‹ صفحه 240 ›
شهادتنا ونسك نسكنا ووالى ولينا وعادى عدونا فهو
مسلم ، فقال : صدق خيثمة . قلت : وسألك عن الإيمان ، فقلت : الإيمان بالله
والتصديق بكتاب الله وأن لا يعصي الله ، فقال : صدق خيثمة ( 1 ) .
532 - علي بن حمزة عن أبي بصير : سمعته يسأل أبا
عبد الله ( عليه السلام ) فقال له : جعلت فداك ، أخبرني عن الدين الذي افترض الله
عز وجل على العباد ، ما لا يسعهم جهله ولا يقبل منهم غيره ما هو ؟ فقال : أعد علي
، فأعاد عليه ، فقال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ( صلى الله
عليه وآله ) وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت من استطاع إليه سبيلا وصوم شهر
رمضان ، ثم سكت قليلا ، ثم قال : والولاية - مرتين - ( 2 ) .
533 - عمرو بن حريث : دخلت على أبي عبد الله (
عليه السلام ) وهو في منزل أخيه عبد الله بن محمد ، فقلت له : جعلت فداك ، ما حولك
إلى هذا المنزل ؟ قال : طلب النزهة ( 3 ) ، فقلت : جعلت فداك ، ألا أقص عليك ديني
؟ فقال : بلى ، قلت : أدين الله بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن
محمدا عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ،
وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت والولاية لعلي أمير المؤمنين
بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والولاية للحسن والحسين والولاية لعلي بن
الحسين والولاية لمحمد بن علي ولك من بعده صلوات الله عليهم أجمعين ، وأنكم أئمتي عليه
أحيا وعليه أموت وأدين الله به ، فقال : يا عمرو ، هذا والله دين الله ودين آبائي
الذي أدين الله به في السر والعلانية ( 4 ) .
----------
( 1 ) الكافي : 2 / 38 / 5 .
( 2 ) الكافي : 2 / 22 / 11 .
( 3 ) التنزه : التباعد ، ونازه النفس عفيف متكرم
يحل وحده ولا يخالط ، والاسم النزهة بالضم ( القاموس المحيط : 4 / 294 ) .
( 4 ) الكافي : 2 / 23 / 14 .
534 - معاذ بن مسلم : أدخلت عمر أخي على أبي عبد
الله ( عليه السلام ) فقلت له : هذا عمر أخي ، وهو يريد أن يسمع منك شيئا ، فقال
له : سل عما شئت . فقال : أسألك عن الذي لا يقبل الله من العباد غيره ولا يعذرهم
على جهله ، فقال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ( صلى الله عليه
وآله ) والصلوات الخمس وصيام شهر رمضان والغسل من الجنابة وحج البيت والإقرار بما
جاء من عند الله جملة ، والائتمام بأئمة الحق من آل محمد . فقال عمر : سمهم لي
أصلحك الله ، فقال : علي أمير المؤمنين ، والحسن والحسين ، وعلي بن الحسين ومحمد
بن علي ، والخير يعطيه الله من يشاء . فقال له : فأنت جعلت فداك ؟ قال : هذا الأمر
يجري لآخرنا كما يجري لأولنا ( 1 ) .
535 - روي أن المأمون بعث الفضل بن سهل ذا
الرياستين إلى الرضا ( عليه السلام ) فقال له : إني أحب أن تجمع لي من الحلال
والحرام والفرائض والسنن ، فإنك حجة الله على خلقه ومعدن العلم . فدعا الرضا (
عليه السلام ) بدواة وقرطاس وقال ( عليه السلام ) للفضل : أكتب : بسم الله الرحمن
الرحيم حسبنا شهادة أن لا إله إلا الله ، أحدا صمدا ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ،
قيوما ، سميعا بصيرا ، قويا قائما ، باقيا نورا ، عالما لا يجهل ، قادرا لا يعجز ،
غنيا لا يحتاج ، عدلا لا يجور ، خلق كل شئ ، ليس كمثله شئ ، لا شبه له ، ولا ضد ولا
ند ، ولا كفو . وأن محمدا عبده ورسوله وأمينه وصفوته من خلقه ، سيد المرسلين وخاتم
النبيين ، وأفضل العالمين ، لا نبي بعده ، ولا تبديل لملته ولا تغيير . وأن جميع
ما جاء به محمد ( صلى الله عليه وآله ) أنه هو الحق المبين ، نصدق به وبجميع من
مضى قبله من رسل
----------
( 1 ) المحاسن : 1 / 450 / 1037 ، شرح الأخبار : 1 /
224 / 209 وفيه " وأن محمدا رسول الله والطهارة والصلاة والزكاة وصوم شهر
رمضان وحج البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا والجهاد لمن قدر عليه والائتمام مع
ذلك بأئمة الحق . . . " .
‹ صفحه 242 ›
الله وأنبيائه وحججه . ونصدق بكتابه الصادق * (
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) * ( 1 ) .
وأنه كتابه المهيمن على الكتب كلها ، وأنه حق من
فاتحته إلى خاتمته ، نؤمن بمحكمه ومتشابهه ، وخاصه وعامه ، ووعده ووعيده ، وناسخه
ومنسوخه وأخباره ، لا يقدر واحد من المخلوقين أن يأتي بمثله .
وأن الدليل والحجة من بعده على المؤمنين والقائم
بأمور المسلمين ، والناطق عن القرآن والعالم بأحكامه ، أخوه وخليفته ووصيه والذي
كان منه بمنزلة هارون من موسى : علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، أمير المؤمنين
، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، يعسوب المؤمنين ، وأفضل الوصيين بعد
النبيين ، وبعده الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، واحدا بعد واحد إلى يومنا هذا
، عترة الرسول ، وأعلمهم بالكتاب والسنة ، وأعدلهم بالقضية ، وأولاهم بالإمامة في
كل عصر وزمان ، وأنهم العروة الوثقى ، وأئمة الهدى ، والحجة على أهل الدنيا ، حتى
يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين .
وأن كل من خالفهم ضال مضل ، تارك للحق والهدى .
وأنهم المعبرون عن القرآن ، الناطقون عن الرسول بالبيان ، من مات لا يعرفهم ولا
يتولاهم بأسمائهم وأسماء آبائهم مات ميتة جاهلية ( 2 ) .
536 - عبد العظيم بن عبد الله الحسني : دخلت على
سيدي علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي
طالب ( عليهم السلام ) ، فلما بصرني ( بصر بي - خ ل ) قال لي : مرحبا بك يا أبا
القاسم ، أنت ولينا حقا . فقلت له : يا بن رسول الله ، إني أريد أن أعرض عليك ديني
، فإن كان مرضيا ثبت عليه حتى ألقى الله عز وجل ، فقال : هات يا أبا القاسم ، فقلت
: إني أقول :
----------
( 1 ) فصلت : 42 .
( 2 ) تحف العقول : 415 .
‹ صفحه 243 ›
إن الله تعالى واحد ليس كمثله شئ خارج من الحدين
: حد الإبطال وحد التشبيه ، وإنه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر ، بل هو مجسم
الأجسام ومصور الصور ، وخالق الأعراض والجواهر ، ورب كل شئ ومالكه وجاعله ومحدثه .
وأن محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين ، فلا نبي
بعده إلى يوم القيامة ، وأن شريعته خاتمة الشرائع فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة
.
وأقول : إن الإمام والخليفة وولي الأمر بعده
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن
علي ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم أنت يا
مولاي .
فقال علي ( عليه السلام ) : ومن بعدي الحسن
ابني ، فكيف للناس بالخلف من بعده ؟ فقلت : وكيف ذاك يا مولاي ؟ قال : لأنه لا يرى
شخصه ولا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا .
فقلت : أقررت .
وأقول : إن وليهم ولي الله ، وعدوهم عدو الله ،
وطاعتهم طاعة الله ، ومعصيتهم معصية الله . وأقول : إن المعراج حق ، والمسألة في
القبر حق ، وإن الجنة حق ، والنار حق ، والصراط حق ، والميزان حق ، وإن الساعة
آتية لا ريب فيها ، وإن الله يبعث من في القبور .
وأقول : إن الفرائض الواجبة بعد الولاية :
الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . فقال علي
بن محمد ( عليهما السلام ) : يا أبا القاسم ، هذا والله دين الله الذي ارتضاه
لعباده ، فأثبت عليه أثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ( 1 )
.
----------
( 1 ) أمالي الصدوق : 278 / 24 ، التوحيد : 81 / 37
، كمال الدين : 379 ، روضة الواعظين : 39 ، كفاية الأثر : 282 ، وراجع صفات الشيعة
: 127 / 68 .
‹ صفحه 245 ›
الفصل الثاني صفة شيعتهم
537 - الإمام علي ( عليه السلام ) : شيعتنا
المتباذلون في ولايتنا ، المتحابون في مودتنا ، المتزاورون في إحياء أمرنا ، الذين
إن غضبوا لم يظلموا ، وإن رضوا لم يسرفوا ، بركة على من جاوروا ، سلم لمن خالطوا (
1 ) .
538 - عنه ( عليه السلام ) : شيعتنا هم العارفون
بالله ، العاملون بأمر الله ، أهل الفضائل ، والناطقون بالصواب ، مأكولهم القوت ،
وملبسهم الاقتصاد ، ومشيهم التواضع . . . تحسبهم مرضى وقد خولطوا وما هم بذلك ، بل
خامرهم من عظمة ربهم وشدة سلطانه ما طاشت له قلوبهم وذهلت منه عقولهم ، فإذا
استقاموا من ذلك بادروا إلى الله بالأعمال الزكية ، لا يرضون له بالقليل ، ولا
يستكثرون الجزيل ( 2 ) .
539 - نوف بن عبد الله البكالي : قال لي علي (
عليه السلام ) : يا نوف ، خلقنا من طينة طيبة ، وخلق
----------
( 1 ) الكافي : 2 / 236 / 24 عن أبي المقدام عن الإمام
الباقر ( عليه السلام ) ، وراجع الخصال : 397 / 104 ، صفات الشيعة : 91 / 23 ، تحف
العقول : 300 ، مشكاة الأنوار : 6 ، التمحيص : 69 / 168 ، شرح الأخبار : 3 / 504 /
1449 .
( 2 ) مطالب السؤول : 54 عن نوف البكالي .
شيعتنا من طينتنا ، فإذا كان يوم القيامة ألحقوا
بنا . فقلت : صف لي شيعتك يا أمير المؤمنين . فبكى لذكري شيعته ، ثم قال : يا نوف
، شيعتي والله الحلماء العلماء بالله ودينه ، العاملون بطاعته وأمره ، المهتدون
بحبه ، أنضاء عبادة ، أحلاس زهادة ، صفر الوجوه من التهجد ، عمش العيون من البكاء
، ذبل الشفاه من الذكر ، خمص البطون من الطوى ، تعرف الربانية في وجوههم ،
والرهبانية في سمتهم .
مصابيح كل ظلمة ، وريحان كل قبيح ، لا يثنون من
المسلمين سلفا ، ولا يقفون لهم خلفا . شرورهم مكنونة ، وقلوبهم محزونة ، وأنفسهم
عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ، أنفسهم منهم في عناء ، والناس منهم في راحة ، فهم الكاسة
الألباء ، والخالصة النجباء ، وهم الرواغون فرارا بدينهم . إن شهدوا لم يعرفوا ،
وإن غابوا لم يفتقدوا ، أولئك شيعتي الأطيبون ، وإخواني الأكرمون ، ألا هاه شوقا
إليهم ! ( 1 )
540 - محمد بن الحنفية : لما قدم أمير المؤمنين
( عليه السلام ) البصرة بعد قتال أهل الجمل ، دعاه الأحنف بن قيس واتخذ له طعاما ،
فبعث إليه صلوات الله عليه وإلى أصحابه ، فأقبل ثم قال : يا أحنف ، ادع لي أصحابي
، فدخل عليه قوم متخشعون كأنهم شنان بوال ، فقال الأحنف بن قيس : يا أمير المؤمنين
، ما هذا الذي نزل بهم ؟ أمن قلة الطعام ، أو من هول الحرب ؟ ! فقال صلوات الله
عليه : لا يا أحنف ، إن الله سبحانه أحب أقواما تنسكوا له في دار الدنيا تنسك من
هجم على ما علم من قربهم من يوم القيامة من قبل أن يشاهدوها ، فحملوا أنفسهم على
مجهودها ( 2 ) .
541 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : امتحنوا
شيعتنا عند ثلاث : عند مواقيت الصلاة كيف محافظتهم عليها ، وعند أسرارهم كيف حفظهم
لها عن عدونا ، وإلى أموالهم
----------
( 1 ) أمالي الطوسي : 576 / 1189 .
( 2 ) صفات الشيعة : 118 / 63 .
‹ صفحه 247 ›
كيف مواساتهم لإخوانهم فيها ( 1 ) .
542 - عنه ( عليه السلام ) : إنما شيعة جعفر من
عف بطنه وفرجه ، واشتد جهاده ، وعمل لخالقه ، ورجا ثوابه ، وخاف عقابه . فإذا رأيت
أولئك فأولئك شيعة جعفر ( 2 ) .
543 - عنه ( عليه السلام ) : شيعتنا من قدم ما
استحسن ، وأمسك ما استقبح ، وأظهر الجميل ، وسارع بالأمر الجليل رغبة إلى رحمة
الجليل ، فذاك منا وإلينا ومعنا حيث ما كنا ( 3 ) .
544 - عنه ( عليه السلام ) : شيعتنا أهل الورع
والاجتهاد ، وأهل الوفاء والأمانة ، وأهل الزهد والعبادة ، أصحاب إحدى وخمسين ركعة
في اليوم والليلة ، القائمون بالليل ، الصائمون بالنهار ، يزكون أموالهم ، ويحجون
البيت ، ويجتنبون كل محرم ( 4 ) .
545 - عنه ( عليه السلام ) : إنما شيعتنا يعرفون
بخصال شتى : بالسخاء ، والبذل للإخوان ، وبأن يصلوا الخمسين ليلا ونهارا ( 5 ) .
546 - عنه ( عليه السلام ) : الشيعة ثلاث : محب
واد فهو منا ، ومتزين بنا ونحن زين لمن تزين بنا ، ومستأكل بنا الناس ومن استأكل
بنا افتقر ( 6 ) .
547 - عنه ( عليه السلام ) : افترق الناس فينا
على ثلاث فرق : فرقة أحبونا انتظار قائمنا ليصيبوا من
----------
( 1 ) الخصال : 103 / 62 عن الليثي ، روضة الواعظين
: 321 وفيهما " عند عدونا " ، وما أثبتناه لما في سائر المصادر ، مشكاة
الأنوار : 78 ، قرب الإسناد : 78 / 253 .
( 2 ) صفات الشيعة : 89 / 21 ، الكافي : 2 / 233 / 9
وفي صدره " إنما شيعة علي " ، الخصال : 296 / 63 كلها عن المفضل بن عمر
.
( 3 ) صفات الشيعة : 95 / 32 عن مسعدة بن صدقة .
( 4 ) صفات الشيعة : 81 / 1 عن أبي بصير .
( 5 ) تحف العقول : 303 .
( 6 ) الخصال : 103 / 61 ، أعلام الدين : 130 كلاهما
عن معاوية بن وهب ، روضة الواعظين : 321 ، مشكاة الأنوار : 78 .
‹ صفحه 248 ›
دنيانا ، فقالوا وحفظوا كلامنا وقصروا عن فعلنا
، فسيحشرهم الله إلى النار . وفرقة أحبونا وسمعوا كلامنا ولم يقصروا عن فعلنا ،
ليستأكلوا الناس بنا ، فيملأ الله بطونهم نارا ، يسلط عليهم الجوع والعطش . وفرقة
أحبونا وحفظوا قولنا وأطاعوا أمرنا ولم يخالفوا فعلنا ، فأولئك منا ونحن منهم ( 1
) .
548 - عنه ( عليه السلام ) - لرجل ادعى الحب
لأهل البيت ( عليهم السلام ) - : من أي محبينا أنت ؟ فسكت الرجل ، فسأله سدير ( 2
) : وكم محبوكم يا بن رسول الله ؟ فقال : على ثلاث طبقات :
طبقة أحبونا في العلانية ولم يحبونا في السر ،
وطبقة يحبونا في السر ولم يحبونا في العلانية ، وطبقة يحبونا في السر والعلانية هم
النمط الأعلى . .
. والطبقة الثانية النمط الأسفل ، أحبونا في
العلانية وساروا بسيرة الملوك ، فألسنتهم معنا وسيوفهم علينا .
والطبقة الثالثة النمط الأوسط ، أحبونا في السر
ولم يحبونا في العلانية . ولعمري لئن كانوا أحبونا في السر دون العلانية فهم
الصوامون بالنهار القوامون بالليل ترى أثر الرهبانية في وجوههم ، أهل سلم وانقياد
.
قال الرجل : فأنا من محبيكم في السر والعلانية
. قال جعفر ( عليه السلام ) : إن لمحبينا في السر والعلانية علامات يعرفون بها .
قال الرجل : وما تلك العلامات ؟ قال ( عليه السلام ) : تلك خلال أولها أنهم عرفوا
التوحيد حق معرفته وأحكموا علم توحيده ( 3 ) .
----------
( 1 ) تحف العقول : 514 عن المفضل .
( 2 ) سدير بن حكيم بن صهيب الصيرفي من أصحاب السجاد
والباقر والصادق ( عليهم السلام ) ( رجال الطوسي ) .
( 3 ) تحف العقول : 325 .
‹ صفحه 249 ›
القسم السادس خلق أهل البيت
وفيه فصول :
الفصل الأول : إيثارهم
الفصل الثاني : تواضعهم
الفصل الثالث : عفوهم
الفصل الرابع : سيرتهم في العبادة
الفصل الخامس : سيرتهم في الصبر والرضا
الفصل السادس : سيرتهم في طلب المعاش
الفصل السابع : سيرتهم في العطاء والصلة
الفصل الثامن : سيرتهم مع الخدم
الفصل التاسع : جوامع مكارم أخلاقهم
‹ صفحه 251 ›
الفصل الأول إيثارهم
* ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما
وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) * ( 1 ) . * (
ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) * ( 2
) .
549 - ابن عباس : إن الحسن والحسين مرضا ،
فعادهما رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في ناس معه ، فقالوا : يا أبا الحسن ،
لو نذرت على ولدك . فنذر علي وفاطمة وفضة - جارية لهما - إن برئا مما بهما أن
يصوموا ثلاثة أيام ، فشفيا وما معهم شئ ، فاستقرض علي من شمعون الخيبري اليهودي
ثلاث أصوع من شعير ، فطحنت فاطمة صاعا واختبزت خمسة أقراص على عددهم ، فوضعوها بين
أيديهم ليفطروا ، فوقف عليهم سائل فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد ، مسكين من
مساكين
----------
( 1 ) الانسان : 8 و 9 .
( 2 ) الحشر : 9 .
‹ صفحه 252 ›
المسلمين ، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة
، فآثروه ، وباتوا لم يذوقوا إلا الماء ، وأصبحوا صياما . فلما أمسوا ووضعوا
الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم ، فآثروه . ووقف عليهم أسير في الثالثة ، ففعلوا
مثل ذلك .
فلما أصبحوا أخذ علي ( عليه السلام ) بيد الحسن
والحسين وأقبلوا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فلما أبصرهم وهم يرتعشون
كالفراخ من شدة الجوع قال : ما أشد ما يسوؤني ما أرى بكم ! وقام فانطلق معهم فرأى
فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها ، فساءه ذلك ، فنزل جبرئيل
وقال : خذها يا محمد هنأك الله في أهل بيتك ، فأقرأه السورة ( 1 ) ( 2 ) .
550 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : كان عند
فاطمة شعير فجعلوه عصيدة ، فلما أنضجوها ووضعوها بين أيديهم ، جاء مسكين ، فقال
المسكين : رحمكم الله ، فقام علي ( عليه السلام ) فأعطاه ثلثها . فلم يلبث أن جاء
يتيم فقال اليتيم : رحمكم الله ، فقام علي ( عليه السلام ) فأعطاه الثلث . ثم جاء
أسير فقال الأسير : رحمكم الله ، فأعطاه علي ( عليه السلام ) الثلث الباقي وما
ذاقوها ، فأنزل الله سبحانه الآيات فيهم ( 3 ) .
551 - الإمام الباقر ( عليه السلام ) - في بيان
سبب نزول سورة " هل أتى " في شأن أهل البيت ( عليهم السلام ) - : * (
ويطعمون الطعام على حبه ) * يقول : على شهوتهم للطعام وإيثارهم له ، " مسكينا
" من مساكين المسلمين ، " يتيما " من يتامى المسلمين ، "
وأسيرا " من أسارى المشركين ، ويقول إذا أطعموهم : * ( إنما نطعمكم لوجه الله
لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) * . قال : والله ما قالوا هذا لهم ، ولكنهم أضمروه
في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم ، يقولون : لا نريد جزاء تكافؤننا به ولا شكورا
تثنون
----------
( 1 ) يعني سورة الانسان .
( 2 ) الكشاف : 4 / 169 ، وراجع كشف الغمة : 1 / 302
.
( 3 ) مجمع البيان : 10 / 612 ، تفسير القمي : 2 /
398 وفيه " رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله " كلاهما عن عبد الله بن
ميمون القداح .
‹ صفحه 253 ›
علينا به ، ولكنا إنما أطعمناكم لوجه الله وطلب
ثوابه ( 1 ) .
552 - ابن عباس : إن علي بن أبي طالب ( عليه
السلام ) أجر نفسه ليستقي نخلا بشئ من شعير ليلة حتى أصبح . فلما أصبح وقبض الشعير
طحن ثلثه فجعلوا منه شيئا ليأكلوه يقال له الحريرة ( 2 ) ، فلما تم إنضاجه أتى
مسكين فأخرجوا إليه الطعام ، ثم عمل الثلث الثاني ، فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل
فأطعموه ، ثم عمل الثلث الثالث ، فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فسأل
فأطعموه وطووا يومهم ذلك ( 3 ) .
553 - ابن عباس - في قول الله : * ( ويؤثرون على
أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) * - : نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم
السلام ) ( 4 ) .
554 - أبو هريرة : جاء رجل إلى النبي ( صلى الله
عليه وآله ) فشكا إليه الجوع ، فبعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى بيوت
أزواجه ، فقلن : ما عندنا إلا الماء ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من
لهذا الرجل الليلة ؟ فقال علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : أنا له يا رسول الله
. وأتى فاطمة ( عليها السلام ) فقال : ما عندك يا ابنة رسول الله ؟ فقالت : ما
عندنا إلا قوت الصبية لكنا نؤثر ضيفنا ، فقال علي ( عليه السلام ) : يا ابنة محمد
، نومي الصبية واطفئي المصباح ، فلما أصبح علي ( عليه السلام ) غدا على رسول الله
( صلى الله عليه وآله ) فأخبره الخبر ، فلم يبرح حتى أنزل الله عز وجل : * (
ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) * ( 5
) .
555 - الإمام الباقر ( عليه السلام ) : إن رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) جالس ذات يوم وأصحابه جلوس حوله ،
----------
( 1 ) أمالي الصدوق : 215 عن مسلمة بن خالد عن
الإمام الصادق ( عليه السلام ) .
( 2 ) الحريرة : الحساء من الدسم والدقيق . ( لسان
العرب : 4 / 184 ) .
( 3 ) مجمع البيان : 10 / 612 .
( 4 ) شواهد التنزيل : 2 / 332 / 973 .
( 5 ) أمالي الطوسي : 185 / 309 ، وراجع تأويل
الآيات الظاهرة : 653 ، شواهد التنزيل : 2 / 331 / 972 ، المناقب لابن شهرآشوب : 2
/ 74 .
‹ صفحه 254 ›
فجاء علي ( عليه السلام ) وعليه سمل ( 1 ) ثوب
منخرق عن بعض جسده ، فجلس قريبا من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فنظر إليه
ساعة ثم قرأ : * ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك
هم المفلحون ) * . ثم قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام )
: أما إنك رأس الذين نزلت فيهم هذه الآية وسيدهم وإمامهم . ثم قال رسول الله ( صلى
الله عليه وآله ) لعلي : أين حلتك التي كسوتكها يا علي ؟
فقال : يا رسول الله ، إن بعض أصحابك أتاني
يشكو عريه وعري أهل بيته ، فرحمته وآثرته بها على نفسي ، وعرفت أن الله سيكسوني
خيرا منها ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : صدقت ، أما إن جبرائيل قد
أتاني يحدثني أن الله [ قد ] اتخذ لك مكانها في الجنة حلة خضراء من إستبرق ،
وصبغتها من ياقوت وزبرجد ، فنعم الجواز جواز ربك بسخاوة نفسك ، وصبرك على سملتك (
2 ) هذه المنخرقة ، فأبشر يا علي . فانصرف علي ( عليه السلام ) فرحا مستبشرا بما
أخبره به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ( 3 ) .
556 - أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي المفسر :
رأيت في بعض الكتب أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما أراد الهجرة خلف علي
بن أبي طالب بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده ، وأمره ليلة خرج إلى
الغار - وقد أحاط المشركون بالدار - أن ينام على فراشه ،
وقال له : اتشح ببردي الحضرمي الأخضر ، فإنه لا
يخلص إليك منهم مكروه إن شاء الله تعالى ففعل ذلك ، فأوحى الله إلى جبرئيل
وميكائيل ( عليهما السلام ) أني آخيت بينكما ، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر
، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة ؟ فاختارا كلاهما الحياة ، فأوحى الله عز وجل إليهما
: أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب ؟ ! آخيت بينه وبين نبيي محمد ، فبات على فراشه
يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة ؟ ! اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه . فنزلا ، فكان
----------
( 1 ) السمل : الخلق من الثياب . ( النهاية : 2 /
403 ) .
( 2 ) وفي المصدر " سلمتك " والصحيح ما
أثبتناه في المتن .
( 3 ) تأويل الآيات الظاهرة : 655 عن جابر بن يزيد .
‹ صفحه 255 ›
جبرئيل عند رأس علي ، وميكائيل عند رجليه ،
وجبرئيل ينادي : بخ بخ ! من مثلك يا بن أبي طالب يباهي الله عز وجل به الملائكة ؟
! فأنزل الله عز وجل على رسوله وهو متوجه إلى المدينة - في شأن علي - : * ( ومن
الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ) * ( 1 ) ( 2 ) .
----------
( 1 ) البقرة : 207 .
( 2 ) أسد الغابة : 4 / 98 ، العمدة : 239 / 367 ،
تذكرة الخواص : 35 نقلا عن تفسير الثعلبي عن ابن عباس ، وراجع شواهد التنزيل : 1 /
123 - 132 ، إرشاد القلوب : 224 ، ينابيع المودة : 1 / 274 / 3 ، الصراط المستقيم
: 1 / 174 ، تنبيه الخواطر : 1 / 173 .
الفصل الثاني تواضعهم
557 - رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لقد
هبط علي ملك من السماء ما هبط على نبي قبلي ، ولا يهبط على أحد من بعدي ، وهو
إسرافيل وعنده جبريل ، فقال : السلام عليك يا محمد ، ثم قال : أنا رسول ربك إليك ،
أمرني أن أخبرك ( 1 ) إن شئت نبيا عبدا ، وإن شئت نبيا ملكا ؟ فنظرت إلى جبريل ،
فأومأ جبريل إلي أن تواضع ، فقلت : نبيا عبدا ( 2 ) .
558 - الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ولقد
أتاه جبرئيل ( عليه السلام ) بمفاتيح خزائن الأرض ثلاث مرات يخيره ، من غير أن
ينقصه الله تبارك وتعالى مما أعد الله له يوم القيامة شيئا ، فيختار التواضع لربه
جل وعز ( 3 ) .
559 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : إن
جبرئيل ( عليه السلام ) أتى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فخيره ، وأشار عليه
بالتواضع ، وكان له ناصحا ، فكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يأكل إكلة
العبد ، ويجلس
----------
( 1 ) كذا في المتن ، والأنسب : أخيرك .
( 2 ) المعجم الكبير : 12 / 267 / 13309 عن ابن عمر
.
( 3 ) الكافي : 8 / 130 / 100 ، أمالي الطوسي : 692
/ 1470 كلاهما عن محمد بن مسلم .
‹ صفحه 258 ›
جلسة العبد ، تواضعا لله تبارك وتعالى ( 1 ) .
560 - حمزة بن عبد الله بن عتبة : كانت في النبي
( صلى الله عليه وآله ) خصال ليست في الجبارين ، كان لا يدعوه أحمر ولا أسود من
الناس إلا أجابه ، وكان ربما وجد تمرة ملقاة فيأخذها فيهوي بها إلى فيه ، وإنه
ليخشى أن تكون من الصدقة ، وكان يركب الحمار عريا ليس عليه شئ ( 2 ) .
561 - يزيد بن عبد الله بن قسيط : كان أهل الصفة
ناسا من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لا منازل لهم ، فكانوا ينامون على
عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في المسجد ويظلون فيه ما لهم مأوى غيره ،
فكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يدعوهم إليه بالليل إذا تعشى فيفرقهم على
أصحابه ، وتتعشى طائفة منهم مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، حتى جاء الله
تعالى بالغنى ( 3 ) .
562 - أبو ذر : كان رسول الله ( صلى الله عليه
وآله ) يجلس بين ظهراني أصحابه ، فيجئ الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل . فطلبنا
إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن نجعل له مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه ،
فبنينا له دكانا من طين ، كان يجلس عليه ( 4 ) .
563 - أبو مسعود : أتى النبي ( صلى الله عليه
وآله ) رجل فكلمه ، فجعل ترعد فرائصه ، فقال له : هون عليك فإني لست بملك ، إنما
أنا ابن امرأة تأكل القديد ( 5 ) ( 6 ) .
564 - مطرف : قال أبي : انطلقت في وفد بني عامر
إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فقلنا : أنت سيدنا ، فقال : السيد الله
تبارك وتعالى . قلنا : وأفضلنا فضلا ، وأعظمنا طولا ، فقال :
----------
( 1 ) الكافي : 8 / 131 / 101 عن علي بن المغيرة ،
وراجع الكافي : 6 / 270 ، المحاسن : 2 / 244 باب الأكل متكئا .
( 2 ) الطبقات الكبرى : 1 / 370 .
( 3 ) الطبقات الكبرى : 1 / 255 .
( 4 ) سنن النسائي : 8 / 101 ، مكارم الأخلاق : 1 /
48 / 8 .
( 5 ) القديد : اللحم المملوح المجفف بالشمس . (
لسان العرب : 3 / 344 ) .
( 6 ) سنن ابن ماجة : 2 / 1100 / 3312 ، مكارم
الأخلاق : 1 / 48 / 7 نحوه وفيه " القد " بدل " القديد " .
‹ صفحه 259 ›
قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم
الشيطان ( 1 ) .
565 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ما أكل
نبي الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو متكئ منذ بعثه الله عز وجل ، وكان يكره أن
يتشبه بالملوك ، ونحن لا نستطيع أن نفعل ( 2 ) .
566 - زاذان : رأيت علي بن أبي طالب يمسك الشسوع
بيده ، يمر في الأسواق فيناول الرجل الشسع ويرشد الضال ويعين الحمال على الحمولة ،
وهو يقرأ هذه الآية : * ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض
ولا فسادا والعاقبة للمتقين ) * ( 3 ) . ثم يقول : هذه الآية أنزلت في الولاة وذوي
القدرة من الناس ( 4 ) .
567 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : خرج أمير
المؤمنين ( عليه السلام ) وهو راكب ، فمشوا معه فقال : ألكم حاجة ؟ قالوا : لا ،
ولكنا نحب أن نمشي معك ، فقال لهم : انصرفوا ، فإن مشي الماشي مع الراكب مفسدة
للراكب ومذلة للماشي ( 5 ) .
568 - روي أن الحسن بن علي ( عليهما السلام )
كان يجلس إلى المساكين ، ثم يقول : * ( إنه لا يحب المستكبرين ) * ( 6 ) ( 7 ) .
569 - روي أنه مر الحسن بن علي ( عليهما السلام
) على فقراء وقد وضعوا كسيرات على الأرض وهم قعود يلتقطونها ويأكلونها ، فقالوا له
: هلم يا بن بنت رسول الله إلى الغداء .
----------
( 1 ) سنن أبي داود : 4 / 254 / 4806 ، الأدب المفرد
: 72 / 211 وراجع مسند ابن حنبل : 5 / 498 / 16307 و : 499 / 16311 و 16316 ، كشف
الخفاء : 1 / 462 / 1514 .
( 2 ) الكافي : 6 / 272 / 8 عن المعلى بن خنيس .
( 3 ) القصص : 83 .
( 4 ) فضائل الصحابة لابن حنبل : 2 / 621 / 1064 .
( 5 ) الكافي : 6 / 540 / 16 هشام بن سالم ، وراجع
تحف العقول : 209 .
( 6 ) النحل : 23 .
( 7 ) تفسير الطبري : 8 / جزء 14 / 94 ، العمدة :
400 / 812 .
‹ صفحه 260 ›
قال : فنزل وقال : إن الله لا يحب المستكبرين ،
وجعل يأكل معهم حتى اكتفوا والزاد على حاله ببركته ، ثم دعاهم إلى ضيافته وأطعمهم
وكساهم ( 1 ) .
570 - محمد بن عمرو بن حزم : مر الحسين بمساكين
يأكلون في الصفة ( 2 ) فقالوا : الغداء ، فنزل وقال : إن الله لا يحب المتكبرين ،
فتغدى معهم ثم قال لهم : قد أجبتكم فأجيبوني . قالوا : نعم . فمضى بهم إلى منزله ،
فقال للرباب : أخرجي ما كنت تدخرين ( 3 ) .
571 - أبو بصير : دخل أبو عبد الله ( عليه
السلام ) الحمام ، فقال له صاحب الحمام : أخليه لك ؟ فقال : لا حاجة لي في ذلك ،
المؤمن أخف من ذلك ( 4 ) .
572 - روي أنه دخل [ الرضا ( عليه السلام ) ]
الحمام فقال له بعض الناس : دلكني يا رجل ، فجعل يدلكه ، فعرفوه ، فجعل الرجل
يستعذر منه وهو يطيب قلبه ويدلكه ( 5 ) .
----------
( 1 ) المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 23 .
( 2 ) أهل الصفة : هم فقراء المهاجرين ، ومن لم يكن
له منزل يسكنه ، فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه . ( النهاية
: 3 / 37 ) .
( 3 ) تاريخ دمشق " ترجمة الإمام الحسين ( عليه
السلام ) " : 151 / 196 ، تفسير العياشي : 2 / 257 / 15 نحوه عن مسعدة .
( 4 ) الكافي : 6 / 503 / 37 .
( 5 ) المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 362 .
الفصل الثالث عفوهم
573 - رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
مروءتنا أهل البيت العفو عمن ظلمنا وإعطاء من حرمنا ( 1 ) .
574 - أبو عبد الله الجدلي : سألت عائشة عن خلق
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقالت : لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا ( 2
) في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح ( 3 ) .
575 - عبد الله : كأني أنظر إلى النبي ( صلى
الله عليه وآله ) يحكي نبيا من الأنبياء ، ضربه قومه فأدموه ، وهو يمسح الدم عن
وجهه ويقول : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ( 4 ) .
576 - الإمام الباقر ( عليه السلام ) : إن رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) أتي باليهودية التي سمت الشاة للنبي ( صلى الله عليه
وآله ) ، فقال
----------
( 1 ) تحف العقول : 38 .
( 2 ) الصخب والسخب : الضجة واضطراب الأصوات للخصام
. ( النهاية : 3 / 14 ) .
( 3 ) سنن الترمذي : 4 / 369 / 2016 ، مسند ابن حنبل
: 9 / 532 / 25472 ، وذكر أيضا في : 10 / 75 / 26049 و : 94 / 26150 .
( 4 ) صحيح البخاري : 6 / 2539 / 6530 ، وأيضا في :
3 / 1282 / 3290 ، صحيح مسلم : 3 / 1417 / 1792 ، سنن ابن ماجة : 2 / 1335 / 4025
، مسند ابن حنبل : 2 / 125 / 4107 نحوه .
‹ صفحه 262 ›
لها : ما حملك على ما صنعت ؟ فقالت : قلت : إن
كان نبيا لم يضره وإن كان ملكا أرحت الناس منه ، قال : فعفا رسول الله ( صلى الله
عليه وآله ) عنها ( 1 ) .
577 - معاذ بن عبد الله التميمي : والله ، لقد
رأيت أصحاب علي ( عليه السلام ) وقد وصلوا إلى الجمل ، وصاح منهم صائح : اعقروه ،
فعقروه فوقع ، فنادى علي ( عليه السلام ) : من طرح السلاح فهو آمن ، ومن دخل بيته
فهو آمن ، فوالله ما رأيت أكرم عفوا منه ( 2 ) .
578 - البلاذري : قام علي ( عليه السلام ) حين
ظهر وظفر [ على القوم ] خطيبا فقال : يا أهل البصرة ، قد عفوت عنكم ، فإياكم
والفتنة ، فإنكم أول الرعية نكث البيعة وشق عصا الأمة ( 3 ) .
579 - الإمام علي ( عليه السلام ) - من كلامه
بالبصرة حين ظهر على القوم ، بعد حمد الله والثناء عليه - : أما بعد ، فإن الله ذو
رحمة واسعة ، ومغفرة دائمة ، وعفو جم ، وعقاب أليم ، قضى أن رحمته ومغفرته وعفوه
لأهل طاعته من خلقه ، وبرحمته اهتدى المهتدون ، وقضى أن نقمته وسطواته وعقابه على
أهل معصيته من خلقه ، وبعد الهدى والبينات ما ضل الضالون . فما ظنكم يا أهل البصرة
وقد نكثتم بيعتي وظاهرتم علي عدوي ؟ فقام إليه رجل فقال : نظن خيرا ، ونراك قد
ظفرت وقدرت ، فإن عاقبت فقد اجترمنا ذلك ، وإن عفوت فالعفو أحب إلى الله ، فقال :
قد عفوت عنكم ، فإياكم والفتنة ، فإنكم أول الرعية نكث البيعة وشق عصا هذه الأمة ،
قال : ثم جلس للناس فبايعوه ( 4 ) .
580 - الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) :
دخلت على مروان بن الحكم فقال : ما رأيت أحدا أكرم
----------
( 1 ) الكافي : 2 / 108 / 9 عن زرارة .
( 2 ) الجمل : 365 ، وراجع مروج الذهب : 2 / 378 ،
الأخبار الطوال : 151 ، تاريخ اليعقوبي : 2 / 183 ، شرح الأخبار : 1 / 395 / 334 .
( 3 ) أنساب الأشراف : 2 / 264 / 337 .
( 4 ) الإرشاد : 1 / 257 ، وراجع الجمل : 407 عن
الحارث بن سريع .
‹ صفحه 263 ›
غلبة من أبيك ، ما هو إلا أن ولينا يوم الجمل ،
فنادى مناديه : لا يقتل مدبر ولا يذفف على جريح ( 1 ) .
581 - ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ، في
صفة علي ( عليه السلام ) : وأما الحلم والصفح فكان أحلم الناس عن ذنب ، وأصفحهم عن
مسئ .
وقد ظهر صحة ما قلناه يوم الجمل ، حيث ظفر
بمروان بن الحكم - وكان أعدى الناس له ، وأشدهم بغضا - فصفح عنه . وكان عبد الله
بن الزبير يشتمه على رؤوس الأشهاد ، وخطب يوم البصرة فقال : قد أتاكم الوغد اللئيم
علي بن أبي طالب .
وكان علي ( عليه السلام ) يقول : ما زال الزبير
رجلا منا أهل البيت حتى شب عبد الله . فظفر به يوم الجمل ، فأخذه أسيرا ، فصفح عنه
، وقال : اذهب فلا أرينك ، لم يزده على ذلك . وظفر بسعيد بن العاص بعد وقعة الجمل
بمكة - وكان له عدوا - فأعرض عنه ، ولم يقل له شيئا .
وقد علمتم ما كان من عائشة في أمره ، فلما ظفر
بها أكرمها ، وبعث معها إلى المدينة عشرين امرأة من نساء عبد القيس عممهن بالعمائم
وقلدهن بالسيوف ، فلما كانت ببعض الطريق ذكرته بما لا يجوز أن يذكر به ، وتأففت
وقالت : هتك ستري برجاله وجنده الذين وكلهم بي .
فلما وصلت المدينة ألقى النساء عمائمهن ، وقلن
لها : إنما نحن نسوة . وحاربه أهل البصرة ، وضربوا وجهه ووجوه أولاده بالسيوف ،
وشتموه ولعنوه ، فلما ظفر بهم رفع السيف عنهم ، ونادى مناديه في أقطار العسكر :
ألا لا يتبع مول ، ولا يجهز على جريح ، ولا يقتل مستأسر ، ومن ألقى سلاحه فهو
----------
( 1 ) السنن الكبرى : 8 / 314 / 16746 عن إبراهيم بن
محمد عن الإمام الصادق عن أبيه ( عليهما السلام ) ، المبسوط : 7 / 264 عن الإمام
الصادق عن أبيه ( عليهما السلام ) وفيه " يدنف " بدل " يذفف "
، وذفف على الجريح : أجهز عليه . ( أساس البلاغة للزمخشري : 143 ) .
‹ صفحه 264 ›
آمن ، ومن تحيز إلى عسكر الإمام فهو آمن . ولم
يأخذ أثقالهم ، ولا سبى ذراريهم ، ولا غنم شيئا من أموالهم ، ولو شاء أن يفعل كل
ذلك لفعل ، ولكنه أبى إلا الصفح والعفو ، وتقيل سنة رسول الله ( صلى الله عليه
وآله ) يوم فتح مكة ، فإنه عفا والأحقاد لم تبرد ، والإساءة لم تنس ( 1 ) .
582 - الإمام الحسن ( عليه السلام ) : أخذ ابن
ملجم فأدخل على علي ( عليه السلام ) ، فقال : أطيبوا طعامه وألينوا فراشه ، فإن
أعش فأنا ولي دمي ، عفو أو قصاص ، وإن مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين ( 2 )
.
583 - الإمام الباقر ( عليه السلام ) : إن عليا
( عليه السلام ) قال في ابن ملجم بعد ما ضربه : أطعموه وأسقوه ، أحسنوا إساره ،
فإن عشت فأنا ولي دمي ، أعفو إن شئت وإن شئت استقدت ، وإن مت فقتلتموه فلا تمثلوا
( 3 ) .
584 - روي أنه جنى غلام للحسن بن علي بن أبي
طالب ( عليهما السلام ) جناية توجب العقاب ، فأمر به أن يضرب ، فقال : يا مولاي *
( والكاظمين الغيظ ) * . قال : خلوا عنه . قال : يا مولاي * ( والعافين عن الناس )
* . قال : قد عفوت عنك . قال : يا مولاي * ( والله يحب المحسنين ) * ( 4 ) . قال :
أنت حر لوجه الله ، ولك ضعف ما كنت
----------
( 1 ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 1 / 22 و
23 .
( 2 ) أسد الغابة : 4 / 113 ، تاريخ دمشق "
ترجمة الإمام علي ( عليه السلام ) " : 3 / 300 / 1400 كلاهما عن محمد بن سعد
، أنساب الأشراف : 2 / 495 / 529 ، الإمامة والسياسة : 1 / 181 وفي ذيلهما "
ولا تعتدوا ، إن الله لا يحب المعتدين " .
( 3 ) السنن الكبرى : 8 / 317 / 16759 عن إبراهيم بن
محمد عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، تاريخ دمشق " ترجمة الإمام علي (
عليه السلام ) " : 3 / 297 / 1398 ذكره إلى " استقدت " عن ابن عياض
عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، الاستيعاب : 3 / 219 نحوه ، المناقب لابن
شهرآشوب : 3 / 312 مرسلا نحوه ، الجعفريات : 53 نحوه وذكره إلى " استقدت
" عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، قرب الإسناد : 143 / 515 عن أبي
البختري عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) .
( 4 ) آل عمران : 134 .
‹ صفحه 265 ›
أعطيك ( 1 ) .
585 - الحر بن يزيد - في يوم عاشوراء للحسين (
عليه السلام ) - : جعلني الله فداك يا بن رسول الله ، أنا صاحبك الذي حبستك عن
الرجوع ، وسايرتك في الطريق ، وجعجعت بك في هذا المكان . والله الذي لا إله إلا هو
ما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضت عليهم أبدا . . . وإني قد جئتك تائبا مما كان
مني إلى ربي ، ومواسيا لك بنفسي حتى أموت بين يديك ، أفترى ذلك لي توبة ؟ قال :
نعم ، يتوب الله عليك ، ويغفر لك ، ما اسمك ؟ قال : أنا الحر بن يزيد . قال : أنت
الحر كما سمتك أمك ، أنت الحر إن شاء الله في الدنيا والآخرة ، أنزل .
قال : أنا لك فارسا خير مني راجلا ، أقاتلهم
على فرسي ساعة ، وإلى النزول ما يصير آخر أمري . قال الحسين : فاصنع يرحمك الله ما
بدا لك ( 2 ) .
586 - عبد الله بن محمد : سمعت عبد الرزاق يقول
: جعلت جارية لعلي بن الحسين ( عليهما السلام ) تسكب عليه الماء يتهيأ للصلاة ،
فسقط الإبريق من يد الجارية على وجهه فشجه ، فرفع علي بن الحسين ( عليهما السلام )
رأسه إليها ، فقالت الجارية : إن الله عز وجل يقول : * ( الكاظمين الغيظ ) * ، فقال
لها : قد كظمت غيظي . قالت : * ( والعافين عن الناس ) * . قال : قد عفا الله عنك .
قالت : * ( والله يحب المحسنين ) * . قال : فاذهبي فأنت حرة ( 3 ) .
----------
( 1 ) الفرج بعد الشدة : 1 / 101 .
( 2 ) تاريخ الطبري : 5 / 427 ، إعلام الورى : 239
نحوه .
( 3 ) تاريخ دمشق " ترجمة الإمام زين العابدين
( عليه السلام ) " : 58 / 89 ، أمالي الصدوق : 168 / 12 ، الإرشاد : 2 / 146
، مجمع البيان : 2 / 838 ، إعلام الورى : 256 ، كشف الغمة : 2 / 299 عن الزهري ،
شرح الأخبار : 3 / 259 / 1161 ، روضة الواعظين : 220 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 /
157 .
الفصل الرابع سيرتهم في العبادة
( 4 / 1 )
إخلاصهم في العبادة
587 - الإمام علي ( عليه السلام ) : ما عبدتك
طمعا في جنتك ، ولا خوفا من نارك ، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك ( 1 ) .
588 - عنه ( عليه السلام ) : إن قوما عبدوا الله
رغبة فتلك عبادة التجار ، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وإن قوما
عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار ( 2 ) .
589 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : [ إن ]
العباد ثلاثة : قوم عبدوا الله عز وجل خوفا فتلك عبادة
----------
( 1 ) عوالي اللآلي : 1 / 404 / 63 ، و : 2 / 11 /
18 ، شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحراني : 5 / 361 وفيه : " ما عبدتك خوفا
من عقابك ولا طمعا في ثوابك بل . . . " ، شرح مائة كلمة لأمير المؤمنين (
عليه السلام ) : 235 .
( 2 ) نهج البلاغة : الحكمة 237 ، تحف العقول : 246
عن الإمام الحسين ( عليه السلام ) وزاد في آخره " وهي أفضل العبادة " ،
تاريخ دمشق " ترجمة الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) " : 111 / 141
، حلية الأولياء : 3 / 134 كلاهما عن إبراهيم العلوي عن الإمام الصادق عن أبيه عن
الإمام زين العابدين ( عليهم السلام ) .
‹ صفحه 268 ›
العبيد ، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب
الثواب فتلك عبادة الأجراء ، وقوم عبدوا الله عز وجل حبا له فتلك عبادة الأحرار ،
وهي أفضل العبادة ( 1 ) .
590 - الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) :
إني أكره أن أعبد الله لا غرض لي إلا ثوابه ، فأكون كالعبد الطمع المطيع ، إن طمع
عمل وإلا لم يعمل . وأكره أن أعبده [ لا غرض لي ] إلا لخوف عقابه ، فأكون كالعبد
السوء إن لم يخف لم يعمل ، قيل له : فلم تعبده ؟ قال : لما هو أهله بأياديه علي
وإنعامه ( 2 ) .
( 4 / 2 )
اجتهادهم في العبادة
591 - الإمام الباقر ( عليه السلام ) : كان رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) عند عائشة ليلتها ، فقالت : يا رسول الله ، لم تتعب
نفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال : يا عائشة ، ألا أكون عبدا
شكورا ؟ ! قال : وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقوم على أطراف أصابع
رجليه ، فأنزل الله سبحانه وتعالى : * ( طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ) * ( 3
) .
592 - عائشة : إن نبي الله ( صلى الله عليه وآله
) كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه ، فقلت : لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر
الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا ؟ ! ( 4 )
----------
( 1 ) الكافي : 2 / 84 / 5 عن هارون بن خارجة .
( 2 ) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري ( عليه
السلام ) : 328 / 180 .
( 3 ) الكافي : 2 / 95 / 6 عن أبي بصير ، وراجع
الاحتجاج : 1 / 520 ، والآية 1 و 2 من سورة طه .
( 4 ) صحيح البخاري : 4 / 1830 / 4557 ، صحيح مسلم :
4 / 2172 / 2820 ، وراجع صحيح البخاري : 1 / 380 / 1078 ، و : 5 / 2375 / 6106 ، و
: 4 / 1830 / 4556 ، صحيح مسلم : 4 / 2171 / 2819 ، سنن الترمذي : 2 / 268 / 412 ،
سنن ابن ماجة : 1 / 456 / 1419 ، سنن النسائي : 3 / 219 ، مسند ابن حنبل : 6 / 348
/ 18266 ، الزهد لابن المبارك : 35 / 107 ، عيون الأخبار لابن قتيبة : 2 / 298 ،
السنن الكبرى : 3 / 24 / 4731 كلها عن المغيرة ، تاريخ بغداد : 4 / 331 عن أنس ، و
: 7 / 265 عن أبي جحيفة ، فتح الأبواب : 170 عن الزهري عن علي بن الحسين ( عليهما
السلام ) .
‹ صفحه 269 ›
593 - بكر بن عبد الله : إن عمر بن الخطاب دخل
على النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهو موقوذ - أو قال : محموم - فقال له عمر : يا
رسول الله ، ما أشد وعكك ! فقال : ما منعني ذلك أن قرأت الليلة ثلاثين سورة فيهن
السبع الطوال . فقال عمر : يا رسول الله ، غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر
وأنت تجهد هذا الاجتهاد ؟ ! فقال : يا عمر ، أفلا أكون عبدا شكورا ؟ ! ( 1 )
594 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : كان رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) يصلي من التطوع مثلي الفريضة ( 2 ) .
595 - عائشة : كان [ رسول الله ( صلى الله عليه
وآله ) ] يصلي ليلا طويلا قائما وليلا طويلا قاعدا ( 3 ) .
596 - عنها : قل ما كان ينام [ رسول الله ( صلى
الله عليه وآله ) ] من الليل لما قال الله : * ( قم الليل إلا قليلا ) * ( 4 ) .
597 - عنها : كان النبي ( صلى الله عليه وآله )
يذكر الله على كل أحيانه ( 5 ) .
598 - الإمام علي ( عليه السلام ) : إن فاطمة (
عليها السلام ) أتت النبي ( صلى الله عليه وآله ) تسأله خادما ، فقال : ألا أخبرك
ما هو خير لك منه ؟ تسبحين الله عند منامك ثلاثا وثلاثين ، وتحمدين الله ثلاثا
----------
( 1 ) أمالي الطوسي : 403 / 903 .
( 2 ) الكافي : 3 / 443 / 3 ، التهذيب : 2 / 4 / 3 ،
الاستبصار : 1 / 218 / 7703 كلها عن الفضيل بن يسار والفضل بن عبد الملك وبكير .
( 3 ) صحيح مسلم : 1 / 504 / 105 ، سنن الترمذي : 2
/ 23 / 375 ، سنن ابن ماجة : 1 / 388 / 1228 ، سنن النسائي : 3 / 219 ، مسند ابن
حنبل : 9 / 393 / 24723 و : 397 / 24743 ، المستدرك على الصحيحين : 1 / 397 / 976
.
( 4 ) مسند أبي يعلى : 4 / 466 / 4918 ، والآية 2 من
سورة المزمل .
( 5 ) صحيح مسلم : 1 / 282 / 117 ، سنن الترمذي : 5
/ 463 / 3384 ، سنن أبي داود : 1 / 5 / 18 ، سنن ابن ماجة : 1 / 110 / 302 ، مسند
ابن حنبل : 9 / 342 / 24464 ، و : 10 / 151 / 26436 ، مسند أبي يعلى : 4 / 363 /
680 .
‹ صفحه 270 ›
وثلاثين ، وتكبرين الله أربعا وثلاثين ، فما
تركتها بعد . قيل : ولا ليلة صفين ؟ قال : ولا ليلة صفين ( 1 ) .
599 - عروة بن الزبير : كنا جلوسا في مجلس في
مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فتذاكرنا أعمال أهل بدر وبيعة الرضوان ،
فقال أبو الدرداء : يا قوم ، ألا أخبركم بأقل القوم مالا وأكثرهم ورعا وأشدهم
اجتهادا في العبادة ؟ قالوا : من ؟ قال : علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ( 2 ) .
600 - حبة العرني : بينا أنا ونوف نائمين في
رحبة القصر إذ نحن بأمير المؤمنين ( عليه السلام ) في بقية من الليل واضعا يده على
الحائط شبه الواله ، وهو يقول : * ( إن في خلق السماوات والأرض . . . ) * ( 3 ) .
قال : ثم جعل يقرأ هذه الآيات ويمر شبه الطائر
عقله ، فقال : أراقد يا حبة أم رامق ؟ قلت : رامق ، هذا أنت تعمل هذا العمل فكيف
نحن ؟ ! قال : فأرخى عينيه فبكى ، ثم قال لي : يا حبة ، إن لله موقفا ، ولنا بين
يديه موقف لا يخفى عليه شئ من أعمالنا . يا حبة ، إن الله أقرب إليك وإلي من حبل
الوريد .
يا حبة ، إنه لن يحجبني ولا إياك عن الله شئ .
ثم قال : أراقد أنت يا نوف ؟ قال : لا يا أمير المؤمنين ، ما أنا براقد ولقد أطلت
بكائي هذه الليلة ، فقال : يا نوف ، إن طال بكاؤك في هذا الليل مخافة من الله عز
وجل قرت عيناك غدا بين يدي الله عز وجل . يا نوف ، إنه ليس من
----------
( 1 ) صحيح البخاري : 5 / 2051 / 5047 ، صحيح مسلم
: 4 / 2091 / 2727 ، مسند الحميدي : 1 / 24 / 43 ، تاريخ بغداد : 3 / 24 كلها عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى ، مسند ابن حنبل : 1 / 322 / 1312 عن ابن أعبد .
( 2 ) أمالي الصدوق : 72 / 9 ، روضة الواعظين : 125
، المناقب لابن شهرآشوب : 2 / 124 وفيه " أعبد الناس علي بن أبي طالب ( عليه
السلام ) " .
( 3 ) آل عمران : 190 .
قطرة قطرت من عين رجل من خشية الله إلا أطفأت
بحارا من النيران . يا نوف ، إنه ليس من رجل أعظم منزلة عند الله من رجل بكى من
خشية الله وأحب في الله وأبغض في الله . يا نوف ، من أحب في الله لم يستأثر على
محبته ، ومن أبغض في الله لم ينل مبغضيه خيرا ، عند ذلك استكملتم حقائق الإيمان .
ثم وعظهما وذكرهما ، وقال في أواخره : فكونوا
من الله على حذر ، فقد أنذرتكما . ثم جعل يمر وهو يقول : ليت شعري في غفلاتي أمعرض
أنت عني أم ناظر إلي ؟ ! وليت شعري في طول منامي وقلة شكري في نعمك علي ما حالي ؟
قال : فوالله ما زال في هذا الحال حتى طلع الفجر ( 1 ) .
601 - أبو صالح : دخل ضرار بن ضمرة الكناني على
معاوية ، فقال له : صف لي عليا ، فقال : أو تعفيني يا أمير المؤمنين ؟ قال : لا
أعفيك . قال : أما إذ لا بد . . . فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى
الليل سدوله ، وغارت نجومه ، يميل في محرابه قابضا على لحيته ، يتململ تململ
السليم ، ويبكي بكاء الحزين ، فكأني أسمعه الآن وهو يقول : يا ربنا يا ربنا -
يتضرع إليه - ثم يقول للدنيا : إلي تغررت ؟ ! إلي تشوفت ؟ ! هيهات هيهات ، غري
غيري ، قد بتتك ثلاثا ، فعمرك قصير ، ومجلسك حقير ، وخطرك يسير ، آه آه من قلة
الزاد ، وبعد السفر ، ووحشة الطريق .
فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها ، وجعل
ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء ، فقال : كذا كان أبو الحسن ، كيف وجدك عليه
يا ضرار ؟ قال : وجد من ذبح واحدها في حجرها ، لا ترقأ دمعتها ولا يسكن حزنها . ثم
قام فخرج ( 2 ) .
----------
( 1 ) فلاح السائل : 266 .
( 2 ) حلية الأولياء : 1 / 84 ، وراجع الصواعق
المحرقة : 131 ، مروج الذهب : 2 / 433 ، الاستيعاب : 3 / 209 ، خصائص الأئمة (
عليهم السلام ) : 70 ، كنز الفوائد : 2 / 103 ، المناقب لابن شهرآشوب : 2 / 103 ،
نهج البلاغة : الحكمة 77 ، الفصول المهمة : 127 .
‹ صفحه 272 ›
602 - الإمام الحسن ( عليه السلام ) : رأيت أمي
فاطمة ( عليها السلام ) قائمة في محرابها ليلة الجمعة ، فلم تزل راكعة ساجدة حتى
انفجر عمود الصبح ، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ولا
تدعو لنفسها بشئ ، فقلت : يا أماه ، لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك ؟ فقالت :
يا بني ، الجار ثم الدار ( 1 ) .
603 - الحسن البصري : ما كان في هذه الأمة أعبد
من فاطمة ، كانت تقوم حتى تورمت قدماها ( 2 ) .
604 - عبد الله بن الزبير - لما سمع مقتل الحسين
( عليه السلام ) - : أما والله لقد قتلوه ! طويلا بالليل قيامه ، كثيرا في النهار
صيامه ( 3 ) .
605 - قيل لعلي بن الحسين ( عليهما السلام ) :
ما أقل ولد أبيك ! قال : العجب كيف ولدت له ، إنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف
ركعة فمتى كان يفرغ للنساء ؟ ! ( 4 ) .
606 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : كان علي
بن الحسين ( عليه السلام ) شديد الاجتهاد في العبادة ، نهاره صائم ، وليله قائم ،
فأضر ذلك بجسمه ، فقلت له : يا أبه ( 5 ) ، كم هذا الدؤوب ( 6 ) ؟ ! فقال : أتحبب
إلى ربي لعله يزلفني ( 7 ) .
----------
( 1 ) دلائل الإمامة : 152 / 65 ، علل الشرائع : 181
/ 1 ، كشف الغمة : 2 / 94 ، ضيافة الإخوان : 265 كلها عن فاطمة الصغرى عن الإمام
الحسين ( عليه السلام ) .
( 2 ) المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 341 ، ربيع
الأبرار : 2 / 104 .
( 3 ) تاريخ الطبري : 5 / 475 ، مقتل الحسين لأبي
مخنف : 247 عن عبد الملك بن نوفل .
( 4 ) تاريخ اليعقوبي : 2 / 247 ، العقد الفريد : 2
/ 343 وفيه " قيل لمحمد بن علي بن الحسين أو لعلي بن الحسين ( عليهم السلام )
: ما أقل ولد أبيك . . . " ، فلاح السائل : 269 .
( 5 ) مضى علي بن الحسين ( عليهما السلام ) في عام
خمسة وتسعين من الهجرة ، وكان مولد جعفر بن محمد سنة ثلاث و ثمانين من الهجرة ،
فكان مقامه مع جده اثنتي عشرة سنة ( راجع تاريخ أهل بيت : 77 و 81 ) .
( 6 ) دأب في العمل : إذا جد وتعب ( النهاية : 2 /
95 ) .
( 7 ) المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 155 عن معتب .
‹ صفحه 273 ›
607 - عنه ( عليه السلام ) : كان علي بن الحسين
( عليهما السلام ) إذا أخذ كتاب علي ( عليه السلام ) فنظر فيه قال : من يطيق هذا ؟
من يطيق ذا ؟ قال : ثم يعمل به ، وكان إذا قام إلى الصلاة تغير لونه حتى يعرف ذلك
في وجهه ، وما أطاق أحد عمل علي ( عليه السلام ) من ولده من بعده إلا علي ابن
الحسين ( عليهما السلام ) ( 1 ) .
608 - عمرو بن عبد الله بن هند الجملي عن الإمام
الباقر ( عليه السلام ) : إن فاطمة بنت علي بن أبي طالب لما نظرت إلى ما يفعل ابن
أخيها علي بن الحسين بنفسه من الدأب في العبادة أتت جابر بن عبد الله بن عمرو بن
حزام الأنصاري فقالت له : يا صاحب رسول الله ، إن لنا عليكم حقوقا ، ومن حقنا
عليكم أن إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا أن تذكروه الله وتدعوه إلى البقيا على
نفسه ، وهذا علي بن الحسين بقية أبيه الحسين قد انخرم أنفه وثفنت جبهته وركبتاه
وراحتاه دأبا منه لنفسه في العبادة .
فأتى جابر بن عبد الله باب علي بن الحسين (
عليهما السلام ) ، وبالباب أبو جعفر محمد بن علي ( عليهما السلام ) في أغيلمة من
بني هاشم قد اجتمعوا هناك ، فنظر جابر إليه مقبلا فقال : هذه مشية رسول الله ( صلى
الله عليه وآله ) وسجيته ، فمن أنت يا غلام ؟
فقال : أنا محمد بن علي بن الحسين ، فبكى جابر
بن عبد الله ( رضي الله عنه ) ، ثم قال : أنت والله الباقر عن العلم حقا ، أدن مني
بأبي أنت وأمي ، فدنا منه فحل جابر إزاره ووضع يده في صدره فقبله وجعل عليه خده
ووجهه وقال له : أقرؤك عن جدك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) السلام ، وقد
أمرني أن أفعل بك ما فعلت ، وقال لي : يوشك أن تعيش وتبقى حتى تلقى من ولدي من
اسمه محمد يبقر العلم بقرا ، وقال لي : إنك تبقى حتى تعمى ثم يكشف لك عن بصرك . ثم
قال لي : ائذن لي على أبيك ، فدخل أبو جعفر على أبيه فأخبره الخبر
----------
( 1 ) الكافي : 8 / 163 / 172 عن سلمة بياع السابري
.
‹ صفحه 274 ›
وقال : إن شيخا بالباب وقد فعل بي كيت وكيت ،
فقال : يا بني ، ذلك جابر بن عبد الله . ثم قال : أمن بين ولدان أهلك قال لك ما
قال وفعل بك ما فعل ؟ قال : نعم ، إنا لله ، إنه لم يقصدك فيه بسوء ولقد أشاط بدمك
( 1 ) .
ثم أذن لجابر فدخل عليه ، فوجده في محرابه قد
أنضته العبادة ، فنهض علي ( عليه السلام ) فسأله عن حاله سؤالا حفيا ثم أجلسه
بجنبه ، فأقبل جابر عليه يقول : يا بن رسول الله ، أما علمت أن الله تعالى إنما
خلق الجنة لكم ولمن أحبكم وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم ، فما هذا الجهد الذي
كلفته نفسك ؟ قال له علي بن الحسين ( عليهما السلام ) : يا صاحب رسول الله ، أما علمت
أن جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
فلم يدع الاجتهاد له ، وتعبد - بأبي هو وأمي - حتى انتفخ الساق وورم القدم ، وقيل
له : أتفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبدا شكورا
؟ ! فلما نظر جابر إلى علي بن الحسين ( عليهما السلام ) وليس يغني فيه من قول
يستميله من الجهد والتعب إلى القصد قال له : يا بن رسول الله ، البقيا على نفسك ،
فإنك لمن أسرة بهم يستدفع البلاء وتستكشف اللاواء ( 2 ) وبهم تستمطر السماء .
فقال : يا جابر ، لا أزال على منهاج أبوي مؤتسيا
بهما صلوات الله عليهما حتى ألقاهما . فأقبل جابر على من حضر فقال لهم : والله ،
ما أرى في أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين إلا يوسف بن يعقوب ( عليهما السلام )
. والله لذرية علي بن الحسين ( عليهما السلام ) أفضل من ذرية يوسف بن يعقوب ، إن
منهم لمن يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ( 3 ) .
----------
( 1 ) أي عمل في هلاكك ( راجع لسان العرب : 7 / 338
) .
( 2 ) اللأواء : المشقة والشدة ( لسان العرب : 15 /
238 ) .
( 3 ) أمالي الطوسي : 636 / 1314 ، المناقب لابن
شهرآشوب : 4 / 148 مختصرا ، بشارة المصطفى : 66 عن عمر بن عبد الله بن هند الجملي
عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) .
‹ صفحه 275 ›
609 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : كان أبي
( رضي الله عنه ) يصلي في جوف الليل ، فيسجد السجدة فيطيل حتى نقول : إنه راقد ( 1
) .
610 - عنه ( عليه السلام ) : إني كنت أمهد لأبي
فراشه فأنتظره حتى يأتي ، فإذا أوى إلى فراشه ونام قمت إلى فراشي ، وإنه أبطأ علي
ذات ليلة فأتيت المسجد في طلبه ، وذلك بعد ما هدأ الناس ، فإذا هو في المسجد ساجد
وليس في المسجد غيره ، فسمعت حنينه وهو يقول : سبحانك اللهم أنت ربي حقا حقا ،
سجدت لك يا رب تعبدا ورقا ، اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي ، اللهم قني عذابك يوم
تبعث عبادك ، وتب علي إنك أنت التواب الرحيم ( 2 ) .
611 - عنه ( عليه السلام ) : كان أبي ( عليه
السلام ) كثير الذكر ، لقد كنت أمشي معه وإنه ليذكر الله ، وآكل معه الطعام وإنه
ليذكر الله ، ولقد كان يحدث القوم وما يشغله ذلك عن ذكر الله ، وكنت أرى لسانه
لازقا بحنكه يقول : لا إله إلا الله ، وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس
، ويأمر بالقراءة من كان يقرأ منا ، ومن كان لا يقرأ منا أمره بالذكر ( 3 ) .
612 - يحيى العلوي : كان موسى بن جعفر ( عليهما
السلام ) يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده . روى أصحابنا أنه دخل مسجد رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) فسجد سجدة في أول الليل ، وسمع وهو يقول في سجوده :
عظيم ( 4 ) الذنب عندي فليحسن العفو عندك ، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة . فجعل
يرددها حتى أصبح ( 5 ) .
613 - حفص : ما رأيت أحدا أشد خوفا على نفسه من
موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) ولا أرجى
----------
( 1 ) قرب الإسناد : 5 / 15 عن مسعدة بن صدقة .
( 2 ) الكافي : 3 / 323 / 9 عن إسحاق بن عمار .
( 3 ) الكافي : 2 / 499 / 1 عن ابن القداح .
( 4 ) كذا في المصدر والظاهر " عظم الذنب . . .
" وفي المناقب لابن شهرآشوب ( 4 / 318 ) قبح الذنب من عبدك .
( 5 ) تاريخ بغداد : 13 / 27 .
الناس منه ، وكانت قراءته حزنا ، فإذا قرأ فكأنه
يخاطب انسانا ( 1 ) .
614 - الثوباني : كانت لأبي الحسن موسى بن جعفر
( عليه السلام ) ، بضع عشرة سنة ، كل يوم سجدة بعد انقضاض الشمس إلى وقت الزوال ،
فكان هارون ربما صعد سطحا يشرف منه على الحبس الذي حبس فيه أبا الحسن ( عليه
السلام ) ، فكان يرى أبا الحسن ( عليه السلام ) ساجدا ، فقال للربيع : يا ربيع ،
ما ذاك الثوب الذي أراه كل يوم في ذلك الموضع ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، ما ذاك
بثوب وإنما هو موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) له كل يوم سجدة بعد طلوع الشمس إلى
وقت الزوال . قال الربيع : فقال لي هارون : أما إن هذا من رهبان بني هاشم . قلت :
فما لك قد ضيقت عليه في الحبس ؟ ! قال : هيهات ، لا بد من ذلك ! ( 2 ) .
615 - عبد السلام بن صالح الهروي : جئت إلى باب
الدار التي حبس فيها الرضا ( عليه السلام ) بسرخس وقد قيد ( عليه السلام ) ،
فاستأذنت عليه السجان فقال : لا سبيل لك إليه ( عليه السلام ) ، قلت : ولم ؟ قال :
لأنه ربما صلى في يومه وليلته ألف ركعة ، وإنما ينفتل من صلاته ساعة في صدر النهار
وقبل الزوال وعند اصفرار الشمس ، فهو في هذه الأوقات قاعد في مصلاه ويناجي ربه ( 3
) .
( 4 / 3 )
صلاتهم
616 - رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : جعلت
قرة عيني في الصلاة ( 4 ) .
----------
( 1 ) الكافي : 2 / 606 / 10 .
( 2 ) عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 1 / 95 ،
المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 318 عن اليوناني إلى قوله " بعد انقضاض الشمس إلى
وقت الزوال " .
( 3 ) عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 2 / 183 /
6 .
( 4 ) تاريخ بغداد : 12 / 372 عن أنس بن مالك ،
المعجم الكبير : 20 / 420 / 1012 عن المغيرة .
‹ صفحه 277 ›
617 - عبد الله بن مسعود : كان النبي ( صلى الله
عليه وآله ) لا يكون ذاكرون إلا كان معهم ، ولا مصلون إلا كان أكثرهم صلاة ( 1 ) .
618 - فضالة بن عبيد : كان رسول الله ( صلى الله
عليه وآله ) إذا نزل منزلا في سفر أو دخل بيته لم يجلس حتى يركع ركعتين ( 2 ) .
619 - عائشة : كان رسول الله ( صلى الله عليه
وآله ) يحدثنا ونحدثه ، فإذا حضرت الصلاة فكأنه لم يعرفنا ولم نعرفه ( 3 ) .
620 - مطرف بن عبد الله عن أبيه : أتيت رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو يصلي ولجوفه أزيز ( 4 ) كأزيز المرجل ( 5 ) .
621 - جعفر بن علي القمي - في كتاب زهد النبي (
صلى الله عليه وآله ) - : إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان إذا قام إلى الصلاة
كأنه ثوب ملقى ( 6 ) .
622 - جابر بن عبد الله : كان رسول الله ( صلى
الله عليه وآله ) لا يؤخر الصلاة لطعام ولا لغيره ( 7 ) .
623 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : كان رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) لا يؤثر على صلاة المغرب شيئا إذا غربت الشمس حتى
يصليها ( 8 ) ( 9 ) .
----------
( 1 ) حلية الأولياء : 7 / 112 ، تاريخ بغداد : 10 /
94 وفيه " ذاكرين . . . مصلين " بدل " ذاكرون ومصلون " .
( 2 ) حلية الأولياء : 5 / 148 .
( 3 ) عدة الداعي : 139 ، عوالي اللآلي : 1 / 324 /
61 وزاد في آخره " شغلا بالله عن كل شئ " .
( 4 ) أي خنين من ا لخوف ، وهو صوت البكاء . وقيل :
هو أن يجيش جوفه ويغلي بالبكاء . ( النهاية : 1 / 45 ) .
( 5 ) عيون أخبار الرضا : 2 / 299 ، الخصال : 282 عن
عبد الله بن حامد رفعه إلى بعض الصالحين عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : إنه
كان إذا صلى سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل من الهيبة ، الاحتجاج : 1 / 519 /
127 عن الإمام الكاظم عن آبائه عن الإمام علي ( عليهم السلام ) ، فلاح السائل :
161 عن جعفر بن علي القمي في كتاب زهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
( 6 ) فلاح السائل : 161 .
( 7 ) السنن الكبرى : 3 / 105 / 5043 . ( 8 ) في
المصدر " يصلها " والصحيح ما أثبتناه . ( 9 ) علل الشرائع : 350 / 5 عن
ليث ، تنبيه الخواطر : 2 / 78 عن الإمام علي ( عليه السلام ) وفيه " كان رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) لا يؤثر على الصلاة عشاء ولا غيره ، وكان إذا دخل
وقتها كأنه لا يعرف أهلا ولا حسبا " .