قوله: ما يألو. أي ما يقصر، يقال: آلى الرجل وألى: إذا قصر وترك الجهد (1)، قال تعالى: * (لا يألونكم خبالا) * (2). والخسيسة والخساسة: الحالة التي يكون عليها الخسيس، يقال: رفعت خسيسته، ومن خسيسته: إذا فعلت به فعلا يكون فيه رفعته، ذكره في النهاية (3). وقال: الضبع - بسكون الباء -: وسط العضد، وقيل هو ما تحت الابط (4). وقال البيضاوي (5): يتمطى (6). أي يتبختر افتخارا بذلك - من المط -، فإن المتبختر يمد خطاه فيكون أصله يتمطط، أو من المطا وهو الظهر، فإنه يلويه. أولى لك فأولى. ويل لك - من الولى - وأصله: أولاك الله ما تكرهه، واللام مزيدة كما في ردف لكم، أو أولى لك الهلاك، وقيل: إفعل من الويل بعد القلب كأدنى - من دون -، أو فعل من آل يؤل بمعنى عقباك النار. قوله عليه السلام: على ما أشهدهم (7). أي على نحو ما أشهدهم رسول الله صلى الله عليه وآله، وفي بعض النسخ: وأشهدهم على ما أشهدهم عليه.
أي كيف يدعون على الرسول أنه بعدما أمر ثمانين رجلا بالتسليم عليه بإمرة المؤمنين قال: ما ادعوا أنه أشهدهم عليه وهما متناقضان ؟ !، فيكون قوله: إنهم أقرو. استيناف كلام آخر لبيان التناقض في أقوالهم وأفعالهم.
(1) كما في مجمع البحرين 1 / 29، وانظر: الصحاح 6 / 2370، ولسان العرب 14 / 39، وتاج العروس 10 / 19. (2) آل عمران: 118. (3) النهاية 2 / 31، وقارن ب: لسان العرب 6 / 64. (4) النهاية 3 / 73، وقارن ب: لسان العرب 8 / 216. (5) تفسير البيضاوي 2 / 523 في سورة القيامة. (6) لا توجد كلمة: يتمطى، في (س). (7) في (ك): أشهدكم.
[321]
أقول: سيأتي تفاصيل البدع المذكورة في الخبر. ثم ان ظاهر صدر الخبر كون هذا الكلام في خلافة عمر، وقوله: ثم صنع عمر شيئا ثالث. إلى آخره يدل على أنه كان في خلافة عثمان أو بعده، ولعل سليما سمع هذا الكلام منه عليه السلام في مقام آخر فألحقه بهذا الكلام. 153 - كتاب سليم بن قيس (1): عن أبان، عن سليم، قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول - قبل وقعة صفين -: إن هؤلاء القوم لن ينيبوا إلى الحق ولا إلى كلمة سواء بيننا وبينهم حتى يرامونا (2) بالعساكر تتبعها العساكر، وحتى يردفونا (3) بالكتائب تتبعها الكتائب، وحتى يجر ببلادهم الخميس تتبعها الخميس، وحتى ترعى (4) الخيول بنواحي أرضهم وتنزل عن (5) مسالحهم، وحتى يشن (6) الغارات عليهم من كل فج، وحتى يلقاهم قوم صدق صبر لا
يزيدهم هلاك من هلك من قتلاهم وموتاهم (7) في سبيل الله إلا جدا في طاعة الله، والله لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نقتل آباءنا وأبناءنا وأخوالنا وأعمامنا وأهل بيوتنا (8) ثم لا يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما وجدا في طاعة الله، واستقلالا بمبارزة الاقران، وإن كان الرجل منا والرجل من عدونا ليتصاولان تصاول الفحلين يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس الموت، فمرة لنا من عدونا، ومرة لعدونا منا، فلما رأى الله منا صدقا وصبرا أنزل الكتاب بحسن الثناء علينا والرضا عنا، وأنزل علينا النصر، ولست أقول ان كل من كان مع رسول الله
(1) كتاب سليم بن قيس الهلالي: 147 - 151. (2) في المصدر: يرمو. (3) في كتاب سليم: يردفوا - بلا ضمير -. (4) تقرأ في مطبوع البحار: ترعى، و: يرعى. وفي المصدر ما أثبتناه. (5) جاء في المصدر: على، وهي نسخة في (ك). (6) في كتاب سليم: تشن. (7) خط على: تا، من موتاهم في (س)، ولا معنى له. (8) في المصدر: بيوتاتن.
[322]
صلى الله عليه وآله كذلك (1)، ولقد كانت معنا بطانة لا يألونا (2) خبالا (3)، قال الله عزوجل: * (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر) * (4) ولقد كان منهم بعضا من تفضله أنت وأصحابك - يا ابن قيس -، فارين، فلا رمى بسهم، ولا ضرب بسيف، ولا طعن برمح، إذا كان الموت والنزال توارى (5) واعتل ولاذ كما تلوذ النعجة العوراء لا يدفع (6) يد لامس، وإذا ألقى العدو فر ومنح العدو دبره جبنا ولؤما، وإذا كان عند الرخاء والغنيمة تكلم كما قال الله:
* (سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير) * (7) فلا يزال قد استأذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ضرب عنق الرجل الذي ليس يريد رسول الله صلى الله عليه وآله قتله، فأبى عليه، ولقد نظر رسول الله صلى الله عليه وآله يوما وعليه السلاح تام (8)، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم قال يكنيه: أبا فلان اليوم يومك ؟. فقال الاشعث: ما أعلمني من (9) تعني ! إن ذلك يفر منه الشيطان. قال: يا ابن قيس ! لا آمن الله روعة الشيطان إذا قال. ثم قال: ولو كنا حين كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقضينا (10) الشدائد والاذى والبأس فعلنا كما تفعلون اليوم لما قام لله دين، ولا أعز الله
(1) هنا زيادة جاءت في كتاب سليم: ولكن أعظمهم وجلهم وعامتهم كانوا كذلك. (2) في المصدر: لا تألون. (3) الخبال: الفساد، كما جاء في المصباح المنير 1 / 222، وغيره. (4) آل عمران: 118. (5) في كتاب سليم: لاذ وتوارى. (6) في المصدر: لا تدفع. (7) الاحزاب: 19. (8) كذا، ولعله: التام. (9) في المصدر: بمن. (10) في كتاب سليم: وتصيبن.
[323]
الاسلام، وأيم الله لتحلبنها (1) دما وندما وحيرة (2)، فاحفظوا ما أقول لكم واذكروه، فليسلطن عليكم شراركم والادعياء منكم والطلقاء والطرداء والمنافقون فليقتلنكم، ثم لتدعن الله فلا يستجيب لكم، ولا يدفع البلاء عنكم حتى تتوبوا
وترجعوا، فإن تتوبوا وترجعوا فيستنقذكم (3) الله من فتنتهم وضلالتهم كما استنفذكم من شرككم (4) وجهالتكم، إن العجب كل العجب من جهال هذه الامة وضلالها وقادتها وساقتها إلى النار، إنهم قد سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول - عودا وبدءا -: ما ولت أمة رجلا قط أمرها وفيهم أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا، فولو أمرهم قبلي ثلاثة رهط ما منهم رجل جمع القرآن، ولا يدعي أن له علما بكتاب الله ولا سنة نبيه (ص)، وقد علموا أني أعلمهم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وأفقههم وأقرأهم بكتاب (5) الله وأقضاهم بحكم الله، وأنه ليس رجل من الثلاثة له سابقة مع رسول الله صلى الله عليه وآله ولا عناء معه في جميع مشاهده، فرمى بسهم، ولا طعن برمح، ولا ضرب بسيف جبنا ولؤما ورغبة في البقاء، وقد علموا أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قاتل بنفسه فقتل أبي بن خلف، وقتل مسجع بن عوف - وكان من أشجع الناس وأشدهم لقاء، وأحقهم بذلك - وقد علموا يقينا أنه لم يكن فيهم أحد يقوم مقامي ولا يبارز الابطال ويفح الحصون غيري، ولا نزلت برسول الله صلى الله عليه وآله شديدة قط ولا كربه ولا ضيق ولا مستضعف (6) من الامر إلا قال: أين أخي علي ؟ أين سيفي ؟ أين رمحي ؟ أين المفرج عني (7) عن وجهي ؟
(1) في (س): لتجلينها، وفي المصدر: لتحتلبنه. وهو الظاهر. (2) في المصدر: وحسرة، بدلا من: وحيرة. (3) في المصدر: يستنقذكم - بلا فاء -. (4) في كتاب سليم: استنقذكم من شركم. (5) في المصدر: لكتاب. (6) في كتاب سليم: ولا مستصعب. وهو الظاهر. (7) في المصدر: غمي، وهي نسخة في مطبوع البحار، وهو الظاهر.
[324]
فيقدمني فأتقدم فأقيه بنفسي (1) ويكشف الله بيدي الكرب عن وجهه، ولله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وآله بذلك المن والطول حيث خصني بذلك ووفقني له، وإن بعض من قد (2) سميت ما كان له بلاء (3) ولا سابقة ولا مبارزة قرن، ولا فتح ولا نصر غير مرة واحدة ثم فر ومنح عدوه دبره ورجع يجبن أصحابه ويجبنونه، وقد فر مرارا، فإذا كان عند الرخاء والغنيمة تكلم (4) وأمر ونهى، ولقد ناداه (5) ابن عبد ود يوم الخندق باسمه فحاد عنه ولاذ بأصحابه حتى تبسم رسول الله صلى الله عليه وآله لما راى (6) به من الرعب، وقال: أين حبيبي علي ؟ تقدم يا حبيبي يا علي، ولقد قال (7) لاصحابه الاربعة - أصحاب الكتاب -: الرأى - والله - ان يدفع محمدا برمته (8) ونسلم من ذلك حين جاء العدو من فوقنا ومن تحتنا كما قال الله تعالى: * (وزلزلوا زلزالا شديدا) * (9) * (وتظنون بالله الظنونا) * (10) * (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) * (11)، فقال صاحبه: لا،
(1) في كتاب سليم: فافديه بنفسي. (2) لا توجد في المصدر كلمة: قد. (3) في كتاب سليم: ذا بلاء. (4) في كتاب سليم: تكلم وتغير. (5) في المصدر: ولقد نادى. (6) في كتاب سليم: فما راى. (7) جاء في المصدر: وقال - بدون كلمة: لقد -. (8) في كتاب سليم: والرأي والله أن ندفع محمدا إليهم برمته. وفي (س): الرأي وإن والله يدفع محمدا برمته ونسلم من ذلك، وهذه العبارة كما ترى مشوشة. والمتن أيضا يحتاج إلى توجيه من فرض الفاعل ل (يدفع) أحدنا - المحذوف - أو من حذف الالف من آخر كلمة محمد (ص) أو غيرهما
من التوجيهات. (9) الاحزاب: 11. (10) الاحزاب: 10. (11) الاحزاب: 12. وفي المصدر: وقال المنافقون. إلى آخره.
[325]
ولكن نتخذ صنما عظيما نعبده، لانا لا نأمن (1) أن يظفر ابن أبي كبشة فيكون هلاكنا، ولكن يكون هذا الصنم لنا زخرا (2)، فإن ظفرت قريش أظهرنا عبادة هذا الصنم وأعلمناهم أنا لن نفارق ديننا، وإن رجعت دولة ابن أبي كبشة كنا مقيمين على عبادة هذا الصنم سرا، فنزل جبرئيل عليه السلام فأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك، ثم خبرني به رسول الله صلى الله عليه وآله بعد قتلي ابن عبد ود، فدعاهما، فقال: كم صنما عبدتما في الجاهلية ؟. فقالا: يا محمد ! لا تعيرنا بما مضى في الجاهلية. فقال: فكم صنم (3) تعبدان وقتكما هذا (4) ؟. فقالا: والذي بعثك بالحق نبيا ما نعبد إلا الله منذ أظهرنا لك (5) من دينك ما أظهرن. فقال: يا علي ! خذ هذا السيف، فانطلق إلى موضع كذ. وكذا فاستخرج الصنم الذي يعبدانه فاهشمه (6)، فإن حال بينك وبينه أحد فاضرب عنقه، فانكبا على رسول الله صلى الله عليه وآله، فقالا: استرنا سترك الله. فقلت أنا لهما: اضمنا لله ولرسوله ألا تعبدا إلا الله ولا تشركا به شيئ. فعاهدا (7) رسول الله صلى الله عليه وآله على ذلك (8)، وانطلقت حتى استخرجت الصنم من موضعه وكسرت وجهه ويديه وجزمت (9) رجليه، ثم انصرفت إلى رسول
(1) في (س) جاءت نسخة: لا آمن، بدلا من: لا نأمن.
(2) في المصدر: ذخرا، وهو الظاهر. (3) كذا، والظاهر: صنم. (4) جاء في المصدر: يومكما هذ. (5) في كتاب سليم لا توجد: لك. (6) الهشم: الكسر، كما في مجمع البحرين 6 / 186، وغيره. (7) جاءت نسخة على (س): فعاهدا على هذ. (8) جاءت العبارة في (ك) هكذا: فعاهدا رسول الله (ص) على هذا (9) في المصدر: وجذمت. أي قطعته، كما في مجمع البحرين 6 / 27، وجاء فيه في صفحة: 29: = = الجزم: القطع.
[326]
الله صلى الله عليه وآله وسلم، فو الله لقد عرفت ذلك في وجههما حتى ماتا، ثم انطلق هو وأصحابه حين قبض رسول الله صلى الله عليه وآله فخاصموا الانصار بحقي، فإن كانوا صدقوا واحتجوا بحق أنهم أولى من الانصار لانهم من قريش ورسول الله صلى الله عليه وآله من قريش، فمن كان أولى برسول الله (ص) كان أولى بالامر ؟ ! وإنما ظلموني حقي. وإن كانوا احتجوا بباطل فقد ظلموا الانصار حقهم، والله يحكم بيننا وبين من ظلمنا وحمل الناس على رقابن. والعجب لما قد أشربت قلوب هذه الامة من حبهم وحب من صدقهم (1) وصدهم عن سبيل ربهم وردهم عن دينهم، والله لو أن هذه الامة قامت على أرجلها على التراب، والرماد واضعة على (2) رؤوسها، وتضرعت (3) ودعت إلى يوم القيامة على من أضلهم، وصدهم عن سبيل الله، ودعاهم إلى النار، وعرضهم لسخط ربهم، وأوجب عليهم عذابه بما أجرموا إليهم لكانوا مقصرين في ذلك،
وذلك أن المحق الصادق والعالم بالله ورسوله يتخوفان أن غيرا (4) شيئا من بدعهم وسننهم وأحداثهم عادية (5) العامة، ومتى فعل شاقوه وخالفوه وتبرؤا منه وخذلوه وتفرقوا عن حقه، وإن أخذ ببدعهم وأقر بها وزينها (6) ودان بها أحبته وشرفته وفضلته، والله لو ناديت في عسكري هذا بالحق الذي أنزل الله على نبيه وأظهرته ودعوت إليه وشرحته وفسرته على ما سمعت من نبي الله عليه وآله السلام فيه ما
(1) لا توجد: صدقهم. في كتاب سليم. (2) في المصدر: ووضعت الرماد على. (3) في كتاب سليم: وتضرعت إلى الله. (4) في المصدر: يتخوف أن غير شيئا من. وهو الظاهر. وقد جاء نسخة في مطبوع البحار: يتخوف أن غير. (5) في المصدر: وعادته. (6) وضع على: وزينها، رمز نسخة بدل في (ك).
[327]
بقي فيه إلا أقله وأذله وأرذله، ولا ستوحشوا منه، ولتفرقوا مني (1)، ولولا ما عاهد (2) رسول الله صلى الله عليه وآله إلي وسمعته منه، وتقدم إلي فيه لفعلت، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قال (3): كلما اضطر إليه العبد فقد أحله الله له وأباحه إياه، وسمعته يقول: إن التقية من دين الله، ولا دين لمن لا تقية له، ثم أقبل علي، فقال: ادفعهم بالراح دفعا عني، ثلثان من حي وثلث مني، فإن عوضني ربي فاعذرني. إيضاح: أقول: روى ابن ميثم (4) بعض الخطبة، وفيه: حتى يرموا بالمناسر تتبعها العساكر، وحتى يرجموا بالكتائب تقفوها الجلائب (5)، وحتى يجر ببلادهم الخميس
يتلوه (6) الخميس، وحتى تدعق الخيول في نواحي (7) أرضهم وبأحناء مشاربهم (8) ومسارحهم، وبعد قوله: في طاعة الله: وحرصا على لقاء الله. وروى في النهج أيضا بأدنى اختلاف (9). قوله عليه السلام: إلى كلمة سواء. أي (10) عادلة أو مشتركة بيننا وبينهم.
(1) في المصدر: ولتفرقوا عني. (2) كذا، والظاهر: عهد، كما جاء في المصدر. (3) في كتاب سليم زيادة: يا أخي، بعد كلمة قال. (4) في شرحه على النهج 3 / 123. (5) في المصدر: حتى برموا بالمناسر تتبعها المناسر، ويرجموا بالكتائب تقفوها الحلائب. قال في مجمع البحرين 2 / 46: والحلبة - بالتسكين -: خيل تجمع للسباق ومن كل أوب لا يخرج من اصطبل واحد. (6) في (ك): يلوه. (7) في المصدر: نواحي. (8) قال في شرح ابن ميثم: وباعنان مساربهم. (9) نهج البلاغة في طبعة صبحي الصالح: 180 - 181 خطبة: 124، وفي طبعة محمد عبده 2 / 2 - 5. (10) في (س): إلى.
[328]
والمنسر: خيل من المائة إلى المائتين، ويقال: هو الجيش ما يمر بشئ إلا اقتلعه (1). والجلائب: الابل التي تجلب إلى الرجل النازل على الماء ليس له ما يحمل عليه فيحملونه عليها (2)، ولا يبعد أن يكون بالنون (3).
والخميس: الجيش (4). وقال الجوهري (5): دعق الطريق فهو مدعوق. أي كثر عليه الوطئ، ودعقته الدواب: اثرت فيه. والاحناء: الجوانب (6). والمسارح: مواضع سرح الدواب (7)، والمسالح: الثغور والمراقب (8). قوله عليه السلام: لقد رأيتن. في النهج (9): ولقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا، ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما مضيا على اللقم، وصبرا على مضض الالم، وجدا في جهاد العدو، ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين، يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس المنون، فمرة لنا من عدونا، ومرة لعدونا منا، فلما رأى الله صدقنا
(1) صرح به في المصباح المنير 2 / 828، وذكر المعنى الاول في مجمع البحرين 3 / 429، وتاج العروس 3 / 564، ولسان العرب 5 / 205، أيض. (2) قاله في لسان العرب 1 / 268، والنهاية: 1 / 282، وغيرهم. (3) يعني بدل اللام. أي الجنائب. (4) نص عليه في مجمع البحرين 4 / 66، ونهاية ابن الاثير 2 / 79، وغيرهم. (5) في صحاح اللغة 4 / 1474، وقارن ب: مجمع البحرين 5 / 160، والنهاية 2 / 119. (6) جاء في مجمع البحرين 1 / 112، والصحاح 6 / 2321 ولسان العرب 14 / 206. (7) كما في النهاية 2 / 357، ومجمع البحرين 2 / 371 ولسان العرب 2 / 478. (8) ذكره في لسان العرب 2 / 487 والصحاح 1 / 376. وانظر: مجمع البحرين 2 / 374. (9) نهج البلاغة، محمد عبده 1 / 104 - 105، وصبحي الصالح: 91 برقم 56، باختلاف يسير، وجاء مقارب من هذا المعني في نهج البلاغة، محمد عبده 1 / 236، فراجع.
[329]
أنزل بعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر، حتى استقر الاسلام ملقيا جرانه، ومتبوئا أوطانه، ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم ما قام للدين عمود، ولا اخضر للايمان عود، وأيم الله لتحتلبنها دما ولتتبعنها ندم. والشن: الصب والتفريق، وشن الغارات: تفريقها عليهم من كل ناحية (1). واللقم: منهج الطريق (2). والمضض: حرقة الالم (3). (والتصاول: ان يحمل كل من القرينين (4) على صاحبه (5). والتخالس: التسالب. أي ينتهز كل منهما فرصة صاحبه (6). والمنون: الموت (7) والكبت: الاذلال والصرف (8). والجران: مقدم عنق البعير من منخره إلى مذبحه (9)، كناية عن استقراره في قلوب عباد الله كالبعير الذي أخذ مكانه واستقر فيه. ويقال: تبوأ وطنه. أي سكن فيه (10)، شبه عليه السلام الاسلام بالرجل
(1) كما في لسان العرب 13 / 242، وتاج العروس 9 / 256، وانظر: مجمع البحرين 6 / 272. (2) نص عليه في المصباح المنير 2 / 765، وانظر: تاج العروس 9 / 61، ولسان العرب 12 / 547. (3) قال في تاج العروس 5 / 86: مضه الهم والحزن والقول يمضه مضا ومضيضا: أحرقه وشق عليه. والمضض: وجع المصيبة، ونحوه في لسان العرب 7 / 233، وانظر: القاموس 2 / 344. (4) في (س): القرنين. (5) انظر: لسان العرب 11 / 387، والنهاية 3 / 61، والصحاح 5 / 1746. (6) قاله في لسان العرب 6 / 65، وتاج العروس 4 / 138، ولا حظ: صحاح اللغة 3 / 923. (7) نص عليه في الصحاح 6 / 2207 و 2497، وتاج العروس 9 / 350، ولسان العرب 13 / 415. (8) كذا جاء في الصحاح 1 / 262، ولسان العرب 2 / 76، وتاج العروس 1 / 575.
(9) كما ذكره في تاج العروس 9 / 160، والصحاح 5 / 2091، وانظر: مجمع البحرين 6 / 225. (10) انظر: مجمع البحرين 1 / 67، وتاج العروس 10 / 51، ولسان العرب 1 / 39.
[330]
الخائف المتزلزل الذي استقر في وطنه بعد خوفه. قوله عليه السلام: لتحتلبنه. الضمير مبهم يرجع إلى أفعالهم، شبهها بالناقة التي أصيب ضرعها بآفة من تفريط صاحبها فيها، ولعل المقصود عدم انتفاعهم بتلك الافعال عاجلا وآجل. والبطانة: الوليجة (1): وهو الذي يعرفه الرجل أسراره ثقة به (2). لا يألونا خبال. أي لا يقصرون لنا في الفساد، والالو: التقصير (3). قد بدت البغضاء من أفواههم. أي (4) في كلامهم، لانهم لا يملكون من أنفسهم لفرط بغضهم، وما تخفي صدورهم أكبر مما بدا، لان بدوه ليس عن روية واختيار. قوله عليه السلام: سلقوكم. أي ضربوكم واذوكم (5) (بألسنة حداد): ذرية (6) يطلبون الغنيمة. والسلق: البسط بقهر (7) باليد أو باللسان. قوله عليه السلام: يكنيه: أي ناداه بالكنية، فقال: يا أبا حفص، فقال الاشعث: أنا أعرف أنك تعني عمر، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله: إن الشيطان يفر منه، فقال عليه السلام استهزاء وتكذيبا للخبر الموضوع: ما آمن الله روعة الشيطان إذا كان يفر من مثل عمر.
(1) نص عليه في مجمع البحرين 6 / 214، والقاموس 4 / 202، وغيرهم. (2) انظر: مجمع البحرين 6 / 214، ولسان العرب 13 / 55، وتاج العروس 9 / 141، والنهاية 1 / 136.
(3) كما في لسان العرب 14 / 39، وانظر: مجمع البحرين 1 / 29، والصحاح 6 / 2270. (4) في (س): أو. (5) قاله في مجمع البحرين 5 / 186. (6) ذكره في لسان العرب 10 / 160، والذربة: السليطة، كما في القاموس 1 / 67. (7) صرح به في الصحاح 5 / 1497، وتاج العروس 6 / 386، وانظر: لسان العرب 10 / 162.
[331]
ويقال: كربه الغم. أي اشتد عليه (1). والجذم: القطع (2). قوله عليه السلام: لقد عرفت ذلك. أي أثر البغض والعداوة لذلك الامر. 154 - كنز (3): قوله تعالى: * (علمت نفس ما قدمت وأخرت) * (4) قال علي ابن ابراهيم: نزلت (5) في الثاني، يعني ما قدمت من ولاية أبي فلان ومن ولاية نفسه وما أخرت من ولاة الامر من بعده. . (6) إلى قوله: * (بل تكذبون بالدين) * (7)، قال (8): الولاية (9). 155 - كنز (10): روي عن عمر بن أذينة، عن معروف بن خربوذ (11)، قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا بن خربوذ (12) ! أتدري ما تأويل هذه الآية: * (فيومئذ لا يعذب عذابه أحد) * (13) ؟ !. قلت: ل. قال: ذلك (14) الثاني،
(1) ذكره في لسان العرب 1 / 711، وتاج العروس 1 / 542، وغيرهم. (2) نص عليه في مجمع البحرين 6 / 27، ولسان العرب 12 / 86. (3) تأويل الآيات الظاهرة 2 / 770. (4) الانفطار: 5. (5) جاء في المصدر: ذكر علي بن ابراهيم في تفسيره انها نزلت. إلى آخره، وقد بحثنا عنها في تفسيره
فلم نجده. (6) جاء في الكنز: وذكر أيضا قال: وقوله عزوجل. إلى آخره. (7) الانفطار: 9. (8) في (ك): قالو. (9) في المصدر: بعد الآية قال أي بالولاية، فالدين هو الولاية، وقد ذكره في تفسير البرهان 4 / 236، حديث 4 و 5. (10) تأويل الآيات الظاهرة 2 / 795، حديث 5. (11) و (12) في (س): خربوز. (13) الفجر: 25. وذكر في المصدر ما بعد الآية: * (ولا يوثق وثاقه أحد) *. (14) في الكنز: ذاك.
[332]
لا يعذب الله يوم القيامة عذابه أحدا (1). 156 - كتاب المحتضر (2): عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين عليه السلام - في حديث طويل -: ولقد قال لاصحابه الاربعة - أصحاب الكتاب - الرأي - والله - أن ندفع محمدا برمته ونسلم، وذلك حين جاء العدو من فوقنا ومن تحتنا، كما قال الله تعالى: * (وزلزلوا زلزالا شديدا * وتظنون بالله الظنونا * وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) * (3). فقال صاحبه: ولكن (4) نتخذ صنما عظيما فنعبده لانا لا نأمن من أن يظفر ابن أبي كبشة فيكون هلاكنا، ولكن يكون هذا الصنم لنا زخرا (5) فإن ظفرت (6) قريش أظهرنا عبادة هذا الصنم وأعلمناهم أنا كنا لم نفارق ديننا، وإن رجعت دولة ابن أبي كبشة كنا مقيمين على عبادة هذا الصنم سرا، فنزل جبرئيل عليه السلام فأخبر النبي
صلى الله عليه وآله، ثم خبرني رسول الله صلى الله عليه وآله به بعد قتلي ابن عبد ود، فدعاهما، وقال: كم صنما عبدتما في الجاهلية ؟ !. فقالا: يا محمد ! لا تعيرنا بما مضى في الجاهلية. فقال: كم صنما تعبدان يومكما هذا ؟. فقالا: والذي بعثك بالحق نبيا ما نعبد الله منذ أظهرنا لك من دينك ما أظهرن.
(1) وذكره في تفسير البرهان 4 / 460، حديث 1. (2) المحتضر: 58 - 59، باختلاف يسير. (3) الاحزاب: 10 و 11 - 12 بتقديم وتأخير. (4) في المصدر: لا ولكن. (5) كذا، والظاهر: ذخرا، كما في المصدر، وإن جاء زخرا لغة بمعنى الفخر، قال في القاموس 2 / 38: زخر. . الرجل بما عنده فخر. (6) في المحتضر: ظهرت.
[333]
فقال (1): يا علي ! خذ هذا السيف فانطلق إلى موضع كذ. وكذا فاستخرج الصنم الذي يعبدانه فاهشمه، فإن حال بينك وبينه أحد فاضرب عنقه، فانكبا على رسول الله صلى الله عليه وآله، فقالا: استرنا سترك الله. فقلت أنا لهما: اضمنا لله ولرسوله أن لا تعبدا إلا الله ولا تشركا به شيئ. فعاهدا رسول الله صلى الله عليه وآله على ذلك، وانطلقت حتى استخرجت الصنم فكسرت وجهه ويديه وجزمت رجليه، ثم انصرفت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فو الله لقد عرف ذلك في وجوههما علي حتى ماتا (2). وساق الحديث إلى آخره.
157 - قال (3): وذكر بعض العلماء في كتابه (4)، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يخرج في كل (5) جمعة إلى ظاهر المدينة ولا يعلم أحدا أين يمضي، قال: فبقي على ذلك برهة من الزمان، فلما كان في بعض الليالي، قال (6) عمر بن الخطاب: لا بد (7) من أن أخرج وأبصر أين يمضي علي بن أبي طالب (ع)، قال: فقعد له عند باب المدينة حتى خرج ومضى على عادته، فتبعه عمر - وكان كلما وضع علي عليه السلام قدمه في موضع وضع عمر رجله مكانها - فما كان إلا قليلا حتى وصل إلى بلدة عظيمة ذات نخل وشجر ومياه غزيرة، ثم إن أمير المؤمنين عليه السلام دخل إلى حديقة بها ماء جار فتوضأ ووقف بين النخل يصلي إلى أن مضى من الليل أكثره، وأما عمر فإنه نام فلما قضى
(1) في المصدر: فقال لي. (2) في كتاب المحتضر: ذلك منهما في وجوههما على. ولا توجد فيه: حتى مات. (3) قاله الشيخ حسن بن سليمان الحلي في كتابه المحتضر: 66 - 68 باختلاف. (4) لا توجد في المصدر: في كتابه. (5) في المحتضر زيادة: ليلة. (6) لا توجد: قال، في (س)، وفي المصدر: فقال. (7) في المحتضر: لا بد لي.
[334]
أمير المؤمنين عليه السلام وطره من الصلاة عاد ورجع إلى المدينة حتى وقف خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وصلى معه الفجر، فانتبه عمر فلم يجد أمير المؤمنين عليه السلام في موضعه، فلما أصبح راى موضعا لا يعرفه وقوما لا يعرفهم ولا يعرفونه، فوقف على رجل منهم، فقال له الرجل: من أين أنت (1) ؟ ومن أين أتيت ؟.
فقال عمر (2): ممن يثرب مدينة رسول الله (ص). فقال الرجل: يا شيخ (3) ! تأمل أمرك وأبصر ما (4) تقول ؟. فقال: هذا الذي أقوله لك. قال الرجل: متى خرجت من المدينة ؟. قال: البارحة. قال له: اسكت، لا يسمع الناس منك هذا فتقتل أو يقولون هذا مجنون. فقال: الذي أقول حق. فقال له الرجل: حدثني كيف حالك ومجيؤك إلى ها هنا ؟ !. فقال عمر: كان علي بن أبي طالب في كل ليلة جمعة يخرج من المدينة ولا نعلم أين يمضي، فلما كان في هذه الليلة تبعته وقلت أريد أن أبصر أين يمضي، فوصلنا إلى ها هنا، فوقف يصلي ونمت ولا أدري ما صنع ؟. فقال له الرجل: أدخل هذه المدينة وأبصر الناس واقطع أيامك إلى ليلة الجمعة فما لك من يحملك إلى موضع الذي جئت منه إلا الرجل (5) الذي جاء
(1) في (ك): من أنت. (2) في المصدر: فقال عربي: أتيت. (3) لا توجد: يا شيخ، في المصدر. (4) في كتاب المحتضر: وانظر ايش. (5) لا توجد: الرجل، في المصدر.
[335]
بك، فبيننا وبين المدينة أزيد من مسيرة (1) سنتين، فإذا رأينا من يرى المدينة وراى رسول الله صلى الله عليه وآله نتبرك به ونزوره، وفي الاحيان نرى من أتى بك فنقول (2) أنت قد جئت (3) في بعض ليلة (4) من المدينة، فدخل عمر إلى المدينة
فراى الناس كلهم يلعنون ظالمي أهل بيت (5) محمد صلى الله عليه وآله ويسموهم بأسمائهم واحدا واحدا، وكل صاحبه صناعة يقول كذلك وهو على صناعته، فلما سمع عمر ذلك ضاقت عليه الارض بما رحبت وطالت عليه الايام حتى جاء (6) ليلة الجمعة، فمضى إلى ذلك المكان فوصل (7) أمير المؤمنين عليه السلام إليه (8) عادته، فكان عمر يترقبه حتى مضى معظم الليل وفرغ من صلاته وهم بالرجوع فتبعه عمر حتى وصلا الفجر المدينة، فدخل أمير المؤمنين عليه السلام المسجد وصلى خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وصلى عمر أيضا، ثم التفت النبي صلى الله عليه وآله إلى عمر، فقال: يا عمر ! أين كنت اسبوعا لا نراك عندنا ؟ ! فقال عمر: يا رسول الله (ص) ! كان من شأني. كذا وكذا، وقص عليه ما جرى له، فقال النبي صلى الله عليه وآله: لا تنس ما شاهدت بنظرك فلما سأله من سأله عن ذلك، فقال: نفذ في سحر بني هاشم. أقول: هذا حديث غريب لم أره إلا في الكتاب المذكور. 158 - كشف الحق (9) للعلامة الحلي رحمه الله: روى الحافظ محمد بن
(1) في المصدر: على، بدلا من: أزيد من مسيرة. (2) في (س): فتقول، وفي المصدر: وتقول. ولا توجد فيه: وفي الاحيان نرى من أتى بك. (3) في المحتضر: أنت جئت، وفي (س): جئتك. (4) في المصدر زيادة: إلى هن. (5) في المحتضر: آل، بدلا من: أهل بيت. (6) في المصدر: جاءت، وهو الظاهر. (7) في المحتضر: فأتى. (8) في المصدر: على، بدلا من: إليه. وهو الظاهر. (9) نهج الحق وكشف الصدق: 330 - 332، وطبع باسم: كشف الحق، وهما واحد. (*)
[336]
موسى الشيرازي في كتابه الذي استخرجه من التفاسير الاثني عشر: تفسير (1) أبي يوسف يعقوب بن سفيان، وتفسير ابن جريح، وتفسير مقاتل بن سليمان، وتفسير وكيع بن جراح، وتفسير يوسف بن موسى القطان، وتفسير قتادة، وتفسير أبي عبيدة (2) القاسم بن سلام، وتفسير علي بن حرب الطائي، وتفسير السدي، وتفسير مجاهد، وتفسير مقاتل بن حيان، وتفسير أبي صالح، وكلهم من الجماهرة (3)، عن أنس بن مالك، قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وآله فتذاكرنا رجلا يصلي ويصوم ويتصدق (4) ويزكي، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله: لا أعرفه. فقلنا: يا رسول الله ! إنه عبد الله (5) ويسبحه ويقدسه ويوحده. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا أعرفه، فبينا نحن في ذكر الرجل إذ قد (6) طلع علينا، فقلنا: هو ذا، فنظر إليه رسول الله صلى اله عليه وآله، فقال (7) لابي بكر: خذ سيفي هذا وامض إلى هذا الرجل فاضرب (8) عنقه، فإنه أول من يأتيه من حزب الشيطان. فدخل أبو بكر المسجد فرآه راكعا، فقال: والله لا أقتله، فإن رسول الله (ص) نهانا عن قتل (9) المصلين، فرجع إلى رسول الله عليه وآله، فقال يا رسول الله ! إني رأيته يصلي.
(1) لا توجد في المصدر: تفسير. (2) في المصدر: وتفسير سليمان وتفسير أبي عبد الله. (3) في الكشف: الجماهر. (4) لا يوجد في المصدر: ويتصدق. (5) في كشف الحق: إنه يعبد الله. وهو الظاهر. (6) لا توجد: قد، في المصدر.
(7) في المصدر: وقال. (8) في نهج الحق: واضرب. (9) في كشف الحق: قتال.
[337]
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اجلس، فلست بصاحبه، قم يا عمر ! و (1) خذ سيفي من يد (2) أبي بكر وأدخل المسجد فاضرب عنقه (3)، قال عمر: فأخذت السيف من أبي بكر ودخلت المسجد فرأيت الرجل ساجدا، فقلت: والله لا أقتله فقد استأمنه من هو خير مني فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت: يا رسول الله إني رأيت الرجل ساجد. فقال: يا عمر ! اجلس فلست بصاحبه، قم يا علي فإنك أنت قاتله، إن وجدته فاقتله، فإنك إن قتلته لم يقع بين أمتي اختلاف أبد. قال علي عليه السلام: فأخذت السيف ودخلت المسجد فلم أره، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت: يا رسول الله (ص) ! ما رأيته. فقال: يا أبا الحسن ! إن أمة موسى افترقت إحدى وسبعين فرقة، فرقة ناجية والباقون في النار، وإن أمة عيسى (ع) افترقت اثنتين وسبعين فرقة ناجية ناجية والباقون في النار، وإن أمتي ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، فرقة ناجية والباقون في النار. فقلت: يا رسول الله (ص) ! وما الناجية ؟. فقال: المتمسك بما أنت عليه وأصحابه (4)، فأنزل الله تعالى في ذلك الرجل (5): * (ثاني عطفه) * (6). يقول: هذا أول من يظهر من أصحاب البدع والضلالات. قال ابن عباس، والله ما قتل ذلك الرجل إلا أمير المؤمنين (ع) يوم صفين،
(1) لا توجد الواو في (س).
(2) لا توجد: يد، في المصدر. (3) لا توجد عبارة: فاضرب عنقه في (س)، وفي المصدر: واضرب عنقه. (4) في كشف الحق: بما أنت وأصحابك عليه. (5) لا توجد: تعالى، في المصدر، وكذا كلمة: الرجل. (6) الحج: 9.
[338]
ثم قال: * (له في الدنيا خزي) * (1) قال القتل (2): * (ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق) * (3) بقتاله علي بن أبي طالب عليه السلام يوم صفين (4). قال العلامة رحمه الله (5): تضمن الحديث أن أبا بكر (6) وعمر لم يقبلا أمر النبي صلى الله عليه وآله ولم يقبلا قوله، واعتذرا بأنه يصلي ويسجد، ولم يعلما أن النبي صلى الله عليه وآله أعرف بما هو عليه منهما، ولو لم يكن مستحقا للقتل لم يأمر الله تعالى (7) نبيه بذلك، وكيف ظهر إنكار النبي صلى الله عليه وآله على أبي بكر بقوله: لست بصاحبه، وامتنع عمر من فعله (8)، ومع ذلك فإن النبي صلى الله عليه وآله حكم بأنه لو قتل لم يقع بين أمتي اختلاف أبدا، وكرر الامر بقتله ثلاث مرات عقيب الانكار على الشيخين، وحكم صلى الله عليه وآله بأن أمته ستفترق ثلاثا وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون منها في النار، وأصل هذا بقاء ذلك الرجل الذي أمر النبي صلى الله عليه وآله الشيخين بقتله فلم يقتلاه، فكيف يجوز للعامي تقليد من يخالف أمر الرسول صلى الله عليه وآله. 159 - وقال رحمه الله في كتاب المذكور (9): وقد روى عبد الله بن عباس، وجابر، وسهل بن حنيف، وأبو وايل، والقاضي عبد الجبار، وأبو علي الجبائي،
(1) الحج: 9. (2) في المصدر: خزي القتل، ويذيقه. وعليه فلا تكون آية.
(3) الحج: 9. (4) لا توجد في المصدر: يوم صفين. وجاءت هذه القصة بمضامين مختلفة، منها ما أورده احمد بن حنبل في مسنده 3 / 15، وابن عبد ربه في العقد الفريد 1 / 305، وابن حجر في الاصابة 1 / 484، وغيرهم. (5) في نهج الحق وكشف الصدق: 332. (6) في المصدر: فلينظر العاقل إلى ما تضمنه هذا الحديث المشهور المنقول من أن أبا بكر. (7) لا توجد: تعالى، في المصدر. (8) في المصدر: من قتله، بدلا: من فعله. (9) نهج الحق وكشف الصدق (كشف الحق): 336 - 337.
[339]
وأبو مسلم الاصفهاني، ويوسف الثعلبي (1)، والطبري، والواقدي، والزهري، والبخاري، والحميدي في الجمع بين الصحيحين (2) في مسند المسور بن مخرمة في حديث الصلح بين سهيل بن عمرو وبين النبي صلى الله عليه وآله بالحديبية، يقول فيه: فقال (3) عمر بن الخطاب: فأتيت النبي صلى الله عليه [وآله]، فقلت له: ألست نبي الله حقا ؟ !. قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟. قال: بلى. قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا (4). قال: إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري. قلت: أو ليس كنت تحدثنا (5) أنا سنأتي البيت فنطوف به (6). قال عمر: فأتيت أبا بكر، فقلت: يا أبا بكر ! أليس هذا نبي الله حقا ؟. قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ !. قال: بلى. قلت: فلم نعطي هذه (7) الدنية في ديننا إذ.
قال: أيها الرجل ! إنه رسول الله، ولا يعصي لربه (8) وهو ناصره، فاستمسك بعذره (9)، فو الله إنه على الحق.
(1) في المصدر: والثعلبي، وهو الظاهر. (2) الجمع بين الصحيحين، للحميدي، لا نعلم بطبعه. (3) لا توجد: فقال، في المصدر. (4) لا توجد: إذا، في المصدر. (5) في كشف الحق: حدثتن. (6) في المصدر: ونطوف به، وهنا سقط جاء في المصدر وهو: قال: بلى، أفأخبرك أنا، فأتيه العام ؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به. (7) لا توجد: هذه، في المصدر. (8) في كشف الحق: وليس يعصي ربه. (9) كذا، والظاهر: بغرزه، كما في المصدر. قال في القاموس 2 / 185: والزم غرز فلان. أي أمره ونهيه، واشدد يديك بغرزه. أي حث نفسك على التمسك به.