيا لله من مولى شهيد بالدماء مضرج
وتداولتنـا بعده أيدي العدى من فاجر أو غادر أو أهوج
هي دولة عم البلاد الظلم في تـاريخهـا الله خير مفرج
وأقدم منه تأريخه حجه إلى بيت الله الحرام 1192هـ ـ من مجزوء الكامل ـ :
يا من حباني حجة تستوجب الشكر الجميلا
راجيك إبراهيم في تأريخها يبغي القبـولا
نعم لقد عثر على بعض قصائده في مدح الأمير الشيخ علي الفارس الصعبي عام 1180هـ وعام 1183هـ و1184هـ .
ولما وصل بعلبك نظم قصيدة خلال العشرين يوماً التي قضاها بها ذكر فيها المحن التي لاقاها خلال هروبه من عسكر الجزار ويتشوق إلى الأهل والأوطان ويقول في أولها ـ من الطويل ـ :
غريب يمد الطرف نحـو بلاده فيرجع بالحرمان وهـو همول
إذا ذكر الأوطان فاضت دموعه كما استبقت يوم الرهان خيول
وإن ذكر الأحبـاب حن إليهـم كما حن من بعد الفطام فصيل
هم الأهل لا برق المودة خلب(3) لديـهـم ولا ربع الوداد محيل

(1) الرضا : هو الإمام الثامن من أئمة الشيعة الإمامية علي بن موسى بن جعفر ولد سنة 148هـ ، ومات مسموماً بأرض طوس بإيران سنة 203هـ على يد المأمون العباسي .
(2) جاء في تكملة أمل الآمل : 85 «أنه وجد بخط بعض البغداديين أنه توفي عام 1220هـ» .
(3) الخُلّب : السحاب لا مطر فيه فكأنه يخدع والبرق الخُلّب الذي يكون في سحاب غير ممطر .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 345

مسـاميـح أما ما حوته أكفهم فنزر وأما جودهم فـجـزيل
فيا روضة فيحاء لي من لبابها ولا فخر فرع طيب وأصول
إلى أن يقول :
ومما شجا قلبي وأجرى مدامعي وألقى علي الهم وهـو ثقيل
نزولي وقد فارقتكم في عصابة سواء لديهم عالم وجهـول
وكيف يطيب العيش بين معاشر جوادهم بالأبيضين(1) بخيل
سواسية لا يأمن الجور جارهم ولـو أنـه للنيـرين سليل
إلى أن يذكر نزوله ببعلبك :
وأنـزلـنـي في بعلبك وقلما أقـام بها لولا القضتاء نبيل
تراب لها من بلدة لو وردتها سقتك بكأس الهم وهو قتول(2)
قال عنه حافظ وأباظة(3) : شاعر فاضل ، أديب مطبوع ، نظم فأكثر حتى اشتهر بالشعر وورث أولاده وأحفاده عنه شاعريته ، لا يخلو شعره من نكتة بديعة أو كناية لطيفة أو إشارة إلى واقعة ، اهتم بالتخميس فخمس جملة من القصائد المشهورة كالبردة(4) ، ورائية أبي فراس الحمداني(5) فـي الـفخر ، وعينية ابن زريق البغدادي(6) ، وكافية السيد

(1) الأبيضان : الكلمة تطلق تارة على اللبن والماء ، أو الخبز والماء .
(2) أعيان الشيعة : 2/248 .
(3) حافظ وأباظة : هما محمد مطيع الحافظ ونزار أباظة ، من مؤرخي سوريا المعاصرين ولهما كتاب (تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع الهجري) .
(4) إشارة إلى لامية كعب بن زهير بن أبي سلمى المازني المتوفى سنة 26هـ في مدح النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والتي يقول فيها ـ من الطويل ـ :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم إثرها لم يفد مكبول
(5) الحمداني : هو الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الربعي ، ولد سنة 320هـ ، كان فارساً وشاعراً ، اشتهر برومياته في الأسر ، له ديوان شعر ، قتل سنة 357هـ وأما رائيته التي من الطويل فمطلعها :
لعلَّ خيال العامريةِ زائرُ فيُسعَدَ مهجورٌ ويُسعَدَ هاجرُ
(6) البغدادي : هو أبو علي الحسن بن زريق الكاتب الكوفي ، كان كاتباً في ديوان الرسائل ، سكن الكرخ من بغداد ، مات في الأندلس نحو عام 420هـ ، اشتهر
=
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 346

الرضي(1) المكسورة ، وزاد عليها مخمساً وجعلها في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ورائة ابن منير(2) المعروفة بالتترية ، وقيل خمس أكثر قصائد الشريف الرضي المشهورة ، وديوان أبي فراس كله ، ونظم محبوكات عارض بها ارتقيات(3) الصفي الحلي(4) في مدح الشيخ علي بن أحمد فارس الصعبي من أمراء جبل عـامل(5) .
ومن قصائده التي يتشوق إلى طيبة وجبل عامل قصيدته التائية التي يقول فيها ـ من الكامل ـ :
مـن لي بردِّ مواسم اللـذات والعيش بين فتـى وبين فتاة
ورجـوع أيام مضين بعامل بين الجبال الشم والهضبـات
عهدي بهاتيك المعاهد والدمى فيهن مثل الحور فـي الجنات
والروض أقبح والجناب ممنع والورد صاف والزمان مواتي
والشمل مجتمع وأخوان الصفا أحـنـى مـن الآباء والأمات

= بقصيدته العينية ـ من البسيط ـ التي مدح فيها ملك الأندلس ، ومنها :
لا تعذليه فإن العذلَ يـولِعـُهُ ! قد قلتُ حقّاً ، ولكن ليس يَسمَعَهُ
جاوزْتِ في لومه حدّاً أضرَّ به من حيث قدّرتِ أنْ اللومَ يَنفعَهُ
(1) الرضي : هو أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى العلوي الحسيني ولد في بغداد 359هـ ، له ديوان شعر ، مات في بغداد سنة 406هـ ، ومطلع قصيدته الكافية المكسورة ـ من الطويل ـ وكان قد نظمها وله من العمر خمس عشرة سنة :
لقد جَثَمَتْ تعبيسَةٌ في المضاحِكِ تمُدّ بأضْباعِ الدُّموع السّوافِكِ
(2) ابن منير : هو أبو الحسين أحمد بن منير الطرابلسي ، ولد بطرابلس سنة 473هـ ، وهو من مشاهير شعراء طرابلس ، له ديوان شعر ، مات بحلب سنة 548هـ ، ومطلع قصيدته التترية ـ من مجزوء الكامل ـ :
عذبت طرفي بالسهر وأذبتَ قلبي بالفكر
(3) الأرتقيات : وهي 29 قصيدة على عدد حروف الهجاء محبوكة الطرفين حروف أوائل أبياتها كحروف رويها ، فالقصيدة الهمزية مثلاً يبدأ في كل بيت منها بالهمزة ويختم بها وهكذا إلى آخر الحروف ، وتسمى قصيدة (الروضة) أيضاً .
(4) الحلي : هو صفي الدين عبد العزيز بن سرايا بن أبي الحسن علي الطائي السُنبسي ، ولد في الحلة سنة 677هـ ، وهو من أعلام الإمامية وأدبائها ، له ديوان شعر ، مات ببغداد سنة 750هـ وقيل 752هـ .
(5) علماء دمشق وأعيانها : 1/87 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 347

إذ لا ترى إلا كريما كفه والوجه عين حيا وعين حياة
إلى أن يتألم ويأمل أن يرى تلك الديار ويقول :
لهفـي عـلـى تلك الديار وأهلهـا لـو كـان تنفـع غلتـي لهفاتي
يا ليت شعري هل أرى ذاك الحمى حـال مـن الفتيـان والفتيـات
سرعـان مـا درجت أويقات اللقا إن البـروق سـريعـة الخطوات
أشكـو إلـى الرحـمـان بعد أحبة عصف الزمان بهـم وقرب عداة
خطب دعـاني للخروج من الحمى فخـرجـت بـعـد تلوم وأنـاة
وتركتـه خـوف الهـوان وربمـا ألقي الغريب عصاه بين عصاة(1)
قال عنه الطهراني : هو من مشاهير عصره في العلم والأدب اتصل بالسيد مهدي بحر العلوم ، والشيخ جعفر كاشف الغطاء وغيرهما ودرس الفقه والأصول وبرع في الأدب والشعر وله ديوان جليل رأيت عدة نسخ منه(2) ، وله منظومة في الكلام سماها الدرة المضيئة(3) تظهر منها براعته في علم الكلام(4) ، وله الصراط المستقيم في الفقه ، والجمانة النضدية ، وأما ديوانه كان يحتوي على سبعة آلاف وخمسمائة بيت ضاع أكثره(5) ، وله في شكوى الزمان قصيدة يقول في أولها ـ من الطويل ـ :
تذكرت والمحزون جـم التذكر مسـرة أيـام مضيـن وأعـصـر
إذا الدهر سمح والشبيبة عودها رطيـب وصفـو العيش لـم يتكدر
ندير كؤوس الود تطفح بالصفا ونأوي إلى روض من العيش أخضر
منازلـنـا مأوى الغريب وظلنا ترف حواشيه علـى كل مصحر(6)
قال الصدر(7) : إنه فرّ من بلاده من ظلم الجزار وأقام بدمشق ، ولما

(1) أعيان الشيعة : 2/245 ، تكملة أمل الآمل : 87 .
(2) الذريعة : 9/16 .
(3) الذريعة : 1/492 ، 8/107 .
(4) الكرام البررة : 1/25 .
(5) علماء دمشق وأعيانها : 1/87 .
(6) أعيان الشيعة : 2/247 .
(7) الصدر : هو أبو محمد حسن بن هادي بن محمد علي الموسوي الكاظمي ، ولد في مدينة الكاظمية سنة 1272هـ ، وهو من علماء الإمامية ، مات سنة 1354هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 348

غلب أحمد الجزار على دمشق تركها الشيخ فهاجر إلى العراق ، وكان سكن بغداد ، والرجل من أجلاء العلماء والمتكلمين والأدباء والمشاهير والشعراء المجيدين ، ومن منظومته في الكلام قوله ـ من الرجز ـ :
ولا نقل كـلامه قديم فإنه شـرك به عظيم(1)
لأنه مركب من أحرف حادقة حروفها غير خفي
وكل ما يذكره الجمهور من الكلام فرية وزور(2)
وقوله غلب الجزار على دمشق لا يصح بل أنه غلب على جبل عامل كما سبق وذكرنا .
وله من الإخوانيات قصيدة بعثها من أصفهان إلى دمشق يقول في أولها ـ من الطويل ـ :
غـرام وتشتيت وشـوق مبـرح فلـلـه ما يلـقـى الفـؤاد المـقـرح
أما والهوى يا مي(3) لولا معاهد لأحبـابـنـا فيهـن مسـرى ومسـرح
لما بت في نار من الوجد اصطلي لظـاهـا وفـي بحر مـن الدمع أسبح
أما تتقيـن الله يا مي في فـتـى على سروات(4) النيب(5) يمسي ويصبح
يشيم(6) بروق الشام وهو بفارس لقـد بعـد المغـدى وشـط الـمـروح
ليسقيكـم يا جيرة الشـام وابـل مـن الـمـزن محلـول النطاقين مدلح(7)
وما زلت قد فـارقتكم في صبابة لـواعجهـا في حبـة القلـب تـقـدح
وتضطرب الأحشاء عند ادكاركم(8) كمـا اضطـرب المـذبوح ساعة يذبح(9)

(1) إشارة إلى خلق القرآن ، حيث افترقت المذاهب الإسلامية على أقوال ، وذهبت الإمامية إلى القول بخلق القرآن ورفضت دعوى قدمه .
(2) تكملة أمل الآمل : 86 .
(3) مي : من أسماء النساء يضرب بها مثلاً .
(4) السراة : الظهر .
(5) النيب : النوق المسنّة الهرمة .
(6) شام البرق : نظر إليه أين يتجه وأين يمطر .
(7) الدلوح : السحابة الكثيرة الماء كأنها تدلح من كثرة مائها .
(8) الدكر : الذكر ، قيل أنه ليس من كلام العرب وأن ربيعة تغلط في الذِّكر فتقول ذكر ، وقيل أن الدِّكر جاءت من إدغام اللام في الذال (الذكّر) .
(9) أعيان الشيعة : 2/243 ، علماء دمشق وأعيانها : 1/89 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 349

ويظهر أنه في سفره إلى إيران ذهب إلى أصفهان ومشهد ويزد ، وأما عن الأخير فيقول الطهراني : وقد شاهدت ـ كتاب ـ الكشاف الذي تملكه في يزد كان بتاريخ 1205هـ(1) .
وله في وقوع الطاعون في دمشق ونواحيها عام 1207هـ والذي بسببه تفرق أصحابه قصيدة يقول في أولها ـ من الطويل ـ :
خليـلـي إن شطت منازل من أهوى فلسـت أبـالـي والفؤاد لهم مثوى
ترامت بهم أ يدي النوى خيفة الردى فشنوا على رحب الفضا غارة شعوا
وطـار فـريـق للحجـاز تقلـهـم نجائب تطـوي كل فج ولا تطـوى
سروا يخبطـون البيد والحج قصدهم ونيتهـم والخيـر أفضل ما ينـوى(2)
وله في تأريخ انقضاء الغلاء من دمشق عام 1207هـ ـ من مجزوء الكامل ـ :
لـمـا حبـانـا ربـنـا برضاه من بعد الغضب
ذهـب الغـلاء فقلت في تـأريخـه شر ذهب(3)
وقال أيضاً في عام 1207هـ في الغرض نفسه مؤرخاً ـ من البسيط ـ :
يا رب يا رب أنت المستعان على عـام شديد على الفجار والبررة
عـام كـأن على وجـه الفقير به من المجاعة في تاريخه غبرة(4)
ويظهر أن التأريخ الثاني كان لحصول الغلاء والأول كان لانقضائه .
وله قصائد في مدح ورثاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته ذكرها الأمين في الأعيان وقد حذفت من الطبعة الثانية بحجة غير مقبولة نص عليها الناشر بقوله : «نشر المؤلف في الطبعة الأولى معظم شعر المترجم حفظاً له من

(1) الكرام المبررة : 1/26 .
(2) أعيان الشيعة : 2/244 ، علماء دمشق وأعيانها : 1/89 .
(3) علماء دمشق وأعيانها : 1/90 ، أعيان الشيعة : 2/248 .
(4) أعيان الشيعة : 2/248 ، وهنا استخدام استعارة قرآنية من سورة عبس .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 350

الضياع بعد أن عنى بجمعه ، وقد رأينا بعد أن حفظ الشعر وطبع أن نقتصر منه في هذه الطبعة على ما يدل عليه ـ الناشر ـ»(1) ومن تلك القصيدة التي مدح فيها الإمام الحسن عليه السلام والتزم فيها الجناس في القافية بين كل بيتين منها ـ من الرمل ـ :
يا نزولاً بين جمـع والمصلـى قـتـل مثلي في هواكم كيف حلاّ(2)
عَقَـد الصـبُ بـكـم آمـاله لـيـت شعري من لذاك العقد حلا(3)
قال لي العاذل أضناك الهـوى فـانتجـع غيـر هواهم قلت كـلا(4)
فـانثنى عني وما زال المنـى من فتى أمسـى على الأحباب كلا(5)
أيها البـارق سلهم عن دمـي إن تـوسطـت حمـاهم كيف طُلاّ(6)
واسق جيران اللوى والمنحنـى وابـلاً تحـيـا بـه الأرض وطلا(7)
لا تـرم مـنـي سلوّاً بعدهـم نـأيهم والهجر سلّ الصـبـر سلا(8)
مـا عـلـى طيفهم لو زارني وأمـاط الحزن عن قلبـي وسـلاّ(9)
لـي قلـبٌ سبـق الناس إلـى حبهـم واعـتـاقـه السقم فصلى(10)
عجباً كيف استباحوا مهجـتـي وهي مغنى خير من صا م وصلى(11)
حسن الأخلاق سبـط المصطفى مفـزع النـاس إذا ما الخطب جلا(12)
طـالـمـا أذهب عن ذي فاقة بنـداه ظلمـة الفـقـر وجـلـى(13)

(1) هامش أعيان الشيعة : 2/238 طبعة دار التعارف ـ بيروت .
(2) حلّ خلاف حرم ، جاز .
(3) حل العقد : فسخه .
(4) كلاّ : أداة زجر ونفي .
(5) الكَلْ : العائل ومنه قولهم أصبح كلا على مولاه .
(6) طل الدم : هُدر .
(7) الطل : المطر الضعيف ، خلاف الوابل .
(8) سلّ الشيء : انتزعه وأخرجه برفق .
(9) سلاه : طابت نفسه ، وكشف عنها الهم .
(10) صلّى اللحم : شواه .
(11) صلى : أقام الصلاة .
(12) جلا : ظهر .
(13) جلا : خرج .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 351

ماجد تسري المعالي إن سرى وتنـادي بحلـول حـيـث حلا(1)
وقـع الله بـه قـدر العلـى وبـه جيـد الهـدى والدين حلى(2)
أي راع لا يـراعـي أحـداً غير مَن يـرعـى لديـن الله إلا(3)
حجـة الله الإمـام المجتبـى ذو الأيـادي خير خلـق الله إلا(4)
خيـر حبـل مدّة الله لمـن صـدّه الشيطـان عـنـه وأزلا(5)
نشـر العـدل فكم من ظبية تمتـطـي في مهمهٍ(6) ذئباً أزلا(7)
ذو بنانٍ كشـآبيب(8) الحيا أنهل الـحـران(9) منهن وعلاّ(10)
خفض البخل ومن دان بـه وبناء الجود والإحـسـان علّى(11)
رفعـتـه قـدرة الله إلـى مـا تمـنـى فدنـا ثم تدلّـى(12)
دوحة العلم الإلهـي التـي فرعـهـا في جنة الخلد تدلـى(13)
سيـدي يا حجة الله الـذي لأمور الإنس والجن(14) تولى(15)
فاز والله وما خـاب فتـى بكـم يـا خيـرة الله تـولـى(16)

(1) حلّ بالمكان : أقام به .
(2) حلا : من الحلو وهو الجميل .
(3) الإلّ : العهد .
(4) إلاّ : أداة استفهام .
(5) زل عن الحق : انحرف عنه .
(6) المهمه : الصحراء ، المفازة البعيدة ، البلد القفر .
(7) أزل إليه نعمة : أسداها وأعطاها .
(8) الشآبيب : واحدها شأب وهي الدفعة من المطر ، وأول ما يظهر من الحُسن ، وهو حَسنُ شآبيب الوجه ، أي أول ما يظهر من حسنه .
(9) الحران : شديد العطش .
(10) علّ : شرب ثانية أو تباعاً .
(11) علّى الشيء : رفعه .
(12) تدلّى : اقترب .
(13) تدلّى : استرسل وتعلق .
(14) في كتاب الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر : 2/475 عن سلمان الفارسي أن الجنّ آمنوا على يد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام .
(15) تولّى الأمر : تقلده وقام به .
(16) تولّى الرجل : أحبه وتبعه .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 352

حبكم شغل فؤادي في الملا ونجـيّ القلب مني إن تخلّى(1)
مفزعي أنتم إذا ما مفزعي صدّ عني يوم حشري وتخلى(2)
ألحق الله بكـم أشياعكـم وأعـاديكم جحيم النار صلى(3)
وسقى صوب الحيا أجداثكم وعليكم سلم الله وصلـى(4)(5)
ومن شعره الديني قصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مطلعها ـ من الرمل ـ :
حبذا أعلام نجد ورباها وغصون تتثنى في ذراها(6)
ومن أخرى في مدح أمير المؤمين عليه السلام يقول في مطلعها ـ من الطويل ـ :
سلام به تغدو الصبا وتروح ويعبق في ذاك الحمى ويفوح(7)
هذا وقد ترجمه السماوي في الطليعة وكاشف الغطاء في الحصون المنيعة وغيرهما ، وخلف المترجم أبناء وحفدة كلهم شعراء وأدباء ومن أبنائه الشيخ نصر الله والشيخ صادق ومن أحفاده الشيخ إبراهيم بن نصر الله والشيخ إبراهيم بن صادق وأبنائهم(8) .

(1) تخلى : مضى ، والمعنى أن القلب إذا مضى مني فنجي هو حبكم .
(2) تخلى عنه : تركه .
(3) صلى النار : أدخله وأثواه فيها ، قاسى حرّها واحترق بها .
(4) الصلاة من الله على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وآله هي الرحمة عليهم .
(5) أدب الطف : 6/61 .
(6) علماء دمشق وأعيانها : 1/87 ، أعيان الشيعة : 2/238 .
(7) أعيان الشيعة : 2/240 .
(8) هامش أدب الطف : 6/58 .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 353

(43)
إبراهيم بن يوسف مرتضى
1360 ـ ...هـ = 1941 ـ ....م

هو السيد إبراهيم بن يوسف مرتضى(1) الحسيني العاملي .
ولد في دير قانون رأس العين(2) عام 1360هـ من أبوين شريفين ونشأ بها ، ثم التحق بالمدارس الحديثة بها ، ثم انتقل إلى صور لإكمال دراساته العصرية ، ثم عمل في حقل التعليم في مدارس قرى المنطقة ، وفي الثمانينات(3) ترك التعليم وتوجه إلى النجف ليلتحق بحوزتها العامرة وقضى فيها مدة خمسة عشر عاماً مكبّاً على الدراسة حيث تتلمذ على فضلائها وأعلامها كالسيد محمد باقر الصدر(4) والسيد أبو القاسم الخوئي ، وقد مارس التدريس بها إلى جانب دراساته العليا ، ولكنه رجع إلى مسقط رأسه بعد مقتل السيد الصدر عام 1400هـ واضطراب الأوضاع ، وهناك تولى المهام الدينية والاجتماعية من قبل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى(5)

(1) بيت مرتضى : بيتان في لبنان عرفا ببيت مرتضى ليس بينهما قرابة اشتهر منهم بيت مرتضى والذين هم من بعلبك ، وأما شاعرنا هذا فهو من بيت مرتضى من جنوب لبنان وهم من السادة الحسينيين .
(2) دير قانون : من قرى جبل عامل ـ لبنان ـ من أعمال مدينة صور تقع على ساحل البحر الأبيض .
(3) الموافق للستينات الميلادية .
(4) الصدر : هو محمد باقر بن حيدر بن إسماعيل الصدر (1353 ـ 1400هـ) من علماء الإمامية ، استشهد في 24/ جمادى الأولى ، له مؤلفات منها : اقتصادنا ، فلسفتنا ، البنك اللاربوي في الإسلام .
(5) المجلس الشيعي : مجلس رسمي يهتم بقضايا الطائفة الإمامية في لبنان أسسه السيد موسى الصدر قبل عام 1370هـ .
دائرة المعارف الحسينية -معجم الشعراء الناظمين في الحسين - 1 354

وإلى جانب ذلك قام بتدريس ثلة من الشباب المؤمن إلا أن الظروف الأمنية الصعبة في الجنوب اللبناني جعلته يهاجر إلى أبيدجان(1) بعد عام ونصف قضاها في لبنان متحملاً مسؤولياته كعالم دين ، ولا زال يمارس مسؤولياته الدينية والاجتماعية والثقافية في أبيدجان .
أما عن شعره فذكر لي أنه بدأ بنظم الشعر أثناء ممارسته التعليم في المدارس الرسمية قبل هجرته إلى النجف وذلك عندما كان في أواخر العقد الثاني من عمره وقد نظم في كل الأغراض الشعرية آنذاك إلا أنه عدل عن ذلك فيما بعد وخصص معظم نظمه في الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأطهار عليهم السلام إلى جانب المناسبات الإسلامية وغيرها وكوّن ديوانين من الشعر أحدهما بل أولاهما ظلت في ضمن مكتبته في النجف حيث لم يتمكن من اصطحابه معه وكان معظمه من وحي النجف أي ما بين عام 1385هـ و1400هـ ، وثانيهما ديوان شعر من نظم ما بعد الهجرة من النجف وهي من وحي لبنان وساحل العاج وهو لا زال مخطوطاً ومعظمهُ في النبي صلى الله عليه وآله وسلم والآل عليهم السلام وعلى الأخص شهيد كربلاء أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، وله إلى جانب ذلك بعض الكتابات في موضوعات إسلامية إلا أنها لا زالت مخطوطة .
ومن شعره غير الحسيني قصيدة أنشأها في مولد الرسول الأعظم عليهم السلام ـ من الكامل ـ يقول في أولها :
عبقٌ يفـوح بجوهـا وسماها وسناً يذوب بسهلـهـا وذراها
هذا يعطر بالأريج شعـابـهـا وبذا تـلألأ روعة عليـاهـا
فتسيـر أنفـاس النسيـم بليلة همساتها خلف الهضاب تناهى
وتسيل من رئة الصباح يسوقها شـوق لتلثم للورود و شفاهها
وتذوب في وهج العنـاق بقبلةٍ كعروس صـبّ عانقت لفتاها
وترين أوراد الخميل بسكـرها وشـافهـا حَبَبُ الندى يغشاها
وكـأنمـا موجٌ النسيم سحائب تشكو لصاديه الغصون هواها
وكـأنمـا الأوراق أشرعةٌ بها قـد أبحرت جذلاً بكـل حباها

(1) أبيدجان : عاصمة ساحل العاج في أفريقيا .

السابق السابق الفهرس التالي التالي